|
|||||||
| الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
من أسماء الله (الرحمن والرحيم) نورة سليمان عبدالله "الرحمن الرحيم" هذان الاسمان كلٌّ منهما دالٌّ على ثبوت الرحمة صفة لله عز وجل، فالرحمن؛ أي: الذي الرحمة وصفُه، والرحيم؛ أي: الراحم لعباده. والرحمة هي الرِّقة والتعطُّف، والاسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة، و"رحمن" أشد مبالغةً من "رحيم"؛ لأن بناء فعلان أشد مبالغةً من فعيل. وقد ذُكرا في القرآن كثيرًا، فذُكر الرحمن في القرآن سبعًا وخمسين مرة، وأما اسم الرحيم فقد ذكر مائةً وأربع عشرة مرة. ما الفرق بينهما؟ هناك قولان في الفرق بين هذين الاسمين: الأول: أن اسم الرحمن هو ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا، وللمؤمنين في الآخرة. والرحيم هو ذو الرحمة للمؤمنين يوم القيامة. والقول الثاني: هو أن الرحمن دالٌّ على صفة ذاتية، والرحيم دال على صفة فعلية. قال ابن القيم رحمه الله: "إن الرحمن دال على الصفة القائمة به سبحانه، والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم، فكان الأول للوصف، والثاني للفعل، فالأول: دال على أن الرحمة صفته، والثاني: دال على أنه يرحم خلقه برحمته، وإذا أردت فهم هذا؛ فتأمل قوله: ﴿ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 43]، ﴿ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 117]، ولم يجئ قط "رحمن بهم"؛ فعُلِم أن رحمن هو الموصوف بالرحمة، ورحيم هو الراحم برحمته. والرحمن من الأسماء التي مُنع من التسمية بها؛ كما قال تعالى: ﴿ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [الإسراء: 110]. وأما الرحيم فإنه تعالى وصَفَ به نبيَّه صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال: ﴿ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128]، فيُقال: رجل رحيم، ولا يُقال: رحمن. من آثار الإيمان باسم الله الرحمن والرحيم: 1- إثبات صفة الرحمة لله رب العالمين. 2- ظهور آثار رحمة الله سبحانه على الخلق بجَلاء. 3- سَعة رحمة الله تعالى. 4- رحمة الله تغلِب غضبه. 5- لله جل ثناؤه مائةُ رحمة. 6- الله سبحانه وتعالى أرحم بعباده من الأمِّ بولدها. 7- اتصاف الإنسان بالرحمة. 8- طاعة الله ورسوله سببٌ للرحمة. 9- تسمية الله سبحانه وتعالى بعضَ نعمِه بالرحمة. 10- العزم عند سؤال الله سبحانه الرحمةَ. 11- عدم الاغترار برحمة الله. قال الشيخ السعدي رحمه الله: "فالله خلق الخلق برحمته، وأرسل إليهم الرسل برحمته، وأمرهم ونهاهم، وشرع لهم الشرائع برحمته، وأسبغ عليهم النعمة الظاهرة والباطنة برحمته، ودبرهم أنواع التدبير، وصرفهم بأنواع التصريف برحمته، وملأ الدنيا والآخرة من رحمته، فلا طابت الأمور، ولا تيسرت الأشياء، ولا حصلت المقاصد، وأنواع المطالب إلا برحمته، ورحمته فوق ذلك، وأجَلُّ وأعلى". ولا بد أن يُعلَم أن رحمته سبحانه في غاية الكمال والجلال، فلا ضعف معها ولا رِقة ولا عجز، بل رحمة مع عزة وقوة وقدرة تامة؛ قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [السجدة: 6]. فكيف السبيل لنَيل رحمة الرحمن الرحيم؟ الأسباب كثيرة؛ ومنها: 1- طاعة الله ورسوله؛ قال تعالى: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آل عمران: 132]. 2- تقوى الله تعالى؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الحجرات: 10]. 3- إقامة الصلاة وأداء الزكاة؛ قال تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [النور: 56]. 4- الإنفاق في سبيل الله؛ قال تعالى: ﴿ وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 99]. 5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ قال تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71]. وأيضًا من الأسباب: التوكل على الله، والاستغفار والتوبة، والإحسان في عبادة الله وإلى عباد الله، والاستماع والإنصات للقرآن الكريم، وصِلة الرحم. يقول ابن القيم: "الرحمة صفةٌ تقتضي إيصال المنافع والمصالح إلى العبد، وإن كرهتها نفسه، وشقَّت عليها، فهذه هي الرحمة الحقيقية، فأرحم الناس بك من شقَّ عليك في إيصال مصالحك، ودفع المضارِّ عنك". والرحمة المطلوبة هي الرحمة المحمودة، لا الرحمة المذمومة، التي تؤدي إلى تعطيل شرع الله، أو التهاون في تطبيق حدوده وأوامره؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن دين الله هو طاعته وطاعة رسوله المبنيَّ على محبته ومحبة رسوله، وأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما؛ فإن الرأفة والرحمة يحبهما الله ما لم تكن مضيعة لدين الله". ثم اعلم - يرعاك الله - أن الرحمة ركيزة من الركائز التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي بين أفراده؛ فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَثَلُ المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمَّى)). ومما يُعين على التخلُّق بالرحمة: مجالسة الرحماء ومخالطتهم، والابتعاد عن ذوي الغلظة والفضاضة، ومعرفة جزاء الرحماء وثوابهم، والآثار المترتبة على التحلي بهذا الخلق، ومخالطة الضعفاء والمساكين وذوي الحاجة؛ فإنه مما يرقِّق القلب، ويدعو إلى الرحمة والشفقة بهم؛ وجاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه: ((أن رجلًا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه، فقال له: إن أردت أن يلين قلبك، فأطعِمِ المسكين، وامسح رأس اليتيم))، وأيضًا قراءة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام؛ الذين قال الله سبحانه عنهم: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29]. نسأل الله أن نكون من الرحماء المرحومين، وأن يرزقنا من واسع فضله ورحمته. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |