|
الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() موقف الإسلام من الفوارق الاقتصادية الفردية أ. د. محمد هاشم عوض بالنسبة للفوارق في الدخول التي عَوْدها إلى تمايز في الجهد؛ فإن للإسلام موقفاً فريداً تجاهها، فهو مع تقريره أن التمايز في الجهد والقدرات يؤدي إلى التفاوت في الدخول لا يعتبر هذا مبرراً لادعاء الفرد أن يناله بجهده في ثراء مكتسب. فالله تعالى خسف بقارون لرده على من قال له: أحسن كما أحسن الله إليك بقوله ﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾ [القصص] ذلك أن العلم كغيره من الملكات والفوارق إنما هو هبة من الله تعالى في المقام الأول. وذلك أن ما ينال بالهبة هبة أيضاً، ولهذا قال تعالى يخاطب الذين آمنوا: ﴿ وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ ﴾ [النور: 33]. ووصف مال الأفراد بأنه مال الله تعالى الذي استخلفهم عليه ودعاهم للإنفاق منه إذ قال عز من قائل: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ﴾ [الحديد: 7]. وواضح من قوله تعالى: ﴿ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ ﴾ [الأنعام: 6] أن الغرض من إسباغ المواهب وما ترده على المرء من مالٍ - هو في الحقيقة مال الله تعالى - هو أن يبلوه ويمتحنه في التصرف في هذا المال. فصاحب المال إنما هو مستخلف وأمين على هذا المال، ومواهبه هي التي مكنته من أن يختص بالأمانة دون غيره، إلا أنها لا تعطيه الحق في التصرف المطلق الذي يتمتع به المالك الأصلي، إذ إن الله تعالى هو المالك للمال، بل ولصاحب المال ذاته. ولهذا فإن على الفرد أن ينفذ توجيهات المالك الأصلي في التصرف في الأمانة التي عهد بها إليه، كما أنه لا نستغرب أن يجعل مالك المال الأصلي لفرد غير المؤتمن عليه حقا فيه، فلا يقول فقط للمؤمنين ﴿ وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ ﴾ [النور: 33] ولكنه يقول أيضا عنهم: ﴿ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾ [المعارج: 24 - 25]. وعليه فإن الاحتجاج بأن تمايز الأفراد في القدرات يؤدي إلى فوارق في الدخول هي حق مكتسب للمتفوقين ولا حق لعاجز فيها أمر لا يقبله الإسلام، لأن القدرات وما تجره من نسب هبة من الله تعالى. ويتميز العبد بهذه القدرات يبرر اختصاصه بمال الله المودع لديه كأمانة يمتحن في التصرف فيها وفق أوامره تعالى ونواهيه. ولهذا فإنه يمكن أن يقال إنه لو أمر الله تعالى بأن يتساوى العباد في كل الدخول رغم تفاوتهم في الجهد ما كان في هذا ظلم، لأن المال والجهد ذاته هبة من الله تعالى لا فضل للإنسان في الحصول عليه، وإنما الفضل في التصرف فيه وفق ما شرعه مالكه الأصلي. إلا أن الله تعالى لم يقسر الأغنياء بأن يساووا أنفسهم بالفقراء، وإنما حدد قدراً معيناً من مال الأغنياء يؤخذ منهم قسرا ليقسم بين الفقراء، واكتفى بأن حث الأغنياء على أن يبذلوا طوعا للفقراء فوق ما أخذ منهم قسراً. من بحث منشور في المؤتمر الأول لجماعة الفكر والثقافة الإسلامية الخرطوم، السودان: 29 محرم - 2 صفر 1403هـ
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |