حكم الإحرام وما يسن للمحرم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14 - عددالزوار : 3109 )           »          وصفات طبيعية للتخلص من الندبات بخطوات بسيطة.. من جل الصبار لزيت اللافندر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          4 نصائح لحديثى التخرج تساعدهم على اقتحام سوق العمل من غير تشتت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          5 حيل تمنع تكتل الكونسيلر أسفل العينين.. لإطلالة ناعمة من غير تجاعيد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          طرق تخزين الخضراوات فى الصيف.. دليلك لحفظها بأفضل جودة لأطول وقت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          طريقة عمل موس الشوكولاتة بثلاثة مكونات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          وصفات طبيعية لتفتيح منطقة الذقن.. تخلصى من المناطق الداكنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          5 أسرار للحفاظ على نضارة البشرة بعد الخمسين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          4 أنواع سناكس خفيفة وصحية لأطفالك فى النادى.. بلاش فاست فود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          طريقة عمل طاجن البطاطس بالجزر وصدور الدجاج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-05-2024, 09:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,269
الدولة : Egypt
افتراضي حكم الإحرام وما يسن للمحرم

حكم الْإِحْرَامُ وما يسن للمحرم








يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف




قَالَ الْمُصَنِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ-: "الْإِحْرَامُ: نِيَّةُ النُّسُكِ، وَسُنَّ لِمُريدِهِ: غُسْلٌ أَوْ تَيَمُّمٌ لِعَدَمٍ، وَتَنَظُّفٌ، وَتَطَيُّبٌ، وَتَجَرُّدٌ عَنْ مَخِيطٍ، وَيُحْرِمُ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ أَبْيَضَيْنِ، وَإِحْرَامٌ عَقِبَ رَكْعَتَيْنِ، وَنِيَّتُهُ: شَرْطٌ. وَيُسْتَحَّبُ قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أُرِيدُ نُسُكَ كَذَا فَيَسِّرْهُ لِي وَإِنْ حَبَسَنِي حَابِسٌ فَمَحَلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي)".


الْكَلَامُ هُنَا سَيَكُونُ فِي عِدَّةِ فُرُوعٍ:
الْفَرْعُ الْأَوَّلُ: تَعْرِيفُ الْإِحْرَامِ لُغَةً وَشَرْعًا. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (الْإِحْرَامُ نِيَّةُ النُّسُكِ).
الْإِحْرَامُ لُغَةً: مَصْدَرُ أَحْرَمَ الرَّجُلُ يُحْرِمُ إِحْرَامًا، وَهُوَ نِيَّةُ الدُّخُولِ فِي التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ يُحَرِّمُ عَلَى نَفْسِهِ بِنِيَّتِهِ مَا كَانَ مُبَاحًا لَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ مِنَ النِّكَاحِ وَالطِّيبِ وَأَشْيَاءَ مِنَ اللِّبَاسِ؛ فَيُقَالُ: أَحْرَمَ؛ أَيْ: دَخَلَ فِي التَّحْرِيمِ؛ كَمَا يُقَالُ: أَشْتَى إِذَا دَخَلَ فِي الشِّتَاءِ، وَأَرْبَعَ إِذَا دَخَلَ فِي الرَّبِيعِ، وَأَقْحَطَ إِذَا دَخَلَ فِي الْقَحْطِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ الْمَنْعُ؛ فَكَأَنَّ الْمُحْرِمَ مُمتَنِعٌ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ. وَالْإِحْرَامُ أَيْضًا: دُخُولُ الْحَرَمِ أَوِ الدُّخُولُ في الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، يُقَالُ: أَحْرَمَ الرَّجُلُ: إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ، وَإِذَا دَخَلَ فِي الشُّهُورِ الْحُرُمِ، وَهِيَ: ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ[1].

وَالْإِحْرَامُ شَرْعًا: نِيَّةُ الدُّخُولِ فِي نُسُكِ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ، أَوْ هُمَا؛ لَا نِيَّةَ أَنْ يَحُجَّ أَوْ يَعْتَمِرَ فَقَطْ[2]. وَمَعْنَى هَذَا: أَنَّهُ لَا يَكْفِي مُجَرَّدُ خُرُوجِ الْإِنْسَانِ مِنْ بَيْتِهِ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَقَدْ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ وَهُوَ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَلَكِنْ لَا يَحْصُلُ بِهَذِهِ النِّيَّةِ نِيَّةٌ مُعْتَبَرَةٌ، وَلَا يُقَالُ: إِنَّهُ مُحْرِمٌ إِلَّا إِذَا تَلَبَّسَ بِالنُّسُكِ؛ فَإِرَادَةُ النُّسُكِ لَا تُؤَثِّرُ، لَكِنْ نِيَّةُ الدُّخُولِ فِيهِ هِيَ الَّتِي تُؤَثِّرُ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: "نِيَّةُ الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ مَعَ التَّلْبِيَةِ أَوْ سَوْقُ الْهَدْيِ، لَا نِيَةُ أَنْ يَحُجَّ وَيَعْتَمِرَ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى إِحْرَامًا. وَكَذَا التَّجَرُّدُ وَسَائِرُ الْمَحْظُورَاتِ؛ لِكَوْنِهِ مُحْرِمًا بِدُونِهَا. لَا يَكُونُ الرَّجُلُ مُحْرِمًا بِمُجَرَّدِ مَا فِي قَلْبِهِ مِنْ قَصْدِ الْحَجِّ وَنِيَّتِهِ؛ فَإِنَّ الْقَصْدَ مَا زَالَ فِي الْقَلْبِ مُنْذُ خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ؛ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ يَصِيرُ بِهِ مُحْرِمًا. هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ"[3].

وَخُلَاصَةُ الْقَوْلِ هُنَا: أَنَّ قَوْلَهُ: (الْإِحْرَامُ نِيَّةُ النُّسُكِ). مَعْنَاهُ: أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ الْحَجُّ بِدُونِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ: رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. وَقَدْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى هَذَا ابْنُ رُشْدٍ.[4]

وَلَا يُشْتَرَطُ عَلَى الْمَذْهَبِ مَعَ النِّيَّةِ: تَلْبِيَةٌ، وَلَا سَوْقُ هَدْيٍ؛ بَلِ النِّيَّةُ كَافِيَةٌ.

وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَعَ النِّيَّةِ: تَلْبِيَةٌ وَلَا سَوْقُ هَدْيٍ، وَالنِّيَّةُ تَكْفِي، وَهَذَا هُوَ الصَّحيحُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنابِلَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ[5].

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَصِيرُ شَارِعًا فِي الْإِحْرَامِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، مَا لَمْ يَأَتِ بِالتَّلْبِيَةِ؛ فَلَا يَكُونُ مُحْرِمًا بِمُجَرَّدِ مَا فِي قَلْبِهِ مِنْ قَصْدِ الْحَجِّ وَنِيَّتِهِ، فَإِنَّ الْقَصْدَ مَا زَالَ فِي الْقَلْبِ مُنْذُ خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَوْلٍ كَالتَّلْبِيَةِ، أَوْ عَمَلٍ كَسَوْقِ الْهَدْيِ، يَصِيرُ بِهِ مُحْرِمًا، وَهَذَا قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنابِلَةِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الْقَدِيمِ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ[6].

الْفَرْعُ الثَّانِي: الْحِكْمَةُ مِنْ تَشْرِيعِ الْإِحْرَامِ.
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: "قَالَ الْعُلَمَاءُ: ‌وَالْحِكْمَةُ ‌فِي ‌مَنْعِ ‌الْمُحْرِمِ ‌مِنَ ‌اللِّبَاسِ ‌وَالطِّيبِ: ‌الْبُعْدُ عَنِ التَّرَفُّهِ، وَالِاتِّصَافُ بِصِفَةِ الْخَاشِعِ، وَلِيَتَذَكَّرَ بِالتَّجَرُّدِ الْقُدُومَ عَلَى رَبِّهِ؛ فَيَكُونُ أَقْرَبَ إِلَى مُرَاقَبَتِهِ وَامْتِنَاعِهِ مِنَ ارْتِكَابِ الْمَحْظُورَاتِ"[7].

وَقَالَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ: "قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْحِكْمَةُ فِي تَحْرِيمِ لُبْسِ الْمَخِيطِ وَغَيْرِهِ مِمَّا مُنِعَ مِنْهُ الْمُحْرِمُ: أَنْ يَخْرُجَ الْإِنْسَانُ عَنْ عَادَتِهِ؛ فَيَكُونُ ذَلِكَ ‌مُذَكِّرًا ‌لَهُ ‌مَا ‌هُوَ ‌فِيهِ ‌مِنْ ‌عِبَادَةِ ‌رَبِّهِ؛ ‌فَيَشْتَغِلُ بِهَا"[8]. وَقِيلَ أَيْضًا: "شَرَعَ اللهُ الْإِحْرَامَ لِإِظْهَارِ تَذَلُّلِ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ، وَذَلِكَ بِإِظْهَارِ الشَّعَثِ، وَتَرْكِ الرَّفَثِ، وَالْمَنْعِ مِنْ أَسْبَابِ الزِّينَةِ. وَالْإِحْرَامُ مَبْدَأُ النُّسُكِ وَالْعِبَادَةِ، فَهُوَ لِلْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لِلصَّلَاةِ، يَحْرُمُ بَعْدَهَا مَا كَانَ مُبَاحًا قَبْلَهَا، فَكَذَلِكَ الْمُحْرِمُ يَتْرُكُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ مَا كَانَ مُبَاحًا لَهُ مِنْ قَبْلُ. وَالْإِحْرَامُ مِنَ الْمَوَاقِيتِ زِيَادَةٌ فِي شَرَفِ الْبَيْتِ وَفَضْلِهِ، فَجَعَلَ لِبَيْتِهِ الْحَرَامِ حَرَمًا آمِناً، وَأَكَّدَ ذَلِكَ وَقَوَّاهُ بِأَنْ جَعَلَ لِحَرَمِهِ حَرَمًا وَهُوَ الْمَوَاقِيتُ الْمَعْرُوفَةُ. فَلَا يَدْخُلُ مَنْ أَرَادَ النُّسُكَ إِلَى الْحَرَمِ إِلَّا إِذَا كَانَ عَلَى وَصْفٍ مُعَيَّنٍ، وَنِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ؛ تَعْظِيمًا للهِ، وَتَكْرِيمًا وَتَشْرِيفًا لِبَيْتِهِ وَحَرَمِهِ، ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾[الحج: 32]"[9].

وَجَاءَ في تَوْضِيحِ الْأَحْكَامِ: "مِنْ حِكْمَةِ التَّشْرِيعِ:
1- أَنْ يَأْتِيَ الْحَاجُّ أَشْعَثَ أَغْبَرَ حَاسِرَ الرَّأْسِ، فَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَكُونُ قَرِيبَ الْقَلْبِ مِنْ رَبِّهِ، لَمْ تُطْغِهِ الْمَظَاهِرُ، وَلَمْ تُغْرِهِ الزَّخَارِفُ، وَلَمْ تَفْتِنْهُ الزِّينَةُ.

2- أَنَّ هَذِهِ الْهَيْئَةَ تَبْعَثُ صَاحِبَهَا عَلَى الْخُضُوعِ، وَالْخُشُوعِ إِلَى اللهِ تَعَالَى هُوَ لُبُّ الْعِبَادَةِ وَرُوحُهَا.

3- أَنَّ لِبَاسَهُ يُذَكِّرُهُ بِمَوْقِفِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ حِينَمَا يَأْتِي إِلَى رَبِّهِ عَارِيًا حَافِيًا؛ فَإِذَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْمَوْقِفَ الْعَظِيمَ زَادَهُ قُرْبًا مِنَ اللهِ تَعَالَى، وَابْتِهَالًا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَخَوْفًا مِنْهُ، وَرَجَاءً إِلَيْهِ.

4- أَنَّ هَذِهِ الْعِبَادَةَ وَسَائِرَ الْعِبَادَاتِ تَرْمُزُ إِلَى الْوَحْدَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَالاِتِّحَادِ بَيْنَهُمْ، وَتُشِيرُ إِلَى الْمُسَاوَاةِ؛ وَلِذَا تَوَحَّدَ زِيُّهُمْ وَمَسْكَنُهُمْ حَتَّى لَا يَطْغَى أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَمْتَازَ فَرْدٌ عَلَى فَرْدٍ، وَلَا يَظْهَرُ غَنِيٌّ عَلَى فَقِيرٍ، وَلَا قَوِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ، وَإِنِّمَا هُمْ فِي مَوْقِفٍ وَاحِدٍ، وَفِي عِبَادَةٍ للهِ وَاحِدَةٍ، يَنْشُدُونَ هَدَفًا وَاحِدًا، فَهَذَا اللِّبَاسُ يُؤَلِّفُ بَيْنَ الْقُلُوبِ، وَيُوَحِّدُ بَيْنَ النُّفُوسِ.

5- هَذِهِ اللِّبْسَةُ الْخَاصَّةُ تُشْعِرُهُ فِي أَنَّهُ فِي حَالَةِ إِحْرَامٍ؛ فَيُكْثِرُ مِنَ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ، وَيَصُونُ نَفْسَهُ عَنِ ارْتِكَابِ الْمَحْظُورَاتِ.

6- أَمَّا الْمَرْأَةُ فَرُوعِيَ فِي لِبَاسِهَا قَاعِدَةُ: "دَرْءُ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ"؛ فَبَقِيَتْ مَسْتُورَةً مُصَانَةً عَنِ الْفِتْنَةِ؛ لَاسِيَّمَا فِي هَذَا الْمَوْطِنِ"[10].

الْفَرْعُ الثَّالِثُ: حُكْمُ الْإِحْرَامِ.
أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ فَرَائِضِ النُّسُكِ؛ حَجًّا كَانَ أَوْ عُمْرَةً.[11]

الْفَرْعُ الرَّابِعُ: مَا يُسَنُّ لِلْمُحْرِمِ.
ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ سُنَنَ الْإِحْرَامِ، وَهِيَ كَالتَّالِي:
السُّنَّةُ الْأُولَى: الْغُسْلُ أَوِ التَّيَمُّمُ إِنْ عُدِمَ الْمَاءُ، وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَسُنَّ لِمُرِيدِهِ غُسْلٌ أَوْ تَيَمُّمٌ لِعَدَمٍ).

أَيْ: سُنَّ لِمَنْ أَرادَ الْحَجَّ، أَوِ الْعُمْرَةَ، أَوْ هُمَا: أَنْ يَغْتَسِلَ؛ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ؛ لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ -رضي لله عنها- قَالَتْ: «نُفِسَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بِالشَّجَرَةِ؛ فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا بَكْرٍ، يَأْمُرُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ»[12]. وَلِمَا رَوَى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ -رَضِيَ الله عَنْهُ-: «أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَجَرَّدَ لِإِهْلاَلِهِ وَاغْتَسَلَ»، وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ كَلَامٌ[13]؛ لِأَنَّ فِي سَنَدِهِ عَبْدَ اللهِ بْنَ يَعْقُوبٍ الْمَدَنِيَّ، وَهُوَ: غَيْرُ مَعْرُوفٍ[14].

وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ -رَحِمَهُ اللهُ-: الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الِاغْتِسَالَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ غَيْرُ وَاجِبٍ.[15] وَلَمْ يُخَالِفْ فِي هَذَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا أَعْلَمُ؛ سِوَى ابْنِ حَزْمٍ -رَحِمَهُ اللهُ-، فَقَدْ أَفْرَطَ وَأَوْجَبَهُ عَلَى النُّفَسَاءِ[16]؛ لِأَنَّهُ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ أَسْمَاءَ -رَضِيَ الله عَنْهُا- وَهِيَ نُفَسَاءُ أَنْ تَغْتَسِلَ؛ وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لِلِاسْتِحْبَابِ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "فِي أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ بِالْغُسْلِ عِنْدَ الْإِهْلَالِ: دَلِيلٌ عَلَى تَأْكِيدِ الْإِحْرَامِ بِالْغُسْلِ بِالْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ؛ إِلَّا أَنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ يَسْتَحِبُّونَهُ وَلَا يُوجِبُونَهُ. وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ أَوْجَبَهُ إِلَّا الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ؛ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ: إِذَا لَمْ تَغْتَسِلْ عِنْدَ الْإِهْلَالِ اغْتَسَلَتْ إِذَا ذَكَرَتْ، وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ؛ قَالُوا: الْغُسْلُ وَاجِبٌ عِنْدَ الْإِهْلَالِ عَلَى كُلِّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ، وَعَلَى كُلِّ مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ طَاهِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ إِيجَابُهُ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْوُضُوءَ يَكْفِي مِنْهُ"[17].

وَقَدْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ -رَحِمَهُ الله- الْإِجْمَاعَ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ[18].

تَنْبِيهٌ:
لَمْ يُنْقَلْ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ غُسْلٌ فِي الْحَجِّ إِلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ، وَمَا عَدَاهَا فَلَا يُسْتَحَبُّ الاِغْتِسَالُ فِيهِ؛ لِعَدَمِ وُرُودِهِ، كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ -رَحِمَهُ الله- فَقَالَ: "وَلَمْ يُنْقَلْ عنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ فِي الْحَجِّ إلَّا ثَلَاثَةُ أَغْسَالٍ:
الْأَوَّلُ: غُسْلُ الْإِحْرَامِ.
الثَّانِي: وَالْغُسْلُ عِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ.
الثَّالِثُ: وَالْغُسْلُ يَوْمَ عَرَفَةَ.

وَمَا سِوَى ذَلِكَ؛ كَالغُسْلِ لِرَمْيِ الْجِمَارِ، وَلِلطَّوَافِ، وَلِلْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ، فَلَا أَصْلَ لَهُ، لَا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ، وَلَا اسْتَحَبَّهُ جُمْهُورُ الْأَئِمَّةِ؛ لَا مَالِكٌ، وَلَا أَبُو حَنِيفَةَ، وَلَا أَحْمَدُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ ذَكَرَهُ طَائِفَةٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِهِ، بَلْ هُوَ بِدْعَةٌ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ سَبَبٌ يَقْتَضِي الاِسْتِحْبَابَ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ رَائِحَةٌ يُؤْذِي بِهَا النَّاسَ؛ فَيَغْتَسِلُ لِإِزَالَتِهَا"[19].

وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: (أَوْ تَيَمُّمٌ لِعَدَمٍ)؛ أَيْ: فَإِذَا عَدِمَ الْمَاءَ، أَوْ خَافَ ضَرَرًا بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ: فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ؛ هَذَا الَّذِي قَرَّرَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ التَّيَمُّمَ لِمَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ سُنَّةٌ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ[20]؛ كَمَا قَرَّرَهُ الْمُؤَلِّفُ -رَحِمَهُ الله-.

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ التَّيَمُّمَ لِمَنْ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ النَّظَافَةُ، وَالتَّيَمُّمُ لَا يُنَظِّفُ. وَهَذَا رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ[21]، وَاخْتَارَهَا الْمُوَفَّقُ ابْنُ قُدَامَةَ -رَحِمَهُ الله- فَقَالَ: "فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً لَمْ يُسَنَّ لَهُ التَّيَمُّمُ... أَنَّهُ غُسْلٌ مَسْنُونٌ؛ فَلَمْ يُسْتَحَبَّ التَّيَمُّمُ عِنْدَ عَدَمِهِ، كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ مُنْتَقَضٌ بِغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالْمَسْنُونِ: أَنَّ الْوَاجِبَ يُرَادُ لِإِبَاحَةِ الصَّلَاةِ، وَالتَّيَمُّمُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ، وَالْمَسْنُونُ يُرَادُ لِلتَّنْظِيفِ وَقَطْعِ الرَّائِحَةِ، وَالتَّيَمُّمُ لَا يُحَصِّلُ هَذَا؛ بَلْ يَزِيدُ شُعْثًا وَتَغْبِيرًا؛ وَلِذَلِكَ افْتَرَقَا فِي الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى، فَلَمْ يُشْرَعْ تَجْدِيدُ التَّيَمُّمِ، وَلَا تَكْرَارُ الْمَسْحِ بِهِ"[22].

فَائِدَةٌ:
وَقَدْ ذَهَبَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ -رَحِمَهُ الله- إِلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ؛ فَذَهَبَ إِلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ الْمُسْتَحَبَّةَ إِذَا تَعَذَّرَ فِيهَا اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ: فَإِنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ لَهَا[23]، مِثْلُ مَنْ أَرَادَ تَجْدِيدَ الْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى شَرَعَ التَّيَمُّمَ لِطَهَارَةِ الْحَدَثِ، فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ؛ وَلِأَنَّ الْعِبَادَاتِ لَا قِيَاسَ فِيهَا، وَاللهُ أَعْلَمُ.

السُّنَةُ الثَّانِيَةُ: التَّنَظُّفُ، وَهَذِهِ قَدْ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَتَنَظُّفٌ).

أَيْ: وَيُسَنُّ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَتَنَظَّفَ، وَإِذَا قُرِنَ التَّنَظُّفُ مَعَ الْغُسْلِ: فَالْمُرَادُ بِالتَّنَظُّفِ: مَا يَتَعَلَّقُ بِسُنَنِ الْفِطْرَةِ؛ مِنْ أَخْذِ شَعَرٍ وَظُفْرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَطْعِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ؛ لِئَلَّا يَحْتَاجَ إِلَى أَخْذِهَا فِي الْإِحْرَامِ فَلَا يَتَمَكَّنُ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ -رَحِمَهُ الله-: "إِنَّ أَخْذَهَا لَا عَلَاقَةَ لَهُ بِالْإِحْرَامِ، فَإِنْ كَانَ مُرِيدُ النُّسُكِ مُحْتَاجًا لِأَخْذِهَا أَخَذَهَا، وَإِلَّا فَلَيْسَ أَخْذُهَا مِنْ خَصَائِصِ الْإِحْرَامِ، وَلَا مِنْ سُنَنِهِ، لَكِنَّهُ مَشْرُوعٌ حَسَبَ الْحَاجَةِ. وَهَكَذَا يُشْرَعُ لِمُصَلِّي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ"[24].

السُّنَّةُ الثَّالِثَةُ: التَّطَيُّبُ، وَهَذِهِ قَدْ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَتَطَيُّبٌ).

أَيْ: وَسُنَّ لَهُ أَنْ يَتَطَيَّبَ فِي بَدَنِهِ؛ لِقَوْلِ عَائِشَةَ -رَضِيَ الله عَنْهَا-: «كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ»[25]. وَقَوْلِهَا -رَضِيَ الله عَنْهَا-: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الْمِسْكِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَهُوَ مُحْرِمٌ»[26]. وَقَوْلُهَا: «وَبِيصِ الْمِسْكِ»؛ أَيْ: بَرِيقِهِ.
يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18-05-2024, 09:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,269
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حكم الإحرام وما يسن للمحرم

وَأَمَّا تَطْيِيبُ الْمُحْرِمِ ثَوْبَهُ: فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِهِ عَلَى أَقْوَالٍ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يُكْرَهُ تَطْيِيبُ الْمُحْرِمِ ثَوْبَهُ، وَلَهُ اسْتِدَامَةُ لُبْسِهِ مَا لَمْ يَنْزِعْهُ، فَإِنْ نَزَعَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَلْبَسَهُ قَبْلَ غَسْلِ الطِّيْبِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الثِّيَابَ الْمُطَيَّبَةَ لَا يَجُوْزُ لُبْسُهَا فِي الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الطِّيبِ، وَلُبْسَ الْمُطَيَّبِ دُونَ الِاسْتِدَامَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ[27].

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ تَطْيِيبُ ثَوْبِهِ، وَهَذَا قَوْلٌ لِلْحَنابِلَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَقَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ[28]؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ الله عَنْهُ- مَرْفُوعًا، وَفِيهِ: «وَلاَ تَلْبَسُوا شَيْئًا مِنَ الثِّيَابِ مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلاَ وَرْسٌ»[29]. وَعَلَى هَذَا: فَإِذَا طَيَّبَ الْمُحْرِمُ ثَوْبَهُ قَبْلَ إِحْرَامِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَغْسِلَهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَلْبَسَهُ حَتَّى يَغْسِلَهُ، وَهُوَ الْأَحْوَطُ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُحْرِمِ تَطْيِيبُ ثَوْبِهِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ[30].

السُّنَّةُ الرَّابِعَةُ: التَّجَرُّدُ مِنَ الْمَخِيطِ، وَهَذِهِ قَدْ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَتَجَرُّدٌ مِنْ مَخِيطٍ).

أَيْ: وَسُنَّ لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ أَيْضًا تَجَرُّدٌ مِنْ مَخِيطٍ، وَمَعْنَى هَذَا: أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَتَجَرَّدَ مِنَ الْمَخِيطِ قَبْلَ نِيَّةِ الْإِحْرَامِ؛ لِيُحْرِمَ عَنْ تَجَرُّدٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ إِحْرَامَهُ قَبْلَ تَجَرُّدِهِ، لَكِنْ إِنِ اسْتَدَامَ لُبْسَ الْمَخِيطِ وَلَوْ لَحْظَةً فَوْقَ الْمُعْتَادِ مِنْ وَقْتِ خَلْعِهِ: فَدَى.

وَالْمَقْصُودُ بِالْمَخِيطِ: "هُوَ الْمَلْبُوسُ الْمَعْمُولُ عَلَى قَدْرِ الْبَدَنِ، أَوْ قَدْرِ عُضْوٍ مِنْهُ؛ بِحَيْثُ يُحِيطُ بِهِ؛ سَوَاءٌ بِخِيَاطَةٍ أَوْ نَسْجٍ أَوْ لَصْقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَتَفْسِيرُ لُبْسِ الْمَخِيطِ عَلَى وَجْهِ الْمُعْتَادِ: أَنْ لَا يَحْتَاجَ فِي حِفْظِهِ إِلَى تَكَلُّفٍ عِنْدَ الِاشْتِغَالِ بِالْعَمَلِ، وَضِدُّهُ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَيْهِ"[31].

فَكُلُّ مَا يُخَاطُ عَلَى قَدْرِ الْمَلْبُوسِ عَلَيْهِ؛ كَالْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ؛ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ فِي بَابِ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ.

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ -رَحِمَهُ الله-: "وَالتَّجَرُّدُ مِنَ اللِّبَاسِ وَاجِبٌ فِي الْإِحْرَامِ، وَلَيْسَ شَرْطًا فِيهِ؛ فَلَوْ أَحْرَمَ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ؛ صَحَّ ذَلِكَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَبِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَنْزِعَ اللِّبَاسَ الْمَحْظُورَ"[32].

السُّنَّةُ الْخَامِسَةُ: الْإِحْرَامُ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ أَبْيَضَيْنِ نَظِيفَيْنِ، وَهَذِهِ قَدْ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَيُحْرِمُ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ أَبْيَضَيْنِ نَظِيفَيْنِ).
أَيْ: وَيُسَنُّ لِمَنْ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ: أَنْ يُحْرِمَ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ، "الْإِزَارُ هُوَ: هَذَا الْمَعْرُوفُ الَّذِي يُشَدُّ عِلَى الْحِقْوَيْنِ فَمَا تَحْتَهُمَا، وَهُوَ الْمِئْزَرُ. وَالرِّدَاءُ: مَا يَرْتَدِي بِهِ عَلَى الْمَنْكِبَيْنِ وَبَيْنَ الْكَتِفَيْنِ مِنْ بُرْدٍ أَوْ ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ؛ يَجْعَلُ نِصْفَهُ عَلَى كَتِفَيْهِ"[33].

وَهَذَا لِمَا أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ الله عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لِيُحْرِمْ أَحَدُكُمْ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ، وَنَعْلَيْنِ»، وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ[34].

وَأَمَّا كَوْنُهُمَا أَبْيَضَيْنِ: فَلِمَا أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ السُّنَنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ الله عَنْهُما- مَرْفُوعًا: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ، فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ»، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ وَجَمَاعَةٌ[35].

وَهَذَا الْحُكْمُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ نَقَلَ الْإِجَمَاعَ عَلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ[36].

وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ جَمِيعِ أَجْنَاسِ الثِّيَابِ الْمُبَاحَةِ: جَازَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُلَوَّنًا، كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ -رَحِمَهُ الله- فِي مَنْسَكِهِ[37].

السُّنَّةُ السَّادِسَةُ: الْإِحْرَامُ عَقِبَ رَكْعَتَيْنِ، وَهَذِهِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَإِحْرَامٌ عَقِبَ رَكْعَتَيْنِ).


أَيْ: يُسّنُّ أَنْ يُحْرِمَ بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ نَفْلًا كَانَتْ أَوْ فَرِيْضَةً؛ لِأَنَّهُ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَهَلَّ دُبُرَ صَلَاةٍ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: اسْتِحْبَابُ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَهَذَا اسْتَحَبَّهُ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ، قَالَ الْبَغَوِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ"[38]. وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- الْإِجْماعَ عَلَى اسْتِحْبابِهَا.[39]

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ لِلْإِحْرَامِ صَلَاةٌ تَخُصُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ لِلْإِحْرَامِ صَلَاةً تَخُصُّهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وتَبِعَهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ الْقَيِّمِ[40].

وَعَلَى كُلِّ حَالٍ: فَالْقَوْلُ بِاسْتِحْبَابِ رَكْعَتَيْنِ لِلْإِحْرَامِ وَجِيهٌ، وَهُوَ قَوْلٌ قَوِيٌّ؛ فَمَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لِلْإِحْرَامِ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَعَهُ أَصْلًا، وَمَنْ أَحْرَمَ عَقِبَ فَرِيضَةٍ فَهُوَ أَوْلَى، وَمَنْ تَرَكَ فَلَا بَأْسَ.

الْفَرْعُ الْخَامِسُ: حُكْمُ النِّيَّةِ فِي الْإِحْرَامِ. وَهَذَا قَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَنِيَّتُهُ شَرْطٌ).
أَيْ: نِيَّةُ الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ شَرْطٌ؛ فَلَا يَكُونُ مُحْرِمًا إِلَّا بِالنِّيَّةِ؛ فَلَوْ تَجَرَّدَ، أَوْ لَبِسَ فَقَطْ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ بِذَلِكَ مُحْرِمًا؛ لِحَدِيثِ عُمَرَ -رَضِيَ الله عَنْهُ-: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ[41].

الْفَرْعُ الْخَامِسُ: مَا يُسْتَحَبُّ قَوْلُهُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ.
وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَيُسْتَحَبُّ قَوْلُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُرِيدُ نُسُكَ كَذَا فَيَسِّرْهُ لِي، وَإِنْ حَبَسَنِي حَابِسٌ فَمَحَلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي).

هُنَا ذَكَرَ أَمْرَيْنِ مُسْتَحَبَّيْنِ لِمَنْ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ، وَهُمَا:
الْأَمْرُ الْأَوَّلُ: أَنْ يُعَيِّنَ الْحَاجُّ أَوِ الْمُعْتَمِرُ مَا يُحْرِمُ بِهِ؛ فَإِذَا أَرَادَ عُمْرَةً قَالَ: (لَبَّيْكَ عُمْرَةً)، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَحُجَّ قَارِنًا قَالَ: (لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا(، وَهَكَذَا.

فَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِمَا أَرَادَ مِنْ عُمْرَةٍ، أَوْ حَجٍّ، أَوْ قِرَانٍ، أَوْ تَمَتُّعٍ بِعُمْرَةٍ إِلَى الْحَجِّ؛ وَهَذَا ثَابِتٌ عَنْهُ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ الله عَنْهُ- قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا: لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا، لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا»[42].

وَقَدْ تَوَاتَرَتِ النُّصُوصُ فِي أَنَّهُ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَجْهَرُ بِالنُّسُكِ، لَكِنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُرِيدُ نُسُكَ كَذَا فَيَسِّرْهُ لِي، وَالنُّطْقُ بِهَا فِي الْحَجِّ كَالنُّطْقِ بِهَا فِي الصَّلَاةِ؛ فَعَلَى هَذَا لَا تُشْرَعُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ.

الْأَمْرُ الثَّانِي: الاِشْتِرَاطُ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: (إِنْ حَبَسَنِي حَابِسٌ فَمَحَلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي). وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ سُنَّةٌ مَطْلَقًا، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، وَالظَّاهِرِيَّةِ[43]، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَنَقَلَهُ عَنْ جَمْعٍ مِنَ السَّلَفِ[44]؛ لِقَوْلِهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ حِينَ قَالَتْ لَهُ: إِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ وَأَجِدُنِي شَاكِيَةً: «حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي» مُتَفَقٌ عَلَيْهِ[45]. وَقَوْلُهُ: «قُولِي»: يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ التَّلَفُّظِ وَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ.

الْقَوْلُ الثَّانِي: عَكْسُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ تَمَامًا، وَهُوَ: أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ مُطْلَقًا، وَلَا يَصِحُّ، وَلَا أَثَرَ لَهُ فِي التَّحَلُّلِ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ[46]؛ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّهَا قَضِيَّةُ عَيْنٍ، وَالْقَاعِدَةُ فِي الْأَصْلِ: أَنَّ قَضَايَا الْأَعْيَانِ لَا تَصْلُحُ دَلِيلًا لِلْعُمُومِ، وَقُلْنَا: إِنَّ حَدِيثَ ضُبَاعَةَ قَضِيَّةُ عَيْنٍ؛ لِأَنَّهَا خِلَافُ الْأَصْلِ؛ فَالْأَصْلُ فِي الْمَرِيضِ أَنَّهُ يَفْتَدِي إِنْ أَصَابَهُ الْمَرَضُ، وَأَنَّهُ إِذَا أُحْصِرَ وَمُنِعَ مِنَ الْبَيْتِ: فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ؛ كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وَقَدْ قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ﴾ [البقرة: 196]؛ لَكِنْ إِذَا اشْتَرَطَ يَخْرُجُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ؛ فَيَخْرُجُ مِنَ الْفِدْيَةِ وَإِرَاقَةِ الدَّمِ فِي الْإِحْصَارِ؛ فَصَارَتْ قَضِيَّةَ عَيْنٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ سُنَّةٌ لِمَنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ؛ وَدَلِيلُهُمْ حَدِيثُ ضُبَاعَةَ؛ فَمَنْ كَانَ حَالُهُ كَحَالِ ضُبَاعَةَ: فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ -رَحِمَهُ اللهُ-، وَقَالَ: إِنَّ أَدِلَّةَ الطَّرَفَيْنِ تَجْتَمِعُ فِيهِ[47]. وَاللهُ أَعْلَمُ.

مَسَائِلُ:
تَكْمِلَةٌ:
ذَكَرَ الْأَصْحَابُ: أَنَّ الاِشْتِرَاطَ وَارِدٌ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: "وَصَحَّ ‌الْقَوْلُ ‌بِالِاشْتِرَاطِ ‌عَنْ ‌عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَمَّارٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ"[48].

مَسْأَلَةٌ:
يُفِيدُ الاِشْتِرَاطُ عَلَى الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ إِذَا عَاقَهُ عَائِقٌ مِنْ عَدُوٍّ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ ذَهَابِ نَفَقَةٍ، أَوْ نَحْوِهِ: فَإِنَّهُ يُحِلُّ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِزِيَادَةِ الْإِمَامِ النَّسَائِيِّ: «‌فَإِنَّ ‌لَكِ ‌عَلَى ‌رَبِّكِ ‌مَا ‌اسْتَثْنَيْتِ»[49][50].

مَسْأَلَةٌ:
ذَكَرَ صَاحِبُ الرَّوْضِ: أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ أَنْ يُحِلَّ مَتَى شَاءَ، أَوْ إِنْ أَفْسَدَهُ لَمْ يَقْضِهِ: لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ[51].


[1] ينظر: غريب الحديث، لابن قتيبة (1/ 218)، والنهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 373)، وتحرير ألفاظ التنبيه (ص: 139)، والمطلع على ألفاظ المقنع (ص: 204)، والروض المربع (2/ 73).

[2] ينظر: الروض المربع (2/ 73).

[3] الإحكام شرح أصول الأحكام (2/ 355).

[4] انظر: بداية المجتهد (2/ 102).

[5] ينظر: بداية المجتهد (2/ 102)، والغاية في اختصار النهاية (3/ 57)، والإنصاف (8/ 135).

[6] ينظر: التجريد، للقدوري (4/ 1768)، والغاية في اختصار النهاية (3/ 57)، والإنصاف (8/ 135).

[7] ينظر: فتح الباري، لابن حجر (3/ 404).

[8] ينظر: عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (2/ 646).

[9] ينظر: موسوعة الفقه الإسلامي (3/ 248).

[10] توضيح الأحكام (4/ 72).

[11] انظر: مراتب الإجماع (ص42).

[12] أخرجه مسلم (1209).

[13] أخرجه الترمذي (830)، وقال: هذا حديث حسن غريب. وصححه ابن حبان (2595).

[14] ينظر: نصب الراية (3/ 17)، وتقريب التهذيب (ص: 330).

[15] ينظر: الإجماع لابن المنذر (ص: 51).

[16] ينظر: المحلى بالآثار (5/ 68).

[17] الاستذكار (4/ 5).

[18] المجموع (7/ 212).

[19] مناسك الحج، لابن تيمية (ص: 97، 98).

[20] ينظر: الإنصاف، للمرداوي (8/ 136).

[21] ينظر: الإنصاف، للمرداوي (8/ 136).

[22] المغني، لابن قدامة (3/ 257).

[23] الفتاوى الكبرى (5/ 308).

[24] مناسك الحج، لابن تيمية (ص40).

[25] أخرجه البخاري (1539)، واللفظ له، ومسلم (1189).

[26] أخرجه البخاري (271)، ومسلم (1190)، واللفظ له.

[27] ينظر: المغني، لابن قدامة (3/ 259)، والفروع، لابن مفلح (5/ 325).

[28] ينظر: البحر الرائق (2/ 345)، والمدونة (1/ 459)، والذخيرة، للقرافي (3/ 227)، وروضة الطالبين (3/71)، والفروع، لابن مفلح (5/ 325).

[29] أخرجه البخاري (5805)، ومسلم (1177).

[30] ينظر: وروضة الطالبين (3/ 71)، ونهاية المحتاج، للشربيني (3/ 270).

[31] ينظر: مرقاة المفاتيح (5/ 1853).

[32] مناسك الحج (ص: 39).

[33] الإحكام شرح أصول الأحكام، لابن قاسم (2/ 362).

[34] أخرجه أحمد (4899)، وصححه ابن خزيمة (2601).

[35] أخرجه أحمد (2219)، وأبو داود (3878)، والترمذي (994) وقال: حديث حسن صحيح. وصححه ابن حبان (5423).

[36] انظر: المجموع للنووي (7/ 217)، ومجموع الفتاوى (26/ 109).

[37] مناسك الحج (ص: 41).

[38] ينظر: الفروع، لابن مفلح (5/ 326).

[39] انظر: المجموع للنووي (7/ 221).

[40] ينظر: الفتاوى الكبرى (5/ 382)، المعاد (2/ 101).

[41] أخرجه البخاري (1)، واللفظ له، ومسلم (1907).

[42] أخرجه البخاري (4353)، ومسلم (1251)، واللفظ له.

[43] ينظر: الأم، للشافعي (2/ 172)، والمغني، لابن قدامة (3/ 265)، والمحلى بالآثار (5/ 88).

[44] الإشراف (3/ 187).

[45] أخرجه البخاري (5089)، ومسلم (1207).

[46] ينظر: التجريد، للقدوري (4/ 2158)، وبداية المجتهد (2/ 81).

[47] الفتاوى الكبرى (5/ 382).

[48] فتح الباري (4/ 9).

[49] أخرجه النسائي (2766).

[50] ينظر: الروض المربع (2/ 77).

[51] ينظر: الروض المربع (2/ 77).











__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 92.37 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 90.28 كيلو بايت... تم توفير 2.09 كيلو بايت...بمعدل (2.27%)]