نعمة الهواء - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كيف يمكن علاج فقدان الشهية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          سولوسمارت الرفيق الذكي لإدارة الإنسولين بدقة وثقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          ما هو شاي هوجيتشا؟ وما هي فوائده؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          ما هي أنواع عمى الألوان؟ وما الفرق بينها؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          البرغموت: فوائد مذهلة لا تعرفها! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          علاج حساسية الصدرية: أفضل الطرق الطبية والنصائح المنزلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الكرفس: خضار بقيمة غذائية عالية وفوائد عديدة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          أضرار نقص الحديد وتأثيره على الجسم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          تحليل فقر الدم: ما هو؟ ومتى يطلبه الطبيب؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          ما هي مخاطر الإشعاع النووي؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > الملتقى العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-03-2010, 05:50 PM
الصورة الرمزية ابو هاله
ابو هاله ابو هاله غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 1,783
الدولة : Egypt
047 نعمة الهواء

نعمة الهواء
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
1- فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين:
فقد قال الله -تعالى-: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ . يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ . رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ . أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ . ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ . إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ . يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) (الدخان:10-16).
روى البخاري ومسلم عن مسروق قال: بَيْنَمَا رَجُلٌ يُحَدِّثُ فِي كِنْدَةَ فَقَالَ: يَجِيءْ دُخَانٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَأْخُذُ بِأَسْمَاعِ الْمُنَافِقِينَ وَأَبْصَارِهِمْ، يَأْخُذُ الْمُؤْمِنَ كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ. فَفَزِعْنَا، فَأَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَكَانَ مُتَّكِئًا، فَغَضِبَ فَجَلَسَ فَقَالَ: مَنْ عَلِمَ فَلْيَقُلْ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلِ: اللَّهُ أَعْلَمُ. فَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لاَ يَعْلَمُ لاَ أَعْلَمُ. فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لِنَبِيِّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) وَإِنَّ قُرَيْشًا أَبْطَئُوا عَنِ الإِسْلاَمِ فَدَعَا عَلَيْهِمِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: (اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ، فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى هَلَكُوا فِيهَا، وَأَكَلُوا الْمَيْتَةَ وَالْعِظَامَ وَيَرَى الرَّجُلُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ)، فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ جِئْتَ تَأْمُرُنَا بِصِلَةِ الرَّحِمِ، وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا فَادْعُ اللَّهَ، فَقَرَأَ: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ) إِلَى قَوْلِهِ (عَائِدُونَ) أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمْ عَذَابُ الآخِرَةِ إِذَا جَاءَ ثُمَّ عَادُوا إِلَى كُفْرِهِمْ فَذَلِكَ قَوْلُهُ -تَعَالَى-: (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى) يَوْمَ بَدْرٍ. قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "فقد مضى خمسة: الدخان، والروم، والقمر، والبطشة، واللِّزام".
لقد أوجد الله -تعالى- الكون من حولنا شاهدًا بربوبيته، مقرًا بوحدانيته، طوع أمره، رهن مشيئته.
فلما خلق الله -تعالى- الأرض استدعى السماء وهي دخان، ومعها الأرض فحضرتا، قال الله -تعالى-: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) (فصلت:11).
وهذا ابن مسعود -رضي الله عنه- يذكر لنا حال قريش كيف استعصت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا بالكون كله يتأثر، والهواء يتغير، فصار ما بين السماء والأرض كهيئة الدخان، حتى جاء زعيم قريش -أبو سفيان- راغمًا يتوسل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يدعو لقريش كي يرفع عنها البلاء!
ولقد كان السلف يفتشون بين الحين والحين في التغيرات التي تحدث حولهم؛ خوفـًا من أن يكون عذابًا ينزل بهم؛ عن عبد الله بن أبي مليكة قال: غدوت على ابن عباس -رضي الله عنهما- ذات يوم فقال: ما نمت الليلة حتى أصبحت. قلت: لم؟ قال: قالوا: طلع الكوكب ذو الذنب فخشيت أن يكون الدخان قد طرق، فما نمت حتى أصبحت. قال ابن كثير -رحمه الله-: "وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس -رضي الله عنهما-" مختصر ابن كثير "3/250".
ولمْ نذهب بعيدًا، وهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رأى غيمًا أو ريحًا عرف في وجهه، فقالت عائشة -رضي الله عنها-: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَى النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْغَيْمَ فَرِحُوا. رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْمَطَرُ وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عَرَفْتُ فِي وَجْهِكَ الْكَرَاهِيَةَ؟! قَالَتْ: فَقَالَ: (يَا عَائِشَةُ مَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ، قَدْ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ فَقَالُوا: (هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا) (متفق عليه).
2- نعمة الهواء:
نعم الله علينا كثيرة، وآلاؤه غزيرة، وأياديه جليلة، تستدعي العقول للتأمل والانتباه، قال الله -تعالى-: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (إبراهيم:34).
ومن أجلّ نعم الله على البشر نعمة الهواء الذي يحيط بنا؛ تلك النعمة التي لم يُملكها الله -تعالى- لأحد، ولم يحجزها ويمنعها أحد من الأحياء، بل ساوى بين الجميع في وجوه الانتفاع بها، فمن الذي يقدر أن يمنع عنك النفس الداخل، أو يقف ويسد عليك طريق النفس الخارج؟!
وفـَّر الخالق -جلّ وعلا- الهواء بكميات هائلة تكفي حاجة الكائنات، ويسَّر مكانه على وجه الأرض دون أن تتعب، أو تتكلف في جمعه أو نقله أو تخزينه، أو تخشى فقده أو ضياعه.
3- مشهد الطيور السارحة:
إنه مشهد رائع حقـًا، نبه الخالق عليه عندما تنظر إلى الطير المسخر بين السماء والأرض، ما يمسكه إلا الله بقدرته، فجعل الهواء يحمل الطيور، ويسر وحبب إليها الطير، لذلك فلا تقع على الأرض، قال الله -تعالى-: (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (النحل:79)، وبدون الهواء ما كان لطائر أن يطير، فالطيور تدفع كميات الهواء اللازمة لتسبح عليها، قال الله -تعالى-: (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) (الملك:19)، ولم يقتصر الهواء على حمل الطيور فقط، بل تراه اليوم يحمل الطائرات بأثقالها كما تحمل البحار السفن.
4- من آيات الله في الهواء:
الغلاف الجوي محيط نعيش في قاعه، كما تعيش كثير من الأحياء والأسماك في قاع البحار والمحيطات، وهو كتلة من الغازات تحيط بالكرة الأرضية، ويزن هذا المحيط من الهواء حوالي خمسة آلاف مليون مليون طن، ويسلط منه على رؤوسنا حوالي 15 باون "رطل" لكل بوصة مربعة، لكننا لا نشعر بهذا الضغط؛ لأن الخالق الحكيم الرحيم أوجد ضغطـًا لدماء وسوائل الجسم ما يعادل هذا الضغط الخارجي للهواء، ويتناسب معه.
- ظاهرة نقص الأكسجين في طبقات الجو العليا:
منذ اكتشاف الطيران ظهر للعلماء أن الإنسان كلما حلق وارتفع في أجواء السماء كلما نقص "الأكسجين"، وعندها يشعر الإنسان بضيق الصدر وصعوبة التنفس حتى يكاد يشعر بالاختناق، ولكن الله -تعالى- أشار إلى ذلك قبل اكتشاف الطيران بمئات السنين؛ فقال -عز وجل-: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (الأنعام:125)، ولذا فالطيارون الذين يصعدون إلى ارتفاعات عالية يقل فيها الضغط الجوي تعد طائراتهم لمعادلة هذا النقص في الضغط، وإلا انفجرت الدماء في أجسامهم، وتعرضوا للهلاك؛ لاختلال توازن الضغط.
- وفي الهواء تشهد رزق الله -تعالى-:
فالهواء يقوم بتلقيح الأزهار، ومعظم التلقيح في النبات تقوم به الرياح، ولولا ذلك لتعذر الحصول على الطعام والحب والثمار.
واقتضت حكمته -تعالى- أن يملأ الهواء الجوي بغاز "النيتروجين" الذي يساعد النباتات البقولية في صنع غذائها عن طريق الامتصاص، كما أن عواصف البرق تؤدي إلى اتحاد "الأكسجين" و"النيتروجين"؛ لتكوين "أكسيد النتروز" الذي ينزل مع المطر فيكون سمادًا للتربة.
وصدق الله -تعالى- إذ يقول: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ) (الحجر:22)، ولم يكن غريبًا أن تأتي الآية بعدها: (وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ) (الحجر:23)، فالإحياء لا يكون للإنسان فقط، بل يكون للتربة كذلك؛ قال الله -تعالى-: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (فصلت:39).
- والهواء الجوي درع الوقاية والحماية للبشر:
ملايين الشهب والنيازك تغزو الأرض، تكفي لإبادة البشر، وتقضي على الأخضر واليابس؛ فاقتضت حكمة الخبير العليم أن يجعل سمك الغلاف الجوي ثمانية عشر ألف ميل، وصممه بإحكام شديد، وميزان دقيق؛ ليتم إحراق الشهب والنيازك، والأشعة القاتلة قبل أن تصل إلى الأرض، فكان الهواء كالدرع الواقي لسكان الأرض من الخطر، فانظر ماذا يقول الله -تعالى- في كتابه: (قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ) (الأنبياء:42)، يَكْلَؤُكُمْ: يحفظكم ويحميكم، قال ابن كثير -رحمه الله-: "أي بدل الرحمن يعني غيره" مختصر ابن كثير "2/492".
- وفي الهواء يسمع ويبصر الإنسان:
جعل الله -تعالى- الهواء غازًا قابلاً للانتشار، يملأ أي حيز من الفراغ فيسهل تنفس الكائنات، وجعله في طبقات مختلفة ذا تركيب شفاف يسمح بنفاذ الضوء، فيسعى الإنسان في النور، وتتزين السماء باللون الأزرق الجميل، وجعل الهواء وسطـًا لسماع الأصوات، ولولا ذلك ما تمكن الإنسان أن يكلم غيره ويسمع كلامه.
5- هلا تساءلنا لم لا يهرب الهواء من الجو المحيط بنا؟
إننا نرى الرياح تنتقل بقوة عارمة، وتنقل معها الهواء من مكان إلى مكان، وأحيانـًا تقلع الأشجار، وتخرب البنيان، وتفعل وتفعل... ثم تغادر الأرض، فلا يبقى لها أثر، فلم لا يغادر الهواء الأرض أيضًا؟؟
لقد جعل الله -تعالى- للأرض جاذبية تمسك بالغلاف الهوائي فلا يغادرها.
6- وفي الهواء كل شيء موزون، وبقدر معلوم:
يحتوي الهواء على نسبة ثابتة من الأكسجين مقدارها 21%، وبالرغم من استهلاك الأكسجين المتسمر في عمليات التنفس، لكن تبقى هذه النسبة ثابتة لا تزيد ولا تنقص.
لقد أوجد لله النبات الذي يعطي الأكسجين باستمرار؛ فيفي بحاجات الحياة، فلو نقصت نسبة الأكسجين لقضي على الكائنات الحية، ولما اشتعلت النار كما أنه لو زادت نسبته لاشتعلت الحرائق في كل مكان، إذ إنه يساعد على الاشتعال.
قال الله -تعالى-: (وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ . وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ) (الحجر:19-20).
7- وصول الهواء إلى الكائنات:
أعطى الله -تعالى- كل كائن حاجته من الأكسجين، فالحشرات الصغيرة الحجم تحتاج إلى كميات قليلة، لذا فجهازها التنفسي بسيط للغاية، عبارة عن ثقوب في جوانبها.
والأسماك والحيتان في البحر تحتاج إلى تنفس الأكسجين فجعل الله -تعالى- الأكسجين يذوب في الماء، وأوجد في الأسماك الخياشيم التي تستخلص بها الأكسجين من الماء ليصل إلى كل خلية في أجسامها.
وأنت أيها الإنسان الكبير الحجم تحتاج إلى كميات كبيرة من الأكسجين فأوجد لك ربك الرئتين، وجعل لك جهازًا خاصًا بالتنفس ينقل الأكسجين عبر الدماء، فيصل إلى كل خلية في جسمك، وليس ذلك فحسب، بل يأخذ غاز "ثاني أكسيد الكربون" الذي يضرك فيطرده خارج الجسم.
جعل الله -تعالى- جهاز التنفس يدخل الهواء بقدر، وجعل حركة ذلك إليه لا بإرادتك حتى لا تسرف وتتجاوز الحد، وكذلك لا تقتر وتبخل على نفسك؛ جعله الله يعمل بلا كلل ولا ملل أو توقف، يعمل في كل مكان، وفي كل حال، يعمل وأنت مشغول في عملك، كما يعمل وأنت غافل غارق في نومك، فأنت أيها الإنسان نفس داخل، ونفس خارج، فإذا انقطع النفس انقضى الأجل.
- الهواء يذكر بنعيم الآخرة وعذابها:
غاير الله -تعالى- بين الهواء في هذه الدنيا فتارة يكون باردًا شديدًا، وتارة يكون حارًا لافحًا، وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا. فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ) (متفق عليه).
- رياح الجنة:
ولم يكن عجيبًا أن تستشعر نعيم الجنة، خاصة وأنت تستنشق نسيم الأسحار وتحس ببرودة الهواء اللطيف آخر الليل.
ولم يكن عجيبًا أن يصل إلى البعض ريح الجنة في هذه الدنيا فيستنشق عبيرها، ويتنفس هواءها ويتروح بروحها وريحانها.
فهذا سعد بن معاذ يلقى أنس بن النضر يوم أُحد، فيقول له سعد: أين؟
فيقول أنس: واهًا لريح الجنة. أجده دون أحد. الجنة ورب النضر؛ فقاتل حتى قتل، فوجد في جسده بضع وثمانون من بين ضربة وطعنة، ورمية، فما عرفته إلا أخته ببنانه، فكانوا يرون هذه الآية نزلت فيه، وفي أمثاله: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا) (الأحزاب:23).
- هواء المدينة يتخلص من الوباء:
وها هي مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يهاجر إليها تعرف بيثرب، أرض مليئة بالأوبئة والأمراض لا يدخلها أحد إلا أصيب بالحمى والوباء.
قدم المهاجرون إليها فأصابهم وباء الحمى، وقدم وفد العرنيين من "عكل"، و"عرينة"؛ فأصابهم الجوى، وهو مرض يصيب الجوف والصدر، وظهر عليهم هزال شديد، وجهد من الجوع حتى اصفرت ألوانهم، وعظمت بطونهم، فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يشربوا من ألبان الإبل وأبوالها حتى صحوا، ورجعت إليهم ألوانهم.
ولما كانت المدينة مهاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن من السهل على الهواء أن يوالي عليها الأمراض والأوبئة، نظرًا لمكانتها وجلال ساكنها -صلى الله عليه وسلم-، ولكنه جند مأمور من قبل الله -تعالى-، فدعا النبي -صلى الله عليه وسلم- ربه حتى ارتفع الوباء.
روى البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت:
لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلاَلٌ -قَالَتْ-: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ وَيَا بِلاَلُ، كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَتْ: فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ:
كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ
وَكَانَ بِلاَلٌ إِذَا أَقْلَعَ عَنْهُ الْحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ وَيَقُولُ:
أَلاَ لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً بِـوَادٍ وَحـَوْلِي إِذْخـِرٌ وَجَـلِيـلُ
وَهَـلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مـِيَاهَ مَجَنـَّةٍ وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَخْبَرْتُهُ؛ فَقَالَ: (اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَصَحِّحْهَا وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ) (متفق عليه).
8- الهواء من جند الله:
الهواء جند من جنود الله -تعالى-، يسعى في مرضاة ربه، ويسعد بتحقيق العبودية له.
وكما ينقل عبر طبقاته رياح الجنة إلى المؤمنين، كذلك ينقل عقاب الله -تعالى- وسخطه على القوم الكافرين، وينزل بأسه الذي لا يرد عن القوم المجرمين، فيرد عدوان المعتدين، ويأخذ على أيدي الظالمين، ويسوق المتكبرين إلى الهلاك والردى، وما ربك بظلام للعبيد؛ فتلك "عاد" عصت أمر ربها، وكفرت برسله فماذا فعل بهم الهواء؟!
قال الله -تعالى-: (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ . مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) (الذاريات:41-42).
وقال -تعالى-: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ . سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ . فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ) (الحاقة:6-8).
وهذه قريش تستعصي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتصر على كفرها فيرسل عليها الدخان كما سبق أن ذكرنا يملأ ما بين السماء والأرض.
وفي مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغتاب جماعة من المنافقين أناسًا من المسلمين، ويأتي دور الهواء فيبعث بريح منتنة، تظهر وتبين للمؤمنين؛ عن جابر -رضي الله عنه- قال:كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَارْتَفَعَتْ رِيحُ جِيفَةٍ مُنْتِنَةٍ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (أَتَدْرُونَ مَا هَذِهِ الرِّيحُ هَذِهِ رِيحُ الَّذِينَ يَغْتَابُونَ الْمُؤْمِنِينَ) (رواه أحمد، وحسنه الألباني)، وكان الجو وقتها صافيًا من الغيبة والكلام في الأعراض، فظهرت لهم تلك الريح، وأما نحن في هذه الأيام التي كثرت فيها الغيبة، فامتلأت الأنوف منها، فلم تعد تظهر لنا رائحتها.
ونحن في زماننا هذا وقد كثرت المنكرات وعمت الفواحش، وساءت الأخلاق، وكثر الزنا، والربا، والقتل وسفك الدماء، وانتهاك الأعراض؛ فإذا بالهواء يحمل الوباء، ويختل الميزان الدقيق، ويخرج علينا يومًا بعد يوم بلاء جديد، كما قال الله -تعالى-: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم:41).
9- الخاتمة:
فإذا جاء الوقت الذي عزّ عليك فيه أن تحصن نفسك فيه من أمراض الهواء، وإذا عجزت أن تدفع عنك سموم الهواء، وإذا جاء الوقت الذي لم تستطع فيه أن تتنفس هواءً صالحًا، وإذا حانت اللحظة التي حيل بينك فيها وبين الهواء الداخل؛ فعندها تتذكر نعمة الله عليك في الهواء الذي يحيط بنا، فاللهم لك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، حمدًا يوافي نعمك ويكافئ مزيدك، وصلِ اللهم على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
http://www.salafvoice.com/موقع صوت السلفوكتبه ايمن عبد الرحيم
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-03-2010, 06:51 PM
الصورة الرمزية عبدة القدوس
عبدة القدوس عبدة القدوس غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: الجزائر
الجنس :
المشاركات: 2,104
الدولة : Algeria
افتراضي رد: نعمة الهواء

سبحانك ربنا ما خلقت هذا باطلا فقنا عذاب النار
بارك الله فيك على ما قدمت لنا اخي الفاضل
و جزاك الله عنا الفردوس الاعلى .
__________________
لقدس الأبية منصورة بعون الله منصورة


كــــــــــــــــــلــــــــــــــــــنا لفلــــــــــسطين




رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-03-2010, 10:59 PM
الصورة الرمزية نهر الكوثر
نهر الكوثر نهر الكوثر غير متصل
مشرفةواحة الزهرات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
مكان الإقامة: عابرة سبيل بلا عنوان
الجنس :
المشاركات: 7,794
افتراضي رد: نعمة الهواء

جزاك الله خير واثابك الجنه
__________________
اللهم احفظ جميع المسلمين وامن ديارهم
ورد عنهم شر الاشرار وكيد الفجار
وملأ قلوبهم محبة لك وتعظيماً لكتابك
وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30-06-2010, 06:17 PM
عريس الحور عريس الحور غير متصل
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
مكان الإقامة: الإسكندرية
الجنس :
المشاركات: 504
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نعمة الهواء

بارك الله فيك وجزاك خيرا على النقل الطيب النافع
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 30-06-2010, 06:23 PM
الصورة الرمزية بنت بغداد الجريحة
بنت بغداد الجريحة بنت بغداد الجريحة غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2007
مكان الإقامة: بغداد
الجنس :
المشاركات: 1,477
الدولة : Iraq
افتراضي رد: نعمة الهواء

بارك الله فيك وجزاك خيرا
__________________


يا حبيبي يا رسول الله


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 01-07-2010, 01:00 PM
الصورة الرمزية قسامية غزه
قسامية غزه قسامية غزه غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
مكان الإقامة: هناك في جامعتي.....بين كتبي وأوراقي
الجنس :
المشاركات: 3,882
الدولة : Palestine
افتراضي رد: نعمة الهواء

بارك الله فيك أخي
وجزاك الجنه
__________________
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 02-07-2010, 05:32 PM
الصورة الرمزية نور من الله
نور من الله نور من الله غير متصل
♥dydy love♥
 
تاريخ التسجيل: May 2006
مكان الإقامة: Egypt
الجنس :
المشاركات: 21,389
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نعمة الهواء

اشكرك اخى الغالى على موضوعك الرائع
بارك الله فيك
__________________




































رد مع اقتباس
  #8  
قديم 02-07-2010, 07:18 PM
الصورة الرمزية العدنيه
العدنيه العدنيه غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
مكان الإقامة: اليمن
الجنس :
المشاركات: 1,167
افتراضي رد: نعمة الهواء


السلام عليكم


جزاك الله خيراً أخي
موضوع رائع


بارك الله فيك


__________________























رد مع اقتباس
  #9  
قديم 05-12-2010, 06:11 PM
الصورة الرمزية ابو هاله
ابو هاله ابو هاله غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 1,783
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نعمة الهواء

__________________
قال ابن عقيل رحمه الله:

"إذا أردت أن تعلم محلَّ الإسلام من أهل الزمان ، فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع ،
ولا ضجيجهم بلبيك على عرصات عرفات .ـ
وإنما انظر على مواطأتهم أعداء الشريعه
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 06-12-2010, 02:25 PM
الصورة الرمزية محمد أبوفيصل
محمد أبوفيصل محمد أبوفيصل غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
مكان الإقامة: بلاد الله الواسعة
الجنس :
المشاركات: 1,883
افتراضي رد: نعمة الهواء

بارك الله فيك
__________________
حبيبي يارسول الله
ادعي الله أن يفرج عني وعن جميع المسلمين
سبحان الله يافارج الهم وياكاشف الغم فرج همي ويسر أمري
وأرحم ضعفي وقلة من حيلتي وأرزقني من حيث لا احتسب يارب العالمين


رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 103.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 97.31 كيلو بايت... تم توفير 5.83 كيلو بايت...بمعدل (5.65%)]