الوجيز في فقه الزكاة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 96 - عددالزوار : 51481 )           »          إعانة الفقيه بتيسير مسائل ابن قاسم وشروحه وحواشيه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 49 - عددالزوار : 14434 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 221 - عددالزوار : 68817 )           »          انحراف الفكر مجلبة لسوء العمل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: الاستشراق الصحفي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الهداية والعقل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          حقوق غير المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          مواقيت الصلوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 294 )           »          الاستصناع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          تخريج حديث: إذا أراد أحدكم أن يتبول فليرتد لبوله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-04-2024, 07:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,332
الدولة : Egypt
افتراضي الوجيز في فقه الزكاة

الوجيز في فقه الزكاة 1

ضمن سلسلة وقفات رمضانية

د. عبدالسلام حمود غالب
الموسم الرابع


الزكاة لغةً: الطهارة، والنَّماء.
الزكاة اصطلاحًا: هي التعبُّد لله تعالى، بإخراج جزء واجب شرعًا، في مال معين، لطائفة أو جهة مخصوصة؛ [النهاية لابن الأثير 2/ 307، لسان العرب لابن منظور 14/ 358].

الزكاة فريضة من فرائض الدين، وهي الركن الثالث من أركان الإسلام الخمسة؛ لقوله تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾ [البقرة: 43].

قال ابن كثير: "أي: أقيموا صلاتكم الواجبة عليكم، وآتوا الزكاة المفروضة، وهذا يدل لمن قال: إن فرض الزكاة نزل بمكة، لكن مقادير النُّصُب والْمَخرَج لم تُبيَّن إلا بالمدينة، والله أعلم؛ [تفسير القرآن العظيم 8/ 259].

1- عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بُنِيَ الإسلام على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان)).

2- عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن: ((أعْلِمْهم أن الله افترض عليهم صدقةً في أموالهم، تُؤخَذ من أغنيائهم فتُرَدُّ على فقرائهم))، ونقل غير واحد من العلماء الإجماعَ على ذلك: ابن حزم، وابن رشد، وابن قدامة، والنووي.

قال ابن حزم: "فرض كالصلاة، هذا إجماع متيقن"؛ [المحلى 4/ 3 رقم: 637].

قال ابن رشد: "كتاب الزكاة... فأما معرفة وجوبها: فمعلوم من الكتاب والسنة والإجماع، ولا خلاف في ذلك"؛ [بداية المجتهد 1/ 244].

قال ابن قدامة: "أجمع المسلمون في جميع الأعصار على وجوبها"؛ [المغني 2/ 427].

قال النووي: "الزكاة فرض وركن بإجماع المسلمين، وتظاهرت دلائل الكتاب والسنة، وإجماع الأمة على ذلك"؛ [المجموع 5/ 326].

أنواع الزكاة:
1- الزكاة الواجبة في الأموال، وتجب في سبعة أموال:
الذهب والفضة.
الأوراق المالية.
عروض التجارة.
بهيمة الأنعام الإبل والبقر والغنم.
الخارج من الأرض من حبوب وثمار.
الركاز.
المعادن.

2- الزكاة الواجبة في الذمة، وهي زكاة الفطر التي تجب على كل مسلم في نهاية شهر رمضان.

3- صدقة التطوع، وهي ما يُخرِجه المسلم إحسانًا إلى غيره؛ طلبًا لزيادة الأجر.

حكمة مشروعية الزكاة:
شرع الله عز وجل الزكاة عبودية للرب، وطُهرة للنفس، وطهرة للمال، وإحسانًا إلى الخلق، وزيادة في الأجر، وشكرًا للرب.

فالزكاة بذل محبوب النفس، وهو المال من أجل محبوب الرب، وهو طاعته وعبادته التي يحصل بها رضاه.

في الزكاة تطهير للنفس من رذيلة الشح والبخل؛ ليعلو الإنسان.

المال الذي ينفع صاحبه:
المال لا ينفع صاحبه إلا إذا توفرت فيه ثلاثة شروط:
أن يكون حلالًا طيبًا في نفسه وكسبه.
ألَّا يشغل صاحبه عن طاعة الله ورسوله.
أن يؤدي حق الله فيه من زكاة وصدقات.

ففي السنة الثانية من الهجرة لما امتلأت القلوب بالإيمان، وجاء التنافس في الأعمال الصالحة، فرض الله عز وجل مقادير الزكاة، وبيَّن الأموال التي تجب فيها، وأوقات إخراجها، وأحكامها التفصيلية النهائية.

وفي السنة التاسعة من الهجرة، بَعَثَ النبي صلى الله عليه وسلم السُّعاة والجُباة؛ لجبايتها وتوزيعها.

قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60].

فضائل الزكاة:
قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 277].

وقال الله تعالى: ﴿ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ﴾ [الروم: 39].

وقال الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 274].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما تصدَّق أحدٌ بصدقة من طيِّب، ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرةً، فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظمَ من الجبل، كما يُربِّي أحدكم فَلُوَّه أو فصيله))؛ [متفق عليه].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سبعةٌ يُظِلُّهم الله تعالى في ظله يوم لا ظِلَّ إلا ظِلُّه: إمام عدل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلَّق في المساجد، ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه، ورجل دَعَتْهُ امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة، فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه))؛ [متفق عليه].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه ((أن أعرابيًّا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: دُلَّني على عمل، إذا عملته دخلت الجنة، قال: تعبد الله لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان، قال: والذي نفسي بيده، لا أزيد على هذا، فلما ولَّى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: من سرَّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة، فلينظر إلى هذا))؛ [متفق عليه].

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-03-2025, 12:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الوجيز في فقه الزكاة




الوجيز في فقه الزكاة (2)

ضمن سلسلة وقفات رمضانية

د. عبدالسلام حمود غالب
الموسم الرابع


مقادير الزكاة الْمُقدَّرة:
جَعَلَ الله عز وجل قدرَ الزكاة على حسب التعب في المال الذي تخرج منه:
الرِّكاز: وهو ما وجده الإنسان مدفونًا بلا تعب، ويجب فيه الخمس = 20% لمرة واحدة عند وجوده.
ما فيه التعب من طرف واحد، في المزروعات وهو ما سُقِيَ بلا مؤنة، ويجب فيه نصف الخُمُس؛ أي العشر = 10%.

ما فيه التعب من طرفين (البذر والسقي)، وهو ما سُقِيَ بمؤنة، ويجب فيه رُبُع الخُمُس؛ أي نصف العشر = 5%.

ما يكثر فيه التعب والتقليب طول العام؛ كالنقود، وعروض التجارة، يجب فيه ثُمُن الخُمُس؛ أي ربع العشر = 2.5%، وما يتعلق بالحيوانات، فلها مقادير معينة نذكرها في حينه.

الذين تجب عليهم الزكاة:
تجب الزكاة في مال الكبير والصغير، والذكر والأنثى، والعاقل والمجنون، إذا كان المال مستقرًّا، وبلغ نصابًا، وحال عليه الحول، وكان المالك مسلمًا حرًّا.

قال الله تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ﴾ [التوبة: 103].

ما لا يُشترَط له الحَولُ من الأموال:
الرِّكاز، تجب الزكاة في قليله وكثيره، ولا يشترط له نصاب ولا حول.

الخارج من الأرض كالحبوب والثمار، يُزكَّى عند وجوده؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾ [الأنعام: 141].

ربح التجارة، حَولُه تابع لحول أصله.
نتاج السائمة من بهيمة الأنعام، حوله تابع لحول أصله.

حكم المال المستفاد أثناء الحول:
المال المستفاد في أثناء الحول ثلاثة أنواع:
المال المستفاد من ربح المال الذي عنده كربح التجارة، ونِتاج السائمة، فهذا يُضَمُّ إلى أصله، ويعتبر حوله حولَ أصله.

المال المستفاد من غير جنس المال الذي عنده، فمَن كان ماله إبلًا، واستفاد ذهبًا أو عقارًا بإرث أو بيع ونحو ذلك، فهذا المال المستفاد يعتبر له حولًا من يوم استفادته إن كان نصابًا.

المال المستفاد من جنس المال الذي عنده، لكن ليس من نماء المال الأول، كأن يكون عنده خمسون من الإبل، ومضى عليها بعض الحول، ثم يشتري خمسين أخرى، فهذا يُضَمُّ فيه المال المستفاد إلى النِّصاب، ولكن يجعل له حولًا يبدأ من تملُّكه له.

سبب وجوبها:
مُلْكُ النِّصاب من أموال الزكاة، بشرط أن يكون فاضلًا عن حوائج الإنسان الأصلية؛ من مأكل، ومشرب، وملبس، ومن تلزمه نفقتهم، خاليًا من الديون؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قدَّر السبب به، وهو شرط للوجوب، مع قول كثير من الفقهاء: إن سببها ملك مالٍ مُعَدٍّ مرصد للنَّماء والزيادة، فاضل عن الحاجة.

والنِّصاب: هو الحد الذي إذا وصل إليه المال وجبت فيه الزكاة، وهو مختلِف بحسب اختلاف الأموال التي تجِبُ فيها الزكاة.

والمال الذي تجب في جنسه الزكاة لا يخرج عن خمسة أنواع:
الأول: النَّعَم؛ وهي: الإبل والبقر والغنم.

الثاني: المعشرات؛ وهي القُوتُ الذي يجب فيه العشر أو نصفه.

الثالث: النقد؛ وهو الذهب والفضة، ولو غير مضروب.

الرابع: عروض التجارة؛ أي: البضائع التي يُقصَد بها التجارة.

الخامس: الفطرة؛ أي: صدقة الفطر؛ لحديث قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: ((أمَرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة، ثم نزلت فريضة الزكاة)).

وهذه الأنواع الخمسة من المال عبارة عن ثمانية أصناف من أجناس المال؛ هي: الذهب، والفضة، والإبل، والبقر، والغنم، والزروع، والنخل، والكَرْم (العنب)؛ ولذلك وجبت الزكاة لثمانية أصناف من طبقات الناس كما يقول بعض العلماء.

واشترط الفقهاء كون هذه الأموال ناميةً ولو تقديرًا، حال عيلها الحَول؛ أي: أن يمر على المال سنة قمرية، لكي يتم إخراج الزكاة.

سبب مشروعيتها:
وأهم الوجوه في سبب المشروعية ما يلي:
أحدها: أن أداء الزكاة من باب إعانة الضعيف، وإعانة الملهوف، وتقوية العاجز على أداء ما افترضه الله عليه من التوحيد والعبادات، والوسيلة إلى أداء المفروض مفروضة.

الثاني: أن الزكاة تطهِّر نفس المؤدي من أنجاس الذنوب، وتزكِّي أخلاقه بخُلُقِ الجُود والكرم، وتَرْكِ الشح والضنِّ؛ إذ النفس مجبولة على الضن بالمال، فتتعوَّد السماحة، وترتاض لأداء الأمانات، وإيصال الحقوق إلى مستحقها؛ وقد تضمن ذلك كله قوله تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ [التوبة: 103].

الثالث: أن الله تعالى قد أنعم على الأغنياء، وفضَّلهم بصنوف النعمة والأموال الفاضلة عن الحوائج الأصلية، وخصَّهم بها، فيتنعمون ويستمتعون بلذيذ النعمة، وشُكْرُ النعمة فرضٌ عقلًا وشرعًا، وأداء الزكاة إلى الفقير من باب شكر النعمة، فكان فرضًا.

شروط الزكاة:
تنقسم الشروط إلى شروط وجوب، وشروط صحة؛ فأما شروط الوجوب، فأنواع: منها ما يرجع إلى من عليه إخراج الزكاة، وبعضها يرجع إلى المال.

فأما ما يرجع إلى الشخص، فأنواع:
1- الإسلام، فلا تجِبُ على الكافر؛ لأنها عبادة، والكافر غير مخاطب بها، وكذا المرتد، هذا في أحكام الدنيا والآخرة.

2، 3- العقل والبلوغ، وهذه مسألة مختلَف فيها؛ كما يلي:

حكم الزكاة في مال الصبي والمجنون:
ذهب جمهور العلماء إلى وجوب الزكاة في مال الصبي الصغير والمجنون؛ وهو مذهب الأئمة مالك والشافعي وأحمد، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة:
1- قوله تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ [التوبة: 103]، فالزكاة واجبة في المال، فهي عبادة مالية تجب متى توفَّرت شروطها، كملك النِّصاب، ومرور الحَولِ.

2- قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل لما أرسله إلى اليمن: ((أعْلِمْهم أن الله افترض عليهم صدقةً في أموالهم، تُؤخَذ من أغنيائهم وتُرَدُّ على فقرائهم))؛ [رواه البخاري (1395)]، فأوجب الزكاة في المال على الغنيِّ، وهذا بعمومه يشمل الصبي الصغير والمجنون، إن كان لهما مالٌ.

3- ما رواه الترمذي (641) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: ((ألَا من وَلِيَ يتيمًا له مالٌ، فَلْيَتَّجِرْ فيه ولا يتركه حتى تأكله الصدقة))، وهو حديث ضعيف، ضعفه النووي في المجموع (5/301)، والألباني في ضعيف الترمذي، وقد ثبت ذلك من قول عمر رضي الله عنه، رواه عنه البيهقي (4/178) وقال: إسناده صحيح، وأقره النووي على تصحيحه كما في "المجموع".

4- وكذلك رُوِيَ هذا عن عليٍّ وابن عمر، وعائشة، والحسن بن علي، وجابر رضي الله عنهم.

وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أن الزكاة لا تجب في ماله، كما لا تجب عليه سائر العبادات؛ كالصلاة والصيام، غير أنه أوْجَبَ عليه زكاة الزروع وزكاة الفِطْرِ.

وأجاب الجمهور عن هذا بأن عدم وجوب الصلاة والصيام على الصبي؛ فلأنهما عبادات بدنية، وبدن الصبي لا يتحملها، أما الزكاة فهي حق ماليٌّ، والحقوق المالية تجب على الصبي، كما لو أتلف مال إنسان، فإنه يجب عليه ضمانه من ماله، وكنفقة الأقارب، يجب عليه النفقة عليهم إذا توفرت شروط وجوب ذلك.

وقالوا أيضًا: ليس هناك فرق بين وجوب زكاة الزروع وزكاة الفطر على الصبي، وبين زكاة سائر الأموال كالذهب والفضة والنقود، فكما وجبت الزكاة عليه في الزروع تجب عليه في سائر الأموال، ولا فرق.

ويتولَّى وَلِيُّ الصغير والمجنون إخراج الزكاة عنهما من مالهما، كلما حال عليه الحول، ولا ينتظر بلوغ الصبي؛ قال ابن قدامة في المغني: "إذا تقرر هذا - يعني وجوب الزكاة في مال الصغير والمجنون - فإن الولي يخرجها عنهما من مالهما؛ لأنها زكاة واجبة، فوجب إخراجها، كزكاة البالغ العاقل، والولي يقوم مقامه في أداء ما عليه، ولأنها حق واجب على الصبي والمجنون، فكان على الولي أداؤه عنهما، كنفقة أقاربه"؛ [انتهى].

وقال النووي في المجموع (5/302): "الزكاة عندنا واجبة في مال الصبي والمجنون بلا خلاف، ويجب على الولي إخراجها من مالهما، كما يخرج من مالهما غرامة الْمُتْلَفات، ونفقة الأقارب، وغير ذلك من الحقوق المتوجِّهة إليهما، فإن لم يخرج الولي الزكاة، وجب على الصبي والمجنون بعد البلوغ والإفاقة إخراجُ زكاة ما مضى؛ لأن الحق توجَّه إلى مالهما، لكن الوليَّ عصى بالتأخير، فلا يسقط ما توجه إليهما"؛ [انتهى].

4- الحرية: فلا زكاة على العبد؛ لأن العبد وما ملكت يداه ملك لسيده.

5- ألَّا يكون عليه دينٌ مطالَبٌ به من جهة العباد عند الحنفية؛ لأن الدين يمنع وجوب الزكاة بقدره حالًّا كان أو مؤجلًا.

6- أن يكون غنيًّا مالكًا للنِّصاب.

وأما الشروط التي ترجع إلى المال، فمنها:
1- الْمُلْكُ، فلا تجب الزكاة في سوائم الوقف؛ لعدم الملك؛ لأن في الزكاة تمليكًا، والتمليك في غير الملك لا يتصور.

2- أن يكون مملوكًا له يد ورقبة، فلا زكاة في مال الضِّمار؛ وهو كل مال غير مقدور الانتفاع به، مع قيام أصل الملك؛ كالعبد الآبق والضال، والمال المفقود، والمال الساقط في البحر.

والضِّمار: مأخوذ من البعير الضامر الذي لا يُنتفَع به؛ لشدة هزاله مع كونه حيًّا.

3- كون المال ناميًا؛ لأن معنى الزكاة هو النَّماء، والنماء لا يحصل إلا من المال النامي؛ لأنه بالتجارة يحصل الربح.

4- أن يكون المال فاضلًا عن حاجته الأصلية؛ لأن به يتحقق الغناء، وبه يحصل الأداء عن طِيبِ نفسٍ.

5- حَوَلان الحَول في بعض الأموال دون بعض.

وأما شروط صحتها:
فيعود إلى شرط واحد، وهو نية المزكِّي عند إخراجها إلى الفقير، أو عند عزلها عن ماله، والنية أمر مستلزم لكل الأعمال الشرعية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات))؛ أي: الأعمال المعتدُّ بها شرعًا، ومحلها القلب، والمقصود بها تمييز العبادة عن العادة.

مفهوم المال:
الأموال: جمع مال، وهو كل ما يرغب الناس في اقتنائه وامتلاكه من الأشياء.

والمال في اللغة:
ما ملكته من جميع الأشياء، غير أن أهل البادية يطلقونه على الأنعام، وأهل الحضر على الذهب والفضة، وإن كان الجميع مالًا.

قال ابن الأثير: "المال هو ما يُملَك من الذهب والفضة، ثم أُطلِق على كل ما يُقتنى ويُملك من الأعيان".

وشرعًا:
عرَّفه الحنفية بقولهم: كل ما يمكن حيازته، والانتفاع به، على وجه معتاد، فلا يكون الشيء مالًا، إلا إذا توافر فيه أمران: إمكان حيازته، وإمكان الانتفاع به على وجه معتاد، وهو يشمل جميع الأشياء التي نملكها من أرض، وحيوان، ومتاع، ونقود.

أما ما لا يمكن حيازته، فلا يُعَدُّ مالًا؛ كضوء الشمس وحرارتها، وما لا يمكن الانتفاع به؛ كحفنة من تراب، أو قطرة من ماء، أو حبة من أرز وغيرها.

ويترتب على هذا التعريف أن المنافع لا تُعَدُّ مالًا كسكنى الدار، وركوب السيارة، ولبس الثياب؛ لعدم إمكان حيازتها.

بينما يرى جمهور الفقهاء أنها تعد مالًا؛ لأن المنافع تُحاز بحيازة محالها ومصادرها، فإن من يحوز سيارة يمنع غيره من الانتفاع بها إلا بإذنه.

والراجح قول الحنفية؛ لقرب تعريفهم للمعنى اللغوي، بالإضافة إلى أن المنافع لا يمكن أن تُدخَّر، أو أن تُجبى وتُوضَع في بيت المال؛ لأن الزكاة لا تتأدى إلا بتمليك عين متقومة، حتى لو أسكن الفقير داره بنية الزكاة، لا تجزئه؛ لأن المنفعة ليست بعين متقومة، والذي يعنينا من هذا هو أن المال عند الإطلاق ينصرف إلى (العين)، وهي التي يجب فيها الزكاة؛ [ينظر: https://www.alukah.net/].

حكم زكاة الوقف:
الوقف هو ما يُوقِفه الإنسان على غيره من مالٍ؛ ابتغاءَ وجهِ الله.

والأوقاف قسمان:
الأوقاف العامة: وهي كل ما وُقِفَ على جهات خيرية عامة؛ كالمساجد، والمدارس، والرباط، والمزارع ونحوها، فهذه ليس فيها زكاة.

وكل ما أُعِدَّ للإنفاق في وجوه البِرِّ العامة، فهو كالوقف لا زكاة فيه.

الأوقاف الخاصة: وهي كل وقف على شخص أو أشخاص معينين؛ كالوقف على أولاده وأقاربه، فهذه تجب فيها الزكاة إذا بلغت النِّصاب، وحال عليها الحَولُ.

حكم زكاة الدَّين:
وخلاصة ذلك كما يلي:
الديون نوعان:
دين يُرجَى أداؤه، بأن يكون للإنسان دَينٌ على موسِر مقرٍّ بالدين، فهذا الدَّين يُخرِج صاحبه زكاته في كل حول إذا بلغ نصابًا، وهذا هو الأفضل والأسلم، وإن شاء أخَّر زكاته حتى يقضيَه، ثم يزكِّيه لِما مضى من السنين.

دَين لا يُرجى أداؤه، بأن يكون على معسِرٍ، أو على جاحد، ولا بيِّنة، فهذا إذا قبضه زكَّاه مرة واحدة لسنة واحدة، عن كل ما مضى من السنين؛ لأن قبضه إياه يشبه تحصيل ما خرج من الأرض، يزكَّى عند الحصول عليه.

حكم زكاة الأمانة:
من له أمانة عند غيره، يجب عليه إخراج الزكاة عنها؛ لأنها في حكم المال الموجود، ولا يحل لمن عنده أمانة أن يتصرف فيها إلا بإذن صاحبها.

فإن أنفقها الذي هي عنده، وكان فقيرًا، فلا يجب على الإنسان أن يُخرِج زكاتها، لكن إذا قبضها صاحبها أخرج زكاتها لسنة واحدة عن كل ما مضى؛ لأنه أنْظَرَ الْمُعْسِر، والإنظار كالصدقة: ﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 280].

حكم زكاة المال المغصوب والمسروق:
المال المغصوب، والمسروق، والضائع، كل ذلك يزكيه صاحبه إذا رجع إليه وقبضه، ويصبح تحت تصرفه، ويبتدئ له حولًا جديدًا تبدأ الزكاة منه؛ لأنه قبل ذلك لا يملك التصرف فيه.

حكم زكاة المال المرهون:
إذا كان المال المرهون من الأموال الزكوية؛ كالحُلِيِّ وعروض التجارة، ففيه الزكاة على صاحبه رُبُعُ العشر.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-04-2025, 05:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الوجيز في فقه الزكاة

الوجيز في فقه الزكاة (3)


د. عبدالسلام حمود غالب

ضمن وقفات رمضانية -الموسم الرابع


حديثنا اليوم عن زكاة الذهب ومقدار النصاب فيه، ومثال توضيحي لذلك، زكاة الفضة، ومقدار النصاب فيها، زكاة عروض التجارة ومثال توضيحي.


حكم زكاة الذهب والفضة:
تجب الزكاة في الذهب والفضة، سواء كانت نقودًا، أو سبائكَ، أو حُلِيًّا، أو تِبْرًا، إذا بلغت النِّصاب، وحال عليها الحَول.

قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ﴾ [التوبة: 34، 35].

وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ليس فيما دون خمس أَوَاقٍ صدقة، وليس فيما دون خَمْسُ ذَودٍ صدقةٌ، وليس فيما دون خمس أَوْسُقٍ صدقة))؛ [متفق عليه].

وعن عليٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قد عفوت عن صدقة الخيل والرقيق، فهاتوا صدقة الرقة من كل أربعين درهمًا درهمًا، وليس في تسعين ومائة شيء، فإذا بلغت مائتين، ففيها خمسة دراهم))؛ [أخرجه أبو داود والترمذي].

مقدار نِصاب الذهب:
يجب في الذهب إذا بلغ عشرين دينارًا فأكثر رُبُعُ العشر.

أقل نصاب الذهب خمسُ أَوَاقٍ = 20 دينارًا بالعدد.

والدينار = 20 مثقالًا بالوزن، والمثقال = 4.25 جرامًا من الذهب.

فيكون أقل نصاب الذهب هو: 20×4.25 = 85 جرامًا.

كيفية إخراج زكاة الذهب:
إذا بلغ الذهب النِّصاب - وهو 85 جرامًا – فأكثر، وجبت فيه الزكاة ربع العشر = 2.5%.

إذا أراد الإنسان إخراج الزكاة، ومعرفة مقدار الواجب يفعل ما يلي:
يقسم مجموع جرامات الذهب على أربعين، والناتج هو مقدار الزكاة الواجبة.

فلو كان يملك 600 جرام من الذهب مثلًا:
600 ÷ 40 = 15 هو مقدار الزكاة الواجبة في هذا المال.

وإذا أراد الإنسان إخراج زكاة الذهب بالريال مثلًا.

ضرب سعر الجرام بالريال بمجموع الجرامات، ثم قسم الناتج على أربعين.

فإذا كان سعر الجرام الآن 30000 ريال يمني مثلًا، نفعل ما يلي:
600 × 30000 = 18000000 ريال، ثم يقسم على أربعين: 18000000 ÷ 40 = 450000 ريال يمني، هي مقدار الزكاة الواجبة، وهي قيمة (15) جرامًا بالريال وهكذا.

هذا في الذهب الخالص عيار 24.

أما عيار 18، 21 وغيره المخلوط بالأحجار الكريمة وغيرها، فيحدد الذهب الخالص بمقدار 85 جرامًا، فهو الذي عليه الزكاة حيث بلغ النصاب.

فالنصاب في الذهب والفضة باعتبار خالصهما، فيسقط قدر الغش أو المخلوط، ويزكَّى الخالص منهما.

ونصاب الزكاة في الذهب الخالص - عيار 24 - هو 85 جرامًا؛ حيث تصل درجة النقاوة في هذا العيار إلى (999) من (1000)، وهي أعلى درجة في النقاوة بالنسبة للذهب، حسب كلام أهل الاختصاص.

ويحسب النصاب في عيار 21 وعيار 18 أو غير ذلك بعدة طرق؛ من أشهرها:
يضرب عدد الجرامات في العيار ويقسم على 24، فيكون الناتج ذهبًا خالصًا عيار 24، فإذا بلغ الناتج 85 جرامًا فأكثر، وجبت فيه الزكاة، وهي 2.5 %.

مثال توضيحي لحساب نقاوة الذهب:
إذا كان لديك 170 جرامَ ذهبٍ، من عيار 21 مثلًا، فتُحسب زكاته كالآتي:
(170 × 21) ÷ 24 = 148.75، ثم يخرج من هذه الجرامات 2.5%، وهو 3.7 جرامات تقريبًا، فيكون هذا هو مقدار الزكاة عند تمام الحول.

مقدار نصاب الفضة:
يجب في الفضة إذا بلغت بالعدد 200 درهم فأكثر، أو بالوزن 5 أواقٍ فأكثر، ربع العشر = 2.5%.

أقل نصاب الفضة بالوزن خمس أواقٍ، وهي تساوي 595 جرامًا من الفضة.

والأوقية بالعدد = 40 درهمًا، فيكون نصاب الفضة بالعدد:
5×40 = 200 درهم أقل نصاب الفضة.

كيفية إخراج زكاة الفضة:
إذا بلغت الفضة النصاب وهو 595 جرامًا فأكثر بالوزن، أو مائتا درهم بالعدد فأكثر، وجبت فيها الزكاة ربع العشر، فتقسم الجرامات أو الدراهم على أربعين، والناتج هو مقدار الزكاة الواجبة ربع العشر كما سبق.

إذا كان الإنسان يملك 1600 جرام من الفضة مثلًا، ويريد إخراج زكاته يفعل هكذا:
1600 ÷ 40 = 40 جرام هو مقدار الزكاة الواجبة بالجرام.

وإذا أراد الإنسان إخراج زكاة الفضة بالريال مثلًا، فإنه يضرب سعر جرام الفضة بالريال بمجموع الجرامات، ثم يقسم الناتج على أربعين كما سبق في مثال الذهب.

كيفية إخراج زكاة الآجار:
من أجَّر دارًا أو أرضًا أو محلًّا، فإن المؤجِّر يملك الأجرة من حين العقد، وتجب الزكاة في أجرتها إذا بلغت نصابًا، وحال عليها الحول من حين بدء العقد.

وزكاة العين المؤجرة ربع العشر من كامل الأجرة = 2.5%.

فلو أجر أرضًا بـ 3,000,000 مليون ريال يمني، تقسم الأجرة على أربعين، والناتج هو مقدار الزكاة الواجبة: 3,000,000÷40 = 75,000 ريال.

وسنذكر تفصيلًا لذلك لاحقًا في وقفة قادمة إن شاء الله.

كيفية زكاة عروض التجارة:
عروض التجارة: هي كل ما أُعِدَّ للبيع والشراء لأجل الربح.

أنواع عروض التجارة:
عروض التجارة هي كل ما أُعِدَّ للبيع والشراء بقصد الربح من الأموال، والأراضي، والأطعمة، والحيوانات، والآلات، والسيارات، والمعادن، والملابس، والمباني وغيرها من الأشياء كالأسهم.

وهي أعم أموال الزكاة وأوسعها، وأكثر تجارة الناس في هذه العروض.

حكم زكاة عروض التجارة:
تجب الزكاة في جميع الأموال والأشياء إذا كانت للتجارة، وبلغت النِّصاب، وحال عليها الحول، فالأصل في الأموال وجوب الزكاة إلا ما استثناه الدليل.

والتاجر إنما يريد الحصول على الأموال بواسطة البيع والشراء في السلع، فهي أموال تُقلب، والهدف الحصول على الربح.

قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [البقرة: 267].

وقال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾ [المعارج: 24، 25].

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذًا رضي الله عنه إلى اليمن، فقال: ((ادْعُهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقةً في أموالهم، تُؤخَذ من أغنيائهم وتُرَدُّ على فقرائهم))؛ [متفق عليه].

شروط وجوب الزكاة في عروض التجارة:
يُشترَط لوجوب الزكاة في عروض التجارة ما يلي:
أن يُقصَد بها التجارة.

وأن تبلغ نصاب أحد النقدين الذهب أو الفضة.

وأن يحول عليها الحول.

مقدار زكاة عروض التجارة:
زكاة عروض التجارة هي ربع العشر؛ أي: 2.5%.

يخرجها من كامل القيمة، أو من العروض نفسها.

أحوال استعمال الأموال:
الأموال والأشياء التي يملكها الإنسان لها ثلاث حالات:
البيوت والعقارات والسيارات والآلات ونحوها، إذا كانت مُعَدَّة للسكنى أو الاستعمال، لا للتجارة، فلا زكاة فيها بلغت ما بلغت.

إن كانت هذه الأشياء معدة للآجار، فالزكاة على الأجرة ربع العشر من حين العقد إذا بلغت نصابًا، وحال عليها الحول قبل أن ينفقها.

إن كانت معدة للتجارة، وجبت الزكاة في قيمتها ربع العشر إذا بلغت نصابًا، وحال عليها الحول.

وآلات المزارع والمصانع والمتاجر لا زكاة في قيمتها، وتجب الزكاة في أجرتها ربع العشر إذا بلغت نصابًا، وحال عليه الحول.

كيفية إخراج زكاة عروض التجارة:
إذا جاء موعد إخراج الزكاة، ضمَّ التاجر ماله بعضه إلى بعض: رأس المال، والأرباح، وقيمة البضائع، في المخازن بقيمة الشراء لا البيع، والديون المرجوة الأداء.

يخرج من المال الباقي الزكاة، ومقدارها ربع العشر.

الأحسن أن يخرج زكاة عروض التجارة بالأوراق النقدية؛ لأن النصاب معتبر بالقيمة، فيخرج منها كالعين من سائر الأموال، الحَبَّ من الحب، والذهب من الذهب.

وإن شاء أخرج من العروض أو القيمة بحسب مصلحة الآخِذِ للزكاة، وحصول المنفعة الراجحة.

مثال توضيحي:
فمثلًا: لديه رأس مال مع الأرباح 10,000,000، وعليه ديون حالَّة الأجل والتزامات 2,000,000،
وبضاعة في المخازن بقيمة 10,000,000، وديون عند الناس مرجوة السداد 5,000,000، فتُحسب الزكاة كما يلي:
10,000,000+10,000,000+5,000,000 = 25,000,000

الإجمالي
وتخصم الديون الحالَّة للسداد والالتزامات، ومن ثَمَّ تُحسب الزكاة كما يلي:
25,000,0002,0000000 = 23,000000 مليون

وبالقسمة على أربعين ينتج إجمالي الزكاة
23,000000 ÷ 40 = 575,000

هذا هو المبلغ الذي عليه دفعه زكاة لعروض التجارة.

الأحسن أن يُخرِجَ زكاة عروض التجارة بالأوراق النقدية؛ لأن النصاب معتبر بالقيمة فيخرج منها كالعين من سائر الأموال، الحبَّ من الحبِّ، والذهب من الذهب.

وإن شاء أخرج من العروض أو القيمة بحسب مصلحة الآخِذِ للزكاة، وحصول المنفعة الراجحة.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10-04-2025, 05:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الوجيز في فقه الزكاة

الوجيز في فقه الزكاة (4)


د. عبدالسلام حمود غالب


ضمن وقفات رمضانية الموسم الرابع


حديثنا اليوم عن زكاة الأموال المحرَّمة، وزكاة الأرض والعَقار، وزكاة بهيمة الأنعام؛ الإبل، والبقر، والغنم، ومقدار النِّصاب فيها.
****

كيفية زكاة الأموال المحرمة:
الأموال المحرمة قسمان:
إن كان المال حرامًا بأصله كالخمر، والخنزير ونحوهما، فهذا لا يجوز تملُّكه، وليس مالًا زكويًّا، فيجب إتلافه، والتخلص منه.

إن كان المال حرامًا بوصفه لا بذاته، لكنه مأخوذ بغير حقٍّ ولا عقدٍ؛ كالمغصوب، والمسروق، أو مقبوض بعقد فاسد؛ كالربا، والقِمار ونحوهما، فهذه الأموال وأمثالها لها حالتان:
إن عُرِف أهلها ردَّها عليهم، وهم يُخرِجون زكاتها بعد قبضها لعام واحد.

وإن جُهِل أهلها تصدَّق بها عنهم، فإن ظهروا وأجازوا، فالأجر له ولهم، وإن لم يجيزوا ضمِنها لهم، وإن أبقاها في يده، فهو آثم، وعليه زكاتها.
****

حكم زكاة المساهمات العقارية والتجارية:
المساهمات التجارية، والمساهمات في العَقَار، كلها تجِبُ فيها الزكاة كلَّ سنة إذا بلغت النِّصاب؛ لأنها عروضُ تجارةٍ، فتُقدَّر قيمتها كل سنة حين وجوب الزكاة، سواء كانت تساوي قيمة الشراء، أو تزيد، أو تنقص، ثم تُخرَج الزكاة رُبُع العشر من مجموع المال.
****

حكم زكاة الأرض:
إذا كان عند الإنسان أرضٌ ولم تُباع، أو كان ينتظر ارتفاع قيمتها، فلا تُزكَّى إلا عن سنة واحدة إذا تم البيع، رُبُع العشر من كل المال.
****

زكاة بهيمة الأنعام:
بهيمة الأنعام هي الإبل، والبقر، والغنم.

الحيوانات التي تجب فيها الزكاة:
الحيوانات قسمان:
الأول: ما تجب فيه زكاة بهيمة الأنعام؛ وهي السائمة من الإبل، والبقر، والغنم.

الثاني: ما لا تجب فيه الزكاة مطلقًا، وهو باقي الحيوانات؛ كالخيل، والبغال، والحمير، والطيور، وغيرها.

فإن كانت للتجارة، ففيها زكاة عروض التجارة رُبُع العشر، إذا بلغت النِّصاب، وحال عليها الحَولُ.
****

أنواع بهيمة الأنعام:
بهيمة الأنعام ثلاثة أصناف: الإبل، والبقر، والغنم.

فتجِبُ الزكاة في الإبل سواء كانت عِرابًا، أو بَخَاتِيَّ، وهي التي لها سَنامان، وتجب الزكاة في البقر، سواء كانت البقرة المعتادة، أو الجواميس، وتجب الزكاة في الغنم، سواء كانت من الضأن، أو الماعز.
****
حكم زكاة بهيمة الأنعام:
بهيمة الأنعام من الإبل والبقر والغنم لها أربع حالات:
أن تكون سائمة ترعى في كلأ مباح أكثر العام، ومُعَدَّة للدَّرِّ والنسل، فهذه تجب فيها الزكاة إذا بلغت النِّصاب، وحال عليها الحول.

أن تكون للدرِّ والنسل، لكن يشتري لها صاحبها العَلَف، أو يحصده أو يجمعه لها، فهذه لا زكاة فيها؛ لأنها ليست من عروض التجارة، ولا من السوائم.

أن تكون مُعَدَّة للتجارة، فهذه فيها زكاة عروض التجارة إذا بلغت النِّصاب، وحال عليها الحول، سواء كانت سائمة، أو معلوفة، أو مركوبة.

أن تكون عاملة كالإبل التي يؤجِّرها صاحبها للنقل، والبقر التي تؤجَّر للسقي والحرث، فهذه لا زكاة فيها، لكن تجب الزكاة في أُجرتها إذا بلغت النِّصاب، وحال عليها الحول.
****

شروط وجوب الزكاة في بهيمة الأنعام:
يُشترط لوجوب الزكاة في بهيمة الأنعام ما يلي:
بلوغ النِّصاب.

أن يحول الحول على النِّصاب.

أن تكون سائمة ترعى أكثر الحول في الكلأ المباح.
****

حكم زكاة الإبل:
تجب الزكاة في الإبل إذا كانت سائمة، وبلغَتِ النِّصاب، وحال عليها الحَولُ، وأقل نصاب الإبل خَمْسٌ، فإذا بلغت خمسًا فأكثر، وجبت فيها الزكاة، ولا زكاة فيما دونها.

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس فيما دون خَمْسِ ذَودٍ صدقةٌ من الإبل، وليس فيما دون خمس أَوَاقٍ صدقة، وليس فيما دون خمسة أَوْسُقٍ صدقةٌ))؛ [متفق عليه].

وعن أنس رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين: هذه فريضة الصدقة، التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله، فمن سُئِلها من المسلمين على وجهها فَلْيُعْطِها، ومن سُئل فوقها فلا يُعطِ: ((في أربع وعشرين من الإبل فما دونها، من الغنم، من كل خمس شاة، إذا بلغت خمسًا وعشرين إلى خمس وثلاثين، ففيها بنت مَخَاض أنثى، فإذا بلغت ستًّا وثلاثين إلى خمس وأربعين، ففيها بنت لَبُونٍ أنثى، فإذا بلغت ستًّا وأربعين إلى ستين، ففيها حِقَّة طَرُوقة الجمل، فإذا بلغت واحدةً وستين إلى خمس وسبعين ففيها جَذَعَة، فإذا بلغت - يعني ستًّا وسبعين إلى تسعين - ففيها بنتا لَبُون، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة، ففيها حِقَّتان طَرُوقتا الجمل، فإذا زادت على عشرين ومائة، ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حِقَّة، ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة، إلا أن يشاء ربُّها، فإذا بلغت خمسًا من الإبل ففيها شاة))؛ [أخرجه البخاري].

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ((أن أعرابيًّا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الهجرة، فقال: ويحك، إن شأنها شديد، فهل لك من إبل تؤدي صدقتها؟ قال: نعم، قال: فاعمل من وراء البحار، فإن الله لن يترك من عملك شيئًا))؛ [متفق عليه].
****
أنصبة الإبل ومقدار زكاتها الواجبة:
مقدار الزكاة الواجبة:
1 – 4: ليس فيها زكاة.
5 – 9: شاة واحدة.
10 – 14: شاتان.
15 – 19: ثلاث شِياهٍ.
20 – 24: أربع شياه.
25 – 35: بنت مخاض، وهي أنثى الإبل التي أتمَّت سنة.
36 – 45: بنت لبون، وهي أنثى الإبل التي أتمت سنتين.
46 – 60: حِقَّة، وهي أنثى الإبل التي أتمت ثلاث سنين.
61 – 75: جَذَعَة، وهي أنثى الإبل التي أتمت أربع سنين.
76 – 90: بنتا لبون.
91 – 120: حِقَّتان.

ويستقر النِّصاب في الإبل إذا زادت على مائة وعشرين، فإذا زادت على مائة وعشرين، فالواجب في كل 40 بنت لبون، وفي كل 50 حِقَّة، وما دون العشر عفوٌ، فإذا كملت عشرًا، انتقلت الفريضة ما بين الحِقاق وبنات اللَّبون.
ففي 121 ثلاث بنات لبون.
وفي 130 حِقَّة وبنتا لبون.
وفي 140 حقَّتان وبنت لبون.
وفي 150 ثلاث حِقَاق.
وفي 160 أربع بنات لبون.
وفي 170 ثلاث بنات لبون وحقة.
وفي 180 بنتا لبون وحقتان.
وفي 190 ثلاث حقاق وبنت لبون.
وفي 200 أربع حقاق، أو خمس بنات لبون.
وهكذا كلما زادت عشرًا، تغيرت الفريضة.

حكم من وجبت عليه سن ولم تكن عنده:
من وجبت عليه سنٌّ معينة من الإبل، ولم تكن عنده تلك السن، فهو مخيَّر:
إما أن يخرج السن الذي تحته، ويعطي الساعي الذي يجمع الزكاة فوقها شاتين أو قيمتهما.

وأما أن يُخرِج السن الذي فوقه، ويأخذ من الساعي شاتين أو قيمتهما.

فمن وجبت عليه في الزكاة بنت مخاض ولم تكن عنده، أخرج بدلها بنت لبون، وأخذ من الساعي شاتين أو قيمتهما.

ومن وجبت عليه جَذَعَة، ولم تكن عنده، أخرج بدلها حِقَّة، وجعل معها شاتين أو قيمتهما، وهكذا.

وإن أخرج الواجب وزيادة، فقد أدى الواجب، وله أجرُ الإحسان على الزيادة.
****

حكم زكاة البقر:
تجب الزكاة في البقر إذا بلغت ثلاثين بقرة، وما قبل ذلك لا زكاة فيه.

عن معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لَمَّا وجهه إلى اليمن ((أمَرَهُ أن يأخذ من البقر من كل ثلاثين تَبِيعًا أو تبيعةً، ومن كل أربعين مُسِنَّةً))؛ [أخرجه أبو داود والترمذي].

وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((في ثلاثين من البقر تبيعٌ أو تبيعة، وفي كل أربعين مسنة))؛ [أخرجه الترمذي وابن ماجه].
****

أنصبة البقر ومقدار زكاتها الواجبة:
مقدار الزكاة الواجبة:
1 – 29: ليس فيه زكاة.
30 – 39: تبيع أو تبيعة، وهو ما له سَنة.
40 – 59: مسنة، وهي ما تم له سنتان.
60 – 69: تبيعان أو تبيعتان.
ثم في كل 30 تبيعٌ أو تبيعة من البقر.
وفي كل 40 مسنة، وما دون العشر عفوٌ، فإذا كملت عشرًا، انتقلت الفريضة ما بين التبيعة والمسنة.
ففي 50 مسنة.
وفي 60 تبيعان.
وفي 70 تبيع ومسنة.
وفي 80 مسنتان.
وفي 90 ثلاثة أتبعة.
وفي 100 تبيعان ومسنة.
وفي 110 مسنتان وتبيع.
وفي 120 أربع تبيعات، أو ثلاث مسنات... وهكذا.
****

حكم زكاة الغنم:
تجب الزكاة في الغنم إذا بلغت أربعين شاة فأكثر، وحال عليها الحول، سواء كانت من الضأن، أو المعز، أو الذكور، أو الإناث، أو الصغار، أو الكبار، ويضم بعضها إلى بعض في تكميل النِّصاب.

عن أنس رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين: هذه فريضة الصدقة، التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله، فمن سُئِلها من المسلمين على وجهها فَلْيُعْطِها، ومن سُئل فوقها فلا يُعطِ: ((... وفي صدقة الغنم: في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاةٌ، فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين شاتان، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاثُ شِياهٍ، فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة، فإذا كانت سائمة الرجل ناقصةً من أربعين شاةً واحدةً، فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربُّها))؛ [أخرجه البخاري].
****

أنصبة الغنم ومقدار زكاتها الواجبة:
مقدار الزكاة الواجبة:
1 – 39: ليس فيه زكاة.
40 – 120: شاة واحدة.
121 – 200: شاتان.
201 – 399: ثلاث شياه.
فإذا زادت على ذلك ففي كل مائة شاة.
ففي 399 ثلاث شياه.
وفي 400 أربع شياه.
وفي 499 أربع شياه.
وفي 500 خمس شياه وهكذا.
****

حكم إخراج الذَّكَرِ في زكاة بهيمة الأنعام:
لا يجوز إخراج الذَّكَرِ في الزكاة إلا في ثلاث مسائل:
أن يكون النِّصاب كله ذكورًا.

في زكاة البقر خاصة يجوز إخراج التبيع أو التبيعة.

ابن اللبون والحِقُّ والجَذَعُ يُجزِئ عن بنت مخاض عند عدمها.

عن أنس رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له الزكاة التي أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم: ((ومن بلغت صدقته بنت مخاض وليست عنده، وعنده بنت لبون، فإنها تُقبَل منه، ويعطيه المصدِّق عشرين درهمًا أو شاتين، فإن لم يكن عنده بنت مخاض على وجهها، وعنده ابن لبون، فإنه يُقبَل منه، وليس معه شيء))؛ [أخرجه البخاري].


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10-04-2025, 05:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الوجيز في فقه الزكاة

الوجيز في فقه الزكاة (5)


د. عبدالسلام حمود غالب


حديثنا اليوم عن حكم الأسهم في الشركات، وحكم التعامل بالسندات، وزكاة الأسهم والسندات وما يتعلق بها.

السهم لغةً: النصيب والحظ؛ [(لسان العرب) لابن منظور (12/ 308)، (مختار الصحاح) للرازي (ص: 326)].

السهم: هو حصة الشريك في رأس مال شركة مساهمة، كما يُعرَف السهم بأنه الصكُّ المثبِتُ لهذا النصيب؛ [انظر: "الأسهم والسندات" (ص 47)، "موسوعة المصطلحات الاقتصادية والإحصائية" (ص 775)].

والسهم ينتج جزءًا من ربح الشركة، يزيد أو ينقص تبعًا لنجاح الشركة وزيادة ربحها أو نقصه، ويتحمل نصيبه من الخسارة؛ لأن مالك السهم مالكٌ لجزء من الشركة بقدر سهمه.

السهم اصطلاحًا: عبارة عن جزء من رأس مال الشركة.

والمساهِم يُعَدُّ مالكًا لجزء من أموالها بنسبة عدد أسهمه إلى مجموع أسهم الشركة، ويستطيع مالك السهم أن يبيعه متى شاء، وهو مُعرَّض للربح والخسارة، تبعًا لربح الشركة أو خسارتها.

حكم أسهم الشركات:
للسهم قيم متعددة على النحو الآتي:
1- القيمة الاسمية: وهي القيمة التي تُحدَّد للسهم عند تأسيس الشركة، وهي المدوَّنة في شهادة السهم.

2- القيمة الدفترية: وهي قيمة السهم بعد خصم التزامات الشركة، وقسمة أصولها على عدد الأسهم المصدَّرة.

3- القيمة الحقيقية للسهم: وهي القيمة المالية التي يمثِّلها السهم فيما لو تمَّت تصفية الشركة، وتقسيم موجوداتها على عدد الأسهم.

4- القيمة السوقية: وهي القيمة التي يُباع بها السهم في السوق، وهي تتغير بحسب حالة العرض والطلب.

والأسهم قابلة للتعامل والتداول بين الأفراد، كسائر السلع مما يجعل بعض الناس يتخذ منها وسيلة للاتِّجار بالبيع والشراء؛ ابتغاءَ الرِّبح من ورائها.

الحكم الشرعي في التعامل بالسندات:
السَّنَدُ يمثل جزءًا من قرض على الشركة أو الجهة المصدرة له، وتعطي الشركة عليه فائدة محددة عند إصداره، وهذه الفائدة غير مرتبطة بربح الشركة أو خسارتها، والشركة مُلزَمة بالسداد في الوقت المحدد، وللسند قيمة اسمية هي قيمته الأصلية عند إصداره أول مرة، وقيمة سوقية تتحدد على أساس العرض والطلب.

والتعامل بهذه السندات حرام شرعًا؛ لاشتمالها على الفائدة الرِّبويَّة المحرَّمة، ولأن تداولها بالبيع والشراء من قبيل بيع الدَّين لغير مَن هو عليه، وهو غير جائز.

كيفية تزكية السندات:
بنسبة ربع العشر دون الفوائد الربوية المرتَّبة عليه، فإن الفوائد محرمة عليه ويجب صرفها في وجوه الخير والمصلحة العامة، ما عدا بناء المساجد وطبع المصاحف ونحوها، وهذا الصرف للتخلص من الحرام، ولا يحتسب ذلك من الزكاة، ولا ينفق منه على نفسه أو عياله، والأولى صرفها للمضطرين من الواقعين في المجاعات ونحوها؛ [من فتاوى ندوات قضايا الزكاة المعاصرة].

زكاة السندات:
1- السندات والصكوك التي تمثِّلها جملة الأعيان والمنافع وغيرها؛ مثل: سندات المقارضة، وسندات الإجارة، وسندات السلم، ونحوها، تجب الزكاة فيها وفي ربحِها.

2- السندات التي تمثل ديونًا بفائدة ربوية محرمة شرعًا، وتكون الزكاة على رأس مال السند، ولا تجب الزكاة عن الفائدة المحرمة، وعلى صاحب السند أن يتخلص منها متى قبضها، وذلك بصرفها في وجوه الخير، ما عدا المساجد والمصاحف.

حكم التجارة في أسهم الشركات المساهمة وغيرها:
يجوز من حيث الأصل شراء وبيع أسهم الشركات، ما دام أنها لا تمارس المعاملات المحرمة، وهذا اختيار ابن عثيمين، وبه صدر قرار المجمع الفقهي بجدة، واللجنة الدائمة؛ وذلك للآتي:
أولًا: أن السهم حصة من الشركة، وقد أجمع أهل العلم على جواز عقد الشركة؛ نقل الإجماع على ذلك: ابن قدامة، والنووي.

ثانيًا: أن الأصل في العقود والشروط الإباحة، ما لم يقُمْ دليلٌ على التحريم؛ قال ابن قدامة: "أجمع المسلمون على جواز الشركة في الجملة، وإنما اختلفوا في أنواع منها"؛ [المغني (5/ 3)].

قال النووي: "وأما الإجماع، فإن أحدًا من العلماء لم يخالف في جوازها"؛ [المجموع (14/ 63)].

قال ابن تيمية: "الأصل في هذا أنه لا يحرُم على الناس من المعاملات التي يحتاجون إليها، إلا ما دلَّ الكتاب والسنة على تحريمه..."؛ [مجموع الفتاوى (28/ 386)]، وقال ابن القيم: "وجمهور الفقهاء على خلافه، وأن الأصل في العقود والشروط الصحة، إلا ما أبطله الشارع أو نهى عنه، وهذا القول هو الصحيح"؛ [إعلام الموقعين (1/ 401)].

ثالثًا: ليس في شركة المساهمة ما يتنافى مع مقتضى عقد الشركة، بل فيها تنظيم وتيسير ورفع للحرج، وقد صدر ضمن قرارات مجمع الفقه الإسلامي بجدة ما يلي: "بما أن الأصل في المعاملات الحِلُّ؛ فإن تأسيس شركة مساهمة ذات أغراض وأنشطة مشروعة، أمر جائز"؛ [مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة (7-1/ 711)].

وفي فتاوى اللجنة الدائمة برئاسة ابن باز وَرَدَ ما يلي: "إذا كانت الأسهم لا تمثل نقودًا تمثيلًا كليًّا أو غالبًا، وإنما تمثل أرضًا أو سياراتٍ أو عمارات ونحو ذلك، وهي معلومة للبائع والمشتري - جاز بيعها وشراؤها بثمن حالٍّ أو مؤجَّل، على دفعة أو دفعات؛ لعموم أدلة جواز البيع والشراء"؛ [فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى (13/ 321)].

وفيها أيضًا: "لا بأس ببيع الأسهم وشرائها إذا كانت في شركات لا تتعامل بالربا، وإنما هي شركات أملاك؛ كالشركات المعمارية، وكشركة الكهرباء، وشركة الإسمنت، وغيرها من الشركات الإنتاجية، إذا كانت شركات قائمةً بالفعل، وليست تحت الإنشاء"؛ [فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى (13/ 323)].

وفيها أيضًا: "يجوز بيع وشراء الأسهم التي في الشركات الإنتاجية؛ كشركة الإسمنت، والشركة الزراعية؛ لأنها ممتلكات مباحة، وإذا ربحت فربحها حلال، ويجوز أخذ غلة هذه الأسهم؛ لأنه ناتج عن عمل مباح، وهو إنتاج الإسمنت والزراعة، وكذلك شركات التعمير إذا لم تستغل رؤوس أموال هذه الشركات بالاستثمار الربوي"؛ [فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى (13/ 324، 325)].

حكم الأسهم المحرَّمة:
لا يجوز شراء أسهم الشركات التي أُنشئت لمزاولة الأعمال المحرمة؛ مثل شركات الخمور والتبغ، وبنوك الربا، وبهذا صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي.

في ندوة الأسواق المالية من الوجهة الإسلامية: "إنَّ تملُّكَ أسهم الشركات التي يكون غرضها التعامل بالربا والصناعات المحرَّمة والمتاجرة بالمواد الحرام غير جائز شرعًا، ولو كان ذلك التملك عابرًا ولفترة لا تسمح بتحقيق الأرباح الناتجة عن ذلك النشاط"؛ [مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة (6-2/ 1659)].

ضمن قرارات مجمع الفقه الإسلامي بجدة: "لا خلاف في حرمة الإسلام في شركات غرضها الأساسي محرم؛ كالتعامل بالربا، أو إنتاج المحرمات، أو المتاجرة بها"؛ [مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة (7-1/ 711)].

حكم الأسهم المختلطة:
لا يجوز التعامل بأسهم الشركات المختلطة، وهي أسهم الشركات التي تكون معاملاتها في الأصل مباحةً، لكنها تتعامل بالحرام في أخذ الفوائد الربوية، أو الاستقراض بفائدة، أو تُبرِم عقودًا فاسدةً، وبه صدر قرار المجمع الفقهي بجدة، والمجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، واللجنة الدائمة.

جاء ضمن قرارات المجمع الفقهي بمكة التابع لرابطة العالم الإسلامي ما نصه: "لا يجوز لمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف، إذا كان في بعض معاملاتها ربًا، وكان المشتري عالمًا بذلك.

إذا اشترى شخص وهو لا يعلم أن الشركة تتعامل بالربا ثم عَلِمَ، فالواجب عليه الخروج منها"؛ [قرارات المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة قرار (رقم: 78) (4/ 14)].

وفي فتاوى اللجنة الدائمة ورد ما يلي: "وَضْعُ الأموال في بنوك بربح حرام، والشركات التي تضع فائض أموالها في البنوك بربح لا يجوز الاشتراك فيها لمن علِم ذلك"؛ [فتاوى اللجنة الدائمة، المجموعة الأولى، (13/ 407)]؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2]، وكما هو معلوم اجتماع الحلال والحرام أن يُغلَّب الحرام احتياطًا، كما يقول أصحاب الأصول، وكذلك لا يمكن تمييز المال الحلال من الحرام.

زكاة الأسهم في الشركات، فإن ذلك على التفصيل الآتي:
أولًا: إذا كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي، وليس بقصد التجارة، فإنه يزكِّيها زكاة المستغَلَّات - وهي العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية ونحوها - أي إنه لا زكاة عليه في أصل السهم، وإنما تجب الزكاة في الرِّيع، وهي رُبُع العُشر بعد دوران الحَول من يومِ قَبْضِ الريع، مع اعتبار توافر شروط الزكاة وانتفاء الموانع، وهذا إذا كانت أسهم الشركة أصولًا ثابتة؛ كالعقارات والبواخر والمصانع، أما إذا كانت عروضًا تجارية، فإن الزكاة في رأس المال وفي الربح.

ثانيًا: وإن كان المساهم قد اقتنى الأسْهُمَ بقصد التجارة، فإنه يزكيها زكاة عروض تجارية، سواء كانت أصولًا أم كانت عروضًا، فإذا جاء حَولُ زكاته وهي في ملكه، زكَّى قيمتها السوقية، سواء أكانت مثل ما اشتراها به، أم كانت أقل منه، أو أكثر، وإذا لم يكن لها سوق، زكَّى قيمتها بتقويم أهل الخبرة، فيُخرج ربع العشر (2.5%) من تلك القيمة، ومن الربح إذا كان للأسهم رِبْحٌ.

وإذا تولَّت الشركة المساهمة إخراج الزكاة، فإنها تقوم مقام مُلَّاك الأسهم في ذلك.

ثالثًا: إذا باع المساهم أسْهُمَه في أثناء الحَول ضمَّ ثمنها إلى ماله، وزكَّاه معه عندما يجيء حَولُ زكاته، أما المشتري فيزكي الأسهم التي اشتراها على النحو السابق، هذا هو ما قرره مجمع الفقه بمنظمة المؤتمر الإسلامي، وهيئة كبار العلماء في السعودية، وغيرهم.

كيفية إخراج زكاة الأسهم الْمُعَدَّة للتجارة:
من كان يتاجر بالأسهم بيعًا وشراءً، فإنه يقوِّم سعرها السوقي عند تمام الحول، ويخرج منها ربع العشر (2.5 في المائة)، وبه صدر قرار المجمع الفقهي بجدة، والهيئة الشرعية لبيت الزكاة الكويتي، واللجنة الدائمة؛ وهو اختيار ابن باز، وابن عثيمين؛ وذلك لأن حكمها حكم عروض التجارة؛ حيث كان من ضمن قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي بجدة التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ما يلي: "إن كان المساهم قد اقتنى الأسهم بقصد التجارة، زكَّاها زكاة عروض التجارة، فإذا جاء حول زكاته وهي في ملكه، زكى قيمتها السوقية، وإذا لم يكن لها سوق، زكى قيمتها بتقويم أهل الخبرة، فيخرج ربع العشر (2.5%) من تلك القيمة ومن الربح، إذا كان للأسهم ربح"؛ [قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، قرار رقم: 28 (3/ 4)، بشأن زكاة الأسهم في الشركات].

وفيها أيضًا: "إذا اتخذ أسهمه للمتاجرة بها بيعًا وشراءً، فالزكاة الواجبة فيها هي ربع العشر (2.5%) من القيمة السوقية يوم وجوب الزكاة كسائر عروض التجارة"؛ [أحكام وفتاوى الزكاة والصدقة والنذور والكفارات (ص: 58)، وينظر: (الشرح الممتع) لابن عثيمين (6/ 148)].

وفي فتاوى اللجنة الدائمة ورد ما يَلِي: "عليه إخراج الزكاة عن السهام التي للبيع، وعن أرباحها كل سنة"؛ [فتاوى اللجنة الدائمة، المجموعة الأولى (9/ 342)].

قال ابن باز: "على أصحاب الأسهم الْمُعَدَّة للتجارة إخراج زكاتها، إذا حال عليها الحول، كسائر العروض من الأراضي والسيارات وغيرها"؛ [مجموع فتاوى ابن باز (14/ 190)]، وقال: "إذا كانت الأسهم للبيع، فإنها تُزكَّى مع ربحها، كلما حال الحول على الأصل حسب قيمتها حين تمام الحول، سواء كانت أرضًا أو سيارات أو غيرهما من العروض"؛ [مجموع فتاوى ابن باز (14/ 191)]، وقال: "إن كنت تريد بيع السهام، ففيها الزكاة"؛ [مجموع فتاوى ابن باز (14/ 192)]؛ قال ابن عثيمين: "إن كان يبيع ويشتري فيها، فحكمها حكم عروض التجارة، يقوِّمها عند تمام الحول ويزكيها"؛ [الشرح الممتع (6/ 148)]، وقال ابن عثيمين: "كيفية زكاة الأسهم في الشركات والمساهمات أن نقول: إن كانت الدولة تحصي ذلك، وتأخذ زكاتها، فإن الذمة تبرأ بذلك، وإلا وجبت الزكاة فيها على النحو التالي: بأن يقوِّمها كل عام بما تساوي، ويُخرِج ربع العشر إن كان قَصَدَ بها الاتجار"؛ [مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (18/ 196)].

كيفية إخراج زكاة أسهم الاستثمار:
من اقتنى أسهمًا بقصد الربح والتنمية فقط (للاستثمار لا للمتاجرة ببيعها وشرائها)، فإنه يزكي أرباحها فقط، وبه صدر قرار اللجنة الدائمة؛ وهو اختيار ابن باز، وابن عثيمين، وبهذا صدر قرار المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي؛ وذلك لأن تملُّك السهم للاستفادة من ريعه السنوي يُقاس على المستغلات من العقارات ونحوها؛ لشبهها به، فتأخذ حكم زكاتها.

في (فتاوى اللجنة الدائمة): "السهام التي أراد استثمارها فقط، فإن الزكاة تجِبُ في أرباحها إذا حال عليها الحول، إلا أن تكون نقودًا، فإن الزكاة تجب في الأصل والربح"؛ [فتاوى اللجنة الدائمة، المجموعة الأولى (9/ 342)].

قال ابن باز: "إذا كانت الأسهم للاستثمار لا للبيع، فالواجب تزكية أرباحها من النقود إذا حال عليها الحول، وبَلَغَتِ النِّصاب"؛ [مجموع فتاوى ابن باز (14/ 191)].

قال ابن عثيمين: "إذا كانت استثماريةً - بمعنى أنها لا تُعَدُّ للبيع والشراء، وإنما للاستثمار والنَّماء - فإنه لا زكاة فيها، وإنما فيما يخرج منها من ربح"؛ [مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (18/ 199)].

جاء ضمن قرارات مجمع الفقه الإسلامي: "أولًا: تجب زكاة الأسهم على أصحابها، وتخرجها إدارة الشركة نيابة عنهم، إذا نصَّ في نظامها الأساسي على ذلك، أو صدر به قرار من الجمعية العمومية، أو كان قانون الدولة يلزم الشركات بإخراج الزكاة، أو حصل تفويض من صاحب الأسهم لإخراج إدارة الشركة زكاة أسهمه.

إذا لم تزكِّ الشركة أموالها لأي سبب من الأسباب، فالواجب على المساهمين زكاة أسهمهم، فإذا استطاع المساهم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخص أسهمه من الزكاة، لو زكَّت الشركة أموالها على النحو المشار إليه، زكَّى أسْهُمَه على هذا الاعتبار؛ لأنه الأصل في كيفية زكاة الأسهم.

إذا لم يستطع المساهم معرفة ذلك، فإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع السهم السنوي، وليس بقصد التجارة، فإنه يزكيها زكاة المستغلات؛ فإن صاحب هذه الأسهم لا زكاة عليه في أصل السهم، وإنما تجب الزكاة في الريع، وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم قبض الريع، مع اعتبار توافر شروط الزكاة وانتفاء الموانع"؛ [قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي قرار رقم: 28 (4/ 3) بشأن زكاة الأسهم في الشركات].

وخلاصة القول في هذا:
إن الأسهم التي أراد بها صاحبها التجارة والربح، وأسهم الشركات التجارية تجب فيها الزكاة، في أصل السهم وربحه.

والشركات الصناعية تجب الزكاة في أرباحها إذا بلغت نصابًا، وحال عليها الحول، ولا زكاة في أسهمها إلا فيما يُقابِل السهم من نقود في خزينة الشركة.

والشركات الزراعية تجب الزكاة فيما يقابل السهم من زروع أو ثمار، إذا كانت من الأصناف التي تجب فيها الزكاة، بشرط أن تبلغ حصة المساهم نصابًا، وهو 300 صاع، وتجب الزكاة أيضًا فيما يقابل السهم من نقود في خزينة الشركة.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 123.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 119.48 كيلو بايت... تم توفير 3.52 كيلو بايت...بمعدل (2.86%)]