|
ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() مكارم الأخلاق (12) الصبر - لا يمكن أن تستقيم حياة أي فرد دون (الصبر)، هذا الخلق يحتاجه المسلم والكافر، التقي والعاصي، إنه عمل قلبي وخُلق أساسي، فلا حياة لمن لا صبر له!ّ - وهل يفهم الكفار معنى الصبر؟ - ربما يضعونه في إطار تجاوز النكبات والمصائب، ولكن المسلم يعلم أنه (عبادة) عظيمة، أجرها لا حدود له، كما قال -تعالى-: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} (الزمر:10). إنما العبد يحتاج إلى الصبر في جميع أحواله، وتزداد هذه الحاجة حال المصيبة، ويحتاج العبد إلى الصبر لأداء الطاعات، وترك المنكرات، والتعامل مع البشر، والدعوة إلى الله، وتقلبات الدنيا، فإذا كان ملازما للصبر، متخلقا به، وجده معه حال المصيبة الكبرى (مصيبة الموت)! كنت وصاحبي آيبين من رحلة قصيرة إلى (رأس الخيمة) نشارك أخا لنا توفي والده، استغربنا كثرة بكائه عند القبر! - أظن أن (أبا ناصر) كان متعلقا كثيرا بوالده. - نعم كان كذلك، فقد لازمه في السنوات الخمس الأخيرة، لدرجة أنه ترك بيته وسكن مع والده، ونقل مركز عمله من الشارقة إلى رأس الخيمة؛ ليكون بجانب والده، ولا يكاد يفارقه؛ بل ويعتني بكل احتياجاته من أكل وشرب وتغيير ملابس وحتى قضاء الحاجة والاستحمام. - جزاه الله خيرا، نعم الولد! وأما بكاؤه فلا أظن أن فيه شيئا مخالفًا للشرع؛ فهو لم يصرخ ولم يشق جيبا ولم يلطم خدًّا. - ما أكثر أنواع الصبر التي ذكرت في كتاب الله؟! - أظنه الصبر في الدعوة إلى الله -تعالى-، والأذى الذي يلحق المرء إذا هو سلك هذا الدرب؛ فقد أمر الله الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالصبر، كما قال -تعالى-: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ} (الأحقاف:35)، وقال -سبحانه-: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى} (طه:130). وورد الصبر أكثر من مائة مرة في كتاب الله، أمرا وبيانا لحسن العاقبة، وتبشيرا بالأجر، ووعدا بحسن الجزاء في الآخرة! على غير العادة كانت رحلتنا جوا، وذلك لضيق الوقت؛ حيث بلغنا الخبر ليلا فحجزنا أول طائرة في الصباح الباكر؛ لندرك الجنازة. قدم لنا المضيف طبق الفاكهة، وقنينة الماء. - ماذا قال الشافعي في الصبر؟ - تقصد قوله عن سورة العصر؟ - نعم. - قال -رحمه الله-: «لو لم ينزل إلى الناس إلاهي لكفتهم»، والمعنى لكفتهم في موضوع الصبر، لا شك في الشريعة جميعها، وذلك أن هذه السورة وصفت جميع البشر بالخسران إلا من اتصف بالإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، والمرء يحتاج إلى الصبر في الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق. ومن الأحاديث التي لم أكن أعرفها، حديث معقل بن يسار - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أفضل الإيمان: الصبر والسماحة» (السلسلة الصحيحة)، في شرح هذا الحديث أن الإيمان إذا أطلق يراد به الدين كله، يحتاج العبد إلى الصبر فيما يتعلق بالله -عز وجل-، والسماحة فيما يتعلق بالخل. والحديث الآخر تعرفه، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: «الذي يخالط الناس فيؤذونه فيصبر على أذاهم، أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم» (صحيح الجامع). - دعني أقرأ لك شيئا مما خزنته في هاتفي من كتب ابن القيم. يقول -رحمه الله- في كتابه (الوابل الصيب) باب (السعادة في ثلاث: شكر النعمة والصبر على البلاء والاستغفار من الذنب): محن من الله -تعالى- يبتلي بها العبد؛ ففرضه فيها (الصبر) والتسلي، والصبر حبس النفس عن التسخط بالمقدور، وحبس اللسان عن الشكوى، وحبس الجوارح عن المعصية، كاللطم وشق الثياب ونتف الشعر ونحوه؛ فمدار الصبر هذه الأركان الثلاثة؛ فإذا قام به العبد كما ينبغي انقلبت المحنة في حقه منحة، واستحالت البلية عطية، وصار المكروه محبوبا، فإن الله -سبحانه وتعالى- لم يبتله ليهلكه، وإنما ابتلاه ليمتحن صبره وعبوديته؛ فإن لله -تعالى- على العبد عبودية الضراء، وله عبودية عليه فيما يكره، كما له عبودية فيما يحب، وأكثر الخلق يعطون العبودية فيما يحبون، والشأن في إعطاء العبودية في المكاره تتفاوت فيه مراتب العباد، وبحسبه كانت منازلهم عند الله -تعالى-. - كلام جميل، وسؤال خطر على بالي للتو، هل الصبر (صفة أم خلق)؟ أجبته بابتسامة: - هذا سؤال شكلي؛ لأن الصبر درجات ينبغي أن يرتقي العبد فيها ليكتسب لقب (صابر وصبور)، كما أخبر الله -عز وجل- عن عباده المتقين: {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} (آل عمران). ومن تصبر، صبرّه الله، فمن لم يكن لديه هذا الخلق، فعليه أن يكتسبه باتباع أوامر الله -تعالى-. - هل تعلم أن لابن القيم -رحمه الله- كتابا بعنوان: (عدّة الصابرين)؟ - نعم ولكن لم أطلع عليه. - دعني أقرأ لك شيئا من مقدمته: «أما بعد فإن الله -سبحانه- جعل الصبر جوادا لا يكبو وصارما لا ينبو، وجندا لا يهزم وحصنا حصينا لا يهدم ولا يثلم؛ فهو والنصر أخوان شقيقان؛ فالنصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، والعسر مع اليسر، وهو أنصر لصاحبه من الرجال بلا عدة ولا عدد، ومحله من الظفر كمحل الرأس من الجسد، ولقد ضمن الوفي الصادق لأهله في محكم الكتاب أنه يوفيهم أجرهم بغير حساب، وأخبره أنه معهم بهدايته ونصره العزيز وفتحه المبين؛ فقال -تعالى-: {وأصبروا ان الله مع الصابرين}؛ فظفر الصابرون بهذه المعية بخير الدنيا والآخرة، وفازوا بها بنعمة الباطنة والظاهرة، وجعل -سبحانه- الإمامة في الدين منوطة بالصبر واليقين فقال -تعالى- وبقوله اهتدى المهتدون {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (السجدة:24). وأخبر أن الصبر خير لأهله، مؤكدا باليمن؛ فقال -تعالى-: {وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ} (النحل:126)، وأخبر أن مع الصبر والتقوى لا يضر كيد العدو ولو كان ذا تسليط؛ فقال -تعالى-: {إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} (آل عمران:120) اعداد: د. أمير الحداد
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |