زوجي بخيل علي بماله واهتمامه

[ابوالوليد المسلم]

زوجي بخيل علي بماله واهتمامه
الشيخ محمد بن إبراهيم السبر


السؤال:

♦ الملخص:
زوجة تشكو بخلَ زوجها عليه بماله، فهو - مع راتبه العالي - لا ينفق إلا النزر اليسير منه، مضيِّقًا عليهم في المعيشة، وتشكو أيضًا انشغاله الدائم بعمله، وعدم منحها جزءًا من وقته لمشاركتها المشاعر والمشاكل، وتسأل: ما الحل؟

♦ السؤال:
السلام عليكم.


أنا أمٌّ لطفلين، زوجي يعمل في مجال الصيدلة في المملكة العربية السعودية وراتبه عالٍ، ويدوم عمله لساعات طويلة، مشكلتي أنني أعاني بخله عليَّ بالمال، والوقت، والتواصل والمشاعر؛ فهو يعمل طوال الوقت وإجازاته قليلة جدًّا، ويعود من عمله منهكًا، ولا يقضي معنا إلا الوقت اليسير، وينام كثيرًا جدًّا – حتى في الإجازات – فلو أنه أخذ كفايته من النوم، فإنه يزيد نومًا على نومه بحجة تعبه من العمل، لذا فأنا أعاني الوحدة، وأفتقد التواصل والمشاركة في أمور كثيرة، وهو – أيضًا -أيضًا - لا ينفق علينا من راتبه إلا ٣٠ % فقط، والباقي يدفعه أقساطًا، ويشتري به عقارات؛ رغبة في استثمار المال وتأمين المستقبل.


في البداية كنت أتقبل الوضع وأصبر، وأقول: هو طَمُوحٌ، ويريد لنا الخير في المستقبل، ولم يكن - أولَّ زواجنا – ذا دخل عالٍ، وكان ذا ديون والتزامات، فصبرت هذه المدة وتحاملت لهذه الأسباب، ولكن بعد سبع سنوات، وكل شهر يدخر أغلب الراتب، ويُبقِي لنا ما يسد الاحتياجات الأساسية فحسب - تعبتُ من هذا الوضع، فنحن في ضغط مادي طوال الوقت، مع ضغط العمل المستمر، وعدم وجوده معنا، أرى أن هذا ظلم لنا، وقد طالبته أن يوسِّعَ علينا في المسكن والملبس والمأكل بما وسَّع الله عليه؛ وذكَّرته بالآية: ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ﴾ [الطلاق: 7]، لكنه يرفض ويرى أن إنفاق أكثر من هذه النسبة من الراتب سَفَهٌ وقلة عقل، وأن ما يفعله هو عَينُ الحكمة، ويرى أنني غير راضية، وأنا بالفعل غير راضية بهذا الوضع، وأرى أن عليه أن يوسِّعَ علينا في المسكن، فهو يستأجر بيتًا صغيرًا، إيجاره رخيص، فما يضره إن طلبتُ بيتًا واسعًا ومريحًا، وهو يقدر على ذلك؟ هل بذلك أكون مادية وغير راضية؟ هو يرفض أشياء كثيرة لأنها غالية الثمن في نظره، مع أن أغلب الناس حتى الأقل منه مالًا وقدرة ينفقون أموالهم في سبيلها، وهذا يشعرني بالضيق في الحياة معه، ولا أرى أنني أستحق ذلك، فأنا من بيت كريم وتربيت على السَّعَةِ والكرم وعدم التقتير، وهذا الطبع لا أقدر على تحمُّلِه، كما أنني لا أحتمل انشغاله الشديد عني وإهماله لي بحجة ضغوط العمل، فهذا يسبب لي الوحدة والاحتياج لكثير من المشاعر المفقودة، وهذا الوضع جعل الحياة جافة جدًّا، وحرصه الزائد المستمر جعل حبي له في نقصان، ولم أعد أشعر بالأمان معه، فما الحل؟ وجزاكم الله خيرًا.





الجواب:

أختي الكريمة:
مشكلة الزوج في انهماكه في العمل وعدم تنظيم وقته، إضافة إلى بُخْلِهِ وإمساكه؛ ومن هنا لا بد من العمل على تخفيف ضغوط عمله التي تؤثر سلبًا على زوجته وطريقة عَيْشِهِ، وذلك بمصارحته ومحاورته في الوقت المناسب، والبحث معًا لتطوير وترميم الحياة الزوجية، وإخباره مباشرةً بأنَّ لها حقًّا ولأولادها حقًّا، وأنها ترغب بأن تكون جزءًا من عالمه، على الرغم من انشغاله، فلْيُعْطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه.

وكما أنه لا يتنازل عن حقوقه، فمن المهم ألَّا تتنازلي عن حقوقكِ وحقوق بَنِيه، خاصة المالية، والاجتماعية، والنفسية، والتربوية.

وبالنسبة لجمعه المال، فيجب على الزوج أن يوفِّرَ كلَّ مستلزمات الزوجة والبيت من حاجاتٍ ضروريةٍ، وكما هو متعارفٌ عليه بين الناس، ووفق إمكاناته المادية، وضمن المعقول الذي يضمن حياةً كريمةً للزوجة ولأبنائها، وإذا أوْسَعَ الله فأوسعوا.

وتحقيق التوازن ومعالجة جوانب الضعف والوصول لحلول تُرضِي الطرفين، مما يحافظ على الأُلْفة والودِّ بينهما.

وفي حال كونه لم يتغير ولم يستجِبْ، فلا بد من إشراكِ أحد أفراد الأسرة المقربين ليتحدث معه عن هذه الإشكاليات، وضرورة التخلص من عادة إدمان العمل بطريقة تؤثر على واجباته الأخرى، فربما يستجيب له.

أما إذا جربتِ الطرق السابقة مع زوجكِ، ولم تجدي استجابة كافية، أو أوشكتْ طاقة صبركِ على النفاد، فابتعدي قليلًا، فربما يكون ابتعادكِ عنه حافزًا له ليُعِيدَ النظر في تصرفاته وإمساكه، وقد يكون التهديد باللجوء للانفصال الحلَّ لهذه الأمور.

مع الوصية بالدعاء والصبر، وحسن التَّبَعُّلِ معه، وحتمًا سيتغير، وستجدين ما يسرُّكِ بحَولِ الله.