جمال التربية في تحليها باللين والرأفة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 437 - عددالزوار : 20097 )           »          التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن الملقن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 163 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5115 - عددالزوار : 2393255 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4703 - عددالزوار : 1698751 )           »          تنبيه وتحذير من عصابات الدجل أو الابتزاز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 100 )           »          فرص وكنوز ليالي الشتاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          الصدقة على النفس كل يوم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          خطورة الغش وأهم صوره (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          عولمة الرذيلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 66 )           »          القدوة الصالحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 74 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 14-08-2021, 08:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,350
الدولة : Egypt
افتراضي جمال التربية في تحليها باللين والرأفة

جمال التربية في تحليها باللين والرأفة
إلياس جريمي دوكار






"قد تعددت الأسباب التي تحفز الكبار على إخضاع الأطفال قهرًا، بعضها ينجم عن ثقافات ومعتقدات دينية خاطئة ساهمت في تبرئة هذا التصرف المَشين، هذه المعتقدات القديمة المهجورة تصور الطفل كحيوان وحشي في حاجة إلى ترويض، هذه التصورات توجد في جميع أنحاء العالم، هي تشجع الكبار على إهانة الأطفال والإساءة إليهم، نذكر في الغرب تأثير الكنيسة الكاثوليكية، و"القدس أجوستان" على وجه الخصوص، لما أدخل معتقد "الذنب الفطري"، ونقل صورة سلبية جدًّا للطفل؛ إذ أقر أنه كان به شيطنة، والشر والذنب تحلاه من أول يوم حياته، نجد عددًا من النصوص تنصح باللجوء إلى العنف لإخراج هذا الشر عنه، هذه المعتقدات الراسخة في الأنفس قادت الكبار إلى الظن بأن الإهانة والإساءة أسباب تحوِّلُ الطفل إلى الحيوان الأليف المطروح عنه شيطانه".

هذه السطور من تأليف الدكتورة الفرنسية "كاترين جاجان" في كتاب مشهور لها: "لأجل طفولة سعيدة"، وهي تستعرض الأسباب التي أدت إلى تبرئة الجنوح إلى العنف في العملية التربوية.

إن عَدَّ جميعِ المعتقدات الدينية دون تفصيل مِن أسباب فشوِّ العنف التربوي في أوساط المجتمع، ليس رأيًا انفرَدَتْ به الكاتبة، بل إنك تجده عند غيرها من المفكرين الغربيين، أمثال الكاتب الفرنسي: "أوليفيا مورال" (Olivier Maurel)، قال في لقاء مع جريدة "لوموند" الفرنسية: "الدين الأول الذي شكك بشكل جذري في نفعية العقاب البدني هو دين منتسب للإسلام: دين البهائية، الذي ولد في إيران في أوائل القرن التاسع عشر".

هذا الإطلاق البعيد عن منهج البحث العلمي ليس بغريب، لما يصدر عمن لم يفت له فرصة للطعن في الدين أيًّا كان، أو الدفاع الحماسي عن الإلحاد إذا سنحت له الفرصة، كما يلاحظه من يقرأ لهم، لكن هنا سؤالًا خطر بذهني، وهو: كيف يستطيعون أن يدمجوا في بحوثهم العلمية هذه الادعاءات والتعميمات الفارغة دون الحذر أن تقدح في أمانتها العلمية أو أن تظهر سخافتهم لدى القراء، علمًا أن مثل هذه الكتب تباع بأعداد طائلة في جميع أنحاء العالم؟!

جهل، تجاهل، قصور في البحث...تفاسير هذا التهور عديدة، لكني أكتفي بالوقوف على أحدها، موضوع هذا المقال، وهو أن واقعنا التربوي أيَّدهم!

لو دخلنا في مناقشة علمية مع أمثال هؤلاء، أتوقع بل أتيقن أنهم سيحتجون علينا بتخلفنا عن الالتزام السلوكي بالمبادئ التي ندافع عنها، ماذا ستكون مصداقيتنا، وكثير من المتدينين ينتهج نهج القسوة والقهر بشكل مفرط في تربيتهم أبناءهم، بل البعض ينسبه إلى الإسلام ويدلل عليه؟!

اللهم لا تجعلنا فتنةً للذين كفروا...

نظرًا إلى جسامة الموضوع وتفشِّيه، وددت أن أسوق إليكم بعض المسائل المتعلقة به، نستعين بها على تعديل مسارنا التربوي، وتحسين أساليب تعاملنا مع ذريتنا على وجه الخصوص.

وحقيق عليَّ قبل الشروع في صلب موضوعنا التنبيه على أنني لست ممن يعارض مشروعية العقوبة (ومنه البدني)، ولا أتبنى مذهب التسامح الكلي، كيف و"قد أقر الإسلام مبدأ العقوبة النفسية، والبدنية، واعترف المربون المسلمون بالعقوبة كأسلوب من أساليب التربية، وضابط للسلوك، ووضعوا لها شروطًا، وضوابط لإيقاعها عند الحاجة مع الأطفال"، (د.عدنان باحارث - الموقع الشخصي)، فلما كان التأديب خاضعًا لمنهج شرعي منضبط، فلقد أبعد الصواب وفاته المرام من حاد عنه بإفراط كان أو بتفريط.

الأصل في التعامل مع الناشئة هو الرفق واللين:
قال تعالى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159].

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عائشة، إن الله رفيقٌ يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه))؛ (مسلم - 2593).

وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل يحب الرفقَ، ويرضاه، ويعين عليه ما لا يعين على العنف))؛ (صحيح الترغيب / المنذري - الألباني 2668).

إن كان منهج التعامل مع الناس منهجًا متوازنًا يراعي مقتضى الحكمة ومقامات الأحوال يبقى أن الأصل الأصيل في معاملة الناس هو التعهد بالرفق واللين ما لم يقتض خلافه، هذه القاعدة مستفادة من صريح نصوص الكتاب والسنَّة، فلا يقصد إلى الغلظة أو الشدة إلا إذا قامت البينات على أولويتها، من اقترأ الأحاديث الناصة على تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع الأطفال، وجَد معظمها مندرجة تحت عموم هذه القاعدة.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أراد الله بأهل بيت خيرًا، أدخَل عليهم الرِّفق))؛ (صحيح الجامع 303).

عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خُلقًا، فأرسلني يومًا لحاجة، فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب، لما أمرني به نبي الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قبض بقفاي من ورائي، قال: فنظرت إليه وهو يضحك، فقال: ((يا أُنَيس، أذهبتَ حيث أمرتُك؟)) قال: قلت: نعم، أنا ذاهب يا رسول الله" (مسلم - 6015).

عن أبي هريرة، قال: "دخل عيينة بن حصن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه يُقبِّل الحسن والحسين، فقال: أتُقبِّلهما يا رسول الله؟ قال عيينة: وإن لي عشرة فما قبلت أحدًا منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لا يرحم لا يرحم))؛ (متفق عليه).

عن أنس بن مالك: "ما رأيتُ أحدًا كان أرحمَ بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم"؛ (مسلم).

يا ترى هل منهجنا التربوي يصطبغ بهذه الأوصاف؟ وهل هو الطابع الغالب على معاملة أولادنا؟
الضرب وسيلة من وسائل التربية و"من" للتبعيض:
فقد روى أبو داود (495) وأحمد (6650) عن عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عَشْرٍ، وفرقوا بينهم في المضاجع)).

هذا الحديث نصٌّ صريح على مشروعية استعمال الضرب مع الطفل إن لم يستجب للأمر بالصلاة بعد بلوغه عَشْرَ سنوات؛ قال الإمام النووي: "والاستدلال به واضحٌ؛ لأنه يتناول بمنطوقه الصبيَّ والصبيةَ في الأمر بالصلاة والضرب عليها"؛ (المجموع شرح المهذب).

اعتنى العلماء بهذا الحديث - دراية ورواية - وأخذوا منه مشروعية استعمال التأديب بالضرب مع الولد.

قال الشافعي - رحمه الله -: "وعلى الآباء والأمهات أن يؤدبوا أولادهم، ويعلموهم الطهارة والصلاة، ويضربوهم على ذلك إذا عقَلوا..."؛ (المجموع للنووي 3/ 11).

وقال ابن حجر الهيتمي: "ويضرب ضربًا غير مبرحٍ وجوبًا ممن ذكر (عليها)؛ أي: على تركها، ولو قضاءً، أو ترك شرطٍ من شروطها، أو شيءٍ من الشرائع الظاهرة"؛ (تحفة المحتاج في شرح المنهاج).

ولكن لا يوجَدُ في إقرار العلماء بجواز التأديب وتـأصيلهم الفقهي لهذه المسألة - ما يُسوِّغُ جعله المنهجَ المفضل لتصحيح الأخطاء صغيرِها وكبيرها، إن كلامهم في سياق التدليل على مشروعية هذه الوسيلة وضوابطها، لا الحث عليها بداءة وفي جميع الأحوال.

ومن كلام سحنون الفقيه في وصية لمعلم ابنه: "لا تؤدِّبْه إلا بالمدحِ ولطيف الكلام، وليس هو ممن يُؤدَّبُ بالضربِ أو التعنيف".

يقول العز بن عبدالسلام: "ومهما حصل التأديبُ بالأخف من الأفعال والأقوال، لم يعدل إلى الأغلظ؛ إذ هو مفسدةٌ لا فائدة فيه؛ لحصول الغرض بما دونه"؛ (قواعد الأحكام في مصالح الأنام).
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 87.40 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 85.68 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.96%)]