|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() سئل فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله: ما حكم التوسل بسيد الأنبياء، وهل هناك أدلة على تحريمه؟ فأجاب رحمه الله فقال: التوسُّل بالنبي صلى الله عليه وسلم فيه تفصيلٌ، فإن كان ذلك باتباعه ومحبته، وطاعة أوامره، وترك نواهيه، والإخلاص لله في العبادة، فهذا هو الإسلام، وهو دين الله الذي بعث به أنبياءه، وهو الواجب على كل مكلَّف، وهو الوسيلة للسعادة في الدنيا والآخرة، أما التوسل بدعائه، والاستغاثة به، وطلبه النصر على الأعداء، والشفاء للمرضى، فهذا هو الشِّرك الأكبر، وهو دين أبي جهل وأشباهِه من عبدة الأوثان، وهكذا فعلُ ذلك مع غيره من الأنبياء، أو الأولياء، أو الجن، أو الملائكة، أو الأشجار، أو الأحجار، أو الأصنام. وهناك نوعٌ ثالث يسمى التوسل، وهو التوسل بجاهه أو بحقه أو بذاته، مثل أن يقول الإنسان: أسألك يا ألله بنبيك، أو جاه نبيك، أو حق نبيك، أو جاه الأنبياء، أو حق الأنبياء، أو حق الأولياء، أو جاه الأولياء والصالحين، وأمثال ذلك، فهذا بدعة ومن وسائل الشرك، ولا يجوز فعله، ولا مع غيره؛ لأن الله سبحانه وتعالى لم يشرع ذلك، والعبادات توقيفية؛ لا يجوز منها إلا ما دل عليه الشرع المطهَّر. وأما توسل الأعمى به في حياته صلى الله عليه وسلم، (فهو توسل به) ليدعو له ويشفع له إلى الله في إعادة بصره إليه، وليس توسلًا بالذات أو الجاه والحق، كما يُعلم ذلك من سياق الحديث[11]، وكما أوضح ذلك علماء السنة في شرح الحديث، وقد بسط الكلام في ذلك شيخُ الإسلام أبو العباس بن تيمية رحمه الله في كتبه الكثيرة المفيدة، ومنها كتابه المسمى "القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة"، وهو كتاب مفيد جدير بالاطلاع عليه والاستفادة منه، وهذا الحكم جائز مع غيره صلى الله عليه وسلم من الأحياء، كأن تقول لأخيك أو أبيك أو مَن تظن فيه الخير: ادعُ الله لي أن يشفيَني من مَرَضِي، أو يرد عليَّ بصري، أو يرزقني الذرية الصالحة أو نحو ذلك، بإجماع أهل العلم، والله ولي التوفيق[12]. وأقول: وهذا ما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبدالمطلب، فقال: "اللهم إنَّا كنا نتوسَّل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا، وإنَّا نتوسَّل إليك بعمِّ نبينا فاسقنا"، قال: فيُسقون[13]. 5- التوسل إلى الله بحال الداعي: قال تعالى عن نبيِّه زكريا عليه السلام: ï´؟ إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا * يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ï´¾ [مريم: 3 - 7]. يقول الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره: ï´؟ قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ï´¾؛ أي: وَهَى وضعُف، وإذا ضعُف العظم الذي هو عماد البدن، ضعُف غيرُه، ï´؟ وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا ï´¾؛ لأن الشيب دليل الضعف والكِبَر، ورسولُ الموت ورائده ونذيره، فتوسَّل إلى الله تعالى بضعفه وعجزه، وهذا مِن أحب الوسائل إلى الله؛ لأنه يدل على التبرِّي من الحَوْل والقوة، وتعلُّق القلب بحول الله وقوته[14]. • وقال تعالى عن نبيه موسى عليه السلام: ï´؟ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ï´¾ [القصص: 24]. يقول الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره: ï´؟ فَقَالَ ï´¾ في تلك الحالة، مسترزقًا ربه: ï´؟ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ï´¾ [القصص: 24]؛ أي: إني مفتقرٌ للخير الذي تسوقه إليَّ وتُيسِّره لي، وهذا سؤال منه بحاله، والسؤال بالحال أبلغ من السؤال بلسان المقال، فلم يَزَلْ في هذه الحالة داعيًا ربَّه متملقًا[15]. • وتوسل نبي الله يوسف عله السلام بالافتقار إلى الله؛ ليصرفَ عنه كيد امرأة العزيز: ï´؟ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ï´¾ [يوسف: 33، 34]. يقول الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره: "وهذا يدل على أن النسوة جعلنَ يُشِرْنَ على يوسف في مطاوعةِ سيِّدتِه، وجعلن يَكِدْنَه في ذلك، فاستحبَّ السجن والعذاب الدنيويَّ على لذَّةٍ حاضرة توجب العذاب الشديد، ï´؟ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ ï´¾؛ أي: أَمِلْ إليهن؛ فإني ضعيفٌ عاجز إن لم تدفَعْ عني السوء"[16]. وتوسل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى ربه يوم بدر وغيره، وسيأتي بيانه معنا. 6- التوسل إلى الله تعالى بسابق إحسانه: قال تعالى عن نبيه زكريا عليه السلام: ï´؟ كهيعص * ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا * يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ï´¾ [مريم: 1 - 7]. يقول الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره: "ï´؟ وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ï´¾؛ أي: لم تكن يا رب تردُّني خائبًا ولا محرومًا من الإجابة، بل لم تزل بي حفيًّا، ولدعائي مجيبًا، ولم تزل ألطافك تتوالى عليَّ، وإحسانك واصلًا إليَّ، وهذا توسل إلى الله بإنعامه عليه، وإجابة دعواته السابقة، فسأل الذي أحسن سابقًا، أن يتمم إحسانه لاحقًا"[17]. وقوله تعالى عن نبيه يوسف عليه السلام: ï´؟ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ï´¾ [يوسف: 101]. يقول الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره: "لَمَّا أتمَّ الله ليوسفَ ما أتم من التمكين في الأرض والملك، وأقر عينَه بأبويه وإخوته، وبعد العلم العظيم الذي أعطاه الله إياه، قال مقرًّا بنعمة الله شاكرًا لها، داعيًا بالثبات على الإسلام: ï´؟ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ ï´¾؛ وذلك أنه كان على خزائن الأرض وتدبيرها، ووزيرًا كبيرًا للملك، ï´؟ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ï´¾؛ أي: مِن تأويل أحاديث الكتب المنزَّلة، وتأويل الرؤيا، وغير ذلك من العلم، ï´؟ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا ï´¾؛ أي: أَدِمْ عليَّ الإسلام وثبِّتْني عليه حتى تتوفاني عليه، ولم يكن هذا دعاءً باستعجال الموت، ï´؟ وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ï´¾ من الأنبياء الأبرار، والأصفياء الأخيار"[18]. ومن هذا أيضًا قوله تعالى عن أُولي الألباب الراسخين في العلم: ï´؟ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ï´¾ [آل عمران: 8]. يقول الشيخ سيد قطب رحمه الله في "ظلال القرآن": "ومِن ثَمَّ يتَّجِه المؤمنون إلى ربهم بذلك الدعاء الخاشع: ï´؟ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا ï´¾، وينادون رحمة الله التي أدركتهم مرة بالهدى بعد الضلال، ووهبَتْهم هذا العطاء الذي لا يعدله عطاء: ï´؟ وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ï´¾، وهم بوحي إيمانهم يعرِفون أنهم لا يقدِرون على شيء إلا بفضل الله ورحمته، وأنهم لا يملكون قلوبَهم؛ فهي في يد الله، فيتَّجِهون إليه بالدعاء أن يمدَّهم بالعون والنجاة". ومن أراد المزيد من البيان في مسألة "التوسل" وبيان حالات التوسل المشروع وَفْق الكتاب والسنة كما بيَّنا بحمد الله تعالى، والتوسل البدعي والشركي - أعاذنا الله بفضله علينا منه - فليُراجِع هذه المسألة في كتاب "التوسل"؛ للإمام العلامة الألباني والعلامة ابن عثيمين رحمهما الله تعالى. [1] انظر: النهاية في غريب الحديث؛ لابن الأثير (5/ 185)، والقاموس المحيط (ص: 1379)، والمصباح المنير (ص: 660). [2] "مفردات غريب ألفاظ القرآن"؛ (ص871). [3] "تفسير ابن كثير "(2/ 53)، وانظر: قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة؛ لشيخ الإسلام ابن تيمية، والتوسل أنواعه وأحكامه؛ للشيخ الألباني. [4] صحيح: أخرجه ابن حبان في صحيحه (208)، قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح، والطبراني في "الكبير (808)، وانظر: "صحيح الجامع" (1311)، و"الصحيحة" (1338). [5] البخاري (1120)، ومسلم (2717)، واللفظ له، وأحمد في "المسند" (2812)، عن ابن عباس رضي الله عنهما. [6] "مدارج السالكين"؛ للإمام ابن القيم رحمه الله، (1/ 20 - 21)، ط/ دار التقوى - مصر. [7] البخاري (2215)، ومسلم (2743)، وابن حبان في "صحيحه" (897). [8] مسلم (2542). [9] مسلم (2733). [10] صحيح الإسناد: رواه ابن أبي شيبة (6/ 77)، والبخاري في الأدب المفرد (633)، وقال الألباني: صحيح الإسناد. [11] الحديث هو: عن عثمان بن حنيف، أن رجلًا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ادعُ الله أن يعافيَني، قال: ((إن شئتَ دعوتُ لك، وإن شئتَ أخَّرت ذاك فهو خير))، فقال: ادعُه، فأمره أن يتوضَّأ فيحسن وضوءه، فيصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء: ((اللهم إني أسألك وأتوجَّه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني توجَّهت بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضي لي، اللهم شفعه فيَّ)). [12] "فتاوى علماء البلد الحرام"؛ إعداد: د/ خالد بن عبدالرحمن الجريسي، الطبعة الأولى (ص29 -30). [13] البخاري (1010). [14] "تفسير الكريم الرحمن"؛ للإمام السعدي (1/ 489) ط/ أولي النهى، الأولى. [15] "تفسير الكريم الرحمن"؛ للإمام السعدي (1/ 614). [16] "تفسير الكريم الرحمن"؛ للإمام السعدي (1/ 397). [17] "تفسير الكريم الرحمن"؛ للإمام السعدي (1/ 489). [18] "تفسير الكريم الرحمن"؛ للإمام السعدي (1/ 406).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |