النظرة الموضوعية للمراهقة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ليس ترفا..! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 109 - عددالزوار : 64069 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 207 - عددالزوار : 125055 )           »          حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 229 - عددالزوار : 146869 )           »          السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 110 - عددالزوار : 25232 )           »          إعانة الفقيه بتيسير مسائل ابن قاسم وشروحه وحواشيه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 69 - عددالزوار : 24433 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4617 - عددالزوار : 1469943 )           »          (وَلَن تَرضى عَنكَ اليَهودُ وَلَا النَّصارى) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          من أعظم ما يُفسد العلاقة بين زوجين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          من فوائد غضِّ البصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 05-07-2021, 01:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,496
الدولة : Egypt
افتراضي النظرة الموضوعية للمراهقة

النظرة الموضوعية للمراهقة
محمد عبدالرحمن صادق







يرى العلماء أن مرحلة المراهقة هي عبارة عن ثورة أو فورة داخل جسم الإنسان تتطلب حسن المعرفة والدراية بطبيعتها ومظاهرها ومشكلاتها... إلخ، سواء من الفرد نفسه أو من المحيطين به أو من القائمين على المؤسسات التربوية وذلك لكي تمر هذه المرحلة بسلام دون جنوح أو جموح، ولكي تخرج لنا جيلاً قادراً على تحمل المسؤولية وحسن إدارة الأمور.







الحقيقة أن مرحلة المراهقة هذه تكمن خطورتها بين التهويل والتهوين، فهناك من يهول من طبيعتها وينجرف وراء الحداثة والفلسفات التي تم تفريخها في بيئات وأوساط وتقاليد ومعتقدات تختلف تماماً عما هو موجود في مجتمعاتنا ولا تتفق مع ديننا وهويتنا وطبيعة ظروفنا فيُطلق للشاب العنان، فلا تراه إلا أهوج مُستهتراً يتسم بالسلبية والسطحية واللامبالاة وعدم القدرة على تحمل المسؤولية ولا على اتخاذ القرار المناسب ولو في أبسط الأمور فيورط نفسه وأهله في مشكلات سلوكية وأخلاقية واجتماعية لا قِبل لهم بها.







وعلى الجانب الآخر نجد من يُهوِّن من طبيعة مرحلة المراهقة ولا يُبالي بصاحبها تحت مُسمى العادات والتقاليد وما ورثناه عن الآباء والأجداد فتراه يفرض الوصاية الكاملة على الشاب ويُحمله من المسؤولية ما لا يطيق أو يُضيق الخناق على ميوله وتصرفاته ويُحجِّمها فما نجد الشاب إلا تابع إمَّعة يتسم بالاستسلام والخنوع والتسليم للواقع المفروض عليه وهذا أيضاً يكون كالبركان الخامد الذي يُتوقع انفجاره في أي لحظة وحينها يُلقي بحُمم تأتي على الأخضر واليابس بل لا تبقي ولا تزر.







ولأن ديننا هو دين الوسطية والاعتدال فلا يجب أن نعتمد هذا ولا ذاك - لا التهويل ولا التهوين - بل لابد وأن نعطي الشاب قسطاً من الحرية ومساحة من التصرفات الخاصة التي بها يبني شخصيته ويثبت ذاته ويكون علاقاته ويرسم خطاه المستقبلية.... إلخ. على أن يكون ذلك كله مصحوباً بالإرشادات والتوجيهات والنصائح المُغلفة بالحكمة والتريث وفي جو من المحبة والتفاهم والانسجام والتقدير المتبادل. حينها نرى شاباً يَسُر الناظرين، يَعي ما يقول ويُدرك مرامي ما يفعل، خطواته ثابته نحو هدف مدروس جيداً، يضع الأمور في نِصابها وفي موضعها الصحيح، يعتز بنفسه ويُعلي قدر أهله وحريصاً على نفع الجميع حسب امكانياته، لا يعد بما لا يستطيع ولا يتوعد بما لا يقدر عليه. كل ذلك في سياج من العفاف والتقوى وحسن تقدير الأمور وتحمل المسؤولية.







إذاً نحن أمام ثلاثة أساليب وفلسفات تربوية مختلفة تماماً.



1- الأسلوب الأول يُخرج لنا جيلاً يتسم بالفوضوية والاستهتار وعدم القدرة على تحمل المسؤولية فهو كالسكران الذي لا يريد أن يستيقظ من سكرته.







2- الأسلوب الثاني يُخرج لنا جيلاً يتسم بالخنوع والاستسلام والتسليم لما يفرضه عليه الواقع فهو كالبركان الذي يتحين الوقت المناسب والمكان المناسب للانفجار ليتخلص مما بداخله من حُمم تلهبه.







3- الأسلوب الثالث يُخرج لنا جيلاً قوي الشخصية مُتزن التصرفات منضبط الفكر واسع العلاقات يُعتمد عليه في اتخاذ القرارات وتنفيذ المسئوليات سواء التي تخصه أو التي تخص الآخرين.



والحقيقة إن ما نعانيه الآن من التصرفات الشبابية الغير مسئولة إنما سببها الأول هو عدم فهم طبيعة المرحلة ولا كيفية التعامل معها.







أولاً: خطورة الرضوخ للنظريات والفلسفات الفكرية المشبوهة: إن الغزو الفكري عن طريق نظريات وفلسفات فكرية مشبوهة أصبح هو السلاح الفتاك والسيف البتار في يد أعداء الأمة بعد أن أيقنوا أن الغزو عن طريق الجيوش والمواجهة المباشرة أصبح من الصعوبة بمكان وأن ذلك يُوَلِّد المواجهات والعداوات بل ويُوقظ الدول من سُباتها فتنفض عنها غبار الكسل والتراخي والسلبية واللامبالاة وتهب لنصرة الأوطان وللزود عن حِياض العقيدة وكل ما تطوله أو تدنسه يد العدو الغازي.







ولقد أثبت الواقع أن الغزو الفكري هذا أكثر تأثيراً وأفتك تدميراً وأصعب علاجاً. وتكمن خطورة الغزو الفكري في أنه يضرب الأمة من الداخل وبأيدي بعض أبنائها وذلك باسم التقدم والحضارة تارة، ومحاربة الرجعية والتخلف تارة أخرى. فترى الميوعة والانحلال تحلان محل الفضيلة والالتزام بل ترى أن الملتزم يُضيق عليه بشتى السبل حتى يشعر أنه منبوذاً ولا مجال لوجوده في المجتمع وبالتالي يتم حصار المد الإسلامي وجعله مُشوهاً ضعيفاً بل منبوذاً داخل حدود لا يتجاوزها.







ولتحقيق هذا الهدف عكف أعداء هذه الأمة على العمل في جميع المجالات وعلى جميع الجبهات لتفريغ الأمة من عقيدتها وهويتها وفرَّغوا لذلك عقولاً ورصدوا أموالاً ووفروا امكانيات هائلة لأنهم بالفعل يعدونها حرباً لا هوادة فيها وجولة لا مجال لخسارتها.



حدد هؤلاء هدفهم جيداً حيث يقول أحد المستشرقين: "إذا أردت أن تهدم حضارة أمة فهناك وسائل ثلاث هي: هدم الأسرة - هدم التعليم - إسقاط القدوات والمرجعيات ".







من هنا بدأ تصدير بعض المصطلحات التي تُقوِّض دور الفئات الثلاث وتقضي عليها مثل مصطلح " المراهقة " الذي يعتبر عاملاً مشتركاً بين الفئات الثلاث المستهدفة في بلادنا. والذي يعتبره البعض مُبرراً للتصرفات الهوجاء والقرارات الغير مسئولة والتخبط والعشوائية واللامبالاة... إلخ. والترويج لهذا المصطلح بهذه الصورة في مجتمعاتنا ومؤسساتنا التربوية أعتبره من باب الحق الذي يُراد به باطل.







يقول خبير التنمية البشرية والتطوير د. أكرم رضا: المراهقة كاصطلاح حديث عمره 200 عام لم يوجد قبل ذلك، وأول مَن كتَبَ عنه طبيبٌ نفساني أمريكيٌّ يُدعى جورج ستالي هول، كان طبيبًا نفسيًّا، وكان في حقبة الحروب الأمريكية، فكثر عنده الشباب في عيادته النفسية في هذه السن، فدرس أحوالَهم وحياتَهم، فوجد أنهم يشتركون في مجموعات وعناصر متشابهة، وبعد الدراسة أخرج كتابًا من مجلَّدَين يُسمَّى (المراهقة)، فالمراهقة معناها اللغوي هو الخروج أو الاقتراب.







ثانياً: معنى المراهقة:كلمة "المراهقة" مشتقة من الفعل "راهَق" ومعناه الاقتراب من الشيء، فراهَق الغلام فهو مُراهِق، أي: قارَب الاحتلام، أو قارب النُّضج والرشد.



جاء في معجم المعاني الجامع: رَهَق: (اسم) ارْتَكَبَ رَهَقاً: إِثْماً، خَطيئِةً.



وجاء أيضاً: عُرِفَ بِرَهَقِهِ: بِجَهْلِهِ وَخِفَّةِ عَقْلِهِ. ورَهِقَ الوَلَدُ: سَفِهَ، حَمُقَ، جَهِلَ.







وفي معجم المعاني الجامع أيضاً: سنُّ المراهقَة هو: مرحلة من مراحل عُمر الإنسان، تبدأ عند البلوغ وتستمر بضع سنوات لا تتجاوز الثامنة عشرة من العُمْر إلا في حالات مرضيَّة.



ومن هنا نفهم أن مرحلة المراهقة هي مرور الفرد بمراحل متدرجة من النضج بمختلف جوانبه الجسدية والعقلية والنفسية والاجتماعية..... إلخ بداية من سن البلوغ ويكتمل هذا النضج أو يقاربه في نهاية المرحلة التي حددها العلماء بـ 18: 21 سنة حسب البيئة والوراثة والتغذية.... إلخ.







ثالثاً: ذكر الفعل (رهق) ومشتقاته في القرآن الكريم ودلالة ذلك:



ورد الفعل (رهق) في القرآن الكريم بمشتقات عديدة مثل (يَرْهَقُ - وَتَرْهَقُهُمْ - تَرْهَقُهَا - تُرْهِقْنِي - يُرْهِقَهُمَا - رَهَقاً - سَأُرْهِقُهُ) وكلها تصب في مفهوم واحد وهو الشدة والعنت والإثم والشر.







1- قال تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [يونس: 26، 27].



قال تعالى: ﴿ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ﴾ [القلم: 43].



قال تعالى: ﴿ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ﴾ [المعارج: 44].



قال تعالى: ﴿ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ ﴾ [عبس 40 - 41].







قال بن كثير رحمه الله: " وقوله تعالى: ﴿ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ ﴾ [يونس: 26] أي: قتام وسواد في عرصات المحشر، كما يعتري وجوه الكفرة الفجرة من القترة والغبرة، ﴿ وَلَا ذِلَّةٌ ﴾ [يونس: 26] أي: هوان وصغار، أي: لا يحصل لهم إهانة في الباطن، ولا في الظاهر.







جاء في تفسير بن جرير الطبري رحمه الله: قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: ﴿ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ﴾ [يونس: 26]، لا يغشى وجوههم كآبة، ولا كسوف، حتى تصير من الحزن كأنما علاها قترٌ.







2- قال تعالى: ﴿ قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا ﴾ [الكهف: 73].



جاء في تفسير بن جرير الطبري رحمه الله: " وقوله: ﴿ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا ﴾ [الكهف: 73] يقول: لا تغشني من أمري عسرا، يقول: لا تضيق عليَّ أمري معك، وصحبتي إياك.







3- قال تعالى: ﴿ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾ [الكهف: 80].



قال بن كثير رحمه الله: أي: يحملهما حبه على متابعته على الكفر.



قال قتادة: قد فرح به أبواه حين ولد، وحزنا عليه حين قتل، ولو بقي كان فيه هلاكهما، فليرض امرؤ بقضاء الله، فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه فيما يحب.







4- قال تعالى: ﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ﴾ [الجن: 6].



قال تعالى: ﴿ وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا ﴾ [الجن: 13].



جاء في التفسير الكبير للإمام الرازي رحمه الله: " ﴿ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ﴾ [الجن: 6] قال المفسرون: معناه زادوهم إثما وجرأة وطغيانا وخطيئة وغيا وشرا، كل هذا من ألفاظهم، قال الواحدي: الرهق غشيان الشيء.







5- قال تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا * سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ﴾ [المدثر: 16، 17].



جاء في التحرير والتنوير لابن عاشور رحمه الله: " وقوله ﴿ سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ﴾ [المدثر: 17] تمثيل لضد الحالة المُجملة في قوله ﴿ وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ﴾ [المدثر: 14]، أي: سينقلب حاله من حال راحة وتنعم إلى حالة سوأى في الدنيا ثم إلى العذاب الأليم في الآخرة، وكل ذلك إرهاق له.







مما سبق يتضح أن الفعل (رَهَقَ) ورد في القرآن الكريم في عدة مواضع وكلها تصب في اتجاه واحد وهو كما قال الواحدي رحمه الله: (الرهق غشيان الشيء).







وكما قال المفسرون في قوله تعالى ﴿ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ﴾ [الجن: 6]: معناه زادوهم إثما وجرأة وطغيانا وخطيئة وغيا وشرا. وأن ذلك كله لمن ﴿ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ ﴾ [يونس: 27] ولمن قال الله تعالى في حقهم: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف 146].







فكل من لا يعتمد منهج الله تعالى في كل أمور حياته سيناله هذا الجزاء، فما بالنا بالأمور التربوية التي تبني كياناً آدمياً مُكلف بأن يكون خليفة لله تعالى في أرضه؟







رابعاً: معنى الرُّشد:الرشد هو حسن التصرف في الأمور بما يعود بالنفع ويدفع الضرر وعكسه السفه. والرشد ليس له سن محدد عند جمهور الفقهاء فقد يأتي مع البلوغ، وقد يتأخر عنه قليلاً أو كثيراً وفق تربية الشخص واستعداده وظروف حياته الاجتماعية.







جاء في معجم المعاني الجامع: تعريف ومعنى الرشد: رشَدَ يَرشُد، رُشْدًا، فهو راشِد، والمفعول مرشود - للمتعدِّي.



رَشَدَ الوَلَدُ: بَلَغَ سِنَّ الرُّشْدِ، البُلوغِ.



رَشَدَ الرَّجُلُ: أَصابَ، اِهْتَدَى، اِسْتَقامَ، عَرَفَ طَريقَ الرَّشادِ.



رَشَدَ الشَّابُّ أَمْرَهُ: وُفِّقَ فيهِ.







وجاء في المعجم الوسيط:الرُّشْدُ (عند الفقهاء): أَن يَبْلُغ الصّبِيُّ حدَّ التكليف صَالِحاً في دينه مُصلِحاً لمالِهِ. والرُّشْدُ (في القانون): السِّنُّ التى إِذا بلغها المرءُ استقلّ بتصرفاتِهِ.



وجاء في الصحاح: رشد. الرَشادُ: خلاف الغَيّ، وقد رَشَدَ يَرْشُدُ رُشْداً، ورَشِدَ بالكسر يَرْشَدُ رَشَداً لُغَةٌ فيه.







جاء في تفسير (روح المعاني) للألوسي - رحمه الله - قال: " وقال بعضهم: الرَّشَد أي بفتحتين … أخص من الرُّشْد؛ لأن الرُّشد بالضم يُقال في الأمور الدنيوية والأخروية والرَّشَد يُقال في الأمور الأخروية لا غير".



ومن الملاحظ أنه ليس بين البلوغ والرشد تلازم، فقد يكون المرء بالغاً غير راشد، وقد يكون راشداً غير بالغ.







خامساً: ذكر الفعل (رَشَدَ) في القرآن الكريم وبعض دلالته:ورد الفعل (رشد) ومشتقاته مرات عديدة في القرآن الكريم وسنختار منها بعض النماذج المُتعلقة بالرشد وحسن التصرف الذي هو موضوعنا الآن.



1- قال تعالى: ﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾ [النساء: 6].







جاء في تفسير البغوي: ﴿ فَإِنْ آنَسْتُمْ ﴾ [النساء: 6] أبصرتم، ﴿ مِنْهُمْ رُشْدًا ﴾ [النساء: 6] فقال المفسرون يعني: عقلاً وصلاحاً في الدين وحفظاً للمال وعلماً بما يصلحه. وقال سعيد بن جبير ومجاهد والشعبي: لا يدفع إليه ماله وإن كان شيخا حتى يؤنس منه رشده.







وجاء أيضاً:.... وأما الرشد: فهو أن يكون مُصلحاً في دينه وماله، فالصلاح في الدين هو أن يكون مُجتنبا عن الفواحش والمعاصي التي تسقط العدالة، والصلاح في المال هو أن لا يكون مُبذراً، والتبذير: هو أن يُنفق ماله فيما لا يكون فيه محمدة دنيوية ولا مثوبة أخروية، أو لا يُحسن التصرف فيها، فيغبن في البيوع فإذا بلغ الصبي وهو مفسد في دينه وغير مصلح لماله، دام الحجر عليه، ولا يدفع إليه ماله ولا ينفذ تصرفه.







2- قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 51].



جاء في تفسير بن عاشور: والرشد: الهدى والرأي الحق، وضده الغي، وتقدم في قوله تعالى: ﴿ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ﴾ في (سورة البقرة: 256). وإضافة ﴿ الرُّشْدُ ﴾ [البقرة: 256] إلى ضمير إبراهيم من إضافة المصدر إلى مفعوله، أي الرشد الذي أرْشِده. وفائدة الإضافة هنا التنبيه على عظم شأن هذا الرشد، أي رشداً يليق به؛ ولأن رشد إبراهيم قد كان مضرب الأمثال بين العرب وغيرهم، أي هو الذي علمتم سمعته التي طبقت الخَافقين فما ظنكم برشد أوتيه من جانب الله تعالى، فإن الإضافة لما كانت على معنى اللام كانت مفيدة للاختصاص فكأنه انفرد به. وفيه إيماء إلى أن إبراهيم كان قد انفرد بالهدى بين قومه.







3- قال تعالى: ﴿ قَالُوا يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ﴾ [هود: 87].







قال تعالى: ﴿ وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ ﴾ [هود: 78].







جاء في تفسير البغوي: ﴿ أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ ﴾ [هود: 78] صالح سديد. قال عكرمة: رجل يقول لا إله إلا الله. وقال ابن إسحاق: رجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.







4- قال تعالى:﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ ﴾ [هود: 96، 97].








يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 118.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 116.31 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.45%)]