إشكالية الاختصاص في المحاكم العامة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         العقد بيننا وبين الفقيه قواعد فى التعليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          العقد بيننا وبين الفقيه قواعد البحث فى الأوامر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أصول الفقه على منهج أهل الحديث (قول الصحابي) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          التقبيح والتحسين العقليان طرفان ووسط! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          تعارض النصوص ​ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 3 )           »          حديقة الأدب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 103 - عددالزوار : 32375 )           »          شموع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 94 - عددالزوار : 14284 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 61 - عددالزوار : 46934 )           »          أهمية العمل بالعلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          زكاة المساكن المُعدَّة للسكنى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-03-2022, 09:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,823
الدولة : Egypt
افتراضي إشكالية الاختصاص في المحاكم العامة

إشكالية الاختصاص في المحاكم العامة
الشيخ سليمان بن إبراهيم الفعيم


من الجوانب بالغةِ الأهمية في تجويد الأنظمة واللوائح، رصدها بعد سَريان العمل بها، ودراسة ما ينتج عنها من آثار، وطرح مشكلاتها التي يواجهها العاملون في الميدان على الباحثين لتقديم الحلول لها، ويتمكن المختصين من تقويمها وتعديلها، ومن المسائل التي تحتاج عناية الباحثين والمختصين مسألة الاختصاص في المحاكم العامة.

وكمدخل لتناول هذه المسألة المهمة نعرض لأصلها ومبناها، فقد قرر الفقهاء المتقدمون أن الأصل في ولاية القضاء: العموم، بمعنى أن ينظر القاضي بمجرد توليه القضاء عموم النظر في عموم العمل، قال القاضي ابن رشد الحفيد رحمه الله (ت:595هـ): (وَأَمَّا فِيمَا يُحْكَمُ؟، فَاتَّفَقُوا أَنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْحُقُوقِ كَانَ حَقًّا لِلَّهِ أَوْ حَقًّا لِلْآدَمِيِّينَ، وَأَنَّهُ نَائِبٌ عَنِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَأَنَّهُ يَعْقِدُ الْأَنْكِحَةَ وَيُقَدِّمُ الْأَوْصِيَاء)[1].

لكن الفقهاء المتقدمين قرروا أيضًا أن هذا الأصل قد يتغير حسب الحاجة وما يحقق المصلحة، يقول الفقيه أبو إسحاق الشيرازي رحمه الله (ت: 476هـ): (ويجوز أن يجعل قضاء بلد إلى اثنين وأكثر على أن يحكم كل واحد منهم في موضع، ويجوز أن يجعل إلى أحدهما: القضاء في حق وإلى الآخر في حق آخر، وإلى أحدهما: في زمان وإلى الآخر في زمان آخر)[2].

ونظرًا لتوسع الحياة المعاصرة في كافة المجالات، وتسارع الأحداث والمجريات، وما نتج عن ذلك من كثرة المشكلات، وتشعب الخصومات، وتعقد المنازعات.. اتجهت الدول المعاصرة إلى القضاء المتخصص كأحد الحلول التي يُتصدى به للواقع المعاصر، ويُتمكن به من احتواء هذا الكم الهائل من القضايا.

والقضاء السعودي أخذ بالقضاء المتخصص القائم على فكرة تعدُّد المحاكم والقضاة في البلد الواحد والزمان الواحد، بحيث توزع الأعمال القضائية على عددٍ من المحاكم أو الدوائر؛ لتختص كل محكمة أو دائرة بأنواع معينة من الدعاوى والخصومات[3]، جاء في نظام القضاء الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/78) وتاريخ 19/9/1428هـ في المادة التاسعة ما نصه: (تتكون المحاكم مما يلي:
1- المحكمة العليا.
2- محكمة الاستئناف.
3- محاكم الدرجة الأولى.

وهي:
أ -المحاكم العامة.
ب- المحاكم الجزائية.
جـ- محاكم الأحوال الشخصية.
د– المحاكم التجارية.

هـ- المحاكم العمالية.

وتختص كل منها بالمسائل التي ترفع إليها طبقًا لهذا النظام، ونظام المرافعات الشرعية، ونظام الإجراءات الجزائية، ويجوز للمجلس الأعلى للقضاء إحداث محاكم متخصصة أخرى بعد موافقة الملك).

وقد أثمر العمل بالاختصاص القضائي ثمارًا كبيرة يأتي في مقدمتها تمكن القضاة وأعوانهم من الإلمام بأعمالهم، الذي يلقي بظلاله على الإسراع في عملية التقاضي، وتجويد الأحكام، وبالتالي تحقيق العدالة المنشودة.

غير أن المتأمل في الأنظمة والتعليمات والواقع العملي يجد أن المحاكم العامة بعيدة المنال عن ثمار الاختصاص، فلا زال اختصاصها لا حدَّ له، وقضاتها كل يوم يُفاجؤون بقضايا جديدة من اختصاصهم، وهذا الاتساع في اختصاص المحاكم العامة النوعي جعل اختصاصها يتقاطع ويتشابه في بعض القضايا مع قضايا المحاكم المتخصصة الأخرى، فمثلًا قضايا الاعتراض على هبة الأب لابنه ... من اختصاص محكمة الأحوال الشخصية إذا كان الأب متوفى، ومن اختصاص المحكمة العامة إذا كان الأب على قيد الحياة، وفقًا لما جاء في الفقرة (8) من البند الثالث في محضر اللجنة المشكلة لدراسة أنواع القضايا الواردة للمحاكم العامة، ومحاكم الأحوال الشخصية، والمعمم برقم 1115/ت وتاريخ 28/10/1439هـ، ومن الأمثلة كذلك قضايا اعتراض الطلاب على القرارات الإدارية التي تصدرها الجامعات بشأنهم ... من اختصاص المحكمة الإدارية إذا كانت الجامعة حكومية، ومن اختصاص المحكمة العامة إذا كانت الجامعة أهلية؛ لأنها شخصية اعتبارية خاصة، وهكذا في سلسلة طويلة من القضايا الشائكة التي تشارك المحكمة العامة فيها بعض قضايا المحاكم المتخصصة الأخرى.

وهذا التقاطع والتشابه جعل المحكمة العامة تتنازع الاختصاص مع جميع المحاكم المتخصصة الأخرى، بينما يندر أن يقع تنازع في الاختصاص بين المحكمة الإدارية ومحكمة الأحوال الشخصية مثلًا، أو تنازع بين المحكمة العمالية والمحكمة الجزائية وهكذا.

وقد أثقل هذا الواقع كاهل قضاة المحاكم العامة، بكثرة القضايا وتنوعها، وحتَّم عليهم الإلمامَ بجميع اختصاصات المحاكم المتخصصة الأخرى، كما أدى إلى كثرة التنازع في الاختصاص بينهم وبين المحاكم الأخرى.

والباحث في تحديد الاختصاص في الأقضية المعاصرة يجدها تتخذ منهجين، المنهج الأول: الحصر وذلك بتعداد أنواع القضايا التي تختص بها كل محكمة على حدة، والمنهج الآخر: وضع معيار عام أو قاعدة كلية لكل محكمة متخصصة، وقد جاء المنظم السعودي بكلا المنهجين، فعلى المنهج الأول جاء اختصاص محاكم الأحوال الشخصية، فقد عُدت أنواع القضايا التي تختص بها في المادة (33) من نظام المرافعات الشرعية ولوائحها التنفيذية على سبيل الحصر، ثم ألحق بها قضايا أخرى بالمحضر المعمم برقم 1115/ت وتاريخ 28/10/1439هـ، وعلى المنهج الآخر جاء اختصاص المحاكم الإدارية، فقد جعل نظام ديوان المظالم الجديد الصادر في عام 1428هـ معيار عام لاختصاص المحاكم الإدارية بجميع المنازعات الإدارية، خلافًا لما كان عليه اختصاص ديوان المظالم في النظام القديم الصادر في عام 1402هـ بتعداد أنواع القضايا على سبيل الحصر، يقول د. أحمد محمد صبحي: (أحدث المنظم السعودي تغييرًا فيما يتعلق باختصاص القضاء الإداري في نظام ديوان المظالم الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/78) وتاريخ 19/9/1428هـ، حيث انتقل من أسلوب التعداد التشريعي على سبيل الحصر لاختصاص الديوان إلى المعيار العام في توزيع الاختصاص)[4]، غير أن الواقع العملي يجد عدم إعمال المحاكم الإدارية للمعيار العام ونزعها إلى منهج الحصر، فمثلًا قرر قضاة المحكمة الإدارية في أحد الأحكام المنشور في مجموعة الأحكام والمبادئ الإدارية لعام 1437هـ في المجلد الأول صحيفة رقم (24) أن المادة رقم (13) من نظام ديوان المظالم الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/78) وتاريخ 19/9/1428هـ ذكرت اختصاصات محاكم ديوان المظالم على سبيل الحصر، والحقيقة أن المادة ذاتها هي التي ذكرت المعيار العام لاختصاص المحاكم الإدارية، فقد ذكرت أنواع من المنازعات الإدارية، ثم أعقبت ذلك باختصاصها بالمنازعات الإدارية الأخرى، بمعنى أن المحاكم الإدارية مختصة بجميع المنازعات الإدارية وهذا ليس حصر، بل وضع لمعيار عام.

ومن هنا اقترح أن يجعل لكل محكمة قاعدة عامة في الاختصاص، يعرف المقصود بها، ويذكر أمثلة لها،، فمثلًا النزاعات في الحقوق الأسرية يكون الاختصاص لمحكمة الأحوال الشخصية، والقضايا الجنائية والجزائية يكون الاختصاص للمحكمة الجزائية، وهكذا في بقية المحاكم، ويكون ذلك أما بتعديل الأنظمة أو بإصدار مبادئ عامة من قبل المحكمة العليا.

ويتحقق بهذا جملة من الفوائد منها: أنه يرجع إلى القاعدة في القضايا غير المنصوصة والمشتبهة، كذلك يخف التنازع بين المحاكم، إضافة إلى تحقق العدالة بين المحاكم كمًّا وكيفًا، وأخيرًا ليتمكن قضاة المحاكم العامة من الإحاطة بفقه القضايا الداخلة في اختصاصهم، هذا والله أعلم وأحكم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.


[1] ينظر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد (4 /244)، ط دار الحديث القاهرة.

[2] ينظر: المهذب في فقه الإمام الشافعي، (3 /379)، ط دار الكتب العلمية؛ والاختصاص القضائي في الفقه الإسلامي، د. ناصر بن محمد الغامدي، ص171، ط مكتبة الرشد.

[3] ينظر: الاختصاص القضائي في الفقه الإسلامي، د. ناصر بن محمد الغامدي، ص171، المصدر السابق.

[4] ينظر: معيار اختصاص المحاكم الإدارية وتنازع الاختصاص في المملكة العربية السعودية، د. أحمد محمد صبحي اغرير، ص3، بحث منشور على الشنكبوتية.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.43 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.16%)]