تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 61 - عددالزوار : 523 )           »          فرحة صلاة الفجر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 602 )           »          عزّة المؤمن في العوائق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          "وفعلت فعلتك التي فعلت" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          المساواة حقٌّ إنسانِيّ وقيمةٌ سامية في السيرة النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 73 - عددالزوار : 64868 )           »          كتب في الحديث ينصح بقراءتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          علاج الفتور وضعف التدين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          استعمال الصور في وسائل التعليم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #11  
قديم 15-08-2021, 02:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,243
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

جهة ما يثبت من الشفاعة وجهة ما ينفى منها
(وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ )[الأنعام:51]، هل لأحد يوم القيامة في عرصات القيامة في ساحة الحكم والقضاء، هل هناك من له شفيع وولي سوى الله؟ والله لا أحد، فإذا أراد الله أن يكرم أحدنا قال: أي فلان! شفعناك في فلانة أو فلان. إذا أراد الله أن يشفع امرأً قال: شفعناك فاشفع. ويحدد له فيمن يشفع، ولا تظن -كما يقول المبطلون وكما زور الضالون وضللوا أمة المؤمنين والمسلمين- أن فلاناً القطب هو الذي يشفع، فهذا كله باطل. فنحن لا ننفي وجود من يشفع يوم القيامة لبعض الناس، ولكن ننفي أن يقول أحد: أنا أشفع لفلان، ومن الآن أعطني بستانك أو أعطني منزلك لأشفع لك، فهم يخرجون من بيوتهم وبساتينهم للمشايخ ليشفعوا لهم، يضمنون لهم الشفاعة.
إذاً: لا يملك الشفاعة يوم القيامة أحد إلا الله، هو الذي يأذن لمن شاء أن يشفع تكريماً له، ويبين له من يشفع فيه أيضاً، فلو أراد محمد صلى الله عليه وسلم -وهو رسول الله- أن يشفع في أبي جهل وعقبة بن أبي معيط فلا يصح ذلك ولا يأذن الله له، ( وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى )[النجم:26] عمن يشاء، فلا بد أن يأذن الله لك بأن تشفع، ولا بد وأن يرضى عمن تشفع له، فإذا لم يرض له أن يدخل جنته فلن تستطيع أنت أن تشفع له.
ولا ننسى ذاك المنظر العجيب الذي بينه الرسول صلى الله عليه وسلم في عرصات القيامة في ساحة فصل القضاء، فإن إبراهيم عليه السلام يقول: يا رب! لقد وعدتني ألا تخزيني يوم يبعثون -وهذا جاء في كتاب الله في سورة الشعراء- وهذا أبي الأبعد في النار، فأي خزي أعظم من هذا الخزي يا رب؟ أراد أن يشفع في أبيه، فما كان إلا أن قال الله له: انظر تحت قدميك، فنظر فإذا والده آزر في صورة ذكر من ذكران الضباع ملطخ بالدماء، فما إن نظر إليه إبراهيم حتى اقشعر جلده وصاح: سحقاً سحقاً، أي: بعداً بعداً، فأخذته الملائكة من قوائمه الأربع وألقوه في اصل الجحيم وطابت نفس إبراهيم.
التقوى غاية الإنذار بالقرآن الكريم
إذاً: ( وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ )[الأنعام:51] يتولى أمرهم، ( وَلا شَفِيعٌ )[الأنعام:51] يشفع لهم، بل الله هو الولي وهو الشفيع.ثم علل لهذا بقوله: ( لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ )[الأنعام:51] الله فلا يعصونه، بم يتقى الله يا عباده؟ بتقواه، لا بالحصون ولا بالأسوار ولا بالسحر ولا بالجيوش أبداً، إنما يتقى الله بطاعته وطاعة رسوله فقط، لا شيء آخر إلا بتقوى الله عز وجل، فمن اتقى الله -أي: أطاعه فلم يعصه- فقد زكت نفسه وطابت وطهرت وأصبحت كأرواح الطاهرين، فهذه الروح لا يمكن أن يتلاءم معها العذاب أو الخزي والعار، بل تتلاءم مع أهل الجنة وما فيها من نعيم مقيم.

(وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ )[الأنعام:51]، أنذر بالقرآن يا عبد الله، أنذروا أيها المؤمنون بالقرآن من يخافون الله ويخشون الوقوف بين يديه؛ رجاء أن يتقوه فيتركوا معاصي الله، فكل من يخالط معصية ويباشرها وأنت تعلم ذلك فعلمه وأنذره وخوفه بلقاء الله، فأنت نائب عن رسول الله.
تفسير قوله تعالى: (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ...)
ثم قال تعالى: ( وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ )[الأنعام:52].
سبب نزول الآية الكريمة
هذه نزلت في حادثة معينة وقد تكررت، وهي أنه أيام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة جاءه وفد من المشركين من غلاتهم وكبارهم، وقالوا: إن أردت أن نسمع منك ونفهم ما تقول فأبعد عنا هؤلاء الفقراء والمتسخين لنجلس إليك جلسة خاصة ونفهم ما تقول، أما أن نجلس مع بلال وصهيب وفلان وفلان فلا نستطيع، وقالوا: اكتب لنا بهذا صكاً، وتقول الرواية: استدعى رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً ليكتب، فلما هم صلى الله عليه وسلم بهذا الفعل رجاء أن يدخل هؤلاء الرؤساء في الإسلام فيتبعهم الجهال والعوام وتنتهي هذه الحرب، وهذا من باب الرشد والفهم والبصيرة، فلو أسلم أبو جهل وعقبة وفلان وفلان لأسلمت مكة كلها، هكذا فهم ورغب وأراد أن يطبق، قال سعد بن أبي وقاص : أنا وعبد الله بن مسعود وفلان واثنان معنا لا أسميهما، فلما هم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يطبق هذه المسألة أنزل الله تعالى قوله: ( وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ )[الأنعام:52]، لا تطردهم من أين؟ من مجلسك ليجلس الطغاة والمشركين، إذ كان يجلس حول الكعبة ويجلس حوله الفقراء، وأما الأغنياء فيلوون رءوسهم متكبرين، يقال لهم: اجلسوا لتسمعوا، فيقولون: لن نسمع؛ فهؤلاء يجترئون علينا ويقولون فينا. وهذه الصفة باقية إلى يوم القيامة، أهل الكبر لا يجلسون في مجالس العلم ولا يجالسون الفقراء بحال من الأحوال إلى يوم القيامة، والكتاب كتاب هداية للأبيض والأصفر إلى يوم القيامة.إذاً: ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ )[الكهف:28]، لما أمر بألا يفعل أصبح يجلس مع المؤمنين ثم يقوم عنهم ليتعرض لأولئك الطغاة لعلهم يهتدون، فأنزل الله تعالى: ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ )[الكهف:28] احبسها، ( مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا * وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ )[الكهف:28-29]، هداية من هذه؟ هداية الله، قولوا: آمنا بالله، كيف يكفر بالله؟
ذكر خبر عتاب الله تعالى لنبيه في شأن ابن أم مكتوم
ولا ننسى أيضاً عتاب الله له صلى الله عليه وسلم في سورة عبس، تلك حادثة خاصة؛ حيث كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكلم كبار الطغاة ويدعوهم ليهديهم وعبد الله بن أم مكتوم الأعمى وراءه بعصاه يقول: يا رسول الله! علمني، يا رسول الله! أجبني، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يلتفت لأنه مشغول لعل الله يهدي عمرو بن هشام أو عقبة بن أبي معيط ، فأنزل الله تعالى فيه: ( عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى )[عبس:1-2]، عبس بوجهه وتولى وأعرض، يلتفت إليه ثم يتركه، ( وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى * كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ )[عبس:1-11]، ما إن نزلت هذه حتى كان صلى الله عليه وسلم إذا جاء ابن أم مكتوم فرش له بعض ردائه وأجلسه إلى جنبه، ويقول: مرحباً بالذي عاتبني ربي من أجله! هل تستطيعون هذا؟ هل تقدرون عليه؟ لو أخذتم قبساً من الأخلاق النبوي فذلك يمكن، شخص سجنت أو اتهمت أو أوذيت من أجله ثم تنسى ذلك كله وترحب به وتؤهل وتسهل وتكرمه، من له نصيب من الخلق النبوي من خلق محمد صلى الله عليه وسلم فإنه يفعل هذا.
المراد بالدعاء في الآية الكريمة وبيان مقصد الداعين
(وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ )[الأنعام:52]، وهنا الدعاء بمعنى الذكر والصلاة: صلاة الصبح وصلاة العصر، والغداة قال أهل العلم: هي من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، والعشي: من العصر إلى غروب الشمس.قال تعالى: ( يَدْعُونَ رَبَّهُمْ )[الأنعام:52]، يسألونه ما يريدون أن يكملوا به ويسعدوا، هؤلاء تعرض عنهم وهم يدعون ربهم بالغداة والعشي وتلتفت إلى الآخرين!
(يُرِيدُونَ وَجْهَهُ )[الأنعام:52]، أي: وجه الله عز وجل، فحين يصلون ويذكرون ويبكون ويدعون هل يريدون الدينار والدرهم؟ يريدون ماذا؟ أن ينظر الله إليهم ويحبهم ويغفر لهم ويرفعهم، ما يريدون ديناراً ولا درهماً ولا شهوة، يريدون وجه الله فقط، هؤلاء ( مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ )[الأنعام:52]، لن تحاسب عليهم أنت أبداً، ( وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ )[الأنعام:52] وهم كذلك لا يحاسبون عليك من شيء، إذاً: أنت في طريقك إلى الله وهم في طريقهم إلى الله عز وجل.
حكم طرد الفقراء والمساكين من مجالس الأغنياء ونحوهم
قال تعالى: ( فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ )[الأنعام:52]، إذاً: فطرد الفقراء أو المساكين من مجالس أهل العلم أو مجالس أهل الفضل محرم عندنا لا يجوز، بل إذا جلس فقير ثيابه رثة تكرمه كما تكرم الغني إذا جلس وثيابه جميلة، عرفتم هذه؟ لا تقل: أبعدوه فهذا وسخ فيه كذا، وإذا دخل الغني تهش في وجهه وتفرح!كنت اليوم عند باب المعارج هذه، وكان هناك اثنان أو ثلاثة على رأسهم إمامنا الشيخ علي ، فنزلت من العربة وصافحت الشيخ علياً وأولئك الأغنياء، وكان أمامي فقير لاصق فجئت وسلمت عليه، فتعجب؛ لأنه ليس معتاداً أن يسلم عليه، فذكرت هذه.
يجب ألا ننسى هذه الهداية الربانية، لا فرق بين الغني والفقير، وإن كان هناك فرق بين العاصي والمطيع، بين المذنب والسليم من الذنوب والآثام، أما النسب والحسب والمال واللباس فهذا لا قيمة له أبداً، ها هو الله يؤدب رسوله بقوله تعالى: ( وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ )[الأنعام:52]، ما أنت بمسئول عنهم ولا هم بمسئولين عنك يوم القيامة.
(فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ )[الأنعام:52] من أين؟ من جماعة الظلمة. فهل بعد هذا شيء؟ ( فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ )[الأنعام:52]، وجزاء الظالمين معروف، ومن تلك الساعة والرسول صلى الله عليه وسلم لا يفرق بين غني وفقير، ولا بين شريف ووضيع، وكذلك أصحابه وأتباعه إلى اليوم وإلى يوم القيامة.
تفسير قوله تعالى: (وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا ...)
ثم قال تعالى في بيان حكمة الفقر والغنى: ( وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ )[الأنعام:53]، ابتلاء واختبار من الله لعباده، هذا سليم وهذا مصاب، وهذا مريض وهذا مبتلى، هذا غني وهذا فقير، هذا جميل الوجه وهذا ذميمه، لم فعل الله هذا؟ ما الحكمة؟ ما السر؟ لِمَ لَمْ يخلق الكل على أجمل إنسان؟ لم جعلنا كذا وكذا؟ لم فرق بيننا: هذا أسود وهذا أصفر، هذا مريض وهذا صحيح، هذا فقير وهذا غني، هذا جاهل وهذا كذا، ما الحكمة؟قال: ليختبرهم؛ لأنهم مهيئون لحياة الخلد والبقاء في عالم السماء وعالم الأرض، إذاً: فهذه الدنيا دار امتحان واختبار؛ فلهذا يوجد الفقير والغني والمتسخ والنظيف، وأنت مبتلى بذلك.
(وَكَذَلِكَ فَتَنَّا )[الأنعام:53]، من القائل؟ إنه الله. ( بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ )[الأنعام:53]، الأغنياء بالفقراء، والصالحين بالفاسدين، فتنا بعضهم ببعض ( لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا )[الأنعام:53]، أهؤلاء منَّ الله عليهم وأكرمهم وأعزهم ونحن ما فعل بنا هذا؟
معنى قوله تعالى: (أليس الله بأعلم بالشاكرين)
قال تعالى: ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ )[الأنعام:53]؟ بلى. من هم الشاكرون؟ الذين يعترفون بنعمة الله عليهم ويذكرونها بقلوبهم، ويترجمون ذلك بألسنتهم، ويفصحون عن ذلك بكلمة: الحمد لله.. الحمد لله.. الحمد لله.ثم إن تلك النعمة إذا كانت جاهاً، بحيث صار فلان عنده جاه عند الدولة وعند الأغنياء، أو إذا كنت ذا جاه وجاهك يرتفع ويقبل؛ فأعط للناس شكراً لله عز وجل، إذا كنت ذا صحة بدنية فاشكر نعمة الله، فإذا وجدت من يحمل زنبيلاً ثقيلاً فاحمله معه، أو رأيت من يدفع سيارته فتجرد وادفعها معه، رأيت من يبني جداراً وأنت ليس عندك عمل فشمر ثيابك واشتغل معه في جداره شكراً لله على نعمة هذه الصحة، أو كان عندك مال، أغناك الله وفضلك على غيرك من الناس فاشكر الله بأن تنفق هذا المال فيما يرضي الله عز وجل ويحبه، لا تبخل به، عندك علم فضلك الله به فاشكر الله عز وجل واحمده وعلم، وإذا سألك مؤمن فأجبه ولا تقل: اذهب عني. وبذلك يتم شكرك لله على نعمته، ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ )[الأنعام:53]؟ الجواب: نعم، اللهم اجعلنا منهم، اللهم اجعلنا منهم، اللهم اجعلنا منهم، إنك ولينا ووليهم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 1,148.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 1,146.99 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.15%)]