|
|||||||
| ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
منْ مُغذِّياتِ الإيمانِ التعرُّفُ على الله أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري الخطبة الأولى الحمد والثناء...فأوصيكم ونفسي بتقوى الله؛ فالتقوى طريقُ الجنة، وإنَّ مِنَ العَجبِ أن نتركَ الطيِّباتِ حينَ ينهانا عنها الطبيبُ خشيةَ ضرَرِها، ولا نتركَ خبائثَ المعاصي خشيةَ النار! ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]. عباد الرحمن؛ الإيمانُ في القلوبِ يضعُفُ ويقوى، والإيمانُ كلَّما قَوِيَ، زادَ إقبالُ المؤمنِ على الطاعات، ونَفَر مِنَ الذنوب، وكلَّما ضعُفَ الإيمانُ أحدَثَ كسلًا في النفوس، وثِقلًا في العبادات، ووحشةً في القلوب، لا يهنأُ مَعها عيش، ولا يحسُّ مَعها بسعادةٍ ولا راحةٍ. وإنَّ منْ أعظمِ مُغذِّيات الإيمان- مع كثرَتِها- التعرُّفُ على اللهِ جل وعلا، التعرُّفُ على أسمائه الحسنى وصِفاتِه المُثلى، قراءةً لها وفهمًا لمَعانيها، ودراسةً لِـثمَراتِها؛ قال جل وعلا: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180]. فإنَّ العبدَ إذا عرَفَ اللهَ، عبدَهُ حقَّ عِبادَتِه، وقدَّرَهُ حقَّ قدرِه؛ لأنَّ هذه المعرفةَ تجعلُهُ يعبُدُ اللهَ وهو يعلمُ مَنْ هو اللهُ الذي يعبدُهُ ويتقرَّبُ إليه. وإنَّ مِنْ أسمائِهِ جلَّ وعلا الرَّحيم الرحمن، والكريم والأكرم، فربُّنا أكرم الأكرمين، لا يوازيه كريم، ولا يعادِلُه نظير، يُعطي ويثني، ويعفُو ويصفَح، ولا يُضيعُ مَنْ توسَّلَ إليه، ولا يتركُ مَنِ التجأ إليه، ولا يُهينُ مَنْ أقبلَ عليه، قال عزَّ وجلَّ: ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴾ [الانفطار: 6]، وقال سبحانه: ﴿ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النمل:40]. ومِنْ أسمائهِ الملك، فربُّنا مَلِكُ المُلُوكِ تَعالَى لا شَرِيْكَ لَهُ، رَبٌّ عَظِيْمٌ لَهُ الأَفلاكُ تَأَتِمِرُ؛ ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ [فصلت: 11]. مَلِكُ المُلُوكِ، رَبٌّ قَادِرٌ قاهِرٌ مُدَبرٌ عَظِيْم؛ ﴿ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الشورى: 12]. مَلِكُ المُلُوكِ، لا نِدَّ لهُ، ولا سَنَدَ، ولا مُعِيْنَ، ولا كُفْؤ، ولا وَلَدُ، تَفَرَّدَ بالعِزِّ والجَلالِ، وتَفَرَّدَ بالكِبْرِياءِ والكَمالِ، وتَفَرَّدَ بالقَهْرِ والمُلْكِ والجَبَرُوت، يُدَبِّرُ المُلْكَ على ما يَشاءُ، ولا مُدَبِّرَ مَعَ اللهِ فِيْما مَلَك؛ ﴿ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [المؤمنون: 91]. على العَرْشِ اسْتَوَى، يَعْلَمُ السِّرَّ وأَخْفَى، يَحْكُمُ ما يَشَاءُ ويَفْعَلُ ما يُرِيد، فَلا مُعَقِّبَ لِحُكمِهِ، ولا رَادَّ لِقَضَائِهِ، ولا غَالِبَ لأَمْرِه؛ ﴿ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التغابن: 1]، هُوَ المَلِكُ والمُلْكُ لَه، ﴿ بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الملك: 1]. ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26]. ومن أسمائه الشَّكور: وهو الذي يقبَلُ اليسيرَ مِنَ الطاعات، ويُـجازي عليها الكثيرَ مِنَ الحسنات، ويعفو عنِ الكثيرِ مِنَ الذنوبِ والزلَّاتِ، قال جلَّ وعلا: ﴿ وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [الشورى: ٢٣]، وقال جلَّ شأنُه: ﴿ إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ ﴾ [التغابن: 17]، وقال جلَّ وعلا: ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الأنعام: 160]. وفي الحديث القدْسي: ((قال اللهُ عزَّ وجلَّ: إذا تقرَّب عبدي منِّي شبرًا تقرَّبتُ منه ذراعًا، وإذا تقرَّبَ منِّي ذراعًا تقرَّبتُ منه باعًا، وإذا أتاني يمشي أتيتُهُ هَرولةً))؛ [أخرجه البخاري ومسلم وابن حبان واللفظ له]. بارك الله لي ولكم... الخطبة الثانية الحمدُ للهِ رَبِّ العَالمين، وأَشْهَدُ أَن لا إله إلا اللهُ ولي الصالحين، وأَشْهَدُ أَنَّ محمدًا رسول رب العالمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليمًا، أما بعد: فيا عباد الله، اتَّقُوا اللهَ عزَّ وجل، وتعرَّفوا عليهِ في الرَّخاء يعرفْكم في الشِّدَّة، وعَلِّقوا قُلُوبَكم بهِ سبحانه وتعالى، فإنكم عمَّا قريبٍ عن هذه الدنيا راحلون، وعلى الآخرة مُقبِلون، وإنَّ أمامَكم شدائدَ وأهوالًا عظيمةً، لن تخطِئكم ولن تخطئوها، أمامَكم شِدَّة الموت وسكراتِه، وشدة القبرِ وظُلُماته، وشدَّة الحشرِ وكرُباته، وشدَّة حرارةِ الجوِّ وسُخُونَته، وشدَّة والحسابِ والميزانِ والصِّراط ودِقَّته. إنها- يا عباد الله- شدائدُ وأهوالٌ عظيمةٌ، ونحن أحوج ما نكون إلى أنْ يعرفنا اللهُ عزَّ وجلَّ فيها، وأن يرحمَنا ويتجاوَزَ عنا. والسبيلُ إلى ذلك- يا معاشرَ المؤمنين- معرِفةُ اللهِ عزَّ وجل في الرَّخاء، معرفةُ أوامِرِه ونواهيه وحدودِه وحقوقِه جلَّ جلاله، وفي وصيَّةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لابن عباس: "احفظِ اللهَ يحفظْك، احفظِ اللهَ تجدْه أمامَك، تعرَّفْ إلى اللهِ في الرخاءِ يعرفْك في الشدَّةِ". ومعرفةُ اللهِ في الرَّخاءِ تكونُ بعبادتِه وطاعةِ نبيِّه صلى الله عليه وسلم في حالِ الصِّحةِ والغِنى والقوة، ليعرِفنا في حالِ الشِّدَّةِ والحاجةِ والكُربة، ليكونَ معنا في حال فقرِنا ومرضنا وضَعفِنا، وفي جميعِ أحوالنا وشؤونِنا. بخلاف الذي يعبد الله وهو لا يعرفه حق المعرفة؛ فإن عبادته لربِّه ستكون عبادةً ضعيفةً، العارف بربِّه يعبده بإجلال وخضوع ووقار وخشوع، ومن ثمَّ سيكثر من عبادته والتقرُّب إليه، ومن عرَف الله أكثر سيعبده أكثر، وكلما زادت عظمة الله في قلب العبد؛ ازداد شوقًا له، وحبًّا لعبادته، والتقرُّب منه. وفي نهاية المطاف فإن مَن عرَف الله في الرخاء يدخل الجنة، ويقول عند دخولها: ﴿ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ﴾ [الطور: 28]. أما المعرضونَ عنْ ربِّهم في الرخاء، فيُقال لهم: ﴿ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ﴾ [الأحقاف: 20]. اللهم لك أسلمنا، وبك آمنَّا، وعليك توكَّلنا، وإليك خاصمنا، وبك حاكمنا، فاغفر لنا ما قدَّمنا، وما أخَّرنا، وأسرَرْنا وأعلَنَّا، وما أنت أعلمُ به مِنَّا، لا إلهَ إلا أنت، اللهم ارحمنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض.
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |