زوجي... غير ملتزم

[ابوالوليد المسلم]

زوجي... غير ملتزم


الشيخ د. علي ونيس






السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم، أنا تزوجتُ قبل ثلاثة أشهر، زوجي عرَفني عن طريق خالي، أُعْجب بي فتقدم إليَّ، سألْنا عنه فأشار الكل أنه جيد، فلما مضى على زواجنا أقلُّ من شهر، اعترَفَ لي بأنه مدخن، وأن خالي يعلم بالأمر؛ لكن للأسف خالي لم يخبرني، فوكلتُ أمري إلى الله.


بعد مدة اكتشفتُ أنه لا يصلي في المسجد، وزيادة على ذلك يُهْمل في صلاته بالبيت؛ ربما تأتي الصلاة والتي بعدها ولا يقوم للصلاة، فقط يدخل المسجد في الجمعة، وأشكُّ أحيانًا أنه لا يتوضأ!

يا إلهي، ماذا أفعل؟


المشكلة: أنني ملتزمة، ومُلْتَحِقة بسلك الدعوة منذ الصغر، وهو حين تقدَّم لي يعلم بذلك.


ماذا أفعل؟ أرشدوني للطرق الصحيحة لهدايته، أعرف للنساء، أما الرجال فلا أعلم عنهم شيئًا.


اعترَف لي بالتدخين، وأنه يوَدُّ أن يتركه؛ لكن للأسف لا يُظهِر لي جديته، الصلاة: صرحتُ له بأنني لا أتخيل رجلاً يصلي في البيت؛ لكن حينما أقول له بأسلوب رقيق: إن الصلاة قد وجبتْ، يغضب، وربما لا يكلمني.


حقيقة أفكر في الطلاق.


هل هناك أمل؟ لا يصلي، أو لنقل: مهمل لها إهمالاً شديدًا، يدخن، أحيانًا أراه لا يغتسل من الجنابة، ويذهب للدوام دون الغسل، يا ربِّي، ماذا أفعل؟ ساعدوني، أرشدوني، أنا ضائعة.


الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فأهلاً ومرحبًا بكِ "سجى" في موقع الألوكة، ونسأل الله لك التوفيق والرشاد، والهداية والسداد، وكمال المعونة من الله الوهاب، الذي إذا دُعِي أجاب، وإذا سأله أحد ما خاب.


أختنا السائلة الكريمة، لقد خدَعَك زوجُك هذا حينما أخفى عليك حقيقةَ أمره، وعاوَنَه على ذلك خالُك، الذي يعلم حاله، ويعرف حقيقته، وفي هذا من المخالفة لشرع الله - تعالى - ما لا يخفى على بصيرٍ، ولا شك أنهما ارتكبا في حقك جرمًا يوجب عليهما التوبةَ منه إلى الله – تعالى - فأنتِ في يد كل واحد منهما أمانةٌ، لكنهما لم يحرصا على حملها بحق كما أمر الله وبيَّن؛ وقد قال الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27].


وروى مسلم في "صحيحه" عن مَعْقِل بن يَسَارٍ المُزَنىِّ، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول: ((مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ)).


ولا تتحقق لهما التوبةُ من ذلك إلا بالندم على ما بدر منهما في الماضي، والعزم على عدم العودة إليه في المستقبل، وتصحيح الأثر المترتب عليه، وذلك بأن يقوم الزوج بما أوجب الله عليه من صلوات الفرائض، وما يتبع ذلك من المحافظة على الطهارة من الجنابة وغيرها؛ لأن الصلاة لا تصح إلا بالطهارة، فهي من أعظم شروط الصلاة.


وما قلناه في الصلاة يُقال في التدخين أيضًا، وقد بيَّنا حكم التدخين في: "ما حكم التدخين؟"، و"حكم شرب الدخان".


فإن أبَى الزوجُ ذلك، وأصرَّ على ما هو عليه من ترك الصلاة أو بعضها، فالمفتَى به على موقعنا أن تارك الصلاة كافر كفرًا أكبر يخرجه من الملة؛ ولمعرفة هذا الحكم بالتفصيل راجعي في موقعنا: "حكم تارك الصلاة"، و"كفر تارك الصلاة"، و"حكم حج تارك الصلاة"، و"حكم صيام تارك الصلاة".



ونصيحتنا لك: أن تبتدئي سعيًا في هذا الأمر من الآن، باتخاذ الإجراء المناسب مع هذا الزوج الذي لم يتقِ الله فيكِ، ولم يَرْعَ ديانتك والتزامك، وذلك بوساطة خالك وأهل الخير، فيجتهدون أولاً في نصحه وإرشاده؛ رجاء صلاحه، فإن استجاب، فبها ونعمتْ، وإن أبى، فأنتِ تعلمين أن الحياة مع زوج بهذه الصورة، يؤثر سلبًا في المستقبل عليك، وعلى الذرية التي كانت أو ستكون بينكما، وهذا مآل خطير، لابد أن يُرعى عند إبداء الحكم الشرعي في مثل هذا.


واللهَ نسأل أن يوفقك لما يحب ويرضى، وأن يهدي زوجك، ويبدل حاله إلى أحسن حال.