|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() شرح اسم الحافظ والحفيظ الشيخ وحيد عبدالسلام بالي شرح اسم الله الحَافِظُ - الحَفِيظُ جَلَّ جَلالُهُ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ الدَّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاِسْمَيِ (الحَافِظِ - الحَفِيظِ)[1] الحَفِيظُ فِي اللُّغَةِ مُبَالَغَةٌ مِنِ اسْمِ الفَاعِلِ الحَافِظِ فِعْلُهُ حَفِظَ يَحْفَظُ حِفْظًا، وَحِفْظُ الشَّيءِ صِيَانَتُهُ مِنَ التَّلَفِ وَالضَّيَاعِ، وَيُسْتَعْمَلُ الحِفْظُ فِي العِلْمِ عَلَى مَعْنَى الضَّبْطِ وَعَدَمِ النِّسْيَانِ، أَوْ تَعَاهُدِ الشَّيءِ وَقِلَّةِ الغَفْلَةِ عَنْهُ، وَرَجُلٌ حَافِظٌ وَقَوْمٌ حُفَّاظٌ هُم الذِينَ رُزقُوا حِفْظَ مَا سَمِعُوا وَقَلَّمَا يَنْسَوْنَ شَيْئًا، وَالحَافِظُ وَالحَفِيظُ أَيْضًا هُوَ المُوَكَّلُ بِالشَّيْءِ يَحْفَظُهُ، وَمِنْهُ الحَفَظَةُ مِنَ المَلَائِكَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ﴾ [الرعد: 11]؛ أَيْ: تَحْفَظُ الأَنْفُسَ بِأَمْرِ اللهِ حَتَّى يَأْتِيَ أَجَلُهَا، وَكَذَلِكَ الحَفَظَةُ الذِينَ يُحْصُونَ الأَعْمَالَ وَيَكْتُبُونَهَا عَلَى بَنِي آَدَمَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي وَصْفِهَم: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 10 - 12]، وَيُقَالُ حَفِظَ المَالَ وَالسِّرَّ حِفْظًا رَعَاهُ وَصَانَهُ، وَاحْتَفَظَ الشَّيءَ لِنَفْسِهِ يَعْنِي خَصَّهَا بِهِ، وَالتَّحَفُّظُ قِلَّةُ الغَفْلَةِ فِي الأُمُورِ وَالكَلَامِ[2]. وَالحَفِيظُ سُبْحَانَهُ هُوَ العَلِيمُ المُهَيْمِنُ الرَّقِيبُ عَلَى خَلْقِهِ، لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي مُلْكِهِ، وَهُوَ الحَفِيظُ الذِي يَحْفَظُ أَعْمَالَ المُكَلَّفِينَ، وَالذِي شَرَّفَ بِحِفْظِهَا الكِرَامَ الكَاتِبِينَ، يُدَوِّنُونَ عَلَى العِبَادِ القَوْلَ وَالخَطَرَاتِ، وَالحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ، وَيَضَعُونَ الأَجْرَ كَمَا حُدِّدَ لَهُم بِالحَسَنَاتِ وَالسَّيئَاتِ، وَهُوَ الحَفِيظُ الذِي يَحْفَظُ عَلَيهِم أَسْمَاعَهُم وَأَبْصَارَهُم وَجُلُودَهُم لِتَشْهَدَ عَلَيْهِم يَوْمَ اللِّقَاءِ[3]، وَهُوَ الحَفِيظُ لِمَنْ يَشَاءُ مِنَ الشَّرِّ وَالأَذَى وَالبَلَاءِ، وَمِنْهُ الدُّعَاءُ الذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بِيْنَ يَدَيَ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي"[4]. وَالحَفِيظُ أَيْضًا هُوَ الذِي يَحْفَظُ أَهْلَ التَّوْحِيدِ وَالإِيمَانِ، وَيَعْصِمُهُم مِنَ الهَوَى وَشُبُهَاتِ الشَّيْطَانِ، وَيَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ مِنَ الوُقُوعِ فِي العِصْيَانِ، وَيُهَيِّئُ لِتَوْفِيقِهِ إِلَى الطَّاعَةِ وَالإِيمَانِ، وَيَشْهَدُ لِمِثْلِ هَذِهِ المَعَانِي مَا ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو: "اللَّهُمَّ احْفَظْنِي بِالإِسْلَامِ قَائِمًا، وَاحْفَظْنِي بِالإِسْلَامِ قَاعِدًا، وَاحْفَظْنِي بِالإِسْلَامِ رَاقِدًا، وَلَا تُشْمِتْ بِيَ عَدُوًّا حَاسِدًا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ خَزَائِنُهُ بِيَدِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَرٍ خَزَائِنُهُ بِيَدِكَ"[5]. وَالحَفِيظُ أَيْضًا هُوَ الذِي حَفِظَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقُدْرَتِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255]، فَاللهُ حَفِيظٌ لِمَخْلُوقَاتِهِ يُبْقِيَهَا عَلَى حَالِهَا لِغَايَاتِهَا، وَيُنَظِّمُ تَرَابُطَ العِلَلِ بِمعْلُولَاتِهَا، وَهُوَ سُبْحَانَهُ يَحْفَظُ الأَشْيَاءَ بِذَوَاتِهَا وَصِفَاتِهَا، وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو حَامِدٍ الغَزَّالِيُّ أَنَّ الحِفْظَ فِي ذَلِكَ عَلَى وَجْهَينِ: الوَجْهُ الأَوَّلُ: إِدَامَةُ وُجُودِ المَوْجُودَاتِ وَإِبْقَاؤُهَا، وَيُضَادُّهُ الإِعْدَامُ، وَاللهُ تَعَالَى هُوَ الحَافِظُ لِلسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالمَوْجُودَاتِ التِي يَطُولُ أَمَدُ بَقَائِهَا وَالتِي لَا يَطُولُ أَمَدُ بَقَائِهَا، مِثْلَ الحَيَوَانَاتِ وَالنَّبَاتِ وَغَيْرِهِمَا. الوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الحِفْظَ صِيَانَةُ المُتَقَابِلَاتِ المُتَضَادَّاتِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ، كَالتَّقَابُلِ بَيْنَ المَاءِ وَالنَّارِ، فَإِنَّهُمَا يَتَعَادَيَانِ بِطِبَاعِهِمَا، فَإِمَّا أَنَّ يُطْفِئَ المَاءُ النَّارَ، وَإِمَّا أَنْ تُحِيلَ النَّارُ المَاءَ إِلَى بُخَارٍ، وَقَدْ جَمَعَ اللهُ عز وجل بَيْنَ هَذِهِ المُتَضَادََّاتِ المُتَنَازِعَةِ فِي سَائِرِ العَنَاصِرِ وَالمُرَكَّبَاتِ، وَسَائِرِ الأَحْيَاءِ كَالإِنْسَانِ وَالنَّبَاتِ وَالحَيَوَانِ، وَلَوْلَا حِفْظُهُ تَعَالَى لِهَذِهِ الأَسْبَابِ وَتَنْظَيمُ مُعَادَلَاتِهَا، وَارْتِبَاطُ العِلَلِ بِمَعْلُولَاتِهَا لتَنَافَرَتْ وَتَبَاعَدَتْ وَبَطَلَ امْتِزَاجُهَا وَاضْمَحَلَّ تَرْكِيبُهَا، وَهَذِهِ هِيَ الأَسْبَابُ التِي تَحْفَظُ الإِنْسَانَ مِنَ الهَلاَكِ وَتُؤَمِّنُ لَهُ بِحِفْظِ اللهِ الحَيَاةَ[6]. قَالَ اللهُ عز وجل: ﴿ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾ [سبأ: 21]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ ﴾ [الشورى: 6]. وَقَالَ الحُليْمِيُّ: وَمَعْنَاهُ المَوْثُوقُ مِنْهُ بِتَرْكِ التَّضْييعِ. وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ: الحَفِيظُ هُوَ الحَافِظُ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٌ كَالقَدِيرِ وَالعَلِيمِ، يَحْفَظُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا فِيهِمَا لِتَبْقَى مُدَّةَ بَقَائِهَا فَلاَ تَزُولُ وَلاَ تُدْثَرُ، قَالَ اللهُ عز وجل: ﴿ وَلَا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا ﴾ [البقرة: 255]، وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: ﴿ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ﴾ [الصافات: 7]؛ أَيْ: حَفِظْنَاهَا حِفْظًا، وَهُوَ الذِي يَحْفَظُ عِبَادَهُ مِنَ المَهَالِكِ وَالمَعَاطِبِ، وَيَقِيهُمْ مَصَارِعَ الشَّرِّ، قَالَ اللهُ عز وجل: ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ﴾ [الرعد: 11]. أَيْ بِأَمْرِهِ، وَيَحْفَظُ عَلَى الخَلْقِ أَعْمَالَهُمْ، وَيُحْصِي عَلَيهِمْ أَقْوَالَهُم، وَيَعْلَمُ نِيَّاتِهِم، وَمَا تُكِنُّ صُدُورُهُم، فَلَا تَغِيبُ عَنْهُ غَائِبَةٌ، وَلَا تَخْفَى عَلَيهِ خَافِيَةٌ، وَيَحْفَظُ أَوْلِيَاءَهُ فَيَعْصِمَهُم عَنْ مُوَاقَعَةِ الذُّنُوبِ، وَيَحْرُسُهُم مِنْ مَكَائِدِ الشَّيْطَانِ، لِيَسْلَمُوا مِنْ شَرِّهِ وَفْتِنَتِهِ"[7]. فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ هُوَ الحَافِظُ لِجَمِيعِ المُمْكِنَاتِ وَالحَفِيظُ، وَأَعْظَمُ الحِفْظِ حِفْظُ القُلُوبِ، وَحِرَاسَةُ الدِّينِ عَنِ الكُفْرِ وَالنِّفَاقِ، وَأَنْوَاعِ الفِتَنِ، وَفُنُونِ الأَهْوَاءِ وَالبِدَعِ حَتَّى لَا يَزِلَّ عَنِ الطَّرِيقَةِ المُثْلَى. قَالَ اللهُ العَظِيمُ: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾ [إبراهيم: 27]، لَا الحِفْظَ مِنْ بَلَايَا الأَمْرَاضِ وَالأَوْصَابِ، وَالبَلَايَا النَّازِلَةِ بِالمَالِ وَالوَلَدِ، فَإِنَّ هَذَا يُؤَدِّي إِلَى الجَنَّةِ، وَالأَوَّلُ يُؤَدِّي إِلَى النَّارِ، وَلَقَدْ أَحْسَنَ القَائِلُ: فِي كُلِّ بَلْوَى تُصِيبُ العَبْدَ عَافِيَةٌ ![]() إِلَّا البَلَاءَ الذِي يُودِي إِلَى النَّارِ ![]() ذَاكَ البَلَاءُ الذِي مَا فِيهِ عَافِيَةٌ ![]() مِنَ البَلَاءِ وَلَا سِتْرٌ مِنَ العَارِ ![]() وَيَجِبُ عَلَيهِ حِفْظُ حُدُودِهِ، وَحِفْظُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِهِ، فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَعْرِفَةُ الإِيْمَانِ وَالإِسْلاَمِ وَسَائِرِ مَا يَتَعَيَّنُ عِلَيْهِ عِلْمُهُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُ مَا اسْتَحْفَظَهُ اللهُ إِيَّاهُ بِحُسْنِ الرِّعَايَةِ لَهُ وَالقِيَامِ عَلَيْهِ، وَيُقَالُ: مَنْ حَفِظَ للهِ جَوَارِحَهُ حَفِظَ اللهُ عَلَيْهِ قَلْبَهُ، وَمَنْ حَفِظَ للهِ حَقَّهُ حَفِظَ اللهُ حَظَّهُ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَا بُنَيِّ احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ"[8]، وَسَيَأْتِي بِكَمَالِهِ، وَذَكَرَ القُشَيْرِيُّ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا عَلِيٍّ الدَّقَّاقَ رحمه الله يَقُولُ: وَرِثَ بَعْضُ الصَّالِحِينَ عَنْ مَوْرُوثٍ لَهُ عَشْرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَقَالَ إِلَهِي إِنِّي مُحْتَاجٌ إِلَى هَذِهِ الدَّرَاهِمِ، ولكنِّي لستُ أُحْسِنُ حِفظَها؛ فأدفعَها إليك لتُردَّها عليَّ وقت حاجتي، وتصدَّق بتلك الدراهمِ وَلَزِمَ الفَقْرَ، قَالَ: فَمَا احْتَاجَ ذَلِكَ الرَّجُلُ قَطُّ طُولَ حَيَاتِهِ إِلَى شَيءٍ، فَكَانَ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا فَتَحَ اللهُ لَهُ فِي الوَقْتِ، وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّالِحِينَ أَنَّهُ وَقَعَ بَصَرُهُ يَوْمًا عَلَى مَحْظُورٍ فَقَالَ: إِلَهِي إِنَّمَا أَرُدُّ بَصَرِي هَذَا لأَجْلِكَ، فَإِذَا صَارَ سَبَبًا لِمُخَالَفَةِ أَمْرِكَ فَاسْلُبْنِيهِ، قَالَ: فَعَمِيَ الرَّجُلُ، قَالَ: وَكَانَ يَقُومُ بِاللَّيْلِ وَيُصَلِّي، فَغَابَ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي مَنْ كَانَ يُعِينُهُ عَلَى الطَّهَارَةِ فَقَالَ: إِلَهِي إِنَّمَا قُلْتُ خُذْ بَصَرِي لأَِجْلِكَ، فَاللَّيْلَةَ أحْتَاجُ إِلَيْهِ لأَِجْلِكَ فَرُدَّهُ عَلَيَّ، قَالَ: فَرَدَّ اللهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ وَصَارَ يُبْصِرُ بَعْدَ العَمَى، وَيُحْكَى أَنَّ اللِّصَّ دَخَلَ دَارَ رَابِعَةَ العَدَوِيَّةِ وَكَانَ النَّوْمُ أَخَذَهَا، فَأَخَذَ اللِّصُّ المُلَاءَةَ فَخَفِىَ عَلَيْهِ بَابُ الحُجْرَةِ، فَوَضعَ المُلَاءَةَ فَأَبْصَرَ البَابَ، فَرَفَعَ المُلَاءَةَ ثَانِيًا فَخَفِيَ عَلِيْهِ البَابُ، وَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مَرَّاتٍ، فَهَتَفَ هَاتِفٌ: ضَعْ المُلَاءَةَ فَإِنَّا نَحْفَظُهَا لَهَا وَلَا نَدَعُهَا وَإِنْ كَانَتْ نَائِمَةً، فَهَذَا تَحْقِيقُ الحِفْظِ[9]. وَرَدَّ بِهِ التَّنْزِيلُ فَقَالَ: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا ﴾ [يوسف: 64]. قَالَ الحُلَيْمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الصَّائِنُ عَبْدَهُ عَنْ أَسْبَابِ الهَلَكَةِ فِي أُمُورِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرِةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْزَعْ دَاخِلَةَ إِزَارِهِ، فَلْيَنْفُضْ بِهَا فِرَاشَهُ، ثُمَّ لِيَتَوَسَّدْ يَمِينَهُ، وَيَقُولُ: بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، اللَّهُمَّ إِنْ أَمْسَكْتَهَا فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ[10]"[11]. وَهَذَا الاسْمُ يَدُلُّ عَلَى مَنْ لَهُ حِفْظٌ وَهُوَ فِعْلُ الفَاعِلِ، وَيَتَضَمَّنُ العِلْمَ وَالحَيَاةَ وَسَائِرَ شُرُوطِهَا، وَيَخْتَصُّ بِرِعَايَةِ المُمْكَنَاتِ فِي النَّفْي وَالإِثْبَاتِ، وَحِفْظِ جَمِيعِ المَوْجُودَاتِ مِنْ أَنْ يُوجِدَ فِيهَا مَا لَا يُرِيدُهُ وَمَا لَا يَرْضَاهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عز وجل: ﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ﴾ [البروج: 21، 22]: أَيْ مَمْنُوعٍ مِنَ الغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ وَالتَّبْدِيلِ وَالتَّغْيِيرِ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ * إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴾ [الطارق: 1 - 4]، فَهَذَا الاِسْمُ يَكُونُ مِنْ أَوْصَافِ الذَّاتِ، وَمِنْ أَوْصَافِ الفِعْلِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ فَيَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى العَلِيمِ؛ لِأَنَّهُ يَحْفَظُ بِعِلْمِهِ جَمِيعَ المَعْلُومَاتِ، فَلَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيءٌ مِنْهَا، كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ يَحْفَظُ القُرْآنَ، أَيْ: هُوَ حَاضِرٌ فِي قَلْبِهِ. وَفِي مُقَابَلَةِ هَذَا الحِفْظِ النِّسْيَانُ، وَعَلَى هَذَا خَرَجَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ﴾ [مريم: 64]، وَقَوْلُهُ: ﴿ قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى ﴾ [طه: 52]، وَإِنْ كَانَ مِنْ صِفَاتِ الفِعْلِ فَيرْجِعُ إِلَى حِفْظِهِ لِلْوُجُودِ. وَضِدُّ هَذَا الحِفْظِ الإِهْمَالُ، وَعَلَى هَذَا خَرَجَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا ﴾ [يوسف: 64]، فَحِفْظُ اللهِ تَعَالَى لِلْجَمِيعِ يَكُونُ بِأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَبِمَلَائِكَتِهِ: قَالَ اللهُ العَظِيمُ: ﴿ قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ ﴾ [الأنبياء: 42]، وَقَالَ: ﴿ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً ﴾ [الأنعام: 61]، أَيْ: مَلَائِكَةً تَمْنَعُهُم وَتَصُدُّهُم[12]. وُرُودُهُ فِي القُرآنِ الكريمِ[13]: وَرَدَ اسْمُهُ (الحَفِيظُ) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾ [هود: 57]. وَقَوْلِهِ: ﴿ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾ [سبأ: 21]. وَقَوْلِهِ: ﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ ﴾ [الشورى: 6]. وَأَمَّا (الحَافِظُ) فَقَدْ وَرَدَ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 64][14]. وَوَرَدَ مَرَّتَيْنِ بِصِيغَةِ الجَمُعِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]. وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ ﴾ [الأنبياء: 82]. مَعْنَى الاسْمَينِ فِي حَقِّ الله تَعَالَى: قَالَ الخَطَّابِيُّ: "هُوَ الحَافِظُ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٌ، كَالقَدِيرِ وَالعَلِيمِ، يَحْفَظُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا فِيهَا، لِتَبْقَى مُدَّةَ بَقَائِهَا، فَلَا تَزُولُ وَلَا تُدْثَرُ، كَقَوْلِهِ عز وجل: ﴿ وَلَا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا ﴾ [البقرة: 255]. وَقَالَ: ﴿ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ﴾ [الصافات: 7]، أَيْ: حَفِظْنَاهَا حِفْظًا وَاللهُ أَعْلَمُ. وَهُوَ الذِي يَحْفَظُ عَبْدَهُ مِنَ المَهَالِكِ وَالمَعَاطِبِ، وَيَقِيَهُ مَصَارِعَ السُّوُءِ كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ﴾ [الرعد: 11]: أَيْ بِأَمْرِهِ. وَيحْفَظُ عَلَى الخَلْقِ أَعْمَالَهُمْ، وَيُحْصِي عَلَيْهِم أَقْوَالَهُمْ، يَعْلَمُ نِيَّاتِهِم وَمَا تُكِنُّ صُدُورُهُم، وَلَا تَغِيبُ عَنْهُ غَائِبَةٌ، وَلَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ. وَيَحْفَظُ أَوْلِيَاءَهُ، فَيَعْصِمُهُم عَنْ مُوَاقَعَةِ الذُّنُوبِ، وَيحْرُسُهُمْ عَنْ مُكايَدةِ الشَّيْطَانِ، لِيَسْلَمُوا مِنْ شَرِّهِ، وَفِتْنَتِهِ"[15] اهـ. وَقَالَ الحُلَيْمِيُّ: "(الحَافِظُ) وَمَعْنَاهُ: الصَّائِنُ عبْدَهُ عَنْ أَسْبَابِ الهَلَكَةِ فِي أُمُورِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ"[16] اهـ. قَالَ القُرْطُبِيُّ: "فَهَذَا الاِسْمُ يَكُونُ مِنْ أَوْصَافِ الذَّاتِ، وَمِنْ أَوْصَافِ الفِعْلِ. فَإِذَا كَانَ مِنْ أَوْصَافِ الذَّاتِ فَيْرجِعُ إِلَى مَعْنَى (العَلِيمِ)؛ لِأَنَّهُ يَحْفَظُ بِعِلْمِهِ جَمِيعَ المَعْلُومَاتِ فَلَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيءٌ مِنْهَا، كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ يَحْفَظُ القُرْآنَ: أَيْ هُوَ حَاضِرٌ فِي قَلْبِهِ، وَفِي مُقَابَلَةِ هَذَا الحِفْظِ النِّسْيَانُ، وَعَلَى هَذَا خَرَجَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ﴾ [مريم: 64]، وَقَوْلُهُ: ﴿ قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى ﴾ [طه: 52]. وَإِذَا كَانَ مِنْ صِفَاتِ الفِعْلِ فَيرْجِعُ إِلَى حِفْظِهِ لِلْوُجُودِ، وَضِدُّ هَذَا الحِفْظِ الإِهْمَالُ، وَعَلَى هَذَا خَرَجَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا﴾ [يوسف: 64]". وَقَالَ: "وَالحِفْظُ أَيْضًا قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الجَمْعِ وَالوَعْيِ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: حَفِظْتُ القُرْآنَ: أَيْ جَمَعْتُهُ إِذَا قَرَأْتُهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ، وَحَفِظْتُ المَتَاعَ إِذَا جَمَعْتُهُ فِي الوِعَاءِ، وَالوَعْيُ وَالجَمْعُ حِرَاسَةٌ فَاعْلَمْ. وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى المُرَاقَبَةِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ ﴾ [الشورى: 6]. وَقَدْ يَكُونُ الحِفْظُ بِمَعْنَى الأَمَانَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُ يُوُسُفَ: ﴿ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 55]، أَيْ: جَمُوعٌ لِمَا يَكُونُ فِي الخَزَائِنِ مِنْ مَظَانِّ حُقُوقِهَا، مَنُوعٌ لَهَا مِنْ غَيْرِ وَاجِبِهَا. وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الإِحْصَاءِ عَدَدًا وَعِلْمًا"[17] اهـ. وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ فِي نُونِيَّتِهِ: وَهُوَ الحَفِيظُ عَلَيْهِمُ وَهُوَ الكَفِيـ ♦♦♦ لُ بِحِفْظِهِم مِنْ كُلِّ أَمْرٍ عَانِ [18] وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ السَّعْدِيُّ: "(الحَفِيظُ): الذِي حَفِظَ مَا خَلَقَهُ، وَأَحَاطَ عِلْمُهُ بِمَا أَوْجَدَهُ، وَحَفِظَ أَوْلِيَاءَهُ مِنْ وُقُوعِهِم فِي الذُّنُوبِ وَالهَلَكَاتِ، وَلَطُفَ بِهِم فِي الحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ، وَأَحْصَى عَلَى العِبَادِ أَعْمَالَهُم وَجَزَاءَهَا[19]. ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بهَذَينِ الاِسْمَيْنِ 1- إِنَّ الحَافِظَ لِهَذِهِ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِمَا هُوَ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. فَهُوَ سُبْحَانَهُ يَحْفَظُ السَّمَاوَاتِ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 32]؛ أَيْ: كَالسَّقْفِ عَلَى البَيْتِ، قَالَهُ الفَرَّاءُ[20]، وَهُوَ كَقَوْلِهِ ﴿ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ [الحج: 65]. وَقَالَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ ﴿ مَحْفُوظًا ﴾؛ أَيْ: مِنَ الشَّيَاطِينِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ * إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ﴾ [الحجر: 16- 18][21]. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: "يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَحَفِظْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ لَعِينٍ، قَدْ رَجَمَهُ اللهُ وَلَعَنَهُ {إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ}؛ يَقُولُ: لَكِنْ قَدْ يَسْتَرِقُ مِنَ الشَّيَاطِينِ السَّمْعَ مِمَّا يَحْدُثُ فِي السَّمَاءِ بَعْضَهَا، فَيَتْبَعُهُ شِهَابٌ مِنَ النَّارِ مُبِينٌ، يَبِينُ أَثَرُهُ فِيهِ إِمَّا بِإِخْبَالِهِ وَإِفْسَادِهِ، أَوْ بِإِحْرَاقِهِ"[22] اهـ. وَقِيلَ: مَحْفُوظًا مِنَ الهَدْمِ وَالنَّقْضِ، وَعَنْ أَنْ يَبْلُغَهُ أَحَدٌ بِحِيلَةٍ. وَقِيلَ: مَحْفُوظًا فَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى عِمَادٍ[23]. وَاللهُ يَحْفَظُ ذَلِكَ كُلَّهُ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَا كُلْفَةٍ، وَدُونَ أَدْنَى تَعَبٍ أَوْ نَصَبٍ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255]. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |