|
ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() الحسن بن علي بن أبي طالب الشيخ صلاح نجيب الدق تربية النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي: روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: أخذ الحسنُ بنُ عليٍّ تمرةً مِن تَمْر الصدقة، فجعلها في فِيهِ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كخ كخ، ارمِ بها؛ أمَا علمتَ أنَّا لا نأكُلُ الصدقة؟!))؛ (البخاري حديث: 1491/ مسلم حديث: 1069). قال القاضي عياض رحمه الله: ((كخ كخ))، كلمة يزجر بها الصبيان عن المستقذرات، فيقال له: كخ؛ أي: اترُكْه وارمِ به؛ (مسلم بشرح النووي جـ4، صـ189). قال الإمام النووي رحمه الله: "قولُه صلى الله عليه وسلم: ((أمَا علمت أنَّا لا نأكلُ الصدقة؟!))، هذه اللفظة تقال في الشيءِ الواضح التحريم ونحوه، وإن لم يكن المخاطب عالِمًا به، وتقديره: عجبٌ، كيف خفِي عليك هذا مع ظهور تحريم الزكاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وهم بنو هاشم وبنو المطلب؟"؛ (مسلم بشرح النووي جـ4، صـ189). علم الحسن بن علي: حفِظ الحسنُ بن عليٍّ عن جَدِّه صلى الله عليه وسلم أحاديثَ، وعن أبيه وأمِّه، حدث عنه: ابنه الحسن بن الحسن، وسُوَيد بن غفلة، وأبو الحَوْراء السعدي، والشعبي، وهُبَيرة بن يريم، وأَصْبَغ بن نباتة، والمُسيِّب بن نجبة؛ (سير أعلام النبلاء؛ للذهبي جـ3، صـ246). روى أبو داود عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: علَّمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلماتٍ أقولُهنَّ في الوتر: ((اللهم اهدِني فيمَن هديتَ، وعافِني فيمَن عافيتَ، وتولَّني فيمن تولَّيتَ، وبارِكْ لي فيما أعطيتَ، وقِنِي شرَّ ما قضيتَ؛ إنك تقضي ولا يُقضَى عليك، وإنه لا يَذِلُّ مَن وَالَيْتَ، ولا يَعِزُّ مَن عاديتَ، تباركْتَ ربَّنا وتعالَيْتَ))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني، حديث 1263). عبادة الحسن بن علي: قال علي بن جُدْعان: حجَّ الحسن بن علي خمسَ عشرةَ حجةً ماشيًا، وإنَّ النجائبَ - (الإبل العظيمة) - لَتُقادُ معه؛ (سير أعلام النبلاء؛ للذهبي جـ3، صـ267). كان الحسن إذا صلى الغداة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلِسُ في مُصلَّاه يذكر الله حتى ترتفع الشمس؛ (البداية والنهاية؛ لابن كثير جـ8، صـ38). كرم الحسن بن علي: (1) قال سعيد بن عبدالعزيز: سمع الحسن بن علي رجلًا إلى جنبه يسأل الله تعالى أن يرزقه عشرةَ آلاف درهم، فانصرف، فبعث بها إليه؛ (سير أعلام النبلاء؛ للذهبي جـ3، صـ260). (2) خطب علي بن أبي طالب، فقال: إن الحسن بن علي قد جمع مالًا، وهو يريد أن يقسمه بينكم، فحضر الناس، فقام الحسن، فقال: إنما جمعتُه للفقراء، فقام نصف الناس؛ (تاريخ دمشق؛ لابن عساكر جـ13، صـ245). (3) قال أبو هارون: انطلَقْنا حُجَّاجًا، فدخلنا المدينة، فدخلنا على الحسن، فحدَّثْناه بمسيرنا وحالِنا، فلما خرجنا، بعَث إلى كل رجل منا بأربعمائة درهم، فرجعنا، فأخبرناه بيسارِنا، فقال: لا تردُّوا عليَّ معروفي، فلو كنتُ على غير هذه الحال كان هذا لكم يسيرًا، أمَا إني مُزوِّدكم: إن الله يباهي ملائكته بعبادِه يوم عرفة؛ (تاريخ دمشق؛ لابن عساكر جـ13، صـ248). (4) رأى الحسن بن علي غلامًا أسودَ يأكلُ مِن رغيف لقمةً ويُطعِم كلبًا هناك لقمة، فقال له: ما حَمَلك على هذا؟ فقال: إني أستحي منه أن آكلَ ولا أطعمه، فقال له الحسن: لا تبرَحْ مِن مكانك حتى آتيَك، فذهب إلى سيِّده، فاشتراه واشترى الحائط - (البستان) - الذي هو فيه، فأعتقه وملَّكه الحائط، فقال الغلام: يا مولاي، قد وهبتُ الحائط (البستان) للذي وهبتَني له؛ (أي: تركتُه صدقةً للهِ تعالى)؛ (البداية والنهاية؛ لابن كثير جـ8، صـ39). (5) قال أبو جعفر الباقر: جاء رجلٌ إلى الحسين بن علي فاستعان به في حاجةٍ، فوجده معتكفًا، فاعتذر إليه، فذهب إلى الحسن فاستعان به، فقضى حاجته، وقال: لَقضاءُ حاجةِ أخٍ لي في الله أحبُّ إليَّ مِن اعتكاف شهر؛ (البداية والنهاية؛ لابن كثير جـ8، صـ39). تكريم الصحابة للحسن بن علي: (1) قال محمد بن إبراهيم التيمي: لَمَّا دوَّن عمر بن الخطاب الديوان، وفرض العطاء، أَلْحَق الحسن والحسين بفريضةِ أبيهما مع أهل بدر؛ لقرابتِهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرَضَ لكلٍّ منهما خمسة آلاف درهم؛ (تاريخ دمشق؛ لابن عساكر جـ13، صـ: 238). (2) كان عثمان بن عفان يُكرِم الحسن والحسين ويُحبُّهما، وقد كان الحسن بن عليٍّ يومَ الدار - وعثمان بن عفان محصورٌ - عندَه ومعه السيف مُتقلدًا به يدافع عن عثمان، فخشي عثمان عليه، فأقسم عليه ليرجعنَّ إلى منزلهم تطييبًا لقلب عليٍّ، وخوفًا عليه رضي الله عنهم؛ (البداية والنهاية؛ لابن كثير جـ8، صـ38). (3) كان علي بن أبي طالب يُكرِم الحسن إكرامًا زائدًا، ويُعظِّمُه ويُبجِّله، وقد قال له يومًا: يا بُنَيَّ، ألا تخطبُ حتى أسمعَك؟ فقال: إني أستحيي أن أخطب وأنا أراك، فذهب عليٌّ فجلس حيث لا يراه الحسن، ثم قام الحسن في الناس خطيبًا، وعليٌّ يسمع، فأدَّى خطبة بليغة فصيحة، فلما انصرف جعل عليٌّ يقول: ï´؟ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ï´¾ [آل عمران: 34]؛ (البداية والنهاية؛ لابن كثير جـ8، صـ38). (4) كان عبدالله بنُ عباسٍ يأخذ الرِّكاب - (ما يوضع على ظهر الخيل) - للحسن والحسين إذا ركِبا، ويرى هذا مِن النِّعَم عليه؛ (البداية والنهاية؛ لابن كثير جـ8، صـ38). موقف الحسن من موقعة الجَمَل: قال عبدالله بن عباس: خرجنا إلى الجَمَل (اسم المعركة) ستمائة، فأتَيْنا الرَّبَذَةَ، فقام الحسن بن علي، فبكى، فقال علي بن أبي طالب: تكلَّم، ودَعْ عنك أن تحنَّ حنينَ الجارية، قال: إني كنت أشرتُ عليك بالمقام؛ (أي: بعدم الخروج لقتال طلحة والزبير)، وأنا أشيره الآن؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد - متمم الصحابة جـ1، صـ273، 274). الحسن بن علي يَحقِنُ دماء المسلمين: (1) قال الحسن بن علي: واللهِ، ما أحببتُ منذ علمتُ ما ينفَعُني وما يضرُّني - أن أتولَّى أمرَ أمَّةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، على أن يُهَرَاقَ (يُسَال) في ذلك محجمة دمٍ! ولَمَّا قُتِل أبوه عليٌّ رضي الله عنه، بايَعَه أكثرُ مِن أربعين ألفًا، كلهم قد كانوا بايعوا أباه عليًّا قبل موته على الموت، وكانوا أطوعَ للحسن وأحبَّ فيه منهم في أبيه؛ (الاستيعاب؛ لابن عبدالبر، جـ1، صـ385). (2) قال عبدالله بن جعفر: قال الحسن: إني رأيتُ رأيًا أحب أن تتابعَني عليه، قلت: ما هو؟ قال: رأيت أن أَعمِدَ إلى المدينة فأنزلها، وأخلي الأمر لمعاويةَ، فقد طالتِ الفتنةُ، وسُفِكَتِ الدماء، وقُطعت السبل، قال: فقلت له: جزاك الله خيرًا عن أمة محمد، فبعث إلى أخيه حسينٍ فذكر له ذلك، فقال: أُعِيذُك بالله، فلم يزل به حتى رضِي؛ (الإصابة؛ لابن حجر العسقلاني جـ2، صـ331). (3) روى البخاري عن الحسن البصري، قال: استقبل - واللهِ - الحسنُ بن علي معاويةَ بكتائبَ (الجيش) أمثالِ الجبال، فقال عمرو بن العاص: إني لأرى كتائبَ لا تولِّي حتى تقتُلَ أقرانَها (وهو الكفء والنظير في الشجاعة والحرب)، فقال له معاوية - وكان واللهِ خيرَ الرجلين -: أَيْ عمرُو، إن قتَلَ هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء، مَن لي بأمور الناس؟ مَن لي بنسائهم؟ مَن لي بضيعتهم؟ (أي: من يقوم بأطفالهم وضعفائهم؟)، فبعث إليه رجلينِ مِن قريش من بني عبدشمس: عبدالرحمن بن سَمُرة، وعبدالله بن عامر بن كريز، فقال: اذهبا إلى هذا الرجل، فاعرِضا عليه، وقولا له، واطلُبا إليه، فأَتَياه، فدخَلا عليه فتكلَّما، وقالا له، فطلَبَا إليه، فقال لهما الحسن بن علي: إنا بنو عبدالمطلب، قد أصبنا مِن هذا المال، وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها (قتَلَ بعضها بعضًا)، قالا: فإنه يعرض عليك كذا وكذا، ويطلب إليك ويسألك، قال: فمَن لي بهذا (يتكفل لي بالذي تذكرانه)، قالا: نحن لك به، فما سألهما شيئًا إلا قالا: نحن لك به، فصالحه؛ (البخاري حديث: 2704). خطبة الحسن بعد الصلح مع معاوية: قال الشعبي: شهِدتُ الحسن بن علي حين صالحه معاوية بالنخيلة (اسم مكان)، فقال معاوية: قُمْ فأخبِرِ الناس أنك تركتَ هذا الأمر وسلَّمتَه إليَّ، فقام الحسن، فحمِد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أما بعد، فإن أكيسَ الكيس التُّقى، وأحمق الحمق الفجور، وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية، إما أن يكون حق امرئ فهو أحقُّ به مني، وإما أن يكون حقًّا هو لي، فقد تركته إرادةَ إصلاح الأمة وحقن دمائها، ثم التفت إلى معاوية، فقال: ï´؟ وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ï´¾ [الأنبياء: 111]؛ (حلية الأولياء؛ لأبي نعيم جـ2، صـ38)، (الاستيعاب؛ لابن عبدالبر جـ1، صـ388). قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: سلَّم الحسنُ الأمرَ إلى معاويةَ في النصف من جُمادى الأولى من سنة إحدى وأربعين، فبايع الناسُ معاويةَ حينئذٍ، ومعاويةُ يومئذٍ ابنُ ستٍّ وستين إلا شهرين، ولا خلاف بين العلماء أن الحسن إنما سلَّم الخلافة لمعاوية حياتَه لا غير، ثم تكون له مِن بعده، وعلى ذلك انعقَد بينهما ما انعقد في ذلك، ورأى الحسن ذلك خيرًا مِن إراقة الدماء في طلبها، وإن كان عند نفسه أحقَّ بها؛ (الاستيعاب؛ لابن عبدالبر جـ1، صـ387). شبهة والرد عليها: قال جُبَير بن نُفَير: قلتُ للحسن بن علي: إن الناس يقولون: إنك تريد الخلافة، فقال: "قد كانت جماجمُ العرب في يدي، يحاربون مَن حاربت، ويُسالِمُون مَن سالمت، فتركتُها ابتغاءَ وجه الله وحقن دماء أمةِ محمد صلى الله عليه وسلم"؛ (حلية الأولياء؛ لأبي نُعَيم جـ2، صـ38). مدة خلافة الحسن بن علي: لَمَّا قُتِل علي بن أبي طالب بايَع الناسُ الحسنَ بن علي، وبقي الحسنُ في الخلافة بعد أبيه سبعةَ أشهرٍ وأحدَ عشرَ يومًا؛ (تاريخ دمشق؛ لابن عساكر جـ13، صـ: 259). قبسٌ من كلام الحسن بن علي: (1) قال الحسن بن علي: مَنِ اتَّكل على حُسنِ اختيار الله له، لم يتمنَّ أن يكون في غير الحالة التي اختار الله له، وهذا حدُّ الوقوف على الرضا بما تصرَّف به القضاء؛ (تاريخ دمشق؛ لابن عساكر جـ13، صـ: 253). (2) قال الحسن بن علي لبَنِيه ولبَنِي أخيه: "تعلَّموا العلم؛ فإنكم صغار قومٍ وتكونون كبارَهم غدًا، فمَن لم يحفَظْ منكم فليكتُبْ"؛ (جامع بيان العلم؛ لابن عبدالبر جـ1، صـ358). (3) خطَب الحسنُ بن علي بالكوفة، فقال: إن الحلم زينة، والوقار مروءة، والعَجَلة سفه، والسَّفه ضعف، ومجالسة أهل الدناءة شَيْن، ومخالطة الفسَّاق رِيبة؛ (تاريخ دمشق؛ لابن عساكر جـ13، صـ: 259). (4) قال الحسن بن علي ذات يوم لأصحابه: إني أُخبِرُكم عن أخٍ لي كان من أعظم الناس في عيني، وكان عظيمَ ما عظَّمه في عيني صِغَرُ الدنيا في عينِه، كان خارجًا مِن سلطان بطنه، فلا يشتهي ما لا يجد، ولا يُكثِر إذا وجد، وكان خارجًا من سلطان فرجه، فلا يستخفُّ له عقله ولا رأيه، وكان خارجًا من سلطان الجَهَلة، فلا يمدُّ يدًا إلا على ثقة المنفعة، كان لا يسخط ولا يتبرَّم، كان إذا جامع العلماءَ يكونُ على أن يَسمع أحرَصَ منه على أن يتكلَّم، وكان إذا غُلِب على الكلام لم يُغلَب على الصمت، كان أكثر دهرِه صامتًا، فإذا قال فاق القائلين، وكان لا يشارك في دعوى (أي: فتنة)، ولا يدخل في مِراء، ولا يُدلِي بحجة حتى يرى قاضيًا، يقول ما يفعل، ويفعل ما لا يقول تفضلًا وتكرمًا، كان لا يغفل عن إخوانه، ولا يخص نفسه بشيء دونهم، كان لا يلوم أحدًا فيما يقع العُذْر بمثله، كان إذا ابتدأه أمرانِ لا يرى أيهما أقرب إلى الحق، نظر فيما هو أقرب إلى هواه فخالفه؛ (تاريخ دمشق؛ لابن عساكر جـ13، صـ254: 253). مرض الحسن بن علي: (1) قال أبو نُعَيم: لَمَّا اشتدَّ بالحسن بن علي الوجعُ جزع، فدخل عليه رجلٌ، فقال له: يا أبا محمد، ما هذا الجزع؟ ما هو إلا أن تفارق رُوحُك جسدَك، فتَقدَم على أبوَيْك عليٍّ وفاطمةَ، وعلى جَدَّيك النبي صلى الله عليه وسلم وخديجةَ، وعلى أعمامِك حمزة وجعفر، وعلى أخوالك القاسم والطيِّب وإبراهيم، وعلى خالاتِك رقية وأم كلثوم وزينب، قال: فسُرِّي عنه (أي: ذهب عنه الحزن)؛ (البداية والنهاية؛ لابن كثير جـ8، صـ45). (2) قال عُمَير بن إسحاق: دخلتُ أنا ورجل آخر مِن قريش على الحسن بن علي، فقام فدخل إلى الخلاء، ثم خرج، فقال: لقد لفظتُ طائفةً (قطعة) مِن كَبِدي أقلبها بهذا العود، ولقد سُقِيتُ السَّمَّ مرارًا، وما سُقيتُ مرةً هي أشد مِن هذه، قال: وجعل يقول لذلك الرجل: سَلْني قبل ألا تَسْأَلَني، فقال: ما أسألك شيئًا، يعافيك الله؛ (البداية والنهاية؛ لابن كثير جـ8، صـ44). موقف الحسن مِن قاتِلِه: قال عمير بن إسحاق: دخلتُ على الحسن بن علي وهو يجودُ بنفسه (أي: قبل خروج روحه)، والحسين عند رأسه، وقال: يا أخي، مَن تتَّهِم؟ قال الحسن: "لِمَ؟ لتقتله؟"، قال الحسين: نعم، قال الحسن: "إِنْ يكُنِ الذي أظنُّ، فالله أشد بأسًا وأشد تنكيلًا، وإلا يكُنْ، فما أحبُّ أن يُقتَل بي بريءٌ"، ثم مات رضوان الله تعالى عليه؛ (حلية الأولياء؛ لأبي نعيم جـ2، صـ38). جاء الحسين بن علي حتى قعَد عند رأس الحسن، فقال: أَيْ أُخَيَّ، مَن الذي قتلك؟ قال الحسن: تريد قتلَه؟! قال الحسين: نعم، قال: لئن كان قاتلي الذي أظنُّ، فالله أشد بأسًا وأشد تنكيلًا، وإن لم يكُنْهُ ما أُحِبُّ أن تَقتُلَ بي بريئًا؛ (البداية والنهاية؛ لابن كثير جـ8، صـ44). رغبة الحسن في الدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم: لمَّا حضرَتِ الوفاةُ الحسنَ بن علي، أرسل إلى عائشةَ يطلُبُ منها أن يُدفَن مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأجابَتْه إلى ذلك، فقال لأخيه: إذا أنا متُّ فاطلُبْ إلى عائشة أن أُدفَن مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلقد كنتُ طلبتُ منها فأجابَتْ إلى ذلك، فلعلَّها تستحيي مني، فإن أذِنَت فادفنِّي في بيتِها، وما أظن القوم - يعني بني أمية - إلا سيمنعُونَك، فإن فعَلوا، فلا تراجعهم في ذلك، وادفنِّي في بقيع الغَرْقَد. فلما تُوفِّي جاء الحسين إلى عائشة في ذلك، فقالت: نعم وكرامة، فبلغ ذلك إلى مَرْوان بن الحكم وبني أمية، فقالوا: والله لا يُدفن هناك أبدًا، فبلَغ ذلك الحسينَ، فلِبس هو ومَن معه السلاح، ولبِسه مروان، فسمع ذلك أبو هريرة، فأتى الحسينَ فكلَّمه وناشده الله، فقال: أليس قد قال أخوك: إن خفت فرُدَّني إلى مقبرة المسلمين، ففعل، فحمَله الحسين إلى البقيع؛ (أسد الغابة؛ لابن الأثير جـ2، صـ13). وفاة الحسن بن علي: مرِض الحسن بن علي أربعين يومًا، وتُوفِّي في الخامسِ مِن ربيع الأول سنةَ تسعٍ وأربعين من الهجرة، ودُفِن بجوار أمِّه فاطمةَ بنتِ النبي صلى الله عليه وسلم بالبقيع، رضي الله عنها، وكان عمرُه ستةً وأربعين عامًا؛ (صفة الصفوة؛ لابن الجوزي جـ1، صـ762) (البداية والنهاية؛ لابن كثير جـ8، صـ34). روى الحاكم عن سالم بن أبي حفصة، قال: سمِعتُ أبا حازم يقول: إني لشاهدٌ يومَ مات الحسن بن علي، فرأيتُ الحسين بن علي يقول لسعيد بن العاص (وهو أمير على المدينة يومئذٍ)، ويطعنُ في عنقه، ويقول: تقدَّم فلولا أنها سُنَّة ما قدَّمتُك، وكان بينهم شيء (أي: خلاف)؛ (حديث صحيح) (أحكام الجنائز؛ للألباني، صـ128). قال محمد بن إسحاق: حدَّثني مساور مولى بني سعدِ بن بكر قال: رأيتُ أبا هريرة قائمًا على مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ مات الحسن بن علي وهو يُنادِي بأعلى صوته: يا أيها الناس، مات اليوم حِبُّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فابكُوا، وقد اجتمع الناس لجنازتِه حتى ما كان البقيع يَسَعُ أحدًا مِن الزحام؛ (البداية والنهاية؛ لابن كثير جـ8، صـ46). رحم الله تعالى الحسن بن علي رضي الله عنه رحمةً واسعة، وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، ونسأل الله تعالى أن يجمعنا به في الفردوس الأعلى من الجنة. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |