طوبى لمن أنصف ربه
طوبى لمن أنصف ربه ، فأقر له بالجهل في علمه ، والآفات في عمله ، والعيوب في نفسه ، والتفريط في حقه ، والظلم في معاملته . فإن آخذه بذنوبه رأى عدله ، وإن لم يؤاخذه بها رأى فضله. وإن عمل حسنة رآها من منته وصدقته عليه ، فإن قبلها فمنّة وصدقة ثانية ، وإن ردها فلكون مثلها لا يصلح أن يواجه به. وإن عمل سيئة رآها من تخليه عنه ، وخذلانه له ، وإمساك عصمته عنه ، وذلك من عدله فيه. فيرى في ذلك فقره إلى ربه. وظلمه في نفسه، فإن غفرها له فبمحض إحسانه وجوده وكرمه.
ونكتة المسألة وسرها : أنه لا يرى ربه إلا محسنا ولا يرى نفسه إلا مسيئا أو مفرطا أو مقصرا ، فيرى أن كل ما يسره من فضل ربه عليه وإحسانه إليه ، وكل ما يسوؤه من ذنوبه وعدل الله فيه. من كتاب الفوائد لابن القيم
|