|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مقدمات أساسية لتدبر القرآن الكريم والدخول إلى عوالمه الإيمانية أحمد الريفي تمهيد: القرآن الكريم رسالة الله عز وجل إلى كل إنسان، وهو خطابه تعالى للمكلفين، فمن خلاله يخاطب الله سبحانه ذوي العقول واﻷلباب، ويدعوهم إلى هدايته ونوره، ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ومن الجهل إلى العلم، ومن الضنك والشقاء إلى الهداية والفلاح، ومن ضيق الحياة ولأوائها إلى سعتها وفلاحها... ولتحقيق هذه المعاني الجليلة الجميلة، والمقاصد العلية الرفيعة، ﻻ بد من التفاعل مع هذا القرآن العظيم، تلاوة وتدبراً، وترتيلاً ومدارسة، لتأمل آياته وبصائره، تلك أول خطوة في الشعور بهداية القرآن وروحه، ونوره وبصائره،... ومن أهم مقدمات هذه الخطوة وأعظمها ما يلي: 1- تطهير القلب وتخليته من كل الأمراض: إذ لا يستوي الخبيث والطيب، فالقرآن لا يمسه إلا المطهرون، قلبا وقالبا، وإلا حرم الإنسان بركاته وثمراته، وفصل بينه وبين فهم أسراره ومعانيه، يقول سيدنا عثمان ابن عفان رضي الله عنه:" لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام الله عز وجل "[1] وعثمان رضي الله عنه كلامه كلام المجرب رضي الله عنه فما كان يستطيع رضي الله أن تمر عليه لحظة من اللحظات دون أن ينظر في المصحف وعاش حياته على هذا الحال مع كلام الله عز وجل حتى استشهد والمصحف في يده فكان أن وقعت أول قطرة من دمه على صفحة من كلام الله عز وجل عند قوله تعالى: (فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم) " البقرة 137" وأخرج الإمام أحمد في كتاب الزهد عن ابنِ سيرين قال: قالت امرَأَةُ عُثمان حين قُتِلَ:" لقد قتَلتُموهُ وَ إِنَّهُ لَيُحيِي الليلَ كُلَّهُ بالقُرآنِ في ركْعةٍ "يقول الإمام الزركشي رحمه الله: اعلم أنه لا يصلح للناظر فهم معاني الوحي، ولا يظهر له أسراره، وفي قلبه بدعة، أو كبر، أو هوى أو حب الدنيا، أو هو مصر على ذنب، غير متحقق بالإيمان، أو ضعف التحقيق... فهذه كلها حجب وموانع بعضها آكد من بعض.[2] وفي هذا المعنى يقول ابن قدامة رحمه الله: فإن ذلك سبب ظلمة القلب وصدئه، فالقلب مثل المرآة، والشهوات مثل الصدأ، ومعاني القرآن مثل الصور التي تتراءى في المرآة، والرياضة للقلب بإماطة الشهوات مثل جلاء المرآة.[3] 2- لا بد لقارئ القرآن أن يربطه بواقعه وعلى رأس ذلك: أن يربطه بنفسه هو، ليرى موقعه منه ومن هدايته، ويقيس نفسه من الاستجابة لأوامره وتكاليفه، وحدوده وأخلاقه... ففي أي درجة هي؟ وأي سبيل سالكة؟ إذ القرآن رسالة الله إلى كل عبد من عباده، وأخطر شيء يمكن أن يتسرب إلى ذهن قارئ القرآن وهو يتلوه، أن يقول: إن هذا الكتاب نزل على قوم خلوا، في زمن مضى، وفي مكان محدد، فهو يتحدث عن الأزمنة والأمم السابقة، ونزل على جيل مضى، ولا علاقة له بحياته التي يعيشها، وألا دخول للواقع الذي يعيشه تحت هذا القرآن، وهذا انحراف شعوري خطير، وقد انتقد ابن القيم رحمه الله هذا الحال وأصحابه فقال: " أكثر الناس لا يشعرون بدخول الواقع تحته – تحت القرآن- وتضمنه له، ويظنونه في نوع وفي قوم قد خلوا من قبل لم يعقبوا وارثاً، وهذا الذي يحول بين القلب وبين فهم القرآن، ولعمر الله إن كان أولئك قد خلوا فقد ورثهم من هو مثلهم أو شر منهم، أو دونهم، وتناول القرآن لهم كتناوله لأولئك." [4]. وﻻ ينبغي أن يتسرب إلى ذهن القارئ حين القراءة أن هذا الكتاب إنما نزل في زمن محدد وانقطع بذلك وحيه، وإنما نقرؤه فقط للتبرك والثقافة العلمية، وهذا المعنى الخطير سيطر على تعامل كثير من الناس مع القرآن الكريم، إﻻ من رحم الله، وحرموا -بسبب ذلك- من هدايته ونوره... فلا بد إذن من الشعور أثناء التلاوة والقراءة بأن الله عز وجل يخاطبك في تلك اللحظة، ﴿ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى ﴾ "طه 12" إذ وصف الله تعالى للقرآن بأنه " وحي " يقتضي هذا المعنى الجليل، وهو أن الله تعالى يوحي به في تلك اللحظة التي يتلوه القارئ، فهو وصف مصاحب له. 3- الشعور بأن هذا القرآن هو رسالة الله إليك أنت، وأن الله يخاطبك بأوامره ونواهيه وتكاليفه وحدوده لتستجيب له كما يريد سبحانه، ﻷنك مخلوق له، فله الخلق واﻷمر، فكما خلقك بإرادته وإذنه وفضله، فقد أنزل عليك أمره في وحيه بفضله ورحمته حتى تكون له أوﻻً وأخيراً، فـ ﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾ "الأعراف 53" فأنت له ولست لنفسك، فكما تنسب اﻷمر إليه (وهو هنا وحيه) فعليك أن تنسب الخلق إليه (وهو خلقك)، ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ [الانفطار 5] أي ما الذي غرك بربك الذي خلقك... عن أن تستجيب له وﻷمره في وحيه، فالذي خلقك هو الذي أوحى إليك وأمرك... وهذا ما يدفعك إلى الشعور بعظمة القرآن الكريم، وجلال نوره وشدة ثقل معانيه، وتأثيره على النفس إن هي تلقته تلقيا إيمانيا...﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴾ [المزمل 4] ﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ [الحشر 20] ﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ﴾ [لقمان 26]. 4- حضور القلب عند تلاوة القرآن الكريم وإلقاء السمع لخطاب الرحمن: فهذا شرط أساسي لتدبر القرآن وللانتفاع به وحصول ثمرته، إذ أن هذا من أخص خصائه وهو أن يتلقفه القلب قبل العقل والجوارح، إذ هو روح ونور ومحل ذلك إنما هو القلب: ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾"الشعراء 192" ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ "الشورى 51" قال ابن القيم رحمه الله في هذا المعنى – حضور القلب عند تلاوة القرآن الكريم- " إذا اردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته، وألق سمعك، واحضر حضور من يخاطبه من تكلم به سبحانه منه إليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾[ق: 37] استمع كتاب الله وأنت شاهد القلب والفهم، ليس بغافل ولا ساه، وهو إشارة إلى المانع من حصول التأثير، وهو سهو القلب وغيبته عن تعقل ما يقال له، والنظر فيه وتأمله، فإذا حصل المؤثر وهو القرآن، والمحل القابل وهو القلب الحين ووجد الشرط وهو الإصغاء وانتفى المانع وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب، وانصرافه عنه إلى شيء آخر حصل الأثر وهو الانتفاع والتذكر "([5]) والتذكر هو الغاية العظمى من التدبر، وهو مقام عظيم، به يخرج الإنسان من الغفلة إلى اليقظة فيشاهد حقائق القرآن، وأسرار الخالق في كتابيه: المسطور – الوحي- والمنظور –الكون- فيحصل له من الذكر القلبي لله ولجلاله ما يفيض ذلك على لسانه وجوارحه ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ "ص: 28". 5- أن توقن بأن لا حياة لقلبك ولا مفتاح لأقفاله إلا بتدبر القرآن: قال تعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾" محمد الآية 24" فقد أسند سبحانه وتعالى في هذه الآية والتي هي من عظائم ما أُنزل في هذا المعنى –أسند- عمل التدبر إلى القلوب، وأفاد بذلك أن القلوب إذا لم تتدبر القرآن ولم يحصل لها ذلك، فهي مقفلة لا خير فيها وأن مآلها إلى الختم –والعياذ بالله- ولقد تـلا رسـول الله صلى الله عليه وسلم يوًمـا هذه الآية: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ " محمد الآية 24" فقال شاب مـن أهـل الـيمن: بـل عليهـا أقفالهـا حـّتى يكـون الله تعالى- يفتحها أو يفّرجها. وكان عمر رضي الله عنه حاضرا فسمعه، فما زال الشاب في نفس عمر رضي الله عنه حّتى ولي – أي الخلافة- فاستعان به"[6] وهكذا فالتدبر هو مفتاح القلوب، وسر حياتها ونور بصرها وإبصارها، لأنه طريق الدخول إلى سويداء القلوب، والتدبر أيضا سبيل للدخول إلى عالم القرآن وعوالمه الإيمانية النورانية. قال ابن القيم " جعل الله سبحانه لكل مطلوب مفتاحا ً يفتح به، وجعل مفتاح حياة القلب، تدبر القرآن والتضرع بالأسحار وترك الذنوب"[7] وقال أيضا: " وبالجملة فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتّدبّر والتفكر، فإنـّه جامع لجميع منازل السائرين وأحوال العاملين ومقامات العارفين... وسائر الأحوال الّتي بها حياة القلب وكماله، و كذلك يزجر عن جميع الصفات والأفعال المذمومة والّتي بها فساد القلب وهلاكه. فلو علم النّاس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها، فإذا قرأه بتفكر حتى مر بآية وهو محتاج إليها في شفاء قلبه كررها ولو مائة مرة ولو ليلة، فقراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهمن وأنفع للقلب وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن "[8] يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |