|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() فضيلة الصف الأول أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري الخطبة الأولى الحمد والثناء... أما بعد:فإن الوصية المبذولة لي ولكم - عبادَ الله - هي تقوى الله جل في علاه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29]. معاشر المسلمين: إن المسارعة إلى الخيرات، والمسابقة في عمل الطاعات، والمبادرة إلى الازدياد من الحسنات، هو دأب المؤمنين، وهِمَّةُ المتقين؛ يقول رب العالمين: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]، ويقول جل وعلا: ﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ﴾ [الحديد: 21]، كما مدح الله أنبياءه ورسله بقوله: ﴿ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 61]، ولما ذكر الله تعالى الجنةَ وما فيها من نعيم مقيم؛ قال: ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ [المطففين: 26]، فالمسابقة إلى فِعْلِ الخيرات، والمبادرة بها من صفات الصالحين. أيها الناس: ميادين الأعمال الصالحة كثيرة، وسُبُلُ الخير متنوعة، فما أحوجنا - يا عباد الله - إلى المسابقة على فِعْلِ الخيرات والازدياد منها، ومن تلك الطرق والمجالات التي ينبغي للمؤمن أن يكون من السابقين إليها: صلاة الجماعة بحيث يحتلُّ المكانَ المناسب في المسجد، الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، وحثَّ عليه، ورغَّب فيه، وهو الصفُّ الأول، الذي قد فرَّط فيه كثير من الناس، مع أنه عمل لا يكلِّف جهدًا عظيمًا ولا كبيرَ مشقةٍ؛ عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العَتَمَةِ والصبح، لأتَوهما ولو حَبْوًا)). ثم إن التبكير إلى الصلاة والفوز بالصف الأول لَمِنَ الفضائل الجليلة؛ عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لو تعلمون ما في الصف المقدَّم، لكانت قُرعةً))، وعنه رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: ((خيرُ صفوف الرجال أوَّلُها، وشرُّها آخرُها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها))، فهي خَيريَّة للمُبكرين، حثَّ عليها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. وهكذا كان الأتباع من الصحابة ومن تبِعهم من القرون الـمفضَّلة؛ فقد روى أبو نعيم في حلية الأولياء، عن سعيد بن المسيب قال: "ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة، وما نظرت في قفا رجلٍ في الصلاة منذ خمسين سنة"؛ [حلية الأولياء لأبي نعيم (2/ 163)]. وإن المحروم كل الحرمان - يا عباد الله - من يأتي للمسجد مبكرًا، ثم هو يجلس خارج المسجد، فيُصيبه الوِزْرُ والخَسَارُ، بسبب نظرةٍ أو غِيبة، فإن سلِم من هذا وذاك، فإن الغفلة تخطَفُه، والله المستعان. ومنهم من يأتي مبكرًا، لكنه يجلس في مُؤخِرةِ المسجد، مفرِّطًا في أجر عظيم وفضل كبير، إما ليستريح على الجدار، وإما لينظر إلى الداخل والحاضر للصلاة، وإما يرى نفسه أنه ليس أهلًا للصلاة في الصفوف الأُوَلِ، وهذا كله - يا عباد الله - من ضعف الإيمان، وتسويلات الشيطان. ألَا فتنبَّـهوا، وإياكم والغفلةَ والتفريط في كبير الأجور وكثير الحسنات، بسبب هذه التصرفات، بل نافسوا أهل الخير والصلاح، نافسوهم على الصفوف الأول، وعلى حلقات الذكر، وعلى الرِّباط في المسجد، وعلى صلاة الفجر: ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ [المطففين: 26]، بارك الله لي ولكم. الخطبة الثانية الحمد لله عظيم الإحسان، واسع الفضل والجود والامتنان؛ أما بعد:عباد الله: ألَا فلتعلموا أنه لا يستوي أبدًا من يصلي في الصفوف الأولى وغيره، من حيث الإيمان والخشوع، والطمأنينة في الصلاة، اسـألوا الـمواظبين على الصف الأول، أو جرِّبوا الأمر بأنفسكم؛ لتعلمـوا أن النفس تنشَط للعمل إذا كانت في الصفوف الأولى؛ من قراءة للقرآن والأذكار والصلوات، وأن لذة الطاعة وحلاوة الإيمان تكمُن في الصف الأول غالبًا، وأن الراحة والطمأنينة يشعر بها أوائل الصفوف، والمفاوِز والجوائز مع الأوائل، وأن الملائكة تدعو لأصحاب الصف الأول بالرحمة ويستغفرون لهم؛ عن البراء بن عازب قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلَّل الصف من ناحية إلى ناحيةٍ، يمسح صدورنا ومناكبنا، ويقول: لا تختلفوا فتختلفَ قلوبكم، وكان يقول: إن الله وملائكته يُصلُّون على الصفوف الأُوَلِ)). ألَا فاحرصوا - رحِمكم الله - على التبكير إلى الصلوات، واحذروا التسويف والتأخير عن الصفوف الأُوَلِ؛ حتى لا تحرموا أنفسكم من عظيم الأجور، ورفيع المنزلة والمكانة؛ عن العرباض بن سارية ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستغفر للصف المقدَّم ثلاثًا، وللثاني مرةً))؛ [رواه ابن ماجه، وصححه الألباني]. ولم يكتفِ النبي صلى الله عليه وسلم في تسوية الصفوف بالقول والأمر، بل ضمَّ إليه الفعل والوعيد على المخالفة فيه باختلاف القلوب، وهذا يبيـن - يا عباد الله - أن كثيًرا مما يقع بين المسلمين من تباغُضٍ وتناحُرٍ واختلاف في القلوب، فإن من أسبابه عدم العناية بتسوية الصفوف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن أثر تسوية الصفوف، أو الإخلال بها على القلوب؛ ففي حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما ((أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم خرج يومًا فقام حتى كاد يُكبِّر، فرأى رجلًا باديًا صدره من الصف فقال: عبادَ الله، لَتُسَوُّنَّ صفوفكم، أو ليخالِفَنَّ الله بين وجوهكم))؛ [رواه الشيخان]. وعن أبي مسعود رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة، ويقول: استووا، ولا تختلفوا، فتختلفَ قلوبكم...))؛ [رواه مسلم]، قال ابن مسعود: "فأنتم اليومَ أشدُّ اختلافًا". وهذا يوضِّح أن ما وقع من اختلاف وتفرُّق في الأُمَّةِ في آخر حياتهم إنما كان من أسبابه اختلافُهم في صفوف صلاتهم. ألَا فاتقوا الله - عباد الله - واستدركوا ما مضى بالتوبة مما فرطتم فيه، وبادروا باغتنام حياتكم قبل فنائها، وأعماركم قبل انقضائها، بفعل الخيرات والإكثار من الطاعات، فإن الفرص لا تدوم، والزمانَ لا يعود، والله المستعان. اللهم إنا نسألك دخول الجنات، ورِفعةَ الدرجات، وفِعْلَ الخيرات، وترك المنكرات، وحبَّ المساكين، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |