حديث عن: الإفاضة يوم النحر

[ابوالوليد المسلم]

حديث عن: الإفاضة يوم النحر
الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح



عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاض يوم النحر، ثم رجع فصلى الظهر بمنًى؛ رواه مسلم.



عن عبدالعزيز بن رفيع قال: سألت أنس بن مالك، قلت: أخبرني عن شيء عقلته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أين صلى الظهر يوم التروية؟ قال: بمنًى، قلت: فأين صلى العصر يوم النفر؟ قال: بالأبطح، ثم قال: افعل ما يفعل أمراؤك.



وفي رواية للبخاري: صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم رقد رقدةً بالمحصب، ثم ركب إلى البيت فطاف به.



تخريج الحديثين:

حديث ابن عمر رضي الله عنهما أخرجه مسلم حديث (1308)، وانفرد به عن البخاري، وأخرجه أبو داود في "كتاب المناسك" "باب الإفاضة في الحج" حديث (1998)، وأما حديث عبدالعزيز بن رفيع - رضي الله عنه - فأخرجه مسلم حديث ( 1309)، وأخرجه البخاري في "كتاب الحج".



"باب أين صلى الظهر يوم التروية" حديث ( 1653)، وأخرجه أبو داود في "كتاب الماسك"، باب الخروج إلى منى، "حديث ( 1912)، وأخرجه الترمذي في "كتاب الحج" "باب 116" حديث "964".



شرح ألفاظ الحديثين:

• ((عقلته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم)): أي أدركته وفهمته.



• ((يوم التروية)): وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، وتقدم أنه سمي يوم التروية؛ لأنهم كانوا يروون فيه من الماء لما بعده من الأيام، فيحملونه إلى عرفة ومزدلفة لعدم وجود الماء.



• ((يوم النفر)): هو اليوم الذي ينفر فيه الحاج من منى فيودعها بعد انتهاء المناسك، وهو بالنسبة للمتعجل يوم الثاني عشر، ويسمى ( يوم النفر الأول)، ولغير المتعجل يوم الثالث عشر، ويسمى ( يوم النفر الثاني)، وهو الذي نفر فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم؛ [ انظر النهاية مادة ( نفر) ].



• (( بالأبطح)): الأبطح هي البطحاء التي بين مكة ومنى، وهو ما انبطح من الوادي واتسع، فمن خرج من منى متجهًا إلى مكة يمر بها، وهي التي يقال لها: المحصب والمعرس، وتقدَّم بيان ذلك في شرح حديث جابر الطويل - رضي الله عنه - وهي أيضًا التي يقال لها: خيف بني كنانة كما سيأتي في الباب القادم، كل هذه الأسماء الأربعة لموضع واحد.



• ((افعل ما يفعل أمراؤك)): قال أنس رضي الله عنه ذلك لئلا يخالف ابن رفيع رحمه الله أمراءه، فيفارق الجماعة، وكأن الأمراء في ذلك الوقت لا يواظبون على أداء صلاة الظهر في مكان معين كالأبطح.



• ((رقد رقدةً)): أي نام هناك بالأبطح، و(رقدة): يشعر بأنها ليست طويلة، وهذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الرابع عشر؛ حيث رقد بالأبطح، ثم طاف وقت السحر للوداع، ثم صلى الفجر، ثم رجع للمدينة.



• (( بالمحصب)): تقدم أنه هو الأبطح، وسُمي بذلك لاجتماع الحصباء فيه التي يحملها السيل.



• ((ثم ركب إلى البيت فطاف به)): المقصود به طواف الوداع.



من فوائد الحديثين:

الفائدة الأولى: حديث ابن عمر رضي الله عنهما فيه دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر يوم النحر في منى، وتقدم في حديث جابر رضي الله عنه في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى الظهر بمكة، وتقدم الجمع بين الحديثين: بأنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر في مكة فرضًا، ثم رجع إلى أصحابه رضي الله عنهم وصلى بهم الظهر نفلًا.




الفائدة الثانية: حديث ابن رفيع فيه دلالة على أن السنة أن يصلي الحاج الظهر يوم التروية في منى ، وتقدم في حديث جابر رضي الله عنه أن السنة للحاج أن يحرم بالحج إن كان متمتعًا قبل الزوال يوم التروية، وأنه يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر في منى.




الفائدة الثالثة: حديث ابن رفيع رحمه الله ورواية البخاري فيهما دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم بعدما رمى الجمرة يوم الثالث عشر اتجه إلى الأبطح ونزل فيه، فصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء وفي آخر الليل ذهب وطاف للوداع، وسيأتي في الباب القادم حكم النزول في الأبطح هل هو سنة أم لا؟