|
ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مفهوم الأخلاق وحاجة الطالبات إليها هند بنت مصطفى شريفي تتميز الدعوة الإسلامية بأنها دعوة أخلاقية، تشتمل على المبادئ الأخلاقية السامية والقيم السلوكية الرفيعة، حتى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حصر مقصد بعثته في الأخلاق، في قوله: ((إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق))[1]، كما تضافرت نصوص الوحيين على الحث على الأخلاق الحسنة، والترغيب في فضائل الأخلاق، هذا من جانب، ومن جانب آخر: النهي والتحذير من رذائل الأخلاق، قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ﴾ [2]، وجاء في وصف نبي الهدى - صلى الله عليه وسلم - أنه ((لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً)) وأنه كان يقول: ((خياركم أحاسنكم أخلاقًا))[3]، وبهذا يتبن عناية الإسلام بحسن الخلق، الأمر الذي جعل موضوعات الأخلاق تحتل مساحة كبيرة ومكانة بارزة من بين موضوعات الدعوة في المرحلة الثانوية. مفهوم الأخلاق: تُعرف الأخلاق لغة: جمع خلق، وهو ما خُلق عليه الإنسان من الطبع، ومنه قول أم المؤمنين رضي الله عنها: ((فإن خلق نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان القرآن))[4]، أي: كان متمسكا به وبآدابه وأوامره ونواهيه، وما يشتمل عليه من المكارم والمحاسن والألطاف[5]. كما يجيء الخلق بمعنى الدين والطبع والسجية[6]، وهو وصف لصورة الإنسان الباطنية، و(يقال: فلان حسن الخَلق والخُلُق: أي حسن الباطن والظاهر، فيراد بالخَلق الصورة الظاهرة، ويراد بالخُلُق الصورة الباطنة)[7]. وفي الاصطلاح: (عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر، من غير حاجة إلى فكر ورويّة، فإن كانت الهيئة بحيث تصدر عنها الأفعال الجميلة عقلا وشرعا بسهولة، سميت الهيئة: خلقا حسنا، وإن كان الصادر منها الأفعال القبيحة، سميت الهيئة التي هي المصدر: خلقاً سيئًا)[8]. والمفهوم العام للأخلاق الإسلامية: اتباع المرء كل ما يحبه الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - عن قناعة ومحبة ورضا، كما يؤكد ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - بقوله: (وأما الخلق العظيم الذي وصف الله به محمدا - صلى الله عليه وسلم -، فهو الدين الجامع لجميع ما أمر الله به مطلقا... وحقيقته: المبادرة إلى امتثال ما يحبه الله تعالى بطيب نفس وانشراح صدر)[9]. أما المفهوم الخاص لها: فهو الخصال والصفات السلوكية التي حسَّنها الشرع، وتقبلتها الفطرة السليمة النقية، واتفق الناس على حسن التحلي بها، فالنفس البشرية مجبولة ومفطورة على التحلي بالأخلاق الحميدة، وعلى الالتزام بالقواعد والقيم الأخلاقية العالية، ويتمايز الناس في قدرتهم على الالتزام بها تحت ضابط الضمير الأخلاقي والوازع الديني فقط، دون الحاجة إلى الرقيب الخارجي. كما يتميز الإنسان بالقدرة على اكتساب الخلق، بتنمية الميول الفطرية السليمة وتقويتها، وإزالة الميول المنحرفة ومعالجتها، ويوضح ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعائه: ((اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل، والهرم وأعوذ بك من عذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها))[10]. ذلك أن الأخلاق تنقسم إلى قسمين: 1)) أخلاق فطرية: تظهر مع الإنسان من أول حياته وبداية نشأته. 2)) أخلاق مكتسبة من البيئة الطبيعية أو الاجتماعية، أو توالي الخبرات والتجارب.[11] ولاكتساب خلق ما، لا بد من وجود الاستعداد الفطري لاكتسابه، وهذا أمر تتفاوت حظوظ الناس فيه من إنسان لآخر، تبعا لسلامة فطرتهم وصحتها، فالفطرة قد تفسد إذا تعاقبت عليها عوامل الفساد، فلا تتقبل اكتساب الأخلاق الفاضلة بل تنكرها، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: (والفعل إذا صادف محلا قابلا تمّ، وإلا لم يتم، والعلم بالمحبوب يورث طلبه، والعلم بالمكروه يورث تركه...وهذا كله إنما يحصل مع صحة الفطرة وسلامتها، وأما مع فسادها فقد يحس الإنسان باللذيذ فلا يجد له لذة، بل يؤلمه، وكذلك يلتذ بالمؤلم لفساد الفطرة)[12]. أهمية موضوعات الأخلاق وحاجة الطالبات إليها: إن مما يدل على عظم مكانة الأخلاق في الإسلام أن حَسنها يرتفع حتى يصل إلى مصاف الأعمال الصالحة المحبوبة عند الله تعالى، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم))[13]، (وإنما أُعطي صاحب الخلق الحسن هذا الفضل العظيم، لأن الصائم والمصلي في الليل يجاهدان أنفسهما في مخالفة حظهما، وأما من يحسن خلقه مع الناس مع تباين طبائعهم وأخلاقهم، فكأنه يجاهد نفوسا كثيرة، فأدرك ما أدركه الصائم والقائم، فاستويا في الدرجة بل ربما زاد)[14]. ومنها أن حسن الخلق سبب من أسباب دخول الجنة، فقد ((سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، فقال: تقوى الله وحسن الخلق))[15]، قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: (جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين تقوى الله وحسن الخلق، لأن تقوى الله تصلح ما بين العبد وبين ربه، وحسن الخلق يصلح ما بينه وبين خلقه، فتقوى الله توجب له محبة الله، وحسن الخلق يدعو الناس إلى محبته)[16]. وكذلك قد تكون رذائل الأخلاق سببا في إفساد العمل الحسن وإبطاله، كمن يُذهب ثواب ما يتصدق به بالمن والأذى، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى ﴾[17]. كما أن الأخلاق السيئة منها يكون سببا يمنع من دخول الجنة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر))[18]. ومنها ما يكون سببا في الهلاك والخسارة يوم القيامة، كالظلم والشح، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم))[19]. وهناك العديد من السلوكيات الأخلاقية التي تظهر أثناء تعامل الطالبة المسلمة مع من حولها، وتكوِّن عندها القيم والمبادئ الأخلاقية، أو ما يمكن أن يسمى: (البناء الأخلاقي)، والدعوة الإسلامية تستهدف في موضوعاتها بناء الطالبة على الأخلاق الكريمة، وهي أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -، لذلك فإن القرآن والسنة هما أساس هذا البناء، لأنهما لم يتركا خلقا طيبا كريما إلا حثا عليه، ولم يتركا خلقا سيئا ذميما إلا حذرا منه, كما تتأكد أهمية موضوعات الأخلاق وحاجة الطالبات إليها من خلال ما يأتي: 1)) الترابط القوي بين الأخلاق والعقيدة الإسلامية، وهذا يتضح من خلال ما يأتي: أولا: أن الإيمان بالله تعالى دافع إلى الالتزام بالأخلاق التي يحبها تعالى ويرضاها، ويتجلى ذلك في حرص الإسلام على وجود وازع إيماني أخلاقي داخل نفس المؤمن، لتزكية هذه النفس والسمو بها دوما نحو تقوى الله، كما قال تعالى: ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [20]، فالعقيدة الإسلامية هي الأساس الأول الذي يقام عليه صرح الأخلاق، فهي الحارس القائم في ضمير المؤمن والباعث على طاعة الله والاستقامة على شرعه، والدعوة الإسلامية حين تلزم الضمير الأخلاقي بمراقبة الله والأمانة في تنفيذ أوامره، فهي تعتمد عليه بعد الإلزام أن يدعم سلطان الدين وتقوى الله في النفس المؤمنة[21]، إضافة إلى ما تغرسه العقيدة من الإيمان بعلم الله تعالى واطلاعه على شؤون عباده، مما يقوي الرقابة الذاتية ويشعر بالرهبة من اقتراف أي خلق فاحش ذميم. ثانيا: ويعتبر نتيجة للأمر السابق، فإذا كان الإيمان بالله هو الدافع للسلوك القويم والأخلاق الحميدة، فإن لهذه الأخلاق أثرا قويا يتناسب مع الإيمان تناسبا طرديا، فإذا التزمت المسلمة بأمهات الفضائل التي أمر بها الإسلام، وأتت بها مخلصة، واجتنبت الرذائل التي نهى عنها، فإنها تبلغ من الإيمان منزلة عالية، وكلما ارتقت وحسنت أخلاقها بلغت درجة أعلى من الإيمان، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن من أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وألطفهم بأهله))[22]، وهذا يدل على (أن هناك تلازما بين الإيمان وحسن الخلق، فكلما كان العبد أحسن خلقا؛ كان أكمل إيمانا، وكلما أحسن إلى الناس بالبشاشة وطلاقة الوجه وكف الأذى وبذل الندى؛ كان أفضل عند ربه)[23]. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |