أرفض الزواج لانعدام الثقة بالنفس

[ابوالوليد المسلم]

أرفض الزواج لانعدام الثقة بالنفس
أ. هنا أحمد

السؤال:

♦ الملخص:
فتاة تعاني خمولًا في الغدة الدرقية؛ ما أثَّر عليها نفسيًّا، فأصبحت ترفض كلَّ من يتقدم للزواج بها؛ لأن ثقتها بنفسها منعدمة، وتسأل: ما الحل؟

♦ التفاصيل:
أنا فتاة تعاني نوبات القلق والاكتئاب؛ فأنا مصابة بخمول في الغدة الدرقية، وقد زادت أزماتي ومشاكلي منذ أن تخرجتُ، ولم أحصل على وظيفة؛ لذا فأنا أشعر باليأس وفقدان الأمل، وأزمتي الكبرى تكمن في الزواج؛ فقد خُطبت خمس عشرة مرة، منها سبع مرات كانت بصورة رسمية، رفضتهم جميعًا، حتى إنني فكرت في إغلاق موضوع الزواج نهائيًّا؛ فقد أُرهقت من كثرة الرفض، لكني أعود وأخشى أن أظلم نفسي بقرارٍ كهذا، كما أن الناس دائمًا يسألونني عن شهادتي ووظيفتي، وقد دمَّر ذلك ثقتي بنفسي، حتى إنني أشعر بأنني قبيحة، مع أن الناس يقولون عني أنني جميلة، أحيانًا أفكر أن الزواج أمرُهُ أكبرُ مني أو هو شيء بعيد المنال، وأحيانًا أواسي نفسي بأن لديَّ مشاكل نفسية، وأقول لربما لو تزوجت يصبح الأمر أسوأ، ومع ذلك هناك حزن عميق في داخلي، لا أعرف ماذا أفعل، وكيف أتعامل مع فضول الناس ونظراتهم، أتمنى أن ترد عليَّ عائشة الحكمي أو مروة عاشور، وجزاكم الله خيرًا.






الجواب:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
تخيلي أنه في الغد تقدَّم للزواج منك إنسانٌ مناسب، وتم الزواج، وكنتِ موفَّقة في زواجكِ، هل وقتئذٍ سوف يكون عندكِ كل هذا الكمِّ من المشاكل؟ لا أظن.

هي أعراضٌ كثيرة لمشكلة واحدة، وليست مشاكل كثيرة، ولا ومعقدة كما تظنين، الحل بسيط ويسير، ولكنه لم يتحقق بعد.

التوفيق في الزواج من تيسير الله عز وجل لعبدِهِ وأَمَتِهِ، وصعوبة الزواج وتأخيره مشاكلُ تعانيها مجتمعاتنا العربية كلها.

الجميلة تتزوج، ومن لا حظَّ لها في الجمال تتزوج، المتعلمة تتزوج، ومن ليس لها نصيب من التعليم تتزوج، حَسَنة الخُلُق تتزوج، ومن كانت أخلاقها دون المستوى تتزوج.

في مصر عندنا مثلٌ يقول: "كل فولة ولها كيَّال"؛ بمعنى: أن كل شخص له شخص يكافئه ويقْبَلُهُ، لا تقلقي فهناك من يتمنى إنسانة مثلكِ، ولكنه لم يعرف طريقكِ بعد.

الزواج قسمة ونصيب كما يُقال، ولكن أنتِ عليكِ دور كبير يجب أن تقومي به؛ حتى تحسِّني من فرصكِ في زيجةٍ طيبة ومناسبة.

1- أظن أنكِ تعانين من كسلٍ في الغدة الدرقية، وهذا مرض علاجُهُ متوفر وممكن، ولا أظن أنكِ تهملين العلاج، وهذه أول خطوة في الطريق الصحيح، العلاج من أي مرض أو عَرَضٍ جانبي لهذا المرض، ولا بد أن تكون عندكِ الإرادة القادرة على التغلب على الأعراض المُصاحِبة للمرض، والتي ربما تبقى رغم العلاج، وأن تكوني حريصةً على تناول العلاج في أوقاته دون أي تقصير، دون هذه الخطوة، فسوف يكون الباقي صعبًا وعسيرًا عليكِ.

2- لا بد أن تُحسِّني فُرَصكِ في الحياة، وليس فقط في الزواج، أنتِ حاصلة على تعليم جامعي، والحالة الاقتصادية جيدة، فما الذي يمنعكِ من الوظيفة إن كانت سوف تحسِّن من فرصكِ في الحياة، وتشغل وقتكِ، وتُشعركِ بأن لكِ قيمةً في الحياة، طالما كانت وظيفة بالضوابط الشرعية؟ هل تحتاجين إلى دورات تدريبية في شيءٍ ما مثل الحاسب الآلي، أو اللغة؟ إن كان هذا، فلماذا لا تحصلين على هذا التدريب أو هذه الدراسة؟ عليكِ أن تعملي عليها فورًا، وهذا التدريب أو الدراسة سوف يشغل وقتكِ، ويعطيكِ ثقةً بالنفس، في الصباح ألقي كل هذا الماضي خلف ظهركِ، وافتحي نافذتكِ وتنسَّمي عبير الصباح، وانطلقي إلى يومٍ كله ثقة وإيمان في النجاح.

3- الآن قررنا أن نُحَسِّن فرصنا في الحياة وعرفنا الخطوات، بقيَتْ أول خطوة، والتي جعلناها في النهاية لنختم بها؛ ألَا وهي العلاقة بالله عز وجل، فالإيمان وتعلم الدين والمحافظة على الصلوات والفرائض، وزيادة النوافل، والدعاء والتضرع لله - هو طريق السعادة في الدارين، فاحرصي على أن يكون ما بينكِ وبين الله عامرًا بالتقوي والتوكل والتسليم، واستعيني بالله، واصبري على العبادة والدراسة والتدريب، وعسى الله أن ييسِّرَ لكِ من أمركِ رشدًا.