أحكام صيام المسنين - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3093 - عددالزوار : 353233 )           »          تحريم الخوف دون الطبيعي من غير الله تبارك وتعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الصدقات تطفئ غضب الرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          السلام النفسي في فريضة الحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الدرس السابع والعشرون: حقوق الزوجة على زوجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الإسلام كرَّم الإنسان ودعا إلى المساواة بين الناس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          قبسات من الإعجاز البياني للقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 1058 )           »          التقوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: الفتاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          من آداب الدعاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-01-2020, 01:33 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,332
الدولة : Egypt
افتراضي أحكام صيام المسنين

أحكام صيام المسنين1-3


سعد بن عبد العزيز الحقباني



أحكام صيام المسنين1-3
المسنون فئة غالية في المجتمع الإسلامي، ولهم آداب و أحكام خاصة بهم في مختلف أبواب الفقه الإسلامي، وهذه الأحكام نابعة من خاصية مهمة من خصائص الشريعة الإسلامية، ألا وهو التيسير ورفع الحرج.
فبما أن الإنسان عند كبر سنه معرض للضعف والوهن في كثير من أعضاء جسمه و وظائفها، وقد يكون عاجزا عن القيام ببعض الواجبات، فقد راعت الشريعة الإسلامية هذا الضعف والعجز فخففت على المسن في كثير من الأحكام الشرعية، ومن تلك الأحكام أحكام الصيام، وفي هذا البحث نذكر أهم الأحكام المتعلقة بصيام المسنين، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع به.
و يشتمل البحث على المباحث الآتية:
المبحث الأول : حكم صيام المسن ، وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأول :سقوط الصيام عن المسن الذي يشق عليه الصوم.
المطلب الثاني : حكم صيام المسن مع تحمل المشقة.
المطلب الثالث : هل الصوم أفضل للمسن أم الفطر؟
المطلب الرابع : مباشرة المسن لزوجته وتقبيلها

المبحث الثاني : أحكام فدية إفطار المسن، و فيه ستة مطالب:
المطلب الأول: حكم فدية إفطار المسن.
المطلب الثاني : نوع فدية إفطار المسن .
المطلب الثالث: وقت بذل الفدية وصفته.
المطلب الرابع : تأخير الفدية حتى دخول رمضان آخر.
المطلب الخامس : الصيام عن المسن.
المطلب السادس : إعسار المسن عن دفع الفدية.

المبحث الأول
حكم صيام المسن
المطلب الأول : سقوط الصيام عن المسن الذي يشق عليه الصوم.
اتفق العلماء على عدم وجوب الصيام على المسن الذي لا يستطيعه، أو يشق عليه مشقة شديدة تجهده أو يتضرر منها بالهلاك أو فوات عضو من الأعضاء، أو بالمرض[1].
وقد نقل الإجماع على ذلك عدد من العلماء، ومنهم:
ابن المنذر -رحمه الله تعالى- فقال: «وأجمعوا على أن للشيخ الكبير والعجوز العاجزين عن الصوم أن يفطروا»[2].
ابن عبد البر -رحمه الله تعالى- فقال: «أجمع العلماء على أن للشيخ الكبير والعجوز اللذين لا يطيقان الصوم الإفطار، ثم اختلفوا في الواجب عليهما»[3].
ابن رشد -رحمه الله تعالى- فقال: «وأما الشيخ الكبير والعجوز اللذان لا يقدران على الصيام فإنهم أجمعوا على أن لهما أن يفطرا»[4].
استدل أهل العلم على جواز الفطر للمسن الذي لا يستطيع الصيام أو يشق عليه مشقة شديدة بأدلة من الكتاب والأثر والإجماع والمعقول:
1- قول الله سبحانه وتعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ...} الآية[5].
2- وقوله تعالى: {... وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ... }الآية[6].
3- وقوله تعالى: {... يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ... } الآية[7].
وجه الاستدلال أن هذه الآيات الكريمات تضمنت أن الله –تعالى- لا يكلف أحداً الإتيان بما لا يستطيع من أنواع العبادات، وأن الحرج مرفوع في الدين، وأن الله يريد بالمكلفين اليسر ولا يريد بهم العسر، فإذا كان المسن لا يستطيع الصيام، أو يشق عليه مشقة شديدة، فإنه لا يلزمه الصوم ولا يجب عليه بدلالة هذه الآيات الكريمات، وغيرها من نصوص الكتاب والسنة التي تشابهها[8].
4- قولـه تعالى: {.. فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ...} الآية[9].
وجه الاستدلال: استدل العلماء بالآية الكريمة على عدم وجوب الصيام على المسن حسب تفسيرات مختلفة في معنى الآية، ولهم ثلاثة أوجه:
الأول: أن المقصود بالآية الكريمة الذين لا يطيقون الصوم، أي لا يستطيعون الصوم فلهم الإفطار وعليهم فدية طعام مسكين على تقدير حرف «لا» وقد جاءت نظائر لمثل هذا التقدير في الكتاب الكريم كما في قوله تعالى: {... يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [10] أي لئلا تضلوا، وكقوله تعالى:
{وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ ...} [11][12]. أي لئلا تميد بهم.
الثاني: أن الآية الكريمة على ظاهرها محكمة وليست بمنسوخة ولكنها خاصة بطائفة من الناس، فهي في حق الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيفطران ويطعمان عن كل يوم مسكيناً[13].
قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسيرها: «ليست بمنسوخة هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً»[14].
الثالث: أن الآية الكريمة تدل على جواز الفطر لمن يستطيع الصوم مع المشقة؛ لأن الطاقة هي أن يقدر الإنسان على الشيء مع الشدة والمشقة، فمن كان يقدر على الصوم مع المشقة الشديدة يجوز له الفطر[15].
5- ما رواه الحسن البصري وإبراهيم النخعي -رحمهما الله تعالى- أن أنس بن مالك – رضي الله عنه - لما كبر أطعم عن كل يوم مسكيناً خبزاً ولحماً وأفطر، عاماً أو عامين[16].
6- ما ثبت من قول ابن عباس -رضي الله عنهما- في تفسير الآية «وعلى الذين يطيقونه».
فقال: «هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً»[17].
وجه الاستدلال: أن أنساً وابن عباس رضي الله عنهم يريان جواز الفطر للمسن[18].
7 – من الإجماع: نقل الإجماع على جواز الفطر للمسن الذي لا يستطيع الصوم أو يشق عليه ذلك مشقة شديدة غير واحد من العلماء، ومنهم ابن عبد البر[19] وابن حزم[20] وابن رشد[21] وابن المنذر[22].
8- أن كبير السن الذي لا يستطيع الصوم أو يشق عليه ذلك لا سبيل له إلا الفطر لرفع الحرج والمشقة عنه[23].
المطلب الثاني : حكم صيام المسن مع تحمل المشقة.
ما حكم صيام المسن مع تحمل المشقة الشديدة؟ وهل يجزئه ذلك؟
صرح العلماء في المذهبين الحنفي والشافعي على أن المسن الذي يشق عليه الصوم ومع ذلك صام فإن صومه صحيح ويجزئه، وهو قياس مذهب المالكية والحنابلة[24].
قال السرخسي -رحمه الله تعالى-: «وأما الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصوم فإنه يفطر ويطعم عن كل يوم نصف صاع من حنطة... ولنا أن الصوم قد لزمه لشهود الشهر، حتى لو تحمل المشقة وصام كان مؤدياً للفرض»[25].
وقال النووي -رحمه الله تعالى-: «واتفقوا على أنه لو تكلف – أي المسن – الصوم فصام فلا فدية، والعجوز كالشيخ في جميع هذا، وهو إجماع»[26].
وهو مقتضى مذهب المالكية وقياسه في مسألة صوم المريض الذي يشق عليه الصوم ويصوم.
قال ابن عبد البر -رحمه الله تعالى-: «أن المريض الحامل على نفسه إذا صام فإن ذلك يجزئ عنه، فدل ذلك أنه رخصة له»[27].
فهذا قولهم في المريض، ويقاس عليه المسن الذي يتحمل المشقة ويصوم بجامع وقوع المشقة والجهد وتحمل ذلك في الكل.
وهو كذلك مفهوم مذهبهم في المسن الذي يشق عليه الصوم أن له أن يفطر.
قال ابن رشد -رحمه الله تعالى-: «وأما الشيخ الكبير والعجوز اللذان لا يقدران على الصيام فإنهم أجمعوا على أن لهما أن يفطرا»[28].
فقولهم: «أن لهما أن يفطرا» يدل على أنهم لا يوجبون الإفطار عليهما، وبناء عليه فالصوم يكون جائزاً إذن.
وهذا القول أيضاً قياس مذهب الحنابلة في المريض؛ إذ إنهم يرون أن المريض الذي يجوز له الفطر لو تكلف وصام فإن صومه يجزئه، ويسقط عنه الفرض مع الكراهية[29].
قال ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: «فإن تحمل المريض وصام مع هذا، فقد فعل مكروهاً، لما يتضمنه من الإضرار بنفسه، وتركه تخفيف الله –تعالى- وقبول رخصته، ويصح صومه ويجزئه»[30].
وبناء على هذا، يمكن القول أنه لا خلاف بين المذاهب الأربعة في صحة صيام المسن الذي يجوز له الفطر بسبب المشقة وإجزائه مع الكراهة عند الحنابلة خاصة.
استدل أهل العلم لقولهم بصحة صيام المسن الذي يجوز له الفطر بسبب المشقة، وأن ذلك يجزئه بما يلي:
1- أن الصوم في هذه الحالة واجب على المسن، وجواز الفطر له إنما كان لرفع الحرج، فإذا تحمل وأتى بالواجب فقد أخذ بالعزيمة وترك الرخصة، فيجوز له ذلك ويجزئه[31].
2- أنه يجزئه الصوم ويصح منه كالمريض الذي يباح له ترك الجمعة إذا حضرها[32].
3- أنه يجزئه الصوم ويصح منه كما تجزئ الصلاة قائماً للمعذور الذي تجوز له الصلاة قاعداً، ويتكلف ويصلي قائماً[33].
وهذان الدليلان الأخيران ذكرهما ابن قدامة -رحمه الله تعالى- لجواز الصيام للمريض وإجزائه له مع تحمل المشقة، ويصح الاستدلال بهما هنا بجامع تحمل المشقة في كلا الحالين، ولكون ترك الجمعة، والقيام، والصيام رخصة في جميع هذه الحالات، والإتيان بها عزيمة. والله أعلم.
المطلب الثالث : هل الصوم أفضل للمسن أم الفطر؟
سبق في المطلب الأول بيان أن العلماء أجمعوا على جواز الفطر للمسن الذي لا يستطيع الصوم أو يشق عليه ذلك مشقة شديدة، وعُرف أنه لا خلاف بينهم في صحة صيامه مع تحمل المشقة، وأن ذلك يجزئه، ولكن هل الصوم أفضل له أم الفطر؟
لم أجد للعلماء في المذاهب الأربعة قولاً في هذه المسألة المتعلقة بالمسن خاصة -فيما اطلعت عليه- ولكنهم اختلفوا في الأفضلية بالنسبة للمريض والمسافر.
والمسن الذي يشق عليه الصيام يأخذ حكمهما بجامع المشقة والجهد؛ وعليه يمكن قياس مسألتنا على ما ذكروه فيهما، وقد اختلفوا في بيان الأفضلية بالنسبة للمسافر والمريض على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن الفطر أفضل، وإلى هذا ذهب الشافعية[34]، وهو قول الحنابلة مع كراهية الصوم[35].
القول الثاني: أن الصوم أفضل لهما، وإلى هذا ذهب الحنفية[36]، والمالكية[37].
القول الثالث: استواء الأمرين الفطر والصوم وإلى هذا ذهب بعض العلماء[38].
وهذا يقتضي أن يكون لهم في المسن هذه الأقوال الثلاثة بجامع أن الفطر في الحالات الثلاثة رخصة، وبجامع وجود المشقة فيهما كما سبق بيانه.
الأدلـة:
استدل أصحاب القول الأول بالأدلة الآتية :
1- قوله تعالى:{... يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ... } الآية[39].
وجه الاستدلال: أن الفطر أيسر فكان أفضل[40].
2- حديث ابن عمر -رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته»[41].
وجه الاستدلال: أن إتيان رخص الله تعالى مرغَّبٌ فيها، والفطر في حالة المرض من رخصه تعالى فكان أفضل[42].
3- أن الصوم مع المرض وتحمل المشقة فيه إضرار بالنفس، ولذا كان الفطر أفضل[43].
4- أن في صيام المريض مع جواز الفطر له وتحمل المشقة، ترك لتخفيف الله –تعالى- ورخصته، فكان الفطر أفضل[44].
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29-01-2020, 01:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أحكام صيام المسنين

أحكام صيام المسنين1-3


سعد بن عبد العزيز الحقباني




استدل أصحاب القول الثاني القائلون بأفضلية الصوم بالأدلة الآتية:
1- قوله تعالى: {... فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [45].
وجه الاستدلال: أن الله تعالى قال: { وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ }فبين أن الصيام خير لمن يقدر عليه دون مشقة[46].
ويمكن أن يناقش وجه الاستدلال: بأن الآية محمولة على أنها منسوخة، وأن هذا الحكم عام لمن يطيق الصيام؛ فهو مخير بين الصيام أو الفطر مع الفدية ثم نسخ الحكم، أو أنه محمول على عدم وجود المشقة المبيحة وهذا خارج النزاع إذ إن مسألتنا في المسن الذي شق عليه الصوم.
2- ما ثبت من حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه - قال: كنا نغزو مع رسول الله رضي الله عنه - في رمضان فمنا الصائم ومنا المفطر، فلا يجد الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم، يرون أن من وجد قوة فصام فإن ذلك حسن، ويرون أن من وجد ضعفاً فأفطر فإن ذلك حسن»[47].
وجه الاستدلال: قال النووي -رحمه الله تعالى-: «وهذا صريح في ترجيح مذهب الأكثرين، وهو تفضيل الصوم عن إطاقة بلا ضرر ولا مشقة ظاهرة»[48].
3- حديث أنس – رضي الله عنه - قال سئل رسول الله – صلى الله عليه وسلم - عن الصوم في السفر فقال: «من أفطر فرخصة ومن صام فالصوم أفضل»[49].
وجه الاستدلال: بأن الحديث دل على أن الأفضل الصيام لكونه عزيمة والفطر رخصة فالإتيان بالعزيمة أفضل من الرخصة[50].
ويمكن أن يناقش وجه الاستدلال: بأن الحديث ورد حال السفر، وأنه رُخِّصَ للمسافر الفطر والعلة في الفطر للمسافر هي: السفر وليست المشقة، ولذا استوى الأمران من حيث إباحة الفطر والصوم وترجح الصوم إما لكونه العزيمة أو لتحقق القوة وعدم الحاجة للفطر وهي المشقة، أما مسألتنا فهي الفطر للمسن لوجود المشقة فالعلة هي المشقة وقد وجد ذلك فكان الأفضل لـه الفطر لكونه الأيسر المباح لـه لما سبق من أدلة القول الأول كما أن المشقة إذا تحققت للمسافر فالفطر أفضل لما ثبت من أحاديث صحيحة نهى فيها النبي – صلى الله عليه وسلم - عن الصيام في السفر كقوله – صلى الله عليه وسلم - «ليس من البر الصوم في السفر»[51]، ولكن كل هذا ورد في السفر وليس في المريض وكبير السن.
4- أن المريض والمسافر إما أن يصوما في رمضان أو في غيره، ورمضان أفضل الوقتين فكان الصيام أفضل من الفطر[52].
5- أن الفطر بالنسبة للمريض والمسافر رخصة شرعت لرفع الحرج عنه، والصيام عزيمة والإتيان بالعزيمة أفضل من الرخصة فكان الصيام أفضل[53].
6- أن في الصوم إبراء للذمة، وبالفطر تبقى الذمة مشغولة[54].
ويمكن أن تناقش الأدلة العقلية بما يلي:
1- أما الدليل الأول فيسلم به حال العذر بالسفر أو المرض الموجب للقضاء عند الإقامة والشفاء أما مسألتنا فهي للمسن الذي سينتقل للبدل وهو الإطعام فلا قضاء عليه فهو في كل يوم يزداد مرضه وضعفه ولا يرجى شفاؤه في الغالب.
2- أما الدليل الثاني فلا يسلم به بل الاتيان بالرخصة عند تحقق موجبها أفضل لكون الصيام مع المشقة يلحق ضرراً بالمسن الضعيف.
3- أما الدليل الثالث فإن المسن إذا افطر لا تكون ذمته مشغولة إذا أطعم عن كل يوم مسكيناً.
واستدل أصحاب القول الثالث القائلون باستواء الأمرين بما ثبت من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن حمزة بن عمرو الأسلمي سأل رسول الله – صلى الله عليه وسلم - عن الصيام في السفر فقال: «إن شئت فصم وإن شئت فأفطر»[55].
وجه الاستدلال: أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - خيره بين الأمرين فدل على استوائهما[56].
ويمكن أن يناقش وجه الاستدلال بأن هذا التخيير إنما هو عند عدم وجود المشقة والعذر الظاهر المبيح للفطر أما إذا تحققت المشقة فالفطر أفضل.
الترجيح:
ولعل الراجح -والله تعالى أعلم- هو القول الأول القائل بأن الفطر أفضل لأنه الأيسر للمسن حال تحقق المشقة نظراً لقواعد الشريعة العامة ومقاصدها في التيسير ورفع الحرج وإذا كانت المشقة يتحملها المسن ولا تضره فالصيام في حقه أفضل لأدلة القول الثاني.
المطلب الرابع : مباشرة المسن لزوجته :
المقصود بمباشرة المسن لزوجته هنا مباشرته لها باللمس والضم والتقبيل ونحو ذلك من المباشرة فيما دون الفرج، ودون أن تحرك شهوته فتؤدي إلى الإنزال، كما أن المراد بالمسن هنا المسن الذي يملك إربه ولا يخشى على نفسه الوقوع في الجماع بسبب المباشرة، وأما المباشرة في الفرج، أو المباشرة الفاحشة التي تؤدي إلى الإنزال أو الوقوع في الجماع، فلا فرق فيها بين المسن والشاب فلا يدخل في موضوعنا هنا.
فما حكم مباشرة المسن لزوجته على ما ذُكر، وما حكم تقبيله لها، وما أثرهما على صومه؟
اختلف أهل العلم في المذاهب الأربعة في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: لا بأس بمباشرة المسن لزوجته وتقبيله لها، وإلى هذا ذهب الحنفية[57]، والشافعية مع قولهم «الأولى تركها»[58]، وهو قول الحنابلة على المذهب[59]، وهو قول ابن عباس، ومروي عن ابن عمر رضي الله عنهم[60].
القول الثاني: يكره للمسن مباشرة زوجته وتقبيلها، وإلى هذا ذهب المالكية[61]، والحنابلة في رواية[62].
الأدلـة:
استدل أصحاب القول الأول القائلون بالإباحة بالأدلة الآتية:
1- ما ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «كان النبي – صلى الله عليه وسلم - يُقبِّل ويباشر وهو صائم، وكان أملككم لإربه»[63].
وجه الاستدلال: أن النبي – صلى الله عليه وسلم - كان يُقبِّل لماَّ كان يملك إربه ويسيطر على نفسه، والشيخ الكبير في معناه لقلة شهوته[64].
2- حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - أن رجلاً سأل النبي – صلى الله عليه وسلم - عن المباشرة للصائم فرخص له، وأتاه آخر فسأله فنهاه، فإذا الذي رخص له شيخ، وإذا الذي نهاه شاب[65].
3- ما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: كُنَّا عند النبي – صلى الله عليه وسلم - ، فجاء شاب فقال: يا رسول الله، أُقبِّل وأنا صائم؟ قال: «لا» فجاء شيخ فقال: أقبل وأنا صائم؟ قال: «نعم» قال: فنظر بعضنا إلى بعض، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : «قد علمت لم نظر بعضكم إلى بعض، إن الشيخ يملك نفسه»[66].
وجه الاستدلال من الحديثين: أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - رخص للمسن بالقُبلة والمباشرة، فدل على أنه لا بأس بهما بالنسبة له.
ونوقش هذا الاستدلال بأن الحديثين ضعيفان[67].
ويجاب عن هذه المناقشة بأن الحديثين صالحان للاحتجاج بهما كما قرره بعض أهل العلم[68].
4- أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما سئل عن القبلة للصائم، فأرخص فيها للشيخ وكرهها للشاب[69].
5- أن رجلاً جاء إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أبا شر امرأتي وأنا صائم؟ فقال: لا، ثم جاءه آخر فقال أبا شر امرأتي وأنا صائم؟ قال: نعم، فقيل له يا أبا عبد الرحمن قلت لهذا نعم، وقلت لهذا لا؟ فقال: إن هذا شيخ وهذا شاب[70].
وجه الاستدلال: أن عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم رأيا إباحة القبلة والمباشرة للشيخ، فدل على أنه لا بأس بهما بالنسبة للمسن.
6- أن المسن الذي ضعفت شهوته يأمن على نفسه من الوقوع فيما ينقض الصوم فلا بأس بقبلته لزوجته وهو صائم[71].
7- أن مباشرة المسن في هذه الحالة مباشرة لغير شهوة، فأشبهت لمس اليد لحاجة، فلا بأس بها[72].
واستدل أصحاب القول الثاني القائلون بكراهية المباشرة والقبلة للمسن الصائم بالأدلة الآتية:
1- ما روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - أنه قال: «رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - في المنام، فرأيته لا ينظرني، فقلت: يا رسول الله ما شأني، فالتفت إليّ فقال: «ألست المقبل وأنت الصائم؟» فو الذي نفسي بيده لا أقبل وأنا صائم امرأة ما بقيت[73].
وجه الاستدلال من الأثر أن عمر – رضي الله عنه - قال لا أقبل وأنا صائم، فدل على كراهيته.
ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:
الأول: أن سند الأثر ضعيف ولا تقوم به الحجة، وهو مع ضعفه قد خالف ما هو أوثق ثبوتاً عن أمير المؤمنين عمر – رضي الله عنه - [74].
الثاني: أنه لا دلالة في الأثر، لأنه حكاية عن المنام، والأحكام لا تؤخذ من المنامات[75]. وقد روي عن عمر – رضي الله عنه - في اليقظة ما يخالف هذا، وهو أصح سنداً من هذه الرواية، وهو قوله: «هششت فقبلت وأنا صائم، فقلت: يا رسول الله صنعت اليوم أمراً عظيماً، قبلت، وأنا صائم، قال: «أرأيت لو مضمضت من الماء وأنت صائم»[76].
2- أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان ينهى عن القبلة للصائم[77].
3- ما روي عن ابن مسعود – رضي الله عنه - أنه قال في رجل يقبل وهو صائم: «يقضي يوماً مكانه»[78].
وقد ذكر هذان الأثران في معرض الاستدلال للقائلين بالكراهية[79]، وهما يقتضيان التحريم، ولكن يناقش أثر ابن عمر – رضي الله عنه - بأنه قد روي عنه خلافه كما سبق ذكره[80]، وأثر ابن مسعود – رضي الله عنه - نوقش من وجهين:
الأول: أنه قد روي عن ابن مسعود – رضي الله عنه - أنه ذهب إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يسألها عن حكم القبلة للصائم، فأخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - كان يقبل وهو صائم وكان أملككم لأربه[81]. وهذا يدل على أنه لم يكن عنده في ذلك شيء عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - حتى أخبرته عائشة رضي الله عنها بذلك، ويحتمل أن يكون هذا آخر الأمرين عن ابن مسعود – رضي الله عنه - [82]. فلا يصح إذاً الاستدلال بأثر بن مسعود – رضي الله عنه - إما لعدم ثبوته وإما لتغير رأيه.
الثاني: أن ما روي عن ابن مسعود – رضي الله عنه - مخالف لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم - ، ولا حجة في قول غيره – صلى الله عليه وسلم - في مخالفته، وهو كذلك مخالف لغيره من الصحابة رضي الله عنهم، وليس قوله حجة على غيره[83].
4- أن القبلة قد تؤدي إلى ما هو محرم للصائم وهو الجماع والإنزال فيفسد صومه فتكره لذلك[84].
ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال بأنه منتف في حق المسن الذي ضعفت شهوته.
أن الصوم عبادة تمنع الوطء، فاستوى في القبلة فيها من تحرك شهوته وغيره كالإحرام[85].
ويمكن أن يناقش بعدم التسليم، لوجود الفارق، وذلك لأن النهي عن الجماع ودواعيه في الإحرام مقصود لذاته، أما القبلة بالنسبة للصائم عند من يقول بالمنع لئلا تكون ذريعة إلى غيرها.
الترجيح:
ولعل الراجح – والله تعالى أعلم – هو القول بعدم كراهية القبلة والمباشرة بالنسبة للمسن الذي ضعفت شهوته لما يلي:
1 للإجماع بين أهل العلم أن القبلة بالنسبة للصائم لا تكره لذاتها، وإنما خشية أن تؤدي إلى ما يدعو إليه من الجماع والإنزال، قال ابن عبد البر -رحمه الله تعالى-: «وقد أجمع العلماء على أن من كره القبلة لم يكرهها لنفسها، وإنما كرهها خشية ما تحمل إليه من الإنزال...»[86].
وهذه العلة منتفية بالنسبة للمسن في هذه الحالة.
2 لقوة أدلة هذا القول، حيث إن لـه دليلاً من السنة الصحيحة وآثاراً مشهورة عن الصحابة رضي الله عنهم، ومن المعقول.
3 لضعف أدلة القول المخالف وورود المناقشة المؤثرة عليها.
بقلم الشيخ: سعد بن عبد العزيز الحقباني




[1] ينظر: المبسوط 3/100، والاختيار لتعليل المختار 1/135، وفتح القدير 2/350، والمدونة الكبرى 1/210، وبداية المجتهد 1/344، وعقد الجواهر الثمينة 1/367، والحاوي الكبير 3/332، والمجموع 6/258، والبيان
3/466، والمغني 4/395، والمحرر 1/228، وكشاف القناع 2/309.


[2] الإجماع ص / 47.

[3] الاستذكار 10/213.

[4] بداية المجتهد 1/351.

[5] سورة البقرة الآية رقم 286.

[6] سورة الحج الآية رقم 78.

[7] سورة البقرة الآية رقم 185.

[8] ينظر الاستدلال بها في: الاستذكار 10/217، وكشاف القناع 2/309.

[9] سورة البقرة الآية رقم 184.

[10] سورة النساء، الآية رقم 176.

[11] سورة الأنبياء، الآية رقم 31.

[12] ينظر: المبسوط 3/100، وفتح القدير 2/356، 357.

[13] ينظر: فتح الباري 8/28، 29.

[14] أخرجه البخاري في صحيحه كتاب التفسير، باب «أياماً معدودات فمن كان منكم مريضاً..» ص852 برقم 4505.

[15] ينظر: الاستذكار 10/8، وتفسير روح المعاني للألوسي 2/59.

[16] أخرجه البخاري معلقاً في كتاب التفسير باب «أياماً معدودات فمن كان منكم مريضاً أو على سفر...» قبل حديث رقم 4505 وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/72 برقم 12217. قال ابن عبد البر -رحمه الله تعالى-: «الخبر بذلك عن أنس صحيح متصل رواه حماد بن زيد، وحماد بن مسلمة، ومعمر بن راشد عن ثابت البناني» الاستذكار10/212، وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: «وروى عبد بن حميد من طريق النضر بن أنس عن أنس أنه أفطر في رمضان وكان قد كبر، فأطعم مسكيناً كل يوم، ورويناه في فوائد محمد بن هشام ابن ملاس عن مروان عن معاوية عن حميد قال: ضعف أنس عن الصوم عام توفي فسألت ابنه عمر بن أنس: أطاق الصوم؟ قال: لا، فلما عرف أنه لا يطيق القضاء أمر بجفان من خبز ولحم فأطعم العدة أو أكثر». فتح الباري 8/28.

[17] سبق تخريجه في ص497، الهامش رقم: 4.

[18] ينظر: فتح الباري 8/29.

[19] ينظر: الاستذكار 10/213.

[20] ينظر: مراتب الإجماع ص /40.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29-01-2020, 01:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أحكام صيام المسنين

[21] ينظر: بداية المجتهد 1/351.

[22] ينظر: الإجماع ص/47.

[23] ينظر: البحر الرائق 2/501.

[24] ينظر: المبسوط 3/100، والعناية 2/356، والحاوي الكبير 3/332، والمجموع 6/258، والاستذكار 10/83، وشرح الزركشي على مختصر الخرقي 2/613.

[25] المبسوط 3/100.

[26] المجموع 6/258.

[27] الاستذكار 10/83.

[28] بداية المجتهد 1/351.

[29] ينظر: المغني 4/404، وشرح الزركشي على مختصر الخرقي 2/613.

[30] المغني 4/404.

[31] ينظر: المبسوط 3/100، والعناية 2/356، والاستذكار 10/83 والمغني 4/404.

[32] ينظر: المغني 4/404.

[33] ينظر: المغني 4/404، والكافي لابن قدامة 2/225.

[34] ينظر: الحاوي 3/304، والمجموع 6/261.

[35] ينظر: المغني 4/404، وشرح الزركشي على مختصر الخرقي 2/613.

[36] فتح القدير 2/351، والبحر الرائق 2/494.

[37] ينظر: المدونة الكبرى 1/201، والاستذكار 10/79.

[38] ذكره ابن رشد في بداية المجتهد 1/345، ولم ينسبه إلى أحد.

[39] سورة البقرة الآية رقم 185.

[40] ينظر: المغني 4/408، ومعونة أولى النهي 3/32.

[41] أخرجه الإمام أحمد في مسنده 2/108 برقم: 5866 من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وابن خزيمة برقم 2027 ولفظه «كما يحب أن تترك معصيته»، وابن حبان برقم 6/451 برقم: 2742 ولفظه «كما يحب أن تؤتى عزائمه» 2/69 برقم: 354، وخرجه البيهقي في الكبرى: 3/140 برقم: 5199، والطبراني في الكبير: 10/84 برقم 10030، قال الهيثمي في مجمع الزوائد: «رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح والبزار والطبراني في الأوسط وإسناده حسن» 2/162، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه لمسند الإمام أحمد برقم 5866 و5873.

[42] ينظر: شرح الزركشي على مختصر الخرقي 2/613.

[43] ينظر: المغني 4/404، وشرح الزركشي على مختصر الخرقي 2/613.

[44] ينظر: المغني 4/404، وشرح الزركشي على مختصر بالخرقي 2/623.

[45] سورة البقرة الآية رقم 184.

[46] ينظر: الجامع لأحكام القرآن 2/290، وفتح القدير لابن الهمام 2/351.

[47] أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية: 433 برقم: 1116.

[48] صحيح مسلم بشرح النووي 4/250.

[49] أخرجه المقدسي: الأحاديث المختارة: 6/290 – 291 برقم: 2307، وقال: «إسناده صحيح»، وكنز العمال 8/505، قال الألباني –رحمه الله تعالى-: «الصواب في هذا الحديث الوقف وأنه شاذ ضعيف مرفوعاً، سلسلة الأحاديث الضعيفة برقم 932.

[50] ينظر: صحيح مسلم بشرح النووي 4/250، وإعلاء السنن 9/148، والحاوي الكبير 3/305، وفتح القدير 2/351.

[51] أخرجه البخاري: كتاب: الصوم، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن ظل عليه واشتد الحر: «ليس من البر الصوم في السفر»: 369 برقم: 1946، ومسلم: كتاب: الصيام، باب: جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية إذا كان سفره مرحلتين فأكثر: 432 برقم: 1115.

[52] ينظر: فتح القدير 2/351، والبحر الرائق 2/494.

[53] ينظر: فتح القدير 2/351، وبداية المجتهد 1/345.

[54] ينظر: المجموع 6/261.

[55] أخرجه البخاري: كتاب: الصوم، باب: الصوم في السفر والإفطار: 369 برقم: 1943، ومسلم في كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر ص434 ورقمه 1121.

[56] ينظر: بداية المجتهد 1/346.

[57] ينظر: المبسوط 3/58، والبناية 4/45، وحاشية ابن عابدين 2/459.

[58] ينظر: الحاوي الكبير 3/296، والمجموع 6/355، ومغني المحتاج 1/581.

[59] ينظر: المغني 4/362، والشرح الكبير 7/484، والإنصاف 7/483.

[60] ينظر: الموطأ للإمام مالك، باب ما جاء في التشديد في القبلة للصائم، والسنن الكبرى للبيهقي 4/232، سنن الترمذي ص140 عند حديث رقم 727، والاستذكار 10/62.

[61] ينظر: المدونة الكبرى 1/195، والاستذكار 10/62، والتفريع 1/307، مواهب الجليل شرح مختصر خليل3/332.

[62] ينظر: المغني 4/362، والشرح الكبير 7/484 و 485.

[63] أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب المباشرة للصائم ص365 ورقمه 1927 ومسلم في كتاب الصيام، باب بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته، ص427 برقم 1106.

[64] ينظر: المغني 4/362.

[65] أخرجه أبو داود في كتاب الصوم، باب كراهيته للشاب ص271، برقم 2387 والبيهقي في السنن الكبرى 4/231 برقم: 7872 و 4/232 برقم: 7873. وينظر الاستدلال به في المغني 4/362.

[66] أخرجه الإمام أحمد في مسنده برقم: 6739 و 2/220 برقم: 7054.

[67] قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: «وجاء فيه حديثان مرفوعان فيهما ضعف، أخرج أحدهما أبو داود من حديث أبي هريرة، والآخر أحمد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص» فتح الباري 4/178.

[68] قال النووي -رحمه الله تعالى- في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «رواه أبو داود بإسناد جيد ولم يضعفه، وأما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فقد ضعفه وقال: «رواه أحمد بن حنبل بإسناد ضعيف من رواية ابن لهيعة» المجموع 6/354 و 355. وقال العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: «وهذا الإسناد لا بأس به في الشواهد، رجاله ثقات غير ابن لهيعة فإنه سييء الحفظ، لكن لحديثه شواهد كنت ذكرتها قديماً في «التعليقات الجياد» يتقوى الحديث بها» السلسلة الصحيحة حديث رقم 1606.

[69] أخرجه الإمام مالك في الموطأ، كتاب الصيام، باب ما جاء في التشديد في القبلة للصائم 1/293 برقم: 648، وعبد الرزاق في مصنفه 4/185، ورقمه 7418 والبيهقي في السنن الكبرى 4/232 برقم: 1876. قال النووي -رحمه الله تعالى-: «رواه مالك والشافعي والبيهقي بأسانيدهم الصحيحة». المجموع 6/354.

[70] أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 2/317 برقم: 9434، والبيهقي مثله في السنن الكبرى 4/232 برقم: 7879.

[71] ينظر: البناية 4/45.

[72] ينظر: المغني 4/362.

[73] أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 4/232 برقم: 7881، والطحاوي في شرح معاني الآثار 2/147، ورقمه 3282 وابن أبي شيبة في مصنفه 6/180 برقم: 30504، والبزار في مسنده 1/229 برقم: 118.

[74] قال الطحاوي -رحمه الله تعالى-: «وأما حديث عمر بن حمزة، أي حكاية عمر رضي الله عنه عن المنام – فليس أيضاً كحديث بكير – وهو يخالفه عن عمر رضي الله عنه – الذي قد ذكرنا، لأن عمر بن حمزة ليس مثل بكير بن عبد الله في جلالته» شرح معاني الآثار 2/149. وقال ابن حزم -رحمه الله تعالى-، «عمر بن حمزة لا شيء» المحلى 6/208. وقال ابن حجر -رحمه الله تعالى-: «ضعيف» تقريب التهذيب 2/53.

[75] ينظر: شرح معاني الآثار 2/149، والمحلى 6/208.

[76] أخرجه أبو داود في كتاب الصوم، باب القبلة للصائم 271 برقم 2385 وابن أبي شيبة في مصنفه 2/315 برقم: 9406، والطحاوي في شرح معاني الآثار 2/148 ورقمه 3288، وابن حبان في صحيحه: 8/313 برقم: 3544، والدارمي: 2/22 برقم: 1724، والمقدسي: الأحاديث المختارة: 1/195 برقم: 99، وقال «إسناده صحيح»، والحاكم في المستدرك: 1/596 برقم: 1572، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين، وابن حبان في صحيحه: 8/313 برقم: 3544، وقد اختلف فيه، قال ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: «إلا أن أحمد ضعَّف هذا الحديث، وقال هذا ريح ليس من هذا شيء» المغني 4/361. وقال الطحاوي -رحمه الله تعالى-: «فهذا حديث صحيح الإسناد، معروف للرواة» شرح معاني الآثار 2/148، وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- «أخرجه أبو داود والنسائي من حديث عمر، قال النسائي منكر، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم». فتح الباري 4/181.

[77] أخرجه الإمام مالك في الموطأ 1/291 برقم: 648 وابن أبي شيبة في مصنفه 2/215 برقم: 9413، وعبد الرزاق في مصنفه 4/186، وصحح الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- إسناده. ينظر: فتح الباري 4/178.

[78] أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 4/186 ورقمه 7426 وابن أبي شيبة 2/315 برقم: 9412 والطحاوي في شرح معاني الآثار 2/147، ورقمه 3283.

[79] ينظر: الاستذكار 10/61 و 62.

[80] ينظر ص510 من البحث.

[81] أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 2/152 ورقمه 3314.

[82] ينظر: شرح معاني الآثار 2/152.

[83] ينظر: المحلى 6/208.

[84] ينظر: الاستذكار 10/62، والمغني 4/362.

[85] ينظر: المغني 4/362.

[86] الاستذكار 10/56 و 57.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29-01-2020, 01:37 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أحكام صيام المسنين

أحكام صيام المسنين (2-3)
سعد بن عبد العزيز الحقباني



أحكام صيام المسنين 2-3
المبحث الثاني :فدية إفطار المسن
وفيه سبعة مطالب:
المطلب الأول : حكم فدية إفطار المسن.
المطلب الثاني : نوع فدية إفطار المسن ومقدارها.
المطلب الثالث: وقت بذل الفدية.
المطلب الرابع : صفة بذل الفدية.
المطلب الخامس: ما يترتب على تأخير الفدية حتى دخول رمضان آخر.
المطلب السادس : الصيام عن المسن.
المطلب السابع : إعسار المسن عن دفع الفدية.
المطلب الأول : حكم فدية إفطار المسن :
إذا لم يستطع المسن الصوم، أو شق عليه ذلك مشقة شديدة، فأفطر؛ هل يجب عليه الفدية بدلاً عن الفطر أو لا شيء عليه؟
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: تجب الفدية على المسن الذي أفطر بسبب العجز عن الصوم، أو بسبب المشقة، وإلى هذا ذهب جماهير العلماء، الحنفية[1]، والشافعية على الصحيح من مذهبهم[2]، والحنابلة[3]، وبه قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وابن عباس، وأبو هريرة، وأنس بن مالك من الصحابة رضي الله عنهم، وهو قول سعيد بن جبير والثوري والأوزاعي وطاووس -رحمهم الله-[4].
القول الثاني: لا تجب الفدية على المسن الذي أفطر بسبب العجز عن الصوم، أو بسبب المشقة، وإلى هذا ذهب المالكية[5]، والشافعية في قول[6]، والظاهرية[7]، وهو قول مكحول، وربيعة، وأبي ثور، وابن المنذر -رحمهم الله-[8].
وقال المالكية باستحباب الفدية للمسن المفطر[9].
الأدلـة:
استدل أصحاب القول الأول القائلون بوجوب الفدية على المسن المفطر بأدلة من الكتاب والسنة والأثر والإجماع والمعقول:
أ- من الكتاب:
قولـه سبحانه وتعالى {.. فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [10].
وجه الاستدلال: أستدل بهذه الآية الكريمة على وجوب الفدية على المسن المفطر من ثلاثة أوجه:
الأول: ما ثبت من تفسير عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال إنها مخصوصة بالشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصيام فيجوز له الإفطار، ويفدي عن كل يوم مسكيناً.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: «ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً».
وبناء على هذا الوجه فقد فسرت الآية الكريمة على ثلاثة تفسيرات:
أ- على قراءة «يُطوَّقونه»[11] بفتح الطاء وتشديد الواو مبنياً للمفعول فخففت الطاء، من طوق بضم أوله على وزن قطع، أي يُكلَّفونه على مشقة فيه وهم لا يطيقونه لصعوبته فعليهم الإطعام[12].
وبناء على هذا فالشيخ الكبير إذا لحقته مشقة شديدة في الصيام يجوز له الفطر ويجب عليه إخراج الفدية.
ب- أن معنى الآية الكريمة على قراءة رسم المصحف «يطيقونه» أي يقدرون عليه مع تحمل المشقة، وذلك لأن الطاقة هي الإتيان بالشيء مع الشدة والمشقة، بخلاف الوسع فهو القدرة على الشيء على وجه السهولة[13].
ج- على تقدير حرف «لا» النافية، فيكون المعنى: وعلى الذين لا يطيقونه، فدية، وهذا له نظائر وردت في القرآن الكريم، كما في قولـه تعالى: {قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ } [14] أي: لا تفتأ تذكر يوسف[15].
وقوله تعالى: {... يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ ...} [16] أي: لئلا تضلوا[17].
وقد نوقش هذا الوجه من الاستدلال بأن الآية الكريمة منسوخة، وقد ثبت القول بالنسخ عن عدد من الصحابة ومنهم عبد الله بن عمر، وسلمة بن الأكوع[18]، وعليه فلا يصح الاستدلال بأية منسوخة[19].
وأجيب بأن النسخ عند المتقدمين من الصحابة وغيرهم أعم مما اصطلح عليه المتأخرون، فالنسخ عند المتقدمين قد يكون بمعنى التخصيص، وعليه فالمراد بالنسخ على قول ابن عمر وسلمة بن الأكوع -رضي الله عنهم- تخصيص الآية على المسنين ومن في حكمهم ممن لا يطيقون الصيام، أو يطيقونه بمشقة شديدة جمعاً بين الأدلة[20].
قال العلامة ابن القيم -رحمه الله تعالى-: «ومراد عامة السلف بالناسخ والمنسوخ رفع الحكم بجملته تارة وهو اصطلاح المتأخرين، ورفع دلالة العام والمطلق والظاهر وغيرها تارة، إما بتخصيص أو تقييد أو حمل مطلق على مقيد وتفسيره وتبيينه»[21].
الثاني: أن المراد بالذين «يطيقونه» هم من كانوا يطيقون الصوم في شبابهم من المسنين، ثم عجزوا عنه لما كبروا فعليهم الإطعام عن ذلك[22].
الثالث: أن الله تعالى جعل الفدية في هذه الآية الكريمة معادلة للصوم في أول الأمر لماَّ كان الناس مخيرين بين الصوم والفدية، فلما تعذر أحد البدلين ثبت الآخر، أي لما تعذر الصوم ثبتت الفدية، وذلك لأن الله –تعالى- لما جعل الفدية عديلاً للصوم في مقام التخيير،دل ذلك على أنها تكون بدلاً عنه في حالة تعذر الصوم، وذلك لمَّا يكون المكلف لا يستطيع الصوم كالمسن ومن في حكمه[23].
ب- من السنة:
1- ما سبق ذكره من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال إن الآية الكريمة ليست بمنسوخة وأنها خاصة بالشيخ الكبير والشيخة العجوز لا يقدران على الصيام فيفطران ويطعمان عن كل يوم مسكيناً.
2-حديث معاذ بن جبل – رضى الله عنه - قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة فصام يوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر، ثم إن الله عز وجل فرض شهر رمضان فأنزل الله تعالى ذكره: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ... } حتى بلغ {... وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ...} فكان من شاء صام، ومن شاء أفطر وأطعم مسكيناً، ثم إن الله -عز وجل- أوجب الصيام على الصحيح المقيم، وثبت الإطعام للكبير الذي لايستطيع الصوم، فأنزل الله عز وجل: {... فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ... }[24].
وجه الاستدلال من هذين الحديثين أنهما يفيدان ثبوت حكم الفطر وجوب الفدية على المسن الذي لا يستطيع الصوم[25].
ونوقش هذا الاستدلال بأنه قد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما خلاف ذلك وأن الآية منسوخة، وثبت عن غيره من الصحابة أن الآية منسوخة[26].
ويمكن أن يجاب عن هذه المناقشة بأن المراد بقول الصحابة أن الآية منسوخة أي أنها مخصوصة[27]، وهذا لا ينفي ما ثبت من حكمها في حق المسن العاجز ومن في حكمه كما إن الثابت المشهور عن بن مسعود أن الآية غير منسوخة كما سبق بيانه. وبغض النظر عن كون الآية منسوخة أو محكمة، فإن هذين الحديثين يثبتان حكم الفدية على المسن المفطر، إما بدلالة الآية عليه واستدلال ابن عباس ومعاذ رضي الله عنهم بها، أو بثبوت ذلك كحكم مستقل ثابت بالسنة، وذلك لأن ما قالاه له حكم الرفع، إذ لا يمكن أن يقولا مثل ذلك برأيهما.
ج- من الأثر:
ما ثبت عن أنس بن مالك – رضي الله عنه - أنه لما كبر ولم يستطع الصوم فأفطر أطعم عن كل يوم مسكيناً[28].
وجه الاستدلال: أن عمل أنس – رضي الله عنه - مع ما روي عن غيره من الصحابة كعلي وعبدالله بن عمر وابن عباس من القول بذلك يدل على وجوب الفدية على المفطر المسن، ولاسيما وأن ذلك كان بمحضر من الصحابة ولم يعرف لهم مخالف[29].
ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:
الأول: أن أنس بن مالك – رضي الله عنه - قد خالفه غيره من الصحابة، وابن عباس -رضي الله عنهما- قد روي عنه خلاف ذلك وأن الآية الكريمة منسوخة مع ما ثبت القول بذلك عن سلمة بن الأكوع وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهم-، وعليه فلا يصح دعوى الإجماع مع وجود هؤلاء المخالفين، ثم إن قول بعض الصحابة ليس بحجة على الآخرين منهم، فلا يصح الاستدلال[30].
ويمكن أن يجابعن هذه المناقشة بأن القول بعدم وجوب الفدية على المسن العاجز عن الصوم لم يثبت عن هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم، والثابت عن عبد الله بن عمر وسلمة بن الأكوع أنهما قالا أن الآية الكريمة منسوخة، والقول بنسخ الآية لا يعني بالضرورة عدم وجوب الفدية على المسن المفطر، وذلك لاحتمال أن يكون المراد بالنسخ التخصيص، فالأولى المصير إلى ذلك جمعاً بين الأدلة، ولثبوت وجوب الفدية بالسنة كحكم مستقل، بغض النظر عن كون الآية محكمة أم منسوخة. كما إن الثابت المشهور عن بن عباس أن الآية غير منسوخة.
الثاني: أنه يحتمل أن يكون قد فعل أنس – رضي الله عنه - ذلك استحباباً لا وجوباً[31].
ويجاب عن هذه المناقشة بأن الأقرب الوجوب، ويعضد ذلك ما سبق من الأدلة.
د- من الإجماع:
أن وجوب الفدية على المسن المفطر ثابت عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم قولاً وفعلاً، ولم يعرف لهم مخالف منهم فكان إجماعاً لا يسع مخالفته[32].
قال أبوبكر الجصاص -رحمه الله تعالى-: «وقد ذكرنا قول السلف في الشيخ الكبير وإيجاب الفدية عليه في الحال من غير خلاف أحد من نظرائهم، فصار إجماعاً لا يسع خلافه»[33].
وقال الكاساني -رحمه الله تعالى-: «وما قاله مالك خلاف إجماع السلف، فإن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوجبوا الفدية على الشيخ الفاني»[34].
وقال الماوردي -رحمه الله تعالى-:«ويدل على ما ذكرناه -أي من وجوب الفدية- إجماع الصحابة، وهو ما روي عن علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر وابن عباس رضي الله عنهم أنهم قالوا: الهِمُّ[35] عليه الفدية إذا أفطر، وليس لهم في الصحابة مخالف»[36].
ونوقش هذا الاستدلال بأنه لا يصح دعوى الإجماع؛ وذلك لوجود الخلاف بين الصحابة ولما ثبت من بعضهم من القول بنسخ الآية الموجبة للفدية كما ثبت ذلك عن سلمة بن الأكوع وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم، ولما ثبت من الخلاف في ذلك بين كبار الأئمة، فلا يصح دعوى الإجماع مع وجود هذا الخلاف[37].
قال العلامة ابن عبد البر -رحمه الله تعالى-: «وأما الفدية فلم تجب بكتاب مجتمع على تأويله ولا سنة يفقهها من تجب الحجة بفقهه، ولا إجماع في ذلك عن الصحابة، ولا عن من بعدهم»[38].
ويمكن أن يجاب عن هذه المناقشة بأن وجود الخلاف بين الصحابة رضي الله عنهم في ذلك ليس صريحاً، والخلاف بينهم إنما هو في كون الآية الكريمة الموجبة للفدية منسوخة أم محكمة، ولا تلازم بين القول بنسخ الآية والقول بوجوب الفدية على المسن المفطر، ولعل هذا يفسر وجود قولين عن بعض الصحابة كابن عمر رضي الله عنهما، قول بنسخ الآية وفسر على أنه قول بعدم وجوب الفدية، وقول بوجوبها.
هـ- من المعقول:
1- أن الصوم لما فات المسن العاجز مست الحاجة إلى الجابر، وقد تعذر جبره بالقضاء لعدم قدرته، فجعلت الفدية مثلاً للصوم شرعاً في هذه الحالة للضرورة، كما تجعل القيمة مثلاً في ضمان المتلفات بجامع تعذر الإتيان بالمثل في الحالتين[39].
2- أنه صوم واجب فجاز أن يسقط إلى بدل وهو الإطعام كما يسقط الصوم بالإطعام في كفارة الظهار[40].
3- ولأن أداء الصوم واجب فجاز أن يسقط إلى الكفارة كالقضاء[41].
واستدل أصحاب القول الثاني القائلون بعدم وجوب الفدية على المسن المفطر للعجز أو المشقة الشديدة بأدلة من السنة والمعقول:
أ- من السنة:
1- ما ثبت من حديث عبد الله بن عمر – رضي الله عنه - أنه قرأ «فدية طعام مساكين» قال: هي منسوخة[42].
2- ما ثبت من حديث سلمة بن الأكوع – رضي الله عنه - قال: ولما نزلت: {... وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ...} كان من أراد أن يفطر ويفتدي، حتى نزلت الآية التي نزلت بعدها فنسختها[43].
وجه الاستدلال من الحديثين: أن الفدية كانت حكماً خاصاً لمن كان يفطر ولا يصوم، ونسخ، فلا يجب على الشيخ المسن الذي يجوز له الفطر شيء بثبوت نسخ الآية المثبتة للفدية[44].
ونوقش هذا الاستدلالبأنه قد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما بأن الآية غير منسوخة بل هي خاصة بالشيخ الكبير الذي يعجز عن الصوم، وعليه فيحمل قول ابن عمر وسلمة بن الأكوع رضي الله عنهم على التخصيص، حيث يطلق على التخصيص نسخ في اصطلاح المتقدمين، جمعاً بين الأدلة[45]، والحق أنه لا تلازم بين القول بنسخ هذه الآية الكريمة والقول بعدم وجوب الفدية لثبوت الفدية بأدلة أخرى وعدم التسليم بالنسخ الكامل الذي يعني رفع الحكم من كل وجه.
ب- من المعقول:
1- أن المسن المفطر معذور فلا تجب عليه الفدية لعجزه عن ذلك كالمسافر والمريض، ولا قضاء عليه لأنه لا يتمكن من القضاء لعجزه المستمر[46].
ويمكن أن يجاب عنه بأن هناك حكماً ثالثاً وهو الفدية، فيجب الأخذ به، لأن الفدية بدل عن الصيام، ولا يصح قياس المسن العاجز على المسافر والمريض، لأنه قياس مع النص فلا يصح.
2- أن المسن في هذه الحالة عاجز عن الصيام، والله –تعالى- لم يوجب الصيام على من لا يطيقه، لأنه لم يوجب فرضاً إلا على من أطاقه، والعاجز عن الصوم كالعاجز عن القيام في الصلاة، فلا يجب عليه شيء لأن الله -تعالى- لم يوجب عليه شيئاً[47].
3- أن الفدية لم تجب بكتاب مجتمع على تأويله، ولا سنة يفقهها من تجب الحجة بفقهه، ولا إجماع في ذلك عن الصحابة، ولا عن من بعدهم، والفرائض لا تجب إلا من هذه الوجوه وذمة المسن بريئة فلا تجب عليه الفدية[48].
4- أن مال المسن في هذه الحالة حرام ولا يجوز إيجاب شيء عليه ما لم يوجبه الله ورسوله، ولا يوجد دليل على وجوب الفدية عليه فلا تجب[49].
ويمكن أن تناقش هذه الأدلة بأنها في حقيقتها مطالبة بالدليل، وقد ذكر أصحاب القول الأول الأدلة على ذلك من الكتاب، والسنة، والأثر، والمعقول، والإجماع، فيجب الأخذ بها والمصير إليها.
واستدل المالكية لقولهم باستحباب الفدية للمسن المفطر بما سبق ذكره من أثر أنس – رضي الله عنه - وحملوه على الاستحباب[50].
الترجيح:
والراجح – والله تعالى أعلم – هو القول بوجوب الفدية على المسن المفطر الذي أفطر بسبب العجز عن الصوم أو بسبب المشقة الشديدة، وذلك لما يلي:
1- لقوة أدلة هذا القول وسلامتها من المناقشة المؤثرة عليها.
2- لضعف أدلة القول المخالف، وهي في جملتها مطالبة بالدليل وقد ذكر أصحاب القول الأول الأدلة على الوجوب فيجب الأخذ بها.
3- أن القول بعدم وجوب الفدية مبني على القول بنسخ الآية الموجبة للفدية، ولا تلازم بين القول بالنسخ وبعدم وجوب الفدية، لثبوتها بالسنة الصحيحة.
4- أن في هذا القول جمعاً بين الأدلة، وذلك لأن القائلين بعدم وجوب الفدية بنوا قولهم على قول ابن عمر وسلمة بن الاكوع رضي الله عنهم بنسخ الآية، وهذا يتعارض مع قول ابن عباس -رضي الله عنهما- الصريح بعدم النسخ وتخصيص الآية بالمسن المفطر ومن في حكمه، وإذا كان الأمر كذلك، فلا يبقى إلا الجمع وحمل القول بالنسخ على التخصيص كما هو مصطلح المتقدمين.
5- أنه على فرض التسليم بوجود الخلاف بين الصحابة في نسخ الآية من عدمه فلا يقدم أحد القولين على الآخر إلا بمرجح، وقد ترجح عدم النسخ، وهو قول ابن عباس للأدلة الأخرى الموجبة للفدية كما تقدم، كما أن القول بعدم النسخ هو قول أكثر أهل العلم.

المطلب الثاني : نوع فدية إفطار المسن ومقدارها :
ما مقدار فدية المسن؟ وما نوعها؟ وهل يشترط فيها أنواع معينة من الطعام أو يجزئ فيها قوت أهل البلد أيا كان نوعه؟
اختلف العلماء في المذاهب الأربعة في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن فدية إفطار المسن مُدٌّ[51] من طعام عن كل يوم إفطار، سواء كان الطعام براً أم شعيراً أم تمراً، أم غيرها من أقوات بلد المسن المفطر، وإلى هذا ذهب المالكية[52]، والشافعية[53]، وهو قول طاووس، وسعيد ابن جبير، والثوري، والأوزاعي -رحمهم الله تعالى[54].
القول الثاني: أن فدية إفطار المسن مد من البر أو نصف صاع[55] من التمر أو الزبيب أو الشعير، وإلى هذا ذهب الحنابلة[56].
القول الثالث: أن فدية إفطار المسن نصف صاع من البر أو صاع من الشعير أو التمر، وإلى هذا ذهب الحنفية[57].
الأدلـة:
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 29-01-2020, 01:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أحكام صيام المسنين


استدل أصحاب القول الأول القائلون بأن مقدارها مد من الطعام بدليلين من الأثر:
أ- من الأثر:
1- ما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال في فدية إفطار المسن: إنها مد من البر[58].
2- ما روي عن أبي هريرة – رضي الله عنه - أنه قال: «المسن المفطر يصدق عن كل يوم بمد»[59].
وجه الاستدلال من الأثرين أنهما حددا فدية إفطار المسن بالمد من البر كما هو أثر ابن عباس أو مد من غير تحديد النوع فيشمل أنواع الطعام كما هو أثر أبي هريرة، فدل أن ذلك قدره من جميع الأطعمة.
ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال بأنه قد صح عن ابن عباس -رضي الله عنهما- بأن قدر الفدية نصف صاع أو مدان من الطعام[60]، وهذا يتعارض مع تحديد مقدار الفدية بمد من الطعام.
واستدل أصحاب القول الثاني القائلون بأن قدرها مد من بر أو نصف صاع من التمر أو الزبيب أو الشعير بدليل من المعقول: وهو أن كفارة الجماع في نهار رمضان مد من بر أو نصف صاع من غيره فيقاس عليه فدية المسن بجامع أن كلاً منهما جابر للنقص[61].
وقد فرق الحنابلة بين البر وغيره من الأطعمة في الفدية والكفارات، لأن مد البر يقوم مقام نصف صاع من غيره[62].
واستدل أصحاب القول الثالث القائلون بأنها نصف صاع من البر أو صاع من غيره من الأطعمة أيضاً بدليل من المعقول: وهو أن صدقة الفطر نصف صاع من البر أو صاع من التمر أو شعير فيقاس عليه فدية المسن بجامع أن كل واحد منهما طعام واجب[63].
ويمكن أن تناقش هذه الأدلة بعدم التسليم؛ لأنها قياس على مسائل مختلف فيها بين المذاهب، فهي لا تصلح دليلاً مسلماً به للقياس عند المخالفين.
الترجيح:
ولعل الراجح – والله تعالى أعلم – هو أن مقدار فدية إفطار المسن نصف صاع من البر أو ما يعادله من الأطعمة الأخرى من أقوات بلد المسن المفطر، وذلك لما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في ذلك: «هو الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصيام فيفطر ويطعم عن كل يوم نصف صاع من حنطة»[64].
وفي رواية أخرى: «إذا عجز الشيخ الكبير عن الصيام أطعم عن كل يوم مداً مداً»[65].
أي: مدان، وهو نصف صاع[66]. ففي الأثر الأول نص على الحنطة وفي الثاني اطلق وذكر مدين.
وهذا الأثر – والله أعلم – له حكم الرفع، وذلك لأن ابن عباس رضي الله عنهما قاله في حكم الآية هل هي منسوخة أو محكمة، وهو كذلك تفسير حبر الأمة وأعلم الناس بتفسير كتاب الله بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فهو حجة في هذه المسألة وفي حكم النص، وأما ما استدل به أصحاب الأقوال الأخرى فهو في الغالب قياس على أحكام الكفارات في مواضع أخرى، ولا قياس مع النص.
أحكام صيام المسنين (2-3)
سعد بن عبد العزيز الحقباني

















المطلب الثالث : وقت بذل الفدية :







ما وقت بذل فدية إفطار المسن؟ هل تبذل فدية كل يوم بيومه؟ أو تبذل في نهاية الشهر جملة واحدة، وهل تبذل جملة واحدة في بدايته؟ وما الحكم إذا أخرها إلى ما بعد خروج شهر رمضان؟ وهل يصح تقديمها على دخول شهر رمضان؟ وبيان هذا في المسائل الآتية:







المسألة الأولى: حكم إخراج الفدية جملة واحدة في نهاية الشهر أو إخراج فدية كل يوم بيومه.







المسالة الثانية: تقديم الفدية على دخول شهر رمضان.







المسألة الثالثة: تقديم الفدية جملة واحدة عن جميع رمضان في بدايته وتقديم فدية كل يوم بيومه.







المسألة الرابعة: تأخيرالفدية إلى ما بعد رمضان.







المسألة الأولى : حكم إخراج الفدية جملة واحدة في نهاية الشهر أو إخراج فدية كل يوم بيومه :







يمكن القول أنه لا خلاف بين أصحاب المذاهب الثلاثة القائلين بوجوب فدية الإفطار على المسن في أنه بالخيار بين أن يخرج فدية كل يوم بيومه أو يخرجها جملة واحدة في نهاية الشهر.







وذلك لأن الحنفية صرحوا بهذا[67].







قال ابن عابدين -رحمه الله تعالى-: «وللشيخ الفاني.. العاجز عن الصوم الفطر، ويفدي وجوباً ولو في أول الشهر، أي يخير بين دفعها في أوله أو آخره»[68].







وهو مذهب الشافعية، لأنهم صرحوا بجواز إخراج فدية كل يوم بيومه[69]، وبأنه لا شيء على المسن حتى لو أخر الفدية عن السنة الأولى[70].







قال النووي -رحمه الله تعالى-: «اتفق أصحابنا على أنه لا يجوز للشيخ الكبير العاجز تعجيل الفدية قبل دخول رمضان، ويجوز بعد طلوع فجر كل يوم»[71].







وقال الشربيني -رحمه الله تعالى-: «ولا شيء على الهرم ولا الزمن ولا من اشتدت مشقة الصوم عليه لتأخير الفدية إذا أخروها عن السنة الأولى»[72].







ومفهوم هذا النص أنه إذا أخرها حتى نهاية الشهر جاز له، فيجوز دفعها في نهاية الشهر.







وهو مفهوم كلام الحنابلة.







قال المرداوي -رحمه الله تعالى-: «يجوز صرف الإطعام إلى مسكين واحد جملة واحدة بلا نزاع، قال في «الفروع» وظاهر كلامهم إخراج الإطعام على الفور لوجوبه، قال: وهذا أقيس. انتهى. قلت فقد تقدم في أول باب إخراج الزكاة، أن المنصوص عن الإمام أحمد لزوم إخراج النذر المطلق والكفارة على الفور، وهذا كفارة»[73].







فهذا تصريح بجواز دفع الفدية جملة لفقير واحد، وأنها تجب على الفور، ويفهم من هذا أن معنى الفورية عندهم هو أن تدفع خلال الشهر أو في نهايته؛ إذ لو كان معنى الفورية عندهم دفع فدية كل يوم بيومه لم يجز دفعها جملة واحدة لفقير واحد، ولا يقال إن مفهوم الفورية عندهم دفعها جملة واحدة في بداية الشهر؛ وذلك لأنهم عللو الفورية بأنها فدية واجبة، ولا تجب فدية كل يوم إلا بعد إفطاره، فلا يبقى إلا أن يقال إن رمضان بجملته ظرف واحد لتحقق الفورية عندهم.







ويدل لمحل اتفاق المذاهب الثلاثة ما صح عن أنس بن مالك – رضي الله عنه - أنه لما كبر وعجز عن الصيام صنع طعاماً من خبز ولحم وجمع مساكين وأطعمهم[74].















المسألة الثانية : تقديم الفدية على دخول شهر رمضان :







يمكن القول أنه لا خلاف بين العلماء القائلين بوجوب الفدية على المسن المفطر أنه لا يصح تقديمها على دخول رمضان، وذلك لأن الشافعية نصوا على هذا[75]، وهو مفهوم قول الحنفية، ومقتضى مذهب الحنابلة وقياسه.







قال النووي -رحمه الله تعالى-: «اتفق أصحابنا على أنه لا يجوز للشيخ الكبير العاجز تعجيل الفدية قبل دخول رمضان»[76].







وهو مفهوم مذهب الحنفية؛ لأنهم يرون أن وقت دفع الفدية شهر رمضان الذي يعجز المسن عن صيامه[77].







قال ابن نجيم -رحمه الله تعالى-: «... إن شاء أعطى الفدية في أول رمضان بمرة، وإن شاء في آخره بمرة»[78].







وهو أيضاً مقتضى مذهب الحنابلة، وقياس قولهم في كفارة الظهار[79].







وأما أنه مقتضى مذهبهم؛ فلأنهم يرون أن الفدية بدل عن الصوم[80]، ولاشك أن الصيام قبل دخول رمضان لا يجزيء عنه، فكذلك لا يجزئ أداء بدله قبل دخوله، لأن البدل له حكم المبدل.







قال العلامة ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: «ووقته – أي الإطعام – بالخيار إن شاء فدى عن كل يوم بيومه، وإن شاء أخر إلى آخر يوم لفعل أنس – رضي الله عنه - وهل يقدم قبل ذلك؟ لا يقدم؛ لأن تقديم الفدية كتقديم الصوم، فهل يجزئ أن تقدم الصوم في شعبان؟ الجواب: لا يجزئ»[81]. وهو قياس قولهم في كفارة الظهار؛ لأنهم يرون عدم صحة تقديم كفارة الظهار عليه[82].







قال ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: «ولا يجوز تقديم كفارة الظهار قبله؛ لأن الحكم لا يجوز تقديمه على سببه»[83].

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29-01-2020, 01:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أحكام صيام المسنين






فإذا كان لا يجوز عندهم تقديم كفارة الظهار عليه فلا يجوز تقديم فدية إفطار المسن على دخول رمضان، بجامع أن كل واحد منهما كفارة.







قال المرداوي -رحمه الله تعالى في معرض بيانه لوقت الإطعام في فدية إفطار المسن -: «... أن المنصوص عن الإمام أحمد لزوم إخراج النذر المطلق والكفارة على الفور، وهذا كفارة»[84]. أي: الإطعام عن فدية إفطار المسن كفارة.







ويدل لمحل اتفاقهم هذا بما يلي:







1- أن تقديم الفدية على دخول شهر رمضان تقديم لها على سبب وجوبه فلم يصح[85].







2- أنه لا يصح تقديم أداء الفدية على دخول رمضان، كما لا يصح الصيام عن رمضان قبل دخوله[86].







المسألة الثالثة : تقديم الفدية جملة واحدة عن جميع رمضان في بدايته وتقديم فدية كل يوم قبل طلوع فجره :







اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:







القول الأول: لا يصح تقديم فدية إفطار المسن على سبب وجوبها، أي لا يصح إخراجها في بداية رمضان جملة واحدة، وكذلك لا يصح تقديمها قبل طلوع الفجر من اليوم الذي يريد أن يفطره، وإلى هذا ذهب الشافعية في قول[87].







وهو قياس مذهب الحنابلة في كفارة الظهار، وذلك لأنهم يرون عدم صحة تقديم كفارته عليه[88]، والفدية تعتبر كفارة عندهم[89].







القول الثاني: التفريق بين تقديم فدية اليوم قبل طلوع فجره وبين تقديم فدية شهر رمضان بكامله وإخراجها في بداية الشهر جملة فيجوز الأول ولا يجوز الثاني، وهذا قول عند الشافعية[90].







القول الثالث: صحة تقديم فدية كل يوم عليه، أو أن تدفع جملة واحدة في بداية الشهر، وإلى هذا ذهب الحنفية[91].







الأدلـة:







لم يذكر الشافعية لقولهم بعدم صحة تقديم الفدية على الفطر دليلاً فيما اطلعت عليه، وأما الحنابلة فاستدلوا لقولهم بالقياس على عدم صحة تقديم كفارة الظهار[92].







ويمكن أن يستدل لهذا القول أيضاً بما يلي:







1- أنه لا يجزئ تقديم فدية كل يوم على فطره بعد دخول رمضان، كما لا يجزئ تقديم الفدية قبل دخول رمضان بجامع أن التقديم في كل من الحالتين تقديم على سببه، إذ إن سبب وجوب صوم رمضان دخول الشهر، وسبب وجوب الفدية العجز عن الصوم.







2- أن وجوب الفدية على المسن وإجزاءها عنه مشروط باستمرار موجب الفطر، وهو العجز عن الصيام أو مشقته على المسن، والمسن يحتمل أن يقدر على الصيام في بعض أيام الشهر إذ إن عجزه نتيجة ضعف بدني للكبر ومثل هذا قد ينشط أحياناً والواقع يشهد لذلك، فلا يصح إخراج الفدية مع احتمال فوات شرط إجزائه، وهو استمرار العجز.







واستدل أصحاب القول الثاني لقولهم بجواز تقديم فدية اليوم قبل طلوع فجره بالقياس على إخراج الزكاة قبل وقته[93] ولم أجد دليلاً -فيما اطلعت- لقولهم بعدم تقديم فدية الشهر جملة، ولعلهم يرون أن ذلك تقديم للحكم قبل سببه كما استدل به أصحاب القول الأول.







ويمكن أن يناقش استدلالهم بالقياس على تعجيل الزكاة بوجود الفرق بين الزكاة وبين الفدية، وذلك لأن الزكاة تخرج عن مال موجود، وأما الفدية إذا أخرجت قبل الفطر كانت عن شيء غير موجود وهو الفطر فلا يصح.







وأما أصحاب القول الثالث القائلون بصحة إخراجها عن كل يوم قبل طلوع فجره، وعن شهر رمضان جملة واحدة في بدايته فلم أجد لهم دليلاً لقولهم –فيما اطلعت عليه-، ولعلهم يرون ذلك قياساً على جواز تعجيل صدقة الفطر قبل يوم الفطر وعلى جواز إخراجها في بداية الشهر عندهم، بجامع أن كلاً منهما حق مالي[94]، وذلك لأنهم يقيسون هذه الفدية في غالب أحكامها على صدقة الفطر[95].







ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال بأن هناك فرقاً بين التعجيلين – على فرض التسليم بجواز تعجيل صدقة الفطر في بداية رمضان – وذلك لأن تعجيل صدقة الفطر على يوم الفطر ليس من باب تعجيل الحكم على سببه، وذلك لأن دخول يوم الفطر ليس سبباً لوجوب صدقة الفطر عند الحنفية، بل السبب عندهم وجود من تلزمه الزكاة سواء لنفسه أو لمن تلزمه مؤنته[96]، فهو عندهم من باب تعجيل الزكاة بعد إكمال النصاب وقبل حولان الحول، وأما تعجيل الفدية في هذه الحالة فهي من باب تعجيل الحكم على سببه فلا يصح.















الترجيح:







ولعل الراجح – والله تعالى أعلم – هو القول الأول، وهو عدم صحة تقديم الفدية على الفطر مطلقاً، سواء كان ذلك تقديماً للفدية قبل طلوع فجر يومها، أو تقديمها في بداية رمضان جملة واحدة؛ لما يلي:







1- أن مقتضى القول المخالف هو تقديم الحكم على سبب وجوبه فلا يصح.







2- أن الفدية لا تجب إلا بالفطر، بدليل أن المسن لو تحمل المشقة وصام، لا تجب عليه الفدية عند الجميع، فلا يصح تقديم الفدية قبل وجوبها.







3- أن صحة إخراج الفدية وإجزاءها عن الصوم مشروط بالعجز عنه فمن يخرج الفدية في بداية الشهر جملة واحدة لا يعلم أنه يظل عاجزاً إلى نهايته فلا يصح.















المسألة الرابعة : تأخير الفدية إلى ما بعد رمضان :







ما حكم تأخير المسن فدية إفطاره إلى ما بعد رمضان.







لأهل العلم في هذه المسألة قولان:







القول الأول: أن الفدية تجب على الفور، وعليه يجب إخراجها خلال شهر رمضان، ولا يجوز تأخيرها عن ذلك، وهذا ظاهر مذهب الحنابلة[97]، وهو مفهوم قول الحنفية؛ حيث إنهم حددوا وقت إخراجها بشهر رمضان[98].







قال ابن عابدين -رحمه الله تعالى-: «يخير بين دفعها في أولـه أو آخره»[99]. ومفهوم هذا أنه لا خيار له في دفعها بعد نهاية الشهر.







القول الثاني: أن الفدية تجب على التراخي، وعليه فلا بأس بتأخيرها إلى رمضان آخر، وإلى هذا ذهب الشافعية[100].







الأدلـة:







استدل أصحاب القول الأول بدليلين عقليين:







1- أنها حق واجب، فوجب إخراجها على الفور[101]، وذلك يتأتى إذا أخرجها خلال شهر رمضان.







2- أن فدية إفطار المسن كفارة من الكفارات، فوجب إخراجها على الفور كبقية الكفارات[102].







واستدل أصحاب القول الثاني بأن المسن لا قضاء عليه، فلا شيء في تأخير الفدية عليه[103].







ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال بأنه لا مناسبة بين عدم وجوب القضاء وجواز تأخير الفدية، فلا يفيد الدليل حكماً.







الترجيح:







ولعل الراجح – والله تعالى أعلم – هو القول بوجوب أدائها خلال شهر رمضان؛ وذلك لأن الأمر المطلق يفيد الوجوب على الفور لا على التراخي[104]، ولأن في هذا براءة لذمة المسن.







المطلب الرابع: صفة بذل الفدية :







سبق بيان مقدار الطعام الواجب إخراجه في فدية إفطار المسن، فما صفة إخراجه من حيث كونه مطبوخاً أو غير مطبوخ؟ ومن حيث عدد الوجبات هل هي واحدة أو أكثر؟







اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:







القول الأول: أن إخراج الفدية يكون بطعام غير مطبوخ كما يجزئ الإطعام بإعداد وجبة العشاء أو الغداء المشبعة وتقديمها للمسكين ليأكلها، وإلى هذا ذهب الحنفية[105]، والحنابلة في رواية[106]، وهو قول أنس ابن مالك – رضي الله عنه - من الصحابة[107]، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال إنه مذهب أكثر السلف[108]، وبه قال العلامتان عبد العزيز بن باز[109]، ومحمد العثيمين[110] -رحمهم الله تعالى جميعاً.







ثم إن هؤلاء القائلين بإجزاء الإطعام اختلفوا في القدر المجزيء من ذلك، فذهب جمهور أصحاب هذا القول إلى إجزاء وجبة واحدة مشبعة، وذهب الحنفية إلى أنه لابد من وجبتين مشبعتين[111].







القول الثاني: لا يجزيء المسن المفطر الإطعام بالوجبات المطبوخة، بل لابد من إخراج طعام غير مطبوخ من قوت البلد كالبر والشعير والتمر ونحوها، وإلى هذا ذهب الشافعية[112]، والحنابلة على المذهب[113].







وأما المالكية فلم أجد لهم قولاً في هذه المسألة حسب -ما اطلعت عليه-، ولعل السبب في ذلك أنهم لا يرون وجوب الفدية أصلاً[114].







الأدلـة:







استدل أصحاب القول الأول بأدلة من الكتاب، والأثر والمعقول:







أ- من الكتاب:







قولـه سبحانـه وتعالى: {... وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ...} [115].







وجه الاستدلال: أن هذه الآية الكريمة التي هي أصل في وجوب فدية المسن المفطر نصت على الإطعام، وهي كلمة عامة يدخل فيها الإطعام بالوجبات المطبوخة دخولا أولياً، فدلت على جواز ذلك[116].







ب – من الأثر:







ما صح عن أنس بن مالك – رضي الله عنه - أنه لما كبر أفطر وأطعم عن كل يوم مسكيناً خبزاً ولحماً[117].







وجه الاستدلال: أن أنساً – رضي الله عنه - أفطر وصنع طعاماً للمساكين وأطعمهم فدل على أنه – رضي الله عنه - يرى إجزاءه فعل الصحابي معتبر في الاستدلال كما هو معلوم في أصول الفقه.







ج – من المعقول:







1- أن الله -تعالى- أمر بالإطعام ولم يوجب التمليك، وهذا إطعام حقيقة فيجزئ من باب أولى[118].







2- أن هذا إطعام للمسكين من طعام المفطر فأجزأه كما لو كان طعامُهُ براً فأطعمه منه[119].







ولم أجد للحنفية دليلاً -فيما اطلعت- على قولهم باشتراط وجبتين مشبعتين، ولعلهم يرون أن وجبة واحدة لا تكفي لإطعام يوم كامل فاشترطوا ذلك.







ويمكن أن يناقشذلك بأنه لم يرد في الآية ولا في غيرها من الأدلة اشتراط الإطعام ليوم كامل فيؤخذ الأمر على إطلاقه، والإطعام يكفي لوجبة واحدة.







واستدل أصحاب القول الثاني القائلون بعدم إجزاء الإطعام بأدلة من المعقول.







1- أن فدية إفطار المسن مقدرة بمد أو نصف صاع، فإذا أطعهم طعاماً جاهزاً فلا يعلم أن كل واحد من المساكين قد استوفى القدر الواجب له[120].







ونوقشهذا الاستدلال بعدم التسليم بأن فدية إفطار المسن مقدرة بالشرع، وعلى فرض أنها مقدرة به فكل واحد منهم يستوفي حقه بالأكل إذا شبعوا [121].







ويمكن أن يناقش أيضاً بأن تقدير الفدية بنصف صاع كما سبق ترجيحه[122] إنما هو حال إخراج الفدية غير مطبوخة إذ إن الإشباع يختلف من شخص لآخر فإن كان الإطعام غير مطبوخ فيكون بقدر معين وهو نصف صاع وإن كان مطبوخاً فيكون قدر الإشباع لعموم ظاهر الآية في الإطعام.







2- أن الواجب تمليك المسكين طعامه، والإطعام إباحة وليس بتمليك[123].







ونوقش هذا الاستدلال بعدم التسليم بوجوب التمليك، بل الواجب الإطعام أو التمليك، بل الإطعام هو الأصل والتمليك قد يسمى إطعاماً ولذلك جاز[124].

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 29-01-2020, 01:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أحكام صيام المسنين

الترجيح:







ولعل الراجح – والله تعالى أعلم – هو القول بإجزاء الإطعام لما يلي:







1- أن الآية الكريمة الموجبة لفدية إفطار المسن نصت على طعام مسكين، وتقديم الوجبات المطبوخة للمساكين يسمى إطعاماً حقيقة فهو الأصل[125].







2- ما صح من أثر أنس – رضي الله عنه - أنه أطعم المساكين لحماً وخبزاً عن إفطاره بسبب الكبر.







3- لورود المناقشة المؤثرة على أدلة القول المخالف.







المطلب الخامس : ما يترتب على تأخير الفدية حتى دخول رمضان آخر :







ما الحكم إذا أخر المسن الفدية الواجبة عليه حتى دخل رمضان آخر؟ هل تجب عليه بهذا التأخير فدية أخرى كما تجب الفدية بتأخير قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر عند بعض أهل العلم أم ليس الأمركذلك؟







لم أجد لغير علماء الشافعية في هذه المسألة قولاً -فيما اطلعت عليه-، والشافعية عندهم وجهان في هذه المسألة:







الأول: أنه لا شيء عليه في ذلك، وهو المذهب[126].







الثاني: أنه تجب عليه فدية أخرى للتأخير، ووصف النووي هذا الوجه بأنه شاذ وضعيف[127].







وأما علماء الحنفية والحنابلة فلم أجد لهم قولاً في هذه المسألة –حسب ما اطلعت عليه-، ولكن مذهبهم يقتضي أن يكون لهم قولان فيها:







القول الأول: أنه يأثم بالتأخير إذا أخرها من دون عذر ولا فدية عليه، وهذا مقتضى مفهوم مذهب الحنفية في هذه المسألة؛ لأنهم صرحوا بأن للمسن الخيار بين أن يخرجها في بداية الشهر جملة واحدة، أو في نهايته[128]، وهذا يعني أنهم يرون أنه لا خيار له في إخراجها بعد رمضان، فضلاً عن تأخيرها إلى دخول رمضان آخر، فإذا أخر يأثم لتأخير الواجب عن وقت أدائها.







وهو مقتضى ظاهر مذهب الحنابلة؛ لأن ظاهر مذهبهم أن فدية إفطار المسن تجب على الفور[129]، فإذا أخرها عن وقتها بدون عذر فإنه يأثم بذلك.







القول الثاني: أنه لا شيء على المسن في تأخير الفدية حتى دخول رمضان آخر، وهذا قياس مذهب الحنفية، في كيفية وجوب قضاء رمضان، لأنهم يرون أن قضاء رمضان يجب على التراخي مطلقاً[130]، والفدية بدل عن صوم واجب فتقاس الفدية على القضاء بجامع أن الفدية والقضاء بدلان عن صوم واجب، وهو أيضاً قياس مذهبهم في كيفية وجوب صدقة الفطر؛ لأنها تجب عندهم على التراخي، بجامع أنهما حق مالي وجبا عبادة[131].







وبناء على هذا يتحصل في المسألة ثلاثة أقوال:







القول الأول: يأثم بتأخيرها عن وقتها، وهو شهر رمضان الذي أفطره، ولا فدية عليه وهذا مفهوم مذهب الحنفية في وقت وجوبها، ومقتضى ظاهر مذهب الحنابلة فيه.







القول الثاني: أنه لا شيء عليه إذا أخرها حتى دخل رمضان آخر، وهذا مذهب الشافعية، وقياس قول الحنفية في كيفية وجوب قضاء رمضان، وفي باب صدقة الفطر.







القول الثالث: تجب عليه فدية أخرى إذا أخرها حتى دخول رمضان آخر، وهذا وجه عند الشافعية، ووصف بأنه شاذ ضعيف.







الأدلـة:







استدل أصحاب القول الأول بأن الفدية واجبة فتجب على الفور[132]، وبأنها كفارة من الكفارات فتجب على الفور كسائر الكفارات[133]. فإذا أخرها عن وقتها أثم لمخالفته أمر الشارع ولا فديةً أخرى عليه لعدم الدليل الموجب لذلك.







وأما أصحاب القول الثاني القائلون بأنه لا شيء عليه بأن فدية التأخير مختصة بتأخير القضاء، ولا قضاء على المسن، فلا تجب فدية أخرى بتأخير الفدية[134].







ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال بأن عدم إيجاب الفدية لا يعني عدم ترتب الإثم؛ لأن أداء الفدية في وقتها أمر واجب.







ولم أجد دليلاً للوجه القائل عند الشافعية بوجوب فدية أخرى على التأخير حتى دخول رمضان آخر –حسب ما اطلعت عليه-، ولعلهم قاسوا تأخير الفدية في هذه الحالة على تأخير القضاء حتى دخول رمضان آخر، لأنه تجب عندهم الفدية بتأخير قضاء رمضان حتى دخول رمضان آخر[135].







ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال بأن الفدية في مثل هذه الحالة تعتبر واجبةً بالنص ولا سبيل في إيجابها بالقياس؛ لأن فيها معنى العبادة.







ثم إن الفدية تفارق القضاء، فالفدية مالية والقضاء عبادة بدنية.







الترجيح:







ولعل الراجح – والله تعالى أعلم – هو القول الأول القائل بعدم جواز تأخير الفدية عن وقتها، وهو رمضان الذي أفطر فيه المسن، لكون الفدية حقاً واجباً فلا يصح تأخيرها عن وقتها، وبناء عليه فمن أخرها عن وقتها أثم كتأخير سائر الواجبات عن وقتها، وأما إيجاب فدية أخرى من أجل التأخير فلا دليل عليه.







ولا يصلح قياس تأخير الفدية على تأخير القضاء على قول من يوجب فدية لتأخير القضاء؛ لأن الفدية واجبة بنص شرعي، ولم يوجب النصُ كفارةً عند التأخير، فلا يقاس على غيرها.







المطلب السادس : الصيام عن المســن :







سبق البيان أن الواجب على المسن العاجز عن الصيام دفع الفدية عن فطره، ولكن هل يجزئ أن يصوم أحد عن المسن الحي بدلاً عن الفدية، سواء كان قادراً على دفع الفدية أو عاجزاً؟ وهل يقوم الصوم عنه مقام الفدية فيسقط به الواجب؟







اتفق أهل العلم على عدم إجزاء الصيام عن المسن الحي إذا كان قادراً على دفع الفدية[136]، على خلاف بينهم في وجوب الفدية كما سبق بيانه[137].







وقد نقل الإجماع على عدم إجزاء الصوم عن الحي عموماً ابن عبد البر والقاضي عياض رحمهما الله تعالى[138].







قال ابن عبد البر -رحمه الله تعالى-: «... وكذلك الصيام عن الحي، لا يجزئ صوم أحد في حياته عن أحد، وهذا كله إجماع لا خلاف فيه»[139].







وقال النووي -رحمه الله تعالى-: «قال القاضي وأصحابنا: وأجمعوا على أنه لا يصلى عنه صلاة فائتة، وعلى أنه لا يصام عن أحد في حياته، وإنما الخلاف في الميت»[140].







واختلف أهل العلم في الصيام عن المسن الحي العاجز عن الصيام والفدية على قولين:







القول الأول: عدم إجزاء الصيام عن المسن العاجز عن الصيام بنفسه وعن الفدية، وعلى هذا اتفقت المذاهب الأربعة[141].







القول الثاني: يتوجه إجزاء الصوم عنه إذا كان عاجزاً عن الصيام والإطعام، ونقل المرداوي هذا القول عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله تعالى[142].







قال المرداوي: «قال الشيخ تقي الدين: لو تبرع إنسان بالصوم عمن لا يطيقه لكبر ونحوه، أو عن ميت وهما معسران توجه جوازه»[143].







الأدلـة:







استدل أصحاب القول الأول القائلون بعدم الأجزاء بأدلة من الكتاب, والأثر، والإجماع، والمعقول:







أ- من الكتاب:







قوله سبحانه وتعالى: {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى } [144].







وجه الاستدلال: أن الله سبحانه وتعالى نفى أن يكون للإنسان سعي غيره، وصيام غير المسن عن المسن ليس من سعيه، فلا يجزئ عنه.















ب- من الأثر:







1- قول ابن عباس رضي الله عنهما: «لا يصلي أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد، ولكن يطعم عنه مكان كل يوم مداً من حنطة»[145].







2- ما رواه الإمام مالك في الموطأ أنه بلغه أن عبد الله بن عمر كان يقول: «لا يصوم أحد عن أحد، ولا يصلي أحد عن أحد»[146].







وجه الاستدلال من الأثرين أن ابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهم- نهيا أن يصلي أحد عن أحد أو يصوم أحد عن أحد، وهذا عام في المسن وغيره، فلا يجزئ الصوم عن المسن، بل واجبه الفدية[147].







ج – من الإجماع:







لقد نقل الإجماع على عدم إجزاء الصيام عن الحي، ابن عبد البر والنووي كما سبق ذكره[148]، فيشمل ذلك المسن سواء كان عاجزاً عن الإطعام أم غير عاجز.







د- من المعقول:







1- أن الصوم عبادة بدنية محضة وجبت بأصل الشرع فلا تصح النيابة فيها عن الحي كالصلاة[149].







واستدل أصحاب القول الثاني وهو قول شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- لقولـه بأنه يتوجه الإجزاء عنه بأن الصوم عن المسن في هذه الحالة أقرب إلى المماثلة بالصوم الواجب على المسن الذي سقط عنه بالعجز، فيتوجه إجزاؤه[150].







ويمكن أن يناقشهذا الاستدلال بعدم التسليم بأنه أقرب إلى المماثلة، إذ لو كان كذلك لوجب ابتداء بعجز المسن عن الصوم، ولم يتطلب الأمر تحقق عجزه عن الفدية فلما لم يكن كذلك، دل على أن الإطعام أقرب. ثم إن الصوم وإن كان أقرب إلى المماثلة من الإطعام من حيث الاسم، إلا أنه لا صلة له بعمل من وجب عليه وهو المسن، فالإطعام من عمله هو، أما الصيام من عمل غيره، فلا يظهر صحة القول أنه أقرب إلى المماثلة.







يمكن أن يستدل لهذا القول بالقياس على إجزاء الصيام عن الميت بجامع العجز في كلا الحالين، فالميت كان عليه صوم وعجز عن أدائه بالموت فجاز الصوم نيابة عنه لإسقاط الواجب عنه، فكذلك المسن عاجز عن الصوم وعن بدله وهو الإطعام فجاز الصوم عنه لإسقاط الواجب.







يمكن أن يناقش هذا الاستدلال من وجهين:







الأول: عدم التسليم بالأصل المقيس عليه وهو إجزاء الصيام عن الميت، كما هو رأي كثير من المخالفين[151].







الثاني: أنه على فرض التسليم بالأصل المقيس عليه فإنه قياس في مقابل النص والإجماع كما سبق بيانه فلا يصلح.







الترجيح:







ولعل الراجح – والله تعالى أعلم – هو القول بعدم إجزاء الصوم عن المسن الحي ولو عجز عن الصوم والإطعام، لما يلي:







1- لقوة أدلة هذا القول وسلامتها من المناقشة، فقد استدل أصحابه بأدلة من الكتاب، والأثر الصحيح، والإجماع، والمعقول.







2- لضعف دليل القول المخالف، وورود المناقشة المؤثرة عليه.







3- لورود النص في الصيام عن الميت وأما الحي فلم يرد عن الشارع ما يدل على الصيام عنه والصيام بالنيابة عبادة والعبادات توقيفية.







المطلب السابع : إعسار المسن عن دفع الفدية







ما الحكم إذا عجز المسن الذي يجوز له الفطر عن دفع الفدية، هل تسقط عنه أو تبقى في ذمته فإذا أيسر وجب عليه دفعها؟







اختلف أهل العلم القائلون بوجوب الفدية على المسن في هذه المسألة على قولين:







القول الأول: أنها لا تسقط عنه بالعجز، بل تجب في ذمته فإذا أيسر وجب عليه إخراجها، وإلى هذا ذهب الشافعية في قول[152]، والحنابلة على المذهب[153].







القول الثاني: أنها تسقط عنه بالعجز حال الوجوب، ولا تجب عليه حتى لو أيسر فيما بعد، وهذا ظاهر مذهب الحنفية[154]، وبه قال الشافعية على المذهب[155]، وهو قول عند الحنابلة[156].







الأدلـة:







استدل أصحاب القول الأول بدليلين من المعقول:







1- أن الفدية الواجبة على المسن بدل عن الصوم الواجب، فكما لا يسقط الصوم بالعجز عنه فيجب القضاء، فكذا لا يسقط بدله ويبقى في ذمته فإذا أيسر وجب عليه إخراجها[157].







2- أن الفدية الواجبة في حق المسن كالقضاء الواجب في حق المريض والمسافر، فكما لا يسقط القضاء بالعجز عنه بعد القدرة عليه، فكذا الفدية، بجامع أن كليهما بدل عن صوم واجب[158].







3- أن الفدية على المسن في هذه الحالة حق واجب فلا تسقط بالعجز عنه. كما لا تسقط سائر الحقوق الواجبة كفدية الحج والديون[159].







استدل أصحاب القول الثاني القائلون بسقوطها بأدلة من الكتاب والمعقول:







أ- من الكتاب:







قول الله سبحانه وتعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ... } [160].







وجه الاستدلال: أن المسن عاجز في هذه الحالة فلا تجب عليه الفدية، لأنه غير مكلف بما لا يستطيع، فإذا سقطت عنه وقت الوجوب فتسقط عنه بعد ذلك.







ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال بأنه مسلم به مادام عاجزاً، ولكن لا يسلم به بعد القدرة عليه، لأنه لم يبق عاجزاً؛ فالفدية حق واجب في هذه الحالة.







ب– من المعقول:







1- أن الفدية في هذه الحالة ليست بدلاً عن الجناية لتبقى في ذمة المسن، بل هي بدل عن صوم عجز عن أدائه فتسقط بالعجز عنها[161].







2- أن المسن عاجز عن دفع الفدية حال التكليف فتسقط عنه[162].







ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال بأن الفدية لا تسقط عنه إذا قدر عليها؛ وذلك لأن وقت التكليف بالنسبة للمسن في هذه الحالة ليست محصورة في وقت دون وقت كسائر التكاليف الشرعية والحقوق الواجبة.







الترجيح:







والراجح -والله تعالى أعلم- – هو القول الأول، وهو أن تبقى الفدية في ذمة المسن حتى يقدر عليها، وإن مات قبل أن يقدر عليها فلا إثم عليه للعذر، لقولـه تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ... } [163].







ولقوة أدلة هذا القول وورود المناقشة المؤثرة على أدلة القول الثاني.



















[1] ينظر: المبسوط 3/100، وبدائع الصنائع 2/146، وفتح القدير 2/356، والاختيار لتعليل المختار 1/135.




[2] ينظر: الحاوي الكبير 3/332، والمجموع 6/259، ومغني المحتاج 1/592، وروضة الطالبين 2/382.




[3] ينظر: المغني 4/395، والمحرر 1/228، وكشاف القناع 2/309.




[4] ينظر: المجموع 6/259، والمغني 4/594.




[5] ينظر: الكافي لابن عبد البر 1/340، والتفريع 1/310، وبداية المجتهد 1/351.




[6] ينظر: روضة الطالبين 2/382.




[7] ينظر: المحلى 6/362.




[8] ينظر: الاستذكار 10/213، والمجموع 6/259، والمغني 4/594.




[9] ينظر: الكافي لابن عبد البر 1/340، والتفريع 1/310، وبداية المجتهد 1/351.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 29-01-2020, 01:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أحكام صيام المسنين

[10] سورة البقرة الآية رقم 184.




[11] أخرجها البخاري: كتاب: التفسير: باب: قوله: أياماً معدودات: 852 برقم: 4505، والنسائي في الكبرى: كتاب: الصيام، باب: قوله تعالى: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين: 6/296 برقم: 11019، والطبري في تفسيره 2/143.




[12] ينظر: أحكام القرآن للجصاص 1/247، وفتح الباري 8/29.




[13] ينظر: تفسير الطبري 2/144، أحكام القرآن للجصاص 1/247، 248، وتفسير البغوي 1/149، 150، وفتح الباري 8/29، ودفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ص 37.




[14] سورة يوسف الآية رقم 85.




[15] ينظر: زاد المسير لابن الجوزي 4/204.




[16] سورة النساء الآية رقم 176.




[17] ينظر: زاد المسير 2/229، والمبسوط 3/100، وفتح القدير 2/356، 357، وفتح الباري 8/29.




[18] أخرجه البخاري: كتاب: التفسير، باب: «فمن شهد منكم الشهر فليصمه»: 852 برقم: 4056 و 4507، ومسلم: كتاب: الصيام، باب: بيان نسخ قوله تعالى: «وعلى الذين يطيقونه فدية» بقوله: «فمن شهد منكم الشهر فليصمه»: 441-442 برقم: 1145.




[19] ينظر: الاستذكار 10/216، والمحلى 6/264.




[20] ينظر: الموافقات 3/65، وإعلام الموقعين 1/35، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 2/290، 291.




[21] إعلام الموقعين 1/35.




[22] ينظر: تفسير الطبري 2/144، وأحكام القرآن للجصاص 1/247.




[23] ينظر: الشرح الممتع 6/348 و 349.




[24] أخرجه أبو داود في سننه كتاب: الصلاة، باب: كيف الأذان: 79 برقم 507 وابن جرير الطبري في تفسيره 2/138، ورقمه 2740 والحاكم في المستدرك 2/301 برقم: 3085، والبيهقي في السنن الكبرى 4/200 برقم: 7684، والإمام أحمد في مسنده 5/246 برقم: 22177، والطبراني في الكبير: 20/133 برقم: 270. وقال الحاكم «صحيح الإسناد» ووافقه الذهبي. المستدرك 2/301. وقال العلامة الألباني -رحمه الله تعالى-: «قلت وفيه نظر، فإن المسعودي كان اختلط، ثم إنه منقطع، وبه أعله البيهقي، فقال عقبه «هذا مرسل، عبد الرحمن لم يدرك معاذ ابن جبل» وبه علقه البيهقي، وبذلك أعله الدارقطني والمنذري» إرواء الغليل 4/21.




[25] ينظر الاستدلال بهما في تفسير الطبري 2/138 و 141 وما بعدها، وبحديث ابن عباس رضي الله عنهما فتح الباري 8/29.




[26] ينظر: المحلى 6/264، وفتح الباري 8/30.




[27] ينظر: إعلام الموقعين 1/35، والجامع لأحكام القرآن 2/290 و 291.




[28] سبق تخريجه ص497.




[29] ينظر: بدائع الصنائع 2/146 و 147، والحاوي الكبير 3/333.




[30] ينظر: المحلى 6/264، 265.




[31] ينظر: الاستذكار 10/220.




[32] ينظر: أحكام القرآن للجصاص 1/249، 250، وبدائع الصنائع 2/146، والحاوي الكبير 3/333، وإعلاء السنن 9/154.




[33] أحكام القرآن 1/249 و 250.




[34] بدائع الصنائع 2/146 و 147.




[35] الهِمُّ: بكسر الهاء الكبير الفاني. ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 5/275.




[36] الحاوي الكبير 3/333.




[37] ينظر: المحلى 6/264 و 266، والاستذكار 10/219.




[38] الاستذكار 10/219.




[39] ينظر: بدائع الصنائع 2/147.




[40] ينظر: الحاوي الكبير 3/333.




[41] ينظر: المغني 4/396.




[42] أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب «فمن شهد منكم الشهر فليصمه» 852 برقم 4506.




[43] سبق تخريجه هامش رقم 6 ص 518 من هذا البحث.




[44] ينظر: المحلى 6/266، والاستذكار 10/214، 215، وصحيح مسلم بشرح النووي 8/263.




[45] ينظر: إعلام الموقعين 1/35، وإعلاء السنن 9/154.




[46] ينظر: المنتقى 3/79.




[47] ينظر: الاستذكار 10/219.




[48] ينظر: الاستذكار 10/219.




[49] ينظر: المحلى 10/263 و 266.




[50] ينظر: الاستذكار 10/220، والمنتقى 3/79.




[51] المد: مكيال يسع رطلاً وثلثاً بالغدادي، وقيل: المد رطلان، وقيل إن أصل المد مقدر بأن يمد الرجل يديه فيملأ كفيه طعاماً. ينظر: فتح الباري 1/318، والنهاية لابن الأثير 4/648.

وهو: ربع الصاع والصاع يساوي الفين وأربعين جراماً وعليه يكون مقدار المد بالجرامات خمسمائة وعشرة جراماً. ينظر: الشرح الممتع 6/176، 177




[52] ينظر: الكافي لابن عبد البر 1/340، والمنتقى 3/79.




[53] ينظر: الحاوي الكبير 3/332، والمجموع 6/259، وروضة الطالبين 2/380.




[54] ينظر: المجموع 6/259.




[55] الصاع: هو مكيال يسع أربعة أمداد، أي: خمسة أرطال وثلثاً بالبغدادي، وقيل ثمانية. ينظر: الفتح 1/319، والنهاية 3/123.




[56] ينظر: المغني 4/383 و 395، والمحرر 2/228، وكشاف القناع 2/309.




[57] ينظر: بدائع الصنائع 2/147 و 108 و 109، والبحر الرائق 2/501.




[58] أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 1/308 مسألة رقم 1641 وذكره الباجي في المنتقى 2/79، والشيرازي في المهذب، ينظر المجموع 6/257، والعمراني في البيان 3/467.




[59] أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 1/308 مسألة رقم 1641.




[60] أثر ابن عباس –رضي الله عنهما عند الدارقطني عن عكرمة عن ابن عباس قال: «إذا عجز الشيخ الكبير عن الصيام أطعم عند كل يوم مداً مداً»: 6/124 برقم: 2399 وقال: «إسناد صحيح» وأثر ابن عباس أن الفدية نصف صاع من حنطة أخرجه البيهقي في الكبرى: 4//271برقم: 8102.




[61] ينظر: المغني 4/395 و 383، والمحرر 1/228.




[62] ينظر: المغني 4/395.




[63] ينظر: بدائع الصنائع 2/147 و 109، والبحر الرائق 2/501.




[64] أخرجه البيهقي في الكبرى: 4/271 برقم: 8101 وعبدالرزاق في مصنفه: 4/221 برقم: 7574.




[65] أخرجه الدارقطني 6/124 برقم 2399 وقال: «إسناد صحيح»، والبيهقي في الكبرى: 4/271 برقم: 8102، وصححه ووافقه الألباني، إرواء الغليل 4/20.




[66] وقد ذكر البيهقي رواية أخرى ونصها: وروي عنه أنه قال مداً لطعامه ومداً لإدامه السنن الكبرى 4/271.




[67] ينظر: البحر الرائق 2/502، وحاشية ابن عابدين 2/469.




[68] حاشية ابن عابدين 2/469.




[69] ينظر: المجموع 6/260، وروضة الطالبين 2/385.




[70] ينظر: روضة الطالبين 2/385، ومغني المحتاج 1/595.




[71] المجموع 6/260.




[72] مغني المحتاج 1/595.




[73] ينظر: الإنصاف 7/384 و 385. وينظر: الفروع 3/35، والمبدع 3/17، والإنصاف 7/354.




[74] سبق تخريج هذا الأثر في ص497 من البحث، وينظر الاستدلال به في الاستذكار 1/213، وفتح الباري 8/28، والشرح الممتع 6/335.




[75] ينظر: المجموع 6/260، وروضة الطالبين 2/385.




[76] المجموع 6/260.




[77] ينظر: البحر الرائق 2/502، وحاشية ابن عابدين 2/469.




[78] البحر الرائق 2/502.




[79] ينظر: المغني 11/118، والشرح الكبير 23/267.




[80] ينظر: الشرح الكبير 7/386.




[81] الشرح الممتع 6/335.




[82] ينظر: المغني 11/118، والشرح الكبير 23/267.




[83] المغني 11/118.




[84] الإنصاف 7/384 و 385.




[85] ينظر: المغني 11/118، والشرح الكبير 23/267.




[86] ينظر: الشرح الممتع 6/335.




[87] ينظر: المجموع 6/260، وروضة الطالبين 2/385.




[88] ينظر: المغني 11/118، والشرح الكبير 23/267.




[89] ينظر: الإنصاف 7/384، 385.




[90] ينظر: روضة الطالبين 2/285.




[91] ينظر: البحر الرائق 2/502، وحاشية ابن عابدين 2/469.




[92] ينظر: المغني 6/335.




[93] ينظر: المجموع 6/560.




[94] ينظر: بدائع الصنائع 2/111، والبحر الرائق 2/445.




[95] ينظر: بدائع الصنائع 2/ 147.




[96] ينظر: بدائع الصنائع 2/105، والبحر الرائق 2/439.




[97] ينظر: الفروع 3/35، والمبدع 3/17، والإنصاف 7/384، 385.




[98] ينظر: البحر الرائق 2/502، وحاشية ابن عابدين 2/469.




[99] حاشية ابن عابدين 2/469.




[100] ينظر: المجموع 6/365، ومغني المحتاج 1/595، وحاشية القليوبي وعميرة 2/69، وفتح العلامة بشرح مرشد الأنام 4/80.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 29-01-2020, 01:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أحكام صيام المسنين



[101] ينظر: الفروع 3/35، والمبدع 3/17.




[102] ينظر: الإنصاف 7/385.




[103] ينظر: حاشية القليوبي وعميرة 2/69.




[104] ينظر: روضة الناظر 2/623، والعدة 1/281، والإحكام للآمدي 6/165.




[105] ينظر: فتح القدير 2/357، والبحر الرائق 2/501، وحاشية ابن عابدين 2/47.




[106] ينظر: المغني 4/395 و 383.




[107] ينظر: صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب «أياماً معدودات..» وفتح الباري 8/28، والاستذكار 10/213.




[108] ينظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام 35/352، والإنصاف 23/358.




[109] ينظر: مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 15/202.




[110] ينظر: الشرح الممتع 6/335.




[111] ينظر: المراجع السابقة في الهوامش رقم 1, 2, 3, 4، 5، 6.




[112] ينظر: روضة الطالبين 2/380 و 381، ومغني المحتاج 1/596 و 550.




[113] ينظر: المغني 4/395 و 383 والإنصاف 7/474 و 23/ 358.




[114] ينظر: الكافي لابن عبدالبر 1/340، والتفريع 1/310، وبداية المجتهد 1/351.




[115] سورة البقرة الآية رقم 184.




[116] ينظر: البحر الرائق 2/501، وحاشية ابن عابدين 2/270، والمغني 4/385، المجموع فتاوى شيخ الإسلام 3/353.




[117] سبق تخريجه.




[118] ينظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام 35/352، 353.




[119] ينظر: المغني 4/385.




[120] ينظر: المغني 4/383، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام 35/352.




[121] ينظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام 35/352 و 353.




[122] ينظر: ص 529 من البحث.




[123] ينظر: المغني 4/384، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام 35/352.




[124] ينظر: فتح القدير 2/357، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام 35/353.




[125] ينظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام 35/353.




[126] ينظر: المجموع 6/365، ومغني المحتاج 1/595.




[127] ينظر: المجموع 6/365، وروضة الطالبين 2/385.




[128] ينظر: البحر الرائق 2/502، وحاشية ابن عابدين 2/469.




[129] ينظر: الفروع 3/35، والمبدع 3/17 والإنصاف 7/384.




[130] ينظر: بدائع الصنائع 2/157، وفتح القدير 2/354، 355.




[131] ينظر: بدائع الصنائع 2/111، 112، والبحر الرائق 2/445.




[132] ينظر: الفروع 3/35، والمبدع 3/17.




[133] ينظر: الإنصاف 7/384.




[134] ينظر: حاشية القليوبي وعميرة 2/69.




[135] ينظر: روضة الطالبين 2/384.




[136] ينظر: المبسوط 8/89، والاستذكار 10/167، والذخيرة 2/524، والحاوي الكبير 8/186، والمجموع 6/371، والفروع 3/94، والإنصاف 7/367، وكشاف القناع 2/310.




[137] ينظر: ص516 من البحث.




[138] ينظر: الاستذكار 10/ 167، وصحيح مسلم بشرح النووي 8/268 و 269.




[139] الاستذكار 10/167.




[140] صحيح مسلم بشرح النووي 8/268.




[141] ينظر: المبسوط 8/89، والاستذكار 10/167، والذخيرة 2/524، والخرشي على خليل 6/68، والحاوي الكبير 8/186، والمجموع 6/371، والسراج الوهاج ص /144، والفروع 3/94، والإنصاف 7/367، وكشاف القناع 2/310.




[142] ينظر: الإنصاف 7/367، والأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص/162.




[143] الإنصاف 7/ 367.




[144] سورة النجم الآية رقم 39 وينظر الاستدلال بها، الجامع لأحكام القرآن 2/285.




[145] أخرجه النسائي في السنن الكبرى في كتاب الصوم، باب صوم الحي عن الميت، 2/175 برقم: 2918، وابن عبدالبر: التمهيد: 9/27. وصحح الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- إسناده في تلخيص الحبير، ينظر: 2/221.




[146] الموطأ 1/303 برقم: 669، وابن شيبة في مصنفه 3/380 برقم: 15122 ، وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه 9/61 برقم 16346، والبيهقي في الكبرى: 4/254 برقم: 8004.




[147] ينظر: فتح القدير 2/359.




[148] ينظر: ص548 من البحث.




[149] ينظر: كشاف القناع 2/310، ومعونة أولى النهى 4/618.




[150] ينظر: الإنصاف 7/367، والأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص / 162.






[151] ينظر: المبسوط 8/157، والبيان 3/547، والفروع 3/94.




[152] ينظر: المجموع 6/259، وحاشية القلبوبي وعميرة 2/67.




[153] ينظر: الفروع 3/36، والإنصاف 7/385، وكشاف القناع 2/310.




[154] ينظر: فتح القدير 2/357، والبحر الرائق 2/501، وحاشية ابن عابدين 2/470.




[155] ينظر: المجموع 6/259، وحاشية القليوبي وعميرة 2/67.




[156] ينظر: المغني 4/396، والشرح الكبير 7/365، والإنصاف 7/385.




[157] ينظر: الشرح الكبير 7/386، والفروع 3/36.




[158] ينظر: المجموع 6/259.




[159] ينظر: الشرح الكبير 7/365، والفروع 3/36، وكشاف القناع 2/310.




[160] سورة البقرة الآية رقم 286 وينظر الاستدلال بها في المغني 4/396، والشرح الكبير 7/365.




[161] ينظر: المجموع 6/259، وحاشية القليوبي وعميرة 2/67.




[162] ينظر: المجموع 6/259.




[163] سورة البقرة، الآية 286.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 29-01-2020, 01:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أحكام صيام المسنين

أحكام المسنين في الصيام (3-3)


سعد بن عبد العزيز الحقباني




أحكام المسنين في الصيام (3-3)
المبحث الثالث : حكم الفدية للمسن المأذون له بالإفطار حال الإقامة إذا أراد السفر :
إذا سافر المسن الذي يجوز له الفطر وتجب عليه الفدية في الحضر، هل تسقط عنه الفدية بناء على أن الصوم غير واجب عليه في السفر، والفدية بدل عن الصوم الواجب، أم يجب عليه إخراج الفدية كما لو كان مقيماً؟
لأهل العلم القائلين بوجوب الفدية على المسن المفطر في هذه المسألة قولان:
القول الأول: لا يُسْقِطُ السفرُ عن المسن الفديةَ، بل تجب عليه، وهذا مفهوم قول الحنفية في حالة رجوعه من سفره، وذلك لأنهم صرحوا بأن الشيخ الكبير إذا سافر ومات قبل أن يرجع من السفر فلا يجب عليه الإيصاء بالفدية([1])، ومفهوم هذا أنه إذا رجع من السفر حياً تجب عليه الفدية عندهم.
وهو قياس مذهب الشافعية على الأصح في قولهم في كيفية وجوب الفدية على المسن هل تجب ابتداء أو بدلاً عن الصوم، فالأصح عندهم أنها تجب ابتداء لأن المسن العاجز مخاطب بالفدية وغير مخاطب بالصيام([2])، وبناء عليه فلا تسقط الفدية بالسفر، لأنها ليست بدلاً عن الصوم لتسقط بعدم وجوب الصوم بالسفر.
واختار هذا القول العلامة محمد بن العثيمين -رحمه الله تعالى- من المعاصرين([3]).
القول الثاني: سقوط الفدية بالسفر، وإلى هذا ذهب الحنابلة([4]).
الأدلـة:
لم يذكر أصحاب القول الأول دليلاً لهم حسب ما اطلعت عليه ولكن استدل له
العلامة ابن عثيمين
-رحمه الله تعالى- بقوله: «وإنما الواجب عليه الفدية، فالفدية لا فرق فيها بين السفر والحضر»([5]).

واستدل أصحاب القول الثاني القائلون بسقوطها بالسفر بدليلين من المعقول:
1- أن المسن قد أفطر في حال السفر بعذر معتاد فلا إطعام عليه، ولا قضاء عليه أيضاً لأنه عاجز عنه([6]).
ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال بأنه منقوض بما لو عجز المسن غير المسافر عن دفع الفدية في وقت وجوبها مؤقتاً، فلا تسقط الفدية عنه لذلك عند الحنابلة القائلين بهذا القول([7])، وهو عجز بعذر معتاد، فكذا هنا لا تسقط عنه الفدية ولو أفطر بعذر معتاد.
2- أن الفدية بدل عن الصوم، والصوم يسقط بالسفر، فلا فدية عليه لسقوط المبدل([8]).
ونوقش هذا الاستدلال بعدم التسليم بأن الواجب عن المسن في هذه الحالة الصوم، والفدية بدل عنها، بل الواجب في حقه الفدية ولا فرق في الفدية بين السفر والحضر([9]).
ويمكن أن يناقش أيضاً بعدم التسليم أن الصوم يسقط بالسفر مطلقاً، بل يجب القضاء، فكما لا يسقط الصوم بالسفر فكذا بدله، فيجب دفعها إذا قدر عليها بعد السفر.
الترجيح:
ولعل الراجح – والله تعالى أعلم – هو القول الأول، وهو عدم سقوط الفدية بالسفر، بل يجب إخراجها سواء قدر على إخراجها في السفر أو بعده، لما يلي:
1) لقوة دليل هذا القول وسلامته من المناقشة.
2) لضعف دليل القول المخالف ورود المناقشة المؤثرة عليه.
3) أن الفدية حق واجب على المسن العاجز عن الصوم، فلا تسقط عنه بسقوط غيرها، وهو الصوم في حال السفر سواء اعتبرناه مخاطباً ابتداءً بالفدية لعجزه عن الصيام أم لكون الفدية بدلاً عن الصيام.
4) أن الأصل في الحقوق الواجبة أنها لا تسقط بالعجز المؤقت عنها كالديون والحقوق المالية الأخرى.
المبحث الرابع : حكم نذر المسن بالصيام وهو غير قادر عليه وكفارته :
إذا نذر المسن العاجز عن الصوم، أو الذي يشق عليه، بأن يصوم أياماً أو شهراً أو نحو ذلك، فهل ينعقد نذره ويلزمه؟ وإذا قيل بانعقاد نذره فهل له أن يفدي بدلاً عن الصوم الذي عجز عنه أو شق عليه مشقة شديدة؟ وهل عليه كفارة مع الفدية إذا قيل بأجزاء الفدية عن الصوم؟
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أربعة أقوال:
القول الأول: ينعقد نذره وتجب عليه كفارة اليمين، وإلى هذا ذهب الحنابلة في رواية([10]).
القول الثاني:أنه ينعقد نذره، وتجب عليه فدية إفطار المسن، وإلى هذا ذهب الحنفية([11])، وهو وجه عند الشافعية([12])، ورواية عند الحنابلة([13]).
القول الثالث: ينعقد نذره، وتجب عليه كفارة اليمين وفدية إفطار المسن، وإلى هذا ذهب الحنابلة([14]).
القول الرابع : لا ينعقد نذره أصلاً ولا يلزمه شيء، وإلى هذا ذهب الشافعية في أصح الوجهين عندهم([15])، وهو قول عند الحنابلة([16]).
وهو قريب من قول الإمام مالك الذي يرى أنه لا يلزمه غير ما يستطيع إتيانه مما نذر، وإذا لم يستطع فليتقرب إلى الله تعالى بالطاعات، ويستغفره سبحانه وتعالى([17]).
ولا تلزمه الفدية على قول المالكية، لأنهم لا يرون وجوب الفدية عن الصوم الواجب([18])، فمن باب أولى لا يرون وجوبها عن الصوم المنذور؛ لأن المنذور ليس بأقوى من الفرض الأصلي عندهم([19]).
الأدلـة:
واستدل أصحاب القول الأول بأدلة من السنة:
1- حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال: " ... ومن نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين"([20]).
2- حديث عقبة بن عامر – رضي الله عنه - قال: نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله حافية، فأمرتني أن استفتي لها رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فاستفتيته فقال: "لتمش ولتركب"([21]).
وفي رواية أبي داود : «أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تمشي إلى البيت، فأمرها النبي – صلى الله عليه وسلم - أن تركب وتهدي هدياً»([22])، وعند أبي داود أيضاً أن رجلاً جاء إلى النبي – صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن أختي نذرت –يعني أن تحج ماشيه- فقال – صلى الله عليه وسلم - "إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئاً، فلتحج راكبة ولتكفر عن يمينها"([23]).
وجه الاستدلال من الحديثين أن النبي – صلى الله عليه وسلم - أمر من لا يستطيع الوفاء بنذره بكفارة اليمين، وظاهرهما يدل على أنه لا شيء عليه غير الكفارة، ويؤكد أن كفارة النذر كفارة يمين ما ورد في مسلم أن النبي قال – صلى الله عليه وسلم - : "كفارة النذر كفارة يمين"([24])، والمسن في هذه الحالة غير قادر على الوفاء بنذره وهو الصوم، فتجب عليه كفارة اليمين([25])، وحديث ابن عباس على فرض عدم صحة رفعه وقد صح موقوفاً له حكم الرفع إذ إنه ليس للرأي فيه مجال والله أعلم.
واستدل أصحاب القول الثاني القائلون بانعقاد نذره ووجوب الفدية عليه بأدلة من المعقول:
1- أن المسن مكلف بالصوم المفروض شرعاً، ووجبت الفدية عليه بدلاً عن الصوم لعجزه عنه، فلما لم يمنع عجزه وجوب الصوم عليه شرعاً، فلا يمنع عجزه وجوب النذر عليه، ولما عجز عن الصوم فينتقل حال النذر إلى الفدية كالصوم الواجب شرعاً([26]).
2- أن صوم النذر في هذه الحالة قد وجد سبب وجوبه عيناً على المسن، فإذا عجز عنه لزمه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً كصيام رمضان([27]).
ونوقش هذا الاستدلال بأنه قياس على صيام رمضان، ولا يصح قياسه عليه لما بينهما من الفارق ويظهر ذلك في أمرين:
الأول: أن صيام رمضان يُطعم عنه عند العجز إذا دام العجز حتى الممات، فكذلك في الحياة، والنذر بخلافه، وأن صوم رمضان آكد، بدليل وجوب الكفارة بالجماع فيه، وعظم إثم من أفطر بغير عذر([28]).
الثاني: أن قياس المنذور على المنذور أولى من قياسه على المفروض، إذ لا تجب الفدية على من عجز عن نذر غير الصيام، فكذا إذا عجز عن نذر الصيام([29]).
3- أن المطلق من كلام الآدميين يحمل على المعهود شرعاً، ولو عجز عن الصوم المشروع وهو رمضان أطعم عن كل يوم مسكيناً، فكذلك إذا عجز عن الصوم المنذور([30]).
ونوقش هذا الاستدلال بعدم التسليم بأن كلام المسن حال نذره بالصوم كلام مطلق، بل هو منذور معين([31]).
4- أن المسن في هذه الحالة عاجز عن الوفاء بنذر الصوم، حقيقة، فيلزمه الوفاء تقديراً ببدله، فيصير كأنه صام([32]).
ويمكن أن يناقش هذا الدليل بأن الواجب على المسن ما ورد في السنة عند العجز عن الاتيان بالنذر وهو كفارة اليمين.
واستدل أصحاب القول الثالث القائلون بوجوب كفارة اليمين والفدية على المسن بأدلة من السنة والمعقول:
أ - من السنة:
ما سبق ذكره في أدلة القول الأول([33])، وقالوا إن النبي – صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث المذكورة أمر من لا يستطيع الوفاء بنذره بكفارة اليمين والمسن في هذه الحالة غير قادر على الوفاء بنذره وهو الصوم، فتجب عليه كفارة اليمين، وتجب عليه الفدية لعدم إتيانه بالمنذور بعينه([34]).
ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال بأن هذه الأحاديث لم يرد فيها إلا كفارة اليمين، وليس فيها الأمر بالاتيان بالفدية مع الكفارة، فلا تجب الفدية.
ب- من المعقول:
1- تجب على المسن الكفارة بسبب عدم الوفاء بالنذر، وتجب عليه الفدية بسبب عجزه عن واجب الصوم، فاختلف السببان واجتمعا فلم يسقط واحد منهما([35]).
ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال بأنه يؤدي إلى الجمع بين بدلين هما الكفارة والفدية باعتبار أنهما بدلان عن الصوم أو أنه يؤدي إلى الجمع بين البدل والمبدل باعتبار أن المسن غير مخاطب أصلاً بالصيام بل مخاطب بالفدية فإذا أوجبنا عليه الكفارة فكأننا جمعنا بين البدل والمبدل وعلى كلتا الحالتين لا يصح ولا يظهر أن في الشريعة نظير لمثل هذه الصورة وليس هناك نص شرعي يوجب الجمع بين الكفارة والفدية ليصار إليه والله أعلم.
2- واستدلوا بما استدل به أصحاب القول الثاني من قياس الصوم المنذور على الصوم الواجب في وجوب الفدية([36]).
ويمكن أن يناقش بأن هذا القياس غير مسلم به لوجود الفارق بين صوم الفرض وصوم النذر، وعلى فرض التسليم فإنه لا يقتضي الجمع بين الكفارة والفدية، وهومع ذلك لا يعتد به؛ لأنه قياس في مقابل النص.
واستدل أصحاب القول الرابع القائلون بعدم انعقاد نذره أصلاً بأدلة من المعقول:
1- أن المسن العاجز عن الصوم ليس مخاطباً به أصلاً، إذ هو مخاطب بالفدية، فلو نذر صوماً لا ينعقد نذره، لأنه ليس مخاطباً به([37]).
2- أن نذر المسن بالصوم في هذه الحالة من باب التكليف بما لا يطيق، وذلك غير جائز شرعاً، فلا ينعقد نذره، وبناء عليه فلا يجب عليه شيء([38]).
ويمكن أن يناقش، بأنه وإن كان المسن عاجزاً عن الصوم إلا أنه غير عاجز عن كفارة اليمين، وعليه فهو ليس بمكلفٍ بما لا يطيق، فيجب عليه الإتيان بما كلف به.
الترجيح:
ولعل الراجح -والله تعالى أعلم- هو القول الأول القائل بانعقاد نذر المسن ووجوبه كفارة يمين لما يلي:
1- لقوة أدلة هذا القول؛ حيث استدلوا بالسنة الثابتة، وهي قوله – صلى الله عليه وسلم - : "كفارة النذر كفارة اليمين"([39])، وهذا هو عام في جميع النذور، ويؤيده ما روي مرفوعاً، وصح موقوفاً عن ابن عباس – رضي الله عنه -: "ومن نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين"([40])، ولم يرد فيها أداء الفدية مع الكفارة فيجب العمل بهذه السنة وغيرها مما يؤيدها.
2- لضعف استدلال الأقوال المخالفة، حيث إنها أدلة قياسية في مقابلة النص، وما تمسك به أصحاب القول الثالث بالأحاديث نوقش من ناحية الدلالة.
المبحث الخامس : كفارة المسن عند ظهاره :
بما أن المسن مظنة العجز عن الصيام، فناسب أن يبحث حكم عجزه عن الصيام في كفارة الظهار.
إذا ظاهر المسن العاجز عن الصيام زوجته وأراد أن يعود، فقد أجمع أهل العلم أنه يجب عليه عتق رقبة، فإن لم يجد فعليه أن يصوم شهرين متتابعين، فإن لم يستطع الصيام لكبر سنه فيجب عليه إطعام ستين مسكيناً.
قال ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: «أجمع أهل العلم على أن المظاهر إذا لم يجد الرقبة، ولم يستطع الصيام، أن فرضه إطعام ستين مسكيناً، على ما أمر الله تعالى في كتابه، وجاء في سنة نبيه – صلى الله عليه وسلم - ، سواء عجز عن الصيام لكبر أو مرض يخاف بالصوم تباطؤه أو الزيادة فيه...»([41]).
واستدل أهل العلم على ذلك بأدلة من الكتاب والسنة:
أ- من الكتاب:
قول الله سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ{3} فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً...} ([42]).
وجه الاستدلال: أن الله تعالى جعل كفارة الظهار تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فمن لم يستطيع فإطعام ستين مسكيناً، والمسن إذا كان غير قادر على تحرير الرقبة والصيام ففرضه الإطعام بنص الآية.
ب- من السنة:
حديث أوس بن الصامت – رضي الله عنه - أنه لما ظاهر من زوجته أمره رسول الله – صلى الله عليه وسلم - بأن يعتق رقبة، فقالت زوجته: لا يجد، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - "فيصوم شهرين متتابعين، قالت: يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به من صيام، قال: فليطعم ستين مسكيناً..."([43]).
وجه الاستدلال: الحديث واضح الدلالة وهو نص في المسألة فالنبي – صلى الله عليه وسلم - أخبر أن فرض غير المستطيع على الصيام هو الإطعام وعدم استطاعة أوس بن الصامت t كان لكبر سنه.


([1]) ينظر: فتح القدير 2/357، والبحر الرائق 2/501، وحاشية ابن عابدين 2/470.

([2]) ينظر: المجموع 6/259، ومغني المحتاج 1/593.

([3]) ينظر: الشرح الممتع 6/356 و 357.

([4]) ينظر: الفروع 3/35، والمبدع 3/16، والإنصاف 7/364 و 365، وكشاف القناع 2/310.

([5]) الشرح الممتع 6/357.

([6]) ينظر: الفروع 3/35، والمبدع 3/16، وكشاف القناع 2/310.

([7]) ينظر: ص522 من البحث.

([8]) ينظر: الشرح الممتع 6/357.

([9]) ينظر: المرجع السابق 6/357.

([10]) ينظر: شرح الزركشي على مختصر الخرقي 7/209، والإنصاف 28/227 و 229.

([11]) ينظر: بدائع الصنائع 5/91، وفتح القدير 2/357، والبحر الرائق 2/501.

([12]) ينظر: المجموع 6/259، وروضة الطالبين 2/382، والسراج الوهاج ص /144.

([13]) ينظر: شرح الزركشي على مختصر الخرقي 7/210، والإنصاف 28/227 و 229.

([14]) ينظر: المغني 13/632 و 633، وشرح الزركشي على مختصر الخرقي 7/209، والفروع 6/365، والإنصاف 28/ و 229.

([15]) ينظر: المجموع 6/259، وروضة الطالبين 2/382.

([16]) ينظر: شرح الزركشي على مختصر الخرقي 7/209، والإنصاف 28/227 و 229.

([17]) ينظر: الاستذكار 15/38 و 39، والمنتقى 4/477.

([18]) ينظر: ص516 البحث .

([19]) ينظر: الفواكه الدودني 1/642.

([20]) أخرجه أبو داود، في كتاب الإيمان والنذور، باب من نذر نذراً لا يطيقه، ص((373)، ورقمه (3322) وقال رحمه الله تعالى: «روى هذا الحديث وكيع وغيره عن عبد الله بن سعيد بن ابي الهند أوقفوه على ابن عباس». أخرجه ابن ماجه: كتاب: الكفارات، باب: من نذر نذراً لم يسم: (230) برقم: (2128)، والبيهقي في الكبرى: (10/45) برقم: (19698)، والدارقطني: (4/158) برقم(2)، وابن أبي شيبة في مصنفه (3/69) برقم: (12185)، والطبراني في المعجم الكبير: (11/412) برقم: (12169). وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: «الحديث رواه أبو داود من حديث كريب عن ابن عباس وإسناده حسن فيه طلحة بن يحيى وهو مختلف فيه، وقال أبو داود روي موقوفاً يعني هو أصح». تلخيص الحبير 4/176. وقال العلامة الألباني رحمه الله تعالى: «الموقوف أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (4/173) عن وكيع به، وهذا أصح، فإن طلحة بن يحيى الأنصاري مع ثقته وإخراج الشيخين له، فإن فيه ضعفاً، وفي التقريب: «صدوق يَهِم» فمثله لا يحتج به مع مخالفة وكيع إياه وغيره كما قال أبو داود . فالصواب في الحديث وقفه على ابن عباس . والله أعلم .. إرواء الغليل 8/211.

([21]) متفق عليه، أخرجه البخاري في كتاب جزاء الصيد، باب من نذر المشي إلى الكعبة(355) ورقمه (1866) ومسلم: كتاب: النذر، باب: من نذر أن يمشي إلىالكعبة: (674) برقم (1644).

([22]) سنن أبي داود في كتاب الأيمان والنذور، باب ، من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية، (371)، ورقمه
(3296). قال ابن حجر: (إسناده صحيح) تلخيص الحبير (5/461) وصححه الألباني صحيح وضعيف أبي داود برقم: (3296).


([23]) سنن أبي داود وباب النذر في المعصية برقم 3295.

([24]) أخرجه مسلم في كتاب: النذر، باب في كفارة النذر ص 674 برقم 1645.

([25]) ينظر: المغني 13/632، وشرح الزركشي على مختصر الخرقي 7/209.

([26]) ينظر: المجموع 6/259، والبيان 3/466.

([27]) ينظر: المغني 13/633، وشرح الزركشي على مختصر الخرقي 7/210.

([28]) ينظر: المغني 13/633.

([29]) ينظر: المرجع السابق.

([30]) ينظر: المرجع السابق.

([31]) ينظر: المرجع السابق.

([32]) ينظر: بدائع الصنائع 5/91.

([33]) ينظر: ص 559.

([34]) ينظر: المغني 13/6 و 633، وشرح الزركشي على مختصر الخرقي 7/209.

([35]) ينظر: معونة أولى النهي 8/815 و 816.

([36]) ينظر: المغني 13/633، وشرح الزركشي على مختصر الخرقي 7/209.

([37]) ينظر: المجموع 6/259.

([38]) ينظر: شرح الزركشي على مختصر الخرقي 7/209.

([39]) سبق تخريجه ص 560 من البحث.

([40]) سبق تخريجه ص 559 من البحث.

([41]) المغني 11/92، وينظر قول أهل العلم في ذلك في: المبسوط 7/19، وفتح القدير 4/258، وتفسير القرطبي
17/269، والقوانين الفقهية ص 267، والحاوي الكبير 13/436، والمجموع 17/367، والإفصاح 2/163.


([42]) سورة المجادلة الآيتان (3، 4).

([43]) أخرجه أبو داود في كتاب الطلاق، باب الظهار (52)، ورقمه (2214)، وأحمد (6/410) برقم
(27427)، وصحيح ابن حبان: (10/108) برقم: (4279)، والبيهقي في الكبرى (7/389) برقم: (15051)، والطبراني في الكبير: (1/225) برقم: (616)، وقال العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- بعد أن ذكر عدة شواهد لهذا الحديث: «وجملة القول أن الحديث بهذه الشواهد صحيح». إرواء الغليل 7/175.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 329.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 323.78 كيلو بايت... تم توفير 5.82 كيلو بايت...بمعدل (1.76%)]