|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بدعة الاحتفال بالمولد النبوي الشيخ أحمد إبراهيم الجوني الحمد لله الذي هدانا لاتباع سنة سيد المرسلين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدًا عبدالله ورسوله سيد الأولين والآخرين، صلى الله وسلم عليه، وعلى آله وأصحابه، وأتباعه على الحق إلى يوم الدين؛ أما بعد: فاتقوا الله أيها الأحبة في الله، واعلموا أن تقوى الله جل وعلا لن تستقيم لنا إلا بإصلاح قلوبنا وتطهيرها من الضلالات والبدع، فالخير كلُّ الخير في اتباع سنة سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه، وتجنُّب البدع التي أُحدثت في الدين؛ كالاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، في مثل هذا الشهر كما يحدث في كثير من البلدان الإسلامية، ويُنقل عبر القنوات الفضائية؛ ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بسُنتي، وسُنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسَّكوا بها، وعَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثاتِ الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة))؛ [رواه أبو داود، وصححه الألباني]، فكل أمر مستحدث في الدين - يا عباد الله - هو بدعة، فالبدعة هي ما يحدث خلافًا لما جاء به الشرع الحنيف، وهي في النهاية ضلالة، والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين هم أعلم الناس بدين الله، وهم أحرص الخلق على الخير، وأشد الناس حبًّا للنبي صلى الله عليه وسلم، وأفضل الناس تمسكًا بسُنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان في الاحتفال بالمولد خيرٌ لسبقونا إليه، وهم لم يفعلوا ذلك فهو بدعة؛ قال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: "كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة"؛ [الإبانة لابن بطة (1/ 339)]، وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: "إياكم وما ابتُدع؛ فإن ما ابتدع ضلال"؛ [أخرجه أبو داود برقم (4611)]، وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "اتبعوا ولا تبتدعوا؛ فقد كُفيتم، وكل بدعة ضلالة"؛ [أخرجه الدارمي في سننه (211)]، والواجب على المسلمين منع إقامة هذه الاحتفالات ما أمكن، والإنكار على من يقيمها؛ حفاظًا على الدين، فذلك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل حسب مقدرته، والحمد لله الذي قيَّض لهذه البلاد المباركة حكَّامًا وعلماء ربانيين، وقفوا بصدق وإخلاص للنأي ببلاد الحرمين الشريفين عن هذه الضلالات والبدع المحدثة؛ قال العلامة ابن باز رحمه الله في فتاواه: "لا يجوز الاحتفال بالمولد ولا غيره، وذلك من البدع المحدثة في الدين، وقال: ولو كان الاحتفال بالمولد أمرًا مشروعًا، لم يكتمه النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه ما كتم شيئًا، بل قد بلغ البلاغ المبين صلى الله عليه وسلم، وقال أيضًا: ومن العجائب والغرائب أن الكثير من الناس ينشط ويجتهد في حضور هذه الاحتفالات المبتدعة، ويدافع عنها، ويتخلف عما أوجب الله عليه من حضور الجُمع والجماعات، ولا يرفع بذلك رأسًا، ولا يرى أنه أتى منكرًا عظيمًا"، وقال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: "أول من أحدث المولد، الشيعة الفاطميون، ثم أخذه الأغرار المنتسبون لأهل السنة عن حسن نية وقصد، ويزعمون أنه من محبة الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس ذلك من محبته، إنما المحبة بالاتباع لا الابتداع"؛ [التعليقات المختصرة عن متن العقيدة الطحاوية ص 176]، وكما قيل: وخير الأمور السالفات على الهدى = وشر الأمور المحدثات البدائعُ؛ قال ابن الحاج وهو يتحدث عن بدعة المولد النبوي: "العجب العُجاب كيف يعملون المولد بالمغاني والفرح والسرور لأجل مولده صلى الله عليه وسلم، في الشهر، وفيه انتقل إلى كرامة ربه عز وجل، وفُجعت الأمة وأُصيبت بمُصاب عظيم، لا يعدل غيرها من المصائب أبدًا، فلعل من مراد الدولة الفاطمية الباطنية التي ابتدعت هذا الاحتفال في اليوم الثاني عشر من هذا الشهر، هو الاحتفال بوفاته صلى الله عليه وسلم، فهو في الحقيقة تاريخ وفاته، وأما تاريخ ولادته فمختلفٌ في اليوم الذي وُلد فيه، ومؤكد أنهم سعوا من وراء ذلك إلى نشر مذهبهم الإسماعيلي الباطني، وعقائدهم الفاسدة بين الناس، وإبعادهم عن دين الله". وصدق من قال: البدع أضرارها على القلوب عظيمة، وأخطارها على الدين جسيمة، والدين قد كمل لا يحتاج أن يزيد فيه الإنسان ما ليس منه؛ [العلامة ابن عثيمين رحمه الله]. ألَا فاتقوا الله عباد الله، وكونوا من المؤمنين الذي يوقنون بأن الله قد أكمل الدين لعباده، وأتم عليهم هذه النعمة العظيمة ورضِيها لهم؛ كما أوضح ذلك في كتابه العزيز فقال: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، ويشهدون بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين، وما على الأمة إلا الإذعان والتسليم؛ قال تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153]، اللهم أعِذنا من البدع والمحدثات في الدين، ووفِّقنا للاعتصام بكتابك المبين وسنة سيد المرسلين. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله وكفى، وصلى الله وسلم على عبده المصطفى، وآله وصحبه، ومن لآثارهم اقتفى؛ أما بعد:فاتقوا الله تعالى حق التقوى، واعلموا أن البدعة أضر على المسلم من المعصية؛ لأن المعصية يفعلها العاصي وهو يعلم أنه عاصٍ بها لربه، أما البدعة فيفعلها المبتدع متقربًا بها إلى الله، وهي ضلال مبين؛ قال سفيان الثوري رحمه الله: "البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، فالمعصية يُتاب منها، والبدعة لا يُتاب منها"؛ ففي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة، حتى يَدَعَ بدعته))؛ [رواه الطبراني، وإسناده حسن]، وقال الحسن البصري رحمه الله: "إن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضى، وهم أقل الناس فيما بقيَ، الذين لم يذهبوا مع أهل الترف في إترافهم، ولا مع أهل البدع في بدعهم، وصبروا على سنتهم حتى لقوا ربهم"، فكذلك فكونوا، نعم، أيها المسلمون، فلا عِبرة بما وقع فيه الكثير من الناس في الاحتفالات بالمولد؛ فإن الله تعالى يقول: ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [الأنعام: 116]؛ قال الإمام الشوكاني رحمه الله: "وسريان البدع أسرع من سريان النار، لا سيما بدعة المولد، فإن أنفُس العامة تشتاق إليها غاية الاشتياق"؛ [الفتح الرباني 1089/ 2]. ألَا فاتقوا الله عباد الله، واحذروا البدع ما ظهر منها وما بطن، واستغنوا بما شرعه الله عما لم يشرعه، وبما سنَّه رسوله صلى الله عليه وسلم عما لم يسنه، تنالوا رحمة ربكم؛ القائل: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آل عمران: 132]، وكونوا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، هذا، وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |