العمل الجماعي وأثره في الاجتهاد والقضاء - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حلية المؤمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          دعاء العبادة ودعاء المسألة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الشك في الطهارة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          حكم التشاؤم بشهر صفر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          المرأة والأسرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 116 - عددالزوار : 60102 )           »          تحت العشرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 57511 )           »          وأنا أبكي من الفرح ! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          من جهود علماء الكويت في ترسيخ عقيدة السلف الصالح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 265 )           »          أمسك عليك لسانك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          باختصار – حاجاتنا إلى النضج الدعوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-06-2022, 08:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,685
الدولة : Egypt
افتراضي العمل الجماعي وأثره في الاجتهاد والقضاء

العمل الجماعي وأثره في الاجتهاد والقضاء
محمد سامر أبو الخير
المطلب الأول: الاجتهاد الجماعي:
تعريف الاجتهاد:
لغة: بذل الوسع والطاقة، ولا يُستعمل إلا فيما فيه جهدٌ ومشقة، يقال: اجتهد في حمل الرحى، ولا يقال: اجتهد في حمل النواة[1].


اصطلاحًا: بذل الوسع في النظر في الأدلة الشرعية لاستنباط الأحكام الشرعية[2].

مفهوم الاجتهاد الجماعي:
هو الذي ينبثق مضمونه ويصدُر عن جماعة من العلماء، بعد التشاور والتحاور في المسألة المجتهَد فيها، فدخول عنصرَي (التحاور والجماعة) في الجهد الاجتهادي، وفي الموافقة على نتيجته هو الذي يعطي الاجتهاد صفة الجماعي.

توجيه النبي صلى الله عليه وسلم صحابته لاعتماد مبدأ الاجتهاد الجماعي:
عن علي قال: «قلت: يا رسول الله، إن نزل بنا أمرٌ ليس فيه بيانُ أمرٍ ولا نهي، فما تأمرني؟ قال: "شاورون فيه الفقهاء والعابدين، ولا تُمضوا فيه رأي خاصَّةٍ»[3].


قال الجويني رحمه الله: (إن أصحاب المصطفى صلى الله عليه وسلم استقصوا النظر في الوقائع والفتاوى والأقضية، فكانوا يعرضونها على كتاب الله تعالى، فإن لم يجدوا فيه متعلقًا راجعوا سنن المصطفى عليه السلام، فإن لم يجدوا فيها شفاءً اشتَوروا واجتهدوا، وعلى ذلك درجوا في تمادي دهرهم إلى انقراض عصرهم، ثم استنَّ بسُنتهم مَن بعدهم)[4].

ممارسة الصحابة للاجتهاد الجماعي:
عن عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أبا بكر رضي الله عنه كان إذا نزل به أمرٌ يريد فيه مشاورة أهل الرأي والفقه، دعا رجالًا من المهاجرين ورجالًا من الأنصار، ودعا عمر وعثمان وعليًّا وعبدالرحمن بن عوف، ومعاذ بن جبل وأُبي بن كعب وزيد بن ثابت رضي الله عنهم، فمضى أبو بكر على ذلك، ثم وَلِي عمر رضي الله عنه وكان يدعو هؤلاء النفر، فإن اتفق أمرٌ مشكل شاوَرهم فيه، فإن اتضح له الحق حكَم به، فإن لم يتضح أخَّره إلى أن يتضح، ولا يقلد غيره لأنه مجتهد فلا يقلد[5].


عن عبيد بن رفاعة عن أبيه رفاعة بن رافع قال: بينما أنا عند عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إذ دخل عليه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، هذا زيد بن ثابت يفتي الناس في المسجد برأيه في الغسل من الجنابة، فقال عمر: علي به، فجاء زيد، فلما رآه عمر، قال: أي عدو نفسه قد بلغت أن تفتي الناس برأيك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، والله ما فعلت، ولكن سمعتُ من أعمامي حديثًا فحدَّثت به من أبي أيوب، ومن أُبي بن كعب، ومن رفاعة بن رافع، فقال عمر: علي برفاعة بن رافع، فقال: قد كنتم تفعلون ذلك إذا أصاب أحدكم المرأة، فأكسل أن يغتسل، قال: قد كنا نفعل ذلك على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يأتنا فيه عن الله تحريم، ولم يكن فيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيءٌ، فقال عمر: ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلم ذلك؟ قال: ما أدري، فأمر عمر بجمع المهاجرين والأنصار، فجمعوا، فشاورهم فشار الناس أنْ لا غسل، إلا ما كان من معاذ وعلي، فإنهما قالا: إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل، فقال عمر: هذا وأنتم أصحاب بدر قد اختلفتم، فمن بعدكم أشدُّ اختلافًا، فقال علي: يا أمير المؤمنين إنه ليس أحد أعلم بهذا من شأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أزواجه، فأرسل إلى حفصة فقالت: لا علم لي، فأرسل إلى عائشة، فقالت: إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل، فقال: لا أسمع برجل فعل ذلك إلا أوجعته ضربًا[6].


وقد حرَص عمر رضي الله عنه على أن يكون هذا المنهج الجماعي في الاجتهاد، هو الأسلوب الذي ينبغي أن يسير عليه ولاة الأمور في الأقاليم، فقد كان يوصي ولاته باتباع هذا الأسلوب، ومن ذلك ما قاله لشريح: (انظر في كتاب الله فلا تسأل عنه أحدًا، وما لم يتبيَّن لك في كتاب الله فاتِّبع سنة رسول الله، وما لم يتبيَّن لك في السنة، فاجتهِد فيه رأيك، واستشِر أهل العلم والصلاح)[7].


قال أبو شهاب الحناط: سمعتُ أبا حصين يقول: إن أحدهم ليفتي في المسألة، ولو وردت على عمر لجمع لها أهل بدر[8].


حاجة الأمة إلى الاجتهاد الجماعي:
إن مقدار التغير في أحوال الأمة وأحوال الإنسان في العقود الماضية، أكبر من التغير الذي كان يحصل في قرون، وقد اختلفت خصائصُ الحياة المعاصرة عن خصائص الحياة فيما مضى، وحدثت في حياة البشر أمورٌ جديدة كثيرة، وتزايدت حاجةُ المسلمين لمعرفة أحكام الأمور والأحوال الجديدة التي تخص الأفراد، أو تعم المجتمع والأمة.


ومما حصل في العصر الحاضر ذلك التيسير في البحث العلمي الذي أحدَثه الحاسب الآلي (الكمبيوتر)، وتلك اليسرة إلى اللقاء والبحث والتشاور بين العلماء بواسطة وسائل النقل والاتصال المتجددة، فكان لا بد من الاستفادة من هذه المتجددات التي تيسِّر استفادة العلماء من آراء واجتهادات بعضهم البعض، وتسهِّل اقتباسهم مما مضى من تراث هذه الأمة الذي أنتجته جهود علمائها في مختلف عصورها.


وهذا الاجتهاد الجماعي تطبق فيه الأمة قول الله تعالى: ﴿ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ﴾ [الشورى: 38].


وبه تستخرج الأمةُ من الشريعة السمحة التي ضمَّنها العليم الحكيم سبحانه وتعالى جميعَ مصالح العباد في كل العصور - أصحَّ الأحكام الاجتهادية وأكثرها ملاءمةً لمصالحها في حياتها المتطورة.


ولا يَخفى أن ما ينتج عن اجتهاد ومشاورات العلماء فيما بينهم، أصح وأنفع مما يصدُر عن اجتهاد عالم واحدٍ، ولذلك كان الاجتهاد الجماعي من أهم حاجات الأمة في هذا العصر، وقد جعل الله تعالى هذه الشريعة قادرة على الوفاء بمقتضيات تطور الحياة البشرية[9].


فوائد الاجتهاد الجماعي:
1- سلامة الأمة من اضطرابات الأقوال الفقهية المتعارضة التي لا يُمكن احتمالُها في شؤون الأمة العامة، وإن قبل احتمالها في أحكام الطهارة والصلاة، وغير ذلك من الأمور المتعلقة بالأعمال الفردية التي لا يترك اختلاف الاجتهادات فيها آثارًا سلبية في الأمة.


2- عامل مهم ومفيد في حماية الأمة من أضرار الفتاوى الشاذة التي تصدُر عن أناس لم تتحقق فيهم أهلية الفتوى[10].


3- سد الفراغ الذي يُحدثه غياب المجتهد المطلق.


4- تحقيق التكامل بين الساعين للاجتهاد[11].


5- اتحاد الآراء واجتماع الأفكار بين علماء المسلمين المنتمين إلى البلاد الإسلامية كلها، يعطيهم وزنًا ومكانة لا ينتزعهما حاكمٌ مستبد ولا سلطان جائرٌ[12].


6- الاجتهاد الجماعي أكثر قبولًا على مختلف المستويات الفردية والرسمية[13].


المطلب الثاني: القضاء الجماعي:
تعريف القضاء:
لغة: قال ابن منظور: القضاء: الحكم والجمع: أقضية، وقضى عليه يقضي قضاءً وقضية.


واستقضى فلان: أي جعل قاضيًا يقضي بين الناس[14].


اصطلاحا: عرَّفه ابن خلدون: القضاء: هو منصب الفصل بين الناس في الخصومات حسمًا للتداعي وقطعًا للتنازع، إلا أنه بالأحكام الشرعية المتلقاة من الكتاب والسنة[15].


مفهوم القضاء الجماعي:
المقصود به أن تُعرَضَ الخصومةُ على محكمة مشكلة من عددٍ من القضاة يقومون بدراستها وتحقيقها والفصل فيها[16].


تطبيق الصحابة لمبدأ القضاء الجماعي:
روى ميمون بن مهران: (أن أبا بكر رضي الله عنه كان إذا ورد عليه الخصمُ نظر في كتاب الله، فإن وجد فيه ما يقضي بينهم قضى به، وإن لم يكن في الكتاب وعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الأمر سنة قضى بها، فإن أعياه خرَج فسأل المسلمين، وقال: أتاني كذا وكذا، فهل علِمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في ذلك بقضاء؟ فربما اجتمع إليه النفر، كلهم يذكُر من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه قضاءً، فيقول أبو بكر: الحمد لله الذي جعل فينا من يحفَظ على نبينا، فإن أعياه أن يجد فيه سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، جمع رؤوس الناس وخيارهم فاستشارهم، فإذا اجتمع رأيهم على أمر قضى به)[17].


وقد جاء في (أخبار القضاة) أن عثمان بن عفان الخليفة الراشد الثالث، كان إذا جلس للقضاء، أحضر أربعة من الصحابة رضي الله عنهم واستشارهم، فما أفتوه به أمضاه، وهم: علي، وطلحة بن عبيد الله، والزبير، وعبد الرحمن، وقال للمتحاكمين: هؤلاء قضوا، لست أنا.


وهذا النهج الشوري في القضاء يمثل أصلًا أصيلًا لفكرة القضاء الجماعي، كما أنه سابق ومتفوق على نظام المستشارين المحلفين المعمول به في الغرب.


يقول الأستاذ علال الفاسي: ويمتاز النظام القضائي الإسلامي في الأندلس والمغرب بالمشاورين، أو المفتين الذين يدعوهم (أي القاضي) لمساعدته على تلمُّس وجه الحق في المسائل المعروضة عليه، وهو أفضل من نظام المحلفين الذي ازدهر في القضاء الإنجليزي، ثم اقتبسته الأنظمة الأوروبية.


مزايا القضاء الجماعي:
1- يتميز القضاء الجماعي بأنه أكثر تحقيقًا للعدالة التي جاء بها الشرع، خاصة مع تعقُّد القضايا وتغيُّر الذمم، وكثرة التحايل لأكل حقوق الناس من بعض ضعاف النفوس.


2- يتيح الفرصة للتشاور بين أعضاء الهيئة القضائية والتروي قبل إصدار الحكم، قال أحمد: لما ولي سعد بن إبراهيم قضاء المدينة، كان يجلس بين القاسم وسالم يشاورهما، وولي محارب بن دثار قضاء الكوفة، فكان يجلس بين الحكم وحماد يشاورهما، ما أحسن هذا لو كان الحكام يفعلونه، يشاورون وينتظرون، ولأنه قد ينتبه بالمشاورة، ويتذكر ما نسِيه بالمذاكرة، ولأن الإحاطة بجميع العلوم متعذرة، وقد ينتبه لإصابة الحق ومعرفة الحادثة من هو دون القاضي، فكيف بمن يساويه أو يزيد عليه[18].


3- التقليل من عواطف القاضي على حكمه؛ كالغضب الشديد والهم الشديد، والتعاطف مع أحد المتهمين، ونحو ذلك.


4- يلقى الحكم الجماعي قَبولًا أكثر لدى المتقاضين لِما جُبل عليه الناس من تقديم لرأي الجماعة على رأي الفرد[19].

[1] المصباح المنير، 1/ 112.

[2] روضة الناظر، 2/ 401.

[3] الطبراني في الأوسط، 2/ 172، رقم: 1618، قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ مِنْ أَهْلِ الصَّحِيحِ، 1/ 178.

[4] غياث الأمم، 1/ 431.

[5] المجموع شرح الهذب، 20/ 138.

[6] إعلام الموقعين، 1/ 45.

[7] الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي، 1/ 490.

[8] سير أعلام النبلاء، 6/ 138.

[9] المجذوب، إسماعيل، قواعد وأحكام مهمة للعاملين والمهتمين بشؤون الأمة، ص: 19.

[10] نفس المصدر السابق، ص: 19.

[11] السوسة، عبد المجيد، الاجتهاد الجماعي في التشريع الإسلامي، ص: 77.

[12] الغزالي، محمد، الفساد السياسي، ص: 101.

[13] الزحيلي، محمد، الوجيز في أصول الفقه، 2/ 252.

[14] لسان العرب، 3/ 111.

[15] المقدمة، ص: 220.

[16] الدغيثر، عبد العزيز، القضاء الجماعي والقضاء الفردي، ص: 40.

[17] رواه الدارمي في "سننه" (1/ 58).

[18] المغني، 10/ 46.

[19] الدغيثر، عبد العزيز، القضاء الجماعي والقضاء الفردي، ص: 40.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.85 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (2.87%)]