|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تفسير سورة النحل: من الآية 90 - 110 سيد مبارك الربع السابع من الجزء الرابع عشر ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]. روائع البيان والتفسير: قال البغوي رحمه الله: قوله عز وجل: ﴿ إن الله يأمر بالعدل ﴾ بالإنصاف، ﴿ والإحسان ﴾ إلى الناس. ﴿ وإيتاء ذي القربى ﴾ صلة الرحم. ﴿ وينهى عن الفحشاء ﴾ ما قبح من القول والفعل، وقال ابن عباس: الزنا، ﴿ والمنكر ﴾ ما لا يعرف في شريعة ولا سنة، ﴿ والبغي ﴾ الكبر والظلم؛ ا.هـ[1]. ﴿ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾: قال السعدي رحمه الله: ﴿ يَعِظُكُمْ ﴾ به؛ أي: بما بينه لكم في كتابه بأمركم بما فيه غاية صلاحكم ونهيكم عما فيه مضرتكم. ﴿ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾: ما يعظكم به، فتفهمونه وتعقلونه، فإنكم إذا تذكَّرتموه وعقلتموه، عمِلتم بمقتضاه، فسعدتم سعادةً لا شقاوة معها؛ ا.هـ. ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النحل: 91]. روائع البيان والتفسير: قال ابن كثير رحمه الله في بيانها: وهذا مما يأمر الله تعالى به وهو الوفاء بالعهود والمواثيق، والمحافظة على الأيمان المؤكدة؛ ولهذا قال: ﴿ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا ﴾ [النحل: 91]، ولا تعارض بين هذا وبين قوله: ﴿ وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا ﴾ [البقرة: 224]، ﴿ وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [البقرة: 224]، وبين قوله تعالى: ﴿ ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم ﴾ [المائدة: 89]؛ أي: لا تتركوها بلا تكفيرٍ، وبين قوله عليه السلام فيما ثبت عنه في الصحيحين: "إني والله إن شاء الله، لا أحلف على يمين، فأرى غيرها خيرًا منها، إلا أتيت الذي هو خير وتحلَّلتها"[2]. لا تعارض بين هذا كله، ولا بين الآية المذكورة ها هنا وهي قوله: ﴿ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا ﴾ [النحل: 91]؛ لأن هذه الأيمان المراد بها الداخلة في العهود والمواثيق، لا الأيمان التي هي واردة على حث أو منع؛ ا.هـ[3]. وأضاف السعدي رحمه الله في بيانها: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ يجازي كل عامل بعمله على حسب نيته ومقصده؛ ا.هـ[4]. ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ [النحل: 92]. روائع البيان والتفسير: قال السعدي رحمه الله: ﴿ وَلا تَكُونُوا ﴾ في نقضكم للعهود بأسوأ الأمثال وأقبحها، وأدلها على سَفَهِ متعاطيها، وذلك ﴿ كَالَّتِي ﴾ تغزل غزلًا قويًّا، فإذا استحكم وتم ما أريد منه، نقضته فجعلته ﴿ أَنْكَاثًا ﴾، فتعبت على الغزل ثم على النقض، ولم تستفد سوى الخيبة والعناء وسفاهة العقل، ونقص الرأي، فكذلك من نقض ما عاهد عليه، فهو ظالم جاهل سفيه ناقص الدين والمروءة. وقوله: ﴿ تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ ﴾ أي: لا تنبغي هذه الحالة منكم تعقدون الأيمان المؤكدة، وتنتظرون فيها الفرص، فإذا كان العاقد لها ضعيفًا غير قادرٍ على الآخر أتمها لا لتعظيم العقد واليمين بل لعجزه، وإن كان قويًّا يرى مصلحته الدنيوية في نقضها، نقَضها غيرَ مبالٍ بعهد الله ويمينه؛ كل ذلك دورانًا مع أهوية النفوس، وتقديمًا لها على مراد الله منكم، وعلى المروءة الإنسانية، والأخلاق المرضية لأجل أن تكون أمة أكثر عددًا وقوة من الأخرى، وهذا ابتلاء من الله وامتحان يبتليكم الله به؛ حيث قيَّض من أسباب المحن ما يمتحن به الصادق الوفي من الفاجر الشقي؛ ا.هـ[5]. ﴿ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾: قال أبو جعفر الطبري رحمه الله في بيانه لهذه الجزئية: وقوله ﴿ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ ﴾ يقول تعالى ذكره: إنما يختبركم الله بأمره إياكم بالوفاء بعهد الله إذا عاهدتم؛ ليتبيَّن المطيع منكم المنتهي إلى أمره ونهيه من العاصي المخالف أمره ونهيه: ﴿ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾؛ يقول تعالى ذكره: وليبيننَّ لكم أيها الناس ربكم يوم القيامة إذا وردتم عليه بمجازاة كل فريق منكم على عمله في الدنيا، المحسن منكم بإحسانه والمسيء بإساءته، ﴿ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾، والذي كانوا فيه يختلفون في الدنيا أن المؤمن بالله كان يقرُّ بوحدانية الله ونبوَّة نبيه، ويصدق بما ابتعث به أنبياءه، وكان يكذِّب بذلك كله الكافر، فذلك كان اختلافهم في الدنيا الذي وعد الله تعالى ذكره عباده أن يُبينه لهم عند ورودهم عليه بما وصفنا من البيان؛ ا.هـ[6]. ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 93]. روائع البيان والتفسير: قال أبو جعفر الطبري رحمه الله في بيانها إجمالًا: يقول تعالى ذكره: ولو شاء ربكم أيها الناس للطف بكم بتوفية من عنده، فصرتم جميعًا جماعة واحدة، وأهل ملة واحدة لا تختلفون ولا تفترقون، ولكنه تعالى ذكره خالف بينكم، فجعلكم أهل ملل شتى، بأن وفَّق هؤلاء للإيمان به، والعمل بطاعته، فكانوا مؤمنين، وخذل هؤلاء فحَرَمهم توفيقه، فكانوا كافرين، وليسألنكم الله جميعًا يوم القيامة عما كنتم تعملون في الدنيا فيما أمركم ونهاكم، ثم ليجازينكم جزاء المطيع منكم بطاعته، والعاصي له بمعصيته؛ ا.هـ[7]. ♦ وأضاف القرطبي رحمه الله في بيان قوله تعالى: ﴿ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ مختصرًا: ﴿ ويهدي من يشاء ﴾: بتوفيقه إياهم، فضلًا منه عليهم، ولا يسأل عما يفعل، بل تسألون أنتم، والآية ترد على أهل القدر، واللام في "وليبينن ولتسئلن" مع النون المشددة يدلان على قسم مضمر؛ أي: والله ليبينن لكم ولتسئلن؛ ا.ه[8]. ﴿ وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النحل: 94]. روائع البيان والتفسير: ♦ قال السعدي في بيانها إجمالًا: أي: ﴿ وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ ﴾ وعهودكم ومواثيقكم تبعًا لأهوائكم متى شئتم وفيتم بها، ومتى شئتم نقَضتموها، فإنكم إذا فعلتم ذلك تزل أقدامكم بعد ثبوتها على الصراط المستقيم، ﴿ وَتَذُوقُوا السُّوءَ ﴾؛ أي: العذاب الذي يسوؤكم ويُحزنكم ﴿ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾؛ حيث ضللتم وأضللتم غيركم، ﴿ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ مضاعف؛ ا.هـ[9]. ﴿ وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 95]. روائع البيان والتفسير: قال ابن كثير رحمه الله ما مختصره: ﴿ ولا تشتروا بعهد الله ثمنًا قليلًا ﴾؛ أي: لا تعتاضوا عن الإيمان بالله عرض الحياة الدنيا وزينتها، فإنها قليلة، ولو حيزت لابن آدم الدنيا بحذافيرها، لكان ما عند الله هو خير له؛ أي: جزاء الله وثوابه خير لمن رجاه وآمن به وطلبه، وحفظ عهده رجاء موعوده؛ ولهذا قال: ﴿ إن كنتم تعلمون... ﴾؛ ا هـ[10]. ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 96]. روائع البيان والتفسير: قال القرطبي رحمه الله في بيانها إجمالًا ما مختصره وبتصرُّف يسير: قوله: ﴿ ما عندكم ينفد وما عند الله باق ﴾، فبيَّن الفرق بين حال الدنيا وحال الآخرة بأن هذه تنفد وتحول، وما عند الله من مواهب فضله ونعيم جنته، ثابت لا يزول لمن وفَّى بالعهد، وثبت على العقد، ولقد أحسن من قال: المال ينفَد حلُّه وحرامُه ![]() يومًا وتبقى في غدٍ آثامُه ![]() ليس التقي بمتقٍ لإلهه ![]() حتى يَطيبَ شرابُه وطعامُه ![]() وأضاف: قوله تعالى: ﴿ ولنجزين الذين صبروا ﴾؛ أي: على الإسلام والطاعات وعن المعاصي؛ أي: من الطاعات، وجعلها أحسن؛ لأن ما عداها من الحسن مباح، والجزاء إنما يكون على الطاعات من حيث الوعد من الله؛ ا.هـ[11]. ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]. روائع البيان والتفسير: قال السعدي في بيانها إجمالًا: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ﴾، فإن الإيمان شرط في صحة الأعمال الصالحة وقبولها، بل لا تسمى أعمالًا صالحة إلا بالإيمان، والإيمان مقتض لها، فإنه التصديق الجازم المثمر لأعمال الجوارح من الواجبات والمستحبات، فمن جمع بين الإيمان والعمل الصالح، ﴿ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾، وذلك بطمأنينة قلبه وسكون نفسه وعدم التفاته لما يشوش عليه قلبه، ويرزقه الله رزقًا حلالًا طيبًا؛ من حيث لا يحتسب، ﴿ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ ﴾ في الآخرة ﴿ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ من أصناف اللذات مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فيؤتيه الله في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة؛ ا.ه[12]. ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [النحل: 98]. روائع البيان والتفسير: قال أبو جعفر الطبري رحمه الله في بيانها: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وإذا كنت يا محمد قارئًا القرآن، فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وكان بعض أهل العربية يزعم أنه من المؤخر الذي معناه التقديم، وكان معنى الكلام عنده: وإذا استعذت بالله من الشيطان الرجيم، فاقرأ القرآن، ولا وجه لما قال من ذلك؛ لأن ذلك لو كان كذلك، لكان متى استعاذ مستعيذ من الشيطان الرجيم، لزمه أن يقرأ القرآن، ولكن معناه ما وصفناه، وليس قوله: ﴿ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ بالأمر اللازم، وإنما هو إعلام وندب، وذلك أنه لا خلاف بين الجميع أن من قرأ القرآن ولم يستعذ بالله من الشيطان الرجيم قبل قرأته أو بعدها - أنه لم يضيع فرضًا واجبًا؛ ا.هـ[13]. ﴿ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [النحل: 99]. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |