فوائد من توبة سليمان الأواب - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 113 - عددالزوار : 16038 )           »          التيمّم وجمع الصلوات للمريض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          حُكم إعطاء الأخت الزكاة لأختها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          التوحيد .. أساس النهضة وسرّ الحياة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الوصية الواجبة.. في ميزان الشريعة الإسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          السُنَّة النبوية منهج حياة وصمام أمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          مخاطر العلاقات المحرّمة وآثارها في زمن التواصل الرقمي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          وسائل فضّ المنازعات في ضوء الهدي القرآني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 95 )           »          من مكتبة التراث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 440 )           »          الأوقاف المقدسية حول العالم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 685 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم يوم أمس, 10:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,538
الدولة : Egypt
افتراضي فوائد من توبة سليمان الأواب

فوائد من توبة سليمان الأوَّاب

د. محمود بن أحمد الدوسري

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ[1] أَيْ: وَهَبْنَا لِدَاوُدَ ابْنَهُ سُلَيْمَانَ ﴿ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ أَيْ: نِعْمَ الْعَبْدُ سُلَيْمَانُ؛ فَهُوَ كَثِيرُ الرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.

﴿ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ ﴾ أَيْ: عُرِضَ عَلَى سُلَيْمَانَ فِي آخِرِ النَّهَارِ الْخَيْلُ الَّتِي مِنْ صِفَاتِهَا أَنَّهَا لَا تَعْتَمِدُ بِجَمِيعِ قَوَائِمِهَا عَلَى الْأَرْضِ إِذَا وَقَفَتْ، وَأَنَّهَا سَرِيعَةٌ فِي عَدْوِهَا إِذَا رَكَضَتْ، ﴿ فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ﴾ أَيْ: فَقَالَ سُلَيْمَانُ: إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْلِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى اسْتَتَرَتْ وَتَغَيَّبَتِ الشَّمْسُ بِمَا يَحْجُبُهَا عَنِ الْأَبْصَارِ وَقْتَ غُرُوبِهَا. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ وَالْمُفَسِّرِينَ أَنَّهُ اشْتَغَلَ بِعَرْضِهَا حَتَّى ‌فَاتَ ‌وَقْتُ ‌صَلَاةِ ‌الْعَصْرِ، وَالَّذِي يُقْطَعُ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْهَا عَمْدًا، بَلْ نِسْيَانًا)[2].

﴿ رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ﴾ أَيْ: أَعِيدُوا لِي تِلْكَ الْخَيْلَ، فَلَمَّا أَعَادُوهَا إِلَيْهِ شَرَعَ يُقَطِّعُ سِيقَانَهَا وَأَعْنَاقَهَا. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (‌قَدْ ‌يَكُونُ ‌فِي ‌شَرْعِهِمْ جَوَازُ مِثْلِ هَذَا، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ غَضَبًا لِلَّهِ تَعَالَى؛ بِسَبَبِ أَنَّهُ اشْتَغَلَ بِهَا حَتَّى خَرَجَ وَقْتُ الصَّلَاةِ)[3].

﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ ﴾ أَيْ: وَلَقَدِ ابْتَلَيْنَا سُلَيْمَانَ وَاخْتَبَرْنَاهُ، وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ شَيْطَانًا؛ فَقَدْ قَضَى اللَّهُ وَقَدَّرَ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى كُرْسِيِّ مُلْكِهِ، وَيَتَصَرَّفَ فِي الْمُلْكِ فِي مُدَّةِ فِتْنَةِ سُلَيْمَانَ، ثُمَّ رَجَعَ سُلَيْمَانُ إِلَى رَبِّهِ، فَعَلِمَ أَنَّ الَّذِي حَلَّ بِهِ مِنَ الْبَلَاءِ بِسَبَبِ ذَنْبٍ صَدَرَ مِنْهُ، فَتَابَ إِلَى رَبِّهِ.

﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ أَيْ: قَالَ سُلَيْمَانُ: رَبِّ اسْتُرْ عَلَيَّ ذَنْبِي، وَتَجَاوَزْ عَنْ مُؤَاخَذَتِي بِهِ، وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ سِوَايَ مِثْلُهُ، إِنَّكَ كَثِيرُ الْهِبَاتِ وَالْعَطَاءِ لِمَنْ تَشَاءُ مِمَّا تَشَاءُ مِنْ خَزَائِنِ رَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ.

﴿ فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ ﴾ أَيْ: فَاسْتَجَبْنَا دُعَاءَ سُلَيْمَانَ بِإِعْطَائِهِ مُلْكًا عَظِيمًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ؛ فَذَلَّلْنَا لَهُ الرِّيحَ طَائِعَةً لَهُ كَيْفَمَا يَأْمُرُهَا، فَتَهُبُّ رِخْوَةً فِي غَايَةِ اللِّينِ إِلَى حَيْثُ أَرَادَ.

﴿ وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ ﴾ أَيْ: وَسَخَّرْنَا لَهُ الشَّيَاطِينَ؛ فَذَلَّلْنَا كُلَّ بَنَّاءٍ مِنْهُمْ، فَيَبْنُونَ لَهُ مَا يَأْمُرُهُمْ بِبِنَائِهِ، وَذَلَّلْنَا كُلَّ غَوَّاصٍ مِنْهُمْ، فَيَغُوصُونَ لَهُ فِي الْبِحَارِ، فَيَسْتَخْرِجُونَ لَهُ اللَّآلِئَ وَغَيْرَهَا؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 82]؛ وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ * يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ ﴾ [سَبَأٍ: 12، 13].

﴿ وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ ﴾ أَيْ: وَذَلَّلْنَا لِسُلَيْمَانَ آخَرِينَ مِنْ مَرَدَةِ الشَّيَاطِينِ حَتَّى قَرَنَهُمْ فِي الْقُيُودِ، وَأَوْثَقَهُمْ فِي الْأَغْلَالِ.

﴿ هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ أَيْ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ سُلَيْمَانَ: هَذَا الْمُلْكُ الَّذِي سَأَلْتَ هُوَ عَطَاءٌ عَظِيمٌ وَاسِعٌ وَهَبْنَاهُ لَكَ؛ فَأَعْطِ مَنْ شِئْتَ مِنَ النَّاسِ، وَاحْرِمْ مَنْ شِئْتَ؛ فَلَا حَرَجَ وَلَا مُؤَاخَذَةَ عَلَيْكَ فِي ذَلِكَ.

﴿ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ﴾ أَيْ: وَإِنَّ لِسُلَيْمَانَ عِنْدَنَا قُرْبَةً مِنَّا وَمَنْزِلَةً عَالِيَةً، وَحُسْنَ مَرْجِعٍ[4].

عِبَادَ اللَّهِ.. وَمِنَ الْفَوَائِدِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ تَوْبَةِ سُلَيْمَانَ الأَوَّابِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
1- الْأَوْلَادُ هِبَةٌ مِنَ اللَّهِ، وَلَا سِيَّمَا الصَّالِحُونَ مِنْهُمْ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ ﴾ فَمِنْ أَكْبَرِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى عَبْدِهِ، أَنْ يَهَبَ لَهُ وَلَدًا صَالِحًا، فَيَجِبُ عَلَيْهِ شُكْرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا؛ كَانَ نُورًا عَلَى نُورٍ[5].

2- ثَنَاءُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سُلَيْمَانَ وَمَدْحُهُ لَهُ: بِقَوْلِهِ: ﴿ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّابًا، فَكُلُّ مَنْ كَانَ كَثِيرَ الرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ كَانَ مَوْصُوفًا بِأَنَّهُ "نِعْمَ الْعَبْدُ"[6].

3- كُلُّ مَا شَغَلَ الْعَبْدَ عَنِ اللَّهِ؛ فَإِنَّهُ مَشْؤُومٌ مَذْمُومٌ: فَلْيُفَارِقْهُ وَلْيُقْبِلْ عَلَى مَا هُوَ أَنْفَعُ لَهُ[7].

4- إِثْبَاتُ كُرَوِيَّةِ الْأَرْضِ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ﴾ فَالْأَرْضُ هِيَ الَّتِي تَحْجُبُ الشَّمْسَ، قَالَ ابْنُ عُثَيْمِينَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (الْحِجَابُ هُوَ الْأَرْضُ، فَالَّذِي يَسْتُرُهَا إِذَا غَابَتْ هِيَ الْأَرْضُ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ كُرَوِيَّةُ الشَّكْلِ، إِذَا دَارَتِ الشَّمْسُ عَلَيْهَا وَوَصَلَتِ الْجَانِبَ الْمُنْحَنِيَ؛ لَا بُدَّ أَنْ تَغِيبَ)[8].

5- حَرَمَ سُلَيْمَانُ نَفْسَهُ مِنَ الْخَيْلِ الْمَحْبُوبَةِ لَهُ؛ تَوْبَةً مِنْهُ، وَتَرْبِيَةً لِنَفْسِهِ: وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ جَلِيلَةٌ مِنْ طَرَائِقِ تَرْبِيَةِ النَّفْسِ، وَمَظَاهِرِ كَمَالِ التَّوْبَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا كَانَ سَبَبًا فِي الْهَفْوَةِ[9].

6- اعْتِنَاءُ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْبِيَائِهِ وَأَصْفِيَائِهِ: عِنْدَمَا يَقَعُ مِنْهُمْ بَعْضُ الْخَلَلِ بِفِتْنَتِهِ إِيَّاهُمْ، وَابْتِلَائِهِمْ بِمَا بِهِ يَزُولُ عَنْهُمُ الْمَحْذُورُ، وَيَعُودُونَ إِلَى أَكْمَلَ مِنْ حَالَتِهِمُ الْأُولَى.

7- جَوَازُ الذُّنُوبِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَأَنَّهُمْ مُحْتَاجُونَ إِلَى مَغْفِرَةِ اللَّهِ: ﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي ﴾ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ ذَنْبًا؛ لَمَا اسْتَغْفَرَ مِنْهُ.

8- تَقْدِيمُ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ فِي الدِّينِ عَلَى الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ فِي الدُّنْيَا: فَإِنَّ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ طَلَبَ الْمَغْفِرَةَ أَوَّلًا، ثُمَّ طَلَبَ الْمَمْلَكَةَ؛ كَمَا فِي دُعَائِهِ: ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا ﴾ فَيَسْأَلُ الْإِنْسَانُ التَّخَلُّصَ مِنْ آثَارِ الذُّنُوبِ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَ مَا يُرِيدُ[10].

9- طَلَبُ الْمَغْفِرَةِ مِنَ اللَّهِ سَبَبٌ لِانْفِتَاحِ أَبْوَابِ الْخَيْرَاتِ فِي الدُّنْيَا: فَإِنَّ سُلَيْمَانَ طَلَبَ الْمَغْفِرَةَ أَوَّلًا، ثُمَّ تَوَسَّلَ بِهِ إِلَى طَلَبِ الْمَمْلَكَةِ[11].

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنْ فَوَائِدِ تَوْبَةِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
10- الرُّجُوعُ إِلَى اللَّهِ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ، مِنْ صِفَاتِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ: فَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ عَلَى سُلَيْمَانَ بِذَلِكَ، فَلْيَقْتَدِ بِهِ الْمُقْتَدُونَ، وَلْيَهْتَدِ بِهُدَاهُ السَّالِكُونَ ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ﴾.

11- الْأَنْبِيَاءُ مَعْصُومُونَ مِنَ الْخَطَأِ فِيمَا يُبَلِّغُونَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى: فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِطَاعَتِهِمْ مُطْلَقًا، وَقَدْ يَجْرِي مِنْهُمْ أَحْيَانًا بَعْضُ مُقْتَضَيَاتِ الطَّبِيعَةِ مِنَ الْمُخَالَفَاتِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُبَادِرُهُمْ بِلُطْفِهِ، وَيَتَدَارَكُهُمْ بِالتَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ.

12- تَقْدِيمُ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَحَبَّةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَحَبَّةِ كُلِّ شَيْءٍ.

13- عَقَرَ سُلَيْمَانُ الْجِيَادَ؛ تَقْدِيمًا لِمَحَبَّةِ اللَّهِ، فَعَوَّضَهُ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا: بِأَنْ سَخَّرَ لَهُ الرِّيحَ الرُّخَاءَ اللَّيِّنَةَ، الَّتِي تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى حَيْثُ أَرَادَ وَقَصَدَ، غُدُوُّهَا شَهْرٌ، وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ، وَسَخَّرَ لَهُ الشَّيَاطِينَ، أَهْلَ الِاقْتِدَارِ عَلَى الْأَعْمَالِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا الْآدَمِيُّونَ[12].

14- الْحِكْمَةُ مِنْ سُؤَالِ سُلَيْمَانَ الْمُلْكَ: هُوَ قُدْرَتُهُ عَلَى سِيَاسَةِ النَّاسِ، وَالْقِيَامِ بِحَقِّ اللَّهِ، وَلِيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَلَمْ يَسْأَلْ لِأَجْلِ مَيْلِهِ إِلَى الدُّنْيَا؛ وَهُوَ كَقَوْلِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ [يُوسُفَ: 55][13].

15- الْمَقْصُودُ بِقَوْلِ سُلَيْمَانَ:﴿ وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ﴾ أَيْ: هَبْ لِي مُلْكًا لَا أُسْلَبُهُ، فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ زَمَانِي أَنْ يَسْلُبَنِيهِ، فَيَكُونَ حُجَّةً وَعَلَمًا لِي عَلَى نُبُوَّتِي، وَأَنِّي رَسُولٌ لَكَ إِلَيْهِمْ مَبْعُوثٌ، وَلَمْ يَقْصِدْ مَنْعَ فَضْلِ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ[14].

16- التَّوَسُّلُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالِاسْمِ الْمُنَاسِبِ لِمَا يَدْعُو بِهِ: لِأَنَّ قَوْلَهُ: ﴿ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ يُنَاسِبُ قَوْلَهُ: ﴿ وَهَبْ لِي ﴾، وَهَذَا هُوَ أَحَدُ مَعَانِي قَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الْأَعْرَافِ: 180][15].

17- تَسْخِيرُ الشَّيَاطِينِ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ بَعْدَ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

18- كَانَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَلِكًا نَبِيًّا؛ يَفْعَلُ مَا أَرَادَ: وَلَكِنَّهُ لَا يُرِيدُ إِلَّا الْعَدْلَ، بِخِلَافِ النَّبِيِّ الْعَبْدِ؛ فَإِنَّهُ تَكُونُ إِرَادَتُهُ تَابِعَةً لِأَمْرِ اللَّهِ، فَلَا يَفْعَلُ وَلَا يَتْرُكُ إِلَّا بِالْأَمْرِ؛ كَحَالِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذِهِ الْحَالُ أَكْمَلُ[16].

19- إِكْرَامُ اللَّهِ لِعَبْدِهِ سُلَيْمَانَ، بِالْقُرْبِ مِنْهُ، وَحُسْنِ الثَّوَابِ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ﴾ حَتَّى لَا يُظَنَّ أَنَّ مَا جَرَى لَهُ مُنْقِصٌ لِدَرَجَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا مِنْ تَمَامِ لُطْفِهِ بِعِبَادِهِ الْمُخْلِصِينَ؛ أَنَّهُ غَفَرَ لَهُمْ، وَأَزَالَ عَنْهُمْ أَثَرَ ذُنُوبِهِمْ.

[1] الآيات المذكورة هنا من [سورة ص: 30-40].

[2] تفسير ابن كثير، (7/ 65).

[3] المصدر نفسه، (7/ 65).

[4] انظر: تفسير الطبري، (20/ 80)؛ تفسير القرطبي، (15/ 194)؛ تفسير ابن كثير، (7/ 65)؛ نظم الدرر، للبقاعي، (16/ 379)؛ فتح الباري، لابن رجب (4/ 352)؛ تفسير ابن عطية، (4/ 505)؛ تفسير السعدي، (ص712)؛ تفسير ابن عاشور، (23/ 255).

[5] انظر: تفسير السعدي، (ص712)؛ تفسير ابن عثيمين – سورة ص، (ص156).

[6] انظر: تفسير الرازي، (26/ 389).

[7] انظر: تفسير السعدي، (ص712).

[8] تفسير ابن عثيمين – سورة ص، (ص154).

[9] انظر: تفسير ابن عاشور، (23/ 258).

[10] انظر: تفسير ابن عثيمين – سورة ص، (ص167).

[11] انظر: تفسير الرازي، (26/ 394).

[12] انظر: تفسير السعدي، (ص712)؛ روضة المحبين، لابن القيم، (ص445)؛ تفسير ابن كثير، (7/ 73).

[13] انظر: تفسير القشيري، (3/ 256)؛ أحكام القرآن، لابن العربي (4/ 68).

[14] انظر: تفسير الطبري، (20/ 104).

[15] انظر: تفسير ابن عثيمين – سورة ص، (ص177).

[16] انظر: مجموع الفتاوى، لابن تيمية (11/ 180).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 80.97 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 79.25 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.13%)]