|
ملتقى الإنشاء ملتقى يختص بتلخيص الكتب الاسلامية للحث على القراءة بصورة محببة سهلة ومختصرة بالإضافة الى عرض سير واحداث تاريخية عربية وعالمية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن(80) مثنى محمد هبيان (وَلَتَجِدَنَّهُمۡ أَحۡرَصَ ٱلنَّاسِ عَلَىٰ حَيَوٰةٖ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْۚ يَوَدُّ أَحَدُهُمۡ لَوۡ يُعَمَّرُ أَلۡفَ سَنَةٖ وَمَا هُوَ بِمُزَحۡزِحِهِۦ مِنَ ٱلۡعَذَابِ أَن يُعَمَّرَۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ) [البقرة: 96] السؤال الأول:ما دلالة استخدام كلمة (حَيَوٰةٖ) نكرة في هذه الآية؟ الجواب: 1ـ الآية في سياق الحديث عن اليهود, وجاءت كلمة (حَيَوٰةٖ) نكرة, وهي تعني أيَّ حياةٍ مهما كانت تافهة أو ذليلة، وهذه إشارة إلى أنهم يريدون أي حياة كانت وإنْ كانت تافهة أو مُهينة وليست الحياة الكريمة، لذا هم حرصوا على حياة تافهة ولا يتمنون الموت كما تحدّاهم به القرآن. 2ـ المشرك حريص على الحياة؛ لأنه يعتقد أنّ الدنيا هي الغاية, بينما اليهود أشد حرصاً على الحياة من المشركين؛ لأنهم يخافون الموت لسوء أعمالهم السابقة, وقد حُببت إليهم الخطيئة طول العمر , لذلك كلما طالت حياتهم ظنوا أنهم بعيدون عن عذاب الله, ولذلك هم لا يبالون أنْ يعيشوا في ذلة أو في مسكنة, المهم أنْ يعيشوا في أي حياة مهما كان نوعها, ولذلك جاءت بالتنكير؛ لأنّ النكرة تفيد الكثرة وهم يريدون الحياة المتطاولة، فناسب التنكير.وقوله تعالى: (أَحۡرَصَ) صيغة مبالغة من الحرص وهو طلب الاستغراق فيما يختص فيه الحظ. السؤال الثاني: ما دلالة الود في الآية في أنْ يعيشوا ألف سنة؟ الجواب: 1ـ قوله تعالى: (يَوَدُّ أَحَدُهُمۡ لَوۡ يُعَمَّرُ أَلۡفَ سَنَةٖ) الود هو الحب، أي: أنهم يحبون أنْ يعيشوا ألف سنة أو أكثر، لكنّ هذا أيزحزحه عن العذاب؟ بالطبع لا؛ لأنّ طول العمر لا يغير النهاية. 2ـ قوله تعالى: (أَن يُعَمَّرَۗ ) بصيغة المبني للمجهول؛ ليدل على أنّ الأمر بيد الله وأنّ العمر ليس ملكاً لإنسان. السؤال الثالث: لماذا ذُكرت الألف سنة؟ الجواب: لأنها هي نهاية ما كان العرب يعرفونه من الحساب, ولذلك فإنّ الرجلَ الذي أَسر في الحرب أختَ كسرى فقالت له: كم تأخذ وتتركني؟ قال: ألف درهم، قالوا له: بكم فديتها؟ قال: بألف، قالوا: لو طلبت أكثر من ألف لكانوا أعطوك، قال: والله لو عرفت شيئاً فوق الألف لقلته، ولذلك كانوا يقولون عن المليون: ألف ألف. وفي قوله تعالى: (أَلۡفَ سَنَةٖ) كناية عن الكثرة , وليس المراد خصوص الألف. وقيل: الألف كمال العدد بكمال ثالث رتبة , والسنة تمام دورة الشمس , وتمام ثنتي عشرة دورة للقمر. السؤال الرابع: أين مفعولا الفعل المتعدي (وَلَتَجِدَنَّهُمۡ) [البقرة:96] في الآية؟ الجواب: الفعل (وَلَتَجِدَنَّهُمۡ)[البقرة:96] هو فعل متعدٍّ إلى مفعولين، وهما: الضمير(هم) في (وَلَتَجِدَنَّهُمۡ) [البقرة:96] و (أَحۡرَصَ) [البقرة:96]. السؤال الخامس: الواو في قوله تعالى: ( وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْۚ ) [البقرة:96] ما دلالتها؟ الجواب: الواو في الآية على ثلاثة أقوال: آـ حرف عطف بتقدير أنّ اليهود أحرص الناس على حياة وأحرص من الذين أشركوا, وهذا القول أولى، والله أعلم. ب ـ استئنافية؛ أي أن الكلام تم عند قوله تعالى (عَلَىٰ حَيَوٰةٖ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْۚ) [البقرة:96] ثم استأنف قوله. ج ـ أنّ فيه تقديماً وتأخيراً، وتقديره: ولتجدنهم وطائفة من الذين أشركوا أحرص الناس على حياة، ثم فسر هذه المحبة بقوله تعالى: (يَوَدُّ أَحَدُهُمۡ لَوۡ يُعَمَّرُ أَلۡفَ سَنَةٖ) [البقرة:96]. السؤال السادس: من المقصودون في الآية (ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْۚ) [البقرة:96]؟ الجواب: قوله تعالى: (وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ) [البقرة:96] قيل: هم المجوس، وقيل: الأعاجم، وقيل: هم مشركو العرب، وقيل: كل مشرك لا يؤمن بالمعاد. السؤال السابع: ما دلالة الزحزحة في الآية؟ الجواب: قوله تعالى: (وَمَا هُوَ بِمُزَحۡزِحِهِۦ مِنَ ٱلۡعَذَابِ أَن يُعَمَّرَۗ) [البقرة:96] الزحزحة: هي التبعيد والإنحاء، والمراد: أنه لا يؤثر في إزالة العذاب على الكافر أقل تأثير, إنما تزحزحه الطاعة المقرونة بالإيمان الصحيح , وها هو إبليس لم ينفعه عمره الطويل أن ينجو من الناربسبب كِبره وكفره. والفعل ( زُحزح ) يُستعمل لازماً ومتعدياُ , وتكرار الحروف بمثابة تكرار العمل. والزحزحة إبعاد الشيء المستثقل المترامي لما يبعد عنه. السؤال الثامن: ما اللمسة البيانية في قوله تعالى: (وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ) [البقرة:96]؟ الجواب: قوله تعالى: (وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ) [البقرة:96] و يراد به البصر والعلم، فالله بصير وعليم بأفعالهم. وجاء بالفعل المضارع: (يَعۡمَلُونَ) [البقرة:96] للدلالة على تجدد الحدث باستمرار. السؤال التاسع: في قوله تعالى: (يَعۡمَلُونَ) [البقرة:96] ما الفرق بين العمل والفعل والصنع؟ الجواب: قال: (يَعۡمَلُونَ) [البقرة:96] ولم يقل: يفعلون، أو يصنعون: آـ يفعلون: الفعل عام، وقد يكون بقصد أو بغير قصد، ويصلح أنْ يقع من الحيوان أو الجماد. ب ـ يعملون: في الأكثر فيه قصد، وهو مختص بالإنسان، وهو أخص من الفعل، لذلك قلّما ينسب إلى الحيوان , والعرب لم تقله إلا في البقر التي تحرث الأرض. ج ـ يصنعون: الصنع أخص، وهو إجادة الفعل ويحتاج إلى دقة، ولا ينسب إلى حيوان أو جماد فهو أخص من العمل، قال تعالى: (صُنۡعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيٓ أَتۡقَنَ كُلَّ شَيۡءٍۚ ) [النمل:88]. وعندما تأتي (يَصۡنَعُونَ) فتعني ما يخططون وما يدبرون بدقة وإجادة. فالفعل عام والعمل أخص منه، والصنع أخص ويحتاج إلى دقة. والله أعلم.
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 23-11-2024 الساعة 09:18 AM. |
#2
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (81) مثنى محمد هبيان (قُلۡ مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّـجِبۡرِيلَ فَإِنَّهُۥ نَزَّلَهُۥ عَلَىٰ قَلۡبِكَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَهُدٗى وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ) [البقرة: 97] السؤال الأول:ما دلالة قوله تعالى: (مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّـجِبۡرِيلَ) [البقرة:97]؟ الجواب: الحق سبحانه يريد أنْ يلفتنا إلى أعمال اليهود، فهم: 1ـ يقتلون الأنبياء. 2ـ يحرفون التوراة. 3ـ يعادون الملائكة وخاصة جبريل عليه السلام. وعداوتهم للملائكة تؤكد ماديتهم فهم يقيسون الأمر على البشر. والله يقول عن السبب:(فَإِنَّهُۥ نَزَّلَهُۥ عَلَىٰ قَلۡبِكَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَهُدٗى وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ) [البقرة:97]. وهكذا الحق سبحانه يريد أنْ يلفتنا إلى وحدة الحق في الدين, فالمصدر هو الله جل جلاله، ورسوله من الملائكة هو جبريل، ورسله من البشر هم الرسل والأنبياء الذين بعثهم الله, وميكائيل ينزل بالخير والخصب؛ لأنّ الإيمان أصل وجود الحياة. لذلك من كان عدواً للملائكة والرسل وجبريل وميكال فهو كافر, وهذا الحكم لم يخبر به الله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فقط، وإنما أمره بأنْ يعلنه حتى يعرفه الناس جميعاً ويعرفوا أنّ اليهود كافرون. السؤال الثاني: ما الفرق بين (نَزَّلَهُۥ عَلَىٰ قَلۡبِكَ) [البقرة:97] في هذه الآية وبين (أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ) [البقرة:99] في آية البقرة 99؟ الجواب: أولا ـ لنستعرض الآيات: قوله تعالى: (قُلۡ مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّـجِبۡرِيلَ فَإِنَّهُۥ نَزَّلَهُۥ عَلَىٰ قَلۡبِكَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَهُدٗى وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ) [البقرة:97] وقوله تعالى (وَلَقَدۡ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ءَايَٰتِۢ بَيِّنَٰتٖۖ وَمَا يَكۡفُرُ بِهَآ إِلَّا ٱلۡفَٰسِقُونَ) [البقرة:99]. ثانياً ـ السياق: 1ـ آية البقرة [97] تخص اليهود، حيث أعلنوا عداءهم لجبريل عليه السلام , فكأنّ الآية تقول لهم: جبريل لم يصنع شيئاً من عند نفسه وإنما نزّل القرآن على قلب محمد صلى الله عليه وآله وسلم بإذنٍ من الله تعالى ,و(على) تفيد الاستعلاء. والفعل (نزّل) بالتضعيف يفيد التكثير والتدريج. 2ـ آيتا البقرة [ 98،99] ذكر الله جبريل عليه السلام في الآية [98] لكنّ الله سبحانه في الآية [99] وهو يتكلم عن إنزال القرآن الكريم لم يشر إلى جبريل، وإنما أشار إلى المصدر الأول وهو الله سبحانه، فقال بصيغة التوكيد: (وَلَقَدۡ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ) [البقرة:99] والحرف (إلى) يفيد الإيصال , أي: أوصلنا القرآن إليك لتبلغه للناس. السؤال الثالث: ما معنى اسم (جبريل)؟ وكم لغة في اسم (جبريل)؟ الجواب: 1ـ قال بعض أهل العلم: اسم (جبريل) معناه: عبد الله , جبر (عبد) و(ايل) الله. 2ـ في اسم جبريل سبع لغات: فقد قرأ ابن كثير (جَبرِيل) بفتح الجيم وكسر الراء من غير همز , وقرأ حمزة والكسائي بفتح الجيم والراء مهموزاً , والباقون بكسر الجيم والراء غير مهموز بوزن (قنديل) , إضافة إلى: (جبرائل) و (وجبرائيل) و(جبرايل) و (جبرين) بالنون ومنع الصرف للتعريف والعجمة. والله أعلم. السؤال الرابع: ما أهم الدلالات في هذه الآية؟ الجواب: 1ـ نزلت هذه الآية رداً على زعم اليهود أنّ جبريل عدوٌ لهم , وأنّ ميكائيل وليٌ لهم. 2ـ قوله تعالى: (مَن كَانَ) اسم للشرط , فكيف استقام قوله تعالى: (فَإِنَّهُۥ نَزَّلَهُۥ) جواباً للشرط؟ والجواب: أنّ الله سبحانه بيّن أن هذه العداوة فاسدة , لأنّ (جبريل) أُمِرَ بإنزال كتاب فيه الهداية والبشارة فأنزله , فهو من حيث إنه مأمور فهو معذور , ومن حيث أنه أتى بالهداية والبشارة فيجب أن يكون مشكوراً , فكيف تليق به العداوة !!. و(الفاء) في: (فَإِنَّهُۥ نَزَّلَهُۥ) عاطفة على جواب الشرط المقدّربمثابة التعليل له.والهاء في (نَزَّلَهُۥ) يعود على القرآن , وفي إضماره تفخيم لشأن صاحبه. 3ـ قوله تعالى: (نَزَّلَهُۥ عَلَىٰ قَلۡبِكَ) خُصّ القلبُ بالذكر لأجل أنّ الذي نزل به ثبت في قلبه حفظاً حتى أداه إلى أمته , فلمّا كان سبب تمكنه من الأداء ثباته في قلبه حفظاً جاز أن يُقال: نزّله على قلبك , وإنْ كان في الحقيقة نزّله عليه لا على قلبه , وكما قال تعالى: (وَإِنَّهُۥ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ١٩٢ نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِينُ١٩٣ عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ١٩٤ بِلِسَانٍ عَرَبِيّٖ مُّبِينٖ١٩٥ﱠ)[الشعراء:192- 195]. 4ـ قوله تعالى: (بِإِذۡنِ ٱللَّهِ) أي بأمر الله , والإذنُ رفعُ المنع. 5 ـ قوله تعالى: (مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ) فمحمول على ما أجمع عليه أكثر المفسرين من أنّ المراد ما قبله من كتب الأنبياء. 6 ـ قوله تعالى: (وَهُدٗى وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ) فـالقرآن مشتمل على (الهدى) إلى كل خير ,ويشمل ما وقع به التكليف من أعمال الجوارح والقلوب , وهو(بشرى) ببيان الثواب للمؤمنين الذين انقادوا للحق فلا يفرقون بين كتب الله ولا بين رسله , وقُدّم الهدى على البشرى لأنّ الهدى هو الأصل , والبشرى نتيجة للمؤمن , ولا بُشرى بغير هداية. 7ـ هذه الآية مدحت القرآن الكريم بخمس صفات: آ ـ أنّه منزّل من عند الله سبحانه. ب ـ أنه منزّل على قلب النبي صلى الله عليه وسلم , وهو أكمل القلوب على الإطلاق. ج ـ أنه مصدقٌ لما سبقه من الكتب السماوية المنزلة من عند الله. د ـ أنه يهدي إلى الحق. هـ ـ أنه بشرى للمؤمنين الصادقين العاملين بما فيه. والله أعلم. السؤال الخامس: ما هي أنواع القلوب التي ذكرت في القرآن الكريم؟ الجواب: وردت كلمة (قلب) في القرآن الكريم بصيغة الإفراد في (19) موضعاً, وبصيغة التثنية في موضع واحد في آية الأحزاب (4) , وبصيغة الجمع في (112) موضعاً. وأمّا أنواع القلوب التي ذكرت في القرآن الكريم فهي كثيرة منها: 1ـ القلب السليم: وهو قلب مخلص لله , وخالٍ من من الكفر والنفاق والرزيلة. قال تعالى: إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٖ سَلِيمٖ٨٩ [ الشعراء:89]. 2ـ القلب المنيب: وهو قلب دائم الرجوع والتوبة إلى الله ومقبل على طاعته. قال تعالى: مَّنۡ خَشِيَ ٱلرَّحۡمَٰنَ بِٱلۡغَيۡبِ وَجَآءَ بِقَلۡبٖ مُّنِيبٍ٣٣ [ ق:33]. 3ـ القلب المخبت: وهو القلب الخاضع المطمئن الساكن. قال تعالى: وَلِيَعۡلَمَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤۡمِنُواْ بِهِۦ فَتُخۡبِتَ لَهُۥ قُلُوبُهُمۡۗ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهَادِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ [ الحج:54]. 4ـ القلب الوجل: وهو الذي يخاف الله عز وجلّ ألا يقبل منه العمل وألا ينجو من عذاب ربه قال تعالى: وَٱلَّذِينَ يُؤۡتُونَ مَآ ءَاتَواْ وَّقُلُوبُهُمۡ وَجِلَةٌ أَنَّهُمۡ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ رَٰجِعُونَ[ المؤمنون:60]. 5ـ القلب التقي: وهو الذي يعظّم شعائر الله. قال تعالى: ذَٰلِكَۖ وَمَن يُعَظِّمۡ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ [ الحج:32]. 6ـ القلب المهدي: وهو القلب الراضي بقضاء الله والتسليم بأمره. قال تعالى: مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ يَهۡدِ قَلۡبَهُۥۚ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ[ التغابن:11]. 7ـ القلب المطمئن: وهو القلب الذي يسكن بتوحيد الله وذكره. قال تعالى:ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطۡمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكۡرِ ٱللَّهِۗ أَلَا بِذِكۡرِ ٱللَّهِ تَطۡمَئِنُّ ٱلۡقُلُوبُ[ الرعد:28]. 8ـ القلب الحي: وهو قلبٌ يعقل ما قد سمع من الأحاديث التي ضرب الله بها من عصاه من الأمم.قال تعالى: إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ أَوۡ أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ شَهِيدٞ [ ق:37]. 9ـ القلب المريض: وهو الذي أصابه مرض مثل الشك أو النفاق , ولديه فجور ومرض في الشهوة الحرام. قال تعالى: يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسۡتُنَّ كَأَحَدٖ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِنِ ٱتَّقَيۡتُنَّۚ فَلَا تَخۡضَعۡنَ بِٱلۡقَوۡلِ فَيَطۡمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلۡبِهِۦ مَرَضٞ وَقُلۡنَ قَوۡلٗا مَّعۡرُوفٗا[ الأحزاب:32]. 10ـ القلب الأعمى: وهو الذي لا يبصر ولا يدرك الحق والاعتبار. قال تعالى: فَإِنَّهَا لَا تَعۡمَى ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَلَٰكِن تَعۡمَى ٱلۡقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ[ الحج:46]. 11ـ القلب اللاهي: وهو القلب الغافل عن القرآن الكريم ولا يعقل ما فيه , ومشغول بأباطيل الدنيا وشهواتها. قال تعالى: لَاهِيَةٗ قُلُوبُهُمۡۗ[ الأنبياء:3]. 12ـ القلب الآثم: وهو الذي يكتم شهادة الحق. قال تعالى: وَلَا تَكۡتُمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَۚ وَمَن يَكۡتُمۡهَا فَإِنَّهُۥٓ ءَاثِمٞ قَلۡبُهُۥۗ [ البقرة:283]. 13ـ القلب المتكبر: وهو القلب المستكبر عن توحيد الله وطاعته , وهو قلب جبار بكثرة ظلمه وعدوانه.قال تعالى: كَذَٰلِكَ يَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلۡبِ مُتَكَبِّرٖ جَبَّارٖ [ غافر:35]. [ للعلم فإنّ لفظَ (متكبرٍ) في الآية مضاف إليه وليس صفة للقلب ]. 14ـ القلب الغليظ: وهو القلب الذي نزعت منه الرأفة والرحمة. قال تعالى: وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّواْ مِنۡ حَوۡلِكَۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِۖ فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَوَكِّلِينَ[ آل عمران:159]. 15ـ القلب المختوم: وهو الذي يسمع الهدى ولم يعقله. قال تعالى: أَفَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلۡمٖ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمۡعِهِۦ وَقَلۡبِهِۦ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِۦ غِشَٰوَةٗ فَمَن يَهۡدِيهِ مِنۢ بَعۡدِ ٱللَّهِۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ[الجاثية:23]. 16ـ القلب القاسي: وهو قلب لا يلين للإيمان , ولا يؤثر فيه زجر , وهو مُعرضٌ عن ذكر الله. قال تعالى: فَبِمَا نَقۡضِهِم مِّيثَٰقَهُمۡ لَعَنَّٰهُمۡ وَجَعَلۡنَا قُلُوبَهُمۡ قَٰسِيَةٗۖ يُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ[ المائدة:13]. 17ـ القلب الغافل: وهو القلب الذي غفل عن ذكر الله سبحانه , وآثر هواه على طاعة مولاه. قال تعالى: وَلَا تُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُۥ عَن ذِكۡرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمۡرُهُۥ فُرُطٗا[ الكهف:28]. 18ـ القلب الأغلف: وهو قلب مغطى , لا ينفذ إليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم. قال تعالى:وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ [ البقرة:88]. 19ـ القلب الزائغ: وهو القلب المائل عن الحق. قال تعالى: فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمۡ زَيۡغٞ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنۡهُ ٱبۡتِغَآءَ ٱلۡفِتۡنَةِ وَٱبۡتِغَآءَ تَأۡوِيلِهِۦۖ وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ[ آل عمران:7]. 20ـ القلب المريب: وهو قلب شاك متحير.قال تعالى: إِنَّمَا يَسۡتَٔۡذِنُكَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱرۡتَابَتۡ قُلُوبُهُمۡ فَهُمۡ فِي رَيۡبِهِمۡ يَتَرَدَّدُونَ [ التوبة:45]. اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا وقلوب المسلمين على طاعتك ومحبتك , واجعل قلوبنا سليمة مطمئنة , وثبتنا على ذلك. اللهم آمين.
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 04-01-2025 الساعة 10:27 PM. |
#3
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (83) مثنى محمد هبيان قال تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)[البقرة: 102] السؤال الأول: في قوله تعالى: (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) [البقرة:102] لم نسب الله تعالى تعليم السحر لليهود؟ الجواب: نسب الله تعالى تعليم السحر لليهود؛ لأنهم اشتُهروا في هذا المجال وعُرِفوا به وعُرف بهم حتى غدا سمة من سماتهم , وقد اعتقد المسلمون في المدينة أنّ اليهود سحروا المسلمين فلا يولد لهم؛ ولذلك استبشروا لما وُلِد عبد الله بن الزبير، وهو أول ولد للمهاجرين في المدينة. السؤال الثاني: ما السِّحرُ؟ الجواب: السحر هو مجموعة أشياء تفعلها تفرق بها بين الناس أو تؤذيهم أو تُنسّيهم, كما في آية البقرة [102]، والإنسان مليء بالطاقات الهائلة في الخير والشر, وواجبنا أنْ نتجه إلى الخير ونوجه طاقاتنا إلى الخير ونبتعد عن الشر. وقال (الحرالي): السحر هو قلب الحواس في مدركاتهاعن الوجه المعتاد لها في صحتها عن سبب باطل لا يثبت مع ذكر الله. وجاء في التفسير الكبير: والسحر في عُرف الشرع مختصٌ بكل أمر يُخفى سببُه ويُتخيل على غيرحقيقته ,ويجري مجرى التمويه والخداع , ومتى أطلق ولم يقيد أفاد ذمّ فاعله. ومن وسائل استجلاب الطاقة: 1ـ الصمت: وفي الحديث «إذا رأيتم الرجل يُطيل الصمت فهو يُلقن الحكمة». 2ـ الخلوة والابتعاد عن كثرة الاختلاط مع الناس. 3ـ التأمل. 4ـ طاعة الله. 5ـ التدريب العقلي لإبراز طاقات الإنسان. السؤال الثالث: ما دلالة استخدام صيغة الفعل المضارع في قوله تعالى: (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ) [البقرة:102]؟ الجواب: هما علّما الناس وانتهى الأمر، الفعل المضارع قد يستخدم ليعبّر به عن الماضي فيما نسميه (حكاية الحال)، كما يُعبّر عن الماضي للمستقبل، كما في قوله تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) [البقرة:144] وقوله: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [البقرة:91] فالفعل (تقتلون)، وقال معها: (من قبل). وحكاية الحال هو أن يُعبّر عن الحال الماضية بالفعل المضارع للشيء المهم كأنْه يجعله حاضراً أمام السامع، واستحضار الصورة في القرآن كثير وفي غير القرآن. السؤال الرابع: ما إعراب (مَا) المتكررة في هذه الآية (مَا تَتْلُو) (وَمَا كَفَرَ) (وَمَا أُنْزِلَ) (وَمَا يُعَلِّمَانِ ٍ) (مَا يُفَرِّقُونَ) (وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ) (مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ)؟ الجواب: ـ (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ) [البقرة:102] هذه مفعول به (اسم موصول). ـ (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ) [البقرة:102] هذه نافية. ـ (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ) [البقرة:102] معطوفة على السحر(اسم موصول). ـ (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا) [البقرة:102] هذه نافية. ـ (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ) [البقرة:102] هذه مفعول به بمعنى الذي. ـ (وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ) [البقرة:102] هذه نافية. ـ (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ) [البقرة:102] هذه نافية بمعنى ليس، وما دام الجار والمجرور قد تقدم على اسمها فإنها لا تعمل، وقد تكون حجازية، لكن لا نعرفها لوجود (من) الزائدة نحوياً، لأنّ الخبر جار ومجرور. السؤال الخامس: ما أهم دروس هذه الآية الكريمة؟ الجواب: وقفات مختصرة سريعة عند الآية الكريمة: 1ـ الحق سبحانه يقول: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ) [البقرة:102] ولكنّ الشياطين تلت وانتهت، واستحضار اليهود حتى الآن لما كانت تتلوه الشياطين دليل على أنهم يؤمنون به وأنّ هذا الاتباع مستمر حتى الآن فجاء بصيغة المضارع.والفعل (تتلو) أي تقرأ وتتبع , وعبّر بالمضارع إشارة إلى كثرته واستمراره. 2ـ الجن فيهم المؤمن وفيهم الكافر, والشياطين هم مردة الجن المتمردون على منهج الله. 3 ـ قوله: (عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ) [البقرة:102] أي: على أيام مُلك سليمان , وهو ابن داود عليه السلام (1032 ـ975) قبل الميلاد , وتولى ملك بني إسرائيل سنة 1014 قبل الميلاد , وقيل أنّ اسم (سليمان) مشتق من السلامة. 4 ـ قوله: (مِنْ أَحَدٍ) لتأكيد الاستغراق. 5ـ كانت الشياطين قبل نزول القرآن يسترقون السمع لكنْ بعد البعثة النبوية امتنع ذلك كله. 6ـ أراد الله أولاً أنْ ينفي تهمة الكفر عن سليمان عليه السلام قبل أنْ يحكي حكاية الشياطين. 7ـ حين أعطى الله سليمان المُلك، كان الشياطين يملأون الأرض بالسحر وكتبه، فأخذ سليمان عليه السلام هذه الكتب، وقيل: إنه دفنها تحت عرشه, فلما مات عثرت الشياطين على هذه الكتب، وقال أولياؤهم من أحبار اليهود: إنّ هذه الكتب من السحر هي التي كان سليمان يسيطر بها على الجن والإنس وإنها كانت منهجه وأشاعوها بين الناس، فأراد الله أنْ يبرىء سليمان من هذه التهمة ومن أنه حكم بالسحر ونشر الكفر، فقال: (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) [البقرة:102]. 8ـ قوله تعالى: (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) [البقرة:102] وصف أهل الكتاب بالعلم على سبيل التوكيد (ولقد) ونفاه في آخر الآية عنهم؛ لأنهم لم يعملوا بعلمهم.وفي هذا فن رفيع من البلاغة وهو تنزيل العالِم منزلة الجاهل , فإنّ صدر الآية يدل على ثبوت العلم في أنه لا نفع لهم في شراء كتب السحر والشعوذة واختيارها على كتب الله , وآخرالآية ينفي عنهم العلم , فإنّ (لو) تدل على امتناع الثاني لامتناع الأول , نظراً لأنهم لم يعلموا بعلمهم. 9ـ السحر تخيُّلٌ , والشياطين لهم القدرة على التشكل بأي صورة من الصور، ونحن لا نستطيع أنْ ندرك الشيطان على صورته الحقيقية، ولكنه إذا تشكل نستطيع أنْ نراه في صورة مادية, وهو لا يبقى في تشكله إلا لمحة ثم يختفي في ثوان؛ لأنّ قانون التشكل يحكمه، وهذا من رحمة الله بنا، وإلا لكانوا أفزعونا وجعلوا حياتنا جحيماً. 10ـ السحر يؤدي إلى اختلال التوازن في الكون؛ لأنّ الساحر يستعين بقوة أعلى في عنصرها من الإنسان وهو الشيطان، وهو مخلوق من النار خفيف الحركة قادر على التشكل. 11ـ الإنسان عندما يطلب تعلم السحر وكيف يسخر الجن يدعي أنه يفعل الخير في الكون ولكنها ليست حقيقة؛ لأنّ هذا يعينه على الطغيان, والذي يخل بالأمن هو عدم التكافؤ بين الناس, والله سبحانه يريد تكافؤ الفرص ليحفظ أمن وسلامة الكون؛ ولذلك يقول لنا: لا تطغوا وتستعينوا بالشياطين في الطغيان فيفسد أمن الكون. 12ـ شاءت حكمة الله تعالى أنْ يضع في الكون ما يجعل كل مخلوق لا يغتر بذاتيته, فقد اغتر إبليس بذاتيته ورفض أنْ يسجد لآدم ؛ لذلك لمّا أراد الله أنْ يعلم البشر من القوانين ما يجعل هذا العنصر الأعلى - وهو الشيطان - يخضع للأدنى - وهو الإنسان- حتى يعرف كل خلق الله أنه إنْ ميزهم الله في عنصر من العناصر فإنّ هذا ليس بإرادتهم ولكنْ بمشيئة الله سبحانه. ولذلك أرسل الملكين ببابل هاروت وماروت ليعلما الناس السحر الذي يُخضع الأعلى عنصراً للأدنى.وقال الحرالي: هما مَلَكان جُعلا مَلِكين في الأرض. و(هاروت وماروت): علمان أعجميان بدليل منع الصرف , ولو كانا من الهرت والمرت ـ أي بمعنى الكسر ـ لانصرفا.و(خَلاق) بفتح الخاء أي النصيب.و(بابل) مدينة قديمة تقع أنقاضها على الفرات قرب الحلة شرق بغداد , والاسم ممنوع من الصرف للعلمية والعُجمة , وكانت (بابل) أكثر البلاد عملاً بالسحر, وكان سحرتُها قد سخّروا العامة وجرّوهم إلى عبادة الكواكب والأصنام فحدث فساد كبير , فأراد الله أن يكشف حقيقة السحر على يد الملكين (هاروت وماروت) فكانا يعلمان الناس أبواب السحرليفرقوا بين السحر والمعجزة , فيعرفوا أنّ الذي يدعي النبوة من السحرة كاذباً , وأنهم سحرة وليسوا أنبياء , فكانا يعلمان الناس بعض أبواب السحر ويقولان: إنما نحن فتنة وابتلاء من الله فلا تكفر بتعلمك السحر واستخدامه ولا تتعلم ما يضر ولا ينفع , مما يؤذي الناس ويفرق بينهم. 13 ـ هذان الملكان كلِّفا بأنْ يعلِّما الناس السحر وأنْ يحذّرا بأنّ السحر فتنة تؤدي إلى الكفر، وأنّ السحر لا ينفع إلا في الشر وفي التفريق بين الرجل وزوجه، وأنّ ضرر السحر لا يقع إلا بإذن الله وقد فعلا ذلك , والفتنة هي الامتحان. وقوله تعالى: (فَلَا تَكْفُرْ) الفاء هي الفصيحة , و(لا) ناهية , والفعل (تكفر) مضارع مجزوم بلا , أي: إذا شئت اتباع الطريق السوي فلا تكفر بتعلمه. 14 ـ ما قيل: إنّ امرأة جميلة فتنت الملكين قصة غير صحيحة مطلقاً، تتنافى مع طبيعة الملائكة بأنهم لا يعصون الله ما أمرهم. 15 ـ الله يخبرنا أنْ تعلم السحر يضر ولا ينفع, وتجد من يعمل بذلك يعتمد في رزقه على غيره من البشر، ويظل يبحث عن إنسان يغريه ليأخذ منه ماله, وتجد أنّ حياته وكل أموره غير مستقرة، وكل من يعمل بالسحر يموت فقيراً , ثم يلعنه الله ولا يكون له في الآخرة إلا النار. 16ـ الله سبحانه وتعالى إذا كانت حكمته قد اقتضت أنْ يكون السحر من فتن الدنيا وابتلاءاتها فإنه سبحانه قد حكم على كل من يعمل بالسحر بأنه كافر، ولذلك لا يجب على الإنسان أنْ يتعلم أو يقرأ عن السحر؛ لأنه وقت تعلمه قد يقول: سأفعل الخير، ثم ما يلبث أن يستخدمه في الشر, كما أن الشياطين التي يستعين بها الساحر غالباً ما تنقلب عليه لتذيقه وبال أمره، واقرأ قوله تعالى: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) [الجن:6]. 17 ـ للعلم: كان سحرة اليهود يزعمون أنّ الله تعالى أنزل السحر على لسان جبريل وميكائيل إلى سليمان بن داود , فأكذبهم الله بهذا , وأخبر نبيه محمداً أنّ السحرهو من عمل الشياطين , وجاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه السلام قال: (من أتى كاهناً أو عرّافاً فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد) حديث حسن ورجاله ثقاة. اللهم إنك قد أقدرت بعض خلقك على السحر والشر , ولكنك احتفظت لنفسك بإذن الضر فأعوذ بما احتفظت به بما أقدرت عليه بحق قولك: (وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) [البقرة:102]. ومن أنواع السحر المعروف قديماً: 1ـ سحر الكلدانيين، وهم قوم يعبدون الكواكب ويعتقدون أنّ أفعال الخير والشر تصدر منها. 2ـ سحر أصحاب الأوهام مع النفس القوية. 3ـ الاستعانة بالأرواح الأرضية، مثل الجن. 4ـ التخيلات والأخذ بالعيون. 5ـ الأعمال العجيبة نتيجة الحيل. 6ـ الاستعانة بخواص استعمال المواد مثل الكبريت والفوسفور وخواص الكهرباء. 7ـ أعمال الخفة والتمويه. وللعلم فإنّ كلمات منظومة السحر في القرآن هي: [ السحر ـ العين ـ الحسد ـ النفث ]. والله أعلم.
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (85) مثنى محمد هبيان قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [البقرة: 104] السؤال الأول:ما مناسبة نزول هذه الآية عقب آيات السحر؟ الجواب: نُهيَ المؤمنون عن التلفظ بكلمة (رَاعِنَا) وهذه كلمة تشبه كلمة في العبرانية تعني المسبّة، فقال المنافقون واليهود: كنا نسبّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم سرّاً فأعلنوا بها الآن، فأنزل الله تعالى النهي عن هذه الكلمة وكشف عمل اليهود والمنافقين. لكنْ ما مناسبة نزول هذه الآية عقب آيات السحر؟ لو رجعنا إلى أصل السحر لرأيناه يرجع إلى التمويه وأنّ من ضروب السحر ما هو تمويه الألفاظ، فأذى الشخص بقول أو فعل لا يُعلم مغزاهما كخطابه بلفظ يفيد معنى ومقصود المتكلم به أذى، كما فعل المنافقون بقولهم: (رَاعِنَا) فهم يظهرون معنى ويبطنون غيره. السؤال الثاني: ما دلالة هذه الآية؟ الجواب: 1ـ اعلم أنّ الله قد خاطب المؤمنين بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) في تسعة وثمانين موضعاً من القرآن، وكان يخاطب في التوراة بقوله: (يا أيها المساكين)، فكأنه سبحانه لمّا خاطبهم أولاً بالمساكين أثبت المسكنة لهم آخراً، والمسكنة هي تشديد المحن حيث قال: (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) [البقرة:61] وهذا يدل على أنه تعالى لمّا خاطب هذه الأمة بالإيمان أولاً؛ فإنه يعطيهم الأمان من العذاب في النار يوم القيامة. واسم المؤمن من أشرف الأسماء والصفات، فخاطبنا الله به فنرجو من فضله وكرمه أنْ يعاملنا في الآخرة بأحسن المعاملات , اللهم آمين. وقوله تعالى في هذه الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) هو أول نداء للمؤمنين في سورة البقرة , وفيه يُعلّم اللهُ سبحانه الأمة الإسلامية الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأن لا يتشبهوا باليهود في سوء استخدامهم للألفاظ حال حديثهم مع رسوله عليه السلام في حياته , ومع شرعه ودعوته بعد مماته. وفي هذا النداء يكشف لنا القرآن شيئاً من أساليب اليهود , ومن سوء أدبهم مع الرسول عليه السلام فيحذرنا أن نكون مثلهم , أو نصنع مثل صنيعهم , كما جاء في الحديث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (من تشبه بقوم فهو منهم). 2ـ في الآية الكريمة نداء للمؤمنين بأنْ يمتنعوا عن قول (رَاعِنَا) ويقولوا بدلاً عنها (انْظُرْنَا) أي أمهلنا وأنسئنا. كلمة (رَاعِنَا) في اللغة العربية مشتقة من الرعاية والراعي، وتصبح الكلمة بمعنى: احفظنا وخذ بيدنا وراقبنا وتأنّ بنا حتى نفهم , ومعناها في العبرية: اسمع لا سمعت. لكن هذه الكلمة عند اليهود في لغتهم العبرانية مأخوذة من الرعونة, ولذلك كانوا إذا سمعوا من صحابة رسول الله كلمة (رَاعِنَا) اتخذوها وسيلة للسباب بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , والمسلمون لا يدرون شيئاً، لذلك أمرهم الله أنْ يتركوا هذه الكلمة حتى لا يجد اليهود وسيلة لستر سبابهم وأمرهم بأن يقولوا: (انْظُرْنَا). 3ـ ثم قال الحق بعدها: (وَاسْمَعُوا) وهنا يشير الله إلى الفرق بين اليهود والمؤمنين، فاليهود قالوا: (سمعنا وعصينا) ولكنّ الله يقول للمؤمنين (وَاسْمَعُوا) سماع طاعة وسماع تنفيذ. سعد بن معاذ رضي الله عنه سمع واحداً من اليهود يقول لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (رَاعِنَا) وسعد كان سابقاً من أحبار اليهود ويعرف لغتهم , فلمّا سمع ما قاله فهم مراده فذهب إلى اليهودي وقال له: لو سمعتها منك مرة أخرى لضربت عنقك. فقال اليهودي: أَوَلستم تقولونها لنبيكم؟ أهي علينا حرام وحلال لكم؟ فنزلت هذه الآية. كلمة (رَاعِنَا) وكلمة (انْظُرْنَا) لهما نفس المعنى , ولكن كلمة (انْظُرْنَا) ليس لها نظير في لغة اليهود التي تعني الإساءة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. 4ـ ثم قال: (وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [البقرة:104] أي: من يقول: (رَاعِنَا) إساءة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهم عذاب أليم، وقدّم الجار والمجرور للحصر. 5ـ كلمة (راعنا) هي فعل أمر, والفاعل ضمير مستترتقديره (أنت) , و(نا) مفعول به , وهذا في الأصل , والمُراد به في الآية الحكاية, فتعرب كلمة أُريد بها لفظها دون معناها في محل نصب مفعول به. وكذلك الأمر في كلمة (انظرنا). 6ـ المفعول به لفعل الأمر: (واسمعوا) لم يذكرمعه المسموع بل أطلقه ليعم ما أمرباستماعه من الخير , بتقدير: اسمعوا كل ما يقوله لكم الرسول عليه السلام من القرآن والأحكام والمسائل. والله أعلم.
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن(88) مثنى محمد هبيان قال تعالى :(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) [البقرة: 107] السؤال الأول:ما فائدة تقديم الجار والمجرور (لَهُ مُلْكُ) [البقرة:107] ؟ الجواب: هذا يفيد الحصر والقصر، أي: لا أحد يملك السماوات والأرض إلا الله سبحانه وحده . السؤال الثاني: ما الفرق بين الملك والملكوت ؟ الجواب: كلمة المُلك والملكوت كلمتان مشتقتان من (ملك)، وزيادة المبنى تؤدي إلى زيادة المعنى، فبصورةٍ أولية كلمة (الملكوت) هي أوسع من كلمة (المُلك)، وبهذا المعنى استعملت في القرآن الكريم . فعندما نأتي إلى قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) [الأعراف:185] وعطف الخلق العام (وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) [الأعراف:185] كله داخل في ملكوته , فالعطف هنا هو من عطف الخاص على العام، فكل ما خلق هو داخل ضمن عموم كلمة (الملكوت). والملك والملكوت كله لله سبحانه وتعالى، قال الله تعالى (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) [البقرة:107] . والفارق بين الملك والملكوت أنّ الله سبحانه يمكن أنْ يعطي من ملكه جلت قدرته لعبيده يتصرفون فيه من سلطان أو مال، فكل ما في الكون هو ملك لله سبحانه وتعالى، فيعطي لهؤلاء العبيد, وهو لا يخرج من ملكية الله سبحانه وتعالى بل هو باقٍ، ويستعمله عبيده على سبيل العارية المردودة والمسترجعة، فله ملك السموات والأرض. وعندما ننظر لاستعمال الملك والملكوت في القرآن الكريم، نجد أنّ الملك يمكن أنْ يوجه إلى عبيد الله سبحانه وتعالى، أي: إلى البشر، لكن لم يرد في القرآن الكريم أنه أعطي من الملكوت للبشر (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ) [آل عمران:26] فالملك ملك الله سبحانه وتعالى ممكن أنْ يُعار بعضه ؛ أي: يُملك على سبيل الإعارة نحو قوله تعالى : (وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) [النور:33] أي: هو مال الله . أمّا الملكوت فهو العز والسلطان، وملكوت الله سلطانه، والملكوت ملك الله خاصة , أي: لا يعطي منه لأحد، والملك داخل في الملكوت، والملكوت عام، فالله عز وجل لم يقل : (تؤتي الملكوت من تشاء) بل (تُؤْتِي الْمُلْكَ) وملك الله عز وجل ما في السموات وما في الأرض، فملكوت الله عز وجل واسع، والملكوت هو هذا الملك الواسع مما لا يمكن أنْ يتخيله الإنسان. وفي قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) [الأنعام:75] الموطن موطن تعجب وموطن عظمة، فقال: نريه ملكوت السماوات والأرض . وقد وردت كلمة (مَلَكُوتَ) في القرآن الكريم أربع مرات، وليس فيها إشارة إلى إعطائها لأحد، والآيات هي : الأنعام [75] الأعراف [185] المؤمنون[ 88 ] يس [ 83 ] و(ملكوت) كلمة عربية على وزن فعلوت مثل رهبوت، وفي اللغة :الرهبة والرهبوت وتعني الرهبة العظيمة . السؤال الثالث: ما دلالة هذه الآية ؟ الجواب: 1ـ لمّا حكَمَ الله بجواز النسخ في الآية السابقة ,عقبه ببيان أنّ ملك السماوات والأرض له لا لغيره , فإذا كان مالكاً لكم , متصرفاً فيكم , فإنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد , فيأمر عباده وينهاهم كيف يشاء , وعليهم الطاعة والقبول فهو المالك البر الرحيم في أقداره وأوامره ونواهيه وليس لأحد أن يعترض عليه فيما يشرعه لعباده من الأحكام . 2ـ الكلُ مملوكٌ ومربوبٌ لله سبحانه وتعالى , وهو جلّ شأنه يُغير ويبدل وفق حكمته وما تقتضيه الأحوال والمصلحة لهم , فيأمر عباده وينهاهم كما يشاء , وعليهم الطاعة والقبول , ولا حَجْرَ عليه ـ سبحانه ـ في أقداره وأوامره ونواهيه . 3ـ الله سبحانه وليُّ عباده ونصيرهم , فيتولاهم في تحصيل منافعهم , وينصرهم في دفع مضارهم . 4 ـ من عصى الله , فليس لأحد من دونه الله من وليّ يتولاهم , ولانصير يمنعهم من عذاب الله . 5ـ من تأمّل ما وقع في القرآن والسنة من النسخ , عرف بذلك حكمة الله ورحمته بعباده , وإيصالهم إلى مصالحهم , من حيث لا يشعرون بلطفه . والله أعلم .
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (91) مثنى محمد هبيان قال تعالى :(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [البقرة: 110] السؤال الأول:أداة الشرط (ما) في الآية ماذا تفيد من معنى ؟ الجواب: (ما) : أداة شرط وهي أعم من (مَن)، وهي لغير العاقل: (وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ) [آل عمران: ١١٥] ، ولصفات العقلاء نحو: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ) [النساء:24] وهي تفيد الزمان نحو: (فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ ) [التوبة:7] أي: مدة استقامتهم لكم , كما تكون غير زمانية كما في هذه الآية (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ ) [البقرة:110]. السؤال الثاني: يقول تعالى في هذه الآية: (بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [البقرة:110] وفي آية أخرى يقول: (وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ) [البقرة:96] فهل للتقديم والتأخير لمسة بيانية؟ الجواب: التقديم والتأخير يأتي لسبب، والسياق قد يكون الحاكم والموضح للأمور، فإذا كان السياق في الكلام أو الآية عن العمل يقدّم العمل على البصر, وإذا كان الكلام ليس في السياق عن العمل أو الكلام عن الله تعالى وصفاته يقدّم صفته. شواهد قرآنية : 1ـ فمن باب تقديم العمل على البصر، قوله تعالى: ـ (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [البقرة:110] السياق عن العمل والله بهذا العمل بصير. ـ (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [البقرة:265] هذا إنفاق وهو عمل فقدّم العمل . ـ (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [البقرة:233] الرضاعة عمل فقدّم العمل . -(وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [البقرة:237] العفو عمل فقدّم العمل. ـ (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [هود:111] توفية العمل فقدّم العمل. ـ (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [هود:112] الكلام عن العمل فقدّم العمل . ـ (أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [سبأ:11] قدّم العمل. ـ (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [فُصِّلَت:40] قدّم العمل. 2ـ ومن باب تقديم البصر على العمل، قوله تعالى: ـ (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ) [البقرة:96] ليس فيها عمل فقدّم صفة من صفاته تعالى . ـ (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ) [المائدة:71] لا يوجد عمل فقدّم صفة من صفاته تعالى . ـ (إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحُجُرات:18] يتكلم عن الله تعالى فيقدم صفة من صفات الله تعالى. السؤال الثالث: ما دلالة هذه الآية ؟ الجواب: هذه الآية دعوة للمسلمين لاصلاح شؤونهم مع الله ومع الناس , بأن يشتغلوا بإقامة الصلاة وأداء الزكاة , وأعمال البروالخير, ريثما يأذن الله بقتال الكفار ,والله لن يضيع ثواب أعمالكم , فهو سبحانه بصير بجميع أعمالكم . والله أعلم .
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (84) مثنى محمد هبيان ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [البقرة: 100] السؤال الأول:في قوله تعالى: (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ ) [البقرة:100] لِمَ عبّر الله تعالى عن نقض اليهود للعهد والميثاق بالنبذ؟ الجواب: النبذ: هو الطرح والإلقاء مع الاحتقار، فما علاقة الطرح بنقض الميثاق؟ لقد جعل الله تعالى العهد والميثاق الذي أقرّ به اليهود بكتاب أحكموا قبضته بيدهم حتى لا يقع، ولكنهم سرعان ما تخلوا عن عهدهم وألقوا هذا الكتاب وطرحوه أرضاً إشارة إلى نقضهم للميثاق. السؤال الثاني: ما أهم دلالات هذه الآية ؟ الجواب: 1ـ لفظة(أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا) واو العطف دخلت عليه همزة الاستفهام الإنكاري , و( واو ) العطف على محذوف بتقدير : أكفروا بالآيات والبينات وكلّما عاهدوا ؟ و( كلّما ) ظرف زمان يتضمن معنى الشرط ويفيد التكرار . والمقصود من هذا الاستفهام الإنكار وإعظام ما يقدمون عليه . 2ـ قوله تعالى : (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا) أي :عهد بعد عهدٍ نقضوه ونبذوه , وأنّ ذلك ليس ببدع منهم , بل هي سجيتهم وعادتهم وعادة سلفهم . وها نحن نعيش اليوم معاهدات بين اليهود والفلسطينين منذ سنوات طويلة إلى كتابة هذه السطور , وكلّما عاهد فريقٌ منهم عهداً نبذه فريقٌ آخر . 3ـ قوله تعالى : (نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ) لأنّ في جملة من عاهد من آمن أو يجوز أن يؤمن , فلمّا لم يكن ذلك صفة جميعهم خصّ الفريق بالذكر . 4ـ ثم لمّا كان يجوز أن يُظن أن ذلك الفريق هم الأقلون بيّن أنهم الأكثرون فقال : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) أي أكثر أولئك الفساق لا يصدقون بك أبداً لحسدهم وبغيهم , وهم أيضاً لا يصدّقون بكتابهم ولا يعملون بموجبه ومقتضاه , فوصفهم بعدم الإيمان حالاً ومآلاً . (وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [البقرة:101] السؤال الأول:ما الفرق بين (أُوتُوا الْكِتَابَ) و (آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ) في الاستعمال القرآني؟ الجواب: وردت جملة (أُوتُوا الْكِتَابَ) في القرآن الكريم في ( 18) موضعاً في ( 16) آية , بينما وردت جملة (آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ) في (8) مواضع في (8) آيات . والقرآن الكريم يستعمل جملة (أُوتُوا الْكِتَابَ) في مقام الذم , كما في الآيات :[ البقرة 101ـ 145 ـ آل عمران 100ـ النساء 44ـ البينة 4 ] ويستعمل جملة (آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ) في مقام المدح , كما في الآيات: [ البقرة 121 ـ 146 ـ الأنعام 20 ـ 89 ـ 114 ـ الرعد 36 ـ القصص 52 ـ العنكبوت 47 ] . فالقرآن الكريم يستعمل(أُوتُوا الْكِتَابَ) في مقام الذم، ويستعمل (آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ) في مقام المدح، وهذا خط عام في القرآن على كثرة ما ورد من (أوتوا الكتاب) و(آتيناهم الكتاب) فحيث قال: (أوتوا الكتاب) فهي في مقام الذم، وحيث قال: (آتيناهم الكتاب) في مقام الثناء والمدح. والقرآن الكريم له خصوصية خاصة في استخدام المفردات وإن لم تجرِ في سنن العربية. شواهد قرآنية : (أوتوا الكتاب) : قوله تعالى: (وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [البقرة:101] هذا ذم . قوله تعالى: (وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ) [البيِّنة:4] هذا ذم . قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ) [النساء:44] هذا ذم. شواهد قرآنية : (آتيناهم الكتاب) : قوله تعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ) [البقرة:121] مدح . قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ) [الرعد:36] مدح. والتعبير (أوتوا) في العربية لا يأتي في مقام الذم، وإنما هذا خاص بالقرآن الكريم. وعموماً فإن الله رب العالمين يسند التفضل والخير لنفسه؛ ولذلك لما كان قوله تعالى: (آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ) فيه ثناء وخير نسب الإيتاء إلى نفسه , بينما (أوتوا) فيها ذم، فنسبه للمجهول، نحو قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ) [الجمعة:5] هذا ذم (وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) [الشورى:14] . هذا ذم . بينما قوله تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ) [فاطر:32] فهذا مدح. والله أعلم . السؤال الثاني: ما أهم دلالات هذه الآية ؟ الجواب: 1ـ قوله تعالى: ( نَبَذَ فَرِيقٌ) أي رمى رميَ استخفاف بمثل ما يُرمى به وراء الظهر استغناء عنه. 2ـ قوله تعالى: (كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ) قيل إنه التوارة , وقيل إنه القرآن : آ ـ قوله تعالى : (نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) لو كان المُراد القرآن لم يكن لتخصيص الفريق معنى , لأنّ جميعهم لا يصدّقون بالقرآن . ب ـ التوراة فيها دلائل على نبوة محمد عليه الصلاة والسلام لما فيه من النعت والصفة , وفيه وجوب الإيمان به , ثم عدلوا عنه فكانوا نابذين للتوراة . 3ـ قوله تعالى: (كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) فيه دلالة على أنهم نبذوه عن علم ومعرفة وليس عن جهل . قال السُّدّي في معنى الآية : ولمّا جاءهم محمدٌ عليه الصلاة والسلام عارضوه بالتوراة , فاتفقت التوراة والقرآن , فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف , وسِحر هاروت وماروت , كأنهم لا يعلمون ما في التوراة من الأمر باتباع محمد صلى الله عليه وسلم وتصديقه . والله أعلم .
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (86) مثنى محمد هبيان قال تعالى:(مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [البقرة: 105] السؤال الأول:ما دلالة وصف الفضل بالعظيم؟ الجواب: وُصِف الفوز في القرآن الكريم وكذلك الفضل بأنه عظيم وكبير ومبين. الفضلُ وُصِفَ بالعظيم في ثماني آيات في القرآن كله, ووصف بالكبير في ثلاث آيات, ووصف بالمبين في آية واحدة. والخلاصة التي نقدمها في هذا الموضوع ابتداء قبل استعراض الآيات: 1ـ أنّ الوصف إذا كان بلفظ العظيم يكون متصل الإسناد مباشرة باسم الجلالة (الله)، ويكون الوصف متعدداً. 2ـ وعندما تكون الإشارة إلى فضل من الله تعالى بغير إسناد مباشر للفظ الجلالة (الله) يوصف الفضل بالكبير. 3ـ وعندما يكون الأمر دنيوياً ويكون شيئاً مباشراً ظاهراً ملموساً يستعمل كلمة (مبين) في وصف الفضل. 4ـ جاءت كلمة (الفضل) في القرآن معرّفة، أي: (الفضل)، وجاءت نكرة أيضاً ؛ أي: فضل، فإذا كان ما قبلها معرّفاً جاءت معرّفة، وإذا كان ما قبلها نكرة جاءت نكرة. شواهد قرآنية (الفضل العظيم) 8 آيات: قوله تعالى: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [البقرة:105] فلمّا كان الفضل متصلاً بخبر اسم الجلالة كان استعمال كلمة (العظيم) للفضل. وكذلك الآيات: آل عمران [74 ,174] النساء [113] الأنفال [29] الحديد [21 ,29] الجمعة [4]. أمّا من حيث المعنى، فلو نظرنا إلى الآيات في قوله تعالى: (وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ) [البقرة:105] سنجده سبحانه يختص الرحمة التي هي شيء واسع بمن يشاء، والدليل على سعة الرحمة قوله تعالى (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) [الأعراف:156] وعندما يكون الشيء واسعاً يتناسب معه استعمال كلمة (العظيم)، وعندما يكون الشيء منحصراً تستعمل كلمة (الكبير). شواهد قرآنية (الفضل الكبير) 3 آيات: ـ (وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) [فاطر:32]. ـ (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) [الشورى:22]. ـ (إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا) [الإسراء:87]. شواهد قرآنية (الفضل المبين) 1 آية: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) [النمل:16]. السؤال الثاني: لِمَ عطف الله تعالى قوله (وَلَا الْمُشْرِكِينَ) [البقرة:105] على (الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ) [البقرة:105] مع أنّ المشركين كافرون؟ الجواب: لقد عطف الله تعالى قوله: (وَلَا الْمُشْرِكِينَ) [البقرة:105] على (الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ) [البقرة:105] لئلا يقع في الظن أنّ الحسد يقع من أهل الكتاب وحدهم دون غيرهم، فالكفر سبب البُغض والحسد لأيٍّ ما كان وفي أيِّ زمن كان. السؤال الثالث: الحرف (مِنْ) تكرر في الآية ثلاث مرات، فما دلالة كل مرة؟ الجواب: (مِنْ) الأولى للبيان؛ لأنّ الذين كفروا جنس تحته نوعان: أهل الكتاب والمشركون, والثانية: لاستغراق الخير, والثالثة: لابتداء الغاية. السؤال الرابع: ما الدروس المستفادة من هذه الآية بشكل مختصر؟ الجواب: 1ـ لمّا بيّن سبحانه في الآيات السابقة حال اليهود والكفار في العداوة والمعاندة حذّر المؤمنين منهم بهذه الآية، فنفى عن قلوبهم الود والمحبة لكل ما يظهر به فضل المؤمنين. والخيرهو الوحي والرسالة والاصطفاء، وكذلك الرحمة كقوله تعالى: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ) [الزُّخرُف:32] والمعنى أنهم يرون أنفسهم أحق بأنْ يوحى إليهم فيحسدوكم ولا يحبوا أنْ ينزل عليكم شيء من الوحي.والكفار يحسدون النبي عليه السلام أنّ الله قد اختصه بالرسالة الخاتمة , وانتقالها إلى العرب من بني إسرائيل , ويتمنون زوال النعمة عنه , كما قال تعالى: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) [النساء:54]. 2ـ ثم بيّن سبحانه أنّ ذلك الحسد لا يؤثر في زوال ذلك، فإنه سبحانه يختص برحمته وإحسانه من يشاء. 3ـ قوله تعالى: (مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ) (الواو) عاطفة على أهل الكتاب , و دخلت (لا) للتأكيد. 4ـ الفعل (اخنص) فعل متعدّ , يقال: خصّه بكذا, واختصّه وخصّصه وأخصّه فاختصّ به. 5ـ قوله تعالى: (وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ) الاختصاص عناية تعين المختصَّ لمرتبة ينفرد بها دون غيره , والرحمة عطاءٌ من الله للمرحوم في ظاهره وباطنه , أدناه كشف الضر وكف الأذى , وأعلاه الاختصاص. ورحمة الله وسعت كل شيء. والله أعلم.
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (87) مثنى محمد هبيان قال تعالى:(مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[البقرة: 106] السؤال الأول:في الآية هناك قراءتان لكلمة (نُنْسِهَا) ما الفرق بينهما؟ الجواب: قرأ نافع وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وأبو جعفر وخَلَف (نُنْسِهَا) وقرأها ابن كثير وأبو عمرو (ننسأها)، فأمّا قراءة (نُنْسِهَا) فهي من النسيان، أي: نُنسي الناس إياها وذلك بأمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بترك قراءتها حتى ينساها المسلمون، وقراءة (ننسأها) بمعنى نؤخِّرها، أي نُؤخِّرُ تلاوتها، أو نؤخر العمل بها، مما يؤدي إلى إبطال العمل بقراءتها أو بحكمها. السؤال الثاني: ولكن لِمَ قال تعالى: (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا) [البقرة:106] ولم يبين بأي شيء هي أفضل وخير من الآية المنسوخة؟ الجواب: (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا) أُجمِلت جهة الخيرية ولم يُذكر وجه الخير؛ لتذهب نفسك كل مذهب ممكن، فقد ترى أنّ الخيرية في الاشتمال على ما يناسب مصلحة الناس، ويرى غيرك ما فيه رفق بالمكلفين ورحمة بهم في مواضع الشدة وهكذا. السؤال الثالث: ما الفرق بين الإنساء والنسيان؟ وما علاقة النسيان بالشيطان؟ الجواب: 1ـ النسيان: خلقه الله في الإنسان؛ لذلك ينسى الشخص من تلقاء نفسه، ويكون عما كان. أمّا السهو فيكون عما لم يكن. 2ـ الإنساء: من أنسى , مثل: أكرم إكراماً. 3ـ لا النسيان ولا الإنساء يختص بالشيطان, لكنْ قد تستطيع أن تُنسي شخصاً أمراً ما بإلهائك إياه ببعض الأمور الأخرى. 4ـ الله تعالى ينسب الإنساء لنفسه كما في قوله تعالى: (نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ) [الحشر:19]. شواهد قرآنية: ـ آية طه [52] (لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى) [طه:52] لا ينسى من تلقاء نفسه. ـ آية الكهف [63] (وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ) [الكهف:63] فتى موسى يتكلم عن نفسه أنّ الشيطان بسبب وساوسه ألهاه فنسي. ـ آية يوسف [42] (فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ) [يوسف:42] هذا سرد لما حدث؛ يتكلم عن الشخص الذي ظن أنه ناج, أي: أنّ الشيطان بسبب وساوسه وإلهائه له جعله ينسى موضوع يوسف عليه السلام. ـ آية البقرة [286]: (إِنْ نَسِينَا) [البقرة:286] عامة من تلقاء أنفسهم. ـ آية المؤمنون: (حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي) [المؤمنون:110] أي: أنّ انشغالكم بسخرية المؤمنين أنساكم ذكر الله والإيمان به. ـ آية البقرة [106] (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) [البقرة:106] متعلقة بالله تعالى. السؤال الرابع: ما اهم دلالات هذه الآية؟ الجواب: 1ـ هذه الآية تشير إلى الحملة الماكرة التي يشنها اليهود ضد الإسلام بالتشكيك والطعن فيه , وهذا الأمر قديم متجدد , وهو نفسه ما تقوم به الصهيونية العالمية والصليبية العالمية في كل عصر ومِصر , فقد اعتذراليهودعن إيمانهم بالنبي محمد عليه السلام بقولهم: (قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ) [البقرة:91] ويكفرون بغيره , وهم يزعمون أنّ شريعتهم لا تُنسخ , وأنّ محمداَ صلى الله عليه وسلم وصفها بأنها حق , وأنه جاء مصدقاً لها , فكيف يكون شرعه مبطلاً للتوراة !!؟ 2ـ أثار تحويل القبلة إلى الكعبة بعد أن كانت إلى بيت المقدس حسد اليهود للنبي عليه السلام وللإسلام وأهله , فانتهزوا هذه الفرصة للطعن في الإسلام فقالوا: إنّ محمداً يأمر أصحابه بأمر وينهاهم عنه غداً , ويقول لهم اليوم قولاً ويخالفه غداً , فنزلت هذه الآية لتبين أنّ الله ما يرفع من حكمٍ أو يبدله إلا أتى بما هو خير منه وأنفع بما يتفق مع مصلحة العباد , بعد أن يكون الحكم الأول قد أدى وظيفته في الوقت المناسب , ويأت الله بخير من الآية المنسوخة حسبما تقتضيه الحكمة الإلهية , فهو سبحانه قادر لا يعجزه شيء. 3ـ اليهود يزعمون أنّ التوارة لا تُنسخ , وأنّ ذلك مانعٌ لهم من الدخول في الإسلام , والواقع أنّ التوارة قد نُسخت جزئياً بشريعة عيسى عليه السلام , فرفعت بعض أحكامها وأثبتت أحكاماً أخرى , فهو نسخٌ لها في الجملة. أمّا شريعة محمد عليه السلام فقد أبطلت شريعة عيسى إبطالاً تاماً , وأبطلت أيضاً ما قبلها من سائر الشرائع , فهو رفعٌ كلي لجميع ما سبق من الشرائع , بحيث لا يجوز لأحد أي يعتنق أي شريعة سماوية أو أرضية غير الإسلام. 4ـ النسء تأخير عن وقت إلى وقت , ففيه مدارٌ بين السابق واللاحق بخلاف النسخ , لأنّ النسخ معقب للسابق والنسء مداول للمؤخر , وهو نمطٌ عليٌ خفيُ المنحنى ,ومن أمثاله ما وقع في النسء من نهي النبي عليه السلام عن لحوم الأضاحي , كما جاء في حديث البخاري عن طريق عبد الرحمن بن عابس عن أبيه قال: قلت لعائشة: أنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تؤكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث؟ قالت: ما فعله إلا في عام جاع فيه الناس , فأراد أن يُطعم الغنيُ الفقيرَ.(تفسير نظم الدرر). وأما النسيان والتنسية فمعناه أخفى من النسيء , وهو ما يظهره الله من البيانات على سبيل إدخال النسيان على من ليس شأنه أن ينسء , كالسنن التي أبداها النبي عليه السلام عن تنسيته كما ورد من قوله: (إني لأُنَسّى لأسُنّ) , وقال عليه الصلاة والسلام: (بئسما لأحدكم أن يقول: نَسيتُ , بل هو نُسّي) , ومنه قيامه عليه السلام من اثنتين وسلامه من اثنتين حتى أظهر سنّة ذلك لأمته. 5ـ ورد أنّ النسخ على ثلاثة أنواع: آ ـ نسخُ الآية والحكم معاً: (أي الآية لم تعد تقرأ وحكمها قد رُفع فليس معمولاً به , كما جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان فيما أُنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يُحرمْن فنُسخن بخمس رضعات معلومات). هذا عند جمهور العلماء , وعند الشافعية لا يرون جواز نسخ القرآن بالسنة. ب ـ نسخ التلاوة دون الحكم: [ أي الآية نُسخت وبقي الحكم , كحكم الرجم في سورة النور: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله) ] وقيل أنها نُسخت لشناعة وقوع الزنا من الشيخ والشيخة وبقي الحكم معمولاً به , كما ثبت في السنة في رجم الزاني المحصن والزانية المحصنة مثل ـ ماعز الأسلمي والغامدية ـ ج ـ نسخ الحكم وبقاء التلاوة: كما في آية تقديم الصدقة عند مناجاة الرسول آية المجادلة رقم 12 في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. ومن ذلك نسخت الوصية للوالدين الواردة في آية المواريث في آية النساء 11 وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ نُسخت بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا وصية لوارث). والله أعلم.
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (89) مثنى محمد هبيان قال تعالى :(أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) [البقرة: 108] السؤال الأول:في قوله تعالى: (وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ) [البقرة:108] ما المتروك؟ وما المأخوذ ؟ الجواب: الباء مع الذاهب (بِالْإِيمَانِ) أي: أنّ الإيمان عندهم ذهب بعد أنْ أخذوا محله الكفر . السؤال الثاني: قوله تعالى: (ضَلَّ) من منظومة كلمات (التيه)، فما هذه الكلمات ؟ الجواب: كلمات منظومة (التيه) هي : ـ تاه: ومنه التيه في الأرض (تيْهان) ، والتيه في العقيدة، (تائه)، وهو المتحير الذي لا يعرف المكان الذي هو فيه ولا كيف يتوجه فهو تائه وتيهان. ـ ضاع : الضياع يكون بالإهمال وقلة الوعي، نحو قوله تعالى: (أَضَاعُوا الصَّلَاةَ) [مريم:59] و (أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ) [آل عمران:195]. ـ فقدَ : الفقدان هو زوال الشيء عنوة وهو عزيز, والفقد لا يكون إلا لعزيز, والضائع لا يعود، والمفقود يعود وقد لا يعود،: (قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ) [يوسف:71] . ـ ضلّ : الضلال هو الخروج عن طريق مستقيم واضح إلى طريق متعرج مجهول, وفي القرآن تطلق كلمة (ضلّ والضلال) على الكفر والشرك وتطلق على النسيان (أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا) [البقرة:282] وعلى الخطأ اليسير (إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [يوسف:8] . ـ الضلال البعيد : كل ضلال بعيد في القرآن هو كفر وشرك، والضالون مخلدون في النار(إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ) [الشورى:18] . ـ الضلال عن سواء السبيل: كان مؤمناً فتحيّر فارتد مشركاً فهو من المرتدين, انظرآية البقرة: ( وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) [البقرة:108] . ـ الضلال المبين: هو آخر فرصة للضال قبل أنْ تأتيه العقوبة، وتطلق على الكافرين المشركين الخالدين في النار. قال تعالى : (لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [مريم:38] . السؤال الثالث: ما أهم دلالات هذه الآية ؟ الجواب: 1ـ ( أمْ ) عاطفة منقطعة بمعنى ( بل ) , وللعلم فإنّ ( أمْ ) تأتي متصلة ومنقطعة , فالمتصلة تأتي بمعنى ( أي ) نحو : أضربت أخاك أم وبّخته ؟ بمعنى : أي ذلك فعلتَ ؟ وسُميت متصلة لأنّ ما قبلها لا يستغني عما بعدها, وذلك أنها وقعت بين شيئين أو أشياء لا يُكتفى بأحدها , فإنّ طَلبَ التعيين لا يتحقق إلا بأكثر من واحد , وأمّا المنقطعة فتقع بين جملتين مستقلتين وتفيد الاضراب عن الكلام الأول , ومعناها في الغالب ( بل ) . 2ـ الإرادة في الخلق في الفعل ( تريدون ) هو نزوع النفس لبادٍ تستقبله , وعبّر بالفعل المضارع لاحتمال تكرر الأمر مع الزمن . 3 ـ ( سواء السبيل ) هو وسطه وخياره , والغرض التشبيه دون نفس الحقيقة , ووجه الشبه في ذلك أنّ من سلك طريق الإيمان فهو جارٍ على الاستقامة المؤدية إلى الفوز والظفر بالثواب والنعيم , فالمبدل لذلك بالكفر عادل عن الاستقامة فقيل إنه ضلّ سواء السبيل . والله أعلم .
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |