|
|||||||
| الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا د. حسام العيسوي سنيد المقدمة: يقول الله (عزَّ وجلَّ) في كتابه العزيز في نهاية سورة "المؤمنون": ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾ [المؤمنون: 115، 116]، ويقول المولى (تبارك وتعالى): ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ﴾ [ص: 27]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 16]، وفي سورة الدخان: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ﴾ [الدخان: 38]، ويقول تعالى: ﴿ رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ * ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ [الحجر: 2، 3]. ففي هذه الآيات دعوةٌ إلى معرفة الهدف من الحياة، وتَلَمُّس الغايةِ المطلوبة من الإنسان، والعيش في الحياة على بيِّنة وبصيرة من أمورنا؛ ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108]. 1- غاياتٌ كبرى وأهدافٌ محمودةٌ: تعدَّدت غايات الناس في القرآن الكريم: فمنها: غاية الأنبياء والمرسلين، فهذه أفضل الغايات، وأحسنها، وأرضاها لربِّ العالمين، يوضح الله - في أكثر من آية - غايتهم وهدفهم: قال تعالى: ﴿ قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ * رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ *) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ * وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ * وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ * وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 75- 89]. غاية إبراهيم تَحمِل الحبَّ والخضوع لله رب العالمين، وترتفع عن أيِّ مظهر من مظاهر الشرك، وتُعلي من قيمة التجرد والإخلاص والرجاء. ومنها: غاية الصالحين والمؤمنين: وهي غايةٌ تقترب من غاية الأنبياء وإن لم تساوِها؛ يتحدث القرآن عن صور منها: قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [البقرة: 207]. رُوي أن صُهيبًا الرومي لما أراد الهجرة إلى المدينة المنورة، لحقه نفرٌ من قريش - من المشركين - ليَردُّوه، فنزل عن راحلته، ونثر ما في كنانته، وأخذ قوسه، ثم قال: يا معشر قريش، لقد علِمتم أني من أرماكم رجلًا، وايم الله، لا تَصِلون إليَّ حتى أرمي بما في كنانتي، ثم أضرب بسيفي ما بقِي في يدي منه شيء، ثم افعلوا ما شئتم، قالوا: جئتنا صعلوكًا لا تملك شيئًا، وأنت الآن ذو مال كثير! فقال: أرأيتم إن دللتكم على مالي تُخلون سبيلي؟ قالوا: نعم، فدلَّهم على ماله بمكة، فلما قدم المدينة، دخل على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال له (عليه السلام): "رَبِحَ البيع صهيب، ربح البيع صهيب"، وأنزل الله (عزَّ وجلَّ) فيه: ﴿ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [البقرة: 207][1]. قال تعالى: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 23]. أخرج ابن جرير الطبري عن أنس بن مالك قال: غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر، فقال: غبت عن أول قتال مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، لئن أشهدني الله قتالًا ليرينَّ الله ما أصنع، فلما كان يوم أحد: انكشف المسلمون – انهزموا - ثم مشى بسيفه، فلقِيه سعد بن معاذ، فقال: أي سعد، والله إني لأجد ريحَ الجنة دون أُحد، ثم قاتل حتى قُتِل، فقال سعد: يا رسول الله، ما استطعت أن أصنع ما صنع، قال أنس ابن مالك: فوجدناه بين القتلى، وبه بضعٌ وثمانون جراحةٌ: بين ضربة بسيف، أو طعنة برمح، أو رَمية بسهم، فما عرفناه، حتى جاءت أخته، فعرفته ببنانه - رؤوس الأصابع - قال أنس: فكنا نتحدَّث أن هذه الآية ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 23]، نزلت فيه وفي أصحابه[2]. ومنها: غاية الإيجابيين والمجتهدين؛ يحكي لنا القرآن مثالين - في ذلك - من أعظم الأمثلة: نموذج النملة: فهي كائنٌ صغيرٌ، لكنها كبُرت وعظُمت بغايتها في الخوف على قومها، والسعي في حمايتهم؛ قال تعالى: ﴿ وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾ [النمل: 17 - 19]. ونموذج الهدهد: نموذجٌ فريدٌ للغايات النبيلة التي تسعى لوضع الشيء في مكانه، ولا ترضى بغير ذلك؛ قال تعالى: ﴿ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ * لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ * أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾ [النمل: 20 - 26]. وقد بيَّن رسولنا الكريم بعضًا من هذه الغايات المحمودة والأهداف النبيلة: في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: "من نَفَّسَ عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله به طريقًا إلى الجنة، وما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشِيتهم الرحمة، وحفَّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطَّأ به عملُه لم يُسرع به نسبُه". وفي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "كل سُلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تَطلُع فيه الشمس تعدل بين الاثنين صدقة، وتُعين الرجل في دابته فتحمِله عليها، أو ترفَع له عليها متاعَه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خُطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتُميط الأذى عن الطريق صدقة". 2- غاياتٌ مرفوضةٌ وأهدافٌ ممقوتةٌ: بيَّن القرآن الكريم نماذج من الغايات المرفوضة: قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [البقرة: 204 - 206]. رُوي أن الأخنس بن شَريق أتى النبي (صلى الله عليه وسلم)، فأظهَر له الإسلام، وحلف أنه يحبه، وكان منافقًا، حسنَ العلانية خبيثَ الباطن، ثم خرج من عند النبي (صلى الله عليه وسلم)، فمرَّ بزرعٍ لقوم من المسلمين، فأحرق الزرع، وقتل الحُمُر، فأنزل الله فيه الآيات[3]. ويقول الله (عزَّ وجلَّ): ﴿ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾ [الجاثية: 24]، وقال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ﴾ [الأحقاف: 20]. هذه غاياتٌ مرفوضةٌ وأهدافٌ قاصرةٌ، لا يرضاها ديننا الحنيف، ولا يتحقق بها الهدف من الخلق؛ ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]. أخي الكريم، سمع رجلٌ رجلًا يدعو قائلًا: اللهم ارزُقني ميتة كميتة عرفجة، فسأله: ومن عرفجة هذا؟ وكيف مات؟ فقال: لقد أكل حملًا مشويًّا، وشرب ماءً نميرًا، ونام في الشمس، فمات: مات شبعانَ، رَيَّانَ، دَفْآن، فما أحسَنها ميتة![4]. فهل هذه غايةٌ؟ وهل هذا هدفٌ؟ هجا الحطيئة الزِّبرقان بقوله: دعِ المكارمَ لا تَرحَل لبُغيتها ![]() واقعُد فإنك أنت الطاعمُ الكاسي[5] ![]() ![]() ![]() أين هذا من قول الشاعر صاحب الهدف والغاية النبيلة: أنا إن عشتُ لستُ أُعدم قوتًا ![]() وإن متُّ لستُ أُعدم قبرَا ![]() هِمَّتي هِمةُ الملوك ونفسي ![]() نفسُ حرٍّ ترى الْمَذلةَ كفرَا ![]() أخي الكريم، المؤمن الحق، المسلم الصادق، صاحب غايةٍ نبيلةٍ، وهدفٍ عالٍ، لا يمنعه عائقٌ عنها، ولا يَكل ولا يَمل حتى يحقِّقها. [1] انظر: الصابوني، صفوة التفاسير، (1/ 132). [2] انظر: المرجع السابق، (2/ 519، 520). [3] انظر: المرجع السابق، (1/ 132). [4] انظر: عبد الحليم الكناني: غايتنا أخطر قضية في حياة المسلم، ط1، دار الوفاء، 1418ه/ 1998م، ص20. [5] انظر: المرجع السابق، ص21.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |