|
|||||||
| ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
|
#1
|
||||
|
||||
|
التوازن والوسطية في الحضارة الإسلامية ياسر تاج الدين حامد وأشهر أطباء هذه الأسرة الرحيمة عن بكرة أبيها هو (أبو بكر محمد الرازي) (844-926) والذى اشتهر بين الأوربيين باسم (رازيس Rhases)... وقد ألف 131 كتابًا نصفها في الطب.. ومن أشهر كتبه كتاب الحاوي وهو كتاب في عشرين مجلدًا، ويبحث في كل فرع من فروع الطب. وقد ترجم هذا الكتاب إلى اللغة اللاتينية وسمي Liber cntinens، وأغلب الظن أنه ظل عدة قرون أعظم الكتب الطبية مكانة، وأهم مرجع لهذا العلم في بلاد الرجل الأبيض، وكان من الكتب التسعة التي تتألف منها مكتبة الكلية الطبية في جامعة باريس عام 1394م. وكانت رسالته في الجدري والحصبة آية في الملاحظة المباشرة والتحليل الدقيق، كما كانت أولى الدراسات العلمية الصحيحة للأمراض المعدية، وأول مجهود يبذل للتفرقة بين هذين المرضين... وفي وسعنا أن نحكم على ما كان لهذه الرسالة من بالغ الأثر واتساع الشهرة إذا عرفنا أنها طبعت باللغة الإنجليزية أربعين مرة بين عامي 1498، 1866... وأشهر كتب (الرازي) كلها كتاب طبي في عشر مجلدات يسمى "كتاب المنصوري" أهداه إلى أحد أمراء خرسان. وقد ترجمه (جرار الكريمونى) إلى اللغة اللاتينية. وظل المجلد التاسع من هذا الكتاب وهو المعروف عند الغربيين باسم (Nonus Almansoris) متداولًا في أيدي طلاب الطب في أوربا حتى القرن السادس عشر.. ولقد كان الرازي بإجماع الآراء أعظم الأطباء المسلمين وأعظم علماء الطب السريري (الإكلينيكي) في العصور الوسطى... وقد علقت في مدرسة الطب بجامعة باريس صورتان ملونتان لطبيبين مسلمين هما: (الرازي وابن سينا)... وكان (أبو علي الحسين بن سينا) (980-1037) أعظم فلاسفة الإسلام وأشهر أطبائه، وتشهد سيرته التي كتبها بيدهِ بكثرة ما كان يحدث في العصور الوسطى من تقلب في حياة العلماء والحكماء.. وقد تعلم الطب من غير مدرس، وأخذ وهو شاب يعالج المرضى من غير أجر، وشَفى وهو في السابعة عشر من عمرهِ (نوح بن منصور) أمير بخارى من مرضهِ[13]. وقد ترجم كتاب إقليدس في الهندسة ووضع عدة أزياج فلكية، وابتكر آلة شبيهة بالورنية المعروفة عندنا اليوم. وله دراسات مبتكرة في الحركة، والطاقة، والفراغ، والضوء، والحرارة، والكثافة النوعية. وله رسالة في المعادن بقيت حتى القرن الثالث عشر أهم مصادر علم طبقات الأرض عند الأوربيين... ولابن سينا كتابان يشتملان على تعاليمهِ كلها، أولهما: (كتاب الشفاء) شفاء النفس، وهو موسوعة في ثمانية عشر مجلدًا في العلوم الرياضية، والطبيعة، وما وراء الطبيعة، وعلوم الدين، والاقتصاد، والسياسة، والموسيقى؛ وثانيهما: (كتاب القانون) في الطب، وهو بحث ضخم في وظائف الأعضاء، وعلم الصحة، والعلاج، والأقرباذين، وهو حسن التنسيق يرقى في بعض الأحيان إلى درجة كبيرة من البلاغة... وحل كتاب (القانون) بعد أن ترجم إلى اللغة اللاتينية في القرن الثاني عشر محل كتب (الرازي وجالينوس)، وأصبح هو الذي يعتمد عليهِ في دراسة الطب في المدارس الأوربية. وقد احتفظ فيها بمكانتهِ العالية، وظل الأساتذة يشيرون على الطلاب بالرجوع إليه في جامعتي منبلييه ولوفان إلى أواسط القرن السابع عشر[14]. وجملة القول أن (ابن سينا) أعظم من كتب في الطب في العصور الوسطى، وأن الرازي أعظم أطبائها، (والبيروني) أعظم الجغرافيين فيها، وابن الهيثم أعظم علمائها في البصريات، (وجابر بن حيان) أعظم الكيميائيين فيها. تلك أسماء خمسة لا يعرف عنها العالم المسيحي في الوقت الحاضر إلا القليل، وإن عدم معرفتنا إياها ليشهد بضيق نظرتنا وتقصيرنا في معرفة تاريخ العصور الوسطى. وليس في وسعنا مع هذا أن نحاجز أنفسنا عن القول بأن العلوم العربية كثيرًا ما تلوث بالأوهام شأنها في هذا شأن سائر العصور الوسطى وأن تفوقها جميعًا - عدا علم البصريات - يرجع إلى التركيب والبناء من النتائج التي تجمعت لديها أكثر من تفوقها في الكشوف المبتكرة أو البحوث المنظمة؛ لكنها مهما يكن قصورها في هذه الناحية قد نمت في علم الكيمياء الطريقة التجريبية العلمية، وهي أهم أدوات العقل الحديث وأعظم مفاخره. ولما أن أعلن (روجر بيكون) هذه الطريقة إلى أوربا بعد أن أعلنها جابر بخمسمائة عام كان الذي هداه إليها هو النور الذي أضاء له السبيل من عرب الأندلس، وليس هذا الضياء نفسه إلا قبسًا من نور المسلمين في الشرق"[15]. وبعد عرضنا لبعض ما قاله (ول ديورانت) لا ننسى أن نذكر قول المؤرخ الغربى) (Perler في كتابه (التطور الفكري في أوروبا): "أريد أن أُعرب عن نقمتي وأسفي الشديد للطريقة المنظمة لإخفاء فضل المسلمين علينا في العلوم الكونية، لقد ترك العربي المسلم طابعه الفكري في أوروبا وكُتبه لا تمحى".... وها هي شهادة حق أخرى ذكرها (روجر بيكون) في أكسفورد: "إن وجود الفكر الأوروبي كان مستحيلًا لولا وجود المعارف العربية، لقد دعيت أوروبا فجأة إلى الحياة بعد أن ظلت في ظلمات الجهل خمسة قرون، وهى مدينة للعالم الإسلامي"[16]... وكذلك جاء المستشرق (كريستوفر داوسون) في كتابه أصول (أوروبا والمدنية الأوروبية).. ليقول: "وعن العرب أخذت أوروبا الغربية الأصول العلمية.. وكانت الحركة العلمية في العالم لأكثر من أربعة قرون بأيدي الشعوب الإسلامية، ويرجع الفضل إلى الإسلام نفسه"[17]... وفى هذا الصدد يقول (مارسيل بوازار): "إن الموضوعية التاريخية، بل مجرد العدل يدفع إلى التذكير بأن الحضارة التي تعهدت الثقافة المتوسطية خلال القرون السابعة التي تتألف منها القرون الوسطى كانت الحضارة الإسلامية"[18]. ويشير (محمد أسد)[19] إلى أن الإسلام دفع المسلمين الأوائل إلى أعلى قمم الحضارة عندما سهل عليهم فهمه واستيعاب حقيقة الخلق ومفهوم الرب، فلم يطلب منهم فهم حقائق صعبة بعيدة عن المنطق البشرى، لذا لم تدفعهم الرغبة في المعرفة -التي عرف بها المسلمون في صدر الإسلام- إلى الدخول في معارك فكرية ضد الدين كما حدث مع أمم أخرى، بل على العكس من ذلك فقد أصَّل الإسلام الرغبة في المعرفة وجعلها فرضًا أساسيًا من فروض الدين حيث يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم "[20]، فأيقن المسلمون أنه عن طريق العلم وحده يمكنهم عبادة ربهم حق عبادته، فعندما يقرأ المسلمون قول الرسول الكريم: "ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله"[21]، يدركون أن البحث العلمي مطلوبًا للوصول إلى الدواء، وأن البحث سيساعد الإنسان على تطبيق مشيئة الله على الأرض، ومن ثَم اكتسب البحث العلمي قداسةَ لارتباطه بالفروض الدينية، ويقرأ المسلمون في القرآن قول لله تعالى: ï´؟ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ï´¾ [الأنبياء: 30]، فتدفعهم الرغبة في فَهم هذه الآيات إلى البحث في الكائنات الحية وتطورها فينشأ من أبحاثهم علم الأحياء. ويشير القرآن إلى التناغم بين النجوم وحركتها كدليل شاهد على عظمة الخالق، فيدفع البحث في هذه المجالات المسلمين إلى وضع أساسيات علوم الرياضيات والفلك. فالإسلام يخرج بمفهوم العبادة من قالب الصلاة إلى أفق البحث والمعرفة، بينما ينحصر مفهومها في الأديان الأخرى في مفهوم ضيق... وفى القرن السادس عشر عندما عرفت أوربا نظام المجموعات الشمسية ودورانها حول الشمس عادته* الكنيسة واعتبرته مخالفًا للإنجيل، في حين أن المسلمين كانوا قد وصلوا إلى معرفة نظام المجموعة الشمسية، واستطاع علماء الفلك المسلمون إثبات أن الأرض كروية وعرفوا حقيقة دورانها حول محورها منذ أكثر من ستة قرون، أي: في القرنين التاسع والعاشر الميلاديين[22]. ويعزى محمد أسد تفوقهم هذا إلى اتباعهم لِهَدْى النبي محمد صلى الله عليه وسلم حيث حثَّهم على العلم قائلًا: "مَن التمس طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة"[23]، وكذلك: "إنَّ فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر النجوم"[24]،... ويخلُصُ (أسد) أنه نظرًا لهذا الفهم لدور الدين في الحياة نَبغَ العلماء المسلمون وتألقت الحضارة الإسلامية في عصورها الأولى، أي: في الخمسة قرون الأولى من بعثة النبي، وأصبحت الدولة الإسلامية هي أرض الحضارة والأمان. وإجمالًا للقول يمكن أن نخلُص إلى: أن الإسلام قد وفر مقومات ازدهار الحضارة التي سطرت صفحة من أعظم صفحات التاريخ الإنساني.. حيث وجد مسيحيو سوريا وشمال إفريقيا وتبعهم في ذلك أهل إسبانيا - الذين كانوا يتبعون مذاهب بولين وقسطنطين - وجدوا أنفسهم لأول مرة أمام أفكار تتعارض مع فكرة الخطيئة الأولى ومبدأ دونية الحياة على الأرض، ومن ثَم فقد دخلوا بأعداد متزايدة في هذه العقيدة الجديدة التي أتاحت لهم فهم حقيقة أن الإنسان هو خليفة الله على الأرض.. ويرى (أسد) أن هذا المفهوم في حد ذاته هو أحد أسباب ازدهار الحضارة الإسلامية في أول عهدها[25]. [1] الإسلام والغرب /د. صفوت مصطفى خليلوفيتش ص 106. [2] إسقاط نظرية صراع الحضارات/ عزيز فهمى. ص234. [3] النهضة العلمية والفكرية عند المسلمين وأثرها في التنوير الأوروبي/ عبد المنعم أحمد ص21-نقلا عن (الاستذكار/ ابن عبدالبر). [4] النهضة العلمية بتصرف. [5] إسقاط نظرية صراع الحضارات/ عزيز فهمى ص 236. [6] رئيس التوجيه العلمي بالأزهر. [7] النهضة العلمية ص14. [8] أمريكي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفرد. [9] النهضة العلمية ص13. [10] مؤرخ أمريكي، صاحب مجموعة قصة الحضارة. [11] قصة الحضارة/ول ديورانت/ترجمة محمد بدران (المجلد السابع ج13 طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب ص185:181). [12] قصة الحضارة ص188-191. [13] قصة الحضارة. ص192، 196. [14] قصة الحضارة ص196. [15] النهضة العلمية ص24،25. [16] النهضة العلمية ص24،25. [17] المرجع السابق. ص34 [18] نبوة محمد. ص210-نقلًا عن (إنسانية الإسلام/مارسيل بوازار). [19] هو(ليوبلد فايس) نمساوى، عمل مراسل صحيفة فرانكفورت زيوتنج الألمانية عن منطقة الشرق الأوسط. [20] شُعَب الإيمان؛ للبيهقي. [21] سنن البيهقي. [22] الإسلام والغرب /د. صفوت خليلوفيتش. ص -66 نقلًا عن. [ The road to Mecca 192]/ محمد أسد. [23] صحيح مسلم. [24] الآداب للبيهقي. [25] الإسلام والغرب - نقلًا عن. [ The road to Mecca 192]. / محمد أسد.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |