الأخلاقيات الإسلامية في الطب الجيني: تأصيل شرعي ومعايير تطبيقية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13893 - عددالزوار : 743442 )           »          ليدبروا آياته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          من خلق المسلم: الرفق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 82 )           »          أبو منصور الجواليقي‎ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          خطبة الجمعة والفرص الضائعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الخطابة في الأندلس المنذر بن سعيد البلوطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          قراءة في حديث (البر والإثم) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          من وحي سورة القصص (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          نفحات القرآن...حول ظلمات الكفر وأضواء الإيمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          ثُمامة ابن أثال أسير إحسان النبي صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-01-2025, 09:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,134
الدولة : Egypt
افتراضي الأخلاقيات الإسلامية في الطب الجيني: تأصيل شرعي ومعايير تطبيقية

الأخلاقيات الإسلامية في الطب الجيني

تأصيل شرعي ومعايير تطبيقية

الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني


مقدمة:
شهدت العقود الأخيرة تطورًا هائلًا في مجال الطب الجيني والهندسة الوراثية؛ ما أتاح للبشرية فرصة التدخل في الشيفرة الوراثية للإنسان؛ بهدف العلاج أو تحسين الصفات الجينية، إلا أن هذا التقدم العلمي أثار تحدياتٍ أخلاقية تتعلق بحدود هذا التدخل وتأثيراته في كرامة الإنسان ومبادئ العدالة الاجتماعية، في هذا السياق، يأتي الإسلام بمنظومته الأخلاقية المتكاملة ليقدم إرشادات شرعية، وضوابطَ عملية للتعامل مع هذه القضايا، بما يحقِّق التوازن بين الاستفادة من هذا العلم واحترام القيم الإنسانية.

1. مفهوم الطب الجيني في الإسلام:
الطب الجيني يشمل التطبيقات التي تهدف إلى تعديل الجينات البشرية لعلاج الأمراض الوراثية أو الوقاية منها، وهو مجال علميٌّ يجمع بين الابتكار والجدل الأخلاقي، تنظر الشريعة الإسلامية إلى العلم بوصفه وسيلة لتحقيق الخير ودفع الضرر، شريطةَ أن تُحترم المبادئ الشرعية؛ قال تعالى ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾ [الإسراء: 70]، وهذا التكريم يشمل الحفاظ على النفس والجسد، وهو أحد مقاصد الشريعة الخمسة.

رؤية الإسلام للعلم الجيني:
في الإسلام، يُنظر إلى الطب الجيني من منظورين:
1- منظور علاجي: حيث يُباح استخدام التقنيات الجينية، إذا كان الهدف منها علاجَ مرض أو تخفيفَ معاناة.

2- منظور كمالي: حيث يُثار التساؤل الشرعي حول جواز استخدام الجينات لتحسين صفات الإنسان؛ مثل: زيادة الذكاء أو الجمال.

2.ضوابط شرعية للتدخل الجيني:
أ. تحقيق المصلحة ودرء المفسدة:
الأصل في الشرع أن المصلحة مقدَّمة على الضرر، بشرط أن تكون التطبيقات العلمية خالية من المفاسد الكبرى؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا ضرر ولا ضرار))؛ [رواه ابن ماجه].

ب. عدم التغيير في خلق الله:
يُثار الجدل حول ما إذا كان التعديل الجيني يُعدُّ تغييرًا في خلق الله؛ وقد جاء في قوله تعالى: ﴿ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾ [النساء: 119] ما يدل على تحريم التغيير العبثي، إلا أن التدخل الجيني العلاجي يُستثنى إذا كان يهدف إلى إزالة ضرر أو معالجةِ مرض.

ج. التدخل الضروري مقابل الكمالي:
في الإسلام، يتم التفريق بين التدخل الجيني الضروري؛ مثل: علاج الأمراض الوراثية الخطيرة، والتدخلات الكمالية التي تُستخدم لتحسين صفات الشخص، التدخلات الكمالية قد تُعَدُّ مخالفة لمبادئ الشريعة إذا تجاوزت حدود الفطرة.

3.قضايا أخلاقية في الطب الجيني:
أ. التلاعب بالجينات البشرية:
يمثل التلاعب بالجينات تحديًا أخلاقيًّا في الإسلام، خاصة إذا كان الهدف تحسينَ صفات الإنسان الطبيعية، من منظور الشريعة، يجب أن يقتصر التعديل الجيني على الضرورات الطبية التي تدرأ الضرر، بينما تُرفض التطبيقات التي تهدف إلى تغيير الفطرة، أو التمييز بين البشر.

ب. خصوصية المعلومات الجينية:
مع تقدم الطب الجيني، أصبحت المعلومات الوراثية جزءًا من السجلات الطبية، الإسلام يحث على حماية خصوصية الفرد؛ إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من ستر مسلمًا ستره الله))؛ [رواه البخاري]؛ لذلك، يجب الحفاظ على سرية المعلومات الجينية، ومنع استخدامها لأغراض تمييزية.

ج. التجارب الجينية:
التجارِب الجينية على الأجِنَّة أو الحيوانات تثير قضايا متعلقة برعاية الكائنات الحية، واحترام النفس البشرية، الإسلام يرفض الإضرار بالأجنة البشرية، إلا إذا كانت التجارب تهدف إلى تحقيق مصلحة مؤكدة، وفقًا لضوابط شرعية صارمة.

4.الموقف الإسلامي من التعديل الجيني للأجنة:
من أبرز القضايا التي أُثيرت في الطب الجيني هي التعديل الجيني للأجنة، ينظر الإسلام إلى هذه القضية من زاوية فقهية وأخلاقية:
علاج الأمراض الوراثية: يُباح التعديل الجيني إذا كان يهدف إلى الوقاية من أمراض وراثية خطيرة، مع مراعاة الأمان والفعالية.

اختيار جنس الجنين: هذه المسألة مثار جدل شرعيٍّ؛ حيث أجاز بعض العلماء اختيار جنس الجنين في حالات خاصة؛ مثل: تفادي الأمراض الوراثية المرتبطة بجنس معين، بشرط عدم تحويل الأمر إلى عادة تجارية.
5.أخلاقيات التعامل مع نتائج الطب الجيني:
أ. احترام الخصوصية الجينية:
الإسلام يحرص على حماية حقوق الفرد وصيانة كرامته؛ لذا يجب وضع قوانين تمنع إساءة استخدام المعلومات الجينية أو التمييز بناءً عليها.

ب. منع التمييز الوراثي:
من منظور إسلامي، لا يجوز أن يكون للصفات الوراثية دور في تقييم الأفراد أو التمييز بينهم؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13].

ج. حفظ التوازن بين الابتكار والقيم الإنسانية:
يجب أن تُستخدم التقنيات الجينية بما يحقق التوازن بين الاستفادة العلمية، والالتزام بالقيم الأخلاقية، الابتكار العلمي لا ينبغي أن يأتي على حساب المبادئ الشرعية.

خاتمة:
يُعد الطب الجيني أحد أبرز إنجازات العلم الحديث، إلا أنه يثير قضايا أخلاقية معقَّدة تتطلب تأصيلًا شرعيًّا دقيقًا، الإسلام، بمنهجه الشامل، يقدم إطارًا متوازنًا للاستفادة من هذا التقدم، مع احترام كرامة الإنسان وحماية المجتمع؛ لذا، فإن دور العلماء الشرعيين والطبيين حاسم في توجيه هذه التطبيقات العلمية بما يخدم البشرية، ويراعي الحدود الشرعية.

مراجع:
1- مقاصد الشريعة الإسلامية في الطب، د. محمد علي البار.

2- مجلة مجمع الفقه الإسلامي، قرارات وتوصيات حول القضايا الجينية.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 51.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.48 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.26%)]