|
|||||||
| الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
الإخلاص سبيل الخلاص نورة سليمان عبدالله الإخلاص مأخوذ من الخلاص، وتقول: خلص فهو خالص؛ إذا صفا وزال عنه ما يشوبه، يقول ابن فارس- رحمه الله-: "الخاء واللام والصاد أصل واحد مطرد، وهو تنقية الشيء وتهذيبه". فإذا قلت: أخلصَ الدينَ لله؛ أي: قصد وجهه وترك الرياء، بمعنى أمحض الدين لله ونقَّاه. المُخلِص هو الذي وحَّد الله خالصًا، والمُخلَص هو الذي اختصه الله؛ أي: جعله مختارًا خالصًا من الدنس. والإخلاص: هو إفراد الحق سبحانه في الطاعة بالقصد، وهو أن يريد بطاعته التقرب إلى الله سبحانه دون شيء آخر؛ من تصنُّع لمخلوق، أو اكتساب صفة حميدة عند الناس، أو محبة مدح من الخلق، أو أي معنى من المعاني، سوى التقرب به إلى الله تعالى. والإخلاص يحتاج إلى مجاهدة قبل العمل وأثناء العمل وبعد العمل: قبل العمل: بأن يقصد بعمله وجه الله عز وجل، ويصفيه عن ملاحظة المخلوقين. وأثناء العمل: تكون المجاهدة في الحفاظ على هذه النية الصادقة؛ فإن الإنسان قد يكون مخلصًا في ابتداء العمل، فإذا دخل في العمل واستقرَّ فيه ذلك، جاءه الشيطان فوسوس له، وزيَّن له إطلاع الخلق على عمله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وبعد العمل: تكون المجاهدة برؤية التقصير في العمل، وعدم استحسانه، والعجب به، واستحقاقه الثواب عليه. وقد سئل سهل بن عبدالله التستري: أي شيء أشدُّ على النفس؟ فقال: الإخلاص؛ لأنه ليس لها فيه نصيب؛ يعني النفس. وقال نعيم بن حماد: ضرب السياط أهون علينا من النية الصالحة. قال تعالى: ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾ [الفرقان: 23]. فالإخلاص حصن حصين للمؤمنين.. ولذلك قال الكرخي رحمه الله: "يا نفس، أخلصي تتخلصي". وقال تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]. فالإنسان يُحاسَب على أعماله، ويُحاسَب على نيَّاته وإراداته، وإذا نُصبت الموازين، ووضعت الصحف، أبصر العبد بعد ذلك عمله، وعرف حاله ومنزلته عند الله، يقول ابن القيم- رحمه الله-: "ما من فعلة وإن صغرت إلا ينشر لها ديوانان: لِمَ؟ وكيف؟ أي: لم فعلت؟ وكيف فعلت؟ كيف يُقوي المسلم الإخلاص في نفسه؟ 1/ أن يقصد وجه الله في كل دقيقة وجليلة. 2/ أن يكون عمل الخلوة أحب إليه من عمل الجلوة. 3/ أن يكون عمله في السرِّ مثل عمله في العَلَن أو أفضل. 4/ أن يقدم الحق على كل شيء ولو خالف هواه. 5/ أن يعمل ومع ذلك يخشى عدم القبول؛ كما جاء في الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 60] (قالت عائشة: هم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: "لا يا بنت الصِّدِّيق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدَّقون وهم يخافون ألَّا يُقبَل منهم، أولئك يسارعون في الخيرات". ما هي ثمرات الإخلاص؟ 1/ أن الإخلاص إذا وُضع على أي عمل- ولو كان من المباحات والعادات- حوله إلى عبادة وقربة؛ كالنوم، أو الأكل، أو الشرب، أو المشي، أو غير ذلك، فيكون عبادة في حقه؛ ولهذا كان السلف كما قال زبيد اليامي- رحمه الله-: "إني لأحبُّ أن تكون لي نية في كل شيء حتى في الطعام والشراب". 2/ أن العمل به يكثر ويتعاظم، يقول ابن المبارك- رحمه الله-: "رُبَّ عمل صغير تكثره النية، ورُبَّ عمل كثير تصغره النية". 3/ أنه الطريق إلى معية الله ونصره ورعايته، فالله يقول عن أهل بيعة الرضوان: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ [الفتح: 18]، قال: ﴿ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ ﴾ [الفتح: 18]، فرتَّب على علمه بما في القلوب: وهو الإخلاص والصدق، صدق العزيمة والإرادة، وصحة القصد، علم ذلك، فرتب على هذا العلم، قال: ﴿ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ [الفتح: 18]. 4/ أن صاحبه يُسدَّد، وتنبع الحكمة في قلبه، وتصدر على لسانه: كما قال مكحول وهو من علماء التابعين- رحمه الله تعالى-: "ما أخلص عبدٌ قط أربعين يومًا إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه". 5/ أن الله يكفي هذا العبد المخلص شأن الناس، وما بينه وبين الخلق، فلا يصله شيء يكرهه من جهتهم، قال الله تعالى: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾ [الزمر: 36]، وقال عمر بن الخطاب- رضى الله عنه-: "من خلصت نيَّتُه في الحق ولو على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس". قال الفضيل بن عياض- رحمه الله-: "إنما الله يريد منك نيَّتَك وإرادتك، ومن أصلح ما بينه وبين الله، أصلح الله ما بينه وبين الناس، وما أسرَّ أحدٌ سريرةً إلَّا أظهرها الله على صفحات وجهه، وفَلَتات لسانه، والمخلص من يكتم حسناته كما يكتم سيئاته، ومن شاهد في إخلاصه الإخلاص فقد احتاج إخلاصه إلى إخلاص". فإذا كان للعبد خبيئة، فإن ذلك يكون سببًا لحفظ العبد، وتثبيته، وينجيه الله بذلك من كثيرٍ من المخاوف، يقول الزبير بن العوام: "أيكم استطاع أن يكون له خبيئة من عمل صالح فليفعل"، فإذا امتلأ القلب من الإخلاص لم يتلذَّذ العبد إلا بالتقرُّب إلى الله. نسأل الله الإخلاص في القول والعمل، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |