تجاعيد الضحك..

[قطرات الندى]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كلنا نخاف من المجهول، لأن الإنسان تعود أن يحترس من كل مالا يعرفه، فالجهل بالشيء يجعله مصدر قلق بالنسبة له، وكلنا نخاف من المستقبل، ولكن البعض ينظرون إليه نظرة تشاؤمية، ويقولون إن المستقبل مظلم ولا يعلمون عنه شيئا. وهناك من يتمتعون بنظرة تفاؤلية، فيقولون إن الغد دائما أفضل.

ولكن أجمل ما في المستقبل أننا لا نعرفه، وجماله في أن نعيشه في لحظته، فمهما ضاقت الدنيا في عين الإنسان ومهما كان الظلام حالكا فلا بد أن يرى ولو بصيصا ضعيفا من النور، فما الدنيا إلا مزيج من فرح وحزن، يعملان معا.. فبعد الخريف يأتي الربيع، وبعد الليل ينبلج الفجر، وبعد الفقر يكون الغنى، وبعد الجوع نحس بالشبع، وبعد المرض ينعم الله علينا بالشفاء.

والعكس صحيح، فقد تأتي " الرياح بما لا تشتهي السفن " فبعد الفرح قد يأتي الحزن، وبعد الأمطار قد يأتي الجفاف، وبعد الغنى قد يأتي الفقر، وبعد الشبع قد يأتي الجوع، وبعد الصحة قد يأتي المرض، فلا شيء يبقى على حال، وكل شيء في تغير مستمر، ونحن نتعلم من الطبيعة التي لا تستقر على حال بل تتقلب وتتبدل بإستمرار.

لذا، لا ينبغي أن نتأزم لأتفه الأمور، ولا أن نستسلم لحزننا وآلامنا، فالحزن يبدأ كبيرا ثم يصغر مع مرور الوقت، ويجب ألا نضعف لمرضنا ونتوهم، بل أن نتعلم كيف ننظر بصورة تفاؤلية للأمور، وأن نركز على الجزء المملوء من الكوب تأكيدا للنظرة التفاؤلية، وقد تكون الأزمات دروسا نكتشف من خلالها حلاوة الدنيا التي قد لا نشعر بها إذا كانت جميلة، فكل الأمور نسبية، فما قد يحزننا قد يكون مدعاة فرح لغيرنا، وقد يكون الوقت الذي نحس فيه بالسعادة هو الوقت الذي يكون فيه غيرنا يتألم في مكان ما، أو في بلد آخر، وقد لا نعلم عنه شيئا.

فحياتنا مزيج من الفرح والحزن كما يقول مارك توين المفكر الأمريكي:

إن الإنسان بداخله جهاز من الفرح والحزن وجهاز للسعادة يعملان معا بإنسجام وإنتظام، على طريقة الأخذ والعطاء، فعندما تذهب السعادة إلى جهاز الحزن يستعد الحزن ليرد لها الزيارة، وربما يعطيها من الأسى والألم الكثير، فلحظات السعادة تمر سريعة ولكن ساعات الحزن طويلة جدا وعلينا أن نتعلم كيف نتغلب على الأزمات..

ولنعلم جيدا أنها مهما ضاقت لا بد أن تفرج، فلماذا لا نحاول أن نجعل من أيامنا ذكرى جميلة تحملها تجاعيد الضحك والسعادة التي تظهر على وجوهنا مع الوقت، بدلا من أن يحمل كل خط في وجهنا ذكرى لحزن وقصة ألم؟!