|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الإعجاز في فرش الأرض د. حسني حمدان الدسوقي حمامة ورَدتْ آيتانِ في القرآن الكريم تتحدثان عن فرش الأرض؛ في قول الله تعالى: ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 22]، وقوله تعالى: ﴿ وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ ﴾ [الذاريات: 48]. والملاحظ في آية سورة البقرة أن هناك ترتيبًا زمنيًّا معينًا يشير إلى: 1 - أولًا فرش الأرض وبناء السماء، وفرش الأرض يشير إلى تكوين قشرة لها، أو غلاف صخري لها. 2 - إنزال المطر من السماء بعد فرش الأرض. 3 - إخراج الثمرات عقب إنزال الماء، كما يُفهَم من حرف "الفاء" الذي يشير إلى الترتيب مع التعقيب. والآية تشير إلى مراحل تكوُّنِ أغلفة الأرض، وهي: 1 - الغلاف الصخري (Lithospher). 2 - الغلاف الجوي (Atmosphere). 3 - الغلاف المائي: (Hydrosphere). 4 - الغلاف الحياتي: (Biosphere). وتشير الآية إلى مراحل تكوين تلك الأغلفة، وهذا هو المستقر علميًّا عند أهل التخصص الدارسين لعلم الأرض (الجيولوجيا)، وهذا الترتيب الزمنيُّ في حدِّ ذاته يمثِّل إعجازًا علميًّا سبق به القرآنُ العِلمَ. أما الموضع الآخر، الذي يذكر فيه فرش الأرض، فقد ورد في سورة الذاريات، بعد الإشارة إلى اتساع السماء المستمر، وقبل خلق الأزواج. وآية البقرة تأمُر في نهايتها إلى عدم الشرك بالله، ويختتم سياق الآيات الكونية في سورة الذاريات بالفِرار إلى الله على منهاج النبوة الرشيدة. وعن تفسير آيات فرش الأرض قال العلماء: • ﴿ وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا ﴾: مهَدْناها وبسَطْناها كالفِراش للاستقرار عليها. • ﴿ الْأَرْضَ فِرَاشًا ﴾: بِساطًا ووطاء للاستقرار عليها، وقيل: أي مهدًا كالفراش، مقررة موطأة مثبتة كالرواسي الشامخات. وذكر المفسِّرون أنَّ "جعل" في قوله: ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا ﴾، والفعل يأتي أيضًا بمعنى (خلق)، ويأتي بمعنى (سمَّى). ويقول القرطبي معنًى جميلًا لقوله تعالى: ﴿ فِرَاشًا ﴾؛ أي: وطاء يفترشونها ويستقرون عليها، ويضيف: أن ما ليس بفراش كالجبال والأوعار والبحار فهي من مصالح ما يفترش منها؛ لأن الجبال كالأوتاد، والبحار تركب إلى صالح سائر منافعها. ومن حكم المؤكد يَسبِقُ فرشَ الأرضِ تكوُّنُ كلٍّ مِن غلافها الصخري أولًا، ثم غلافها الجوي والمائي، والغلافُ الأول هو الأقدم في التكوين؛ فقد نشأ منذ قرابة 4000 مليون سنة، ومنذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا، أخذ الغلافان الأخيران يمارسان نشاطيهما في تفتيت سطح قشرة الأرض الصُّلبة؛ عن طريق وسائل التجوية الكيميائية والميكانيكية، وتكوَّن من جراء تلك العمليات الخارجية رواسبُ وصخور فتاتية من مثل الرمال والحصى والطين وصخورها من الأحجار الرملية والرواهض والمدملكات والطفلة، هذا بالإضافة إلى نشاط العمليات الداخلية من براكين وزلازل وخلافه. ومن ثم نشطت الدورةُ الجيولوجية بأجنحتها الثلاثة: من دورة الصخر، والدورة المائية، ودورة القارة العظمي، وقدمت الدورة الأولى منها مادة الرواسب والصخور التي فرشت الأرض؛ وذلك في أثناء التحول من الصهارة إلى الصخور النارية والرسوبية والمتحولة في دورة متكررة، وقد أسهمتْ عناصر الغلاف الجوي والمائي والحياتي في دورة الصخر السابقة وتشكيل سطح الأرض. وبناء على ما تقدم: فإن فرش الأرض يتمثَّل في تكوين غلافها الصخري أولًا، ثم تشكيل سطح الأرض وتضاريسها بفعل العمليات الخارجية من دورات تحات وتجوية، وبتأثير عملياتها الداخلية من البراكين وقوى الرفع. ومع استمرار نمو الأرض، عبر فترة زمنية طويلة؛ تقدَّر بحوالي 4600 مليون سنة؛ أي: عبر عمر الأرض؛ حيث أخَذَتِ الأرضُ زُخرُفَها الذي نعهده اليوم، بجبالها العالية، وأخاديدها العميقة، وأنهارها السارحة، وسبلها المذلَّلة، وبحارها الواسعة، ودوابها المبثوثة، وغلافها الجوي المتزن في مكوناته ونِسَبِه، وأصبحَتِ الأرضُ فِراشًا ومهادًا، نعمة من الخالق الذي خلَقَ كلَّ شيء بقدر. ويرى الدكتور زغلول النجار أن تعبير "فِراشًا" تعبير حقيقي.. فإذا علمنا أن أعلى نقطةٍ على اليابسة اليوم هي قمة إفرست، والبالغ ارتفاعها أقلَّ قليلًا من تسعة كيلومترات (884.8م)، وأن منسوب أعمق أغوار المحيطات هو 11 ألف كيلومتر، يكون الفرق بينهما - وهو عشرون كيلومترًا تقريبًا - سمكًا قليلًا لو قُورِنَ بنصف قطر الأرض المقدَّر بحوالي 6371 كيلومتر؛ أي لا يتعدي 3.0 في المائة من طول نصف قطر الأرض، وهذا يظهر أن سطح الأرض بتضاريسه بين أقصى علوٍّ وأدنى انخفاض في المتوسط العام يشكِّل نسبة مقدارها 007.%؛ أي: يمثِّل فِراشًا.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |