|
رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
![]() وأما الرفث والجدل والفسوق في الحج فالظاهر أنه لا يزول بالتوبة ما حصل للحج به من النقص فإن الآية الكريمة قوية في نفيها عن الحج والحديث وعد الخروج من الذنوب على تركها ومما ينبه عليه أن كل معصية فيها ثلاثة أمور أحدها ذاتها والثاني مخالفة فاعلها لأمر الله تعالى والثالث جزاؤه عليها وكذا كل طاعة ذاتها وامتثاله بها وجزاؤه بالثواب عليها والتوبة عن المعصية إنما تسقط الثالث فتمحوه وتعدمه بالكلية وأما ذاتها وما حصل بها من المخالفة فقد وقعا في الماضي فيستحيل دفعها ويشير إلى ذلك قوله تعالى والذين لا يدعون مع الله إلها آخر إلى قوله إلا من تاب فهو استثناء راجع إلى حكم من تقدم في قوله يلق أثاما وأما وجود تلك المعاصي وكونها مخالفة فلم ترتفع فإن قلت قد قال فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات قلت يستحيل أن تصير السيئة نفسها حسنة وإن ظن ذلك بعضهم وإنما معناه أنه يبدلهم مكان السيئات الماضية حسنات مستقبلة أو يمحو السيئات الماضية من الكتاب ويكتب مكانها الحسنات المستقبلة أو حسنات أخرى من فضله وأما إن ذات السيئة تكون حسنة صادرة من الشخص فمحال إذا عرف ذلك فالزنا مثلا ذاته التي وقعت من الزاني لم يرتفع وجودها فيما مضى بالتوبة لمخالفة الله تعالى إنما ارتفع الإثم عليها وقد قال صلى الله عليه وسلم لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن فذلك القدر من الإيمان الكامل الذي دل الحديث على ارتفاعه [فتاوى السبكي (1/230)] عن الزاني حالة زناه لا يتصور أن يقال إن التوبة تعيده في وقت الزنا الماضي وإنما يعود مثله بعد ذلك وذلك النقص الحاصل منه وقت الزنا لا يرتفع كذلك الغيبة للصائم حصلت نقصا فيه لا يرتفع إلا أن يشاء الله أن يعوضه عنه أو يعامله معاملة من لم ينقص وكذا كونها مخالفة لله لا ترتفع وإنما ترتفع المؤاخذة بها فالمضاد للصوم الكامل هو ذات الغيبة فقط لما فيها من المفسدة أو ذاتها مع المخالفة وكل من المخالفة وذاتها لا أثر للتوبة فيهما فاعلم ذلك وقس عليه سائر الأفعال والتروك ينشرح صدرك لفهم ما قلناه إن شاء الله تعالى .
__________________
|
#12
|
||||
|
||||
![]() الشيء الثاني مما قد يتمسك به لزوال النقص: أنا وجدنا الصلاة تجبر النقص الحاصل فيها بسجود السهو والحج ينجبر النقص فيه بدماء الحيوانات فقد يقال الصوم أيضا ينجبر النقصان الحاصل فيه بالتوبة وإطلاق جبر سهو الصلاة بسجود السهو أطبق عليه الفقهاء في إطلاقاتهم ولم يتعرضوا لتقريره وكان عندي فيه توقف لأن أكثر الأحاديث لم يرد فيها ما يدل على ذلك وفي سنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شك أحدكم في صلاته فليلق الشك وليبن على اليقين فإذا استيقن التمام سجد سجدتين فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة نافلة والسجدتان وإن كانت ناقصة كانت الركعة تماما لصلاته وكانت السجدتان مرغمتي الشيطان وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى سجدتي السهو المرغمتين فكنت أقول لعل الأمر بسجود السهو لإرغام الشيطان فقط لا لجبر الصلاة حتى رأيت في البخاري عن ابن بحينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في صلاة الظهر وعليه جلوس فلما أتم صلاته سجد سجدتين فكبر في كل سجدة وهو جالس قبل أن يسلم وسجدهما الناس معه مكان ما نسي من الجلوس فقوله مكان ما نسي من الجلوس دليل على أنه جابر وهو من كل كلام ابن بحينة والظاهر أنه عن توقيف أو فهم وأيضا فالشيطان قصد نقص الصلاة فإرغامه إنما يحصل بالكمال ولكنه جعل طريقة السجود الذي امتنع الشيطان منه لآدم عليه السلام فالتشهد الأول وغيره مما يجبر من أفعال الصلاة بالسجود فقد يكون نقص الصوم أيضا كذلك ثم نظرت [فتاوى السبكي (1/231)] فوجدت خبر ابن بحينة في السهو بالنقص وهو ترك مأمور فيظهر الجبر فيه ولا يأتي مثله في الصوم إلا إن ثبت لنا أن الشارع جعل الترك لتلك الأمور جزءا من الصوم ومع ذلك قد تركب من الترك والفعل والحديث الذي فيه إرغام الشيطان لم يكن السجود جابرا لشيء فلذلك جعل مرغما فصار سجود السهو على قسمين تارة يكون جابرا وتارة لا يكون جابرا وذلك إذا زاد قياما أو ركوعا أو سجودا ساهيا والإتيان بالمنهيات في الصوم من هذا القبيل ففعل المنهي فيه كزيادة ركعة في الصلاة ولم يجعل الشارع السجود فيها إلا إرغاما فقط لا جابرا فدل على أنه لا نقص فيها اعتبارا بالصورة وعدم التعمد بالفعل الزائد أما هنا فقد حصل تعمد ارتكاب المنهي فالنقص حاصل من حيث المعنى فينبغي أن يكون له جابرا لكن لم يرع من الشرع ذلك فإن قلت المجبور من الصلاة بسجود السهو بعض منها والصوم لم ينقص منه بعض فلا يقاس على الصلاة في ذلك قلت المقصود الجبر من حيث الجملة والجزء الذي هو ركن لا يجبر في شيء من المواضع والأبعاض في الصلاة والواجبات في الحج تجبر والسنن لا تجبر في الصلاة والصوم ليس منقسما كالصلاة إلى أبعاض وغيرها لكن مطلق كونه مطلوبا فيه قد يلحقه بالبعض أو السنة وعلى كل تقدير نحن إنما قلنا ذلك أبدا لما يمكن أن يتمسك به متمسك ونحن لا نرى ذلك ونقول لمن يقصد التمسك به الجبران ليس مما يثبت قياسا وإنما ثبت في الصلاة والحج بنصوص وردت فيه وههنا في الصوم لم يرد ما يقتضي جبره بغيره لا بالتوبة ولا بغيرها وليس لنا نصب جبرانات ولا قياس صحيح في ذلك هنا فوجب الكف عنه وإنا لا نزيد في التوبة على ما اقتضاه نص الشارع فيها ولا نثبت في الصوم جبرانا لعدم الدليل عليه ونثبت النقص فيه لما تقدم من الأدلة ونستصحبه لأن الاستصحاب دليل شرعي حتى يأتي دليل على خلافه .
__________________
|
#13
|
||||
|
||||
![]() هذا الذي يترجح عندي وليس رجحانا قويا بل فيه ثلم كما قدمت ليس من جهة الجبران فإنه لا سبيل إليه هنا بل من جهة محو التوبة لكل أثر الذنب ومن جملة آثاره نقص الصوم إذا سلم أنه نقص به وأنه فات جزء منه كما إذا فات الإمساك من غير نية في صورة الأكل ناسيا والمسألة محتملة وتعظيم قدر العبادة والاحتياط يقتضي ما قلته ليحذر الصائم من ذلك فإن تبين له يوم القيامة خلاف ذلك فذلك فضل من الله وهذا الاحتمال والثلم الذي ذكرته إنما هو لكون هذه المناهي عدمية فلو كان في الصوم أمر ثبوتي [فتاوى السبكي (1/232)] فات عمدا كنت أجزم بأنه لا يزول النقص بالتوبة عن تركه . ولم أجد إلا قوله إني صائم إذا شاتمه أحد فقد جاء في الحديث الأمر به فلو تعمد تركه يبقى النظر في عده جزءا من الصوم . فإن ثبت ذلك ظهر النقص وإنه لا يزول بالتوبة عنه من غير ثلم ولا احتمال ويمكن الاكتفاء بما نقله ابن نصر المروزي من الإجماع في الصلاة ويقاس عليه الصوم وإطلاقه يقتضي أنه لا فرق بين أن يتوب أو لا يتوب وكل ما ذكرناه في التوبة يظهر أنه يأتي مثله في تكفير الصغائر بغير التوبة والله أعلم ) أ.هـ.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |