|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أكثر مني التزامًا ولكنها تكبرني بعام أ. مروة يوسف عاشور السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا اسْمي محمَّد، وعمري 23 عامًا، وأنعَمَ الله عليَّ بالالتزام منذ 4 سنين، بعدما مررْتُ بِمراحل عصيبة جدًّا، ولا تُرضي الله، وكنتُ أريد الزَّواج مبكِّرًا من فتاة أصغر منِّي سنًّا حتَّى أفرِّغ قلبي وعقلي من التَّفكير فيما مضى؛ حتَّى أستطيع أن أطلب العلم، وبعد البحثِ وجدتُ فتاةً تكبرني سنًّا بعامٍ واحد، وحاصلة على كليَّة أعلى منِّي وهي كلية الصيدلة، وأكثر منِّي التزامًا وعلمًا، وهي موظَّفة، أمَّا أنا فعندي مشروع صغير، لا يتعدَّى رأسُ ماله 20000 جنيه مصري، أمَّا جَمالُها فمحدود، ولكن بيتها يكاد يكون أفضل البيوت تربيةً ومُحافظة على الدِّين، مع فقرهم المادِّي، ومع سؤالي عنها، وجدْتُها هادئة جدًّا، مع الطِّيبة، ورفضَتْ أناسًا كثرًا، مع مكانتهم المادِّية والعلميَّة؛ بسب أنَّهم غيْرُ ملتزمين. وإنِّي أريد أن أبني بيتًا مسلِمًا، وأُنْجب أطفالاً كثيرين؛ حتَّى أربِّيهم على دين الله تعالى، فهل تنصحونني بِهذا الزَّواج، أم بالبحث عن فتاة أخرى؟ وهل يُمكن أن يَحدث لِهذا الزواجِ الفشَلُ مع الاعتبارات الآتية: 1 - كونُها أكبَر منِّي سنًّا. 2 - أكثَر التزامًا. 3 - أعلى منِّي دخلاً. 4 - أعلى منِّي علمًا. أم تنصحوننِي بالبحث عن فتاةٍ أخرى أصغر في السنِّ، ولكنَّها ستكون أقلَّ التزامًا؛ حيث إنِّي أميل لِهَذه الفتاة، ولكنِّي خائفٌ، وخاصَّة عندما قال لي شخصٌ: "الأفضل أن تَخْتار أصغر منك بِخَمس سنين؛ لأن المرأة الآن لا تنجب بعد الأربعين"، فهل هذا صحيح؟ أرجو الردَّ مع التفصيل، ولكم جزيل الشكر. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا أدري لِماذا يَرْبِط الكثيرُ من شبابنا نَجاحَ الزواجِ أو عدَمَه ويَجعله متوقِّفًا على بعض النِّقاط, ويحصرها داخل حيِّزٍ ضيِّق من المواصفات المادِّية البحتة؟! اختيارُ شريكة الحياة يُبنَى أوَّلاً على ركيزةٍ أساسيَّة، لا غِنَى عنها لكلِّ رجل صالِحٍ, يبحث عن السَّكينة والمودَّة, وينشد تكوين بيتٍ مسلم يُذكر فيه اسْمُ الله, ويأمل تربيةَ أبناء صالِحين يعبدون الله ويَشْهدون له بالوحدانيَّة, وقد وضَّح رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - تلك الرَّكيزة ولَخَّصها بعد سرْدِ بعض الْمُواصفات التي يسعى إليها الشَّباب، ويسعون إلى تَحْصيلها في زوجة المستقبل؛ فقال في الحديث المتَّفَق على صحَّتِه: ((تُنكَح المرأة لأربعٍ؛ لِمالِها ولِحسَبِها وجَمالِها ولدِينها, فاظْفَرْ بذات الدِّين تَرِبَتْ يداك)). فأوَّل ما على الرجل الصالح أن يسعى إليه الدِّين, ولا مانع أن ينظر بَعْدَه إلى ما دونه في الأهَمِّية من الصِّفات الخلُقيَّة أو المادِّية أو الاجتماعيَّة؛ فالنُّفوس جُبِلَت على حُبِّ الخيْر والسَّعي إلى تَحقيق الرَّاحة والطُّمأنينة. الفتاة التي تتحدَّث عنها تبلغ من العمر 24 عامًا, وعلى درجة طيِّبة من التَّعليم الجامعيِّ, ومِن أُسْرة معروفةٍ بالبِرِّ والصَّلاح, وفوق كلِّ ذلك ترفض مَن لا يرضيها دينُه, فأيُّ خيرٍ أعظم من ذلك؟! تقول: "وهل يُمكن أن يَحدث لِهذا الزواجِ الفشَلُ مع الاعتبارات الآتية: 1 - كونُها أكبَر منِّي سنًّا. 2 - أكثَر التزامًا. 3 - أعلى منِّي دخلاً. 4 - أعلى منِّي علمًا"؟ أقول لك: يُمكن أن ينجح الزَّواج مع وجود أضعافِ تلك الأسباب, ويُمكن ألاَّ ينجح حتَّى لو عَدِمْنا معظم أسباب الفشل, والأمر مرَدُّه إلى الله تعالى؛ ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴾ [التوبة: 78], ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ﴾ [الأنعام: 59], وكم من زواجٍ كان يُرجى نَجاحه، لكن سرعان ما خارَتْ قُواه وتصدَّعَت أركانُه مع أوَّل عاصفة! وكم من زواجٍ كتب الله له النَّجاح مع انعدام بعض مقوِّمات النَّجاح المادِّية؛ لكنْ توفَّرَت أسبابُه الرُّوحية والخلقيَّة! ولَم أرَ أروع من زواجٍ عَلِم فيه كلُّ طرَفٍ ما له من حقوقٍ، وما عليه من واجبات, ومنَّ الله على الزَّوجَيْن فيه بنعمة الدِّين والْخُلق الْحسَن. لَم أَجِد أنْجَح ولا أَجْمل من زواجٍ عَلِم فيه كلُّ شريكٍ كيف يُفْصِح عن رأيه دون أن يَجْرح مشاعر شريكه؟ كيف يَعترضُ بأدب؟ كيف يَنْصح برِفْق ويُرْشِد بِلُطف؟ كيف يَشْعُر بشريكه ويقف بِجانبه وقْتَ حاجته؟ كيف يَحتويه ويُشعره بالأمان... والقائمة تَطُول. والعمر - ما لَم يكن الفرق فاحشًا - فقلَّ أن تَشْعر له بأثر, وكذلك الدَّخْل, أو العِلْم, وتذكَّر أن أُمَّ المؤمنين خديجة - رضي الله عنها - كانت تَكْبر الرَّسولَ بأعوامٍ عديدة, وكان لَها من الْمَال ما ليس له, لكن الله - تعالى - جعل من ذلك الزَّواجِ الْمُبارك أعظمَ زواجٍ عرفَتْه البشريَّة وسطر له التاريخُ, لماذا؟ سَمتْ الأخلاق, وطَهرتْ السَّرائر, وصلحتْ النِّيات! وفي الحقيقة فقد أشَرْت إلى مشكلة خطيرة يتعرَّض لَها الشباب في مُجتمعنا الآن, وهي التناقض الكبير بين الْمُثل والقِيَم العليا التي يسعى بعض الصَّالحين إلى تطبيقها، وبين الواقع الأليم الذي يَحْيون فيه ويُقاسون لَهيبه! يريد الشاب أن يَظْفر بزوجة طيِّبة خلوق صاحبة دين, فيجد مَن يصدُّه ويَنْهَره ويُرْشِده إلى الصَّغيرة! سبحان الله! "الصَّغيرة خيْرٌ من الكبيرة"، و"الجميلة خيْرٌ من غيرها" و"الْمُوازية لك اجتماعيًّا أنسب", و"التي على درجة علميَّة مُقارِبَة أفضل", و"الْمَرِحة", و"الطيِّعة", والـ... لكن.. ليس من السُّهولة أن يَحْصل الشابُّ على كلِّ ذلك مضافًا إليه الدِّين! فعلى الشابِّ العاقل الواقعيِّ أن يُوازن وينظر إلى أهمِّ الصِّفات، ثُمَّ يضع بعد ذلك ما دونَها في الأهَمِّية, ويبحث عن الْمُتاح, وليس عن الأحلام والأوهام! وأمَّا عن العمر الذي تَعْجز فيه الزَّوجة عن الإنجاب، فهذا أمْرٌ تَخْتلف فيه النِّساء اختلافًا كبيرًا, وأُشير مرَّة أخرى لذلك الزَّواج العظيم خديجة - رضي الله عنها - والرسول - صلى الله عليه وسلَّم - كان عُمْر أُمِّنا خديجةَ في بداية الزَّواج أربعين سنة, وقد أنْجبَتْ من البنين (القاسِمَ وعبْدَالله), ومن البنات (زينبَ ورُقيَّة وأمَّ كلثومٍ وفاطمة). ولا داعي لِمُقارنة حالِ النِّساء الآن بذلك, فغالبيَّة النِّساء تكون قد أنْجبَتْ ما يُرْضِيها, وتكتفي بِهم، مانِعةً نفسها من الإنجاب؛ لترتاح في هذا العمر, وليس لِعَجْزها عن الإنجاب, وإن كانت الفرصة تَقِلُّ بالفعل بعد الأربعين. كما أنِّي أوَدُّ الإشارة لنقطة مهمَّة, وهي أنَّ الكثير من تصرُّفاتنا الحياتيَّة تتوقَّف على قناعاتنا الدَّاخلية, فتنعكس على أقوالنا وردود أفعالنا, فانظر إلى نفسك، وسَلْها بصِدْق: هل يُمثِّل هذا الفارِقُ العمريُّ اليسير لك عائقًا عن تحقيق أحلامك, أو ينغِّص عليك سعادتك؟ إن كنتَ مِمَّن يهتم كثيرًا بالعمر ويَحْلم بزوجةٍ أصغر منه, فلا أنصحك بالإقبال على هذا الزَّواج؛ حتَّى لا تَظلم أو تُظلَم. والمُجتمَعات تختلف في نظرتِها إلى الفارق العمريِّ بين الزَّوجين كما يَخْتلف الناس فيها. على كلِّ حالٍ أكتفي بتلك الإشارات، تاركةً حرية اتِّخاذ ذلك القرار المصيريِّ لك, بعد أن تستخير الله وتدعُوَه أن يرشِدَك إلى ما فيه الخير والصَّلاح, وأُذكِّرُك وكلَّ مُقْبلٍ على الزَّواج بأهَمِّية اللُّجوء إلى الله، وأن تسأله التوفيق؛ فهو - عزَّ وجلَّ - أعلم بالغيب، وبِما يُناسبنا ويَصْلح به أمر ديننا ودنيانا, وفَّقك اللهُ وشبابَ المسلمين، ويسَّر لنا ولك سُبلَ الفلاح.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |