|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() زاد الداعية (1) أنور الداود النبراوي يقولُ الله تباركَ وتعالى:﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ (يوسف: 108). هذهِ هيَ السَّبيل الموصلةُ إلى الله وإلى دار كرامته، وهي الدَّعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له، على بصيرة، وهي الدليلُ الواضحُ الذي لا لَبسُ في الحق معه. ذلك ما أمرَ به الداعيةُ الأعظم عليه الصلاة والسلام ، وتلك هي طريقتهُ التي سار عليها، وحُقَّ على كل من اتَّبعه أن يدعو إلى ما دعا إليه- صلى الله عليه وسلم- وكما دعا ﴿ عَلَى بَصِيرَةٍ ﴾. وإذا كانت الدعوة إلى الله أشرف مقامات العبودية وأجلها وأفضلها، فهي لا تحصل إلا بالزاد النبوي الكريم والذي تزوَّد به إمام الدعاة - صلى الله عليه وسلم - من خلال التوجيهات القرآنية العظيمة، والتي إن تخلَّفت من حياتنا - معشر المؤمنين - أفرزت التخلف عن السبيل ثم الاختلاف فيما بيننا. الإخلاص: أول زاد يحمله الداعي إلى ربه هو تحقيق التوحيد أولا، ودعوة الناس إليه، وملازمة الإخلاص الذي هو حقيقة الدين، ﴿ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ﴾ (الزمر: 3)، والذي هو أصل وأساس قبول الأعمال الصالحات، وهو حقيقة الدين ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ﴾ (البينة: 5). فهي دعوةٌ ربانيةٌ إلى الله وحده لا للنفس وحظوظِها، أو لأجل الرياء والسمعة، "قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ"(يوسف: 108)، لا إلى رئيس أو جماعة، بل لله، ومن أجل الله وحدَه، الذي إليه يرجِعُ الأمر كلّه، وإليه العباد صائرون وراجعون، ﴿ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ ﴾ (الرعد: 36). والإخلاص مأخوذٌ من التنقية والتهذيب، قال تعالى : ﴿ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾(الحجر: 40) أي أخلصوا العبادةَ لله فاختارهم وأخلصهم. والإخلاص تصفية السر والقول والعملِ لله تعالى، وتصفية العبادةِ مما يشوبها وأن يقصد العبدُ في عبادته وجه الله، والتقرب إليه، والتخلص من الشرك والرياء والمراءاة وحظوظ النفس والشهرة، أو الخداع، أو الكذب، وغيرها. والإخلاص سرٌّ بين الله وبين العبد لا يطَّلع عليه أحد، وهو باب تحقيق السعادة وطمأنينة القلب، والإخلاصُ قرين الصدق والصراحة، والصفاء، والأمانة والوضوح. ومتى أخلصَ الداعيةُ إلى الله في دعوته نال قبول الناس ومحبَّتهم،قال مجاهد : "إنَّ العبدَ إذا أقبل إلى الله عزَّ وجلَّ بقلبه أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه". اليقين: لابدَّ للداعية إلى الله من الثقة بالله، ومن ثمَّ الوثوق بصحة الدعوة وسلامة المنهج، وذلك من خلال الإيمان الراسخ والجازم المبنيِّ على الدليل بأنه الطريق الحق المستقيم، الذي له العقبى والنصر القريب. واليقين هو روح الإيمان، فدعوة بلا يقين دعوة قد لفظت أنفاسها الأخيرة، لا يرجى لها مضي وسير نحو الأمام، قال تعالى: ﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ﴾ (الذاريات: 20)، ومن فقدَ اليقينَ فقد التوكُّل على رب العالمين، واليقينُ يكونُ بمعرفة الله ومعرفة الحق، ﴿ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ ﴾ (النمل: 79). وما يصيبُ الدعاةَ من أمر فهو من قبيل الابتلاء والامتحان، ومهما طال الطريق فسنَّة الله ماضية بأن العاقبة والاستخلاف للمؤمنين.. فما أحوج الداعية لليقين: ﴿ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾(هود: 17). التوكل على الله: فإنه أعظم الخصال التي يختصُّ المؤمنون بها، ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾(آل عمران: 122)، وذلك باعتماد القلب على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع فعل الأسباب، ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾(الفاتحة: 5). فالتوكُّل قرين العبادة، ﴿ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾ (هود: 123)، فإنه جلَّ جلاله الحق الذي بيده ملكوت كل شيء، ﴿ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ﴾ (المزمل: 9). ولكن لا يتأتى ذلك للداعية المؤمن إلا بتحقيق اليقين، فإن التوكل على الله ثمرة من ثمرات اليقين، ﴿ وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾(إبراهيم: 12)، والاهتداء إلى سبيل الله بتوفيق منه تعالى. ومن توكل على الله كفاه، فهو وحدَهُ الغنيُّ الحميد، الذي بيده ملكوت كل شيء، به قام كلُّ شيء، وإليه تصير الأمور، ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ﴾ (الشعراء: 217). (يتبع)
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() زاد الداعية (2) أنور الداود النبراوي استَعرَضنا في المقالة السابقة "زاد الداعية" أهمَّ الأمور التي ينبَغِي على الداعيَة إلى الله أنْ يتزوَّد بها؛ كالإخلاص، واليقين، والتوكُّل على الله. ومن تلك الأمور العِظام أيضًا ما يلي: الصلاة: إذا كانتْ ثمرة العِلم - وهو الخشيَة - هي العمل الصالح، فإنَّ أعظمَ الأعمال الصالحة وأحبَّها إلى الله ((الصلاة على وقتها))، والتزوُّد منها آناءَ الليل وأطرافَ النهار، "ولا يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه". فهو عبدٌ لله مؤمنٌ كثيرُ الصِّلةِ والاتِّصال بالله، يبعَثُه إيمانُه على مُداوَمة التزوُّد من الصَّلاة؛ رجاءَ رحمةِ الله وفضله، وهربًا من عَذاب الله وسخطه؛ ï´؟ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ï´¾ [الزمر: 9]. إن أهل العلم هم: أصحاب الفهْم والقلْب الحي المتعلِّق بالمساجد والتلذُّذ بها وطلب الراحة فيها؛ كما جاء عن سالم بن أبي الجعد قال: قال رجلٌ من خزاعة: ليتني صلَّيت فاسترحت، فكأنهم عابُوا ذلك عليه، فقال: سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((أقم الصلاة يا بلال، أرحنا بها))؛ رواه أبو داود وصحَّحه الألباني. فإنَّ الصلاة - بهيئتها الحقيقيَّة - هي أعظمُ زادٍ للداعية إلى الله؛ ولذا كانتْ أوَّل زادٍ تربَّى وعاشَ عليه النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فأوَّل أمرٍ تلقَّاه من ربِّه هو القيامُ بالصلاة؛ قال - تعالى -: ï´؟ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ï´¾ [المزمل: 1 - 2]، ثم بعد ذلك جاءَ التوجيهُ الكريم بالقِيام بالدعوة؛ قال - تعالى -: ï´؟ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ ï´¾ [المدثر: 1 - 2]. بل إنَّ الله زكَّى الدُّعاةَ الذين يَدعُون أنفُسَهم ويَدعُون غيرَهم إلى القِيام بأمرَيْن عظيمَيْن وهما: القرآن والصلاة، بأنهم هم المصلِحون حَقًّا، الذين لا يضيع لهم ربُّهم أجرًا؛ فقال - تعالى -: ï´؟ وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ï´¾[الأعراف: 170]، وفي قراءةٍ بالتخفيف: "يُمْسِكون" والمراد: أنهم يُمْسِكون بالقرآن والصلاة ويُمسِّكون غيرَهم. ذكْر الله: الداعية حَقًّا هو أكثَرُ الناس حُبًّا لله وذكرًا، كيف لا وهو يدعو الناس لمعرفة الله وطاعته وذكره؟! لا سيَّما وأنَّ ذكرَ الله فيه التثبيتُ والقوَّة، وطرْدٌ للغفلة والقَسوة اللتان تجلبان القسوةَ للقلب، وتَبعَثان على الفُتُور في النَّفس والإرادة. كما أنَّ في القسوة والشِّدة نفورَ الخلق وإعراضهم؛ ï´؟ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ï´¾ [الأنبياء: 107]، وتلك الرَّحمة لا تكون إلا بمعرفة الرحمن - جلَّ وعلا - بأسمائه الحسنى، وصفاتِه العُلَى، وأفعاله العليَّة المقدَّسة، وكثرة ذكرِه. والمحروم مَن حُرِم الرحمة والطمأنينة بذكْر الله تعالى؛ ï´؟ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ï´¾ [الزخرف: 36]. فجميلٌ بالداعي إلى الله أنْ يكون لسانُه رَطْبًا بذِكْرِ مَولاه في الصَّباح والمَساء، وحال التهيُّؤ لذهاب الرُّوح إلى بارئها، وعند حياتها بأمر الله، وحال الذهاب والإياب، والحركة والسكون، وأدبار السجود، وحلول النِّعَم والنِّقَم، وفي السَّفَر والحَضَر، قِيامًا وقُعودًا، أو على جنبٍ، سواء كان الداعية يَسِيرُ بدعوته بَرًّا أو بحرًا أو جَوًّا، فلا تَزال الشدائد التي يَضِيقُ لها الصَّدر تُحِيط به إحاطةَ السوار بالمِعصَم، وحينَها لا مخرَج له من ذلك كلِّه ولا أنيسَ إلا بذكْر الله والصلاة؛ ï´؟ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ï´¾ [الحجر: 97 - 98]. الصبر: إنَّ الصبر زادُ المؤمِنين الناجِحين المستجِيبين لأمْر ربهم؛ ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ï´¾ [البقرة: 153]. وقدوة المؤمنين من الدُّعاة إلى الله هم أكثرُ الناس حاجةً للصبر على مَشاقِّ الدعوة والسَّيْرِ إلى الله؛ ï´؟ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ï´¾ [لقمان: 17]. فالصبر أعظم العَطايا الإلهيَّة، والمِنَح الربانيَّة؛ فعن أبي سعيدٍ الخدري - رضِي الله عنْه - أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ومَن يَتصبِّر يُصبِّره الله، وما أُعطِي أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسع من الصَّبر))؛ رواه البخاري. والصبر سُلَّم وُصُول الفائِزين إلى الحياة الطيِّبة الكريمة؛ ï´؟ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ï´¾ [العصر: 1 - 3]. لاَ تَحْسَبِ الْمَجْدَ تَمْرًا أَنْتَ آكِلُهُ ![]() لَنْ تَبْلُغَ الْمَجْدَ حَتَّى تَلْعَقَ الصَّبِرَا ![]() ولذلك أُمِر قدوة الدُّعاة والناس أجمعين - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالتزوُّد من الصبر زاد الأنبِياء والمرسَلين: ï´؟ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ï´¾[الأحقاف: 35]. والصبر قرينُ اليَقِين، والرُّكن الثاني من أرْكان الإمامة في الدين؛ ï´؟ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ï´¾[السجدة: 24]. فالسَّبق أوَّلاً لليقين بالله وآياته القرآنيَّة وآياته الكونيَّة في النَّفس والآفاق، ثم الصبر ثانيًا؛ ï´؟ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ï´¾ [الروم: 60]. (يُتبَع).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |