الذنب الخطيـــــر.... التألي على الله ..

زارع المحبة · #1 23-06-2013, 01:08 AM

بسم الله الرحمن الرحيم .

السلام عليكم ورحمة الله .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " كان رجلان من بني إسرائيل متآخيين أحدهما مجتهد في العبادة و الآخر مذنب فأبصر المجتهدُ المذنب على ذنب فقال له : أقصر(أي توقف وكُف عن العصيان)
فقال له : خلني وربي ...قال : وكان يعيد ذلك عليه ويقول : خلني وربي حتى وجده يوما على ذنب فاستعظمه فقال ويحك أقصر قال خلني وربي أبُعثت علي رقيبا ؟ !
فقال : والله لا يغفر الله لك أبدا أو قال : لا يدخلك الله الجنة أبدا فبعث إليهما ملك فقبض أرواحهما فاجتمعا عنده جل وعلا فقال ربنا للمجتهد : أكنت عالما ؟ أم كنت على ما في يدي قادرا ؟ أم تحظر رحمتي على عبدي ؟ اذهب إلى الجنة يريد المذنب .وقال للآخر : اذهبوا به إلى النار فوالذي نفسي بيده لقد تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته "
لذلك من عقيدتنا نحن أهل السنة أنا لا نكفر أحدا من المسلمين بذنب أو معصية , حتى وإن وقع في الكبائر, ما لم يستحلها.
فإنه من أعظم البغي أن يَـشهد أحدٌ على شخص معين أن الله لا يغفر له ولا يرحمه .
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحدث عن رجل أسرف على نفسه فلما حضره الموت أوصى بنيه فقال :إذا أنا مت فأحرقوني ثم اسحقوني حتى إذا صرت رمادا أذروني في الريح أوفي البحر, فوالله لئن قدِر علي ربي ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا من العالمين .
قال ففعلوا به ذلك .
فقال الله للأرض أدِّي ما أخذتِ , فإذا هو قائم بين يدي رب العزة .
فقال له ما حملك على ما صنعت قال خشيتك يا رب , فغفر الله له بخشيته منه وأدخله الجنة " متفق عليه
فلا يحق لأحد أن يتألى على الله أن لا يغفر لفلان .
فلقد غفر الله لبغي من بني إسرائيل بكلب سقته شربة ماء، وغفر الله لرجل أزال غصن شوك عن الطريق، وتاب الله على عبد قتل مائة نفس. وكلها في الصحيح .
فينبغي للمسلم أن يكف لسانه عن ما لا يعلم , قال الله تعالى:"وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا " سورة الإسراء
إن بغض المعاصي وأهلها مطلوب شرعا لكنه ليس مُسَـوِّغاً للمسلم أن يتألى على الله فيحكم بالجنة أو النار لأحد من الناس.
عن عمربن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يشرب الخمر , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب عدة مرات , فأتِـيَ به يوماً فأمِـر به فجُـلد، فقال بعض القوم: لعنه الله، ما أكثر ما يؤتى به في الخمر !
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :"لا تلعنوه ,لا تعينوا عليه الشيطان"
فهذا الرجل أتى كبيرة من الكبائر لكن النبي صلى الله عليه وسلم منع من لعنه أو طرده من رحمة الله الواسعة .
لذلك فإن من كبائر الذنوب العُجب والامتنان على الله بأعمال الخير والعلو على الناس بالطاعة .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :"والله ما أدري وأنا رسول ما يُفعل بي".صحيح البخاري رقم 1443
وقال مالك بن دينار لو أن منادياً ينادي بباب المسجد ؛ "ليخرج شركم"، والله ما كان أحدٌ ليسبقني إلى الباب إلا رجلاً بفضل قدرة سعيه.
وقال موسى بن القاسم: هاجت ريحٌ شديدة فذهبت إلى محمد بن مقاتل فقلت: يا أبا عبد الله أنت إمامنا فادع الله عز وجل أن يكشفها عنا، فقال: وما يدريك ؟ لعلي أنا سبب هلاككم!
فلا يليق بأحد بعد هذا أن ينصِّب نفسه قاسما لرحمة الله , فيمنحها لنفسه ويمنع منها الآخرين.

دمتم في حفظ الله , والسلام عليكم .