|
|||||||
| الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
من درر العلامة ابن القيم عن السعادة فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فالسعادة من المواضيع التي بحثها العلامة ابن القيم رحمه الله في عدد من كتبه وقد جمعت بعضًا مما ذكره، أسأل الله أن ينفع به. [شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل] السعادة لا يوصل إليها إلا على جسر المشقة والتعب:استقرت حكمته سبحانه أن السعادة والنعيم والراحة لا يوصل إليها إلا على جسر المشقة والتعب، ولا يدخل إليها إلا من باب المكاره والصبر وتحمل المشاق؛ ولذلك حفَّ الجنة بالمكاره، والنار بالشهوات. [الرسالة التبوكية] طاعة الله ورسوله، وتحكيم الله ورسوله، هو سبب السعادة عاجلًا وآجلًا:قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59]؛ أي: هذا الذي أمرتكم به من طاعتي وطاعة رسولي وأولي الأمر، وردِّ ما تنازعتم فيه إليَّ وإلى رسولي خيرٌ لكم في معاشكم ومعادكم، وهو سعادتكم في الدارين، فهو خير لكم وأحسن عاقبة..فدلَّ هذا على أن طاعة الله ورسوله وتحكيم الله ورسوله هو سبب السعادة عاجلًا وآجلًا. [أعلام الموقعين عن رب العالمين] السعادة في العلم النافع والعمل الصالح:العلم النافع والعمل الصالح اللذان لا سعادة للعبد إلا بهما، ولا نجاة له إلا بالتعلق بسببهما، فمن رُزِقهما فقد فاز وغَنِمَ، ومن حُرمهما فالخير كلُّه حُرِمَ، وهما مورد انقسام العباد إلى مرحوم ومحروم، وبهما يتميز البرُّ من الفاجر والتقيُّ من الغوي، والظالم من المظلوم. [مدارج السالكين في منازل السائرين] مدار السعادة على الاعتصام بالله:مدار السعادة الدنيوية والأخروية على الاعتصام بالله، والاعتصام بحبله، ولا نجاة إلا لمن استمسك بهاتين العصمتين. فأما الاعتصام بحبله فإنه يعصم من الضلالة، والاعتصام به يعصم من الهلكة، والاعتصام به فهو التوكل عليه والامتناع به، والاحتماء به، وسؤاله أن يحمي العبد ويمنعه، ويعصمه ويدفع عنه، فإن ثمرة الاعتصام به هو الدفع عن العبد، والله يدفع عن الذين آمنوا، فيدفع عن عبده المؤمن به إذا اعتصم به كلَّ سبب يفضي إلى العطب، ويحميه منه، فيدفع عنه الشبهات والشهوات، وكيد عدوِّه الباطن والظاهر، وشرَّ نفسه، ويدفع عنه موجب أسباب الشرِّ بعد انعقادها بحسب قوة الاعتصام به وتمكُّنه، فينعقد في حقِّه أسبابُ العطب، فيدفع عنه موجباتها ومسبباتها، ويدفع عنه قَدَرَه بقدره، وإراداته بإرادته، ويعيذه به منه. الرضا بالقدر من أسباب السعادة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سعادة ابن آدم استخارة الله عز وجل، ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله، ومن شقوة ابن آدم سخطه بما قضى الله، ومن شقاوة ابن آدم ترك استخارة الله)). فالرضا بالقضاء من أسباب السعادة، والتسخُّط على القضاء من أسباب الشقاوة. [الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب] عنوان سعادة العبد:الله سبحانه وتعالى المسئول المرجو الإجابة...أن يجعلكم ممن إذا أنعم الله عليه شكر، وإذا ابتُلي صبر، وإذا أذنب استغفر، فإن هذه الأمور الثلاثة هي عنوان سعادة العبد، وعلامة فلاحه في دُنْياه وأُخْراه. مدار السعادة على محبة الله جل وعلا: المحبة...هي روح الإسلام، وقطبُ رحى الدين، ومدار السعادة والنجاة، وقد جعل الله لكل شيء سببًا، وجعل سبب المحبة دوام الذكر، فمن أراد أن ينال محبة الله عز وجل فليلهج بذكره. [الفوائد] الأصول التي تُبنى عليها سعادة الإنسان:الأصول التي انبنى عليها سعادةُ العبد ثلاثة: ولكل واحد منها ضد، فمن فقد ذلك الأصل حصل على ضده: التوحيد وضده الشرك، والسنة وضدها البدعة، والطاعة وضدها المعصية، ولهذه الثلاثة ضد واحد، وهو: خُلوُّ القلب من الرغبة في الله وفيما عنده، ومن الرهبة منه ومما عنده. من علامات سعادة العبد: من علامات السعادة والفلاح: أن العبد كلما زِيدَ في علمه زِيدَ في تواضُعه ورحمته، وكلما زِيدَ في عمله زِيدَ في خوفه وحذره، وكلما زِيدَ في ماله زِيدَ في سخائه وبذله، وكلما زِيدَ في قدره وجاهه زِيدَ في قربه من الناس وقضاء حوائجهم، والتواضع لهم. [مفتاح دار السعادة] أنواع السعادة التي تؤثرها النفوس ثلاثة:سعادة خارجية عن ذات الإنسان: بل هي مستعارة له من غيره تزولُ باسترداد العارية، وهي سعادةُ المال والجاه وتوابعهما، فبينا المرءُ بها سعيد، ملحوظ بالعناية، مرموق بالأبصار، إذ أصبح في اليوم الواحد ...أذل من وتدٍ بقاعٍ ![]() يُشجِّجُ رأسه بالفهرواج ![]() ![]() ![]() فالسعادة والفرحُ بهذه كفرح الأقرع بجُمة ابن عمه، والجمال بها كجمال المرء بثيابه وبزته، فإذا جاوز بصرُك كسوته فليس وراء عبادان قرية. السعادة الثانية: سعادة في جسمه وبدنه، كصحته واعتدال مزاجه، وتناسُب أعضائه، وحُسن تركيبه، وصفاء لونه، وقوة أعصابه. فهذه ألصقُ به من الأولى، ولكن في الحقيقة خارجة عن ذاته وحقيقته، فإن الإنسان إنسان بروحه وقلبه لا بجسمه وبدنه، كما قيل: يا خادم الجسم كم تشقي بخدمته ![]() فأنت بالروح لا بالجسم إنسان ![]() ![]() ![]() السعادة الثالثة: هي السعادة الحقيقية، وهي سعادة نفسية روحية قلبية، وهي سعادةُ العلم النافع وثمرتُه، فإنها هي الباقيةُ على تقلُّب الأحوال، والمصاحبة للعبد في جميع أسفاره، وفي دُوره الثلاثة- أعني دار الدنيا، ودار البرزخ، ودار القرار- وبها يترقى في معارج الفضل ودرجات الكمال. أما الأولى، فإنما تصحبه في البقعة التي فيها مالُه وجاهُه. والثانية، فعرضة للزوال والتبدل بنكس الخلق والردِّ إلى الضَّعف. فلا سعادة في الحقيقة إلا هذه الثالثة، التي كلَّما طال عليها الأمدُ ازدادت قوةً وعلوًّا، وإذا عُدِمَ المالُ والجاهُ فهي مالُ العبد وجاهُه، وتظهر قوتها وأثرها بعد مفارقة البدن إذا انقطعت السعادتان الأوليتان. وهذه السعادة لا يعرفُ قدرها ويبعثُ على طلبها إلا العلمُ بها، فعادت السعادةُ كلُّها إلى العلم وما يقتضيه، والله يوفق من يشاء، لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع. وإنما رغب أكثرُ الخلق عن اكتساب هذه السعادة وتحصيلها لوعورة طريقها، ومرارة مباديها، وتعب تحصيلها، وأنها لا تنالُ إلا على جسر من التعب، فإنها لا تُحصَّلُ إلا بالجدِّ المحض، بخلاف الأوليتين، فإنهما حظُّ قد يحوزه غيرُ طالبه، وبخت قد يحرزُه غيرُ جالبه من ميراثٍ أو هبةٍ أو غير ذلك، وأمَّا سعادة العلم فلا يورثك إياها إلا بذلُ الوسع، وصدقُ الطلب وصحة النية. ومن طمحت همته إلى الأمور العلية، فواجب عليه أن يسدَّ على همته الطُّرق الدنيَّة. وهذه السعادةُ وإن كانت في ابتدائها لا تنفكُّ عن ضرب من المشقة،...فإنها متى أُكرهت النفس عليها، وسيقت طائعةً وكارهةً إليها، وصبرت على لأْوائها وشدَّتها، أفضت منها إلى رياض مُؤنقة، ومقاعد صدق ومقام كريم، تجد كل لذَّة دونها. من اجتمع فيه العقل الغريزي والمكتسب فقد أقبلت عليه جيوش السعادة: والعقل عقلان: عقل غريزي، وهو أبُ العلم ومربيه ومُثمره. وعقل مكتسب مستفاد، وهو ولد العلم وثمرته ونتيجتُه. فإذا اجتمعا في العبد فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، واستقام له أمرُه، وأقبلت عليه جيوشُ السعادة من كل جانب، وإذا فقدهما فالحيوان البهيم أحسن حالًا منه، وإذا انفردا نقص الرجلُ بنقصان أحدهما. محبة علم الرسل من علامات السعادة: محبةُ العلم من علامات السعادة وبغضُ العلم من علامات الشقاوة، وهذا كله إنما هو في علم الرسل الذين جاؤوا به، وورثوه للأمَّة، لا في كلِّ ما يُسمَّى علمًا. من أمارات السعادة اشتغال العبد بعيوبه: طوبى لمن شغله عيبُه عن عيوب الناس، وويل لمن نسِي عيبه وتفرَّغ لعيوب الناس. هذا من علامة الشقاوة، كما أن الأول من أمارات السعادة. علامة السعادة أن تكون حسنات العبد خلف ظهره: الله سبحانه إذا أراد بعبده خيرًا أنساه رؤية طاعاته، ورفعها من قلبه ولسانه،...فعلامةُ السعادة أن تكون حسنات العبد خلف ظهره، وسيئاتهُ نصبَ عينيه، وعلامة الشقاوة أن يجعل حسناته نصب عينيه، وسيئاته خلف ظهره. [زاد المعاد إلى هدي خير العباد] التوحيد يفتح للعبد باب السعادة:التوحيد يفتح للعبد باب الخير والسرور واللذة والفرح والابتهاج، والتوبة استفراغ للأخلاط والمواد الفاسدة التي هي سببُ أسقامه، وحمية له من التخليط، فيفتح له باب السعادة والخير بالتوحيد، ويُغلق باب الشرور بالتوبة والاستغفار. السعادة مع أهل الصدق والتصديق: قسم سبحانه الخلق إلى قسمين: سعداء، وأشقياء، فجعل السعداء هم الصدق والتصديق، والأشقياء هم أهل الكذب والتكذيب، وهو تقسيم حاصر مطرد منعكس، فالسعادة دائرة مع الصدق والتصديق، والشقاوة دائرة مع الكذب والتكذيب.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |