|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() استثمار الرهن د. عبدالله بن يوسف الأحمد الحمد لله؛ أما بعد: فالأصل في مشروعية استعمال المرهون من حيث الجملة قولُ النبي صلى الله عليه وسلم: ((الرهن يُركب بنفقته إذا كان مرهونًا، ولبن الدَّرِّ يُشرب بنفقته إذا كان مرهونًا، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة))؛ [البخاري: 2526]، والاستثمار من الاستعمالات، على أن بعض الفقهاء تأوَّل المنتفِع بالركوب والشرب في الحديث بأنه الراهن، وحمله أكثرهم على انتفاع المرتهن، وقالوا: إذا كان الرهن مركوبًا أو محلوبًا، فللمرتهن أن يركب ويحلب بقدر نفقته، متحريًا العدل في ذلك، ورأى بعضهم أن الرهن يصير عارية بعد الإذن للمرتهن بالانتفاع، وقرر آخرون منهم بأن الرهن يصير مضمونًا بالانتفاع؛ لأن المرتهن حاز الرهن حينئذٍ لحظِّ نفسه بالانتفاع، فغلَّبوا هذا الجانب على مبدأ الحيازة؛ وهي توثيق حق المرتهن من الراهن، والله أعلم. غير أن الأصل في اليد الأمينة، كيد المرتهن ويد المضارِب، أنها لا تضمَن ما هلك تحت يدها من الأعيان إلا في حال التعدي أو التفريط؛ فلا يُنتقل عن هذا الأصل إلا بأصل مثله، واليقين لا يزول بالشك. والمقصود من إثارة هذه المسألة بيان ما ينبغي أن تكون عليه حالة الرهن من حيث تحركها وركودها، فقد يطول وقت الارتهان بحيث يُخشى معه كساد العين المرهونة، وقد يكون في استثمارها مصلحة للراهن، ومصلحة في العين المرهونة. فللراهن والمرتهن أن يبذُلا وسائل حفظ الرهن المشروعة؛ كالتأمين التعاوني على المرهون، ولأحدهما أن يأذن للآخر بالتجارة في المرهون، مع بقائه أو بقاء ثمنه مرهونًا؛ لأن العين ملك الراهن، وهي مستوثَقة في يد المرتهن، وقد أذِن المرتهن للراهن - أو العكس - بالاستثمار فيها، كما تنازل المرتهن عن حقه في الإمساك بالرهن؛ كما في مسألة استثمار الحسابات المصرفية المرهونة، التي ناقشتُها في رسالة الدكتوراة الموسومة بعنوان: "الضمان في أعمال المصرفية الإسلامية؛ دراسة فقهية تطبيقية". وتركُ المرهون إذا خُشِيَ فساده بعينه أو خُشِيَ عليه كساد السوق حتى تنخفض قيمته السوقية، ربما دخل في إضاعة المال المنهي عنها، كما أن الرهن والحالُ كذلك لن يوفِّي مقصود المتعاقدين؛ لأن المرتهن حينئذٍ لن يستوفي دَينه به، والراهن لن يوفِّي به ما عليه. كما أن الفقهاء قرروا في باب الرهن إمكان اتفاق الراهن والمرتهن، على أن يكون الرهن في يد أحدهما أو غيرهما، ولو بأن يؤجِّره الراهن أو يُعِيره؛ لأن الحق لهما، لا يخرج عنهما، ولأن الحبس المحض ليس مقصودًا من الرهن، بل المقصود الاستيثاق للدَّين أصالة، والاستيفاء من ثمنه في حال تعذره من الراهن. وقرروا أن الراهن لا يمنع من إصلاح الرهن، ودفع الفساد عنه، ومداواته إن احتاج إليها، ومثَّلوا له بالشاء المرهونة تحتاج إلى إطراق الفحل، وفي إطراقها الفحل تكثيرٌ لها وحدٌّ من تناقصها، وهذا حاصل بتداول الأسهم إذا قرر الخبراء أن المصلحة في تداولها. وترك المرهون إذا خُشِيَ فساده بعينه أو خُشِيَ عليه كساد السوق حتى تنخفض قيمته السوقية، ربما دخل في إضاعة المال المنهي عنها، كما أن الرهن والحالُ كذلك لن يوفِّي مقصود المتعاقدين؛ لأن المرتهن حينئذٍ لن يستوفي دَينه به، والراهن لن يوفِّي به ما عليه. على أن الفقهاء قيَّدوا تصرفات الراهن السائغة في الرهن بألَّا يكون فيه ضرر على المرتهن؛ كالتصرف الذي يزيل الْمِلك إلى غير بدل، من وقف أو هِبة ونحوهما، ونُقل الإجماع على ذلك. وقد انتهت الهيئة الشرعية في بنك البلاد إلى أن للمرتهن الإذنَ بالتجارة في المرهون، مع بقائه أو بقاء ثمنه مرهونًا. والحمد لله أولًا وآخرًا، ظاهرًا وباطنًا.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |