|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() سلسلة الأعمال الخيرية- القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية 19- ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب نكمل في هذا العدد ما بدأناه من ضوابط وقواعد للعمل الخيري والوقفي ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من الكتب الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية . ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب(1)، قاعدة فقهية ذات صلة بالأعمال الخيرية والوقفية، وتعني: ما كان وسيلة إلى واجب ولا يمكن إيقاع هذا الواجب إلا بهذه الوسيلة فحكم هذه الوسيلة أنها واجبة. وهذه القاعدة من القواعد العظيمة التي تبين أنَّ كل أسباب تحقيق الواجب والوصول إليه واجبة كوجوب الفرض الذي تؤدي إلى تحقيقه. ويشترط في هذا الواجب الذي جعلت الوسيلة واجبة له أن يكون هذا الواجب مقدورًا عليه، فلا واجب مع العجز. فما لا يتم الواجب المقدور إلا به فهو واجب، وكذلك ما لا يتم اجتناب المنهي عنه إلا به فهو منهي عنه . ومن التطبيقات الخيرية والوقفية المتعلقة بهذه القاعدة: ما لا يتم إيصال الزكاة إلى مستحقيها أو بعضهم إلا به فهو واجب من التعرف على الفقراء والمساكين ودعوتهم إلى أخذها أو نقلها وإيصالها إليهم، أو إعطائها لمن يوصلها إليهم مباشرة، وتوزيع زكاته بنفسه أفضل؛ لأنه يؤدي ركن دينه. ما لا يتم معرفة مقدار الزكاة إلا به فهو واجب، من الحصر والتقدير للقيمة في عروض التجارة واستيعاب جميع ما هو معد للتجارة وحساب الزكاة في ذلك عند تمام الحول، وكل ذلك قد يحتاج إلى مدة وإلى موظفين ولاسيما في الشركات والمؤسسات الكبيرة. فهذا واجب لا تتم الزكاة إلا به. إذا كان المسلم في بلد كافر أو بلد لا تباشر فيه الدولة أخذ زكاة الأموال الظاهرة وجب عليه جميع الجهود اللازمة لإيصال الزكاة إلى الفقراء والمساكين، ويجب على الدولة المسلمة الاهتمام بالزكاة أخذاً وصرفاً على الضوابط والآداب الشرعية في ذلك. الأدوية النافعة التي ينبني عليها شفاء مرضى المسلمين بإذن الله تعالى يجب توفيرها؛ لأن ما لا يتم الحفاظ على الأرواح والأعضاء إلى به فهو واجب. وكذا توفير الأطباء الماهرين في التخصصات المتعددة؛ لأن في ذلك صحة الأبدان بإذن الله -تعالى- فهو الشافي لا شفاء إلا شفاؤه وبذل الأسباب مطلوب شرعاً مع التوكل على الله سبحانه وتعالى(2). وكذلك تجهيز الموتى بالتغسيل، والتكفين، والصلاة، والحمل، والدفن، وتوابع ذلك، كلها واجبة؛ لأن دفن الميت واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وهو فرض كفاية إن قام به بعضنا سقط الإثم عن الآخرين. وترك الوقف بلا ناظر إضاعة له، وكذلك جعل التنازع بين الأبناء أو غيرهم من غير حسم أمر النظارة تكون سبباً في إضاعة الوقف الذي سيؤدي حتماً إلى إضاعة المال. وإذا ظهر نزاع ودعوى في أحقية تولية الوقف بين الأبناء فنص أهل العلم على أن يولي القاضي ناظراً على الوقف لحين قطع النزاع وتوجيه توليه؛ لأن التولية على الوقف واجبة إذا لم تتم مصلحة قبض المال وصرفه إلا به، فإنه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب(3). ولا يتم إدارة الأموال المتصدق بها والمودعة في المؤسسات الخيرية، إلا بترتيب هيكلية إدارية تحفظ المال، وتُحسن توزيعه لأصحاب الحاجات التي حددها أهل الصدقة، فيكون الترتيب الإداري واجباً حتى لا تضيع الحقوق والواجبات. والجمعيات الخيرية لا تكون قوية إلا إذا كانت ذات رصيد، ومال وفير، وهذا لايتأتى إلا باستثمار المال المتوفر لديها في مشاريع إنتاجية، وما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب(4). الهوامش: 1 - الأشباه والنظائر للسبكي (2/88) 2 - انظر: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، للدكتور عبد المحسن الصويغ، موقع الألوكة، www.alukah.net/web/sowayegh/0/19191 3 - مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 31/86. 4- انظر هذه المعاني في تيسير التحرير ج 2/ 213، مغني المحتاج ج4 / 213، طرق استثمار الأموال – بحث للدكتور محمد عبد الله عربي – مجمع البحوث ص 130 وما بعدها . اعداد: عيسى القدومي
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() سلسلة الأعمال الخيرية- القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية 21 كل أمين ادعى إيصال الأمانة إلى مستحقها قبل قوله نكمل في هذا العدد ما بدأناه من ضوابط وقواعد للعمل الخيري والوقفي ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من الكتب الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية. كل أمين ادعى إيصال الأمانة إلى مستحقها قبل قوله(1)؛ وكل أمين فالقول قوله في الرد على من ائتمنه، يصدق فيما يدعيه، والوكيل المؤتمن على المال لا يلزمه الإشهاد عند دفع ما وكل في قبضه إلى موكله، فلو أنكر الموكل القبض فالقول قول الوكيل، وقد نص الفقهاء أيضا على أن الوكيل أمين ويده يد أمانة وأنه يقبل قوله في تسليم المال إلى موكله، فإن أنكر موكله التسليم فالقول قول الوكيل مع يمينه.وقالوا : كل أمين ادعى إيصال الأمانة إلى مستحقها قبل قوله بيمينه، كالمودع إذا ادعى الرد والوكيل والناظر، وسواء كان ذلك في حياة مستحقها أم بعد موته، إلا في الوكيل بقبض الدين، إذا ادعى بعد موت الموكل أنه قبضه ودفعه له في حياته لم يقبل قوله، إلا ببينة (2). يصدق قول الناظر فيما يدعيه من الصرف والإنفاق بلا بينة ولا يمين(3)، فيصدق قول الناظر ولا يكذب في صرف غلة الوقف على مستحقيها، إلا إذا ادعى عليه أحد المستحقين أو جلهم ومعهم بينة على ذلك، وللقاضي أن يستبين الأمر بطلب كشوفات الحساب الإجمالية والتفصيلية. وإذا ادعى الناظر أمرا يكذبه الظاهر تزول أمانته وتظهر خيانته، كإدعائه بصرف غلة الوقف على عمارته، ولم يعمر، وهذا ظاهر للعيان. وناظر الوقف مؤتمن على أصل ذلك الوقف وريعه، وكل من يعمل في المشروع الوقفي هو مؤتمن لذلك الأصل المحبوس. فالناظر للوقف هو خازن مؤتمن، مكلف برعاية ما أؤتمن به، فإن أدى هذه الأمانة موفرة كاملة، غير منقوصة أو مستغلة، مع طيب نفس ورضا وسرور منه، بهذا يكون هو أحد المتصدقين، أي له ثواب كالمتصدق؛ لأنه أعان صاحب المال على إيصال المال والصدقة إلى مستحقيها. وتخوين الأمين من علامات الساعة، قال صلى الله عليه وسلم: «سَيأتي على الناسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فيها الكَاذِبُ، ويُكَذَّبُ فيها الصَّادِقُ، ويُؤْتَمَنُ فيها الخَائِنُ، ويُخَوَّنُ فيها الأَمِينُ، ويَنْطِقُ فيها الرُّوَيْبِضَةُ. قيل: وما الرُّوَيْبِضَةُ؟ قال: الرجلُ التَّافِهُ، يتكلَّمُ في أَمْرِ العَامَّةِ» (4). ومن التطبيقات الخيرية والوقفية المتعلقة بهذه القاعدة: يقبل قول القائمين على المؤسسات الخيرية، ولا يخونون جزافاً، إذا أقروا بأنهم أوصلوا المساعدات إلى مستحقيها. والناظر للوقف يقبل قوله في توزيع ريع الوقف، واليمين على من ادعى عدم إيصالها وتوزيعها. يصدق الناظر الأمين إذا ادعى صرف ما في يده من غلة الوقف. للقاضي أن يحاسب الناظر عن غلة السنة التي قبضها من أجور عقاراته ومحصول مزروعاته، وعما أنفقه منها في صالح الوقف ومهملته وعماراته وما صرفه على أصحاب الوظائف وعلى المستحقين؛ ولا يتصدر لمحاسبته من ليس أهلاً لذلك. الأمين في الأمة والذي يعمل على حفظ الحقوق وقضاء حوائج الناس مُصان العرض، حتى لا يمتنع الخزنة الأمناء في حفظ الأمانة وأدائها . والجابي الأمين كذلك يقبل قوله باليمين - إن اضطر إلى ذلك – فيما لا يكذبه الظاهر. على العاملين في المؤسسات الخيرية والمكلفين بصرف المستحقات على أهل الحاجة أن يتبعوا النظم المحاسبية في إثبات الصرف براءة لذمتهم. الهوامش: 1- الأشباه والنظائر لابن نجيم 275، المنثور في القواعد 3/111، والأشباه والنظائر لابن السبكي 1/361. 2- حاشية ابن عابدين 4/506، 507، والمبسوط 11/143 ط دار المعرفة. 3- انظر: قانون العدل والإنصاف للقضاء على مشكلات الأوقاف، ص 66 مادة 218، محمد قدري باشا، نقلا عن ( الدر المحتار ورد المحتار 558 ). 4- سلسلة الصحيحة للألباني،برقم 1887. اعداد: عيسى القدومي
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() سلسلة الأعمال الخيرية- القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية 25- المفرط ضامن نكمل في هذا العدد ما بدأناه من ضوابط وقواعد للعمل الخيري والوقفي ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع؛ الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من الكتب الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية . «المفرط ضامن» (1) قاعدة المراد فيها أن كل من تحقق منه نوع تفريط فيما كان عليه من التزام معنوي كالعهود والوعود أو مادي كالأمانة والعين المؤجرة من وقف وغيره ونحوه فقد لزمه الضمان والعوض في كل بحسبه حفظاً للحقوق ورعاية العهود، وجبراً للأضرار وزجراً للجناة وحداً للاعتداء.وقد شدد الفقهاء في إجبار المعتدي على الوقف أن يعيده كما كان وإن لم يكن ذلك تؤخذ منه القيمة ليشتري بها وقفا مكانه ولهذا على المعتدي الضمان بالقيمة(2). قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن كان قد أتلفه بفعله أو بتفريطه أو عدوانه فهو ضامن؛ لأن غايته أن تكون يده يد أمانة، ويد الأمانة إذا أتلفت شيئاً أو تلف بتفريطها أو عدوانها ضمنته كيد المستأجر والمودع والمضارب والوكيل(3). وقال ابن فرحون رحمه الله : «ومن كسر خشبا من خشب المسجد فعليه أن يرد البنيان والخشب كما كان، ولا تؤخذ منه القيمة؛ خوفا من أن تؤخذ القيمة فلا يرد على حاله، فيؤدي ذلك إلى تغيير هيئة الحبس»(4). وقال ابن تيمية في شأن الناظر : فإن كان قد أتلفه بفعله أو بتفريطه أو عدوانه فهو ضامن؛ لأن غايته أن تكون يده يد أمانة، ويد الأمانة إذا أتلفت شيئاً أو تلف بتفريطها أو عدوانها ضمنته كيد المستأجر والمودع والمضارب والوكيل(5). ومنهم من يرى أن التعدي العمد يلزم إعادته كما كان، وفي الخطأ تؤخذ القيمة، وبعض العلماء ينص على تغريم المعتدي على الوقف زيادة على تضمينه، جاء في كتاب ابن عابدين: «ألزم بهدم ما صنع وإعادة الوقف إلى الصفة التي كان عليها بعد تعزيره بما يليق بحاله»(6). والتعزير مرده إلى ولي الأمر، وما يضع من أحكام تكفل وتضمن المحافظة على الوقف وصيانته من أيدي العابثين. ومن التطبيقات العملية لهذه القاعدة: وجوب الضمان على الناظر الذي فرط في حماية الوقف والدفاع عن المسلمين فلحقهم ضرر بتركه فوجب الضمان للمضمون له(7). من ترك الاحتياط لوقايةٍ الأموال الوقفية ضد المخاطر، وضمان أمنها وسلامتها عن طريق وسائل تشريعية وقانونية أو مادية، وهو متولٍّ لذلك، فهو ضامن . الوقف إذا أتلفه متلف فإنه يؤخذ منه عوضه يشترى به ما يقوم مقامه(8). لو غصب الوقف غاصب فتلف تحت يده العادية فعليه ضمانه باتفاق العلماء(9). ويلزم المعتدي أن يضمن ما تُلف منه . الترك كالفعل في باب الضمان؛ فلو ترك القيم والمتولي لأمر الوقف رعاية الوقف وتلف عينه أو ريعه فإنه ضامن. إذا أجر الناظر عين الوقف بقيمة أقل من سعر المثل تفريطاً منه فهو ضامن للنقص، وكذلك إذا باع أقل قيمة المثل وسلم المبيع فهو كذلك ضامن للنقص. إذا ترك الناظر والمتولي على الوقف جيران الوقف البناء على جدار الوقف ما يضر به، فإنه ضامن، فليس لأحد أن يبني على جدار الوقف ما يضر به باتفاق المسلمين»(10). والضمان لا يجب بالاحتمال، وذلك لأن الأصل براءة الذمة»(11)، فلا يضمن إلا إذا تيقن وثبت التفريط في حفظ الأمانة. وكل من يعمل في المؤسسات الوقفية والخيرية فهو ضامن إذا تسبب بإفراطه وإهماله في تضييع رعاية وحفظ وتوزيع ما أؤتمن عليه . ومن أساء استخدام المرافق الوقفية وتسبب بأعطال فيها فإنه يضمنها. والمؤسسات الوقفية والخيرية، أمينة فيما في يدها، فإن أخذ وصودر المال الذي بحوزتها من غير تفريط، بل بقرارات جائرة واتهامات باطلة، فلا تضمن ذلك المال؛- لأنها لم تفرط . الهوامش: 1 - مجموع الفتاوي (31/200) وذكرها بلفظ «متى فرط العامل في المال أو اعتدى فعليه ظمانه» كما في (30/88)، وانظر الأم للشافعي (3/190) الفروق للقرافي ( 2/207)؛ حيث وردت عنده بلفظ (التسبب موجب للضمان) قال: لكن حصل الاتفاق من حيث الجملة ثم ذكرها، وراجع إعلام الموقعين (4/43)، والطرق الحكمية (ص126) بلفظ «من تسبب إلى إتلاف مال غيره وجب عليه ضمانه»، وفتاوي ابن الصلاح (1/331و337)، وفتح الباري لابن حجر (5/98) بلفظ «الترك كالفعل في باب الضمان». 2 - ينظر أحكام الأوقاف ص202 . 3 - مجموع الفتاوي (29/197). 4 - تبصرة الحكام (2/173). 5 -مجموع الفتاوي (29/197). 6 - حاشية ابن عابدين ( 6/523). 7 - راجع مجموع الفتاوي (28/184-185). 8 - الفتاوي الكبرى (3/542) ومجموع الفتاوي (31/265،230). 9 - الفتاوي الكبرى (3/542) ومجموع الفتاوي (31/265). 10 - مجموعة الفتاوي (31/199). 11 - مجموع الفتاوي (31/79)، وراجع الهداية مع فتح القدير (10/304)، والمغني لابن قدامة (12/62). اعداد: عيسى القدومي
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() سلسلة الأعمال الخيرية- القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية 26- يجب عزل كل خائن من النُّظَّار والمُتَولِّين، والخيانة لا تتجزأ نكمل في هذا العدد ما بدأناه من ضوابط وقواعد للعمل الخيري والوقفي ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع؛ الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من الكتب الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية. يجب عزل كل خائن من النُّظَّار والمُتَولِّين(1)، حتى ولو كان من ثبتت خيانته هو الواقف نفسه، إذا لم يُراع الناظر أو المتولي شرط الواقف مثلاً وخان الوقف، وجب على القاضي عزله، وإلا أثِم.ويُعد الناظر أمينا على مال الوقف ووكيلاً عن المستحقين؛ فهو مسؤول عما ينشأ عن التقصير نحو أعيان الوقف وغلته وفقاً للقواعد العامة للمسؤولية. ويُعزل الناظر أو المتولي في الحالات الآتية: أ- إذا ثبتت خيانته. ب- أو أصبح عاجزاً عن إدارة الوقف عجزاً يمنعه عن القيام بشؤونه. جـ- أو أهمل القيام بواجبات التولية، كما لو أهمل عمارة الوقف الضرورية بدون عذر مشروع مع وجود الغلة في يده، أو تمكنه من الاستدانة. د- أو سقطت أهليته. هـ - أو ثبت سَفَهه. ولكن ليس للقاضي عزل المتولي المشروطة له التولية ما لم تثبت خيانته، وإذا عزله وعيَّن غيره بمحله، فلا يكون هذا المتولِّي معيَناً من جانب القاضي، ولم تكن التولية مشروطة له، جاز للقاضي عزله ولو لم تثبت خيانته على قول بعضهم، ولم تجز له ذلك على أقوال أخرى(2). وجاء في الاختيارات الفقهية: «ويجوز للحاكم عزل ناظر الوقف إن ثبت فسقه، أو أضر في تصرفه بالوقف»(3). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «إن من ثبت فسقه أو أضر في تصرفه فإما أن ينعزل أو يعزل(4)». ومن التطبيقات العملية لهذه القاعدة: - يجوز لمن ولىّ ناظراً على الوقف أن يعزله سواء كان من ولاه النظارة الواقف أم القاضي؛ لأن القاضي له حق العزل لخيانة تثبت على الناظر أو لفقدانه أهليته. - وعَزل المتَّهم بالخيانة من حقوق القاضي، فإذا تحققت خيانته وجب على القاضي عزلَه، لإزالة الضرر عن الفقراء، أو الموقوف عليهم. - ويُلغى كلُّ شرطٍ مُخلٍّ وليس فيه مصلحة أو فائدة للوقف، كما لو اشترط الواقف بألا يُعزل المتولِّي الخائن(5)، فلا يؤخذ بشرطه؛ لأنه يضر بالوقف. - والخيانة لا تتجزأ، لو أن الوصي على شركات عدة، أو المتولي على أوقاف عدة خان في أحدها وجب عزله من جميعها(6). - فإذا كان أحدٌ متولياً على أوقاف عدة، وثبتت خيانته في بعضها ينعزل من الكل؛ لأنه خان في إحداها وهذا أدعى ليخون في غيرها؛ وليس شرطاً أن يخون في كل الأوقاف حتى يعزل منها جميعاً. - وإن اشترط الواقف أن يتولى بنفسه نظارة وقفه، وألا يعزله القاضي بحال من الأحوال وإن خان وقصر، عد ذلك الفقهاء شرطاً باطلاً مخالفاً للشرع، فلا يؤخذ به، وقد أجمع العلماء والفقهاء بأن من شروط الواقفين ما هو صحيح معتبَر يُعمل به، ومنها ما ليس كذلك. الهوامش: 1 - ترتيب الصنوف في أحكام الوقوف، على حيدر أفندي، ص 20. 2- المرجع نفسه، ص 20. 3 - الاختيارات الفقهية ص 174. 4 « رد المحتار» 4/338. 5 - الفتاوى الكبرى (4/508). 6 - «رد المحتار» 4/338. 7-المدخل العام، الزرقا 2/1079، حمزة: الفرائد البهية: 154. اعداد: عيسى القدومي
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() سلسلة الأعمال الخيرية- القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية 27- يُقدَّم في ولاية الوقف من عُرفت قوته وأمانته نكمل في هذا العدد ما بدأناه من ضوابط وقواعد للعمل الخيري والوقفي ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع؛ الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من الكتب الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية. يقدم في ولاية الوقف من عرفت قوته وأمانته(1)، المراد من هذه القاعدة: وجوب تقديم صاحب القوة والأمانة في نظارة الأوقاف والإشراف عليها على من ليس كذلك؛ لما في ذلك من تحقيق لمقصود الوقف وإعمال لشروط الواقف، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.وفي قاعدة أخرى: «يقدَّم في كل ولاية - كلَّ موطن - من هو أقوم بمصالحها»(2)؛ وهذه القاعدة توضح الشرط الذي لا بد من توفُّره في كل من يراد توليته أو إسناد عمل إليه، وهذا يختلف باختلاف المهام والأعمال؛ إذ كل عمل يحتاج لمهارة معينة؛ فيقدَّم في كل عمل من كان أدرى وأقوم بمصالحها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: «إذا كانت الحاجة في الولاية إلى الأمانة أشد قدم الأمين مثل حفظ الأموال ونحوها، فأما استخراجها وحفظها فلابد فيه من قوة وأمانة، فيولى عليها شاد قوي يستخرجها بقوته، وكاتب أمين يحفظها بخبرته وأمانته(3)». وقال في موضع آخر: «يجب أن يُولى على الوظائف الأحق شرعاً.(4) وأفتى كذلك في عدم جواز عزل الأحق بالإمامة شرعاً(5)». وطالب الولاية لا يولى: فمن طلب أن يكون والياً إما برئاسة أو إدارة أو غيرها من المناصب؛ فإنه لا يولى؛ لأنه بطلبه للمنصب دالٌّ على أن له غرضاً دنيوياً وليس مقصده إقامةَ شرع الله وأداءَ حقوق العباد. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إنَّا، والله لا نولي على هذا العمل أحداً سأله، ولا أحداً حرصَ عليه»(6). ومن التطبيقات العملية لهذه القاعدة: - ينبغي على المؤسسات الوقفية والخيرية، حين تختار العاملين والمتولين لأعمالها والقيام بواجباتها جمع القوة والأمانة. - الخلل في أداء الأعمال الخيرية والوقفية لا يكون إلا بفقد القوة والأمانة أو بفقد إحداها. - والوظائف في الأعمال الوقفية يولى فيها الأحق شرعاً. - والواجب في كل وظيفة أن يقدم الأصلح بحسبها؛ لأن اجتماع القوة والأمانة في الناس قليل، فيختار الأصلح حسب طبيعة ذلك العمل. - ولا يلزم من صلاحية شخص لمكان أن يصلح لكل مكان، بل لابد من النظر إلى طبيعة الولاية وقدرة الشخص على تحقيق مقاصدها. - ولذا على المؤسسات الخيرية والوقفية الإخلاص لله -تعالى- في اختيار من يلي أمور المسلمين، والنظر إلى كفاءة الإنسان وقدرته على تحقيق مقاصد الولاية التي سيتولاها، فليس كل صالح في نفسه يكون صالحاً في ولايته. - وإذا تعين رجلان أحدهما أعظم أمانة والآخر أعظم قوة، قدم أنفعهما لتلك الولاية وأقلهما ضرراً فيها، فيقدم في إمارة الحروب الرجل القوي الشجاع، وإن كان فيه فجور فيها، على الرجل الضعيف العاجز وإن كان أميناً وإن كان الحاجة في الولاية إلى الأمانة أشد قدم الأمين مثل حفظ الأموال ونحوها(7). الهوامش: 1- مجموع الفتاوي (31/74). 2- الفروق: (3/102). 3- مجموع الفتاوي (28/ 257-258). 4- الاختيارات الفقهية (ص175)، والفتاوى الكبرى (4/509). 5- راجع مجموع الفتاوى (31/95). 6- أخرجه مسلم في صحيحه، برقم 1733. 7- انظر للاستزادة: مجموع الفتاوى (28/255). اعداد: عيسى القدومي
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |