التهاون بالعصيان سبب الخذلان - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5019 - عددالزوار : 2155711 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4601 - عددالزوار : 1436255 )           »          قناديل على الدرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 36 - عددالزوار : 10356 )           »          إصدارات لتصحيح المسار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 1340 )           »          ذكــرى فتـح الأنـدلس – وثمانية قرون من المجد والحضارة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          غزوة بدر الكبرى .. يوم الفرقان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          رمضــان والرجـــوع إلـى اللـه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          تفسير آيات الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 237 )           »          رمضان في عيون العلماء والدعاة مدرسة إيمانية وتربوية وسلوكية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 32 )           »          ينهى صاحبه عن المعاصي وهو سبيل إلى شكر الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 30 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-07-2020, 04:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,400
الدولة : Egypt
افتراضي التهاون بالعصيان سبب الخذلان

التهاون بالعصيان سبب الخذلان


الشيخ عبدالله بن محمد البصري







أَمَّا بَعدُ، فَـ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21] ".



أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبدِهِ خَيرًا بَصَّرَهُ بِتَقصِيرِهِ وَعُيُوبِهِ، وَرَزَقَهُ الإِقرَارَ بِخَطَئِهِ وَالاعتِرَافَ بِذُنُوبِهِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ العَبدُ في غَيِّهِ يَعمَهُ، ثم لا يَرَى نَفسَهُ عَلَى حَقِيقَتِهَا، فَقَد مُكِرَ بِهِ حِينَئِذٍ وَأُملِيَ لَهُ؛ لِيُؤخَذَ بَعدَ ذَلِكَ عَلَى غِرَّةٍ وَتُنتَزَعَ رُوحُهُ وَهُوَ في غَفلَةٍ.



وَإِنَّ مِن أَشَدِّ العُقُوبَاتِ الَّتي تُبلَى بها الأُمَمُ أَفرَادًا وَمُجتَمَعَاتٍ، عَدَمَ التَّوفِيقِ لِلطَّاعَاتِ، وَالتَّقصِيرَ في الوَاجِبَاتِ، وَالإِخلالَ بِالأَركَانِ وَالأُصُولِ الثَّابِتَاتِ، وَعَدَمَ الأَسَفِ عَلَى مَا نَقَصَ مِنهَا أَو فَاتَ، وَلا الشُّعُورِ بِالخَسَارَةِ عَلَى ما ضَاعَ مِن أَوقَاتٍ.



قَد يَتَسَاهَلُ امرُؤٌ في بَعضِ السُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ فَيَتَنَاسَاهَا أَو يَنسَاهَا، وَقَد يَغفَلُ أَحيَانًا عَن فَضلِ بَعضِ المُستَحَبَّاتِ وَالمَندُوبَاتِ فَلا يَأتِيهَا، وَقَد يَقَعُ في الجَانِبِ الآخَرِ في شَيءٍ مِنَ المَكرُوهَاتِ فَيَغشَاهَا، وَكُلُّ هَذَا وَلا شَكَّ إِنَّمَا هُوَ حِرمَانٌ مِنَ الخَيرِ، سَبَبُهُ ذُنُوبٌ وَمُخَالَفَاتٌ وَقَعَ فِيهَا وَتَسَاهَلَ بِإِتيَانِهَا، فَعُوقِبَ عَلَيهَا بِأَن لم يُوَفَّقَ لِلتَّزَوُّدِ مِنَ الخَيرِ، وَثَقُلَ عَنِ اكتِسَابِ الحَسَنَاتِ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [يونس: 44].



نَعَم، إِنَّ تَضيِيعَ الأَوقَاتِ وَعَدَمَ التَّزَوُّدِ مِنَ الخَيرَاتِ، وَلا الرَّغبَةِ في اكتِسَابِ الحَسَنَاتِ، إِنَّهُ لَمُصِيبَةٌ جَرَّتهَا الذُّنُوبُ السَّابِقَاتُ، وَلَكِنَّ السُّؤَالَ الأَهَمَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسلِمٍ أَن يَسأَلَهُ نَفسَهُ وَيَقِفَ عِندَهُ طَوِيلاً وَلا يَتَجَاوَزَهُ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ الحِرمَانُ مِن نَافِلَةٍ أَوِ الوُقُوعُ في مَكرُوهٍ سَبَبُهُ ذَنبٌ سَابِقٌ، فَمَا الذَّنبُ الَّذِي سَبَّبَ حِرمَانَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ اليَومِ مِنَ الفَرَائِضِ وَمَنَعَهُم فِعلَ الوَاجِبَاتِ؟!



كَثِيرُونَ لا يُوَفَّقُونَ لِلقِيَامِ لِصَلاةِ الفَجرِ في أَكثَرِ أَيَّامِ العَامِ، ثُمَّ هُم أَنفُسُهُم يَترُكُونَ صَلاةَ الظُّهرِ وَالعَصرِ في أَيَّامِ الإِجَازَاتِ، وَآخَرُونَ لا يُوَفَّقُونَ لِلصَّلاةِ في جَمَاعَةِ المُسلِمِينَ وَلا شُهُودِهَا في بُيُوتِهِ الَّتِي أَذِنَ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فِيهَا اسمُهُ، وَثَمَّةَ مَن لا يُوَفَّقُ لِبِرِّ وَالِدَيهِ، وَهُنَاكَ مَن يَقطَعُ أَرحَامَهُ، وَيُوجَدُ مَن عَادَ لا يَتَوَرَّعُ عَن أَكلِ الحَرَامِ بِجَمِيعِ أَنوَاعِهِ، وَمَعَ هَذَا فَقَد لا يُحِسُّونَ وَلا يَشعُرُونَ، أَنَّهُم يَتَقَلَّبُونَ في عُقُوبَاتٍ إِلَهِيَّةٍ عَظِيمَةٍ، بَل وَتَسِيرُ حَيَاتُهُم وَكَأَنَّ شَيئًا لم يَكُنْ، يَأكُلُونَ وَيَشرَبُونُ وَيَنكِحُونَ، وَيَنَامُونُ وَيَغدُونَ وَيَرُوحُونَ، وَيُسَافِرُونَ وَيَتَمَتَّعُونَ وَيَعُودُونَ، وَيَضحَكُونَ وَهُمَ سَامِدُونَ غَافِلُونَ، وَقَد يَنظُرُ بَعضُهُم إِلى مَن حَولَهُ مِن أُمَمِ الأَرضِ بَعِيدًا وَقَرِيبًا، مِمَّن بُلُوا بِحَربٍ وَضَربٍ وَقَصفٍ وَتَدمِيرٍ، أَو فَقرٍ وَأَمرَاضٍ وَأَوبِئَةٍ، أَوِ اجتَاحَتهُم جَائِحَةٌ مِن زَلزَالٍ أَو أَعَاصِيرَ أَو غَيرِهَا، فَيَظُنُّ أَنَّهُم هُمُ المُعَاقَبُونَ وَالمَغضُوبُ عَلَيهِم، وَأَنَّهُ وَمَن عَلَى شَاكِلَتِهِ هُمُ المُرضِيُّ عَنهُمُ المُنعَمُ عَلَيهِم، المُعَافَونَ مِن كُلِّ بَلاءٍ وَالسَّالِمُونَ مِنَ كُلِّ شَرٍّ، وَمَا ذَاكَ إِلاَّ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ العُقُوبَةَ مَقصُورَةٌ عَلَى التَّلَفِ المَاليِّ وَالجَسَدِيِّ، أَوِ الاختِلالِ الاجتِمَاعِيِّ وَالأَمنِيِّ وَالاقتِصَادِيِّ، وَغَفَلَ أَو تَغَافَلَ وَنَسِيَ أَو تَنَاسَى، أَنَّ الحِرمَانَ مِنَ الطَّاعَاتِ وَزُهدَ النَّفسِ في الأَعمَالِ الصَّالِحَاتِ، وَالوُقُوعَ الدَّائِمَ في المَعَاصِي وَاعتِيَادَ السَّيِّئَاتِ وَالمُخَالَفَاتِ، وَخَاصَّةً الكَبَائِرَ وَالعَظَائِمَ وَالمُوبِقَاتِ، أَنَّهُ لَونٌ مِن أَلوَانِ العُقُوبَةِ، وَنَوعٌ مِن أَنوَاعِ الخِذلانِ، بَل هُوَ أَشَدُّ أَنوَاعِ العُقُوبَةِ وَأَقسَاهَا وَأَمَرُّهَا.



وَلَكِنَّ المُشكِلَةَ هِيَ القَنَاعَةُ الَّتي يَعِيشُ بها بَعضُ المُسلِمِينَ، إِذ يَرَونَ أَنَّ العُقُوبَةَ الإِلَهِيَّةَ، لا تَكُونُ إِلاَّ بِنَقصِ الأَموَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ، وَيَظُنُّونَ أَنَّ اللهَ إِذَا رَضِيَ عَن مُجتَمَعٍ فَإِنَّهُ يُسبِغُ عَلَيهِ النِّعَمَ وَيَرزُقُهُ الأَمنَ وَيُضفِي عَلَيهِ الاطمِئنَانَ، وَإِن غَضِبَ عَلَى آخَرَ جَعَلَ عَيشَهُ نَكِدًا وَخَوفَهُ عَامًّا، وَحَالَهُ مُتَقَلِّبَةً وَرِزقَهُ مَحدُودًا. وَهَذَا وَإِن كَانَ صَحِيحًا في العُمُومِ، إِلَّا أَنَّ بَعضَ النِّعَمِ قَد يَكُونُ استِدرَاجًا، وَبَعضَ النِّقَمِ قَد يَكُونُ رَحمَةً لِمَن أَصَابَهُ وَتَطهِيرًا لَهُ، حَتَّى يُوَافِيَ رَبَّهُ يَومَ القِيَامَةِ مُمَحَّصًا مُخَلَّصًا، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللهَ لَيُملِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لم يُفلِتْهُ"، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "أُمَّتي أُمَّةٌ مَرحُومَةٌ، لَيسَ عَلَيهَا عَذَابٌ في الآخِرَةِ، عَذَابُهَا في الدُّنيَا الفِتَنُ وَالزَّلازِلُ وَالقَتلُ"؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.



نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُونَ إِنَّ بَعضَ مَا قَد يُصِيبُ الأُمَّةَ مِمَّا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَذَابٌ، فَإِنَّمَا هُوَ حَظُّهَا مِنَ العَذَابِ يُعَجَّلُ لها في الدُّنيَا، ثم تَسلَمُ في الآخِرَةِ، وَأَّمَا العَذَابُ المُهِينُ حَقًّا، وَالَّذِي هُوَ مِن أَشَدِّ العُقُوبَاتِ الإِلَهِيَّةِ وَالمَقتِ الرَّبَّانيِّ لِلعَبدِ، فَهُوَ أَن يُملَى لَهُ في دُنيَاهُ، وَتُغدَقَ عَلَيهِ النِّعَمِ وَيُعَافى وَيُؤَمَّنَ، وَمَعَ هَذَا يَرفَعُ اللهُ عَنهُ رَحمَتَهُ، فَلا يُوَفَّقُ لِلطَّاعَاتِ، وَلا تَكُونُ لَهُ رَغبَةٌ في نَيلِ الحَسَنَاتِ، بَل وَيُوكَلُ إِلى نَفسِهِ الضَّعِيفَةِ الظَّلُومَةِ الجَهُولَةِ المَلُولَةِ، فَيَكُونُ عَبدًا لِهَوَاهُ وَمَا تُملِيهِ عَلَيهِ نَزَوَاتُ نَفسِهِ، فَمَا رَغِبَت فِيهِ أَتَاهُ وَإِن كَانَ مِن كَبَائِرِ الذُّنُوبِ وَشَرِّ المُوبِقَاتِ، وَمَا رَغِبَت عَنهُ تَرَكَهُ وَإِن كَانَ مِن أَفضَلِ القُرُبَاتِ وَآكَدِ الطَّاعَاتِ، وَهَذَا هُوَ عَينُ الضَّلالِ وَالخَسَارَةِ، وَالَّذِي بِسَبَبِهِ يَكُونُ العَذَابُ الأُخرَوَيُّ الشَّدِيدُ، قَالَ سُبحَانَهُ لِنَبِيِّهِ دَاوُدَ عَلَيهِ السَّلامُ: ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾ [ص: 26].



أَلا فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ فَإِنَّهَا لَخَسَارَةٌ وَأَيُّ خَسَارَةٍ، أَن يَكُونَ اللهُ قَد أَعَدَّ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ جَنَّةً عَرضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ، فِيهَا مَا لا عَينٌ رَأَت وَلا أُذُنٌ سَمِعَت وَلا خَطَرَ عَلَى قَلبِ بَشَرٍ، ثم لا يُوجَدَ لأَحَدِنَا مَكَانٌ فِيهَا؛ لأَنَّهَا قَد أُعِدَّت لِلمُتَّقِينَ الصَّالِحِينَ، وَهُوَ لَيسَ مِنهُم، بَل حَيَاتُهُ كُلُّهَا غَفلَةٌ وَتَفرِيطٌ وَتَبَاطُؤٌ وَإِضَاعَةٌ، وَكَسَلٌ عَنِ الطَّاعَاتِ وَإِصرَارٌ عَلَى المَعَاصِي، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأكُلُوا الرِّبَا أَضعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتي أُعِدَّت لِلكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُم تُرحَمُونَ * وَسَارِعُوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ في السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالكَاظِمِينَ الغَيظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَو ظَلَمُوا أَنفُسَهُم ذَكَرُوا اللهَ فَاستَغفَرُوا لِذُنُوبِهِم وَمَن يَغفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ وَلم يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُم يَعلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُم مَغفِرَةٌ مِن رَبِّهِم وَجَنَّاتٌ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعمَ أَجرُ العَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 130 - 136].



الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ.



أَيُّهَا المُسلِمُ المُوَحِّدُ، المُتَعَبِّدُ لِمَولاهُ الطَّالِبُ رِضَاهُ، يَا عَبدَاللهِ، إِن لم يَكُنْ في بَرنَامَجِكَ اليَومِيِّ مُحَافَظَةٌ تَامَّةٌ عَلَى الصَّلَوَاتِ الخَمسِ في جَمَاعَةٍ، وَقِيَامٌ بما أَوجَبَهُ اللهُ عَلَيكَ مِنَ البِرِّ، وَإِحسَانٌ إِلى الخَلقِ وَكَفٌّ لِلأَذَى عَنِ النَّاسِ، وَتَوَرُّعٌ عَنِ الحَرَامِ وَأَكلٌ لِلطَّيِّبَاتِ، وَتَوبَةٌ مِنَ الذُّنُوبِ وَسُرعَةٌ في الرُّجُوعِ إِلى اللهِ، مَعَ مَا يُيَسِّرُهُ اللهُ لَكَ مِن نَوَافِلَ وَوِترٍ مِنَ اللَّيلِ، وَقِرَاءَةِ قُرآنٍ وَصَدَقَةٍ وَكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ، وَدَعوَةٍ إِلى اللهِ وَأَمرٍ بِمَعرُوفٍ وَنَهيٍ عَن مُنكَرٍ، فَأَيُّ عَيشٍ تَعِيشُ إِذًا؟! وَمَا طَعمُ حَيَاتِكَ وَمَا قِيمَتُهَا؟!



أَلا فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاحذَرُوا الكَسَلَ عَن طَاعَةِ اللهِ وَخَاصَّةً الصَّلاةَ، فَإِنَّهُ مِن شِرِّ حَبَائِلِ الشَّيطَانِ الَّتِي يَنصِبُهَا لِيَصطَادَ بها النَّاسَ وَيُوقِعَهُم في الفَوَاحِشِ وَالمُنكَرَاتِ، وَيَصُدَّهُم عَن ذِكرِ اللهِ وَيَحرِمَهُمُ الخَيرَ، وَأَكثَرُ مَا يَكُونُ ذَلِكَ في صَلاةِ الفَجرِ خَاصَّةً، وَالَّتِي مَا تَكَاسَلَ امرُؤٌ عَن أَدَائِهَا مَعَ الجَمَاعَةِ أَو تَرَكَهَا، إِلاَّ خُذِلَ في عَامَّةِ يَومِهِ وَعَجَزَ عَمَّا يَنفَعُهُ، وَما وُفِّقَ عَبدٌ لأَدَائِهَا في المَسجِدِ مَعَ المُسلِمِينَ، إِلاَّ أَصبَحَ طَيِّبًا مُطَيَّبًا، وَمُنِحَ بَرَكَةَ يَومِهِ وَسَعِدَ وَأُعِينَ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45]، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ عَن قَومِ شُعَيبٍ: ﴿ قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ﴾ [هود: 87]، وَقَالَ تَعَالى: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59]، وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾ [الماعون: 4 - 7].



وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "يَعقِدُ الشَّيطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأسِ أَحَدِكُم إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاثَ عُقَدٍ، يَضرِبُ عَلَى كُلِّ عُقدَةٍ: عَلَيكَ لَيلٌ طَوِيلٌ فَارقُدْ، فَإِنِ استَيقَظَ فَذَكَرَ اللهَ تَعَالى انحَلَّت عُقدَةٌ، فَإِن تَوَضَّأَ انحَلَّت عُقدَةٌ، فَإِن صَلَّى انحَلَّت عُقَدُهُ كُلُّهَا فَأَصبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفسِ، وَإِلاَّ أَصبَحَ خَبِيثَ النَّفسِ كَسلانَ"؛ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.



إِنَّهَا عِلاقَةٌ وَثِيقَةٌ لا تَكَادُ تَنفَكُّ وَلا تَزُولُ، فَمَن حَافَظَ عَلَى صَلاتِهِ مَعَ الجَمَاعَةِ صَلَحَت حَالُهُ وَانتَظَمَ أَمرُهُ وَأَفلَحَ، وَطَابَ نَفسًا وَخُلُقًا، وَمَن تَكَاسَلَ عَنهَا وَتَبَاطَأَ إِلَيهَا، كَانَ في سَائِرِ أُمُورِهِ مُفَرِّطًا، وَلِمَا يَنفَعُهُ وَيَرفَعُهُ مُضَيِّعًا، وَالفَلاحُ الحَقِيقِيُّ أَوِ الخَسَارَةُ الكُبرَى، حِينَ يُحَاسَبُ العَبدُ يَومَ القِيَامَةِ فَيُنظَرُ أَوَّلَ مَا يُنظَرُ في صَلاتِهِ، فَإِن صَلَحَت فَقَد أَفلَحَ، وَإِن فَسَدَت خَابَ وَخَسِرَ.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.39 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.83%)]