علم الغيب - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         مرصد الأحداث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          معركة ملاذ كرد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الشوق للجنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          المُتشابه اللَّفظي فـي القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          جعفر شيخ إدريس: فيلسوف العلماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          تحريم إبرام اليمين وتوكيدها ممن يَعلم عجزَه أو كذبه فيها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          تخريج حديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذهب أبعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 479 - عددالزوار : 164085 )           »          من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 1115 )           »          وقفات إيمانية وتربوية حول اسم الله العفو جل جلاله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-08-2020, 03:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,635
الدولة : Egypt
افتراضي علم الغيب

علم الغيب
إبراهيم شعبان يوسف





من توحيد الإلهيَّة اعتقادُ المسلم أنَّ الغيب علمٌ يختصُّ به الله سبحانه وتعالى، وليس لأحد ادِّعاء ذلك، وأنَّ المولى جلَّ جلاله لا يُطلِع عليه أحدًا إلَّا من ارتضى من رسول؛ تثيبتًا لدعوته، ودعمًا لرسالته؛ كما قال تبارك وتعالى: ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ﴾ [الجن: 26، 27].

والآيات في هذا الباب أكثر من أن تُحصى؛ حيث تشرق نورًا في قلوب الموحِّدين؛ عقيدة وتلاوة، وأجمَعُ آية شاهدة في محلِّ النزاع قوله تعالى: ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [الأنعام: 59].

نعم، إنَّ جلال الحقِّ يهيمِن على القلوب، وإشراقُ الهدى يزيل الظلامَ ويُنير السبيلَ، ولا ينكر ذلك إلَّا من خَتم الله على قلبه وسمعِه وجعل على بصره غِشاوة، مَن ذا الذي يعلم الغيبَ سوى الله حتى نَسأله عن مكنون البرِّ والبحر، ونستفسر منه عن عدد الأوراق التي سقطَت من أشجارها، وكم كل نوعٍ منها، وما عدد الحبوب في غياهب الأرض، ومتى تنبت، وما أنواعها، ونتاج ذلك، وكم منها سيكون رطبًا ويابسًا؟

لن تجد إلَّا هروبًا من الميدان، بل ولن تَجد من يَجرؤ على أن يدلَّك على ما في نفسه دقَّة وإحكامًا، أو عدد نبض القلب وتردُّد النَّفَس اليومي، أو طرف العين أو شعر الرأس، إلى آخر ما في مفهوم قول الحق سبحانه: ﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الذاريات: 21]، وكلُّ ذلك من خصائص الله جلَّت قدرتُه؛ كما قال: ﴿ قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴾ [النمل: 65].

وفي ذلك من الحِكمة الإلهيَّة ما يُجلي صدأَ القلوب وينير البصائر؛ كي يظلَّ دولاب الحياة سائرًا دون عطب؛ إذ لو أن كل إنسانٍ علِم ما يَحدث له مستقبلًا لتوقفَت الحياة وشلَّت حركتها، وبيان ذلك قول الله سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 34].

ومع هذا البيان الكافي والبَلسم الشَّافي يأبي محرِّفو الكلِم عن مواضعه إلَّا أن يوهِموا أمثالَهم قائلين - تثبيتًا للضَّلال في العقول -: إنَّ الشيخ الفلاني أرشَدَ على المخبوء الذي حار فيه النطاسيون والمهَرَة، وما أدراك ما أرباب (المندل، وضارب الودَع، وقارئة الفنجان والكفِّ).

إنَّ الغيب منفيٌّ عن سوى الله سبحانه، وتعالوا نناقِش هذه القضيَّة بإيجازٍ؛ حيث لن أكون أول من تكلَّم فيها؛ فلقد سَبقني المنصفون بيانًا وتبيانًا.

الملائكة لا يعلمون الغيب:
نعم، الملائكة وهم ﴿ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ﴾ [الأنبياء: 26]، ﴿ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ﴾ [الأنبياء: 20]، ﴿ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]، لا عِلم لهم بالغيب الذي اختصَّ الله به نفسَه، وبيان ذلك في قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 30].

وتمضي الآيات الكريمة العظيمة تفند اختيارَ الله لآدم واصطفاءه عليهم، حتى عقد اختبارًا لهم أمام آدم، فكانت النَّتيجة عجزهم التام، ونجاح آدم عليه السلام، وظهر الحقُّ في اختيار الحقِّ، وختم المطاف بقول الله: ﴿ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾ [البقرة: 33].

الجن لا يعلمون الغيب:
كذلك الجنُّ لا يَعلمون الغيب، ولا أدلَّ على ذلك من مَوقفهم مع رسول الله سليمان؛ حيث قُضي عليه متوكِّئًا على عصاه، وظلَّ هكذا حتى خرَّ على الأرض بلا حراكٍ، والجنُّ يَعملون له ما يشاء من مَحاريب وتَماثيل وجفانٍ كالجواب وقدورٍ راسيات؛ وذلك عمل مرهِق لا يقوى عليه إلَّا الجنُّ حيث سخَّرهم الله لسليمان عليه السلام، فماذا قال الجنُّ حين رأَوا السلطان خرَّ ميتًا؟ قالوا ما قصَّه الله تعالى في سورة سبأ: ﴿ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ﴾ [سبأ: 14]، ولو كانوا يعلمون الغيب كما هو في زعم المناوئين للحقِّ، فلِماذا لم يَعرفوا من أول وهلةٍ سببَ رجمهم بشهب السماء؟

ثمَّ لنقرأ قولَ الجنِّ أنفسهم فيما قصَّه الله في السورة المسمَّاة باسمهم: ﴿ وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا ﴾ [الجن: 10].

الإنس لا يعلمون الغيب:
وكذلك الإنس لا عِلم لهم بالغيب، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو حيث قد علمتَ منزلته عند الله - لا عِلم له بالغيب، إلَّا بقدر ما أَطلعه الله عليه؛ دعمًا للنبوة، وتثبيتًا للرسالة؛ كما مرَّ بك آنفًا.

وعليك أن تَنظر في كتاب الله سبحانه تجد أنَّ الله يقول للرسول محمد عليه السلام: ﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 188].

نعم، ونحن نحبُّ رسولَ الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى إخوانه الرُّسل، ومنتهى الحب فيه ألَّا نَرفعه فوق منزلته التي أَنزله الله إيَّاها؛ حيث إنَّه عبدٌ ورسول، لا يَعلم الغيبَ، وإلَّا فلماذا لم يَعرف مصيرَ معركة أُحد؟ هل كان يريد هزيمةَ الصَّحابة وقتل العشرات فيها؛ ومنهم أسد الله حمزة؟ هل كان يريد أن تُكسر رباعيته ويشجَّ رأسُه وتسري الإشاعة أنَّه قد قُتل؛ ممَّا أدَّى إلى ارتداد بعض المسلمين، الأمر الذي جعَل المشركين يشيدون بآلهتهم وينسبون النَّصرَ إلى هُبل والعزَّى، هل كان الرسول يريد ذلك؟!

ولماذا لم يَعرف الرسول الغيبَ في قصَّة الإفك، والتي ظلَّت قرابة شهرٍ ممَّا أدَّى إلى أن تلوك الألسنةُ وتقع في عِرض الزَّوجة البِكر لرسول الله عليه السلام؟

وأيضًا لِماذا لم يَعرف الرسول مَن هو الظالم من المظلوم عند تخاصمهم أمامَ حجرته فقال: ((إنَّما أنا بشَر ويأتيني الخصم، فلعلَّ بعضكم يكون ألحَن بحجَّته من أخيه فأقضي له على نحو ما أسمعُ، فمَن قضيتُ له بحقِّ أخيه فإنَّما أقطع له قطعةً من جهنَّم فليأخذها أو يَتركها))، ولماذا لم يَعرف أبا ذرٍّ ذات ليلة وهو يسير خلفَه في ظلِّ القمر حتى أخبره عن نفسه وهو عليه السلام يسأل قائلًا: ((مَن هذا؟))، ولماذا لم يَعرف عائشةَ وهي تسير أمامه عند رجوعه من المقابر ذات ليلةٍ؛ حيث تركها في ليلتها وقامَ من جوارها ليزور الموتى بتكليفٍ من الله عن طريقِ الوحي، فحسبَته أنَّه فضَّل إحدى زوجاته عليها؛ ممَّا جعله يَسألها عن سبب تردُّد النَّفَس المضطرب في صَدرها على غير هيئة النَّائم العادي؟ فموهت الجواب، فقال: ((إن لم تخبريني فسيخبرني العليمُ الخبير))، ولمَّا علِم الحقَّ من قولها قال لها: ((أخِفتِ أن يحيف اللهُ عليكِ ورسولُه؟))، ولماذا لم يعلم حقيقة مؤامرة النسوة عليه في أول سورة التحريم؛ ممَّا أدَّى إلى تحريم ما أحلَّه الله له؟ ولماذا لم يَعلم يعقوب عليه السلام مكانَ ولدَيه يوسف وأخيه، وهما بمصر؟ ولماذا لم يَعرف أهل الكهف، والذي مرَّ على قرية وهي خاوية على عروشها كم لَبثوا في غيبتهم عن الحياة الماديَّة؟ لكنَّهم البشَر الكرام على اختلاف مراكزهم عند الله منزلةً، يَقفون حيث أَوقفهم ربُّهم وعلِموا أنَّ الحق لله، ولم يقحِموا أنفسَهم في شيء اختصَّ الله به نفسه.

فإذا كان عِليةُ البشَر وخاصَّة الملائكة وعامَّة الجن لا يَعلمون الغيب، أفبَعد هذا يدَّعي دعيٌّ أنَّ فلانًا أو فلانة مهما كانت نوعيَّاتهم يعلمون غيبًا أيًّا كان شأنه؟!

وإلَّا فإنْ أبَوا إلَّا زعمًا كهذا، فأرجو قبولَ اقتراحٍ أعرضه عليهم، والأمَل معقود على تنفيذه: ليخبرنا أهلُ الكشف والعرَّافون ومن على شاكلتهم عن أماكن البترول والخام من المعادِن في بلادنا، وعن منابع المياه في صحارينا لتكون الثروة الخضراء، ولا داعي لبيوت الخِبرة من الهيئات العالميَّة لتكون ثَرواتنا ملكًا خالصًا لنا، أو حتى يخبرنا أرباب المندَل عن مخازن الدَّمار التي أعدَّها العدوُّ للإجهاز على الآمنين الوادعين، أو عن نتائج المعارك الضارية بين إخوة الدم والدين، أو عن أسئلة الامتحانات ليطمئنَّ أُولو الأمر على فلذات أكبادهم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.41 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.74 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.07%)]