|
رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() حكم خروج المعتكف لحاجة الأكل وليد بن سعد الفالح* الأصل أن حقيقة الاعتكاف وركنه هي اللبث والمكث في المسجد لطاعة الله سبحانه وتعالى، والملازمة على ذلك، فمقتضى ذلك عدم جواز خروج المعتكف من المسجد؛ لأن إطلاق الخروج ينافي حقيقة ومقصد الشارع من الاعتكاف، إلا إذا احتاج للخروج لحاجة ضرورية لما لا بد له منه حسية أو شرعية. قال ابن قدامة: وجملة ذلك أن المعتكف ليس له الخروج من معتكفه، إلا لما لا بد له منه، ولا خلاف في أن له الخروج لما لا بد له منه[1]. ويندرج تحت هذه المسألة فرعان: الفرع الأول: خروج المعتكف لحاجة الأكل إذا لم يأت به أحد إليه، ولم يكن الأكل موجوداً بالمسجد. اتفق الفقهاء من الحنفية[2]، والمالكية[3]، والشافعية[4]، والحنابلة[5]، على جواز خروج المعتكف لحاجة الأكل إذا لم يكن ذلك موجوداً بالمسجد ولا يمكن أحد أن يأتي به إليه. الدليل على ذلك: ضرورة حاجة الأكل للإنسان، ولا يمكن الاستغناء عنه وتركه، وهو مما لا بد له منه للمعتكف حال اعتكافه بالمسجد، فيجوز الخروج لحاجة الأكل إذا لم يكن له أحد يأتي به إليه، ولا يوجد الأكل بالمسجد. قال ابن رشد: اتفقوا على أنه لا يجوز للمعتكف الخروج من المسجد إلا لحاجة الإنسان، أو ما هو في معناها مما تدعو إليه الضرورة[6]. وقال ابن قدامة: أجمع أهل العلم على أن للمعتكف أن يخرج من معتكفه للغائط والبول، ولأن هذا مما لا بد منه، ولا يمكن فعله في المسجد، فلو بطل الاعتكاف بخروجه إليه، لم يصح لأحد الاعتكاف، ولأن النبي ^ كان يعتكف، وقد علمنا أنه كان يخرج لقضاء حاجته، والمراد بحاجة الإنسان البول والغائط، كنى بذلك عنهما، لأن كل إنسان يحتاج إلى فعلهما، وفي معناه الحاجة إلى المأكول والمشروب، إذا لم يكن له من يأتيه به، فله الخروج إليه إذا احتاج إليه[7]. فيتضح مما سبق أن الحاجة للأكل والخروج لقضاء ذلك، دل على جوازه الإجماع للخروج لحاجة الإنسان وهي البول والغائط وما في معناهما كالأكل، إذا لم يكن يأت به إليه أحد. الفرع الثاني: خروج المعتكف لحاجة الأكل إذا كان يؤتى به إليه، أو كان موجوداً بالمسجد: اختلف الفقهاء في جواز الخروج في هذه الحالة على قولين: القول الأول: عدم جواز خروج المعتكف لحاجة الأكل، إذا كان هناك من يأتي به إليه، أو يكون الأكل موجوداً بالمسجد، وهو مذهب الحنفية[8]، والمالكية[9]، وقال به بعض الشافعية، كأبي العباس بن سريج[10]، وأبي الطيب بن سلمة[11]، وهو المذهب عند الحنابلة[12]. دليل القول الأول: حديث عائشة رضي الله عنها قالت: وإن كان رسول الله ^ ليُدخِلَ علي رأسه وهو في المسجد فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفاً [13]. وجه الاستدلال: دل الحديث على أن الأصل في حق المعتكف المكث في المسجد وعدم الخروج منه إلا إذا دعت الحاجة، والخروج لأجل حاجة الأكل إذا كان هناك من يأتي به إليه لا يعتبر ضرورة وحاجة داعية لذلك. ويمكن قضاؤه في المسجد بالأكل فيه، وأيضاً خروجه لذلك ينافي ملازمة المعتكف للمسجد، ويمكن الاستغناء عنه كغيره بحصول الأكل في المسجد[14]. القول الثاني: جواز خروج المعتكف لأجل حاجة الأكل، إذا كان هناك من يأتي به إليه، أو يكون الأكل موجوداً بالمسجد، وهو مذهب الشافعية[15]، وقال به القاضي أبي يعلى [16] وأبو حكيم من الحنابلة [17]. أدلة القول الثاني: استدلوا بما يلي: الدليل الأول: أن الأكل في المسجد دناءة وترك للمروءة، ويترتب على ذلك وجود المشقة عليه، وهو مأمور بالصيانة[18]. فلذلك يخرج لأجل حاجة الأكل في بيته ثم يرجع. نوقش:عدم التسليم بكون الأكل في المسجد دناءة وخرم للمروءة، ولا يعتبر نقصاً، حيث قد أكل النبي ^ وصحابته رضي الله عنهم في المسجد[19]، وهو من أبعد الناس عما يخدش المروءة، وأنه لا بأس بذلك، وحيث إن المعتكف يلزمه اللبث في المسجد إلا لحاجة لا يمكن فعلها فيه وهي قضاء الحاجة من البول والغائط والاغتسال، فما عدا ذلك لا يصح الخروج لأجله، والخروج لحاجة الأكل ليس بعذر، ولو ساغ ذلك لساغ الخروج للنوم وأشباهه، إذ أن ما يرد على الأكل في المسجد مما ذكر يرد على النوم[20]. الدليل الثاني:أنه قد يحشِمَ[21] من أكل المعتكف في المسجد المصلون، فربما دعاهم ذلك إلى الخروج[22]. يناقش:بأن الواجب في حق المعتكف إذا أكل في المسجد أن لا يلوثه فيضع سفرة على الطعام لئلا يقع شيء منه، ولئلا يتأذى المصلين من ذلك، والأولى أن يكون أكله في آخر المسجد أو رحبته أو الحجرة المتصلة به. الدليل الثالث:أن أكل المعتكف لا يخلو قد يكون قليلاً فيخفي جنس قوته على الناس، استحياءً من إظهاره، ويأكل دون غيره، وإن أظهره وأطعمه معه لم يكفهما، وقد يكون الأكل مما يفسد إن أُخْرِجَ إلى المسجد لعدم توفر مكان حفظه من التلف، فلذلك جاز له الخروج إلى منزله للأكل[23]. يناقش:بأنه يقال في حال كون الأكل قليلاً مع المعتكف بإباحة الخروج له، ويكون مستثنى من جواز الخروج لحاجة الأكل، ولرفع الحرج عنه بخلاف غيره. الترجيح:الذي يظهر – والله أعلم – رجحان القول الأول وهو عدم جواز الخروج لحاجة الأكل إذا كان هناك أحد يأتي به إليه، لقوة ما استدلوا به، ولعدم الحاجة والضرورة الداعية للخروج، وبناءً على لك إذا خرج المعتكف للأكل في منزله بطل اعتكافه، ويتوجه الأخذ بالقول الثاني وهو الجواز حال ما إذا كان الأكل في المسجد يؤدي إلى وقوع الحرج عليه لعدم حجرة أو خباء يأكل فيه، أو ما إذا كان الأكل قليلاً يستحيي من إظهاره أمام الناس فله الخروج، وما عدا ذلك فليس له الخروج. ***** * الهوامش والمراجع [1] المغني 4/465. [2] ينظر: الاختيار 1/78، تبيين الحقائق 2/229، البحر الرائق 2/530، حاشية ابن عابدين 3/506، الفتاوى الهندية 1/212. بناء على قول بعض الحنفية: يخرج بعد الغروب للأكل والشرب. قال ابن نجيم: وينبغي حمله على ما إذا لم يأت به أحد إليه فحينئذ يكون من الحوائج الضرورية كالبول والغائط ا.هـ. البحر الرائق 2/530. [3] ينظر: الكافي 1/353، بداية المجتهد 2/617، مواهب الجليل 3/405، شرح الخرشي 3/80، الفواكه الدواني 1/472، حاشية الدسوقي 2/189، بلغة السالك 1/240. الأصل في مذهب المالكية كراهة الاعتكاف من غير مكفي وهو من ليس معه ما يكفيه من الأكل والشرب والحاجة الضرورية؛ لأنه بذلك يكثر خروجه من الاعتكاف، ومع ذلك فإن اعتكف وهو غير مكفي واحتاج للخروج للأكل فإنه يخرج لذلك بقدر الحاجة سواء يشتري طعاماً أو يأخذه من بيته ولا كراهة عليه. [4] ينظر: الحاوي الكبير 3/492، البيان 3/587، المجموع 6/343، نهاية المحتاج 3/192. مذهب الشافعية جواز الخروج لحاجة الأكل ولو كان يأتي به أحد إليه، أو كونه موجوداً في المسجد كما سيأتي فمن باب أولى جواز الخروج إذا لم يأت به إليه أحد، أو عدم كونه موجوداً في المسجد. [5] ينظر: المستوعب 3/485، الكافي 2/283، المحرر 1/351، الفروع 5/165، شرح الزركشي 3/8، كشاف القناع 5/379. نص الحنابلة على جواز الخروج للأكل إذا لم يأت به أحد إليه. [6] بداية المجتهد 2/617. [7] المغني 4/466. [8] ينظر: فتح القدير 2/112، تبيين الحقائق 2/229، البحر الرائق 2/530، حاشية ابن عابدين 3/506، الفتاوى الهندية 1/212. [9] ينظر: المدونة 1/228، الإشراف 1/453، الكافي 1/353، التاج والإكليل 3/405، الفواكه الدواني 1/472، حاشية الدسوقي 2/189، بلغة السالك 1/239. [10] أبو العباس بن سريج: هو أحمد بن عمر بن سريج، القاضي، أبو العباس البغدادي، فقيه شافعي، حامل لواء الشافعية في زمانه، أخذ عنه الفقه خلق من الأئمة، ولي قضاء شيراز، وألف مؤلفات في نصرة مذهب الشافعي. توفي ببغداد سنة 306هـ. لترجمته ينظر: طبقات الشافعية للقاضي ابن شهبة 1/89، طبقات الشافعية لابن هداية الله ص197، سير أعلام النبلاء 14/201. [11] ينظر: الحاوي الكبير 3/492، المهذب 1/353، التهذيب للبغوي 3/229، البيان 3/587، العزيز شرح الوجيز 3/272، المجموع 6/343، النجم الوهاج 3/386، مغني المحتاج 1/668. وهو الأظهر عند الإمام والبغوي صاحب التهذيب. وقال القاضي: فيه تفصيل لا يجوز الخروج إن كان سخياً وفي طعامه كثرة وإلا فله الخروج. ومن قال بهذا القول حملا نص الشافعي: ولا بأس أن يسأل عن المريض إذا دخل منزله وإن أكل في بيته فلا شيء عليه كما سيأتي في القول الثاني، على أنه إذا خرج للغائط والبول جاز أن يأكل في طريقه، ولا يطيل، وإن خرج للأكل بطل اعتكافه؛ لأن الشافعي عطف بالأكل على عيادة المريض، فهما في الحكم سواء. [12] ينظر: المستوعب 3/485، المغني 4/466، الفروع 5/165، شرح الزركشي 3/8، المبدع 3/74، الإنصاف 7/601، كشاف القناع 5/379. وعليه الأكثر، وقطع به أكثرهم واختاره جماعة. وهو الصحيح من المذهب، كما قاله المرداوي وغيره. [13] سبق تخريجه في ص 185. [14] ينظر: البحر الرائق 2/530، الإشراف 1/453، البيان 3/587، المغني 4/466. [15] ينظر: المهذب 1/353، التهذيب للبغوي 3/229، البيان 3/587، العزيز شرح الوجيز 3/272، روضة الطالبين 2/271، النجم الوهاج 3/386، أسنى المطالب 1/441. قال النووي: واتفقوا على أنه لا يجوز له الإقامة بعد فراغه من الأكل، وجواز الأكل في حال مروره لقضاء الحاجة. وقال الدميري: يقيد جواز الخروج بأكل يحتاج إلى زمن، أما اليسير كالتمرة ونحوها فيجزم فيه بعدم الجواز. وخص الشافعية بالقول بالجواز فيما إذا كان المسجد مطروقاً، أما المختص أو المهجور فلا يجوز له الخروج بل يأكل فيه. [16] ينظر: المغني 4/466، الفروع 5/165، المبدع 3/74، الإنصاف 7/601، كشاف القناع 5/379. [17] ينظر: المغني 4/466، الفروع 5/165، شرح الزركشي 3/8، الإنصاف 7/601. واختار ابن حامد: أنه إذا خرج لما لا بد منه في بيته فيجوز له الأكل اليسير، كاللقمة واللقمتين، فأما جميع أكله فلا؛ لأن ذلك يعد يسيراً لا يعدُّ به معرضاً عن الاعتكاف، لأن تناول اللقمة واللقمتين لا يمنعه المرور في طريقه، والمذهب عند الحنابلة عدم الجواز بناء على عدم جواز خروج المعتكف لحاجة الأكل كما سبق. ينظر: المغني 4/466، المبدع 3/74، الإنصاف 7/601. [18] ينظر: الحاوي الكبير 3/492، روضة الطالبين 2/271، المغني 4/466، المبدع 3/74. [19] سبق ذلك في الأدلة على جواز أكل غير المعتكف في المسجد، وأنه مباح في ص 184. [20] ينظر: المغني 4/466، الفروع 5/165، كشاف القناع 5/379. [21] الحشمَة: بالكسر الحياء، والانقباض، وحَشِمَ الرجل: أن يجلس إليك فتؤذيه وتسمعه ما يكره، فرائحة الطعام تؤدي إلى النفرة. ينظر: القاموس المحيط ص1010. [22] ينظر: الحاوي الكبير 3/492. [23] ينظر: الحاوي الكبير 3/492، البيان 3/587، المغني 4/468، الفروع 5/165.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |