عواقب الطغيان وخيمة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 115 - عددالزوار : 16071 )           »          التيمّم وجمع الصلوات للمريض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          حُكم إعطاء الأخت الزكاة لأختها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          التوحيد .. أساس النهضة وسرّ الحياة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          الوصية الواجبة.. في ميزان الشريعة الإسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          السُنَّة النبوية منهج حياة وصمام أمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          مخاطر العلاقات المحرّمة وآثارها في زمن التواصل الرقمي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          وسائل فضّ المنازعات في ضوء الهدي القرآني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 103 )           »          من مكتبة التراث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 444 )           »          الأوقاف المقدسية حول العالم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 690 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 12-11-2025, 12:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,540
الدولة : Egypt
افتراضي عواقب الطغيان وخيمة

عواقب الطغيان وخيمة

﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ ﴾[1].

د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي

تمهيد:
الطغيانُ طبيعةٌ إنسانية مركوز في فطرته، ويتغذى بقيم الكبر، والشبع، والشعور بالاستقلالية، وإهمال القيم الأخلاقية الرفيعة التي تحث على التواضع، ولين الجانب، وحسن التعامل مع الأخرين، ومراعاة مشاعرهم، وغالبًاللبيئة المحيطة دور كبير في تغذيته، فكلما تعمق فساد البيئة زاد الطغيان، والعكس صحيح، ولذلك فإن الآية موضوع المقال تحذر من الطغيان، والالتزام بالقيم والأخلاق الفاضلة ليعم الخير، والعدل، والمحبة، والسلام.

أقوال العلماء في تفسير الآية موضوع المقال:
يسّر الله الاطلاع على عدد من كتب تفاسير القرآن الكريم للتعرف على مدلولات تفسير الآية موضوع المقال، فشدني تفسير سماحة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله لما عرضه من تفصيل شامل ودقيق للآية، جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.

وإليكم ما ذكره رحمه الله على النحو الآتي:
1- "إن "الْإِنْسَانَ" ليس شخصًا مُعيَّنًا، بل المراد الجنس؛ كلُّ إنسانٍ من بني آدم إذا رأى نفسَه استغنى فإنَّه يطغى.

2- معنى الطُّغيان: مجاوزةُ الحد، إذا رأى أنَّه استغنى عن رحمة الله طغى ولم يُبالِ، إذا رأى أنَّه استغنى عن الله عز وجل في كَشْف الكُرُبات وحصول المطلوبات صار لا يلتفت إلى الله ولا يبالي، إذا رأى أنَّه استغنى بالصحة نَسِيَ المرض، وإذا رأى أنَّه استغنى بالشبع نَسِيَ الجوع، إذا رأى أنَّه استغنى بالكسوة نَسِيَ العُري.. وهكذا.

3- الإنسانُ من طبيعته الطُّغيان والتمرُّد متى رأى نفسَه في غِنًى، ولكن هذا يخرج منه المؤمن؛ لأنَّ المؤمنَ لا يرى أنه استغنى عن الله طرفة عين، فهو دائمًا مفتقرٌ إلى الله سبحانه وتعالى، يسألُ ربَّه كلَّ حاجة، ويلجأُ إليه عند كلِّ مكروه، ويرى أنَّه إنْ وَكَله الله إلى نفسه وَكَله إلى ضعفٍ وعجْزٍ وعورةٍ، وأنَّه لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا، هذا هو المؤمن، لكن الإنسان من حيث هو إنسانٌ من طبيعته الطغيان، وهذا كقوله تعالى: ﴿ وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَٰنُۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومٗاجَهُولٗا[2]"[3].

الملامح التربوية المستنبطة من الآية موضوع المقال:
بجهد المقل سأعرض جملة من الملامح التربوية التي تضمنتها الآية موضوع المقال، لعلها تُسهم في ضبط السلوك الإنساني من الطغيان؛ وبالله التوفيق، وعليه التكلان:
أولاً: إن التسلحَ بالإيمان الصادق، والالتزام بشرع الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، هو السبيل الأمثل للبعد عن الطغيان، وتجاوز الحدود، ونشر الخير والمحبة، والفضيلة والسلام بين الناس على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم.

ثانياً: تختلفُ درجة طغيان الإنسان بحسب ما لديه من إيمان وتقوى، فكلما قوي الإيمان كان بعيدًاعن إيذاء من حوله، وخاصة أخيه الإنسان بأية صورة من صور الإيذاء، امتثالًالقول الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ[4]، وقول نبينا صلى الله عليه وسلم: "المسلمُ من سلم المسلمون من لسانه ويده"[5]، وقوله أيضا عليه الصلاة والسلام: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله"[6].

ثالثاً: المؤمنُ المتقي في الغالب إنْ حصل منه طغيان وتعدٍّ على الآخرين فسرعان ما يبادر بالاعتذار، وطلب الصفح لأنه يخشى من جزاء الله تعالى وعقابه في الدنيا قبل الآخرة، وصدق الله العظيم: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ إِذَا مَسَّهُمۡ طَٰٓئِفٞمِّنَٱلشَّيۡطَٰنِتَذَكَّرُواْفَإِذَاهُممُّبۡصِرُونَ[7]. قال السدي رحمه الله: "إن المتقيَ إذا أصابه نزغ من الشيطان تذكر وعرف أنه معصية، فأبصر فنزع عن مخالفة الله"[8].

رابعاً: من أهم بواعث الطغيان لدى الإنسان؛ الغضب، وما يحصل معه من ظلم لأخيه الإنسان، وقد حذّر نبينا صلى الله عليه وسلم منه أشد التحذير، كما ورد في الحديث الشريف: "أنَّ رَجُلًا قالَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أوْصِنِي، قالَ: لا تَغْضَبْ. فَرَدَّدَ مِرَارًا، قالَ: لا تَغْضَبْ"[9]. قال ابن حجر رحمه الله: "الغضب يجمع الشر كله"[10].

خامساً: إن الاستزادةَ من العلم الشرعي والعناية به، والمحافظة على أداء الفرائض المكتوبة، والإكثار من النوافل، ومداومة ذكر الله تعالى حصنٌ حصين من تسلط النفس الأمارة بالسوء والشيطان على الإنسان، فيكون دائمًاعلى بصيرة من إيذاء نفسه أو الآخرين، وهو في حفظ الله تعالى، فالله يحفظ من يحفظه ويتولى من اعتنى بعبادته وأخلص فيها، قال تعالى: ﴿ أَلَآ إِنَّ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ[11].

وصدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في قوله: "احفظ الله يحفظك"[12]. قال ابن عثيمين رحمه الله: "جملةٌ تدل على أن الإنسانَ كلما حفظ دين الله حفظه الله، ولكن حفظه في ماذا؟ حفظه في بدنه، حفظه في ماله، في أهله، في دينه، وهذا أهم الأشياء أن الله يحفظك في دينك يسلمك من الزيغ والضلال؛ لأن الإنسانَ كلما اهتدى زاده الله هدى"[13].

سادساً: أورد القرآن الكريم ثلاث حالات تَعْرُض للنفس الإنسانية:
النفسُ الأمارة بالسوء، قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي[14].

والنفس اللوّامة، قال تعالى: ﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ[15].

والنفس المطمئنة، قال تعالى: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّة فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي[16].

ولا شك أن النفسَ المطمئنة، هي نفس المؤمن التقي النقي الممتثل لشرع الله أمرًاونهياً، وهناك ارتباط وثيق بين كل نوع من هذه الأنفس ودرجة الطغيان، فعندما يكون الإنسان متلبس بالنفس الأمارة بالسوء يعم أذاه ويقل خيره، أما النفس اللوّامة، فهي على خير لما يحصل من لوم صاحبها على الطغيان إن حصل، فيؤوب إلى رشده نادمًاعلى ما بدر منه، أما النفس المطمئنة فهي في سلام دائم، فإذا لم يحصل منها خير للآخرين لم يلحقهم منه ضرر البتة، ولعل هذه المراحل للنفس الإنسانية تتشابه إلى حد كبير مع قول الله تعالى: ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ[17]. والإنسان العاقل الموفق أعرف بنفسه من غيره، فالواجب أن يرتقي بنفسه ويربيها شيئًافشيئًاعلى القيم والمبادئ والأخلاق الإسلامية الفاضلة حتى يلحق بركب النفس المطمئنة التي يأمن الناس من طغيانه ويعم خيره ويقل ضرره.

سابعاً: من أقوى مسببات طغيان الإنسان على أخيه الإنسان التعصب الديني، أو المذهبي، أو القبلي، أو العِرْقي وما شابه ذلك، ولذلك فالمهذِّب الأول والضابط لسلوك الناس في كل زمان ومكان هو الالتزام بشرع الله تعالى، ويَعضد ذلك ويُقويه ما تضعه الدول والحكومات من أنظمة وقوانين لتنظيم الحياة الاجتماعية لسلامة أفراد المجتمع الواحد مما قد يحصل من إيذاء بعضهم بعضاً، ولضمان استتباب الأمن بين أفراد المجتمع للعيش بأمن وسلام وحياة كريمة، ولكن في كلا الحالتين لضمان الالتزام بشرع الله وتنفيذ أنظمه الجهات الرسمية يحتاج الأمر إلى جهات رسمية مخولة بالمتابعة وتطبيق العقوبات المناسبة عند حدوث أية مخالفات، سواء كانت شرعية أو نظامية.

[1] العلق: 5.

[2] الأحزاب: 72.

[3] لقاء الباب المفتوح (83/ 4).

[4] الحجرات: 10.

[5] صحيح البخاري: (10)، صحيح مسلم: (40).

[6] صحيح البخاري: (6064)، صحيح مسلم: (2564).

[7] الأعراف: 201.

[8] تفسر البغوي (3/ 318).

[9] صحيح البخاري: (6116).

[10] فتح الباري، (17/ 297).

[11] يونس: 62.

[12] الألباني، صحيح الترمذي، (2516).

[13] شرح رياض الصالحين لابن عثيمين (1/ 488).

[14] يوسف:53.

[15] القيامة: 1-2.

[16] الفجر: 27ـ 30.

[17] فاطر:32.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 74.21 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 72.49 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.31%)]