أزمة الثقافة في قصيدة هذيان بائع الدموع - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الدماغ الخفيّ داخل القلب .. اكتشاف علمي مـذهل لسر من أسرار القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          فِقه المآلات وحاجة الأمَّة إليه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          تحت العشرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 121 - عددالزوار : 61148 )           »          شَرْحُ مُخْتصر شُعَب الإيمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 1451 )           »          المرأة والأسرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 120 - عددالزوار : 63803 )           »          ترجمان القرآن.. في الطائف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          ماذا يفعل من بلغته نميمة عن أحد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          تسوية الصفوف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          أقسام التوكل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الحذر من الركون إلى النفس والأمن من مكر الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-08-2022, 05:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,755
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أزمة الثقافة في قصيدة هذيان بائع الدموع

ولكنّ لهجة "الثقة" بـ "التغيير"، و"التحوّل" لم تنعدم في هذيان بائع الدموع، فها هو الشاعر في المقطع التالي يعبّر عن "هذيانه" هذا بأنّه تجسيد للهموم، التي هي "متعة" في حسّ الشاعر! وتبدأ نغمة "التحدّي" التي يعزف عليها الشاعر في مواجهة "المتن"، فكونه "مهمّشًا" لم يجعله يلجأ إلى الانزواء الشعري، إنما تم تفعيل تلك الطاقة وانطلاقها في هيئة "الشعر"، لمواجهة المتن سواء كان هو "السلطة" الجائرة في مصر، أو "المؤسسة الثقافيّة" التي تسيطر على الجوّ الثقافي العربيّ:
أنتَ تهذي؟ نعم أحيلُ همومي

هذيانًا وأجعلُ الهمّ متعةْ

أبصقُ الخوف من فؤادي وآتي
خالعًا أصل مستبيحي وفرعهْ

كاتبًا أحرفي على كلّ وجهٍ
رافعًا رايتي على كلّ قلعةْ

عربدَ اللّيلُ في الربوع ولكن
ربّما تخنق الدياجيرَ شمعةْ

ما الذي تفعل السياطُ وصبري
في فؤادي ولا يطيقونَ نزعهْ

إنّني شاعرٌ أريدُ حياتي
مثل ومض السنا جمالاً وروعةْ

لا أقولُ الذي يريدون رأيي
ثابتٌ لا أرى من الحقِّ بيعهْ

علّمتْني مبادئي أنّ شعري
موقفٌ تتقي التقاريرُ وقعهْ



إنّ "الحرف" هو السلاح الذي يجده الشاعر السلاح المناسب الذي يمكن للهامش أن يتصدّى به للمتن الجائر:
كاتبًا أحرفي على كلِّ وجهٍ
رافعًا رايتي على كلّ قلعةْ

فرغم "عربدة" هذا الليل (الثقافة الطاغية أو السلطة) فربّما تستطيع "الشمعة" أن تخنق هذه الدياجير وتبطل مفعولها "المظلم"، وهنا نستطيع أن نلمح عمليّة "الكشف" عن الأنساق الثقافية "المعيبة" التي مارسها الشاعر "الفرد" تجاه هذه الثقافة "التغريبيّة والتي مارسها قبله سلفُه محمود شاكر وغيره كثيرون.

وفي سياق الحديث عن الفرد نذكر ما قاله جون ستيوارت ميل بأن الأغلبية يمكن أن تخطئ، ويمكن لفرد أن يصيب، وحتى لو أن البشرية كلّها اتفقت على رأي وخالف هذا الرأي شخص واحد، لما كان من حق البشرية أن تخمد صوته، كما أنه لا يحق للفرد أن يخمد صوت البشرية. وإنّ إخماد الصوت بذاته يضرّ بالجنس البشري، بحاضره ومستقبله. كما يضرّ بقامعي الرأي أكثر من إضراره بصاحب الرأي[63]. فهذه "العربدة" التي يذكرها علي فريد في قصيدته قد تكون مضرة بمن يعربد أكثر مما تضر بالفرد المقموع، ذلك أنّه "ربما تخنقُ الدياجيرَ شمعةْ".

ثم في المقطع الأخير في القصيدة يقول الشاعر:

يا صديقي أقلتُ ما تبتغيهِ؟
إنّ في مقلتيَّ مشروعُ دمعةْ

لا تقل لي أعد حديثكَ، قولي
من خبايا الرموز ينسج درعهْ

هاكَ تلخيصَ قصّتي يا صديقي:
لي لسانٌ ويشتهي القوم قطعهْ

ذلك هو "حسن التخلّص" الذي "يلخّص" لنا حقيقة هذا الصراع المزدوجة: بين "اللسان" (ثقافة الشاعر المهمّشة) وبين "القوم" (السلطة أو المؤسّسة الثقافيّة الطاغية)، حيث يندمج في حقيقة المتن طغيان ثقافي وطغيان مادي "دمويّ". والشاعر في بوحه هذا في قصيدته يتركنا أمام "رموز"، اجتهدنا في فكّها، حتى نخلص إلى هذا التصور الذي تصدّينا لرصده في بحث كامل من خلال أدوات إجرائية لم تؤثّر على تفعيل نقد "تذوّقي" وفق ما تقرّره مدرسة محمود شاكر. هذه "الرموز" التي "تدرّعَ" بها الشاعر في قصيدته تذكّرنا بالجاحظ وكتابه "البيان والتبيين" الذي ساد فيه أسلوب "الاستطراد"، والذي هو خروج (على) المتن، وليس مجرد خروج (عن) المتن[64].

الخاتمة
لقد عرض علي فريد في قصيدته مظاهر ثقافة طاغية، تشكل جوًّا فكريًا خانقًا دفع به إلى قرض أبياته. وكذلك فعل سلفه محمود شاكر في "رسالة في الطريق إلى ثقافتنا". ثقافة تعتمد في مكوناتها على معطيات الثقافة الغربية التي دلفت إلى العالم العربي منذ عهد الاحتلال الفرنسي، واستمرت في عهد الانتداب البريطاني، ثم بعد ذلك في عهود الاستقلال. يسرد حكاية وفودها محمود شاكر قبل الشاعر بثلاثة عقود، ويسرد نفس الحكاية الشاعر علي فريد، ولكنْ فيما يحتمله الشعر من التلميح والترميز والبعد عن التفصيل الطويل. وأسلوب النقد اللاذع الساخر المؤلم هو الذي يجمع بين العملين.

كشف هذا الخطاب عن أنساق ثقافية "معيبة" تتربّع على عرش "المؤسسة الثقافية" وتقيّم العمل الإبداعي العربي بحسب مكانه من معطيات "الثقافة الغربية"، فإذا كان متبنّيًا لإحدى المدارس الأدبية والثقافية "الطاغية" والمعروفة في الغرب كان صاحبه هو "الشاعر" و"الأديب" العالمي الذي سرعان ما تتصدى أجهزة النقد لتحليل خطابه! وإن لم يكن متأثّرًا بشيء من معطيات هذه الثقافة "الطاغية" بقيَ مهمّشًا مغمورًا لا تمسكُ بكِ "ملاقط" الإعلام!

إنها قضية "ثقافة الهامش" التي يمثلها الشاعر "المثقف" علي فريد كما مثلها قبله محمود شاكر، في مقابل "ثقافة المتن" المسيطرة التي يمثلها الجوّ الثقافي المؤسساتي السائد في المجتمع العربي بشكل عام، وهو ذاته الجوّ الذي يحلّق فيه "الغذامي" مع "إيستهوب" و"كولر" و"فوكو" و"ألتوسير" و"هوقارت" و"كلنر" و"بودريّار" و"فنسنت" و"ليتش" و"تودوروف" وغيرهم وغيرهم.

والنتيجة الهامّة التي توصّل إليها البحث هي: عدم صلاحية إعمال "النقد الثقافي" - كاملاً - على النصوص الأدبية العربية؛ لأنه نشأ في بيئة وملابسات مغايرة للبيئة والملابسات التي نشأ ونما فيها الأدب والتراث العربي، فكانت عملية إخضاع الأدب العربي - بشكل كامل - لهذا النوع من النقد الغريب عليه أشبه بعمليّة زرع نخلة في القطب الشمالي كما يقول الشاعر علي فريد كناية عن رفضه لأخذ مناهج النقد الغربية بشكل كامل. وإنما نستطيع الاستعانة بأدوات إجرائية جزئيّة تبصّرنا بجوانب ثقافيّة خفيّة تعيش في النصّ الأدبي العربي، كأداة "الفرز الثقافي" التي استعنّا بها لإظهار طبيعة العلاقة بين "المتن والهامش" ببعدّيهِ: الثقافي الفكري، والسلطوي المادي.

لقد أظهر لنا هذا البحث موقف خطاب محمود شاكر وعلي فريد من معطيات النقد الغربي الذي تمّ إعماله في التراث الأدبي العربي، وكشف هذا الخطاب عن "قبحيات" هذا النقد، وعدم صلاحيته للتفعيل - كاملا - في حقل الأدب العربي والثقافة الإسلامية؛ بسبب الخصوصيّة التي يتمتّع بها هذا الأدب وهذه الثقافة. واستخدامنا لتقنيّة "ثقافة المتن والهامش" أظهر البعد الأول من الصراع بين "ثقافة المؤسسة الطاغية" و "ثقافة الشاعر المهمّشة"، والبعد الآخر لهذا الصراع في النسق الثقافي للقصيدة، وهو العلاقة بين السلطة (المتن) و الشاعر (الهامش).



قائمة المراجع

المراجع العربيّة:
إبراهيم، عبدالحميد. الوسطية العربية: مذهب وتطبيق. القاهرة: دار المعارف، 1979.
شاكر، محمود محمد. رسالة في الطريق إلى ثقافتنا. القاهرة: الهيئة المصريّة العامة للكتاب، د.ت.
علوش، سعيد. نقد ثقافي أم حداثة سلفية. القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة، 2010.
الغذامي، عبدالله محمد؛ اصطيف، عبدالنبي. نقد ثقافي أم نقد أدبي. بيروت: دار الفكر المعاصر، 2004.
الغذامي، عبدالله محمد. النقد الثقافي. الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2000.
قطب، سيّد. النقد الأدبي: أصوله ومناهجه. القاهرة: دار الشروق، 2003.

المراجع الأجنبيّة:

Amin, Husayn Ahmad. "The Crisis of the Individual in Egypt". The Predicament of the Individual in the Middle East. Hazim Saghie. London: Saqi Books, 2001, 60 - 80.


During, Simon. The cultural Studies Reader. London: Routledge, 2007.


Said, Edward. Representations of the Intellectual. New York: Pantheon Books, 1996.

المراجع على الشبكة العنكبوتية:
موقع "أدب":
http://www.adab.com/modules.php?****=Sh3er&doWhat=shqas&qid=82917&r=&r c=3


[1] محمود شاكر، رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، د.ت)، 6.

[2] ن.م.، 7.

[3] ن.م.، 8.

[4] ن.م.، 15.

[5] ن.م.، 16.

[6] عبدالله الغذامي، النقد الثقافي (الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2000)، 58.

[7] شاكر، رسالة في الطريق إلى ثقافتنا، 34.

[8] ن.م.، 44 - 47.

[9] ن.م.، 47 - 50.

[10] ليس من هدفنا التفصيل في ذلك الخط التاريخي كله، إنما هو مفصل في الرسالة من صفحة 50 حتى نهاية الرسالة.

[11] سعيد علوش، نقد ثقافي أم حداثة سلفيّة (القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة، 2010)، 16.

[12] شاكر، رسالة في الطريق إلى ثقافتنا، 28.

[13] ن.م.، 31.

[14] Edward W. said, Representations of the Intellectua l(Pantheon Books: New York, 1996), 39 - 40.

[15] ن.م.، 31.

[16] ن.م.، 74 - 75.

[17] ن.م.، 68 - 69.

[18] الغذامي، النقد الثقافي، 75.

[19] الغذامي، النقد الثقافي، 15.

[20] شاكر، رسالة في الطريق إلى ثقافتنا، 6.

[21] ن.م.، 15.

[22] ن.م.، 17.

[23] سيتضح شيئًا فشيئًا مفهوم "ثقافة المتن والهامش" في الصفحات القادمة حتى نهاية البحث.

[24] ن.م.، 71.

[25] ن.م.، 149.

[26] الغذامي، النقد الثقافي، 31.

[27] Simon During, The cultural Studies Reader (Routledge: London, 2007), 1.

[28] ن.م.، 15 - 54.

[29] ن.م.، 77.

[30] ن.م.، 84.

[31] ن.م.، 57.

[32] ن.م.، 57.

[33] ن.م.، 58.

[34] ن.م.، 58.

[35] ن.م.، 59.

[36] ن.م.، 59 - 60.

[37] ن.م.، 61.

[38] ن.م.، 62.

[39] ن.م.، 75.

[40] ن.م.، 15.

[41] ن.م.، 62.

[42] عبدالله العذامي؛ عبدالنبي اصطيف، نقد ثقافي أم نقد أدبي (بيروت: دار الفكر المعاصر، 2004)، 68 - 69.

[43] سيد قطب، النقد الأدبي: أصوله ومناهجه (القاهرة: دار الشروق، 2003)، 8.

[44] بتعبير الغذامي.

[45] من رسالة خاصة من الشاعر.

[46] من رسالة خاصة من الشاعر.

[47] من رسالة خاصة من الشاعر.

[48] الغذامي، النقد الثقافي، 192.

[49] ن.م.، 196.

[50] ن.م.، 223 - 242.

[51] القصيدة مأخوذة من موقع "أدب" الالكتروني: http://adab.com/modules.php?****=Sh3er&doWhat=shqas&qid=82917&r=&r c=3

[52] عبدالحميد إبراهيم، الوسطيّة العربيّة: مذهب وتطبيق (القاهرة: دار المعارف، 1979)، 13 - 14.

[53] شاكر، رسالة في الطريق إلى ثقافتنا، 158.

[54] ن. م.، 158.

[55] ن. م.، 158.

[56] ن. م.، 154 - 155.

[57] ن. م.، 156.

[58] ن. م.، 157.

[59] ن. م.، 157.

[60] ن. م.، 153. وانظر 148 - 149.

[61] القصيدة مأخوذة من موقع "أدب": http://adab.com/modules.php?****=Sh3er&doWhat=shqas&qid=82921&r=&r c=7

[62] من رسالة خاصة من الشاعر.

[63] Husayn Ahmad Amin. "The Crisis of the Individual in Egypt". The Predicament of the Individual in the Middle East. Hazim Saghie (Saqi Books: London, 2001), 80.

[64] الغذامي، النقد الثقافي، 225.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.92 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.62%)]