|
ملتقى الملل والنحل ملتقى يختص بعرض ما يحمل الآخرين من افكار ومعتقدات مخالفة للاسلام والنهج القويم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() بقلم السيد سليمان نور الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه ، أما بعد …. فتلك هي الطبعة الثانية من كتاب الشيعة في نظر أهل السنة والجماعة ، تأتي بعد الطبعة الأولى ، التي وفقنا الله تعالى إلى إخراجها أثناء الاعتداء اليهودي على لبنان ، وتصدي حزب الله الشيعي له ؛ حيث ثارت آراء شاذة في وقت عصيب تدعو إلى عدم موالاة إخواننا في الإسلام ، وعدم الدعاء لهم ؛ لا لشيء إلا أنهم من الشيعة الرافضة ، الذين يختلفون مع أهل السنة والجماعة في بعض المسائل الفرعية أو الأصولية ، ولأن هذه الدعوة غريبة وغير عادلة ، ومصادمة لمشاعر مئات الملايين من أهل السنة والجماعة ، الناقمين على حكامهم الموالين لليهود ، المفرقين لشمل الأمة ، المستقوين بالأعداء على إخوانهم في الله من الجيران الذين يتكلمون بألسنتنا ، ويدينون بعقيدتنا ، الساكتين على ما يحدث في فلسطين من تدمير وإبادة لأهل السنة والجماعة ، والزاجين بالدعاة والعلماء خلف أسوار السجون ؛ لذلك غلفوا دعوتهم بغلاف الدين ، محاولين تكفير الشيعة جملة ، وإخراجهم من حظيرة الإسلام ، عساهم يؤثرون في الناس ، ويقتلون في نفوسهم رابطة الحب في الله ، وفقه الولاء والبراء ، فتظل أمتنا مفككة ضائعة ، لا يلمها شمل ، ولا تجمعها قضية . ولعل ذلك ناشئ من ورود الشبهات عليهم – فيما يتعلق بالشيعة – من خلال كتب الأقدمين من أهل السنة أو الشيعة ، التي وصفت فرقا منهم أوصافا توجب كفرهم وإخراجهم من ملة الإسلام ، وهذا حق لا مراء فيه ؛ لكن أين هؤلاء الموصوفون بتلك الصفات اليوم ؟ فالشيعة اليوم مع ما يشوبهم من بدع وضلال لم يصلوا إلى هذا الحد من الأوصاف المخرجة لهم عن دائرة الإسلام ، بخاصة أن للأغراض السياسية دورا كبيرا في تشويه الحقائق وإلباسها ثوب الباطل أو العكس . ومن منة الله تعالى أن حظى هذا الكتاب بالقبول لدى العلماء والدعاة من أهل السنة الكرام ؛ لما فيه من موضوعية وعدم جور أو استخفاف ، ولم يعكر صفوَه تناولُ أحد طلاب العلم له بالنقد في شريط له سماه " حوار الطرش " ، وكنا نتمنى أن يكون النقد علميا مبنيا على أسس وقواعد منهجية ، وأدلة شرعية وعقلية ، مغلفة بأدب الحوار واحترام المخالف ، لكن الشريط من عنوانه يدل على خلاف ذلك ، أما مادة الشريط فمليئة بالتعدي والتجريح والخلو من أي دليل معتبر يصلح للرد على أيٍ من مادة هذا الكتاب ، مما يدل على أن الناقد تسرع في نقده قبل أن يستكمل أدوات العلم وآدابه ، أو الكتاب على عجالة ، فلم يتمكن من دراسة مادته دراسة واعية هادئة تتيح له معرفة مقصد الكتاب وسلامة أدلته التي استقيتها من أقوال أعلام أهل السنة والجماعة كالإمام الشافعي، والطبري، و أبي المظفر الإسفرايني ، وابن حزم ، وابن دقيق العيد ، وعبد العظيم المنذري ، والعز بن عبد السلام ، وابن تيمية ، والشاطبي ، والذهبي ، وابن حجر، وابن الوزير اليماني، والسيوطي ، وغيرهم رحمهم الله جميعا. وقد طلب مني كثير من الفضلاء أن أرد عليه ، وأكشف الحقائق للناس ، لكنني آثرت ألا ينشغل الناس بالنقد والرد ، مما قد يلفتهم غالبا عن القضية الأم ، فلما سمعت الشريط المشار إليه وجدته خاليا من أي مادة علمية تستحق الرد أصلا ، بل هو نفسه يرد على نفسه ، يكفيه أنه تراجع عما صرح به من قبلُ بتكفير الشيعة ، وادعى أننا فهمناه خطأ ، وأنه لا يكفرهم ، وهذا خير ومن فضل الله علينا أن جعل من كتابنا " الشيعة في نظر أهل السنة والجماعة " سببا في أن الكثير ممن كان ينهج نهج التكفير بلا أدلة قد رجع عن معتقده الباطل . وصاحب الشريط من أدبه الجم بعدما ذكر اسم الكتاب وذكر اسمي كاملا ، سبَّني في أكثر من موضع ؛ حيث اتهمني بالتدليس دون دليل، كما ادعى أنني ذكرت الشيخ ابن جبرين واعترضت عليه وانتقصت من قدره ، ثم أخذ يدافع عنه، ويعلم الله أنني برئي من ذلك، ولم أتصور الشيخ ابن جبرين حفظه الله تعالى في كتابي ، ولم أذكره بشيء كما أنني لم أطلع على مقاله عن الشيعة على موقعه الإلكتروني حتى خرج الكتاب من المطبعة . وأما من أشرت إليهم ممن ينسب إلى أهل العلم فهم آخرون لا داعي لذكرهم لأن القاصي والداني يعرفهم ، كما أن الشيخ ابن جبرين قد بين بعد ذلك أن فتواه قديمة تتعلق بموقف وظرف خاص ، وليست عامة في كل الشيعة ، مما أحبط أكبر دليل عند هؤلاء المتسرعين ، وجعل رأيهم هباء منثورا ، كما أن رأي الشيخ ابن جبرين يدل على اجتهاده الذي قد يصيب فيه أو يخطئ ، فليس معصوما من الخطأ ، ولا فوق النقد البرئ المنزه عن الحقد والهوى ، لذا ردَّ فتواه عددٌ من الأئمة وعلماء الأمة الأخيار . وكان من مبلغ الأمانة العلمية للأخ صاحب الشريط المشار إليه أنه كان يقرأ من كتابي هذا في طبعته الأولى ، ثم تراه ينطق الجملة ويخفي ما بعدها من باب " لا تقربوا الصلاة " ومن ذلك : عند تعريف الشيعة قال : إنه – يقصدني – قد عرف التشيع بمحبة علي ، وأردف ذلك بأنني لا أعرف أن الشيعة أنواع وأن منهم الرافضة . هكذا ادعى ، مع أنك لو قرأت الجملة التالية لِمَا قرأه هو لوجدتني قد فصلت أنواع الشيعة ومنهم الرافضة ، ثم إنني بدأت كلامي بـ : قال ابن حجر ، فالقول منسوب لابن حجر ، وليس لي ، لكنه لتعجله وعدم دقته نسبه لي ، ثم اجتزأ ما يعينه على تسجيل نقد غير برئ وتجاهل بقية الكلام ، كأن من سيقرأ معه الكتاب أعمى ، سيتجاهل ما تجاهله هو . كما أنه عندما تعرض لمن روى لهم البخاري من الشيعة ، ذكر أحدهم وأوهم أنه من الزيدية ، ولم يأتي بدليله على نسبه هذا ، ونفى أن يكون البخاري قد روى للرافضة مع أنني في نفس الصفحة وقريبا ممن ذكر ذكرت أحد الرافضة الذين روى لهم البخاري ، وقول العلماء فيه ، لكنه لأمانته العلمية تغافل عن ذلك ، وأبشره في هذه الطبعة أنني حققت رافضيا آخر روى له البخاري في صلب الصحيح ، وترجمت لثمانية من غلاة الشيعة ومتشدديهم ممن روى لهم البخاري في صحيحه . ومن أمانته العلمية أيضا أنه عند قراءته لما أوضحته من شبهة التوسل لديهم، قرأ ما كتبت في ذلك ، ثم عقب عليه بأنني لم أذكر من أي أنواع التوسل ذلك ، مع أنني وضعت لذلك عنوانا بالخط العريض: ( توسلهم بالنبي وآل بيته الأطهار ) ، والكلام عن الشيعة المعاصرين ، مما يفهم منه التوسل بعد موتهم ، لكن لله في خلقه شوؤن . ومن ذلك اعتراضه على قولي في وصف صلاة الشيعة : (أو تقليدًا للنبي) حيث خطّأ كلمة (تقليدًا) ورأى أن الصواب أن يقال اتباع واقتداء ، وسيأتي في آخر الكتاب بيانُ وَهَمِه. ولما لم يجد في كتابنا هذا ما يمكنه الرد عليه مما يخالف رأيه ، وصفني بأنني محام شاطر مستعد للدفاع عن أي قضية دون اعتبار للأصول والواجبات ، أو كما قال ، وأدبه هذا هو منتهى مبلغه من العلم في الرد على مخالفه ، فسامحه الله وغفر له . هذا وقد خرج علماء الأمة الكبار يتكلمون عن الشيعة مثلما حققت في هذا الكتاب ، وحديث الشيخ العلامة الدكتور يوسف القرضاوي لقناة " دريم " الفضائية مشهور ، وكذلك كلام المحدث الفقيه الشيخ طه جابر العلواني ، والدكتور المؤرخ محمد عمارة في قناة " الجزيرة " ، وقد اخرج لنا فضيلة العلامة الأصولي الدكتور محمد سليم العوا كتابه القيم ( العلاقة بين السنة والشيعة ) يؤكد ما ذهبت إليه في كتابنا هذا . كما وفقنا الله تعالى لإخراج هذه الطبعة الثانية من كتاب (الشيعة في نظر أهل السنة والجماعة) مزيدة من الأدلة والبراهين على ما ذهبنا إليه من عدم تكفيرهم إلا من ثبت عليه ما يوجب الكفر بشروطه ، وأضفت فيه تعريفات يسيرة بفرق الشيعة المختلفة ، كما توسعت في ترجمت من روى لهم البخاري منهم ، وترجمت لمن لم يُترجم له منهم في الطبعة الأولى ، كما توسعت في رد بعض الشبهات المتعلقة بهم ، وكذلك التحذير من خطرهم وكيدهم ، والإشارة إلى مشروع التقريب بين أهل السنة والشيعة. ومن هذا ما أضفته في صلب الكتاب ، ومنه ما رددته إلى الحاشية ، حسبما يتطلب الأمر . كل هذا وأنا أؤكد على بدعهم وضلالاتهم التي ينبغي أن تُحْذَرَ ، ويُنَبَّهَ عليها حتى لا يغترَ بهم عامةُ المسلمين ، كما أن من ساستهم من يشبه ساسة أهل السنة في الركون إلى الأعداء ، والعمل معهم لتقويض أمة الإسلام ، فينسحب عليهم ما ينسحب على هؤلاء في الحكم . وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يقبل منا هذا العمل وأن يجعله في ميزان أعمالنا يوم نلقاه ، كما أدعو لكل مخلص ساهم في إخراج هذا الكتاب للنور خدمة لأمة الإسلام وسعيا في سبيل نهضتها ووحدتها ، فبارك الله سعيهم ، وكلله بالتوفيق والنجاح . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
__________________
مدونتي ميدان الحرية والعدالة
|
#2
|
||||
|
||||
![]() مقدمة الطبعة الأولى الحمد الله رب العالمين ، والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين سيدنا محمد وآله وصحبه الغر الميامين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ؛ أما بعد . فإن الله عز وجل أراد لأمة الإسلام أن تكون أمة واحدة ، لا يفرقها بغض ولا شحناء ، لأن قوتها في وحدتها ، ولن تستقيم شرعتها وتسلم عقيدتها وتصلح عبادتها إلا في ظل قوتها وعزتها التي تمنع عنها تلبيس المتربصين ، وتزييف المعتدين من أعدائها ، لذلك قدم تعالي ذكر وحدة الأمة علي ذكر العقيدة والعبادة ( وإن هذه أمتكم أمه واحدة وأنا ربكم فاعبدون ) . ولكن هناك من هو أشد خطرا علي الأمه من أعدائها ، ممن ينتسبون إليها ويتكلمون بلساننا ، وقد اطلعوا علي شيء من شريعتنا ، لكن لم يمارسوا دراسته كما ينبغي ، ولم يتلقوا العلم علي أيدي العلماء الثقات الأتقياء ، فكان الحفظ عندهم مقدم علي الفهم ، فاجتمعت لديهم أشياء ظنوها أدلة قوية وهي ليست كذلك أو معارضة بما هو أقوي منها ، فاستخدمتها - من غير قصد أو ربما عن عمد – كالسيف تقطع به أوصال الأمه وتمزقها إلى فرق ، ثم تضلل وتبدع ، ولا تكتفي ؛ بل تكفر وتطرد من تشاء من ملة الإسلام ، فهم بذلك قد أقدموا علي خطر عظيم ، تورع سلفنا الصالح عن الخوض فيه ، ومن تكلم فيه فبحظر وحيطة ودقة متناهية كمن يخرج الشعرة من العجين ، لكن من أراد أن يقلدهم لم يملك أدواتهم فحاد عن السبيل ، ولم يعدل ولم يرحم أمة الإسلام ، وجعل نفسه وحده الحق الذي يقاس عليه ، ومن خالفه فضال ومبتدع وكافر وزنديق . ولقد ظللت أمةَ المسلمين سحابةُ سوداء منذ عقود طويلة ، غُلِب فيها المسلمون وظهر الأعداء ، واحتلوا بلاد المسلمين ، وسكت أولئك الحائرون ، ولم يعلُ لهم صوت ، ولم ينبرِ لهم قلم يستنكر أو يشجب أو يدين ، كأنهم في سبات عميق ، لا يرون الدمار وسفك الدماء وهتك الأعراض وتخريب الديار ونهب الثروات ، مما أحدثه اليهود والأمريكان والأروبيون ، وعاونهم العالم بأسره علي ذلك ، وحكام وحكومات المسلمين إما غافلون ، وإما متآمرون . وفجأة رأينا شعوب المسلمين ينتفضون للتصدي للعدو والنكاية به ، ليحرروا الأرض والعقل والنفس في فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين ، فتعاطف المسلمون من الشرق إلى الغرب معهم ، وتظاهروا من أجلهم ، وضحوا بأموالهم وودوا لو يضحون بأرواحهم في سبيل الله . كل ذلك وهؤلاء الحائرون لا يهتمون ، بل يستنكرون أحيانا المظاهرات والهتافات المناوئة للظالمين والمطالبة بحقوق المسلمين . ونسوا أن : ( خير الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه ؟ فقتله ) كما نسوا ( أن المسلمين أمةٌ واحدةٌ يسعي بذمتهم أدناهم ) . وعندما اعتدى اليهود علي لبنان وتصدى لهم الشيعة من حزب الله هناك ونكلوا بعدوهم وأصابوا فيهم قتلا وتدميرا ، بدأ هؤلاء الحائرون ينهضون من سباتهم ، وينتفضون انتفاضة الذعر ، فأشهروا أقلامهم ، وأطلقوا ألسنتهم ، وهزوا منابرهم ، كأنهم منذرو حرب ليس من أجل اليهود والأمريكان ووجوب مقاومتهم وجهادهم في سبيل الله ، وحشد الأمة فكرا وقلبا لأجل تحرير بلاد الإسلام التي طال رَزحُها تحت نِيرِ الاستعمار ، وإنما من أجل التشنيع بحزب الله ، وبيان كفره وضلاله ، فلا يأبه له أحد ، ولا يتعاطف معه أحد ولا يدعو له أحد ، وإنما لشبه أتتهم ظنوا أنها حق ، وهي محض الباطل ، وتناسوا أن قتال العدو يستلزم وحدة الأمة ، فلا فرق حينئذ بين سني وشيعي ، فالنبي لم يمنع اليهود من القتال معه يوم أحد وقال : " مُخَيْرِيق خير يهود " لأنه أبلى بلاء حسنا في قتال الأعداء. ولو أنهم سبروا كتب السلف ووقفوا علي آرائهم وكلامهم في الفرق والمذاهب ، وأنهم كانوا أعدل الناس في الحكم عليهم لتوقفوا عن هذا الباطل ولزموا الحق ونصروا أهل الإسلام من أي فرقة كانوا. وإن كان موقفهم هذا لم يؤثر في المسلمين التأثير الذي أرادوا بل استهجن الناس صنيعهم ، واستاءوا من تصرفاتهم ، حتي حدثني أحد الإخوة الفضلاء ، أن إماما صعد المنبر وأخذ يكفر الشيعة ويسبهم ويكشف زيفهم ، ولم يعرج علي اليهود بشيء ، فما كان منه إلا أن تساءل ، ماذا نفعل إذا ؟ هل تريد منا أن ندعو لليهود بالنصر؟ فشاركه الحاضرون نفس التساؤل ، هنالك سكت الخطيب ولم يعقب. بل ممن ينسبون إلى العلم والفتيا في بعض دور الإسلام ، أفتوا بحرمة الدعاء لحزب الله الشيعي أو مناصرته ومؤازرته ، وهؤلاء أشد على الأمة من الدجال ؛ عن علي وأرضاه قال : كنا جلوساً عند النبي وهو نائم فذكرنا الدجال فاستيقظ محمراً وجهه فقال : " غير الدجال أخوف عندي عليكم من الدجال : أئمة مضلون" . وإنما أردت في هذه الرسالة اليسيرة - التي كتبتها علي عجالة امتثالا لطلب بعض إخواننا الحريصين على جلاء الحق ، ونصرة أهله أينما كانوا - أن أبين حقيقة الأمر وأن أجليه بلا لبس . وقسمت الرسالة إلى مقدمة وخمسة فصول : تناولت فيها التعريف بالشيعة ، وتقسيم العلماء لطوائفهم ، وبيان شيء من معتقدهم وشريعتهم . ثم تناولت حديث " تفترق أمتي علي ثلاث وسبعين فرقه " وبينت مكانته الحديثيه واختلاف العلماء في تصحيحه و تضعيفه ، ثم رجحت ضعفه وبيان أثره علي أمتنا . وتطرقت بعد ذلك إلى مسألة هامة ؛ وهي حكم من أخطأ في العقيدة وخالف أهل السنة والجماعة وأتيت بنصوص عديدة لأئمة الإسلام بخاصة الشيخ ابن تيمية رحمة الله تعالي ، لما له من باع في هذا المجال ، ولشدة تحامله علي الشيعة ، وبيان أنه تكلم فيهم بالعدل والرحمة والإنصاف كسيرة سلفنا الصالح رضي الله عنهم أجمعين . ثم عقبت بعد ذلك بما نسب إلى بعض الأئمة من تكفير للشيعة والرافضة ، وبينت أن هذا ليس من سمتهم بل هم علي العكس من ذلك ، وما قد يكون صدر من بعضهم في ذلك إن صح فهو في طوائف بعينها ، ظهر لديهم كفرهم بالممارسة والمعايشة والاحتكاك ، أو أنه من باب التعريف بنوع من الكفر كي يحذر الناس ، دون تكفير الأعيان من الرافضة وغيرهم . ثم تكلمت في دليل عظيم يجزم بأن الشيعة مسلمون ، وهو حكم رواية الأحاديث النبوية عن الشيعة والفرق الأخرى ، وأتيت بأقوال العلماء التي تثبت أن منهج السلف الصالح من المحدثين والأصوليين علي جواز الرواية عن الشيعة بالضوابط التي تجدها في موضعه إن شاء الله تعالي ، وكيف أن أئمة الحديث كالبخاري ومسلم وغيرهما رووا عن الفرق المختلفة ومن ضمنهم الشيعة والرافضة . ثم عقبت ذلك بحصر لعدد من روي لهم الشيخان في صحيحيهما من أهل الفرق المختلفة ، ثم ذكرت من روي لهم البخاري من الشيعة والرافضة ، مع ترجمة يسيرة لبعض هؤلاء الرواة ، تبين أن منهم من كان داعية إلى بدعته من رؤوس الشيعة وقضاتها وأئمتها ، ومع ذلك لم يتحاش البخاري ومسلم الرواية عنهم . وأردت في النهاية أن أبين بعضا من الدلائل علي إسلام الشيعة وأنهم من أهل القبلة وأنهم ليسوا كفارا في جملتهم . وأعقبته بشبهات يثيرها البعض حول الشيعة ، ونقضتها بما يجلي الشبهات ويظهر الحق . وإنما أردت من هذه الرسالة وجه الله تعالي وبيان أن مذهبنا - نحن أهل السنة والجماعة - هو مذهب العدل والرحمة والعلم والحق حتى مع المخاصم والمعادي من أهل البدع والضلال ( ولا يجرمنكم شنئان قوم علي ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ) . وليعلم الناس أنني لا أقول إن الشيعة مثل أهل السنة تماما ، بل علي العكس فالشيعة فيهم ضلالات وبدع وشبهات لا نجدها عند أهل السنه ، وإن كان هناك من انتسب إلى السنة قديما وحديثا لهم شبه وبدع وضلالات ليست هي مذهب أهل السنة والجماعة ، كمن يكفر من خالف رأيه واعتقاده ، يجترون بذلك سيرةَ الخوارج ، وشذوذَهم ، ولا يستحيون من نسبة أنفسهم إلى مذهب أهل السنة والجماعة . وليعلموا أن الحق الذي عليه أهل السنة والجماعة هو عدم تكفير المبتدعين من أهل الأهواء والبدع ، وإنما هم مسلمون – وإن كانت تشوبهم ضلالات وبدع وشبهات - لهم مالنا وعليهم ما علينا، فهم يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ، ومن ثم تجب منا مناصرتهم ومؤازرتهم والدعاء لهم بالنصر علي الأعداء حتى تلتحم الأمة كلها كالجسد الواحد ، وقتها يعلم الشيعة الحق الذي عندنا فيأخذون منه ، ويدعون بدعهم . والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
__________________
مدونتي ميدان الحرية والعدالة
|
#3
|
||||
|
||||
![]() الفصل الأول تعريف الشيعة وذكر فرقهم تعريف الشيعة قال ابن حجر : (التشيع محبة علي ، وتقديمه علي الصحابة ، فمن قدمه على أبي بكر وعمر فهو غالٍ في تشيعه ، ويطلق عليه رافضي ، وإلا فشيعي ، فإن انضاف إلى ذلك السبُ أو التصريح فغالٍ في الرفض ، وإن اعتقد الرجعة إلى الدنيا فأشد في الغلو ) . مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي رضي الله عنهما ، بعد اتفاقهم علي تقديم أبي بكر وعمر – أيهما أفضل ؛ فقدم قوم عثمانَ وسكتوا وربعوا بعلي ، وقدم قوم عليا ، وقوم توقفوا، لكن أستقر أمر أهل السنة علي تقديم عثمان ثم علي ، وإن كانت هذه المسألة – مسألة عثمان وعلي - ليست من الأصول التي يضل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة ، ولكن التي يضلل فيها مسألة الخلافة ، وذلك لأنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله أبو بكر وعمر ثم عثمان ثم علي … وقال الإمام أبو المظفر الإسفرايني رحمه الله تعالي : (اعلم أن الله حقق في افتراق هذه الأمة ما أخبر به الرسول من افتراق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة ، واحدة منها ناجية والباقون في النار ؛ فأما الاثنان والسبعون : فعشرون منهم الروافض ، من جملتهم الزيديون ، وهم ثلاث الجارودية ، والسليمانية ، والأبترية ، ومن جملتهم الكيسانية ، وهم فرقتان كما نبينه فيما بعد . ومن جملة الروافض : الإمامية ، وهم خمس عشرة فرقة : المحمدية ، والباقرية والناووسية ، والشميطية ، والعمارية ، والإسماعيلية ، والمباركية ، والموسوية ، والقطعية ، والإثنا عشرية، والهاشمية ، والزرارية ، واليونسية ، والشيطانية ، والكاملية . فهذه جملة الروافض الذين يعدون في زمرة المسلمين . ثم قال : (فأما البيانية ، والمغيرية ، والمنصورية ، والجناحية ، والخطابية ، والحلولية منهم ، فلا يعدون في زمرة المسلمين لأنهم كلَهم يقولون بآلهية الأئمة كما نفصله فيما بعد إن شاء الله تعالي ) . ثم فصل بعد ذلك هذه الفرق فرقة فرقة وبين ضلالاتها وبدعها . وقال الإمام عبد القاهر البغدادي : (وفرق الإمامية فمعدودون في فرق الأمة ) . وقال ابن حجر العسقلاني : ( قال ابن حزم في كتاب الملل والنحل : فرق المقرين بملة الإسلام خمس : أهل السنة ، ثم المعتزلة ومنهم القدرية ، ثم المرجئة ومنهم الجهمية والكرامية ، ثم الرافضة ومنهم الشيعة ، ثم الخوارج ومنهم الأزارقة والإباضية ) وقد ألفت العديد من الكتب يمكنك الرجوع إليها في بيان هذه الفرق وكشف حالها ومعتقداتها مثل: كتاب الرد على أهل الأهواء والبدع لأبي الحسين الملطي المتوفى سنة 377 هـ ، وكتاب الفرق بين الفرق لأبي منصور عبد القاهر البغدادي المتوفى سنة 429 هـ وكتاب الفصل في الملل والأهواء والنحل لأبي محمد علي بن أحمد بن حزم الأندلسي المتوفى سنة 456 هـ ، وكتاب التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين للإمام أبي المظفر الإسفرايني المتوفى سنة 471 هـ ، وكتاب الملل و النحل لأبي الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني المتوفي سنة 548 هـ ، وكتاب اعتقادات فرق المسلمين والمشركين لشيخ الإسلام فخر الدين محمد بن عمر بن الخطيب الرازي المتوفى سنة 606 هـ ، ومن المعاصرين كتاب تاريخ المذاهب والفرق الإسلامية للإمام محمد أبي زهرة ، و الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة لندوة شباب العالم الإسلامي. وبالرجوع إلى هذه الكتب يتبين أن العلماء لم يتفقوا علي عدد هذه الفرق ؛ فمنهم من جعل الشيعة وحدها خمس عشرة فرقة ، ومنهم من تعدي بها العشرين فرقه . الشيعة لهم عقليات وشرعيات : فالعقليات : متأخروهم فيها أتباع المعتزلة ، إلا من تفلسف منهم فيكون : إما فيلسوفا ، وإما ممتزجا من فلسفه واعتزال ، ويضم إلى ذلك الرفض ، وهذا يبعدهم أكثر عن الإسلام المحض الخالص من الشوائب . وأما شرعياتهم : فعمدتهم فيها علي ما ينقل عن بعض أهل البيت مثل : أبي جعفر الباقر ، وجعفر بن محمد الصادق وغيرهما ، وهؤلاء من أئمة الإسلام المبجلين ، لكن قد ينسب إليهم الشيعة ما لم يقولوه كذبا وافتراءً . وقد يأخذون مراسيل المتأخرين من أتباعهم ويعتمدونها علي أنها صحيحة النسب للرسول مع تباعد الزمان وانقطاع الأسانيد . التعريف بفرق الشيعة المختلفة وبيان ضلالها اختلفت الآراء حول أصل المذهب الشيعي ، فمنهم من عزاها إلى أثر الفرس الذين كانوا يقدسون الملك ، فلما أزال الفتح الإسلامي ملكهم ودخلوا في الإسلام ، ظهر أثر تقديسهم القديم لملوكهم في موقفهم من آل البيت ومغالاتهم في حبهم واعتقاد أحقيتهم بالخلافة بعد رسول الله ، فالمذهب إذن وليد نزعة فارسية ، وذلك أن العرب تدين بالحرية ، والفرس يدينون بالملك والوراثة في البيت والملك ، ولا يعرفون معنى الانتخاب للخليفة ، وقد انتقل النبي ، ولم يترك ولدا ، فأولى الناس بعده – في نظرهم – ابن عمه علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، فقالوا بإمامته نصا ووصية ، واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج عن أولاده ، وإن خرجت فبظلم تخرج ، وجعلوا طاعة الإمام واجبة وأنها طاعة لله عز وجل . وفي رأي آخر : أن العقيدة الشيعية نبعت من اليهود أكثر مما نبعت من الفارسية ، وعللوا ذلك بأن عبدَ الله بن سبأ أولَ من أظهر الدعوة إلى تقديس علي كان يهوديا . وعليه فقد سلك بعضُ أتباع ابن سبأ مسلك اليهود الذين قالوا بتأليه عزير وبحياة إلياس وغيره من الأنبياء عليهم السلام ، فانحرف هؤلاء وقالوا بتأليه علي وحياته . وهناك رأي ثالث يرى أن أصل نشأة الشيعة يرجع إلى شخصية علي وأرضاه ، وصلته برسول الله وما ورد من نصوص تبين تقدير النبي له ، ومواقف علي في نصرة الإسلام والدفاع عنه مما لم يحظ به أحد مثله من الصحابة – من وجهة نظرهم – مثل مؤاخاته للنبي ، وقوله له : " أنت أخي في الدنيا والآخرة " وقوله له : " أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي " ، وحديث : " إن عليا مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن " ، وحديث: " من كنت مولاه ؛ فعلي مولاه " وقوله : " لا يحبُ عليًا منافقٌ ، ولا يبغضُه مؤمنٌ " وحديث : " من سبَّ عليًا فقد سبَّنِي " وعليه فهذا الرأي يرى الشيعة مستندين في أصولهم على شيء من السنة مما هو ثابت صحيح ، أو مختلق موضوع . وكانت الشيعة في بدء أمرها محبةً كمحبة سلمانَ لآل البيت ، ثم أصبحت محبةً وعطفا وشفقة حينما اعتقدت بعض النفوس أن آل البيت العلوي لم يأخذ المكانة اللائقة به في المجتمع . فلما أصبح الظلم اضطهادا وتعذيبا وتشتيتا .. تكونت الشيعة بالمعنى الاصطلاحي ، ولقيت عونا ممن بقي من البيت العلوي . هذه هي مجموعة الآراء في نشأة المذهب الشيعي ما بين مبالغ في الأصل الأجنبي ، ومبالغ في الاستقلال . ولكن الأوفق للصواب أن نشأتها مزيج من الاستقلال والتبعية ، فالتشيع بدأ منذ عهد السقيفة وبيعة المسلمين لأبي بكر ، ولكن باتساع رقعة الدولة وجد تغذية من بعض العناصر التي انضمت إلى الشيعة من فرس ويهود ممن دخلوا الإسلام بغية النيل منه ، والكيد له ، وتحريف أصوله ، تحت ستار التشيع ، أو دخلوا الإسلام ولا زالت نفوسُهم وعقولُهم متعلقةً بشيءٍ مما كانوا عليه قبل الإسلام من ضلالات اليهودية والمجوسية . لذا ظهر على الشيعة أنها في الأصل فرقة صيغتها العامة سياسية ، فقد دارت آراؤها حول الإمامة والخلافة ، ولذلك تراهم في الأصول الاعتقادية الأخرى بعضهم ينتمي إلى الاعتزال ، وبعضهم إلى السنة ، وبعضهم إلى التشبيه . أما تسمية الرافضة ؛ فذلك حين بايع خمسةُ آلاف من أهل الكوفة زيدَ بن علي بن الحسين ، فأخذ يقاتل بهم يوسف بن عمر الثقفي ابن عم الحجاج بن يوسف الثقفي ، وكان يوسف عامل هشام بن عبد الملك الأموي على العراق ، فلما اشتد بهم القتال ولم يثبتوا ، وأرادوا الفرار ، قال الذين بايعوه : آه ، ما تقول في أبي بكر وعمر؟ فقال زيد : أَثنى عليهما جَدي عليّ وقال فيهما حسنًا ، وإنما خروجي على بني أميةَ فإنهم قاتلوا جدي عليًا ، وقتلوا جدي حسينا ، فخرجوا عليه ورفضوه ، فسموا الرافضة بذلك السبب ، وهجروه كلُهم ، ولم يبق منهم إلا مائتي رجل ، فأتى القتل على جميعهم . المبادئ التي اتفقت عليها الشيعة : هناك خصائص تتصف بها كل فرقة من فرق الشيعة تميزها عن غيرها إلا أنها جميعَها قد اتفقت على مبادئَ أربعةٍ : أولا : الإمامة ؛ فهي عندهم ليست من المصالح العامة للمسلمين بحيث توكل إلى نظرهم ؛ بل هي قضية أصولية ، وهي ركن في الدين لا يجوز للرسل عليهم الصلاة والسلام إغفاله وإهماله ، ولا تفويضه إلى العامة ، ومن هنا يأتي المبدأ الثاني وهو : ثانيا : وجوب التنصيص ؛ فقد أوصى النبي لعلي وأرضاه بالخلافة من بعده – كما يرون هم – ونصَّ علي بدوره على من يخلفه ، وكلُ إمام لا بد أن ينص على من يخلفه ، ومن هنا قالت الإمامية من فرق الشيعة بالنص على إمامة علي نصا ظاهرا ، وتعيينا من غير تعريض بالوصف، بل بإشارة له بالعين . ثالثا : وجوب عصمة الأنبياء والأئمة عن الصغائر والكبائر رابعا : التولي لمن تولاه علي ، والتبري لمن تبرأ منه قولا وفعلا ، واعتقادا إلا في حال الخوف على العرض ، والنفس والمال فتجوز حينئذ التَّقِيَّةُ ، بإظهار عقيدة لا يعتقدونها أو عمل لا يعتقدون صحته مخافة الإيقاع بهم . فرق الشيعة : قديما كان من العلماء من يطلق على عموم الشيعة اسم الروافض ، ومنهم من جعل الروافض فرقة من الشيعة ، وهذا الأقرب إلى البحث العلمي ؛ فمن الفرق المنتسبة للشيعة من لم يرفض إمامة أبي بكر وعمر ، ولكنهم فضلوا عليا على غيره من الصحابة . والأصل في الشيعة ثلاثُ فرقٍ : الزيدية ، والكيسانية ، والإمامية ، وكل منها افترقت إلى فرق أخرى ، وفقا لأهوائها ، وتبعا لزعامتها ، وتعلقا بشبهاتها ، بدءا من محبة علي وتقديمه على غيره ، وصولا إلى القول بنبوته وتفضيله على رسول الله ، بل تأليهه ، والقول بخلوده وعدم موته . ومن هذه الفرق من اندثرت وزالت منذ القرن الأول ، ومنها من خفت ذكرها ، وضعف تأثيرها ، ومنها من اتسمت بالقوة والمنعة ولها وجود قوي وتأثير في الحياة الدينية والسياسية ، مما يخشى منه على أفراد أهل السنة والجماعة من أن يُفتنوا بهم وينساقوا وراء شبهاتهم ، في ظل الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين من الغرب والشرق ، والمنتسبين إليهم أحيانا. ومن هذه الفرق : الزيدية : وهم أتباع زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي رضي الله عنهم جميعا ، أحد أئمة التابعين ، ولم يكن الإمام زيد يتبرأ من الشيخين أبي بكر وعمر ، بل كان يرى المصلحة فيما فعل الصحابةُ ، ولم يكن يتكلم في الصحابة ، ومن يفعل خلاف ذلك لا يكون من أتباعه ، وإن ادعى الانتساب إليه زورا ، لذلك نرى لبقية الشيعة الروافض موقفا غير مرض من الزيدية الأبترية على وجه الخصوص . والزيدية عموما وافقوا القدرية في القول بتخليد أهل الكبائر في النار، كما وافقوا الخوارج أيضا في أن فساق الملة كفارٌ مخلدون في النار مع الكفار ، ويقنطون من رحمة الله تعالى . والزيدية أربع فرق : الجارودية ، والسليمانية ، والأبترية ، ومعتزلة بغداد . فأما الجارودية : فهم أتباع أبي الجارود زياد بن المنذر ، من غلاة الشيعة ، وانتسب زورا إلى زيد بن علي ، ومات سنة 150 هـ . وكان من مذهبه أن النبي نص على إمامة علي بالصفة لا بالاسم، وكان من مذهبه أن الصحابة كفروا كلُّهم بتركهم بيعةَ علي ، ومخالفتِهم النصَّ الوارد عليه. وكان يقول إن الإمام بعده الحسن بن علي ، ثم بعده الحسين بن علي ، وتكون بعدهما الإمامة شورى في أولادهما ، فمن خرج من أولادهما شاهرا سيفه داعيا إلى دينه ، وكان عالما ورعا فهو الإمام . واختلف الجارودية في الإمام المنتظر هل هو : محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ( قتل سنة 145 هـ ) أم هو : محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( توفي بعد 219 هـ ) ، أم هو : يحيى بن عمر بن يحيى بن حسين بن زيد بن الحسين ( قتل سنة 250 هـ ) رضي الله عنهم جميعا . وأما السليمانية : وقد تسمى الجريرية ، وهم أتباع سليمان بن جرير الزيدي . وكان يقول : إن الإمامة شورى ، ومتى عقدها اثنان من أخيار الأئمة لمن يصلح لها فهو إمام في الحقيقة . وكان يُقِرُّ بإمامة أبي بكر ، وعمر ، ويُجَوِّزُ إمامة المفضول ، وكان يقول : إن الصحابة تركوا الأصلح بتركهم بيعة علي ، فإنه كان أولى بها ، وكان إعراضُهم عنه خطأً لا يُوجبُ كفرًا ولا فسقا ، وهؤلاء كانوا يكفرون عثمان بسبب ما أُخذ عليه من الأحداث ، وكَفَّرَهم أهلُ السنة والجماعة بتكفيرهم عثمانَ . وأما الأبترية : وقد تسمى الصالحية ، فهم اتباع أبي عبد الرحمن الحسن بن صالح بن صالح بن مسلم بن حيان ولقبه حي الهمداني الكوفي كما لقب بالأبتر (توفي سنة 169 هـ) . وقد أخرج مسلم بن الحجاج حديث الحسن بن صالح في صحيحه ، كما أخرج له أصحاب السنن ، والبخاري في الأدب المفرد ، وثقه ابن معين ، والعجلي والدارقطني . وقول هؤلاء كقول السليمانية ، غير أنهم يتوقفون في عثمان ، ولا يقولون فيه خيرا ولا شرا، ويرون أيضا أن الأمة ولت أبا بكر اجتهادا لا عنادا ، وقصدوا فأخطئوا في الاجتهاد ، وولوا مفضولا على فاضل ، فلا شيء عليهم ، وهم أصحاب سمت وعبادة وزهد ، ويأمرون بالمعروف وينهمون عن المنكر ، ويقولون بالعدل ، والتوحيد ، والوعيد ؛ لذلك تعتبر الأبترية الزيدية أقرب فرق الشيعة إلى أهل السنة والجماعة . وأما معتزلة بغداد : فيقولون بقول الجعفرية ؛ جعفر بن مبشر الثقفي، وجعفر بن حرب الهمداني، ومحمد بن عبد الله الإسكافي ، وهؤلاء أئمة معتزلة بغداد ، وهم زيدية يقولون بجواز إمامة المفضول على الفاضل لِمَا وَلَّي النبيُ عمروَ بن العاصِ على فضلاء المهاجرين والأنصار في غزوة ذات السلاسل ، ويرون عليا أفضل الناس بعد رسول الله ، وأنه رضي بإمامة أبي بكر وعمر ، وتابعهم ، وأخذ العطاء منهم ، وضرب بين أيديهم بالسوط ، وصلى خلفهم ، وتزوج من سبيهم أم محمد بن الحنفية ، ويشهدون للعشرة المبشرين بالجنة ، ويضمون إليهم أمهات المؤمنين ، كما يتبرؤن من أبي موسى الأشعري ، والمغيرة بن شعبة ، والوليد بن عقبة ، وطوائف زعموا أنهم مالئوا على عداوة عليٍّ ، ويبرؤن ممن تبرأ من العشرة المبشرين بالجنة ويفسقون من يتبرأ منهم ، ولأنهم من معتزلة بغداد فإنهم يقولون بالعدل ، والتوحيد ، والوعيد ، والمنزلة بين المنزلتين ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والقول بإحباط الأعمال والفرائض . الكيسانية : وهم أتباع مختار بن أبي عبيد الثقفي الذي قام يطلب ثأر الحسين بن علي بن أبي طالب ، وكان يقتل من يظفر به ممن كان قاتله بكربلاء ، وهؤلاء الكيسانية فرق يجمعهم القول بنوعين من البدعة : أحدهما : تجويز البداء على الله تعالى – تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا . الثاني : قولهم بإمامة محمد بن الحنفية بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه – من أجلة فقهاء التابعين – المتوفى سنة 81 هـ ، مع اختلافهم في سبب إمامته . وأول من قام ببدعة الكيسانية ودعا إلى إمامة محمد بن حنفية المختار بن أبي عبيد المعروف بكيسان ، طلب بثأر الحسين ، فلما ظفر في معارك عدة اغتر بنفسه وأخذ يتكلم بسجع الكهان ، وخاف محمد بن الحنفية من فتنته ، فهم للقبض عليه ، فلما علم به المختار وخاف على نفسه ، اختار قتله بحيلة فقال لقومه : المهدي محمد بن الحنفية ، وأنا على ولايته ، غير أن للمهدي علامة ، وهي أن يُضْرَبَ عليه بالسيف ، فلا يحيكُ فيه السيفُ ، وأنا أُجرِّبُ هذا السيفَ على محمد بن الحنفية ، فإن حاك فيه فليس بمهدي . فلما بلغ محمد بن الحنفية هذا الخبر خاف أن يقتله بما ذكر من حيلته ، فتوقف عن النيل به ، هذا وقد خدعت السبئيةُ المختارَ هذا ، وقالوا له أنت حجة الزمان ، وحملوه على دعوة النبوة فادعاها ، وزعم أن أسجاعه وحي يُوحى إليه ، ثم قويت شوكته واستفحل أمره، وقاتله مصعب بن الزبير وأرضاه ، حتى رجع مهزوما إلى الكوفة فقتلوه بها . واعلم أن المختار هذا هو الذي قال بدعة البداء على الله تعالى ؛ حيث وعد أتباعه بالنصر ، فلما هُزموا ، قال له قائده أحمد بن شميط : أين الظفر الذي وعدتنا به ؟ فقال هكذا كان قد وعدني ربي ، ثم بدا له فإنه سبحانه وتعالى قد قال : " يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " . وقال قوم منهم يسمون الكربية بأن محمداً بن الحنفية لم يمت وأنه يأكل ويشرب في جبل رضوى - بالحجاز شمال ينبع مطلة على البحر الأحمر - حتى يؤذن له في الخروج وهو عندهم المهدي المنتظر . ومنهم من أقر بموته ، لكن اختلفوا فيمن يرث الإمامة بعده ، هل هو ابن أخيه علي بن الحسين زين العابدين ، أم ابنه أبو هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية ؟ كما اختلف هؤلاء في من يرثها بعد أبي هاشم ، فقال ابن الراوندي وأتباعه هي لمحمد بن عبد الله بن عباس بوصية أبي هاشم، بينما أرجعها آخرون إلى بيان بن سمعان التميمي ، وفريق ثالث أرجعها إلى عبد الله بن عمرو بن حرب رئيس فرقة الحربية من الغلاة ، وكانوا يدعون آلهيته . الإمامية : وهم خمس عشرة فرقة : أحدها : الكاملية : أتباع أبي كامل، يقولون إن الصحابة كلَّهم كفروا بتركهم بيعة علي ، وكفر علي أيضا بتركه قتالهم إذ كان واجبٌ عليه قتالَهم كما قاتل أهل صفين والجمل ، وقد أهلكهم الله غرقا على يد الخلفية العباسي الثالث محمد بن عبد الله المهدي بن المنصور ، فلا وجود لهم اليوم على ما نعلم . الثانية : المحمدية : وهم يقولون بانتظار محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، ويقولون إنه لم يمت ، وإنه حي في جبل حاجر من ناحية نجد ، إلى أن يؤذن له في الخروج فيخرج، ويملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ، وكانت لهم مناوشات سياسية وعسكرية بقيادة المغيرة بن سعيد العجلي الذي قتله خالد القسري حرقا بالنار سنة 119 هـ ، واختلف الناس بعد قتله بين منكر له ، ومدع أنه شيطان تشبه به فقُتل ، أما هو فلم يُقتل في الحقيقة . الثالثة : الباقرية : ويقولون : إن الإمامة كانت في أولاد علي إلى أن انتهى الأمر إلى محمد بن علي الباقر وأرضاه المتوفى سنة 114 هـ ، وهم ينتظرونه ولا يصدقون بموته . الرابعة : الناووسية : وهم أتباع رجل من أهل البصرة كان ينسب إلى ناووس ، ويسوقون الإمامة في أولاد علي إلى جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن الحسين المتوفى سنة 148 هـ ، واتفقوا على تكفير أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. الخامسة : الشميطية : أتباع يحيى بن شميط ، وهؤلاء يقولون إن الإمامة صارت من جعفر إلى ابنه محمد بن جعفر ، وأنها تدور في أولاده ، وأن المنتظر واحد من أولاده . السادسة : العمارية : يقولون إن الإمامة صارت من جعفر إلى أكبر أولاده عبد الله الذي كان يُدعى أفطحَ ، وهؤلاء يُدْعَون الأفطحية بسبه. السابعة : الإسماعيلية : ويزعمون أن الإمامة صارت من جعفر إلى ابنه إسماعيل ، وكذبهم في هذه المقالة جميع أهل التواريخ لما صح عندهم من موت إسماعيل قبل أبيه جعفر ، وقوم من هذه الطائفة يقولون بإمامة محمد بن إسماعيل ، وهذا مذهب الإسماعيلية من الباطنية . الثامنة : الموسوية : ويدعون أيضا الممطورة ؛ وذلك أن زرارة بن أعين قال لهم يوما : أنتم أهون في عيني من الكلاب الممطورة ، أراد الكلاب التي ابتلت بالمطر . وهم يزعمون أن الإمامة انتقلت من جعفر إلى ابنه موسى بن جعفر الكاظم، المتوفى سنة 173 هـ وأنه حي لم يمت، وأنه المنتظر، ويقولون إنه دخل دار الرشيد ولم يخرج ، ونحن نشك في موته. التاسعة : المباركية : وهم يقولون بإمامة محمد بن إسماعيل . العاشرة : القطعية : سموا بذلك لأنهم ساقوا الإمامة بعد جعفر إلى ابنه موسى ، ثم قطعوا بموت موسى ، وقالوا : إن المهدي المنتظر هو الرضا بن موسى الكاظم ، وهؤلاء يُدْعَون الإثنى عشرية ؛ لأنهم ادعوا أن الإمام المنتظر هو الثاني عشر من أولاد علي بن أبي طالب، ثم اختلفوا في سنه وقت وفاة أبيه ؛ فمنهم من قال : إنه كان ابن اربع سنين ، ومنهم من قال : ابن ثمان ، وقالوا إنه إمام باعتبار ما سيكون في المستقبل إذا بلغ ، أو أنه صار إماما في صغره لعلمه في الدين ، كما يرون أنه غاب عن أعين الناس إلى أن يؤذن له في الخروج . الحادية عشرة : الهشامية : وهم فريقان ؛ أصحاب هشام بن الحكم الرافضي ، وأصحاب هشام بن سالم الجواليقي ، والفريقان جميعا يدينون بالتجسيم والتشبيه ، وإثبات الحد والنهاية لله - تعالى عما يقولون علوا كبيرا – حتى قال هشام : إنه نور يتلألأ كقطعة من السبيكة الصافية ، أو كلؤلؤة بيضاء . وهذا كفر مبين لقوله تعالى " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " . الثانية عشرة : أحد هذين الفريقين من الهشامية . الثالثة عشر : الزرارية : أتباع زرارة بن أعين المتوفى سنة 150 هـ وقد كان على مذهب القطعية الذين قالوا بإمامة عبد الله بن جعفر، ثم انتقل عنه فكان يقول بمذهب الموسوية - و يقال إنه رجع عن التشيع – وكانوا يقولون : إن الله تعالى لم يكن عالما ، ولا قادرا، ثم خلق لنفسه علما ، وحياة ، وقدرة ، وإرادة ، وسمعا ، وبصرا ، وجرى على قياس قولهم هذا قوم من بصرية القدرية ، فقالوا : كلام الله مخلوق له ، وإرادته مخلوقه له ، وزاد عليه الكرامية فقالوا : إن إرادته وإدراكاته حادثة . الرابعة عشر : اليونسية : أتباع يونس بن عبد الرحمن القمي ، وكان في الإمامة على مذهب القطعية ، وكان مفرطا في التشبيه ، حتى كان يقول : إن حملة العرش يحملون إله العرش ، وهو أقوى منهم ، كما أن الكرسي تحمله أرجله ، وهو أقوى من أرجله . الخامسة عشر : الشيطانية : أتباع محمد بن علي بن النعمان الرافضي الملقب بشيطان الطاق ، وكان في الإمامة على مذهب القطعية ، وكان يقول : إن الله تعالى لا يعلم الشر قبل أن يكون ، كما كان يقوله هشام بن الحكم ، وقد كان يوافق هشاما الجواليقي في كثير من بدعه . ولعلك ترى أن كل هذه الطوائف اشتركت في الزيغ والابتداع والضلال ، وإن كانت متفاوتة في ذلك ، حتى خرج بعضهم عن الإسلام ، وبعضهم الآخر كاد ، ومعظم هذه الفرق الكافرة انتسبت إلى الإسلام زورا وبهتانا ، محاولةً النيلَ منه كما سبق ، بيد أنها بادت في القرون الغابرة ، لا نسمع لها اليوم رجزا ، وإن كانت هناك فئة قريبة من أهل السنة والجماعة ، وأخرى ضلالها مردود ومع هذا لا يحكم عليها بكفر وإخراج من ملة الإسلام ، وهؤلاء هم معظم الشيعة في العالم الآن الذين يقرب عددهم من الأربعمائة مليون ، ولا تخلط بين تلك الفرق ، فتتسرع إلى التكفير والإخراج من الملة ، وإلا وقعت فيما أنكرته عليهم من تكفير المخالفين ببدعهم وضلالهم ، كما فعل السلف الطالح من الروافض والخوارج ، وسيأتيك في آخر الكتاب تفنيد لما يثار حول شيعة العصر من الضلالات ، لتعرف حجمها وحقيقتها ، ومكانتها عند أهل الحق من سلفنا الصالح رضي الله عنهم وأرضاهم .
__________________
مدونتي ميدان الحرية والعدالة
|
#4
|
||||
|
||||
![]() نشأة الكلام عن الفرق الإسلامية وتبديعها وتضليلها وتكفيرها، معتمد علي حديث اشتهر بين الناس بحديث (افتراق الأمم) والحديث رواه عن أبي هريرة أحمد وأبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم وأبو يعلي والبيهقي ، ورواه ابن ماجه والطبراني واللفظ لابن ماجه من حديث عوف بن مالك قال : قال رسول الله : "افترقت اليهود علي إحدى وسبعين فرقه ، فواحدة في الجنة وسبعون في النار . وافترقت النصارى علي اثنتين وسبعين فرقه ، فإحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنة . والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي علي ثلاث وسبعين فرقه فواحدة في الجنة وثنتان وسبعون في النار " . قيل : يا رسول الله ، من هم ؟ قال : " الجماعة " . هذا الحديث اختلف العلماء بين تصحيحه وتضعيفه . يقول ابن تيمية رحمة الله تعالي : (مع أن حديث الثنتين والسبعين فرقة ليس في الصحيحين ، وقد ضعفه ابن حزم وغيره ، لكن حسنه غيره أو صححه ، كما صححه الحاكم وغيره ، وقد رواه أهل السنن وروي من طرق . وفي هذا الحديث وحديث " القدرية والمرجئة مجوس هذه الأمة " قال ابن حزم: (هذان الحديثان لا يصحان أصلا من طريق الإسناد) . وجعله ابن حزم ضمن الأحاديث المعلولة جدا . و قال ابن الوزير اليماني : (إياك والاغترار بـ " كلها هالكة إلا واحدة " فإنها زيادة فاسدة غير صحيحة القاعدة ، لا يؤمن أن تكون من دسيس الملاحدة ، وعن ابن حزم : أنها موضوعه ، غير موقوفه ولا مرفوعه ) . وسئل يحيي بن معين عن حديث : " تفترق أمتي علي بضع وسبعين فرقه ، أعظمها فتنه علي أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم ، فيحلون الحرام ويحرمون الحلال " قال يحي بن معين : ( ليس له أصل ) . ولو كان الشطر الأول من الحديث له أصل ؛ لقال له أصل والشطر الثاني لا يثبت ؛ ولكن عمم بأن الحديث ليس له أصل . وقال الشمس محمد بن أحمد البشاري المقدسي في (أحسن التقاسيم ) بعد أن عدد الفرق ، فذكر حديث : " اثنتان وسبعون في الجنة وواحدة في النار " وحديث : " اثنتان وسبعون في النار وواحدة ناجية " . قال : هذا أشهر والأول أصح – يعني حديث " اثنتان وسبعون في الجنة ، وواحدة في النار " أصح ، فتدبر ؛ ليتبين لك قيمة رأي من يكفر الثنتين وسبعين فرقة ، ويترك الأصح ، هذا إذا افترضنا صحة حديث " كلهم في النار إلا واحدة " . وحديث : " تفترق أمتي علي بضع وسبعين فرقة : كلهما في الجنة إلا الزنادقة " أخرجه الديلمي في مسند الفردوس عن أنس وسكت عليه الحافظ ابن حجر كما في زهر الفردوس . وسعي العجلوني في التوفيق بين الحديثين بحمل أحدهما علي الابتداء والآخر علي الانتهاء . وقال الإمام الكوثري بسقوط حديث تفترق أمتي عند جماعة من أهل العلم بالحديث من المشارقة بل المغاربة . وقال : وهذا لا يتوقف في الحكم بعدم الصحة علي حديث أبي داود والترمذي وابن ماجة ، عن أبي هريرة (الحديث) بدون زيادة " اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة " وفي رواية لأبي داود والحاكم بتلك الزيادة ، ولعل ذلك من جهة وجود محمد بن عمرو الليثي بين رواته ، وهو ممن أخرج له الشيخان في المتابعات فقط ، ومثله لا يحتج بحديثه إذا لم يتابع . وقد صحح الحاكم الحديث علي شرط مسلم ولكن تعقبه الذهبي بأن محمد بن عمرو لم يحتج به منفردا ولكن مقرونا بغيره . وأما ما رواه بمعناه في ابن ماجه و البيهقي ، وغيرهما ، ففي بعض أسانيده عبد الرحمن بن زياد ابن أنعم ، وفي بعضها كثير بن عبد الله ، وفي بعضها عباد بن يوسف ، وراشد بن سعد ، وفي بعضها الوليد بن مسلم ، وفي بعضها مجاهيل كما يظهر من كتب الحديث ، ومن تخريج الحافظ الزيلعي لأحاديث الكشاف ، وهو أوسع من تكلم في طرق هذا الحديث . وقد حاول الشيخ الألباني رحمة الله تعالى أن يجمع الطرق لتصحيح هذا الحديث وبخاصة زيادة " كلها في النار إلا واحدة " فلم ينتهض لكثرة الضعفاء والمجاهيل في شتي الروايات . كما أن الحديث ضعيف من جهة المتن لثلاثة أسباب : الأول : قد نص الحديث على افتراق اليهود إلى إحدى وسبعين فرقه ، والنصاري إلى اثنتين وسبعين فرقه ، وهذا مخالف للواقع فاليهود والنصاري لم يفترقوا إلى هذا العدد ولا نصفه . الثاني : أن علماء السنة قديما تكلفوا في جمع الثلاث وسبعين فرقه وعددها حتى شرَّحوا كل فرقة إلى مجموعة فرق ، حتي أوصلوها جميعا إلى العدد المذكور في الحديث . فماذا يكون العدد اليوم وقد انضاف إليهم البابية ، والبهائية ، والعلمانية ، وعبدة الشيطان ، وغير هؤلاء من الذين يرفضون تحكيم شريعة الإسلام وتفضيل شريعة الغرب عليها ، ومن المتهجمين على فرائض الإسلام كالحجاب ، وتعطيل الجهاد . حتما سيكون هناك اضطراب في معني المتن وضبط العدد . الثالث : اختلاف العدد في ذكر عدد الفرق في أمتنا حيث روي الطبري العدد " إحدى وسبعين " بدلا من " اثنتين وسبعين " كما أشار الشاطبي في الاعتصام إلى ذلك . فالحديث ضعيف سندا ، مضطرب متناً . ولو صح الحديث لكان حجة لجميع الفرق والمذاهب ، ولاحتجت به كل فرقة علي أنها علي الحق وغيرها علي الباطل . وعليه فهذا الحديث في جملته لا يصلح لتكفير الشيعة والرافضة وغيرها من الفرق الضالة . بل سعي البعض إلى استخدام هذا الحديث لتفريق الأمة و المعاداة والمخاصمة ، والتبرؤ من المسلمين الذين يستقبلون قبلتنا ويصلون صلاتنا ويصومون صيامنا ويحجون حجنا ويؤدون زكاتنا ويجاهدون عدونا . مع أن الحديث أضافهم إلى أمة النبي فقال : " تفترق أمتي " فهم من أمته رغم افتراقهم كقوله تعالي : ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ) فنسبهم إلى الإيمان رغم بغيهم واقتتالهم . يقول ابن تيمية : (وليس قوله " ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنه " بأعظم من قوله : " ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك علي الله يسيرا " . وأمثال ذلك من النصوص الصريحة بدخول من فعل ذلك النار ، ومع هذا فلا نشهد لمعين بالنار لإمكان أنه تاب ، أو كانت له حسنات محت سيئاته ، أو كفَّر الله عنه بمصائب ، أو غير ذلك كما تقدم . بل المؤمن بالله ورسوله باطنا وظاهرا الذي قصد اتباع الحق وما جاء به الرسول إذا أخطأ ولم يعرف الحق كان أولى أن يعذره الله في الآخرة من المتعمد العالم بالذنب ، فإن هذا عاصٍ مستحق للعذاب بلا ريب ، وأما ذلك فليس متعمدا للذنب بل هو مخطيء والله قد تجاوز لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان ) . وأصبح هذا الحديث وسيلة لخذل المجاهدين ضد الأعداء كما نرى اليوم في جهاد حزب الله اللبناني ضد اليهود . بل أصبح وسيلة لإطفاء جذوة الجهاد وحمية التضحية في سبيل الله ، وإخماد عاطفة الأخوة والنصرة لإخواننا من المسلمين حتى ولو كانوا أهل بدع وضلال ، وهذا كله لا يصب إلا في ميزان اليهود والأمريكان أعداء الإسلام ، وعلي الله التكلان .
__________________
مدونتي ميدان الحرية والعدالة
|
#5
|
||||
|
||||
![]() الفصل الثالث حكم المخطئين في العقائد هناك من المنتسبين لأهل السنة من يكفر الفرق الأخرى لمجرد خطئهم في بعض مسائل الاعتقاد تماما كما كان يفعل الخوارج فيمن خالفهم وقد أوضح ابن تيميه رحمة الله وجلى هذه المسألة . يقول ابن تيمية : (وأما مسائل العقائد فكثير من الناس كفروا المخطئين فيها. وهذا القول لا يعرف عن أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، ولا يعرف عن أحد من أئمة المسلمين ، وإنما هو في الأصل من أقوال أهل البدع الذين يبتدعون بدعه ، ويكفرون من خالفهم كالخوارج والمعتزلة والجهمية ، ووقع ذلك في كثير من أتباع الأئمة، كبعض أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم ، وقد يسلكون في التكفير ذلك ؛ فمنهم من يكفر أهل البدع مطلقاً ثم يجعل كل من خرج عما هو عليه من أهل البدع ، وهذا بعينه قول الخوارج والمعتزلة والجهمية . وهذا القول – أي تكفير كل مبتدع لبدعته أيضا لا يوجد في طائفة من أصحاب الأئمة الأربعة ، ولا غيرهم ، وليس فيهم من كفر كل مبتدع ، بل المنقول الصريح عنهم يناقض ذلك ، ولكن قد ينقل عن أحدهم أنه كفر من قال بعض الأقوال ، ويكون مقصوده أن هذا القول كفر ليحذر ، ولا يلزم إذا كان القول كفرا أن يكفر كل من قاله مع الجهل والتأويل ، فان ثبوت الكفر في حق الشخص المعين كثبوت الوعيد في الآخرة في حقه ، وذلك له شروط وموانع كما بسطناه في موضعه . وإذا لم يكونوا في نفس الأمر كفارا لم يكونوا منافقين ، فيكونون من المؤمنين ، فيستغفر لهم ويترحم عليهم …. ثم قال : فهذا أصل عظيم ينبغي مراعاته ، فان كثيرا من المنتسبين إلى السنة فيهم بدعة من جنس بدع الروافض والخوارج . وأصحاب رسول الله : علي بن أبي طالب وغيره لم يكفروا الخوارج الذين قاتلوهم ، بل أول ما خرجوا عليه وتحيزوا بحروراء وخرجوا عن الطاعة والجماعة قال لهم علي بن أبي طالب : إن لكم علينا أن لا نمنعكم من مساجدنا ولا نمنعكم حقكم من الفيء ثم أرسل لهم ابن عباس فناظرهم ، فرجع نحو نصفهم ، ثم قاتل الباقي وغلبهم . ومع هذا السبب لم يَسْب لهم ذريةً ، ولا غَنِم لهم مالا ، ولا سار فيهم سيرة الصحابة في المرتدين كمسيلمة وأمثاله ، بل كانت سيرة علي والصحابة في الخوارج مخالفة لسيرة الصحابة في أهل الردة ، ولم ينكر أحد على عليٍ ذلك . فعُلم اتفاق الصحابة علي أنهم لم يكونوا مرتدين عن دين الإسلام … فقد صرح علي بأنهم مؤمنون ليسوا كفارا ولا منافقين . وهذا بخلاف ما كان يقوله بعض الناس كأبي إسحاق الإسفرايني ومن اتبعه : (لا نكفر إلا من يكفرنا) فإن الكفر ليس حقا لهم ، بل هو حق الله ، وليس للإنسان أن يكذب على من يكذب عليه، ولا يفعل الفاحشة بأهل من فعل الفاحشة بأهله . ومما يدل علي أن الصحابة لم يكفروا الخوارج أنهم كانوا يصلون خلفهم ومع هذا فالصحابة والتابعون لهم بإحسان لم يكفروهم ولا جعلوهم مرتدين ولا اعتدوا عليهم بقول ولا فعل ، بل اتقوا الله فيهم وصاروا فيهم السيرة العادلة ، وهكذا سائر أهل البدع والأهواء من الشيعة والمعتزلة وغيرهم. فمن كفَّر الثنتين وسبعين فرقة كلهم ، فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان …. مع أن حديث " الثنتين وسبعين فرقة " ليس في الصحيحين ، وقد ضعفه ابن حزم وغيره ، لكن حسنه غيره أو صححه ، كما صححه الحاكم وغيره ، وقد رواه أهل السنن ، وروي من طرق ، وليس قوله " اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة " بأعظم من قوله تعالي: " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرا " وقوله : "ومن يفعل ذلك عدوانا وظلماً فسوف نصليه ناراً ، وكان ذلك علي الله يسيراً".. ثم قال ابن تيمية : ومع هذا فلا نشهد لمعين بالنار ؛ لإمكان أنه تاب، أو كانت له حسنات محت سيئاته ، أو كفر الله عنه بمصائب أو غير ذلك ، بل المؤمن بالله ورسوله باطناً وظاهراً ، الذي قصد اتباع الحق وما جاء به الرسول ، إذا أخطأ ولم يعرف الحق كان أولي أن يعذره الله في الآخرة من المتعمد العالم بالذنب ، فإن هذا عاص مستحق للعذاب بلا ريب ، وأما هذا فليس متعمداً للذنب بل هو مخطيء ، والله قد تجاوز لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان . وقال : ( والأئمة لم يتنازعوا في عدم تكفير المرجئة والشيعة المفضلة ، ونحو ذلك ، ولم تختلف نصوص أحمد في أنه لا يكفر هؤلاء ، وإن كان من أصحابه من حكى في تكفير جميع أهل البدع ، وهذا غلط على مذهبه وعلى الشريعة ) . قال الإمام الطبري : (لو كان كل من ادُّعِيَ عليه مذهب من المذاهب الرديئة ثبت عليه ما ادعى به ، وسقطت عدالته ، وبطلت شهادته بذلك للزم ترك أكثر محدثي الأمصار لأنه ما منهم إلا وقد نسبه قوم إلى ما يرغب به عنهم ) . وإن كان الشيعة والرافضة من الفرق الضالة المبتدعة التي كان لها تاريخ سيء تجاه أهل السنة والجماعة وكفروا الصحابة ، فهذا لا يبرر لنا تكفيرهم وإخراجهم من أمة الإسلام ، بل الواجب معاملتهم بالعدل والقسط وبما يستحقون من التضليل والتبديع . يقول ابن تيميه : (فأين هؤلاء الرافضة من الخوارج ؟ والرافضة فيهم من هو متعبد متورع زاهد ، لكن ليسوا في ذلك مثل غيرهم من أهل الأهواء ، فالمعتزلة أعقل منهم وأعلم وأدين ، والكذب والفجور فيهم أقل منهم في الرافضة ، والزيدية من الشيعة خير منهم وأقرب إلى الصدق العدل والعلم ، وليس في أهل الأهواء أصدق ولا أعبد من الخوارج ، ومع هذا فأهل السنة يستعملون معهم العدل والإنصاف، ولا يظلمونهم ، فإن الظلم حرام مطلقا كما تقدم . بل أهل السنة لكل طائفة من هؤلاء خير من بعضهم لبعض ، بل هم للرافضة خير وأعدل من بعض الرافضة لبعض ، وهذا مما يعترفون هم به ، ويقولون أنتم تنصفوننا ما لا ينصف بعضنا بعض ) . بل هم من أهل الإيمان ويشملهم الدعاء والاستغفار لهم ، كما قال ابن تيمية رحمة الله تعالي : (وإذا لم يكونوا في نفس الأمر كفاراً لم يكونوا منافقين ، فيكونون من المؤمنين ، فيستغفر لهم ويترحم عليهم، وإذا قال المسلم ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ، يقصد كل من سبقه من قرون الأمة بالإيمان وإن كان قد أخطأ في تأويل تأوله ، فخالف السنة أو أذنب ذنباً فإنه من إخوانه الذين سبقوه بالإيمان ، فيدخل في العموم ، وإن كان من الثنتين والسبعين فرقة ، فإنه ما من فرقه إلا وفيها خلق كثير ليسوا كفارا بل مؤمنين فيهم ضلال وذنب يستحقون به الوعيد كما يستحقه عصاة المؤمنين ، والنبي لم يخرجهم من الإسلام ، بل جعلهم من أمته ، ولم يقل إنهم يخلدون في النار ، فهذا أصل عظيم ينبغي مراعاته ، فإن كثيرا من المنتسبين إلى السنة فيهم بدعة من جنس بدع الرافضة والخوارج) . فابن تيمية يعد الرافضه الشيعة مؤمنين يترحم عليهم ويستغفر لهم ويشملهم الدعاء ، وإنهم يشبهون عصاة المؤمنين ، فليسوا إذا بكافرين بل من أهل السنة من يشبه الخوارج والرافضة في بدعهم وضلالهم ، ومع هذا نسبوا إلى أهل السنة ولم يخرجوا عن هذه النسبة . وحديث " اثنتين وسبعين فرقة " لم يخرجهم من الإسلام بل توعدهم بالعذاب فقط مثل عصاة أهل السنة فكلهم مؤمنون مسلمون ولكن تتفاوت مراتب القرب والبعد من الله وفهم دين الإسلام وتطبيقه وفيهم الأبرار والأتقياء ، وفيهم العصاة والضلال . قال ابن تيمية : (والرافضة فيهم من هو متعبد متورع زاهد….) . ومع اشتداد شر الرافضه علي المسلمين في عصر ابن تيميه حيث مالئوا الكفار وعاونوا التتار والصليبيين وتركوهم يذبحون المسلمين - كما تروي كتب التاريخ - إلا أن ابن تيمية لم يكفرهم لذلك بل عدل معهم ، وبين أن هذه هي سيرة السلف الصالح من أهل السنة والجماعة . يقول ابن تيميه في شأن الخوارج الذين هم أشر علي المسلمين من غيرهم : (وما روي من أنهم " شر قتلي تحت أديم السماء ، خير قتيل من قتلوه " في الحديث الذي رواه أبو أمامة ، رواه الترمذي وغيره أي : إنهم شر علي المسلمين من غيرهم ، فإنهم لم يكن أحد شر علي المسلمين منهم ، لا اليهود ولا النصارى ، فإنهم كانوا مجتهدين في قتل كل مسلم لم يوافقهم مستحلين لدماء المسلمين وأموالهم ، وقتل أولادهم ، مكفرين لهم ، وكانوا متدينين لذلك لعظم جهلهم وبدعتهم المضلة . ومع هذا فالصحابة والتابعون لهم بإحسان لم يكفروهم ولا جعلوهم مرتدين ولا اعتدوا عليهم بقول ولا فعل ، بل اتقوا الله فيهم وصاروا فيهم السيرة العادلة . وهكذا سائر الفرق من أهل البدع والأهواء من الشيعة والمعتزلة وغيرهم ) . والعدل واجب معهم حتى لو كفروا المسلمين وفضلوا عليا علي أبي بكر وعمر وعثمان فهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة . يقول ابن يتيمة في كشف أهل البدع وفضحهم : (.. وكذلك الرافضة، ابتدعوا تفضيل عليٍ على الثلاثة، وتقديمه في الإمامة ، والنص عليه، ودعوا العصمة له ، و كفروا من خالفهم وهم جمهور الصحابة وجمهور المؤمنين ، حتى كفروا أبا بكر وعمر وعثمان ومن تولاهم، هذا هو الذي عليه أئمتهم …..وأئمة السنة وأهل العلم والإيمان : فيهم العدل والعلم والرحمة ، فيعلمون الحق الذي يكونون به موافقين للسنة، سالمين من البدعة ، ويعدلون علي من خرج منها ولو ظلمهم كما قال تعالي : " كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم علي أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى …." فلهذا كان أهل العلم والسنة لا يكفرون من خالفهم ، وإن كان ذلك المخالف يكفرهم ؛ لأن الكفر حكم شرعي فليس للإنسان أن يعاقب بمثله كمن كذب عليك، وزني بأهلك ، ليس لك أن تكذب عليه وتزني بأهله ، لأن الكذب والزنا حرام لحق الله تعالي ، وكذلك التكفير حق لله تعالي ، فلا يُكَفر إلا من كفره الله ورسوله ، وأيضا فإن تكفير الشخص المعين وجواز قتله : موقوف على أن تبلغه الحجة النبوية التي يكفر من خالقها ، وإلا فليس كل من جهل شيئاً من الدين يُكَفَّر) . فالأصل في هذه الفرق والطوائف الإيمان ، لكن إيمانهم شابه شيء من البدع والضلال مما لا يخرجهم عن حظيرة الإسلام فقد اشتبه عليهم الحق بالباطل ، كما اشتبهت أشياء علي بعض علماء أهل السنة فأُنكر عليهم ، ولم يكفرهم إمام معتبر . يقول ابن تيميه رحمه الله تعالي : وإذا كان هؤلاء – يعني : الخوارج – الذين ثبت ضلالهم بالنص والإجماع ، لم يكفروا ، مع أمر الله ورسوله بقتالهم ، فكيف بالطوائف المختلفين ، الذين اشتبه عليهم الحق في مسائل غلط فيها من هو أعلم منهم ؟ فلا يحل لإحدى هذه الطوائف أن تكفر الأخرى ، ولا تستحل دمها ومالها ، وإن كانت فيها بدعة محققة ، والأصل أن دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم محرمة من بعضهم علي بعض ، ولا تحل إلا بإذن الله ورسوله ، قال : " كل المسلم علي المسلم حرام : دمه وماله وعرضه " وقال: " من صلي صلاتنا ، واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا ، فهو المسلم له ذمة الله ورسوله " وقال : " إذا قال المسلم لأخيه يا كافر ، فقد باء بها أحدهما " وهذه الأحاديث كلها في الصحاح . فتكفير أهل الأهواء والبدع كالرافضة والخوارج والجهمية وغيرهم لا يجوز إلا إذا أتوا بمكفر صريح لا يختلف عليه أحد ، يقول الإمام الشهيد حسن البنا وأرضاه : (لا نكفر مسلماً أقر بالشهادتين ، وعمل بمقتضاهما ، وأدى الفرائض – برأي أو معصية – إلا إن أقر بكلمة الكفر ، أو أنكر معلوما من الدين بالضرورة ، أو كذَّب صريح القرآن ، أو فسره علي وجه لا تحتمله أساليب اللغة العربية بحال ، أو عمل عملا لا يحتمل تأويلا إلا الكفر) . وقال علي القارئ : (وقال ابن حجر – أي : المكي – الصواب عند الأكثرين من علماء السلف والخلف : أنا لا نكفر أهل البدع والأهواء إلا إن أتوا بمكفر صريح لا استلزامي ؛ لأن الأصح أن لازم المذهب ليس بلازم . ومن ثم لم يزل العلماء يعاملونهم معاملة المسلمين في نكاحهم وإنكاحهم ، والصلاة علي موتاهم ، ودفنهم في مقابرهم ، لأنهم وإن كانوا مخطئين غير معذورين ، حقت عليهم كلمة الفسق والضلال ، إلا أنهم لم يقصدوا بما قالوه اختيار الكفر ، وإنما بذلوا وسعهم في إصابة الحق فلم يحصل لهم ، لكن لتقصيرهم بتحكيم عقولهم وأهويتهم، وإعراضهم عن صريح السنة والآيات ، من غير تأويل سائغ . وبهذا فارقوا مجتهدي الفروع ، فإن خطأهم إنما هو لعذرهم بقيام دليل آخر عندهم مقاوم لدليل غيرهم من جنسه ، فلم يقصروا ، ومن ثم أثيبوا علي اجتهادهم ) . نعم قد يكون هناك بعض من كفر تلك الفرق ، ولكن ذلك راجع إلى بيان نوع الكفر ليُحذَر ، وأن هذا القول كفر ليُحذَر ، وليس تكفيرا للمعين أو الأفراد أو عموم الفرق التي تعد بالملاين . وهذا هو الذي تقويه الأدلة السمعية والعقلية . يقول الإمام الشاطبي : (وقد اختلفت الأمة في تكفير هؤلاء الفرق أصحاب البدع العظمى ، ولكن الذي يقوي في النظر ، وبحسب الأثر : عدم القطع بتكفيرهم ، والدليل عليه عمل السلف الصالح فيهم …) . فهذه الفرق جميعا داخلة في أمة محمد سوى من ظهر كفره بضوابط التفكير التي نص عليه الإمام البنا في رسالة التعاليم الأصل العشرين من أصول فهم الإسلام . وإن كان فيهم بعض الضُّلال والفساق والمنحرفين تماما كما يوجد ذلك عند بعض أهل السنة والجماعة – أمثال العلمانيين ، والذين يفصلون الدين عن الدولة ، والذين ينكرون العمل في السياسة، والداعين إلى العري والتبذل ويوالون الغرب والشرق ويناصرون أعداء الأمة ويوالونهم ، ويتنازعون علي الحدود فيما بينهم من أمثال حكام المسلمين وحكوماتهم المنتسبين إلى أهل السنة ، بل خرج من أهل السنة من يعبدون الشيطان، ويتجرءون علي حدود الله، وينكرون المعلوم من الدين بالضرورة كالحجاب ، والحكم بما أنزل الله . فإذا أتي دعي وكفر أهل السنة وأخرجهم عن أمة الإسلام بسبب ما ذكرناه ؛ فهو جاهل لا محالة، فكذلك الفرق الأخرى، توزن بنفس الميزان،وإن كان ضلالهم أشد وبدعهم أشهروأبعد عن الإسلام؛ لكن يجب العدل والرحمة في الحكم عليهم كما نص أئمة الإسلام . يقول ابن تيمة رحمة الله تعالي : ( وإن كان من الثنتين والسبعين فرقه ، فإنه ما من فرقة إلا وفيها خلق كثير ليسوا كفارا بل مؤمنين ، فيهم ضلال وذنب يستحقون به الوعيد كما يستحقه عصاة المؤمنين ، والنبي لم يخرجهم من الإسلام بل جعلهم من أمته ، ولم يقل : إنهم مخلدون في النار . فهذا أصل عظيم ينبغي مراعاته ، فان كثيرا من المنتسبين إلى السنة فيهم بدعة من جنس بدع الروافض والخوارج …… ) . كلام بعض الأئمة في الشيعة والروافض نسب إلى بعض أئمة السلف تكفير الروافض ، وهذا إن افترضنا صحته عن بعضهم فيجب أن يحمل علي أحد أمرين : الأول : أنهم أرادوا التحذير من مقالة الكفر وبيان أن هذا القول كفر، دون تكفير الأفراد والأعيان . الثاني : أنهم قد ثبت لديهم كفرُ بعض الأعيان من الروافض بما أتوه أو قالوه فأعلنوا ذلك ، فيجب التفصيل بين النوع والعين ولا شك أن من الرافضة نفسِها فرقًا كافرةً كالذين ألَّهُوا عليا والأئمة من عترته ، أو نفوا نبوة محمد " " فالغالب أن تكفير الأئمة متوجه نحو هؤلاء دون سواهم من بقية الرافضة . كما أن تلك الطوائف كانت قليلة العدد بالنسبة لغيرها من الإمامية الإثنا عشرية والزيدية ، وقد اندثرت أغلب هذه الطوائف اليوم، وما نلمسه من شيعة هذا الزمان لا نجد فيهم من يؤله عليا أو غيرَه أو ينفي نبوة محمد ؛ بل كلهم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. بل نسبة تكفير الرافضة إلى بعض أئمة السلف لا تغلو من ادعاء أو افتراء ، أو تحميلهم ما لم يقصدوه . يقول ابن تيميه رحمه الله تعالي : ( ولكن المقصود هنا أن مذاهبَ الأئمة مبنيةٌ علي هذا التفصيل بين النوع والعين ، ولهذا حكى طائفة عنهم الخلاف في ذلك ، ولم يفهموا غور قولهم ، فطائفة تحكي عن أحمد في تكفير أهل البدع روايتين مطلقًا حتي تجعل الخلاف في تكفير المرجئة والشيعة المفضلة لعلي ، وربما رجحت التكفير والتخليد في النار . وليس هذا مذهب أحمد ولا غيره من أئمة الإسلام ، بل لا يختلف قوله : أنه لا يكفر المرجئة الذين يقولون : الإيمان قول بلا عمل ، ولا يكفر من يفضل عليا على عثمان ، بل نصوصه صريحة بالامتناع من تكفير الخوارج والقدرية وغيرهم ) .
__________________
مدونتي ميدان الحرية والعدالة
|
#6
|
||||
|
||||
![]() الفصل الرابع حكم رواية الأحاديث النبوية عن أهل الأهواء والبدع لا تعجب إذا علمت أن أهل السنة والجماعة قد أجازوا رواية الأحاديث النبوية عن أهل الأهواء والبدع – بما فيهم الشيعة والرافضة – ما داموا لم يظهر عليهم الكذب . واختلفوا في من كان منهم داعية إلى بدعته ، هل يُروي عنه أم لا ؟ قال الإمام عبد العظيم المنذري : (فقالت طائفة : لا يحتج بحديثهم جملة ، وذهبت طائفة إلى قبول أخبار أهل الأهواء ، الذين لا يعرف منهم استحلال الكذب ولا الشهادة لمن وافقهم بما ليس عندهم فيه شهادة . وذهبت طائفة إلى قبول غير الدعاة من أهل الأهواء ، فأما الدعاة فلا يحتج بأخبارهم ، ومنهم من ذهب إلى أنه يقبل حديثهم إذا لم يكن فيه تقوية لبدعتهم) . وقال الإمام الشافعي وأرضاه : (أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم ) . ومثل هذا القول قاله ابن أبي ليلي والثوري والقاضي أبو يوسف صاحب أبي حنيفة . قال العز بن عبد السلام : (لا تُرد شهادة أهل الأهواء لأن الثقة حاصلة بشهاداتهم حصولها بشهادة أهل السنة ، ومدار قبول الشهادة والرواية على الثقة بالصدق ، وذلك متحقق في أهل الأهواء تحققه في أهل السنة . والأصح أنهم لا يكفرون ببدعهم) . وقال ابن حجر العسقلاني : (والتحقيق أنه لا يرد كل مكفر ببدعته ، لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة ، وقد تبالغ فتكفر مخالفيها ، فلو أخذ ذلك علي الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف ، فالمعتمد أن الذي ترد روايته من أنكر أمراً متواتراً من الشرع ، معلوماً من الدين بالضرورة ، وكذا من اعتقد عكسه ، فأما من لم يكن بهذه الصفة ، وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه ، فلا مانع من قبوله ، والثاني : وهو من لا تقتضي بدعته التفكير أصلاً ، وقد اختلف أيضا في قبوله ورده ، فقيل : يرد مطلقاً ، وهو بعيد ، وأكثر ما عُلِّلَ به أن في الرواية عنه ترويجاً لأمره ، وتنويهاً بذكره ، وعلي هذا فينبغي أن لا يُروي عن مبتدع شيءٌ يشاركه فيه غيرُ مبتدع . وقيل : تقبل مطلقًا ، إلا إن اعتقد حل الكذب ، كما تقدم ، وقيل : يقبل من لم يكن داعية إلى بدعته؛ لأن تزيين بدعته قد يحمله علي تحريف الروايات ، وتسويتها علي ما يقتضيه مذهبه ، وهذا في الأصح . وأغرب ابن حبان فادعى الاتفاق علي قبول غير الداعية من غير تفصيل ، نعم الأكثر علي قبول غير الداعية إلا إن روي ما يقوي بدعته ، فيرد علي المذهب المختار ، وبه صرح الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني شيخ أبي داود ، والنسائي في كتابه " معرفة الرجال " . فقال : في وصف الرواة : ( فمنهم زائغ عن الحق – أي عن السنة – صادق اللهجة ، فليس فيه حيلة إلا أن يؤخذ من حديثه ما لا يكون منكراً إذا لم يُقَوّ بدعته ) . والقول بعدم الاحتجاج بأهل البدع مطلقاً ضعيف لاحتجاج صاحبي الصحيحين وغيرهما بكثير من المبتدعة غير الدعاة كعمران بن حطان الشيعي ، وعبد الحميد الحماني المرجيء ، أما قبول دعوة غير الدعاة إلى بدعتهم فهو الأظهر والأعدل كما قال الإمامان النووي والعراقي رضي الله عنهما . وقال ابن حجر : ( أما التشيع : فقد قدمنا أنه إذا كان ثبت الأخذ والأداء لا يضره ، لا سيما ولم يكن داعية إلى رأيه ) . واختلف الناس في الاحتجاج برواية الرافضة علي ثلاثة أقول : المنع مطلقاً ، والترخص مطلقاً ، إلا من يكذب ويضع ، والثالث التفصيل بين العارف بما يحدث وغيرِه . قلت وهذه الشروط تشمل أهل السنة أيضا من عدم الكذب والوضع والمعرفة بالحديث . ولقد ترك البعض من أئمة أهل السنة الرواية عن الداعين إلى بدعتهم المجاهرين بها ، إهانة له ، وإخماداً لمذهبه ، يعني عقابا وليس تكفيراً بل أجازوا الرواية عن الداعية إلى مذهبه إذا كان عنده أثر تفرد به ، أو سنة تفرد بها فلا تترك السنة لأجل بدعته . يقول ابن دقيق العيد : (وهل تقبل رواية المبتدع فيما يؤيد مذهبه ، فمن رأي رد الشهادة بالتهمة ، لم تقبل ، ومن كان داعية متجاهرًا ببدعته فليُتْرَك إهانة له ، وإخمادًا لمذهبه ، اللهم إلا أن يكون عنده أثر تفرد به ، فنقدم سماعه منه ) . ويقول الإمام الذهبي : (القدري والمعتزلي والجهمي والرافضي ، إذا عُلِم صدقُه في الحديث وتقواه ، ولم يكن داعيا إلى بدعته ، فالذي عليه أكثر العلماء : قبول روايته ، والعمل بحديثه . وترددوا في الداعية ، هل يؤخذ عنه ، فذهب كثير من الحفاظ إلى تجنب حديثة وهجرانه ، وقال بعضهم : إذا علمنا صدقه ، وكان داعية ووجدنا عنده سنة تفرد بها ، فكيف يسوغ لنا ترك السنة ؟ فجميع تصرفات أئمة الحديث تؤذن بأن المبتدع إذا لم تُبِحْ بدعتُه خروجَه من دائرة الإسلام ، ولم تبح دمه ، فإن قبول ما رواه سائغ وهذه المسألة لم تتبرهن لي كما ينبغي ، والذي اتضح لي منها أن من دخل في بدعة ، ولم يُعَدَّ من رؤوسها ، ولا أمعن فيها ، يقبل حديثه) . رواية البخاري ومسلم عن أهل الفرق الإسلامية. إذا علمت أن أئمة الحديث من أهل السنة اعتمدوا في كثير من مروياتهم علي رواة من الفرق المختلفة كالرافضة وعموم الشيعة والقدرية والمرجئة والخوارج والجهمية والمعتزلة وغيرهم – إذا علمت هذا – فتيقن أن أئمة السلف الصالح لم يُقْدِمُوا علي تكفير هذه الفرق وإنما اكتفوا بتبديعهم وتضليلهم ، وإلا لما أباحوا الرواية عنهم ، بل أجمعت الأمة علي صحة ما في الصحيحين البخاري ومسلم ، مع أنه يوجد عدد كبير من أهل الفرق المختلفة مروي عنهم في الصحيحين ، حتي قال الإمام الحاكم : (صحيح مسلم ملآن من الشيعة) . قال الإمام (السيوطي) : (فائدة : أردت ان أسرد هنا من رمي ببدعته ممن أخرج لهم البخاري ومسلم أو أحدهما) ، ثم ذكرهم وسماهم ، فبلغ عدد من : رمي بالإرجاء 13 رمي برأي جهم 1 رمي بالنصب 7 رمي بالتشيع 24 رمي بالقدر 30 رمي بالحرورية من الخوارج 2 رمي بالوقف منهم 1 رمي بالحرورية من الخوارج القعديه 1 فكان مجموعهم 79 راوياً – هذا فقط في الصحيحين . تفصيل من روي لهم البخاري من أهل الفرق المختلفة الأصل في مقدمة شرح فتح الباري لصحيح البخاري لابن حجر العسقلاني المسماة هداية الساري، الرد علي من عاب علي البخاري ذكر أفراد متكلم فيهم بخاصة من أهل الفرق الأخرى . وذكرهم ابن حجر اسما اسماً وبين تهمة كلٍ فكانوا كالآتي : من رمي بالإرجاء 11 من رمي برأي جهم 1 وهو أيوب بن عائد الطائفي من رمي بالنصب 6 من رمي بالتشيع 18 من رمي بالقدر 27 من رمي بالرفض 1 وهو عباد بن يعقوب ، ( وممن رمي بالرفض أيضا عبد الملك بن أعين ) . من رمي بالحرورية من الخوارج 2 وهما عكرمة مولي ابن عباس والوليد بن كثير بن يحيى المدني . من رمي بالوقف في القرآن 1 وهو علي بن أبي هاشم من رمي بالقَعَدِيَّة من الخوارج 1 وهو عمران بن حطان فيكون المجموع 68 راوياً في البخاري وحده . أسماء من روي لهم البخاري واتهموا بالتشيع 1. إسماعيل بن أبان . 2. جرير بن عبد الحميد . 3. خالد بن مخلد القطواني . 4. سعيد بن فيروز البختري . 5. سعيد بن عمرو بن أشوع . 6. سعيد بن كثير بن عفير . 7. عباد بن العوام . 8. عبد الله بن عيسي بن عبد الرحمن بن أبي ليلي . 9. عبد الرزاق بن همام الصنعاني ( شيخ الإمام البخاري) . 10. عبد الملك بن أعين (قال عنه سفيان بن عيينه: كان رافضيا). 11. عبد الله بن موسي الأنصاري . 12. عدي بن ثابت الأنصاري . 13. علي بن الجعد . 14. الفضل بن دكين أبو نعيم ( صاحب حلية الأولياء ) . 15. فطر بن خليفة (ونسبه أحمد إلى الخشبية فرقة من الجهمية) . 16. محمد بن جحادة الكوفي . 17. محمد بن فضيل بن غزوان . 18. مالك بن إسماعيل أبو غسان . 19. عباد بن يعقوب ( رمي بالرفض ) . بعض تراجم لمن روى لهم البخاري من الشيعة 1. عباد بن يعقوب الأسدي أبو سعيد الرَّوَاجِنِّي الكوفي أحد رؤوس الشيعة . وثقه أبو حاتم وابن خزيمة ، ووصفه ابن العماد بالحافظ الحجة ،وقال ابن عدي : فيه غلو ؛ روي أحاديث منكرة في فضائل أهل البيت ، وقال صالح بن محمد : يشتم عثمان، لذلك قال ابن حبان : كان داعية إلى الرفض ، وقال ابن حجر : رافضي مشهور إلا أنه كان صدوقا ، وثقه أبو حاتم ، وقال الحاكم : وكان ابن خزيمة إذا حدث عنه قال : حدثنا الصدوق في روايته المتهم في دينه عباد بن يعقوب . قال البخاري : مات سنة 250 هـ . ومع اشتهاره بالرفض فقد روي له البخاري في كتاب التوحيد حديثا واحدا مقرونا بغيره ، كما روي له أحمد والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة والحاكم والبيهقي والطبراني والدارقطني والطبري في التفسير وابن عساكر في التاريخ . 2. عباد بن العوام بن عمر بن عبد الله الكلابي مولاهم أبو سهل الواسطي، قال فيه ابن سعد: يتشيع.ووثقه ابن معين والنسائي وأبو حاتم والعجلي، وقال عنه ابن العماد في شذرات الذهب: كان صاحب حديث وإتقان . مات سنة 185 هـ . ومع تشيعه فقد روي له أحمد بن حنبل ، وأحمد بن منيع ، وأبو الربيع الزهراني ، وأبو بكر بن أبي شيبة في عشرات المواضع من مصنفه ، والحسن بن عرفة ، وزياد بن أيوب ، وخلق . وأخرج له البخاري في البيوع والتوحيد من صحيحه ، وأخرج له مسلم وأصحاب السنن والمعاجم والمصنفات والصحاح في مواطن عديدة . 3. أما عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري مولاهم أبو بكر الصنعاني ، فهو أحد الأئمة الأعلام الحفاظ ، شيخ أئمة المحدثين والفقهاء من أهل السنة والجماعة . روي عنه : وكيع ، وأحمد ، وإسحاق بن منصور ، وعبد بن حميد ، وعمرو بن يوسف ، وسلمة بن شبيب ، وابن المديني ، وابن معين ، ومحمد بن رافع ، وخلق ، وأكثر البخاري ومسلم وأصحاب السنن والمسانيد والمعاجم الرواية عنه ، ولعل أكثر السنن مروية من طريقه ، قال ابن عدي : رحل إليه أئمة المسلمين وثقاتهم ولم نر بحديثة بأساً إلا أنهم نسبوه إلى التشيع ، مات سنة 211 هـ . 4. وعبد الملك بن أعين الشيباني موالهم الكوفي . وثقه العجلي ، وقال سفيان الثوري : حدثنا عبد الملك بن أعين ، وكان رافضيا ، وقال أبو حاتم شيعي محله الصدق ، وقال ابن معين: ليس بشيء ، وكان ابن مهدي يحدث عنه ثم تركه ، وذكره الحاكم النيسابوري في النوع التاسع والأربعين من معرفة علوم الحديث ، في معرفة الأئمة الثقات المشهورين من التابعين وأتباعهم من أهل الكوفة . روي عنه سفيان الثوري وسفيان بن عيينة ، وقال أبو حاتم محله الصدق ، وقال ابن عيينه رافضي ، روي له البخاري في كتاب التوحيد ومسلم في كتاب الإيمان من صحيحيهما ، كما روى له الترمذي والنسائي في التفسير ، و أبو داود والحاكم في البيوع ، والنسائي في السهو والعتق ، كما روى له الشافعي وابن ماجه والبيهقي في الزكاة ، كما روى له ابن أبي شيبة وابن حبان ، والطبراني في المعجم الكبير ، والطبري في التفسير . 5. أما عدي بن ثابت الأنصاري الكوفي فكان إمام مسجد الشيعة وقاضيهم وقال الجوزجاني : مائل عن القصد ، وقال عفان عن شعبة : كان من الرفاعين ، وقال المسعودي : ما أدركنا أحدا أقوم بقول الشيعة من عدي بن ثابت . ومع ذلك فقد وثقه : أحمد ، والعجلي ، والنسائي ، وروي عنه أئمة أهل السنة مثل: الأعمش ، ومسعر ، ويحي بن سعيد الأنصاري ، وزيد بن أبي أنيسة ، وشعبة ، والمسعودي ، وأبو حنيفة في مسنده ، وقال أبو حاتم : صدوق إمام مسجد الشيعه ، مات سنة 116 هـ . فانظر إلى إمام مسجد الشيعة وقاضيهم وداعية إلى التشيع ويقال فيه صدوق ويوثقه الأئمة الأخيار ويروي عنه أئمة الحديث ؟؟!! فمن يجرؤ علي تكفير أمثال هؤلاء ، إلا خارجي مجانب لما كان عليه هدي السلف الصالح من أهل السنة والجماعة . 6. أما علي بن الجعد بن عبيد الهاشمي مولاهم أبو الحسن الجوهري البغدادي الحافظ العلم ، فقد قال فيه الجوزجاني : علي بن الجعد متشدد بغير بدعة – يعني : بأكثر من بدعة - زائغ عن الحق ، ونسبه إلى الغلو في التشيع ، مات سنة 230 هـ . ومع غلوه في التشيع فقد وثقه ابن معين ووصفه ، أبو حاتم بالإتقان في الحديث وقال النسائي صدوق . لذلك روي له أحمد – رغم كلامه فيه من أجل التشيع - وابن معين والبخاري في الصحيح ، ومسلم خارج الصحيح ، وأبو داود وابن ماجه والبيهقي والطبراني ، وغيرهم ، واعتمد عليه أبو القاسم البغوي في كثير من مروياته ، واعتمد فقهاء الأحناف رواياته عن أبي يوسف . قال ابن حجر : (علي بن الجعد بن عبيد الجوهري أبو الحسن البغدادي أحد الحفاظ . قال يحيى بن معين : ما روى عن شعبة من البغداديين أثبت منه ، فقال له رجل : ولا أبو النضر ، فقال: ولا أبو النضر ، فقال : ولا شبابة قال ولا شبابة . وقال أبو حاتم : لم أر من المحدثين من يحدث بالحديث على لفظ واحد لا يغيره سوى علي بن الجعد ، وذكره غيره ، ووثقه آخرون ، وتكلم فيه أحمد من أجل التشيع ، ومن أجل وقوفه في القرآن . قلت : روى عنه البخاري من حديثه عن شعبة فقط أحاديث يسيرة وروى عنه أبو داود أيضاً ) . 7. ومحمد بن فضيل بن غزوان الضبي أبو عبد الرحمن الكوفي. قال فيه الخزرجي : ( شيعي غال باطنه ، لا يسب ) وقال أبو داود: كان شيعيا محترقاً ،وقال ابن سعد كان صدوقا كثير الحديث شيعيا وبعضهم لا يحتج به ، وعلل ابن حجر ذلك لتشيعه ، وكان يترحم على عثمان بن عفان وكانت تظهر عليه آثار أهل السنة والجماعة . قال البخاري مات سنة 195 هـ . ومع ذلك فقد وثقه ابن سعد وأحمد وابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي كما روي عنه : الثوري ، وأحمد ، وإسحاق ، وعمر بن علي ، وخلق كثير ، وأخرج له البخاري في الصحيح . 8. وخالد بن مخلد البجلي القطواني . قال العجلي ثقة فيه تشيع ، وقال ابن سعد كان متشيعا مفرطا ، وقال صالح جزرة كان ثقة إلا أنه كان متهما بالغلو في التشيع ، وقال أبو داود صدوق إلا أنه يتشيع ، مات سنة 213 هـ . روي عنه : البخاري ، وأحمد بن الخليل ، وإسحاق ، وأبو كريب ، وخلق . قال ابن معين : ما به بأس ، وقال ابن عدي : لا بأس به عندي ، وقال أحمد : له أحاديث مناكير ، وقال أبو حاتم : يُكتب حديثه ولا يُحْتَجُّ به . فإذا علمت أن البخاري اتخذ شيخا مفرطا ومغاليا في تشيعه ، وروى عنه أكثر من عشرين حديثا ؛ فاعلم أن هذا لا بأس به عند أهل السنة والجماعة . وروى له مسلم في مواضع عديدة من صحيحه ، وكذلك أصحاب السنن والمعاجم والأسانيد . 9. إسماعيل بن أبان الأزدي الوراق أبو إسحاق الكوفي أحد شيوخ البخاري ولم يكثر عنه مات سنة 116 هـ . قال الجوزجاني : كان مائلا عن الحق ولم يكن يكذب في الحديث ؛ قال ابن عدي : يعني ما عليه الكوفيون من التشيع . وثقه أحمد والبخاري،ورويا عنه، كما روى عنه ابن معين والدارمي. 10. جرير بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي الرازي أبو عبد الله القاضي ، نسبه قتيبة إلى التشيع المفرط ، توفى سنة 188 هـ . ومع هذا فقد أجمعوا على ثقته ، وقال ابن عمار : حجة ، وقال ابن المديني كان صاحب حجة ، كما احتج به الجماعة . 11. سعيد بن فيروز أبو البختري ويقال ابن أبي عمران الطائي الكوفي مولاهم مشهور في التابعين ، أحد العباد والقراء ، كثير الإرسال عن كبار الصحابة قال عنه ابن معين : ثبت وقال مرة ثقة ، كما وثقه أبو زرعة وأبو حاتم ، وذكره ابن حبان في الثقات ،ونقل ابن خلفون توثيقه عن ابن نمير، وعن حبيب بن أبي ثابت قال : اجتمعت أنا و سعيد بن جبير وسعيد أبي البختري الطائي، وكان الطائي أعلمنا وأفقهنا ، وقال العجلي : تابعي ثقة فيه تشيع ، مات في دير الجماجم سنة83. روى عنه عمرو بن مرة وسلمة بن كهيل وعطاء بن السائب ويونس بن خباب ويزيد بن أبي زياد وحبيب بن أبي ثابت ، و أخرج له البخاري حديثا واحدا عن ابن عمر وعن ابن عباس 12. سعيد بن عمرو بن أشوع الهمداني الكوفي قاضيها ومن الفقهاء ، توفي سنة 120 . وثقه النسائي وابن حبان ، والعجلي والحاكم وقال : يُجمع حديثه ، وقال البخاري : رأيت إسحاق بن راهُويَه يحتج بحديثه ، و قال أبو إسحاق الجُوزَجَاني : كان زائغا يعني في التشيع . قال ابن حجر : ( والجوزجاني غالٍ في النصب فتعارضا ، وقد احتج به الشيخان ، والترمذي له عنده حديثان ، أحدهما متابعة ) . روى عنه أبو إسحاق السبيعي ، وزكريا بن أبي زائدة ، وخالد الحذاء، والثوري ، وأخرج له الأئمة ؛ البخاري ومسلم في صحيحيهما . 13. سعيد بن كثير بن عُفَيْر أبو عثمان الحافظ البصري الأنصاري مولاهم ، من شيوخ البخاري ، مات سنة 226 هـ وقال السعدي : فيه غير لون من البدع ، ورد ابن عدي ذلك . وثقه ابن معين وأبو حاتم و النسائي وابن عدي وابن يونس ، وقال الحاكم : يقال إن مصر لم تخرج أجمع للعلوم منه . وروى عن مالك ، والليث ، وابن لهيعة ، وابن وهب ، وسليمان بن بلال ، وطائفة . وروى عنه ابناه عبيد الله ، وأسد ، والذهلي ، والبخاري ، وأبو بكر محمد بن إسحاق الصاغاني ، وعثمان بن خرزاذ . وروى له البخاري ، ومسلم ، والنسائي ، وأبو داود في القدر . 14. عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري أبو محمد الكوفي مات سنة 130هـ قال ابن معين : ثقة يتشيع . وثقه ابن معين ، النسائي ، وابن خراش ، والحاكم ، والعجلي ، وأثنى عليه شريك ، كما ضعفه ابن المديني ، والدارقطني . وله حديثان في البخاري . روى عن سعيد بن جبير عند مسلم وروى عن جده عبد الرحمن بن أبي ليلى في الصحيحين كما روى عن عكرمة خارج الصحيحين ، وروى عن الشعبي ، والزهري ، وأبيه عيسى ، وأمية بن هند المزني، وعبد الله بن أبي جعد الغطفاني ، وموسى بن عبد الله بن يزيد الخطمي . وروى عنه سعيد بن زريق ، وإسماعيل بن أبي خالد، وشعبة ، والثوري ، وأبو فروة مسلم بن سالم الجهني . 15. عبد الله بن موسى العبسي الأنصاري الكوفي شيخ البخاري وعبد بن حميد ، كان عالما بالقرآن رأسا فيه ، قال ابن حجر : ( عبد الله بن موسى العبسي رُمي بالتشيع ) . روى عن حبيب بن سليم العبسي ، و حدث عن الأعمش ، وشيبان ، وسفيان ، وآخرون . وروى عنه أبو بكر بن أبي شيبة ، ومحمود بن غيلان . 16. أبو نعيم الفضل بن دكين ، وهو الفضل بن عمرو بن حماد بن زهير التيمي القرشي مولى آل طلحة الأحول الملائي الكوفي ، توقي سنة 219 هـ . وثقه ابن سعد وأحمد والنسائي والعجلي وجماعة ، قال ابن حجر : (الثناء عليه في الحفظ والتثبت يَكْثُرُ إلا أن بعض الناس تكلم فيه بسبب التشيع ، ومع ذلك فصح أن قال : ما كتبت علي الحفظة أني سببت معاوية ، احتج به الجماعة ) . روى عن الأعمش، وزكريا بن أبي زائدة، سفيان، وإسرائيل، وخلق. وروى عنه ابن أبي شيبة، وأحمد ، وإسحاق ، ويحيى بن معين ، والبخاري ، وعبد بن حميد وعبد الله الدارمي ، وجماعة . 17. فِطر بن خليفة القرشي المخزومي مولاهم أبو بكر الحناط كوفي من صغار التابعين توفي سنة155 هـ . قال العجلي : كان فيه تشيع قليل ، وقال أبو بكر بن عياش : تركت الرواية عنه لسوء مذهبه ، وقال أحمد بن يونس : كنا نمر به وهو مطروح لا نكتب عنه ، وقال الدارقطني : زائغ لم يحتج به ومع ذلك روى له البخاري حديث : "ليس الواصل بالمكافئ" مقرونا بسفيان والأعمش والحسن بن عمرو ، كما روى له أصحاب السنن . فقد وثقه ابن سعد ، وأحمد ، وابن معين ، والنسائي ، والعجلي ، والقطان ، والساجي . روى عن مولاه عمرو بن حريث ، وأبي الطفيل ، وروى عنه السفيانان ، وأبو نعيم . 18. محمد بن جُحادة الأودي الأيامي الكوفي، من صغار التابعين مات سنة 131هـ . قال أبوعوانة : كان محمد بن حجادة يغلو في التشيع ، وقال ابن حجر : رمي بالتشيع . وقد أثنى عليه أبو داود ، وذكره ابن حبان في الثقات ، ووثقه أحمد ، وأبو حاتم ، والنسائي ، وعثمان بن أبي شيبة ، وجماعة ، وتكلم فيه بعضهم . روى عن أنس ، وأبي حازم الأشجعي ، والحسن ، وعطاء ، والحكم، وطلحة ، ووائل بن علقمة، وطائفة . وروى عنه ابن عون ، وإسرائيل ، وشريك ، وشعبة ، وهمام ، وهشيم ، والحارث، وعبد الله بن شوذب ، وعبد الوارث أروى الناس عنه ، وآخرون . قال ابن حجر : ( روى له الجماعة ، وما له في البخاري سوى حديثين لا تعلق لهما بالمذهب ) . 19. مالك بن إسماعيل بن زياد بن درهم أبو غسان النهدي ، مولى لهم، الكوفي ، الحافظ الحجة ، سبط حماد بن أبي سليمان الفقيه مات في خلافة المعتصم غرة ربيع الثاني سنة 219هـ . قال ابن حجر : (ذكره ابن عدي في الكامل من أجل قول الجُوزجاني إنه كان خشبيا ؛ يعني شيعيا) . وقال ابن سعد : ( كان أبو غسان صدوقا متشيعا شديد التشيع ) ، وقال ابن أبي شيبة : ( لولا كلمته – يقصد تشيعه - لما كان يفوته في الكوفة أحد ) . وثقه النسائي ، والعجلي ، وأثنى عليه يحيى بن معين وقال : ( ليس بالكوفة أتقنُ منه ) وقال ابن أبي شيبة: ( ثقة صحيح الحديث من العابدين ) وقال ابن حجر : ( مجمع على ثقته ) . وعاب الذهبي على ابن عدي إيراده في الكامل في ضعفاء الرجال لأجل تشيعه مع اتصافه بالعدالة والإتقان ، قال الذهبي عن مالك بن إسماعيل النهدي : ( ثقة مشهور ، تناكد ابن عدي بإيراده ، مع اعترافه بصدقه ، وعدالته ؛ وساق قول الثوري فيه : كان حسنيا ؛ يعني على مذهب شيخه الحسن بن صالح ) . روى عن الأئمة مثل : ابن عيينة ، وزهير بن معاوية ، وإسرائيل ، وأسباط بن نصر ، والحسن بن صالح ، وهارون بن عبد الله ، وشريك ، والقاسم بن ينعقد، والمطلب بن زياد ، والحارث بن عبيد، وعبد الرحمن بن حميد الرواسي ويعقوب بن عبد الله القمي الأشعري، وعبد الوهاب بن سليمان ، وعبد السلام بن حرب ، وخلق، كما أنه من كبار شيوخ البخاري أخرج له في الصحيح والتاريخ الكبير مباشرة وكذلك أبو داود ، وأخرج له مسلم وغيره بواسطة ، وروى عنه أحمد بن زهير ، وهارون بن عبد الله ، ومحمد بن إسماعيل بن سالم الصايغ ، وابن أبي شيبة ، وجمع من الرواة . فهذه نبذة يسيرة تبين أن أهل السنة قبلوا رواية المبتدعين حتى الداعية منهم إلى بدعته ورؤوسهم وأئمتهم وقضاتهم وغلاتهم كعلي بن الجعد ، ومحمد بن فضيل بن غزوان ، وعدي بن ثابت الأنصاري ، وعباد بن يعقوب الأسدي هذا هو الواقع الذي لا مراء فيه ، ومنكر هذا ما هو إلا منكر لما أجمعت الأمة علي صحته مما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما . ولا معني لرواية سلفنا الصالح عن الشيعة إلا تأكيدا علي أنهم مسلمون من أهل القبلة ، لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وقد نأخذ بعضا من سنة نبينا محمد من طريق روايتهم ، وليسوا كفاراً بأية حال سوي من أظهر كفره بالشروط التي سبق أن ذكرناها ، مع الاعتراف بأنهم أهل بدعة وضلالة بالنسبة إلينا نحن أهل السنة والجماعة .
__________________
مدونتي ميدان الحرية والعدالة
|
#7
|
||||
|
||||
![]() الفصل الخامس دلائل علي إسلام الشيعة وعدم تكفير العلماء لهم من دلائل قبول الأمة إسلام الشيعة وأنهم من أهل القبلة الآتي : أنهم تركوهم يؤدون مناسك الحج ويطوفون بالبيت دون نكير ، وإلا لمنعوهم من ذلك لقوله تعالي : " إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا " . أن موتاهم يدفنون في مقابر المسلمين كما هو في دول الخليج ، بل منهم من يدفن بالبقيع بالمدينة المنورة ، ويصلى عليهم بالحرمين الشريفين . تدريس منهجهم وفقههم الجعفري بالأزهر الشريف منذ عشرات السنين بلا إنكار من علماء الأزهر ، معتبرين فقههم في زمرة فقه الإسلام ، كما تجد ذلك في الموسوعة الفقهية التي أصدرها المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر. كما ترى قديما ذكر علماء السنة لآراء الشيعة الفقهية ، وحكايتها عنهم ، وقرنها بآراء أهل السنة الفقهية ، أو الرد عليها وإنكارها ، كما في فتح الباري لابن حجر ، وشرح مسلم للنووي في مسائل مثل : الوضوء ، وطهارة المسك ، والمسح على الخفين ، وميراث النبي ، والصلاة على الصوف . بل ضم علماءُ السنة آراء الشيعة في بعض مسائل الإجماع ، ومخالفتهم للإجماع خرق له ؛ يقول الإمام الخطابي : ( تحريم المتعة كالإجماع إلا عن بعض الشيعة ) فانظر كيف جعل مذهب الشيعة في المتعة خارقا للإجماع ، مما يدل على اعتبار مذهبهم الفقهي عند أهل السنة والجماعة . روي الأئمة كالبخاري ومسلم في الصحيحين ، وكذلك أصحاب السنة والمسانيد والمعاجم عن كثير من الشيعة في مختلف مسائل الفقه والاعتقاد ، وأجمعت الأمة علي صحة ما في البخاري ومسلم ، كما نص ابن الصلاح في مقدمته في علوم الحديث ، فنحن نأخذ شيئا من سنتنا من طرق الشيعة أحياناً . لم يُفْت أحد من أئمة السلف بوجوب قتالهم ، ولا قاتلهم إمام مسلم من خلفاء المسلمين لأجل كفرهم أو ردتهم . أنهم يرفعون راية الجهاد في سبيل الله تعالى في لبنان لتحرير بلاد المسلمين من الأعداء ، في حين نرى الكثير من المنتسبين إلى أهل السنة والجماعة تاركين للجهاد ، بل منكرين له أحيانا، قد ضعفت نفوسهم عن البذل والتضحية والعطاء . هناك من علمائهم وأئمتهم من هو مبجل ومعترف بفضلهم لدي أهل السنة مثل : الإمام عبد الرزاق الصنعاني صاحب المصنف ، وهو من شيوخ البخاري . وكذلك أبو نعيم الفضل بن دكين صاحب حلية الأولياء . وكذلك الحاكم النيسابوري صاحب المستدرك علي الصحيحين . وكذلك الشوكاني صاحب نيل الأوتار . والصنعاني صاحب سبل السلام .
__________________
مدونتي ميدان الحرية والعدالة
|
#8
|
||||
|
||||
![]() الفصل السادس الخطر الشيعي على أهل السنة ومشروع التقارب بينهما لا شك أن الشيعة الإمامية أهل تعصب لأئمتهم وتشدد في مذهبهم وإن كنا لا نقل بكفرهم ، فإن تعصبهم وتشددهم يوجب علينا الحذر منهم ومراجعتهم في أهوائهم وضلالاتهم ، وتبصير الأمة ببدعهم وأخطائهم فلا يُفتتن بهم ضعيفُ الإيمان ، ولا يركن إليهم غيرُ بصير ، فتاريخهم نحو أهل السنة مشوب بالسوء والحقد والمكر والخداع ، مستمد من جذور قديمة ومذاهب دفينة كان لليهود والمجوس يدٌ في إثارتها لتفتيت جسد أمتنا . ومع هذا فهم إخوة لنا في الدين يحتاجون منا إلى النصح والإرشاد والصبر على أذاهم ، حتى ينصلح أمرهم ويقتربوا من أهل السنة والجماعة ويكونوا معنا يداً واحدة على عدونا وعدوهم . لذا كان الأئمة والدعاة منذ زمن بعيد يسعون إلى التقريب بيننا وبينهم ففي القرن الخامس الهجري قام الملك الوزير نظام الملك – الملقب بقوام الدين – بإنشاء المدارس النظامية التي درَّس فيها علماء المذهبين الشيعي والسني ، ومن هؤلاء كان الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله تعالى الذي سعى نحو التقارب بين المذهبين والتقى عام 1947 م الإمامَ الشيعيَ آيةَ الله تقي القمي ، وكانت هناك لجنة للتقارب بين المذهبين ضمت العديد من علماء الأمة الأجلاء مثل : العلامة الشهير الشيخ محمد عبد الله دراز وكيل الأزهر الأسبق ، والشيخ أحمد حسين مفتي وزارة الأوقاف ، والشيخ محمد عبد الفتاح العناني عضو هيئة كبار العلماء ، والشيخ عيسى منون عضو هيئة كبار العلماء ، والشيخ الدكتور عبد الوهاب خلاف ، والشيخ الدكتور علي الخفيف ، والشيخ الدكتور محمد عبد اللطيف السبكي ، وكلهم من أعلام علماء العالم الإسلامي ، ولهم مكانتهم العالية في نفوس أهل السنة والجماعة ، وفي عام 1960 م أصدر الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر فتواه الشهيرة التي جاء فيها ( إن مذهب الشيعة الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإثنا عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب أهل السنة ، فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك، وأن يتخلصوا من العصبية بغير الحق لمذاهب معينة ، فما كان دين الله وما كانت شريعته تابعة لمذهب أو مقتصرة على مذهب ، فالكل مجتهدون مقبولون عند الله تعالى ، يجوز لمن ليسوا أهلا للنظر والاجتهاد تقليدهم والعمل بما يقررونه في فقههم ، ولا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات . ولعل المخطط الغربي ضد العالم الإسلامي ، كان سببا في تعثر هذا التقارب ، وعدم ظهور ثمرة له ، بل تأججت الفتن بين السنة والشيعة إبان الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات من القرن الماضي ، وقد حاول بعض العلماء الكتابة فيما يخدم هذا المشروع مثل شيخنا المفضال المستشار سالم البهنساوي رحمه الله تعالى ، والدكتور يوسف القرضاوي ، والدكتور محمد سليم العوا ، وآخرين . كما قامت لجنة من العلماء تضم أمثال الشيخ القرضاوي ، والدكتور سليم العوا ، وآخرين من المنتمين إلى المذهبين ، بإحياء مشروع التقارب بينهما عن طريق اللقاءات، والندوات ، والمكاشفات، والمناقشات، والتأليف ، انطلاقا من وحدة الأمة ، ونبذ التعصب ، والتمسك بالحق ، بعيدا عن التعدي أو السب أو اللعن الذي يفرق أكثر مما يجمع ، كل هذا تحت مبدأ القاعدة الذهبية ( نجتمع على ما اتفقنا عليه ، ويعذر بعضا البعض فيما اختلفنا فيه ) . وليس معنى التقريب أن يتخلى أهل السنة عن أصولهم أمام أصول الشيعة كما يظنه البعض ، بل ذلك راجع إلى بيان الحق من الباطل ، والصواب من الخطأ ، وإزالة الشبهات التي أثيرت من الطرفين ضد الآخر ، فكما أن في الشيعة من يكفر أهل السنة ويصفهم بالبدع والتبديل ، كذلك نجد ممن ينتمون إلى أهل السنة بعضَ من يكفر الشيعة ، ويوجب قتالهم ، والشيخ القرضاوي – وهو من أئمة أهل السنة – له دور كبير في هذه المسيرة ، ولم يمنعه ذلك من أن يعلن مآخذه على المرجعيات الشيعية الذين لا يقدمون الكثير نحو هذا التقارب ، فلا يستقيم أن يترضى أهل السنة على آل البيت الأطهار ، بينما لازال في الشيعة من يسب أبا بكر وعمر وعثمان وعائشة وغيرهم من الصحابة الكرام . كذلك سكوت المرجعيات الشيعية عما يُحدثه الشيعة في العراق من أذى وقتل لإخواننا أهل السنة هناك ، والواجب عليهم إصدارُ الفتاوى التي تحرم هذا الفعل وتجرمه حتى يرتدع الناس وإن كانت الفتنة بين السنة والشيعة في العراق مبدؤها سياسي بحت وليس طائفيا ، فأصابع العدو الأمريكي واليهودي من ورائها حيث يطلقون عليها الفوضى الخلاقة التي تخدم الأطماع الغربية في العالم الإسلامي القائمة على التفريق ، ثم شغل الفِرق داخل البلد الواحد بالنزاع والاقتتال ، حتى يتمكنوا من تحقيق أغراضهم واستنزاف ثرواتهم وتشويه الدين السمح الحنيف أمام العالم الغربي والشرقي بل أمام المسلمين فينشغلوا بهذه الفتن وينصرفوا عن التصدي للعدو الداهم . فالاستعمار الغاشم لم يترك بلاد الإسلام إلا بعد أن وضع مخططه لتفتيتها ، وفي عام 1982م نشرت مجلة ( كيفوتيم ) الصادرة عن المنظمة الصهيونية العالمية وثيقة بعنوان ( استراتيجية إسرائيلية للثمانينيات ) تحدثت عن الخطط الساعية لفصل جنوب السودان وتقسيمه،ومخطط تقسيم لبنان إلىعدد من الدويلات الطائفية، كما تحدثت عن تقسيم العراق كمخطط صهيوني، فقالت الوثيقة ![]() وهذا ما حدث بالفعل ؛ ففي غمرة انشغال الشعوب الإسلامية بالاقتتال الدائر بين أهل العراق سنة وشيعة، احتلت أثيوبيا الصومال، وقصف الطيران الأمريكي أرض الصومال ، ولم تحرك الشعوب ساكناً ، فقد سيطر عليها صورة الفتنة في العراق التي ضخمها الإعلام وجعلها حديث ووجدان الناس ، فأصبحوا في غفلة عن حقيقة ما يخطط لهم . أضف إلى هذا أن هدف العدو الآن خلق حالة نفسية لدى أهل السنة والجماعة قوامها كراهية الشيعة وبغضهم وتمني زوالهم والقضاء عليهم ، حتى إذا ما قامت القوات الأمريكية أو اليهودية بضرب إيران أو سوريا أو لبنان ، وقتها يجد المسلمون راحة نفسية إن لم يؤازرها في هذا العدوان ، أو يسكتوا عن التنديد والشجب والإدانة ، ثم تتحول الدفة بعد ذلك على أهل السنة في مصر والسعودية والمغرب العربي والسودان ، ويقلب لنا العدو ظهر المِجَنِّ ووقتها يقول أهل السنة : إنما أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض . ونظرة فاحصة إلى اقتتال أهل السنة في شمال أفغانستان تحت الراية الأمريكية مع إخوانهم السنة في الجنوب ، وكذلك ما حدث من انقلاب عسكري من أهل السنة في الجزائر تحت الراية الفرنسية على إخوانهم السنة من الإسلاميين الذين فازوا بأكثر من 80% في انتخابات المحليات ، ودخول الجيش العراقي المحسوب على أهل السنة إلى الكويت ظلما واغتصابا ، وما ثار من خلافات حدودية بين الدول العربية ، كما رأيناه بين مصر والسودان ، واليمن والسعودية ، وقطر والسعودية ، والمغرب والجزائر ، والمغرب وموريتانيا ، والإمارات وإيران ، وما ثار من قتال بين فتح وحماس في فلسطين ، يؤكد لنا أن الفتنة سياسية وليست طائفية بحتة ، بل التاريخ يؤكد ذلك ؛ فموقعة الجمل ، وحرب صفين ، لم تكن بين مذهبين دينيين ، فكلهم صحابة عدول ، دفعتهم الظروف إلى الاجتهاد فمنهم المخطئ ومنهم المصيب ، ولكل أجر بإذن الله تعالى ، وكيف رأينا أمراء أهل السنة متنازعين على الملك متقاتلين عليه إبان موت عماد الدين زنكي ، حتى وحدهم نور الدين الشهيد ، ثم تنازعوا من بعده ، فقاتلهم صلاح الدين الأيوبي حتى جمعهم تحت رايته ، ثم تفرقوا من بعده ، وتنازعوا قتالا فيما بينهم لأجل الملك والسلطان ، كما وصل الأمر ببعض أتباع المذاهب السُّنِّيَّة ما يصعب تصوره مما تراه في أسئلتهم للأئمة كابن تيمية وغيره عن حكم من لا يصلي إلا خلف إمام على مذهبه ، أو لا يتزوج إلا ممن هي على مذهبه . وكذلك ما كان من قتال الجيوش المصرية للحركة الوهابية بنجد ، والحركة المهدية بالسودان ، ومنهم من استجاب للأعداء ، واستقوى بهم على إخوانه المسلمين ، وكأنَّ التاريخ يعيد نفسه ، فكما أن الصليبيين والتتار لم يتمكنوا من النفاذ إلى العالم الإسلامي إلا بإثارة النعرات بين أهل السنة أنفسهم فضلا عن الطوائف الأخرى ، واستقطاب من استطاعوا ، فكذلك اليوم لم يستطع الأمريكان من دخول بلاد الإسلام إلا عن طريق الحكام الموالين لهم لأجل الملك والمال ، ووجدوا ممن ينتسب إلى أهل السنة من يفتي لهم بجواز الاستعانة بهم لقتال العراق ، وتحرير الكويت من صَدَّام وغفلوا عن أن الحقيقة هي احتلال العدو للخليج العربي وإقامة قواعده العسكرية ببلاد المسلمين . والتاريخ يشهد أن أهل السنة والشيعة في العراق والبحرين والسعودية وسوريا ولبنان وآسيا الوسطى وباكستان وأفغانستان واندونيسيا كانوا يعيشون معا أمة واحدة دون فتن أو اقتتال، مما يؤكد أن هذه الأمة يمكن لها أن تعود أمة واحدة على قلب رجل واحد .
__________________
مدونتي ميدان الحرية والعدالة
|
#9
|
||||
|
||||
![]() اقتباس:
فهو لا يعمل بما ينقل هداه الله
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]() اقتباس:
لابد ان يكون هناك انصافا فاذا كان الشيعه لهم دور مشين قديما فالشيعه الحاليون يختلفون كليا بحال انهم يراجعون انفسهم دوما وباستمرار لكي يصلوا الي الحق والفضيله فهم الان يعيشون بين اظهرنا فلابد ان نسالهم فيما نسب اليهم وانا بنفسي شهدت تلك المراجعات مع بعض اصدقائي الشيعه علي المنتديات ولن اذكر اسمها بالطبع ويعارضون اي سب لصحابه رسول الله بل انهم يقولون بنفس قولنا ان من اعتدي علي صحابيا بالقول كان اثما اثما عظيما وذلك لان قراننا هو قرانهم فهم يقراون ليلا ونهارا فضل الصحابه في القران وقد اوردت في مدونتي بعضا من تفاسيرهم في القران والتي تثني علي الصحابه وانا ما زلت عند قولي اخي مصطفي ان من يفعل تلك الافعال المشينه هم اهل تعصب وجهل مثلما الحال عندنا بالضبط فنحن للاسف و قد اوضحت في كتاباتي السابقه اننا نعاني ايضا من الجهل والتعصب خاصه عندما يتعلق الامر ببعض الامور الخاصه بالشيعه فلا نتعلق باهل التعصب والاهواء والذي لا هم لهم الا اشعال الفتن بين المسلمين فهم الجديرون بالمواجهه الفكريه لانهم يفسدون اكثر مما يصلحون ويعطلون الاصلاح اكثر مما يتقدمون فيه وجزاك الله خيرا
__________________
مدونتي ميدان الحرية والعدالة
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |