الحرب والتراث الإسلامي في سوريا - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         مع الصدفيه 27 عاماً علاجاً ودواءاً "لتتمة المشاركات و التعليقات" (اخر مشاركة : alambr - عددالردود : 55 - عددالزوار : 179427 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5016 - عددالزوار : 2150201 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4598 - عددالزوار : 1430455 )           »          كتاب الصيام والحج من الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 10 )           »          كتاب الصيام من الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 32 - عددالزوار : 75 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 65 - عددالزوار : 52399 )           »          تعجيل الزكاة قبل وجوبها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          نسيان تكبيرة الإحرام! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          حُكم من حَنَثَ في اليمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          كيفية أداء صلاة الفجر بعد الشروق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24-10-2022, 03:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,186
الدولة : Egypt
افتراضي الحرب والتراث الإسلامي في سوريا

الحرب والتراث الإسلامي في سوريا
د. أحمد عبدالباقي حسين


من شعر ابن حزم الأندلسي يصف إحراقَ كتبه:
فإن تُحرِقوا القِرطاسَ لا تُحرِقوا الذي
تضمَّنه القِرطاسُ، بل هو في صدري
يسيرُ معي حيثُ استقلَّت ركائبي
وينزلُ إن أنزِلْ ويُدفَنُ في قبري
دعُونيَ مِنْ إحراق رَقٍّ وكاغدٍ
وقولوا بعلمٍ كي يرى الناس مَن يدري


مع بَدْء الصراع والاقتتال الداخلي في سوريا في 2011، كان التراث الثقافي في طليعة هذا الصراع؛ حيث أضحت المواقع الأثرية ملجأَ مَن لا ملجأ له مِن الفارِّين من نيران الحرب من الأطفال والنساء وكبار السن، الذين يبحثون عن الأمان في ظل هذا الصراع.

وفي ظل الظروف الاقتصادية القاسية، وجشع المتاجِرين بالآثار، تعرَّض التراث الثقافي السوري لهجماتٍ من جانب جميع الأطراف في هذا النزاع، وفي ظل نيران الصراع لا يُمكِننا تحديد مدى التخريب الذي تعرَّض له هذا التراث، وكذلك لا يمكن إلقاء المسؤولية النهائية على طرف دون الآخر.

وتخطَّى الأمر إلى المواقع الدينية، وبخاصة الإسلامية منها؛ فأصبحت هدفًا للقصف والتدمير، فالمساجد - باعتبارها نقطةً محورية في تجمع المسلمين ومنطلقهم منها - نالَتْ حظًّا من التخريب في مختلف أنحاء سوريا، ففي درعا التي انطَلَقت منها الاحتجاجات يوم الجمعة (15 مارس عام 2011 م) ضد القمع والفساد وكَبْت الحريات، على إثر حادثةٍ أثارت غضب أهالي حُوران جنوب سوريا؛ حيث تم اعتقال خمسةَ عشرَ طفلًا في 27 / 2/ 2011 م، وتعذيبهم؛ لأنهم كتبوا عباراتٍ مناهضة للنظام، متأثرين بــالاحتجاجات العارِمة التي اندلَعَت في الوطن العربي مطلعَ عام 2011 م، وبخاصة الثورة التُّونُسية، وثورة 25 يناير المصرية، لكن قوَّات الأمن والمخابرات السورية واجهَتْهم بالرصاص الحي في مدينة درعا البلد، ما أدى لمقتل أربعةٍ!
كان المسجد العمري منطلَقًا للاحتجاجات المطالِبة بالحرية السياسية؛ مما عرَّضه للقصف والاقتحام مرتين على الأقل.

أما بالنسبة للتراث المخطوط، فقد أضحى مستهدفًا في هذا الصراع كما الإنسان وتراثه المعماري؛ فنيران الاقتتال أبدًا لا تُفرِّق بين كل ما يقف في طريق قصفِها؛ لذا فمِن واجب الحكومات والجهات المعنِيَّة الحفاظُ على تراث شعوبها المخطوط، وبخاصة إذا كان هذا التراث لا يتعلق بسوريا فقط، بل هو ميراثٌ للعرب والمسلمين كافة، يُعبِّر عن مراحل تاريخية وحضارية لا يمكن إغفالُها أو إنكارها أو التخلِّي عنها.

تجدر الإشارة إلى أن المخطوطات العربية تتفوَّق على المخطوطات الإغريقية في العدد، والتي لا تتعدَّى 60 ألف مخطوط، وذلك حسب تقرير اليونيسكو.

وفي كتابه (المخطوطات العربية) ينفي البروفيسور جانوريوس وتكام - أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة ليدن بهولندا - الادِّعاءَ حول وجود 3 ملايين مخطوط عربي في مكتبات العالم، وذهب إلى أنه لا يمكن حصر المخطوطات العربية حول العالم.

واقع المخطوطات العربية تتداخل فيه الأبعاد التاريخية والعِلْمية والسياسية والأمنية؛ إذ تحفِلُ الأقطار العربية بآلافٍ من الوثائق التي تمثل مصادر لا غنى عنها في البحث التاريخي، إلا أنَّ هذه المخطوطات تعيش خارج دائرة الاهتمام؛ إما لسوء الحفظ، وإما للأوضاع السياسية السائدة في العالم العربي، وإما لعدم الإيمان بقيمتها التاريخية.

في هذا الصدد يشار إلى أن نصف عدد المخطوطات في الوطن العربي معرَّضٌ للتلف والتخريب والضياع، ما لم يتمَّ اتخاذ الإجراءات اللازمة لصيانتها وتأمينها، وبخاصة في مناطق الصراع والاقتتال كسوريا، التي تعرَّضت مخطوطاتٌ ثمينة فيها للتلف والحرق بسبب الحرب، ومنها ما تم إتلافه على يد متعصِّبين، ومنها ما تم سرقته ليُباع في الخارج.

الترميم طريقة الحفظ التقليدية:
أمام هذا الكمِّ الهائل من المخطوطات تقف تحديات كبيرة، فالكثير منها مهدَّد بالاندثار إن لم يتم توفير ظروف الحفظ والتخزين المطلوبة؛ ففي المخازن الرطبة والرفوف المكدَّسة تجتمع عوامل طبيعية - مثل: درجة الحرارة، والرطوبة، والحشرات - لتتلف هذا الإرثَ، الذي يكلِّف ترميمُه أموالًا طائلة، ووقتًا أطول يصل إلى آلاف السنين.

ومن هنا وُجدت عدة مشاريع فردية ومؤسساتية تعمل على ترميم المخطوطات، وهي في الغالب تابعةٌ للمكتبات التي تحتويها.

ترميم المخطوط.. عملية معقَّدة، وتكلفة عالية:
ومِن أبرز الصعوبات التي تواجه عملية الترميم: أن المخطوطات تصل لحالة سيئة جدًّا بسبب العوامل الطبيعية والحيوية والكيميائية التي تعرَّضت لها، إضافة إلى تكلفة المواد المستخدَمة في الترميم، وهي غير متوفِّرة في المناطق العربية المحيطة، مما يحتِّم استيرادها من دول أخرى.

ومما يزيد الأمر تعقيدًا استخدامُ الأحبار العربية الإسلامية في كتابة المخطوطات؛ حيث صُنِعت هذه الأحبار من مواد طبيعية لتكون أكثرَ ديمومة مع الورق، مما يصعِّب مهمة المرمِّمين؛ إذ يتحلل الحبر بالسوائل والمياه والرطوبة، فتعتبر معالجته من أكثر المراحل حساسيةً؛ خشية ضياع النصوص.

ويمر المخطوط خلال ترميمه بـ15 مرحلة على الأقل، وقد تستغرق مجتمعةً من أسبوع إلى عام كامل أحيانًا؛ حيث يعتمد ذلك على وضع المخطوط.

ويبدأ مشوار الترميم بعملية التعقيم بغاز النيتروجين، ثم يمرُّ بمرحلة التنظيف الميكانيكي من الغبار والعوالق، وحتى مرحلة الفهرسة والتصنيف حسب المعايير المتبعة دَوليًّا، ثم مرحلة التصوير الرقمي والترميم الإلكتروني.

ويخضع المخطوط بعد ذلك لمرحلة التجزئة، وإجراء الفحوص المخبرية للحِبْر والألياف، وبعد أن تُغسل الأوراق بمحاليل كيميائية وتُجفف، تُدعَّم بألياف وتُجمع مِن جديد، وتدخل مرحلة الخياطة والتجليد، وتوضع في صناديق خالية من الأحماض؛ لحفظها مستقبلًا من العوامل المختلفة.

معهد المخطوطات العربية والتراث المخطوط:
قامت الجامعة العربية بإنشاءِ معهد إحياء المخطوطات العربية، وذلك في شهر نيسان من عام 1948، وكانت الأهداف المرسومة لهذا المعهد بطبيعة الحال الاهتمام بالمخطوطات العربية أينما كانت، ورصدها، وجمعها، وتصويرها، والتشجيع على تحقيقِها، وفهرستها، وصيانتها، ونشر هذه الفهارس على أوسع نطاق ممكن، مع إصدار نشرة دورية تُعنَى بالمخطوطات وما يتصل بها من أمور.

بدأ المعهد بعد عامٍ مِن تأسيسه بإرسال البعثات إلى الدول العربية والأجنبية لتصوير المخطوطات، ثم توقف عن ذلك في عام 1960 لأسباب ماديَّة، غير أنه بدأ في الحصول على صور المخطوطات عن طريق اليونسكو خلال المدة التي توقَّف فيها، فقد أخذ هذا الأخير على عاتقه أمرَ تصوير المخطوطات في البلاد العربية التي تطلب منه ذلك.

ثم عاد المعهد للتصويرِ فيما بعد، حين توفَّرت الاعتمادات المادية لذلك.

وقد بدأ المعهد عام 1955 بإصدار مجلة نصف سنوية، تُعنَى بالمخطوطات العربية وتقدِّم أخبارها وأخبار المعهد ونشاطاته، كما بدأ بإصدار فهارس للمخطوطات العربية عبر العالم، فضلًا عن نشرة نصف شهرية - ثم أصبحت شهرية - لأخبار التراث العربي، ويستقبل المعهد أعدادًا كبيرة من الباحثين والعلماء والدارسين والمحقِّقين لمراجعة المخطوطات المصوَّرة على ميكروفيلم، ويعمل على تزويد الراغبين بنسخ عنها.

ويعد المعهد اليوم مركزًا للتوثيق الببليوغرافي حول المخطوطات العربية، وتدريب المشتغلين فيها.

ومن الجهود المبذولة للمعهد - فيما يتعلَّق بموضوعنا - قيامه مؤخرًا بنشر كتاب (التراث العربي في أتون الحرب)؛ للدكتورة بغداد عبدالمنعم، التي عبرت في مقدمة كتابها عن خطورة ما وصل إليه تراثنا المخطوط: "لقد وقع التراث تحت الرحى:
رحى التاريخ؛ الإحراق والإغراق في الشام والقدس وبغداد...، وكان الأمر يتمُّ بمراسيم ملكية!

ورحى الحاضر الذي علا فيه صوتُ السرقة بعد أن نضج وعي الآخر بأهمية التراث...، وصار واضحًا أن سرقة التراث هي البوابة لسرقة التاريخ والجغرافيا جميعًا".
تراثنا يلقى عناية كبيرة من الغرب؛ لذا لم يكن مستغربًا أن نجد في ألمانيا وهارفارد مشاريع ضخمة لحفظ إرث المسلمين.

من أجل ذلك بدأ في (نوفمبر/ تشرين الثاني 2013) كلٌّ من معهد الآثار الألماني ومتحف الفن الإسلامي في برلين - عملَ أرشيفات رقمية خاصة في مشروع مشترك يُسمى "مشروع أرشيف التراث السوري"، بتمويل من وزارة الخارجية الألمانية، واستطاعت المؤسستانِ - من خلال فترة عملٍ طويلةِ الأمد في سوريا - أن تحصلا على مجموعة كبيرة جدًّا من البيانات.

ومن المقرر أن يسهم هذا السجلُّ في تعزيز حماية الممتلكات الثقافية، وأن يسمح لاحقًا بعمليات الترميم، وقد صُمم هذا السجل على أساس أن يكون منصَّة مفتوحة للبيانات؛ بحيث ينتقل في يوم من الأيام إلى يدِ السوريين أنفسِهم.
هذا بالنسبة للآثار السورية.

أما بالنسبة للمخطوطات، فهناك (مركز أبحاث التاريخ والفنون والثقافة الإسلامية) "أرسيكا"، وهو مؤسَّسة تابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، التي تتخذ من إسطنبول مقرًّا لها، ويتعاون هذا المركز مع اليونسكو في استعادة الآثار المهرَّبة من مناطق الحروب.
ويعتزم هذا المركز إنشاء مشفى للكتب؛ لإصلاح وتجديد الكتب التاريخية المتضرِّرة.


أقول: إن كل جهد يتم - سواء من مؤسسة عربية أو غربية - للحفاظ على تراثنا في سوريا من الضياع والهلاك، هو جهدٌ مشكور، ولكن دعونا نتساءل: لماذا لا نستخدم ما بين أيدينا من إمكانات تكنولوجية في الحفاظ على التراث الثقافي السوري - وبخاصة المخطوطات - من نيران الاقتتال الداخلي؟!

تتلخص فكرة هذا المشروع في:
القيام بتصوير المخطوطات الموجودة بسوريا على حالتها وبمحتواها الأصلي، سواء بواسطة (السكانر)، أو بأي طريقة تكنولوجية - ورفعها على الشبكة الدولية - باعتبارها ميراثًا إسلاميًّا من حقنا جميعًا استيعابه، فوضعها بهذا الشكل يعدُّ خطوةً مُهمَّة لتوثيقها والحفاظ عليها من السرقة والتدمير، (ومن الممكنِ جعل هذه الخدمة بمقابل مادي يخدُمُ تغطيةَ تكلفة نسخ المخطوطات إلى الوسائط الإلكترونية).

سنتمكَّن مِن الحفاظ على تراثنا الإسلامي بسوريا، وطرحه على الساحة للدراسة والتحقيق، بتكلفة تكادُ تكون في أضيقِ الحدود، وذلك إذا ما قُورنت بعمليات الترميم الباهظة التكلفة؛ وذلك أن الأمر لا يتعدَّى أدوات إلكترونية في متناول الجميع.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.81 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.12%)]