|
فلسطين والأقصى الجريح ملتقى يختص بالقضية الفلسطينية واقصانا الجريح ( تابع آخر الأخبار في غزة ) |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الوسائل والذرائع وأثرهما في الاجتهاد السياسي أ.د.علاء الدين الأمين الزاكي* المقدمة الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام علي رسول الله الأمين وعلى آله و أصحابه أجمعين ,أما بعد: فإن الواقع يحتاج إلى نظرة فاحصة ثاقبة لإيجاد الحلول الناجعة لمجمل القضايا خاصة السياسية التي في الغالب الأعم قابلة للاجتهاد.فلذلك استقرأ العلماء الشريعة الإسلامية ووجدوها حافظت على مصالح العباد في الدارين ،وعلى هذا وحتى يتحقق هذا المقصد لا بد من بذل الجهد واستفراغ الوسع في هذا الباب ,وأعظم أمر يحتاج إليه هذا البذل الوسائل والذرائع لذا خصصتها بهذا البحث . وقد دفعني للكتابة في هذا الموضوع ما يلي:ـ أولاً:اعتماد الاجتهاد السياسي أساساً على الوسائل والذرائع ,وذلك لأن الاجتهاد لابد له من آلات يعتمد عليها ,فلا يمكن لأي مجتهد في باب السياسة أن يصل إلى ما يحقق الهدف بدون الوسائل والذرائع, فيختار الإنسان أحسن الوسائل لأحسن الغايات. ثانياً:الإفراط الشديد في استعمال الوسائل والذرائع بدون قيود مما أثر على سلوك وأخلاق الأمة الإسلامية,حتى وصل البعض إلى استخدام أي وسيلة مهما كانت ممنوعة أو مشروعة مادام أنها تحقق المقصود. ثالثاً:الانغلاق والابتعاد عن استعمال وسائل فيها مصلحة الأمة بحجج واهية، والإفراط في سد الذرائع حتى أغلقت أبواب الخير,وعجزنا عن حل قضايانا وقعدنا عن المبادرة ,وسبقنا الآخرون. رابعاً:أغلب الإسلاميين لا يلتفتون إلى التأصل الشرعي في باب السياسة الأمر الذي أوقعهم في بعض الأخطاء الشرعية ،فجاءت هذه الدراسة لتفتح بعض الآفاق ،وتمهيد الطريق لسالكيه. والله أسأله التوفيق والسداد إنه وليّ ذلك والقادر عليه . المبحث الأول تعريف الوسائل لغة واصطلاحاً وبيان أقسامها: المطلب الأول:تعريف الوسائل: الوسائل لغة: جمع (وسيلة ) قال ابن منظور ![]() أما في الاصطلاح: فمن العلماء من عرفها بمعناها العام ومن العلماء من عرفها بمعناها الخاص. أما التعريف العام: فقد قال القرافي : (وموارد الأحكام على قسمين : مقاصد ، وهي المتضمنة للمصالح والمفاسد في أنفسها ، ووسائل ، وهي : الطرق المفضية إليها)[2]. ويتتضح من كلامه رحمه الله أن أي حكم في الشريعة مورده أمران :ـ أولاً: المقاصد و(هي المصالح والمفاسد) بمعني إما أنه مصلحة في ذاته أو مفسدة ثانياً: أن هذه المقاصد لها وسائل تقود إليها . والذي يظهر من تعريفه لها، أنه يقصد المعنى العام للوسائل، بمعنى سواءًكانت مفضية إلى مصلحة أو مفسدة . ويلاحظ في هذا التعريف : اتفاق الاصطلاح العام للوسائل مع المعنى اللغوي . أن الاصطلاح العام للوسائل يطلق في مقابلة المقاصد . يدخل في الوسائل في الاصطلاح العام أمران.. الأول: الطرق المؤدية إلى المصالح ، كالأسباب والشروط الشرعية . الثاني: الطرق المؤدية إلى المفاسد ، كالحيل الباطلة ، والذرائع المفضية إلى الحرام . وأما تعريفها بالمعنى الخاص : فقد عرفها بعضهم بالطرق المفضية إلى تحقيق مصلحة شرعية فقط .)[3]. فبمعناها الخاص لا تتناول إلا ما أفضى إلى مصلحة شرعية. فيتفق التعريفان في أن كليهما شيء مفضٍ إلى أمر ما .ويختلفان في الإفضاء ،ففي العام سواءً أفضى إلى مصلحة أو مفسدة فهو وسيلة ،أما في الخاص فلا يصح إطلاق لفظ الوسيلة إلاّ على ما أفضى إلى مصلحة. والصحيح هو الخاص ،وذلك للتمييز بين الوسيلة والذريعة . المطلب الثاني :أقسام الوسائل : تنقسم الوسائل بمعناها العام إلى عدة أقسام باعتبارين:ـ الاعتبار الأول: بالنظر إلى شهادة الشرع لها بالاعتبار أو بالإلغاء،فهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام : القسم الأول: وسائل معتبرة شرعاً ، وهي : كل ما أُمر به في الكتاب أو السنة، أمْر وجوب أو استحباب . القسم الثاني : وسائل ملغاة شرعاً ، وهي : كل ما نهي عنه في الكتاب أو السنة نهي تحريم أو كراهة ، وهذه الوسائل كلها مفاسد أو أسباب للمفاسد لا للمصالح . قال الشاطبي في بيان هذين القسمين : (فإذن : لا سبب مشروعاً إلا وفيه مصلحة لأجله شُرع ، فإن رأيته وقد انبنى عليه مفسدة ؛ فاعلم أنها ليست ناشئة عن السبب المشروع .وأيضاً : فلا سبب ممنوعاً إلا وفيه مفسدة لأجلها مُنع ، فإن رأيته وقد انبنى عليه مصلحة فيما يظهر ؛ فاعلم أنها ليست بناشئة عن السبب الممنوع ، وإنما ينشأ عن كل واحد منها ما وُضع له في الشرع إن كان مشروعاً ، وما منع منه إن كان ممنوعاً . وبيان ذلك : أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثلاً لم يقصد به الشارع إتلاف نفس ولا مال ، وإنما هو أمر يتبع السبب المشروع لرفع الحق وإخماد الباطل ؛ كالجهاد ، ليس مقصوده إتلاف النفوس ، بل إعلاء الكلمة ، لكن يتبعه في الطريق الإتلاف : من جهة نصب الإنسان نفسه في محل يقتضي تنازع الفريقين وشهر السلاح وتناول القتال)[4]. القسم الثالث: وسائل مسكوت عنها ، وهي : الوسائل المرسلة ، وضابطها : كل ما سكت عنه الشارع ، وهذا القسم من الوسائل هوالمقصود بالبحث في المقام الأول . الاعتبار الثاني : بالنظر إلى درجة إفضائها إلى المقصود، تنقسم الوسائل إلى ثلاثة أقسام : القسم الأول: وسائل مفضية قطعاً إلي المقصود وهو (المصلحة) . عبر عنها أهل المقاصد بقولهم ![]() القسم الثاني:وسائل تفضي إلى المقصود غالباً . القسم الثالث:وسائل تفضي إلى المقصود نادراً فهذه لاحكم لها، للقاعدة(العبرة للغالب الشائع لا النادر)[6]، فالنادر لاحكم له ولا يجوز لإنسان أن يتوسع حتى يبيح كل شيء ، قال الشوكاني ![]() ![]() المبحث الثاني تعريف الذرائع لغة واصطلاحاً وبيان أقسامها المطلب الأول:تعريف الذرائع: الذرائع لغة جمع ذريعة , قال الرازي ![]() أما في الاصطلاح:فقد عرّفت بتعريفين عام وخاص . أما العام ,فقد قال القرافي وغيره ![]() وأما بمعناها الخاص قال الباجي ![]() ![]() وقال ابن تيمية ![]() المطلب الثاني: أقسام الذرائع تنقسم الذرائع بمعناها العام إلي عدة أقسام باعتبارين:ـ الاعتبار الأول:أقسام الذرائع بالنظر إلي حكمها،فهي تنقسم إلي ثلاثة أقسام:ـ الأول:قِسْمٌ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى سَدِّهِ وَمَنْعِهِ وَحَسْمِهِ؛ كَحَفْرِ الْآبَارِ فِي طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى إهْلَاكِهِمْ ،وَكَذَلِكَ إلْقَاءُ السُّمِّ فِي أَطْعِمَتِهِمْ ،وَسَبُّ الْأَصْنَامِ عِنْدَ مَنْ يُعْلَمُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ يَسُبُّ اللَّهَ تَعَالَى عِنْدَ سَبِّهَا. الثاني:َقِسْمٌ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى عَدَمِ مَنْعِهِ وَأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لَا تُسَدُّ وَوَسِيلَةٌ لَا تُحْسَمُ كَالْمَنْعِ مِنْ زِرَاعَةِ الْعِنَبِ خَشْيَةَ الْخَمْرِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ وَكَالْمَنْعِ مِنْ الْمُجَاوَرَةِ فِي الْبُيُوتِ خَشْيَةَ الزِّنَى . الثالث:َقِسْمٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ هَلْ يُسَدُّ أَمْ لَا ؟ كَبُيُوعِ الْآجَالِ عِنْدَنَا كَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِخَمْسَةٍ قَبْلَ الشَّهْرِ، فَمَالِكٌ يَقُولُ : إنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ يَدِهِ خَمْسَةً الْآنَ وَأَخَذَ عَشْرَةً آخِرَ الشَّهْرِ فَهَذِهِ وَسِيلَةٌ لِسَلَفِ خَمْسَةٍ بِعَشْرَةٍ إلَى أَجَلٍ تَوَسُّلًاً بِإِظْهَارِ صُورَةِ الْبَيْعِ لِذَلِكَ وَالشَّافِعِيُّ يَقُولُ يُنْظَرُ إلَى صُورَةِ الْبَيْعِ وَيُحْمَلُ الْأَمْرُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ، وَهَذِهِ الْبُيُوعُ يُقَالُ إنَّهَا تَصِلُ إلَى أَلْفِ مَسْأَلَةٍ اخْتَصَّ بِهَا مَالِكٌ وَخَالَفَهُ فِيهَا الشَّافِعِيُّ)[14]. الاعتبار الثاني:أقسام الذرائع بالمعني العام بالنظر إلى ماتفضي إليه وهي على قسمين:ـ أحدهما: أن يكون وضعه للإفضاء إليها، بمعنى أنها موضوعة أصلاً للإفضاء إلى المفسدة, كشرب عصير التمر المفضى إلى مفسدة السكر. الثاني: أن تكون موضوعة للإفضاء إلى أمر جائز فيتخذ وسيلة إلى المحرم إما بقصده أو بغير قصد منه, فالأول كمن يعقد النكاح قاصداً به التحليل، أو يعقد البيع قاصداً به الربا، أو يخالع قاصداً به الحنث ونحو ذلك ,والثاني، كمن يصلى تطوعاً بغير سبب في أوقات النهي، أو يسب أرباب المشركين بين أظهرهم أو يصلى بين يدى القبر لله. والقسم الثاني ينقسم إلي قسمين:ـ أحدهما: أن تكون مصلحة الفعل أرجح من مفسدته,مثل النظر إلى المخطوبة والمستامة، والمشهود عليها، ومن يطؤها ويعاملها، وفعل ذوات الأسباب في أوقات النهي، وكلمة الحق عند ذي سلطان جائر. الثاني أن تكون مفسدته راجحة على مصلحته مثل الصلاة في أوقات النهى ومسبة آلهة المشركين بين ظهرانيهم وتزين المتوفي عنها في زمن عدتها.)[15]. وكالتحرش بالكفار المؤدي إلى غزو بلاد المسلمين. المبحث الثالث العلاقة بين الوسائل والذرائع تتفق الوسائل مع الذرائع في أمور وتختلف معها في أخري، وذلك بحسب تعريف كل منهما. أولاً: تتفق الوسائل والذرائع في الآتي:ـ المعني العام باعتبار أن كليهما وسيلة إلى شيء ما , قال الشيخ محمد حسين المالكي ![]() وكذلك كلاهما وسيلة من وسائل مقاصد الشريعة،وبالتال ي وسيلة من وسائل الاجتهاد السياسي المؤثرة فيه. ثانياً: ويختلفان في الآتي:ـ الاصطلاح الخاص, فالطرق المؤدية الى المصالح هي الوسائل ,أما الطرق المؤدية إلى المفاسد فهي الذرائع.قال ابن تيمية ![]() أن العمل بالذرائع ممنوع والعمل بالوسائل مشروع ومطلوب,وذلك لأن الوسيلة طريق إلى المصالح والذريعة طريق إلى المفاسد. إلا في بعض الحالات، كما سيأتي بيانه. المبحث الرابع مفهوم الاجتهاد السياسي وضوابطه وعند تعريف الاجتهاد السياسي, لابد من تعريفه بطريقين، باعتباره مركباً من جزئين ,(اجتهاد ,وسياسة) , فنعرّف كلمة الاجتهاد, ثم كلمة السياسة ,وكذلك باعتباره لقباً على مجال معين، وذلك كله في المسائل التالية:ـ المطلب الأول:تعريف الاجتهاد الاجتهاد: لغة من مادة (جهد), وهي بذل الجهد قال ابن منظور ![]() وأما في الاصطلاح, فالاجتهاد هو ![]() ![]() فالاجتهاد عند العلماء يشمل القيود الآتية :ـ (أ)بذل الجهد واستفراغ كل مافي الوسع. (ب)وجود آلة الاجتهاد وعدته,بمعنى أن يكون الشخص من أهل الاجتهاد. (ج)بذل الجهد يكون في المسائل الظنّية لا القطعية. (هـ)أن يكون ذلك في إصدار الأحكام. المطلب الثاني:تعريف السياسة لغة :من مادة (سوس) وهي إذا جاءت في اللغة تحمل على عدة معانٍ منها ، قال ابن منظور ![]() أما في اصطلاح العاملين، فهناك اتجاهات في مفهوم السياسة : الاتجاه الأول : الإعتدال والتوسط ، قال ابن عقيل ![]() ![]() والاتجاه الثاني : وهو اتجاه يضيِّق مجال السياسة ويقول لا سياسة إلا ما وافق الشرع ,بمعنى لا يجوز الخوض إلا بنص من الشريعة . وقد ذكر ابن القيم المناظرة التي وقعت بين ابن عقيل وبعض الفقهاء فقال ![]() الاتجاه الثالث:اتجاه التفريط الذي ركب كل هوى وغاص في كل لجة من غير حدود ولا ضوابط ,حتي وقع في مخالفة الشرع باسم السياسة وهذه تسمي إباحية. وقد ذكر ابن فرحون الاتجاهات الثلاثة بقوله ![]() وَطَائِفَةٌ سَلَكَتْ في هَذَا الْبَابَ مَسْلَكَ الْإِفْرَاطِ ، فَتَعَدَّوْا حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى وَخَرَجُوا عَنْ قَانُونِ الشَّرْعِ إلَى أَنْوَاعٍ مِنْ الظُّلْمِ وَالْبِدَعِ وَالسِّيَاسَةِ ، وَتَوَهَّمُوا أَنَّ السِّيَاسَةَ الشَّرْعِيَّةَ قَاصِرَةٌ عَنْ سِيَاسَةِ الْخَلْقِ وَمَصْلَحَةِ الْأُمَّةِ ، وَهُوَ جَهْلٌ وَغَلَطٌ فَاحِشٌ. وَطَائِفَةٌ تَوَسَّطَتْ وَسَلَكَتْ فِيهِ مَسْلَكَ الْحَقِّ وَجَمَعُوا بَيْنَ السِّيَاسَةِ وَالشَّرْعِ ، فَقَمَعُوا الْبَاطِلَ وَدَحَضُوهُ ، وَنَصَبُوا الشَّرْعَ وَنَصَرُوهُ ، وَاَللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مستقيم)[26]. والذي يظهر لي والله أعلم, أن السياسة هي النظر في مصالح الأمة عبر الوسائل المشروعة والفعالة لتقديم أحسن البدائل سواءً كانت هذه البدائل في السياسة الداخلية أو الخارجية وهو المسلك الوسط الحق،ويعرف بالسياسة الشرعية. المطلب الثالث:ضوابط الاجتهاد السياسي بعد تعريف الاجتهاد والسياسة، اتضح معني الاجتهاد السياسي ,باعتباره لقباً, وهو بذل الجهد الفكري في المعطيات بغرض تحقيق مصالح العباد , فأمور العامة مع حصول الصراع تحتاج إلي من يحسن تدبيرها بالنظر إلي الشرع والواقع ,وعلي هذا فإن عمل المجتهد السياسي في هذه الخطوة من بناء القاعدة أو القرار، يتعلق بالاجتهاد في الكشف عن المصالح التي رعاها الشارع. وأعظم معين بعد توفيق الله في باب الاجتهاد السياسي، الوسائل والذرائع لذلك خصصتهما بهذا البحث. وحتي يحقق الاجتهاد في السياسة الشرعية فوائده لابد له من ضابطين:ـ الأول :أن يكون الاجتهاد السياسي في غير المنصوص عليه ،أو في المنصوص إذا كان محتملاً للنظر,لأن القطعيات لاتحتاج إلي اجتهاد ؛لأنها من العلم الضروري الذي لايحتاج إلي نظر ،والقطعي في باب السياسة قليل ونادر.. يقول البرهاني ![]() الأولي: طبيعة الواقعة المسكوت عنها والوسيلة التي يعتمد عليها في بيان حكمها الثانية: تقدير الواقعة ومكانها بين المصالح والمفاسد فالمجتهد إزاء الأولى يستفرغ وسعه ليجعل المسكوت عنه ,داخلاً في إطار المنطوق بالإلحاق تارة وبتطبيق الأصول العامة ,والقواعد الكلية تارة أخرى ولكل منها شروط ووسائل تختلف باختلاف الأنظار. وإزاء الثانية ,يستفرغ وسعه ليصل إلى الحكم الذي يحقق المصلحة التي هي غاية الشرع فحيثما وجدت المصلحة فثم شرع الله)[27] و الاجتهاد السياسي من هذا الباب لأن أغلب مسائله تحتاج إلي بذل للوصول إلي المصلحة المعتبرة شرعاً . والثاني:من ضوابط الاجتهاد في باب السياسة وجود آلات الاجتهاد ،بحيث لايدخل الإنسان إلاّ إذا ملكها،فلو فتح الباب لرأينا أعداد المجتهدين تفوق أعداد العامة ،ولترتب علي ذلك ضياع مصالح الأمة ،مثله مثل الاجتهاد في الشريعة. وقد حدد ابن القيم رحمه الله آلات هذا الاجتهاد، في كتابه الطرق الحكمية بقوله ![]() الأولي:معرفة الشريعة ويعني هذا معرفة نصوص وحيها القرآن والسنة ،ومعرفة كيفية الاستدلال بهما ،ومعرفة قواعدها ،ومقاصدها وبكل مايتعلق بها.قال السبكي ![]() أحدها: معرفة العلوم التي يتهذب بها الذهن كالعربية وأصول الفقه وما يحتاج إليه من العلوم العقلية في صيانة الذهن عن الخطأ بحيث تصير هذه العلوم ملكة الشخص فإذ ذاك يثق بفهمه لدلالات الألفاظ من حيث هي . الثاني: الإحاطة بمعظم قواعد الشريعة حتى يعرف أن الدليل الذي ينظر فيه مخالف لها أو موافق . الثالث: أن يكون له مهنة الممارسة، والتتبع لمقاصد الشريعة، ما يكسبه قوة يفهم منها مراد الشرع من ذلك)[29].فهذه هي معرفة الشريعة. الثانية:معرفة الواقع ،والمقصود به واقع الأحداث ،ومجريات الأمور ،وأساليب الأعداء ،ووسائل المخالفين إلى غير ذلك.لأن فهم الواقع يمكّن الإنسان من إصدار أحكام صائبة في باب السياسة ؛ فالحكم علي الشيء فرع عن تصوره. الثالثة:معرفة كيفية تنزيل مافهمه من الشرع علي واقع المسائل ،وكيفة إلحاق الواقع بالشرع.وهذه لايتقنها إلا القليل ،فهي تحتاج إلي ملكات وقدرات فائقة. فقد تجد من الناس من يحسن الشرع ولا يحسن التعامل مع الواقع ،فلا شك أن هذا لا يستطيع تقديم حلول نافعة لمشاكل المسلمين ،ولا يمكنه قراءة الحال واستنباط الوسائل المشروعة والفعّالة لتقديم أحسن الحلول.وقد تجد من يحسن قراءة الواقع ولكن بعيدأً عن الشرع ،فهذا فساده أكبر من صلاحه ،وقد تجد من يحسن الأمرين ولكن لايحسن كيفية تنزيل أحدهما علي الآخر،فلا شك أن هذا لا يمكنه الاستفادة من الاثنين لعجزه عن إصدار الأحكام ،وإيجاد الحلول. وتكمن خطورة الاجتهاد في هذا الباب بعيداً عن ضوابطه ،في أنه يمس قضايا الأمة الإسلامية الأساسية إما في علاقتها بربها أو في مصالحها وعلاقتها بالناس. وللتأكيد علي أهمية الاجتهاد في باب السياسة، ذكر ابن القيم خطورة التقصير في بابه بقوله ![]() يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |