|
رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() جروحك التي تلعقها أ. محمود توفيق حسين فكرتَ في الامتناع عن كذا وكذا في رمضان..مشاهدة المسلسلات، مشاهدة الكرة، قراءة الكتب المسلية، التدخين، وضع الماكياج، النظر إلى النساء. نوايا حميدة بغير شك ولكن هل قررت أن تمتنع عن اليأس في رمضان؟ أن تمتنع عن اجترار همومك القديمة؟ وعن لعق جروحك المزمنة؟ هل قررت أنه ليس من المناسب أن تظل تكرر في نفسك خلال أيام رمضان ما كنت تكرر في أيامك العادية؟ لن أحصل على عمل مناسب في القريب العاجل مشاكلنا الزوجية دوامة لن تنتهي لن أجد أحدًا يفهمني أبدًا وسأظل للأبد أكلم نفسي سيأتي العيد بغير بسمة بغير نزهة بغير كلمة طيبة من ضيق إلى ضيق.. ولن أجرب مثل الناس أن يتوفر لي شيء في مستنقع الحياة الصعبة الله لا يريدني، ولو أرادني ليسر لي الوقت للصلاة والقيام كمن أحبهم ورضي عنهم..! اعلمْ أنك كمن ورد مع الناس على نهر فحق له الاغتسال ليجدد نشاطه ويتخلص من أدرانه وينعش جسده ويتخلص من رائحة عرقه. وعابرو السبيل لا يفوِّتون فرصة المرور على نهر في الطريق الصعب الطويل المرهق بدون اغتسال. ونحن عابرو سبيل وأغلب أيامنا صعبة ورمضان نهرٌ.. واليأس جنابة الروح فاغتسلْ وتقبَّل ما مرَّ بك وأقبل على الحياة التي أنعم الله عليك بها بقدر من الجد والتفاؤل وأحسن الظنَّ بربك.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() (30) رسالة قصيرة في شهر رمضان فيصل بن سعود الحليبي بسم الله الرحمن الرحيم (1) نتعلم في رمضان: أن نحافظ على صلواتنا في أوقاتها كما نحافظ على صومنا في وقته، تأمَّل اقتران شأن الخشوع في الصلاة مع الصوم في صفات المؤمن، {وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ} [الأحزاب:35]. (2) نتعلم في رمضان: كيف ندير أوقاتنا بكل دقة؛ فشربة ماء واحدة بعد دخول وقت الفجر تفسد الصوم، {وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ} [البقرة:187]. (3) نتعلم في رمضان: أن نسمو بأهدافنا، فليس الهدف من الصيام الجوع والعطش؛ وإنما ليكون المؤمن تقيًا يفعل ما يأمره الله وينتهي عما نهاه عنه، وتلكم التقوى، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} [البقرة:183]. (4) نتعلم في رمضان: أننا نستطيع أن نمسك جوارحنا عن الحرام تعبَّدًا لله تعالى، كما استطعنا أن نمسك أفواهنا عن الشراب والطعام تعبَّدًا له سبحانه، قال ﷺ: «مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ» (رواه البخاري). (5) نتعلم في رمضان: ألا نغش، بل نتذكر أن الله مطلع علينا دائمًا، ولولا هذا الإحسان لأكلنا وشربنا في حال اختفائنا عن أعين من حولنا، والإحسان هو: «أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّه يَرَاكَ» (رواه البخاري). (6) نتعلم في رمضان: تعظيم النعمة، فانظر توقان النفس إليها حال الصيام، والاحتفاء بها عند الإفطار؛ لشدة الحاجة إليها، وإن من تعظيمها: الحفاظ عليها، وعدم امتهانها، وشكر الله عليها، {يَابَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِين} [الأعراف:31]. (7) نتعلم في رمضان: الفرح، فنفرح بكل نعمة أنعم بها الله علينا، فرح الشاكرين لنعمه، ومن أعظمها: نعمة الهداية، فهي تفرحك فرحتين: في الدنيا مِرَارَاً، وحين تلقى الله تعالى أبدًا، قال صلى الله عليه وسلم: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ» (رواه البخاري). (8) نتعلم في رمضان: الصبر على تحقيق الأمنيات الجميلة، فلا مانع أن يترك المرء بعض ملذاته ليحقق ملذات أبقى وأكمل، فيصوم فيغفر الله له، ويترك الملهيات ليحقق النجاح والفلاح، تأمَّل ما جعل الله من أثر على صوم يوم واحد فقط، قال صلى الله عليه وسلم: «من صامَ يومًا في سبيلِ اللهِ زحزحَ اللَّهُ وجْهَهُ عنِ النَّارِ بذلِكَ اليومِ سبعينَ خريفًا» (رواه النسائي وصححه الألباني). (9) نتعلم في رمضان: كيف نضبط انفعالاتنا تجاه كل شيء يثيرها، فالمرء بوقاره أكثر حكمة وهيبة وسلامة، قال النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «وإذا كان يومُ صَومِ أحَدِكم فلا يَرفُثْ ولا يصخَبْ، فإن سابَّهَ أحدٌ أو قاتَلَه فلْيقُلْ: إنِّي امرؤٌ صائِمٌ» (متفق عليه). (10) نتعلم في رمضان: أن ننمي شعورنا بالآخرين، فنفرح معهم في لحظات الفرح كما يحصل ذلك لحظة تفطير الصائمين ولو كانوا أهلك وذريتك، ونواسيهم لحظات الشدة، كما تشعرنا به لحظات العطش والجوع، فنمد لهم يد العون والمساعدة، فإن ذاتك ترتقي حينما تنضم بمشاعرك إلى مشاعر الآخرين، «تَرَى المُؤْمِنِينَ في تَراحُمِهِمْ وتَوادِّهِمْ وتَعاطُفِهِمْ، كَمَثَلِ الجَسَدِ، إذا اشْتَكَى عُضْوًا تَداعَى له سائِرُ جَسَدِهِ بالسَّهَرِ والحُمَّى» (رواه البخاري). (11) نتعلم في رمضان: التيسير والتخفيف ما لم يكن فيهما تجاوز على حدود الله، ألا ترى أن في وسط آيات الصيام قال سبحانه: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة:185]، وفي الحديث: (ما خُيِّرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ أمْرَيْنِ قَطُّ إلَّا أخَذَ أيْسَرَهُمَا، ما لَمْ يَكُنْ إثْمًا، فإنْ كانَ إثْمًا كانَ أبْعَدَ النَّاسِ منه) (رواه البخاري). (12) نتعلم في رمضان: أن نوثِّق الصلة بالقرآن الكريم، كيف وقد أنزله الله فيه فقال سبحانه: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}، فماذا لو كنَّا طيلة السنة مع القرآن كما نكون معه في رمضان!! [البقرة:185]. (13) نتعلم في رمضان: أن نتدرب على قيام الليل؛ ليكون لنا منه نصيب في كل ليلة، فما أجمل التهجد بين يدي الرحمن؛ ابتغاء المغفرة والرضوان، قال صلى الله عليه وسلم ![]() (14) نتعلم في رمضان: كيف تُبْسطُ الأيدي بالعطاء، فلأنَّ الله يضاعف فيه الحسنات، نضاعف نحن بذلنا وإحساننا، (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ) (رواه البخاري). (15) نتعلم في رمضان: أن نؤمل في الله آمالنا التي تليق بعظمته وكرمه، فهو يعطي على القليلِ الكثيرَ الذي لا يحصيه إلا هو سبحانه، قال صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به» (رواه البخاري)، فاعملوا وأخلصوا واتبعوا وأملوا وأبشروا. (16) نتعلم في رمضان: أن الله قريب يجيب دعواتنا الصالحة مهما كانت حاجاتنا، فمن بين آيات الصيام قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186]. (17) نتعلم في رمضان: أن نفوسنا إلى الخير أقرب، فقط تحتاج منا إلى مجاهدة على المعروف، فتُهدى بهدى الله تعالى، {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين} [العنكبوت:69]. (18) نتعلم في رمضان: أن نبادر إلى الفرص فلا نفوّتها؛ فإنها قد لا تعود، تأمَّل كيف وصف الله فرصة رمضان فقال سبحانه: {أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ} [البقرة:184]. (19) نتعلم في رمضان: أن نحب لأحبابنا ما نحبه لأنفسنا، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر الأواخر يوقظ أهله للعبادة، (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ...أَيْقَظَ أَهْلَهُ) (رواه البخاري ومسلم). (20) نتعلم في رمضان: أن القيام بين يدي الله حياة للقلوب، تأمل قول عائشة رضي الله عنها: كَانَ رسُول اللَّهِ ﷺ: (إِذا دَخَلَ العَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْ رمَضَانَ أَحْيا اللَّيْلَ) (متفقٌ عَلَيهِ). (21) نتعلم في رمضان: أن بعض الأعمال ولو كانت قليلة، إلا أن نفعها عظيم، تأمل ليلة القدر، فهي مع كونها ليلة واحدة إلا إنها خير من ألف شهر، {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر} [القدر:3]. (22) نتعلم في رمضان: أن لدينا قوة هائلة من الصبر على طاعة الله تعالى حينما تتوكل النفوس على الله، وترجو ما عنده، وينضم بعضها إلى بعض لتشكل حزمة قوية من التعاون على المصابرة على العبادة، حتى لا يشعر أحدنا بالغربة فيتعب، تأمل كيف تصوم شهرًا كاملاً، وتقوم عددًا من الركعات، حينما كنت لا تفعل ذلك قبل رمضان! (23) نتعلم في رمضان: أن نقضي ما في ذممنا من حقوق لله ولخلقه متى ما قدرنا على ذلك، تدبرها في قوله سبحانه: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184]. (24) نتعلم في رمضان: أنه لا مانع أن يزيد المؤمن من إقباله على الطاعات في مواسم مضاعفة الحسنات، وهذا لا يدل على ضعفه في غيرها، بل يدل على فطنته وعلمه، (فلقد كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَجْتَهِدُ فِي رَمضانَ مَالا يَجْتَهِدُ في غَيْرِهِ، وَفِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ منْه مَالا يَجْتَهدُ في غَيْرِهِ) (رواه مسلم). (25) نتعلم في رمضان: ألا نيأس من روح الله أن نفوز بجنته، فنجدد التوبة إليه سبحانه، قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ لله عتقاءَ في كلِّ يوم وليلة، لكلِّ عبد منهم دعوةٌ مستجابة»، أي: في رمضان، رواه أحمد وهو صحيح، اللهم اجعلنا منهم. (26) نتعلم في رمضان: أن اجتماع الكلمة نعمة، وأن فرقتها فتنة، تأمَّل كيف تجتمع الصفوف في القيام في رمضان، وكيف تأتلف النفوس على موائد الإفطار والسحور، قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الرَّجلَ إذا صلَّى معَ الإمامِ حتَّى ينصرفَ حسبَ لَه قيامُ ليلةٍ» (رواه النسائي وصححه الألباني). (27) نتعلم في رمضان: العفو عن الناس، ففي دعاء ليلة القدر: (اللهمَّ إنك عفوٌّ تُحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي) رواه الترمذي وحسّنه، وكما نحب أن يعفو الله عنا، فلنعف عن خلقه، قال سبحانه: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النور:22]، اللهم إني عفوت عن خلقك فاغفر لي واعف عني. (28) نتعلم في رمضان: أن المؤمن إذا وفَّقه الله للطاعة تجده بين رجاء قبولها، وخوف ردها، فلا يعجب بعمله، ولا يقنط من رحمة ربه، تأملها في قوله سبحانه: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [الزمر:9]. (29) نتعلم في رمضان: أن النفس بحاجة إلى تزكية دورية، تتطهر فيها من اللغو والرفث، تأمَّله في حكمة زكاة الفطر، (فَرَضَ رسولُ اللهِ صدقةَ الفطرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ والرَّفثِ، طُعْمَةً لِلْمَساكِينِ) رواه أبو داود بإسناد حسن. (30) نتعلم في رمضان: أن المؤمن إذا وفقه الله لإتمام الصيام، فإن عليه أن يذكر الله بالتكبير والشكر، ويفرح بعيده فرح الطيبين بفضل الله، قال سبحانه: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:185]. تقبل الله مني ومنكم صالح الأعمال، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() من دروس رمضان الحمدُ لله الحليمِ الشكور، العزيز الغفور، أحْمَد ربِّي وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريك له، العليم بذات الصُّدور، وأشهد أنَّ نبيَّنا وسيِّدنا محمَّدًا عبده ورسوله الدَّاعي إلى كلِّ عملٍ مبرور، اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الحديد: 28]. أيُّها المصلون، تخرج المسلمون في مدرسة الصيام بنسبٍ مُتفاوتة، ونتائج مُتباينة، وإن في ذهاب الأيام والليالي لعبرةً، عشية تمضي، وبكرة تأتي، ألاَ وإنَّ سُرعة مُضِيِّ الليل والنهار لتؤكِّد تقارُب الزمان الذي هو من أشراط الساعة التي أخبرنا بها المصطفى - عليه الصلاة والسلام - كما ثبت في الصحيحين، وفي محكم التنزيل: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: 62]. إخوة الإيمان، لقد ظل المسلمون شهرًا كاملاً ينالون من نفحات ربهم، متقلِّبين بين دعاء وصلاة، وذكر وصدقة وتلاوةٍ للقرآن. وصدق الله إذ يقول: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184]، فسرعان ما انقضت. حقًّا لقد كان رمضانُ مدرسةً تعلمنا منها دروسًا عديدة، فمن أبرز ذلك ما يلي: أولاً: تحقيق العبودية لله - سبحانه - بفعل ما أمر، فالمسلم يُمسك في وقت محدد، ويأكل في وقت معلوم؛ امتثالاً لأمر الله، مراقبًا مولاه. والثاني من دروس رمضان: زيادة الارتباط بالقرآن سماعًا وتلاوة، فكم من الأجر في قراءته! وكم من الأثر عند تدبره! فحَرِيٌّ بالمسلم بعد رمضان أنْ يكونَ له ورد منه يقرؤه يوميًّا، وفي "صحيح البخاري" قال - عليه الصلاة والسلام - لعبدالله بن عمرو: «اقرأ القرآنَ في شهر»، قلت: إنِّي أجد قوة، حتى قال: «فاقرأه في سبع، ولا تزد على ذلك»، إنك - رعاك الله - حين تقرأ ورقتين مع كل صلاة مفروضة تَختم القرآن كُلَّ شهر. وإنَّ من دروس الصيام التربوية تربيةَ النفس على الصبر، ففي رمضان تَجتمع أنواعُ الصبر الثلاثة: صبر على الطاعة، وعن المعصية، وعلى أقدار الله. ومن الآثار الطيبة التي تركها رمضان: إِلْف المُكث في المسجد والبقاء فيه، والمساجد بيوت الله، فكم من الخيرات يُحصِّلها من طال بقاؤه في المسجد. ومن دروس رمضان المهمة: تعوُّد المسلم على صلاة الليل، وعلى المسلم أن يتدرج بنفسه، فيا مَن كان لا يُصلي الوتر، حافظ على ركعة، ويا من كان يوتر بواحدة قبل رمضان، حافظ الآن على ثلاث، ويا من كان يوتر بثلاث، حافظ الآن على خمس وهكذا، والمصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يوتر بإحدى عشرة ركعة. وفي الصحيحين عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: "كان الرجلُ في حياة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا رأى رؤيا، قصَّها على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: وكنت غلامًا شابًّا عَزَبًا، وكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فرأيتُ في النوم كأنَّ مَلكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطَيِّ البئر، وإذا لها قرنان كقرني البئر، وإذا فيها ناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، قال: فلقيهما ملك، فقال لي: لَمْ تُرَعْ، فقصصتها على حفصة، فقصتها على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «نِعْمَ الرجل عبدالله، لو كان يصلي من الليل»، قال سالم: فكان عبدالله بعد ذلك لا ينام من الليل إلاَّ قليلاً. إخوة الإسلام، حَقًّا لقد كان الصيامُ مدرسةً إيمانية تربوية، فانظر كيف يربِّي المسلمَ على تنزيه لسانه عن الفُحش والحرام من سبٍّ وغيبة وكذب وغير ذلك. بل كم قَوَّى رمضان، وأظهر وحدة المسلمين في أصقاع المعمورة! فالناس تُمسك في وقت واحد، ثم تفطر في وقت واحد. كم تعود المسلم في هذا الشهر على البذل والصدقة! وكم هو جميل أن يُخصص المسلم جزءًا من ماله يتصدق به كل شهر؛ {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39]. كم يرفع المسلم كفيه إلى السماء يتضرع إلى مولاه الكريم، ويَسأله العفو والصفح، ويطلب منه من خيري الدُّنيا والآخرة! نعم أيُّها الفضلاء، هذه دروس يسيرة من آثار شهر الصيام الكبيرة الكثيرة، نفعني الله وإيَّاكم بالقرآن والسنة، وبما صرَّف فيهما من الآيات والحكمة، واستغفروا الله إنه كان غفارًا. أيُّها الفضلاء، إذا كان للصوم هذه الفوائد المتنوعة وغيرها، فحريٌّ بالمسلم أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، كما وصى بذلك الحبيب - صلَّى الله عليه وسلَّم - أصحابه، فالصيام قوة في الإيمان، وعافية في الأبدان، فاستعنْ بالله واعقد العزم على ذلك. إخوة الإسلام، إنَّ الشارع الحكيم قد سنَّ صيام الست من شوال، وجعل ذلك من مُتابعة الإحسان بالإحسان، فقد قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «مَن صام رمضان وأتبعه بسِتٍّ من شوال كان كصيام الدهر كله»؛ (رواه مسلم). وقد قال بعض أهل العلم: إنَّ وجه كون صيام الست بعد رمضان كصيام الدهر، هو أنَّ الله - جلَّ وعلا - جعل الحسنة بعشر أمثالها، كما في قوله: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160]، فصيام رمضان يُعدُّ مُضاعفًا بعشرة شهور، وصيام الست بستين يومًا، فيتحصَّل من ذلك أجرُ صيام سنة كاملة، والله أعلم. __________________________________________________ _____ الكاتب: حسام بن عبدالعزيز الجبرين
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |